كلمة سماحة السيد منير الخباز للمكلفين

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة على النبي وآله الطاهرين

إنَّ يوم التحوُّل من مرحلة إطلاق العنان إلى مرحلة التكليف هو يوم الإحساس بالمسؤولية، والشعور بالمسؤولية يربِّي لدى الإنسان الشعور بنضج الإنسانية وتكاملها، حيث لم يعد مهملاً كسائر الحيوانات، بل أصبح أهلاً للاعتماد على قراره، والوثوق بإرادته في بناء الشخصية وحفظ تعاليم السماء والوفاء بالعهود، ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً، وصار المعنيَّ والمخاطب بالأمر والنهي وسائر القوانين في الكتاب والسنة.

إنه يوم عظيم لأنه ميلاد مسيرة العظمة، وإنه يوم لا ينمحي من الذاكرة لأنه مبدأ محاسبة النفس على تذكر المسؤولية، وإنه لعهد جميل ففيه يكتسب الإنسان بجدارة جمال شخصيته الدينية والاجتماعية.

وقد يتصوَّر الإنسان أن عهد الصبا عهد الحرية والانطلاق، بينما عهد التكليف عهد القيود الباهضة الثقيلة، فكأنه خرج من أفق رحب إلى سجن رهيب؛ ولكن لو تأمل الإنسان لرأى أن اللذة الحقيقية هي في تجسيد الإنسانية الكاملة، وفي الانتصار على الميول الشهوية والعاطفية، «اللذة في ترك اللذة»، وأن الحرية الواقعية في التحرر من عبودية النفس، فما أجمل هذا اليوم المفصليَّ في حياة الإنسان الذي ينتقل فيه من حياة اللهو واللعب إلى بناء الحياة والمساهمة في تشييد الكيان الحضاري الإنساني على الأرض وتجسيد خليفة الله في الأرض، ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً. وتفعيل الأمانة الإلهية، ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ.

فهذا يوم حقيق بالاحتفاء به والاحتفال بمقدمه ونشر الزغاريد والتهاني بحلوله، فإنه لا يقل أهمية عن سائر الأعياد الكبيرة. ونسأل الله لكم جميعاً دوام التوفيق لحمل المسؤولية الكبرى، والحمد لله رب العالمين.

السيد منير الخباز 11/ صفر /1428هـ