حديث الثقلين جزء 4

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الرسول محمد : ”إني مخلِّفٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي“

في الليالي السابقة تحدثنا عن حديث الثقلين، وعن العصمة - عصمة أهل البيت - المستفادة من حديث الثقلين. هناك بعضهم حاول أن يسلط النظر على حديث الثقلين، محمد أبو زهرة صاحب كتاب الإمام الصادق، هذا ناقش حديث الثقلين بعدة مناقشات، ومن هنا نتحدث في محورين:

المحور الأول: مناقشة ترجيح حديث وسنتي على حديث وعترتي.

المناقشة الأولى - التي نذكرها هذه الليلة ونتحدث عنها - ذكر فيها أن حديث الثقلين يقول: ”إني مخلِّفٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي“، بينما عندنا حديث آخر يقول: ”إني مخلف فيكم أمرين - أو شيئين - كتاب الله وسنتي“، والحديث الآخر أوثق من الحديث الأول، الحديث الأول رواية ضعيفة لا يعتمد عليها، وإنما يعتمد على قوله: ”كتاب الله وسنتي“؛ لأنها رواية وردت عن كثير من المسانيد والصحاح والسنن، فهي رواية موثوقة مؤكدة، بخلاف رواية وعترتي فهي رواية ضعيفة، فعلى هذا الأساس نرجّح الحديث الآخر، ونقول بأن الرسول ما قال: ”كتاب الله وعترتي“ وإنما الذي قاله رسول الله : ”كتاب الله وسنتي“. هذا ملخص ما ذكره أبو زهرة في كتابه الإمام الصادق، طبعًا نحن نقف مع هذا الكلام نقطة نقطة، نناقش كلام أبي زهرة من أربع نقاط.

النقطة الأولى: لا مانع من صدور كلا الحديثين.

ما هو المانع من أن يكون كلا الحديثين صادرًا عن الرسول ؟! أنت لماذا تقول: حديث وسنتي هو صادر، حديث وعترتي كاذب! لماذا؟! لا يوجد داعٍ، لا يوجد ملزم يجبرنا على أن نقول: أحد الحديثين صادر والآخر كاذب، لا يوجد موجب أن نقول رواية واحدة صدرت عن الرسول، إما وسنتي إما وعترتي، فنحن نرجح وسنتي ونقول وعترتي يضرب به عرض الحائط، وحديث لم يصدر عن الرسول! ما هو الداعي لهذا؟! ما هو المانع أن نقول: صدر عن الرسول كلا الحديثين؟! كما أن الرسول قال: ”إني مخلف فيكم أمرين: كتاب الله وسنتي“، أيضًا قال الرسول حديثًا آخر: ”إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي“.

أنت ما الذي يحمسّك ويجعلك تغضب حتى تقول: عترتي ما صار، سنتي صار! لا يوجد داعٍ، كلا الحديثين صدر، لماذا أنت تنفعل وتغضب وتحاول أن تثبت بكل جهدك أن حديث وعترتي ما صدر، والذي صدر هو حديث واحد، وشيء واحد، وهو قوله : ”كتاب الله وسنتي“؟! فنحن بما أننا نرى أن حديث وعترتي مرويٌ من كتب أهل السنة والجماعة، وكذلك حديث وسنتي مرويٌ من كتب أهل السنة والجماعة، فنستطيع بأن نقول: كلا الحديثين صدرا عن الرسول ، فنرجع إلى كل حديث، ونأخذ بمفاده، ونتبع مداليله، بحسب ما نفهم من ذلك الحديث، لا يوجد من هذا الأمر.

النقطة الثانية: كيفية الجمع بين الروايتين.

أصلًا أرباب الفن في علم الحديث، إذا واحد عالم صاحب خبرة ويد طولى في علم الحديث، لا يعالج الأحاديث بهذه المعالجة الضعيفة الركيكة، لا، أنت عندما ترى روايتين: رواية تقول كذا، ورواية تقول كذا، إذا كان بينهما تعارض وتنافٍ، ولا يمكن الجمع بين الروايتين أصلًا، لا يمكن الجمع بين الحديثين أصلًا، إذا لم يمكن الجمع، والتعارض بين الروايتين قوي ومستقر، ذاك الوقت نقول بأن أحد الحديثين صادر والآخر كاذب، لكن ما دام لا يوجد تعارض بين الحديثين، لا يوجد تعارض بين الروايتين، ويمكن الجمع بينهما، يمكن التأليف بين مدلوليهما، يمكن الاجتماع بين المضمونين، فلماذا نقول: أحدهما صادر والآخر كاذب؟! والجمع موجود. نستطيع أن نجمع بين حديث وعترتي وبين حديث وسنتي بوجهين من الجمع:

الوجه الأول: اندراج السنة النبوية في الكتاب.

