الفرد المسلم وصراع الهويات

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ

صدق الله العلي العظيم

نتحدث عن الهوية وهنا عدة محاور:

  • ما هو تعريف الهوية، ماهي مكوناتها واتجاهاتها.
  • ماهي الحاجه الماسة إلى الهوية؟
  • وهل هناك صراع بين الهوية الدينية والهوية المادية الغربية؟
  • ما هو مدى اهتمام القرآن الكريم بمسئلة الهوية الدينية؟
المحور الأول: ماهي الهوية ومكوناتها؟

عندما نرجع إلى مجلة عالم المعرفة عدد 224 تنقل عن كتاب «اصول في علم الاجتماع» أن الهوية هي السمات المشتركة بين جماعة معينة تكون موضع تميزهم عن غيرهم.

مثلاً: نأتي لأبناء العراق لهم سمات مشتركة تميزهم عن غيرهم، لهم لهجة خاصة وعادات وتقاليد خاصة هذه السمات المشتركة بينهم التي تميزهم عن غييرهم تسمى هوية عراقية، أبناء لبنان وأبناء الخليج أسماء تميزهم عن غيرهم تسمى هوية.

ماهي العناصر التي تتألف منها هوية الإنسان؟

هناك عناصر أربعة نتيجة لها تعددت الاتجاهات في الهوية:

الأرض، اللغة، التراث، الدين. هذه العناصر الأربعة هي التي تتحكم في تحديد الهوية.

المكون الأول: الأرض.

الأرض التي ولد فيها الإنسان مسقط رأسه أو الأرض التي عاش عليها آبائه وأجداده، الأرض يحدد هويتك، من أين أنت؟ أنا من العراق، من لبنان، من ايران، الأرض التي ولدتُ فيها وعاش فيها آبائي وأجدادي.

الأرض مكون أساس من مكونات الهوية لذلك تبارى الشعراء في مدح ترابهم وأرضهم.

ولي   وطنٌ   آليتُ   ألا   أبيعه

وحبب أوطان الرجال لأيهمُ مآرب

إذا    ذكروا   أوطانهم   iiذكرتهم



 
وأن لا أرى غيري له الدهر iiمالكَ

قضاها       الشباب      هنالك

عهود  الصبا  فيها  تحنُ  iiلذلك

وقال شاعرٌ آخر:

بلاد  بها نيطة علي iiتمآئمي   وأول أرضٍ مس جلدي ترابها

الحنين إلى الأرض والتربة مكون أساس من مكونات الهوية، النبي محمد لما خرج من مكة هي وطنه وهي التراب الذي ولد فيه عاش فيه 40 سنة، لما خرج إلى المدينة بعد سنوات جاء جمعٌ من أهل مكة إلى المدينة إلتقاهم الرسول سألهم: ”كيف خلفتم مكة؟ قالوا: يا رسول الله تركناها وقد نبت الإثمد في جنباتها فذرفت عيناه رسول الله“. الإثمد نوع من الحشائش والأعشاب. تذكر تربته وأرضه، وقال: ”لولا أن أهلها أخرجوني ما خرجتُ منها“. إذن الأرض مكون أساسي من مكونات الهوية.

المكون الثاني: اللغة.

تجمع أعراق وألوان مختلفة مثلاً: اللغة العربية تجمع مجتمعات وأعراق وألوان، اللغة العربية مكون آخر من مكونات الهوية وكذلك اللغة الإنجليزية، الفرنسية.

المكون الثالث: التراث.

العراقي يعتز بتراث بابل، المصري يعتز بتراث الفراعنة، فرنسا تعتز بتراث مُعين، التراث الحضاري الذي له رسوخ على الأرض أيضاً مكون وعامل من مكونات الهوية.

المكون الرابع: الدين.

الدين الذي يجمع أمم وأعراق وألوان، هذا الدين يُشكل هوية ومكون أساس من مكونات الهوية لذلك القرآن الكريم أشار إلى الهوية الدينية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَهذه هويتكم الدينية: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.

نتيجة هذه المكونات الأربع تولدت اتجاهات في الهوية: الاتجاه الوطني، الاتجاه القومي، الاتجاه الغربي، الاتجاه الديني.

الاتجاه الأول: الوطني.

الذي يقول هويتك تربتك، هويتك عراقي، لبناني، خليجي لأن هذه هي تربتك هذه تسمى هوية وطنية اتجاه وطني.

الاتجاه الثاني: القومي.

