مركز النبأ يكرم سماحة السيد بعد محاضرة وندوة وقصائد شعرية

شبكة المنير زكريا العباد - سيهات

شهد مساء الخميس المنصرم تكريم السيد منير الخباز ضمن فعاليات منوعة ومفيدة في مجلس الرضا بسيهات جمعت بين إحياء ذكرى ميلاد سيد الشهداء الإمام الحسين من جهة وبين استلهام الدروس من نهضته من جهة أخرى.

إضافة إلى لقاء حواري مع السيد الخباز، ومشاركات شعرية وكلمات أحتفائية. وطبع مركز نبأ لرعاية الإبداع وتكريم الإنجاز برعاية السيد هاشم الشخص أحد كتب السيد الخباز ووزع نسخاً منه بهذه المناسبة.

دوافع الثورة

وابتدأ السيد منير كلمته عن الإمام الحسين معدداً النظريات التي تفسر دوافع ثورة الإمام الحسين، وقال أن هناك ثلاث نظريات، ترى الأولى أن السبب وراء الثورة هو رفض الإمام طلب البيعة وما استدعاه من محاولة فرض البيعة عليه.

تكريم مركز النبأأما النظرية الثانية فترى أنّ دافع الحسين للخروج هو قيام الحجة عليه من أهل الكوفة ومكاتبتهم له بالنصرة، أما النظرية الثالثة فترى أنّ الدافع هو الإصلاح في الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما يراه الشهيد المطهري في الملحمة الحسينية، إذ يرى أن الإمام سيخرج حتى لو قبل النظام الأموي من الإمام عدم البيعة، وحتى لو لم يكاتبه أهل الكوفة.

غير أنّ السيد الخباز يرى ضرورة قراءة العوامل الأخرى «البيعة والمكاتبة» قراءة مغايرة وعدم إلغائهما بسبب قراءتها قراءة بسيطة، فهو يرى أن أن الثورة الحسينية متعددة الخطوات والعوامل، ووراء كل خطوة هدف خاص، ومن الخطأ نسبة الثورة بجميع مراحلها إلى هدف واحد.

ويضيف: بالنسبة للنظرية الأولى، فإنّ الحسين سيرفض البيعة سواءا عرضت عليه أم لم تعرض، لأن رؤيته هي أن يربي الأمة على رفض مثل هذه البيعة، فالأمر مرتبط بالأمة التي يريد تربيتها وهو ما نجده في جميع خطاباتها التي كانت دروسا تربوية للأمة.

وعن النظرية الثانية المتعلقة بالمراسلات والتي رفضها المطهري كدافع للثورة يقول الخباز أن هناك عوامل غيبية مرتبطة باختيار مكان الثورة ما يعني أن المراسلات في حدّ ذاتها ليست سببا ولكن اختيار العراق كما تشير الروايات هو تأسيس لمهد التشيع، فقتل الحسين سيكون منطلقاً وعلما للدين مع مرور الأيام، وسيصبح العراق مدرسة للعلم كما في زمن الصادق حيث كان عدد تلامذته كبيراً، اختيار العراق كان ممهداً لتصير العراق مهداً للثورات كثورة زيد بن علي بن الحسين، وكل هذا يحتاج إلى دم الحسين، وهذا يحوجنا إلى قراءة أخرى لهذه العوامل وأثرها.

وعن الإصلاح يقول الخباز أن الإمام الحسين أعلن عن الإصلاح كهدف في مكة لكنه في عاشوراء صرّح بهدف آخر «ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز ما بين اثنتين: ما بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة». وعلق السيد الخباز: هذا يعني أن إذلال منصب الإمامة هو إذلال للدين «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين».

وقال أن إعلان شرارة الثورة تم اختياره بعناية من خلال رفض بيعة يزيد سواءا عرضت عليه البيعة أم لم تعرض. وكذلك اختيار مكان الثورة الذي يعلم أن فيه سيقتل ويباد أهله لكن ذلك سيكون منطلقا للثورة.

كما أن توقيت الخروج كان دقيقا ففي موسم الحج دون أن يكمل الموسم وكان لا بد أن يطرح مبررا لخروجه هو: ما خرجت أشرا ولا بطرا وإنما لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.

ربط أهدافه بالقرآن الكريم من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ربطها بالقرآن حتى لا تشوّه أهدافه، من دون أن يتطرق حتى لبيعة يزيد، لكنه في المعركة أعلن الهدف الرئيسي وهو إعزاز الدين من خلال إعزاز نبض الإمام.