ما ذكره ابن حجر - من علماء السنة - في كتابه الصواعق المحرقة، جمع بين الحديثين، قال بأن الرسول عندما يقول: ”كتاب الله وسنتي“ ماذا يقصد بالسنة؟ طبعًا يقصد الرسول بالسنة الأحاديث النبوية المفسّرة للقرآن الكريم، طبعًا أحاديث الرسول جاءت مفسرة للقرآن الكريم، وجاءت مبينة ومبلغة لأحكام القرآن الكريم، فإذا كانت أحاديث الرسول في الواقع علاقتها مع القرآن علاقة المفسِّر للمفسَّر، علاقة المبيِّن للمبيَّن، إذا كانت أحاديث الرسول علاقة التفسير، فلا يحتاج إلى أن يذكرها الرسول .

الرسول عندما يقول: إني مخلف فيكم كتاب الله، واضح أن مقصوده كتاب الله مع تفسيره، وهو أحاديث الرسول ، فالرسول عندما يقول: إني مخلف فيكم كتاب الله، يعني كتاب الله مع الأحاديث النبوية المفسّرة له، وإلا كتاب الله بدون تفسير لا نستطيع فهمه، لا نستطيع الاطلاع عليه، لا نستطيع معرفة مراداته، لا نعرف مراداته ولا حقائقه إلا بالرجوع إلى أحاديث الرسول ، فإذن الرسول عندما يقول: إني مخلف فيكم كتاب الله، يعني مع الأحاديث المفسّرة لكتاب الله، حتى يمكنكم الاستفادة من القرآن، والرجوع إلى القرآن.

إذن، في حديث وعترتي صحيح أن الرسول ما قال وسنتي، لكن الرسول وإن لم يقل وسنتي لكن المسلمين يعرفون جزمًا أنه يجب عليهم الرجوع إلى سنة الرسول لأنها مفسرةٌ للقرآن الكريم، ولولا الرجوع إلى السنة لا يمكن الرجوع إلى القرآن الكريم، فإذن الجمع بين الحديثين أن نقول: ”إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي“ في الواقع شامل لقوله: ”وسنتي“، لما قال: ”وعترتي“ فكأنه قال: ”كتاب الله وسنتي وعترتي“ لأن السنة مفسّرةٌ للقرآن الكريم، فيجب أن يرجع إليها المسلمون، فإذن إن لم يذكرها الرسول في حديث الثقلين فهي مما يجب معرفته على كل مسلم، فلا تعارض بين الحديثين، هذا حديث قال وسنتي، هذا حديث قال وعترتي، وهو يريد أيضًا في الضمن وسنتي، لا يوجد تعارض بين الحديثين، فكلاهما صادران عن الرسول .

الوجه الثاني: اندراج السنة النبوية في العترة الطاهرة.

نحن عندما نرجع إلى العترة الطاهرة «سلام الله عليهم»، ونستقي أحاديثهم ورواياتهم، أحاديثهم ورواياتهم من أين؟ من جيبهم الخاص؟! أو من فكرهم الخاص؟! أو من تشريعهم الخاص؟! إنما هي من جدهم رسول الله ، علمهم وأحاديثهم ورواياتهم ومفاهيمهم وتشريعاتهم كلها نابعةٌ من رسول الله ، فأهل البيت ليس عندهم شيء يختصون به غير ما أخذوه عن الرسول ، فإذا ما كان عندهم شيء من جيبهم الخاص، ومن فكرهم الخاص، وإنما هو عن رسول الله ، إذن الرسول قال: وعترتي، أو قال: وسنتي، على حد سواء، لأنه إذا قال وسنتي فأهل البيت هم الذين حملوا سنة الرسول.

إذا أردنا أن نرجع لسنة الرسول لا بد أن نرجع لأهل البيت؛ لأنهم هم الذين عرفوا سنة الرسول، وهم الذين حملوها، وإذا قال: وعترتي، أيضًا هم العترة إنما يقولون وإنما ينطقون عن سنة الرسول . إذن، سنتي وعترتي شيءٌ واحدٌ، سنة الرسول عند العترة، والعترة إنما ينطقون عن السنة، وإنما يبلغون السنة، فسواء قال: وسنتي، أو قال: وعترتي، المعنى واحد والمضمون واحد. ولذلك يقول الشاعر:

إذا  شئت  أن  تحيا  حياة سعيدة
ووالِ   أناسًا   ذكرهم   iiوحديثهم
  تنجّيك يوم الحشر من لهب iiالنار
روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

لا يوجد شيء من جيبهم الخاص، لا يوجد شيء من مختصاتهم، تشريعاتهم الخاصة. ولذلك، قضية الإمام الرضا لما دخل نيشابور، وأورد ذلك الحديث الذي كتبته أكثر من عشرين ألف محبرة، قال: عن أبي موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أخيه الحسن عن أبيه علي عن ابن عمه رسول الله عن جبرئيل عن الله عز وجل: ”كلمة لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي“. أتدري بماذا يعلق على هذا الكلام أحمد بن حنبل؟ أحمد بن حنبل من أئمة المذاهب الأربعة، يعلق على هذا الكلام، يقول: هذه الأسناد لو قرئت على مجنون لبرئ من جنّته.

