الوحدة الشيعية لواء الوحدة الإسلامية

بسم الله، والصلاة على المصطفى محمد وآله المعصومين

نرفع أسمى التبريكات لمقام مولانا صاحب العصر عجل الله فرجه، ونوابه المراجع الأعلام، وجميع المسلمين بمناسبة مولد نور النور محمد المصطفى .

وإذ تمر الذكرى المباركة؛ يتجدد مشروع ”الوحدة الإسلامية“ الذي نادى به جملة من علماء الشيعة قبل سبعين سنة، كالإمام كاشف الغطاء، والإمام شرف الدين، والإمام الخنيزي، والإمام الحكيم، والإمام الخميني، قدست أسرارهم، وأمثالهم من أطواد المذهب الإمامي، إلا أن الجدل مازال قائماً في أوساط الشيعة، حول هذا المشروع، فهناك:

- من طرح ”الوحدة السياسية“ بمعنى توحيد الصفوف ضد العدو المشترك.

- وهناك من نادى بالتقارب الفكري بين المذاهب، من خلال تدريس الفقه الجعفري في الجامعات الدينية في مصر، والمغرب، والرياض، بإزاء تدريس فقه أهل السنة في الحوزات الشيعية.

- وهناك من طالب بتحويل مشروع الوحدة، من خطب، ومقالات، في ساحة المؤتمرات إلى مناهج عملية تتحرك على الأرض.

- بل ذهب بعض المثقفين إلى عملية تغيير في التراث الإمامي، بحذف كل ما يراه المسلم السني إساءة له، من روايات، وزيارات.

وفي مقابل ذلك؛ هناك من شكك في جدوى مشروع الوحدة من أصله، بلحاظ أنه لا يرى لهذا المشروع على مدى السنين أي أثر عملي، فالمذابح في باكستان، والعراق، وغيرها، لم تتوقف، والقنوات المحرضة على الطائفية، وبث روح الفتنة، مثل صفا، ووصال، تزداد يوما بعد يوم، فما هي جدوى المقالات، والكلمات، في هذا المضمار؟!

وبما أن مسيرة المذهب الإمامي بيد قادته، فلنعد لما طرحه جملة من مراجع الشيعة في هذا المجال، وهو الوحدة في إطار الحدود الشرعية، وما هو صلاح الدين والمذهب، وهي تعني تنسيق الجهود مقابل الغزو الفكري، والاجتماعي، لمبادئ الإلحاد والكفر، وإشاعة لغة السلم في المجتمعات المتنوعة مذهبياً، ورعاية الحرمات التي نصت عليها الأحاديث المتظافرة عن الرسول الاعظم ، نحو: ”من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله“ صحيح مسلم ج1 ص40، وعن صادق أهل البيت : ”الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والتصديق برسول الله ، به حُقِنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس“ الكافي، ج2 ص25، وتجسيد أخلاق أهل البيت وقيمهم في التعامل مع جميع المسلمين، التي تحدث عنها صادق الأئمة، كما ورد عنه في وصيته لشيعته: ”أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الامانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد ، صلوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا شيعي، فيسرني ذلك. اتقوا الله، وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، جروا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، فإنه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله، وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا إلا كذاب. أكثروا ذكر الله، وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي ، فإن الصلاة على رسول الله عشر حسنات. احفظوا ما وصيتكم به، واستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام“ تحف العقول ص487.

وكل ذلك مع التحفظ والثبات على ثوابت المذهب، وشعائره، ومعالمه، كما هي سيرة علمائنا الأبرار. كما يجدر بنا أن نؤكد على قضية مهمة؛ وهي أن ”الوحدة الشيعية“ لا تقل أهميةً ورشداً عن ”الوحدة بين المذاهب“.

- فأين المؤتمرات التي تجمع المدارس الفكرية الشيعية المتنوعة، المستظلة بظلال العقيدة الإمامية؟

- وأين المشاريع الاجتماعية والخيرية والثقافية المشتركة بين مختلف التوجهات الفاعلة في المجتمعات الشيعية؟

- وأين رعاية الحرمات، والتحلي بلغة الأدب، والخلق النبوي المحمدي الرفيع عند الاختلاف؟

كل تلك التساؤلات ترشدنا إلى أنه من الضروري إصلاح الدار قبل أو حال اصلاح الطريق مع الجار، وإن نقاء الداخل من الأمراض هو السبيل لجمال الظاهر، وكما ورد عن المربي الأول : ”خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي“ الوسائل، ج20 ص171 ح25337، فإن الأهل عنوان يشمل الأسرة بين الأرحام، ويشمل الأرحام بين العوائل الأخرى، ويشمل المجتمع الخاص بين أبناء المجتمع العام.

نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لجمع الكلمة، وتأليف القلوب، والسير على خطى المعصومين محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين، الذين أشارت الآية المباركة لهديهم: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا آل عمران 103، فولايتهم حبل الله المتين، وصراطهم صراطه المستقيم.

أمدنا الرحمن بالثبات على ولايتهم، والاهتداء بمبادئهم، ورزقنا الله في الدنيا زيارتهم، وفي الآخرة شفاعتهم وقربهم، والحمد لله رب العالمين.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
يوسف بن حسن البلوشي
[ سلطنة عمان ]: 18 / 1 / 2015م - 8:00 ص
احسنتم سيدنا
فعلا الذين نحتاجه

التقريب والوحدة الشيعية ...

والتعايش السلمي مع الانسان والخلق اجمعين ...