ندوة حوارية

تلا ذلك قصيدة ألقاها الشاعر زكي السالم عن الحجة لاقتراب ذكرى مولده استحضر فيها المآسي التي يمرّ بها الناس اليوم.

ثمّ ندوة حوارية مع السيد الخباز بعنوان «من تاريخ التجربة إلى مسيرة العطاء» أداره الأديب الشاعر جاسم المشرّف، واشتمل الحوار على أربعة محاور، وقع الأول في دراسته الحوزوية، والثاني خطابته المنبرية، والثالث علاقة المثقف برجل الدين والرابع عن الشأن الاجتماعي، وتخلل الندوة قصيدة للشاعر حسن الفرج، وكلمة عن دور العالم في المجتمع للدكتور السيد عدنان الشخص، وقصيدة وكلمة احتفاء لراعي الحفل السيد هاشم الشخص.

وفيما يلي جانب من الأسئلة التي طرحت في الندوة مع إجاباتها:

ما الذي دعا السيد منير إلى اختيار طريق الدراسة الحوزوية والشروع فيه؟

قبل البدء، أشير إلى نقطة مهمة وهي أنّ الإخوة الأعزاء في هذا المركز المبارك دعوني إلى جلسة تكريم، وأنا أقول أن هناك من هو أولى مني، لا من باب التواضع، وإنما لأن فكرة التكريم مخصوصة لكبار الطائفة والمجتمع، ومجتمعنا يضم علماء لهم عراقة في العلم والعطاء بذلوا عقوداً من عمرهم في سبيل إنعاش هذا المجتمع، وحتى لا يفقد التكريم معناه فأنا أدعو إلى تكريم هؤلاء الكبار في السن والعطاء.

أما بخصوص الأسئلة، فالناس تحتاج الفكر أكثر من الأسئلة الشخصية، وقد شجعني على الدراسة الحوزوية جدي الشيخ فرج العمران، وخالي، وقد نشأت في بيئة علمية تشجع على الدراسة الحوزوية.

هل هناك مثل أعلى تأثّرت به من خارج الشخصيات العلمية؟

نعم هماك شخصيات تأثرت بها، منهم المرحوم والدي السيد عدنان، ولمن يكن رجل دين لكنه كان من أهل الإيمان والدعاء والذكر، وكان عاملاً حافزاً على الإقبال على الدين.

هل كان السيد منير في بدايته يهدف إلى هذه النتيجة ويتوقعها؟

كان أساتذتنا يركزون على الحديث عن الإمام علي «الناس ثلاثة: فعالم رباني.. ومتعلم على سبيل نجاة.. وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لا يستضيئون بنور العلم؛ فيهتدوا، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق؛ فينجو»، فكنا نسعى أن نكون على الأقل متعلمين على سبيل نجاة لكي ننجوا، «ولا يزال المرء عالماً ما طلب العلم، فإن ظنّ أنه علم فقد جهل».

يقال أنه ما طلب أحد الزعامة إلا وكانت وبالا عليه وما رفضها أحد إلا وسعت إليه، كيف وجدت واقع العبارة في الحوزة؟

بحسب تجربتنا التي امتدت 35 سنة ما رأينا شخصا سعى للزعامة والألقاب إلا وافل نجمه وتراجع بمرور الأيام، وما رأينا شخصا مشى على سبيل «المتعلم على سبيل النجاة» إلا ويسر الله له أمره.

ما هي أبرز مقومات الطالب الحوزوي الناجح؟

1 - العنصر الروحي: لا بد أن يكون له ارتباط بالمناجاة والعبادة والمحراب، وهذا يخلق له رصيد وأثر في أقواله وأفعاله، فالموعظة لا تؤثر إلا إن خرجت من قلب صادق.

2 - العنصر التربوي: في كل مجال تحدث اختلافات في المستويات والدقة والتشخيص، وهذه الأمور قد تزرع بعض التحسس، ولذلك يحتاج طالب العلم إلى صقل تربوي لنفسه، وتلقينه النفس أن تكون طاهرة من الحقد والحسد. وأن يعيش الطهارة مع الآخرين حتى ولو اختلف معهم فسلامة النفس ونزع الغل ركن أساس في الشخصية العلمائية.