هذه أسناد واقعية موثوقة متصلة إلى الله عز وجل، لا شك ولا ريب فيها أبدًا، راجع علماء المسلمين كلهم، لا يستطيع أحدًا من المسلمين أن يتجرأ على تكذيب أحد من أئمة أهل البيت أبدًا، ولا أحد يستطيع أن يتجرأ على الطعن في سند من أسناد أهل البيت أبدًا، أسناد صافية ومنابع نقية تتصل إلى الله مباشرة بدون تشكيك ولا ريب. كنز العمال - من كتب أهل السنة - يروي عن الإمام أمير المؤمنين أنه سأل الرسول : ما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ”ما ورّثه الأنبياء السابقون: كتاب ربهم، وسنة نبيهم“.

أهل البيت ما حملوا شيئًا غير سنة النبي، وما حملوا شيئًا غير أحاديث النبي، فالرجوع إلى أهل البيت رجوعٌ إلى سنة الرسول، ولا يمكن الرجوع إلى سنة الرسول إلا بالرجوع إلى العترة الطاهرة، فلا حاجة إلى أن نقول: حديث وسنتي صادق، وحديث وعترتي كاذب، بل إذا قال الرسول: وسنتي، فهو يقصد أن تؤخذ السنة من منابعها الأصلية الصافية، ألا وهم أهل بيت النبوة ، كما قال في الحديث المتواتر بين الشيعة والسنة: ”أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها“. وإذا قال: وعترتي، فإنما العترة تكون مصدرًا من مصادر التشريع باعتبار أنها تحمل سنة الرسول وأحاديثه.

النقطة الثالثة: الترجيح السندي.

حديث وعترتي إذا كان أبو زهرة لا اطلاع عنده فليراجع، فليراجع الصواعق المحرقة لابن حجر، فليراجع صحيح مسلم، فليراجع الطبري، فليراجع مستدرك الحاكم، فليراجع كنز العمال، هذه الكتب زاخرة بحديث وعترتي أهل بيتي، ونقلنا في الليالي السابقة قال بأن الحديث - حديث الثقلين - روي عن نيف وعشرين صحابيًا من صحابة الرسول ، ونقلنا في الليالي السابقة أنه روي بتسعة وثلاثين طريقًا من طرق أهل السنة، واثنين وثمانين طريقًا من طرق أهل الشيعة، ودار التقريب بين المذاهب الإسلامية في مصر حكمت بأن حديث الثقلين حديثٌ متواترٌ مقطوعٌ صدوره عن الرسول .

فإذا كان حديث الثقلين بهذه المثابة، وبهذه القوة من الصدور والوثوق، فما مقدار حديث وسنتي من الوثوق؟ أول من ذكر حديث وسنتي من كتب الحديث هو كتاب الموطّأ للإمام مالك، قبل هذا الكتاب ما كان يُذْكَر حديث وسنتي، أول كتاب ذكر وسنتي هو موطّأ مالك، وجميع الكتب تنقل عنه، موطّأ مالك عندما ذكر حديث وسنتي ذكره بأي كيفية؟ قال: بلغني عن رسول الله أنه قال: ”إني تركت فيكم أمرين: كتاب الله وسنتي“، كيف بلغك عن رسول الله؟! من هو الراوي؟! أنت لم تشاهد الرسول، ولم تكن في عهد الرسول، فمن الواسطة بينك وبين الرسول؟! من الذي روى هذا الحديث عن الرسول؟! من الذي نقل هذا الحديث عن الرسول؟!

نحن عندما نريد أن ننقح حديثًا، وعندما نريد أن نراجع رواية، فلا بد من ملاحظة سندها، فلان عن فلان عن فلان عن فلان.. إلى الرسول، وحتى نعرف هذا الراوي ثقة أم ضعيف، قوي أم غير قوي، مقبول أم مردود، إذا لم يكن هناك رواة فكيف نقبل الحديث؟! نحن إنما نقبل الحديث إذا كان الرواة موجودين، عنعنة متصلة إلى الرسول، الرواة نراجعهم، فإن وجدناهم ثقات مقبولين قبلنا الحديث، وإن وجدناهم ضعافًا رددنا الحديث، أما حديث بدون رواة، أصلًا مرفوع إلى الرسول مباشرة، بلغني عن رسول الله! من الذي نقل؟! من هو الواسطة؟! من الذي روى؟! لا نستطيع أن نعتمد على حديث مرفوع إلى الرسول بدون أن يكون هناك واسطة، بدون أن يكون هناك ناقل.

