السيد السيستاني في مواجهة الفتنة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم سماحة السيد منير الخباز، ووفقكم الله لكل خير...
عندنا عدة أسئلة تتعلق بالاستفتاء المنتشر هذه الأيام؛ المتضمن أن السيد السيستاني - دام ظله - يدين ويستنكر ما حصل في الأعظمية من القيام بعملٍ استفزازيٍّ متضمنٍ لشتم الخلفاء، ونرجو الإجابة مشكورين: -
نعم؛ الاستفتاء صادرٌ من مكتب سماحة المرجع الأعلى، سيد الطائفة، السيد السيستاني - دام ظله - بإمضاءٍ من سماحته، ولعلَّ إصداره باسم المكتب لإضفاء شرعيةٍ على ما يصدر من المكتب، حتى في القضايا الخطيرة.
[يا معلى اكتم أمرنا ولا تذعه، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا، وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة.
يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذلّه الله به في الدنيا، ونزع النور من بين عينيه في الآخرة، وجعله ظلمة يقوده إلى النار. يا معلى إن التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لاتقية له. يا معلى إن الله - عز وجلّ - يحبُّ أن يعبد في السرِّ، كما يعبد في العلانية. يا معلى المذيع أمرنا كالجاحد له] - مختصر بصائر الدرجات، ص101 -.
وهي واردةٌ على سبيل القضية الحقيقية، فلا تختصُّ بزمنٍ، أو مكانٍ، مثلها مثل أدلة سائر الأحكام؛ نحو قوله - تعالى -: ﴿أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ [سورة البقرة: 275].
ويؤكد مفادها؛ صحيح هشام بن سالم، في تفسير قوله - تعالى - [سورة القصص: 54]: ﴿أولئكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ قال: [بما صبروا على التقية]، ﴿وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾، قال: [الحسنة التقية، والسيئة الإذاعة] - الكافي، ج2، ص217 -.
ويؤيد ذلك؛ رواية سليمان بن خالد عن الصادق : [يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله] - الكافي، ج2، ص222 -.
ولذلك؛ فإن وظيفة أهل العلم والمؤمنين، الوقوف مع المرجعية، ودعم كلماتها وبياناتها، إعزازاً للمذهب الحق، وتفويتاً للفرصة على أعداء الدين، وحفظاً للمجتمع الشيعي عن الفرقة والفتنة، ففي هذا العصر المملوء بالفتن، والخطوط والتيارات، يوجد سبيلان: سبيل الوقوف مع المرجعية، وإرجاع الأمور إليها، والتسليم لأوامرها، طبقاً لما ورد في الرواية الشريفة، عن الإمام الحسين : [مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه] - البحار، ج97، ص80 -.
وسبيل التمرد على المرجعية، أو الطعن فيها، وهو سبيل أعداء الدين، قال - عز وجلّ -: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾ [النساء: 115].
وقال - عز وجلّ -: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 36 - 37].
نسأل الله - تعالى - أن يحفظ جميع مراجعنا الأعلام، خصوصاً أعلام الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وقم المشرفة، وأن يوفقنا لنصرتهم، والسير على هداهم، والاستنارة بأنوارهم، فإنهم نوّاب أهل بيت العصمة «صلوات الله عليهم»، قال الصادق في مقبولة عمر بن حنظلة: [انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا، فلم يُقبل منه فإنما بحكم الله استُخِفَّ، وعلينا رُدَّ، والرادُّ علينا الرادُّ على الله، وهو على حدِّ الشرك بالله - عز وجلَّ -] - التهذيب، ج6، ص218 -.
والحمد لله رب العالمين،،،