3 - العنصر الاجتماعي: تنقية النية في العمل من الحصول على لقب ومنصب، فطالب العلم هو خادم للدين حصل على لقب أم لم يحصل، وحين يكون هدفه الحصول ل على منصب فهناك يد غيبية تتدخل لحفظ الدين.

4 - العنصر الفكري: هناك تيارات فكرية، بعض تيارات الحداثة وليس كلها، بعض الليبرالية والعلمانية، تسجل ملاحظات على أصل الدين والقرآن والإمامة، عالم الدين عليه أن يواكب هذه الأطروحات ليقوم برصدها والإجابة عنها. متابعة ما يستجد من فكر وأطروحات، وأن يكون في حالة رصد ومتابعة ليظهر الدين بمظهر العمق والدقة.

دور العالم الاجتماعي

وشملت الندوة التي العديد من المواضيع عن الخطابة وعلاقة رجل الدين بالمجتمع والمثقف، قدّم الدكتور السيد عدنان الشخص خلالها كلمة عن دور العالم في الأمة، أثنى فيها على الدور الذي قام به السيد الخباز في مقاطع اجتماعية هامة من مسيرة المجتمع.

وعدّد الشخص عن الأدوار التي على العالم أن يضطلع بها وأولها التبليغ والإرشاد والتعليم في مجال الاختصاص، وعلى الأمة أن تلجأ إلى العالم الذي تمكّن من مجال اختصاصه ليتمكّن من تلبية احتياجات مجتمعه.

وأكد الشخص على أن على العالم التصدي لقضايا الناس، وتزداد أهميته في زمن الفتنة وارتباك الرؤية. كما ركز على أن من مهام العالم تهيئة من يكون معه وينوب عنه ويليه، لتهيئة استمرار الدور، لأن الإنسان زمنه محدود.

ولفت الدكتور الشخص إلى أن الدور الذي يقوم به العالم لا تكفي عنه الموسوسعات ومحركات البحث لأن المجتمع بحاجة إلى إسقاط المعرفة في موقف وإسقاط الحكم الصحيح في أرض الواقع، بحاجة إلى اتخاذ القرار، لا بد أن يكون هناك تجديد لتقع المعرفة على الوقائع الجديدة. ولذلك العلماء هم ورثة الأنبياء لا في العلم فقط بل في اتخاذ الموقف. وقال أن الطالب لا يتعلم من أستاذه العلم فقط بل كيف يطبق العلم.

وختم الدكتور الشخص مؤكداً على أن التكريم لا يقصد منه الجانب الشخصي بل إبراز العمل والنهج، مشيداً بعدد من المواقف التي وقف فيها سماحة السيد الخباز مواقف شجاعة وصحيحة طبق فيها ما نهله من معارف، ومنها أيام غزو صدام للكويت حيث كان سماحته يدعوا إلى الاستعداد للمتغيرات في وقت كان فيه صدام يطمع في استغلال كون الشيعة أقلية لتحريكهم في اتجاه معين.

وعن تحركات الشارع الأخيرة قال الشخص أن السيد الخباز حاول الاقتراب من الشباب والتعاطف معهم، والتأثير فيهم باتجاه حماية المجتمع من الوقوع في اتجاهات قد تربك حركته.

كما أشاد بمبادرة السيد الخباز الأخيرة في إصدار وجه فيه الشيعة عن طريقة التعاطي مع الهجمة الطائفية.

وكانت حينها الفرصة مواتية ليقدم السيد الخباز بعض التوجيهات في التعاطي مع الهجمة الإعلامية الطائفية الشرسة من خلال تمثيل أخلاق أهل البيت وفق قاعدة «كونوا زينا لنا» في التعاطي الحسن مع من أساء إليهم وعدم الانجرار إلى ردة الفعل الانفعالية والتعالي على الغوغائية مهما بالغ الأخ المسلم من مذهب آخر في السب والشتيمة والاتهام والتخوين، فالصبر والصمت مطلوبان في التعاطي مع المرحلة تأسيا بالعلماء الأبرار، وخصوصا السيد السيستاني الذي دعا أيضا إلى ترك استفزاز الآخر عبر تناول رموزه وأن يكون الإنسان مهذبا وهادئا في حديثه.

وختمت الأمسية بتكريم السيد منير الخباز وتوزيع نسخ من كتابه «ميثاق الإمامة في آية الولاية.. تقرير أحمد سلمان»، كما قدم لسيد الخباز درع مركز نبأ وعدد من الهدايا الأخرى.