هذا بالنسبة لكتب الحديث، وأما بالنسبة إلى كتب التاريخ فإن أول كتاب نقل حديث وعترتي هو السيرة الحلبية لابن هشام، نفس القضية، قال: رُوِي مرسلًا عن رسول الله أنه قال: ”إني تاركٌ فيكم أمرين: كتاب الله وسنتي“، مرسل. ولذلك، من جاء بعدهما ينقل عنهما ويستند إليهما. إذن، حديث الثقلين حديث متواتر مقطوع صدوره، بمختلف الطرق والأسانيد روي، ونأتي إلى خبر آحاد روي مرفوعًا أو مرسلًا عن الرسول، إذا وضعنا الحديثين في الميزان، فأي حديث أرجح؟! وأي حديث أولى بالاتباع والاعتبار؟!

النقطة الرابعة: الترجيح المضموني.

حديث وعترتي أولى بالمضمون وأولى بالقبول من حديث وسنتي؛ لأنه لا يمكن الرجوع إلى السنة - سنة الرسول - إلا بالرجوع إلى عترة أهل البيت، لماذا؟ ما هي الملازمة؟ الملازمة واضحة. تعرف أن سنة الرسول - أحاديث الرسول - ما كانت مجموعة على عهد الرسول ومدونة ومعروفة، الرسول كان يتلو الحديث بمحضر أربعة من الصحابة، خمسة من الصحابة، هؤلاء يبلغون إلى غيرهم، وغيرهم يبلغ إلى غيرهم، إلى أن ينتشر الحديث بين المسلمين، وما روى التاريخ أن الرسول إذا أراد أن يذكر حديثًا يجمع المسلمين كلهم من المدينة وأطراف المدينة ومكة! كان الرسول يذكر الحديث بين أربعة أو خمسة، وهؤلاء يقومون بالتبليغ.

هذه الطريقة التي سار عليها الرسول جعلت أحاديثه غير مجموعة، وغير مدونة، ليست معروفة، مشتتة، هذا يحفظ حديثًا، ذاك يحفظ عشرة، ذاك يحفظ مئة، ذاك يحفظ مئتين، أحاديث مشتتة مبعثرة في الصدور، ما كُتِبَت، ولا نُظِّمَت، ولا دُوِّنَت، ولا جُمِعَت على عهد رسول الله ، إذا ما جُمِعَت ولا دُوِّنَت، هذا الذي يأتي من بعد وفاة الرسول، ويريد أن يرجع إلى أحاديث الرسول، كيف يرجع إليها؟! كيف يرجع إلى أحاديث الرسول؟

إذا أراد أن يرجع إلى بعض الصحابة، يذهب إلى أنس بن مالك مثلًا ويسمع منه، أو يذهب إلى أبي هريرة ويسمع منه، لعل هناك حديثًا آخر ينسخ هذا الحديث؛ لأن أحاديث الرسول منها ناسخ ومنها منسوخ، ومنها عام ومنها خاص، ومنها مطلق ومنها مقيد، أنا لا أستطيع أن أعمل بالحديث المنسوخ حتى أراجع الحديث الناسخ، ولا أستطيع أن أعمل بالحديث العام حتى أراجع الحديث الخاص، ولا أستطيع أن أعمل بالحديث المطلق حتى أراجع الحديث المقيد، فإذن العمل بأحاديث الرسول لا يمكن إلا إذا راجعت جميع الصحابة، أنا لا أستطيع أن أعمل بحديث إلا إذا راجعت جميع الصحابة حتى أعرف الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد، وبعد ذلك أرتب أمري، وبعد ذلك أعمل بأحاديث الرسول.

ومن الواضح أن مراجعة جميع الصحابة أمر متعذر؛ لأن بعضهم في المدينة، بعضهم في الشام، بعضهم في مكة، بعضهم في اليمن، بعضهم قوّاد، بعضهم حكّام، بعضهم جنود، بعضهم ولاة، إذا أردت العمل بحديث واحد أحتاج أن أقوم بسفرة على جميع أرجاء المعمورة، وأقضي ستين سنة، حتى أطلع على أحاديث الرسول! وإذا اكتفيت ببعض الصحابة دون البعض الآخر لا يمكن العمل؛ إذ لعل هناك أحاديث تنسخ هذه الأحاديث الموجودة عند بعض الصحابة.

إذن، العمل بأحاديث الرسول، خصوصًا بعد انتشار الإسلام، وتكثر الفتوحات، وكثرة الكذب والوضع على رسول الله ، كما روى صحيح البخاري عن الرسول أنه قال: ”ستكثر عليَّ الكذّابة، ألا فمن كذب عليَّ متعمّدًا فليتبوأ مقعده من النار“، فلما انتشر الإسلام، وكثرت الفتوحات، وكثر الكذب والدس والوضع على رسول الله، أنا كيف أطمئن بالحديث الموجود؟! كيف أطئمن بالحديث بأنه حديث وارد عن الرسول ؟! وكيف أعمل به؟! إذن، الرجوع إلى أحاديث الرسول مجردة بدون أهل البيت لا يمكن؛ لأنها أحاديث مشتتة وغير مجموعة وغير مدونة، وفيها أحاديث مكذوبة، وفيها أحاديث موضوعة، والرجوع إلى جميع الصحابة غير ممكن؛ لأن الصحابة متفرقون في أرجاء الأرض.

وبالتالي، الرسول عندما قال: وسنتي، ألا يدري عن هذه المشكلة التي سوف تحدث من بعده؟! هذه المشكلة، وهي كثرة الصحابة، وكثرة الكذب، وكثرة الوضع، ألم يكن يعلم؟! كان يدري عن ذلك، فلا بد أن يضع ضمانًا للسنة، ولا بد أن يضع ضمانًا للرسالة الخالدة، التي ضحّى من أجلها، وبذل من أجلها، وأفنى نفسه وما عنده في سبيلها، لا بد أن يضع الضمان لذلك، لا بد أن يهيئ من ترجع إليه الناس في ذلك. إذن، بما أن الرسول منزهٌ عن التفريط في رسالته، وعن التقصير في رسالته، والحفاظ على سنته، وبما أن السنة مشتتة وموزعة لا يمكن الرجوع إليها، إذن لا بد من الرجوع إلى أهل البيت لكي تؤخذ السنة الصحيحة الموثوقة عن فمهم وعن شفاههم؛ لأنهم المنابع الصافية النقية. إذن، حتى لو سلّمنا بأن حديث ”وسنتي“ صادرٌ عن الرسول لا بد أن نسلّم بصدور عترتي؛ لأن الرجوع إلى السنة لا يمكن ما لم يكن مقترنًا بالرجوع إلى أهل البيت .

المحور الثاني: حقوق أهل البيت على الأمة الإسلامية.

بما أن أهل البيت هم الذين تربوا في حجر الوحي وفي مهبط الوحي، ونهلوا من نميره العذب، وبما أنهم هم أهل العلم والمعرفة، ”أقضاكم علي، أعلمكم علي“، بما أنهم كذلك، وبما أنهم هم الذين ضحوا وبذلوا وجاهدوا في سبيل المبدأ، وفي سبيل الدين، إذن لأهل البيت حقوقٌ على المسلمين، حقوقٌ يجب على المسلمين أداؤها والوفاء بها، ما هي تلك الحقوق؟ ما هي حقوق أهل البيت علينا نحن المسلمين؟ ما هي الواجبات التي يجب علينا أن نؤديها وأن نفي بها تجاه أهل البيت ؟ في الواقع هناك عدة حقوق، نتعرض لبعضها مختصرًا.

الحق الأول: معرفتهم .

لما رواه صحيح البخاري ومسلم عن رسول الله : ”من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية“، أنت تسير على منهج الإسلام فيجب أن تعرف إمام الإسلام، كيف تسير على المنهج الإسلامي وأنت لا تعرف الإمام؟! الإمام هو الذي يعرف المنهج وكيفية السير عليه وكيفية اتباعه، فإذا كنت مسلمًا سائرًا على طريق الإسلام ومنهجه الواقعي فيجب عليك أن تعرف إمامك، وإلا متَّ ميتة الكفّار والمشركين.

وطبعًا نحن مع الأسف هذا النقص ليس في غيرنا فقط، بل النقص فينا نحن، نحن أبناء الشيعة الموالين للأئمة من جانب معرفة الأئمة مقصرون، أنت الآن الشاب الجامعي المثقف، والشابة الجامعية المثقفة، ماذا تعرف عن حياة الإمام الهادي؟ ماذا تعرف عن حياة الإمام العسكري؟ ماذا تعرف عن حياة الإمام الجواد؟ الحسين تعرف عنه بعض الشذرات باعتبار التكرار وكثرة الكلام عن الحسين، الإمام علي مثلًا، الرسول، لكن ماذا تعرف عن حياة الإمام الهادي؟! أليس هذا من أئمتك؟! ماذا تعرف عن حياة الإمام الجواد؟! ماذا تعرف عن حياة الإمام الباقر؟! أليسوا أئمتك؟! أليسوا قادتك؟!

والله تسألني عن سنة استقلال البلاد الفلانية أقول لك سنة كذا وكذا، كم نسمة في الصين؟ والله عدد سكان الصين كذا، كم نسمة في أمريكا؟ عدد سكان أمريكا كذا، رئيس فلان كذا، رئيس بلد كذا... إلخ، أنا خبير بهذه القضايا، أما متى ولد الإمام الهادي ومتى توفي فهذا شيء لا خبرة لي فيه. متى ولد الإمام الجواد ومتى مات الإمام الجواد؟! هذا لا خبرة عندي فيه، أنا مستعد أن أذكر لك سنين الأمور التي أتداولها، ودائمًا أكثر المداولة والمناولة لها، أما متى ولد الهادي ومتى توفي أنا ما عندي خبرة وما عندي اطلاع! لماذا؟!

أنت إذا لم تكن تعرف سنة الميلاد وسنة الوفاة فعلى الأقل ماذا تعرف من فضائل الإمام الهادي؟ على الأقل ما هي الصفة التي برز بها الإمام الهادي على من في عصره؟ لا معرفة عندنا عن الأئمة ، لماذا؟! لماذا هذا التقصير في معرفة أهل البيت؟! لماذا هذا التفصير في معرفة تاريخ أهل البيت؟! والله أنا مستعد أن أشتري مجلة الفن، وأراجع تاريخ عادل إمام ما هو، فلان مثلًا ذاك الممثل الكوميدي ما هو تاريخه، متى ولد، متى ارتبط بالفن، ما هو إبداعه في مقام الفن مثلًا، مستعد أن أقرأ، أما أن آخذ كتابًا يتحدث عن أهل البيت ، ويتحدث عن تاريخ الإمام الهادي، أو يتحدث عن تاريخ الإمام العسكري، أنا غير مستعد لذلك، ولا عندي إقبال، ولا عندي اندفاع نحو هذا الأمر، لماذا؟! لماذا ليس عندي اندفاع لكي أعرف تاريخ أئمتي، وعندي اندفاع لمعرفة تاريخ غيرهم؟!

فنحن مقصرون تمام التقصير في معرفة تاريخ أئمتنا أئمة الهدى . ولذلك، المفروض علينا كشباب مؤمنين وعلى الشابات المؤمنات الملتزمات الرجوع إلى كتب تاريخ أهل البيت، معرفة تاريخ أهل البيت، هناك أوراق مثل البطاقة مكتوب فيها أعياد المسلمين والأئمة، ميلاده ووفاته، هذا شيء ممتاز، هذا شيء طُبِع في الكويت وفي البحرين، شيء ممتاز، يأخذها الإنسان ويضعها بجيبه، بطاقة عن حياة الأئمة ، كل إمام متى ولد ومتى وفاته، على الأقل هذا المقدار أنت تعرفه وتطلع عليه؛ لأنه شيء يرتبط بأئمتك وقادتك.

وعليك بالرجوع إلى الكتب التاريخية التي تتحدث عن حياتهم، وتتحدث عن معاجزهم وكراماتهم، وطبعًا المسؤولية ليست عليك أنت فقط، بل هي على الخطباء وعلى العلماء، على الخطيب أيضًا أن يأخذ جزءًا من موضوعه وجزءًا من حديثه ليتحدث عن أهل البيت وعن تاريخهم وكراماتهم ومعاجزهم، وعلى المصلح والمرشد الديني هذه المسؤولية، على الجميع، يجب التعرّض لتاريخ أهل البيت .

ويأتيك أشخاص ويقولون: دع عنك ذلك، كل سنة ذبحوا الحسين وقتلوه ورضوه وانتهت القضية! تحدث لنا عن أشياء جديدة، تحدث لنا عن أشياء مبتكرة، هذا أنت كل سنة وتتحدث في ربع أو نصف ساعة عن أن الحسين قتلوه وذبحوه، الحسين صار عليه كذا وصار عليه كذا! يا ليت أنت جنابك الذي تحضر الآن عشرات السنين في المآتم الحسينية، وتسمع هذا الخطيب دائمًا يكرّر، صار على الحسين كذا وحلّ على الحسين، يا ريت تحفظ قضية الحسين! لا أقل أنت من هذا التكرار تحفظ قضية الحسين، بالله أنت لو سئلت: ما هي تفاصيل موقعة كربلاء؟ هل تستطيع أن تعرفها؟ منذ أن نزل الحسين كربلاء، إلى يوم العاشر من المحرم، إلى أن تمت المعركة، شخص يسألك عن التفاصيل، هل تستطيع أن تحدّد التفاصيل؟!

أبدًا! مع كثرة التكرار، مع كثرة طرح الخطباء، مع كثرة عرض أهل المنبر، أنت مع ذلك لا تعيد بمعركة كربلاء، مع أن معركة كربلاء من أهم الحوادث التاريخية التي ابتنى عليها المذهب الشيعي، وأنت أبدًا، تفاصيل موقعة كربلاء لو سألك إنسان عنها، حدّد تفاصيل موقعة كربلاء، لا تعلم عن شيء! تعلم فقط يوم العاشر ذبحه الشمر واحسيناه وانتهى الأمر! فأنت الذي تنتقد طرح قضية الحسين بالأسلوب العاطفي الموسّع لا أقل أنت عندما تنتقد تكون صاحب معرفة بقضية الحسين، حتى إذا رآك الخطيب تعرف قضية الحسين، وتفاصيل موقعة كربلاء، يستطيع أن يختصر في القضية، ولا يتعرض لسيرة موقعة كربلاء تعرضًا تفصيليًا؛ لثقته بالمستمع، لأن المستمع عارف بالقضية، وملم بحدودها وتفاصيلها، لكن إذا جناب المستمع عشر سنين عشرين سنة يستمع ولا يعرف، ولا يستطيع تحديد تفاصيل وقعة كربلاء، فما هي القضية؟!

الحق الثاني: طاعتهم .

معرفة بدون طاعة لا أثر لها، أنا أعرف أهل البيت بدون طاعتهم، أو أحب أهل البيت بدون طاعتهم، الشاعر المسيحي بولس سلامة يقول:

جلجل الحق في المسيحي iiحتى
أنا من يعشق الفضيلة والإلهام
فإذا    لم    يكن   علي   نبيًا

 
عُدَّ   من   فرط   حبه   علويًا
والعدل     والخلاق    iiالرضية
فلقد     كان     خلقه    نبويًا

يقول: أنا أحب عليًا، وأعشق الفضائل التي تجسدت في شخصية الإمام علي، ما هي الفائدة؟! ما الثمرة؟! معرفة الفضائل، أو عشق الفضائل، أو أن أحمل الحب والمودة لعلي وأبنائه، بدون طاعتهم والسير على طريقهم، كله لا أثر له ولا ثمرة، وهذا داؤنا ومرضنا الذي نبتلي به نحن أبناء الشيعة. الأئمة ينادونا: ”كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم“، أنت لا تحتاج أن تقول: الإمام علي كذا فعل وقتل عمرو بن ود وقلع باب خيبر، أنت بعملك تستطيع أن تكون داعية للإمام علي، أنت بعملك الصالح تستطيع أن تكون داعية لأهل البيت، أنت بالتزامك تستطيع أن تكون داعية للمذهب الشيعي، أنت باتباعك لأهل البيت تستطيع أن تكون داعية إسلامية، ”كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم“.

أنتم إذا رأتكم المذاهب الأخرى والديانات الأخرى، والله هؤلاء أبناء الشيعة أبناء ملتزمون صالحون، هذا مما يدل على حسن مذهبهم، وما يدل على صحة طريقتهم، تراهم جماعة متخلقين ملتزمنين سائرين على الطريق الواضح، فالناس تنجذب إلى الدين، وتنجذب إلى أهل البيت إذا رأوا أتباع أهل البيت سائرين على خط أهل البيت، إذا رأوا أتباع أهل البيت ملتزمين بخط أهل البيت، أما إذا رأوه منحرفًا، أنا شيعي وموالٍ للإمام علي لكني أشرب حشيشًا مثلًا! أنا شيعي ملتزم بالإمام علي لكن أستمع لأغنية فلان أو أغنية فلان، أو أكذب أو أغتاب أو... إلخ.

جيء للإمام علي برجل يشرب الخمر، وقيل: يا أمير المؤمنين، هذا من شيعتك. قال: ”لا تقولوا: من شيعتي، بل قولوا: من محبيَّ؛ شيعتنا من اتقى“. المتقي السائر على خط أهل البيت هو الشيعي حقًا، أنا عندما آتي للمأتم وأحافظ على المجيء للمأتم الحسيني وأبكي وأنفعل مع قضية الحسين، ثم أخرج وأذهب إلى شارع الكرنيش وأغازل.. هل هذا تشيع؟! أو آتي من شارع الكرنيش بعد تمام المغازلة وملاحقة الفتيات أحضر للمأتم الحسيني وأنادي: واحسيناه! وأكون من الشيعة المخلصين! هذا ليس تشيعًا، التشيع هو السير على خطهم وعلى طريقهم، التشيع هو الالتزام بمنهجهم.

أنتِ الفتاة أيضًا المتشيعة، التي تفتخرين بتشيعك، وتفتخرين بموالاتك لأهل بيت النبوة، فليكن التشيع لسانًا وعملًا، قولًا وفعلًا، وليس من التشيع أن تأتي إلى المأتم الحسيني وعندما تنزل من السيارة تلبس العباءة، وإذا رجعت إلى السيارة رمت العباءة وجلست حتى تسوق السيارة وبرز شعرها إلى من يذهب وإلى من يجيء! هل هذا هو التشيع؟! التشيع هو الالتزام بخط أهل البيت، هو الالتزام بطريق أهل البيت، هذا هو التشيع.

الحق الثالث: نشر فضائلهم ومناقبهم.

فإنهم يرحبون بكل من ينشر فضائلهم، وبكل من ينشر مناقبهم، يتلقونه بالحفاوة والترحاب، ويدفعون له المال، ويدعون له بالمغفرة، وكانوا يتلقون الشعراء؛ لأنهم ينشدون فضائلهم ومناقبهم. كتاب خزانة الأدب يروي عن صاعد مولى الكميت شاعر أهل البيت «رضي الله عنه»، يقول: دخلتُ والكميت على علي بن الحسين فأنشده الكميت قصيدة:

من لقلبٍ متيممٍ مستهامِ = غير ما صبوةٍ ولا أحلامٍ

إلى أن أتى إلى آخر القصيدة، لما انتهى منها التفت إليه الإمام زين العابدين، قال: ”يا كميت، إنا نعجز عن مكافأتك، ولكن الله لا يعجز عن مكافأتك“، ثم أعطاه 400 ألف درهم له ولعياله، أرجعها الكميت، قال: سيدي، لو أعطيتني دانقًا لكان شرفًا لي، ولكن إن أحببت أن تحسن إلي فادفع إلي بعض ثيابك أتبرك بها. دفع له الإمام بعض ثيابه، ثم رفع يديه وقال: ”اللهم اغفر للكميت؛ فإنه جاد لآل رسولك وذرية نبيك بنفسه، وقد ضنّ الناس بذلك، وأظهر الحق الذي كتمه غيره، اللهم أحيه سعيدًا، وأمته شهيدًا، وأجزه عاجلًا وآجلًا“، يقول الكميت: فوجدت بركة دعائه مدة حياتي.

دعبل الخزاعي يدخل على الإمام الرضا ، يقول: أنشدته:

مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ   ومنزل وحي مقفر iiالعرصاتِ

إلى أن وصلت إلى قولي:

إذا وُتِرُوا مَدُّوا إلى iiواتريهمُ   أكفًا عن الأوتار منقبضاتِ

يقول: فصار يبكي بكاءً مريرًا حتى غشي عليه، والخادم واقف، قال لي: اسكت، ثم أفاق الإمام من غشوته، قال: أنشدني مرة ثانية، يقول: أنشدته، لما وصلت إلى هذا البيت بكى بكى بكى حتى غشي عليه، قال لي الخادم: اسكت، فسكت، أفاق من غشوته، قال: أنشدني، يقول: أرجعت وأنشدته، الثالثة غشي عليه، لما أفاق من غشوته ناولني عشرة آلاف درهم قد كُتِب عليها اسمه الشريف، وكانت لم توزّع بعد، أتيتُ بها إلى المدينة، فبعت الدرهم بعشرة من أبناء الشيعة، فحصلت على مئة ألف درهم.

يقول: ودخلت عليه مرةً أخرى، وطلبتُ منه شيئًا أضعه في كفني، فنزع جبته التي هي عليه، وقال: خذها وضعها في كفنك. لما سمع أهل قم، كانوا موالين شيعة، سمعوا بأن دعبل أعطي جبة الإمام، دفعوا إليه ثلاثين ألف درهم في سبيل أن يبيعها، لم يقبل، خرجوا إليه في الطريق، هدّدوه، قال: إني لا أرضى أن تأخذوها طوعًا، وإنها لا تنفعكم غصبًا. بعد ذلك تصالحوا معه على أن يأخذوها، ويعطونه ثلاثين ألف درهم، ويعطونه البطانة الموجودة داخل الجبة ليضعها في أكفانه، فوضعها في كفنه «رضي الله عنه».

فهؤلاء كانوا يتسابقون إلى نشر فضائل أهل البيت، وإلى إذاعة مناقبهم، ونحن سائرون على طريقهم، هذه المآتم وهذه المجالس هي امتدادٌ لتلك الصرخات التي تعالت، مآتمنا امتداد لصرخة دعبل، مجالسنا امتداد لصرخة الكميت، نحن سائرون على نفس الطريق، ماشون على نفس الخط، مضحون كما ضحوا، باذلون كما بذلوا، نحن بهذه المآتم وبهذه المجالس نعتبر قد قمنا بواجبنا نحو أهل البيت ، ونستلهم ذلك من تاريخ أنصارهم الذين ضحوا وبذلوا أنفسهم في سبيلهم، حسبنا من أنصارهم صاحب هذه الليلة الفقيه المطّلع على الغيب حبيب بن مظاهر الأسدي، الذي كان من تلامذة الإمام أمير المؤمنين ، وقد شهد معه كثيرًا من المعارك، ووعده الإمام علي بالشهادة.