يُركز على اللغة، الاتجاه القومي الذي حدث في ايام الستينات انطلقت القومية العربية من اللغة واعتبرتها هي مفتاح الهوية ومحور الهوية.

الاتجاه الثالث: الغربي.

هويتك سواء كنت مسلم أم غير مسلم، عربي أو انجليزي هويتك هي الحضارة الغربية والرأس ماليه، لماذا؟ لأن الحضارة الرأس مالية اليوم هي الحضارة المهيمنة على العالم، أغلب دول العالم تتغنى وتتبنى الحضارة الرأس مالية. الحضارة اليوم هي التي تعطيك وتنتج لك من الحذاء إلى السيارة، أنت تأخذ كل مُلابسات ولوازم ووسائل حياتك تأخذها من هذه الحضارة، فهي تغذيك وتُطعمك وتحميك وتأويك وتفتح لك مصراعيها لدراستك ومُستقبلك هذه الحضارة هي اقتصادك.

إذن هويتك ليست وطنك الذي ولدت فيه، هويتك ليست دينك، هويتك ليست لغتك، هويتك الحضارة التي أنت تتفاعل معها أخذاً وعطاءً ألا وهي الحضارة الغربية هذه الهوية الغربية التي يطرحها الإعلام الآن بكثافة، هويتك هي هذه الحضارة.

عندما يقال لك العالم أصبح قرية واحدة بمعنى أنه انتمى إلى الحضارة الرأس مالية واتخذها هوية له.

الاتجاه الرابع: الديني.

يقول: لا، الهوية الحقيقية هي الهوية التي لا تميز بين الألوان واللغات والأقوام وهي الهوية الدينية التي تجمع كثيراً من الشعوب كما أشار القرآن الكريم: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ دين واحد جمع هذه الملل كلها اليهود والمسيح والإسلام كلهم اجتمعوا تحت دين واحد وهو الدين الإبراهيمي ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ.

إذن هناك الهوية الدينية جمعت هذه الملل والشرائع كلها تحت عنوان السماء والحنيفية وتحت عنوان دين ابراهيم الخليل .

المحور الثاني: هل الإنسان يحتاج إلى هوية؟

الإنسان بإمكانه أن يقول لا أريد أن أنتمي إلى أي هوية كانت، لا هوية وطنية ولا دينية ولا غربية ولا....، أنا مُستقل عن كل هوية، هل الإنسان فعلاً يحتاج إلى الهوية أم لا؟

نعم يحتاج إلى هوية، لماذا؟ نرجع إلى علم النفس فهو يؤكد الحاجات الأساسية، نظرية ماسلو في علم الإدارة يذكر الحاجات الأساسية لدى الإنسان: حاجة الإنسان للتعبير عن الذات هذه حاجة أساسية، حاجة الإنسان للتقدير الاجتماعي هذه حاجة أساسية، حاجة الإنسان للانتماء هذه حاجة أساسية.

أما حاجة الإنسان إلى الزواج فهي حاجة ثانوية في علم النفس وليس حاجة أولية، حاجة الإنسان إلى المنصب والثروة هذه حاجة ثانوية.

أولاً: الحاجة الأولية هي حاجة الإنسان عن التعبير عن الذات:

إعطاء الفرصة للتعبير عن الذات والقدرات وعن المهارات، لذلك إذا لم تعطي طفلك هذه الفرصة وأجعل طفلك في الأسرة أن يتكلم وينطق ويناقش ويحتج وأتركه يطرح آراءه بكل صراحة وبكل ذلاقة لسان، أعطي طفلك فرصة التعبير عن الذات لأنها تشبع حاجة أولية في شخصية الإنسان، حاجة الإنسان لأن يُعبر عن ذاته وأفكاره وقدراته إذا لم تُشبع هذه الحاجة يتحول الطفل إلى إنسان انطوائي وقد يُصيبه مرض توحد، إذا لم تُشبع عنده حاجة التعبير عن الذات.

ثانياً: الحاجة إلى التقدير الاجتماعي:

كل إنسان يقدم مجهود يتوقع تقدير لمجهوده، كل إنسان يقدم عطاء يتوقع تقدير لعطاءه، حاجة أساسية لدى الإنسان حاجته للتقدير والمكافأة الاجتماعية، يقدم جهود مالية أو جهود فكرية أو يقدم أوقات، بالنتيجة يحتاج حاجة ماسة للتقدير، إذا لم يُعطى التقدير يُصبح شخصية عدوانية لأنه يُصاب بالإحباط فإذا تمركز الإحباط في شخصيته يتحول إلى إنسان عدواني ناقم على المجتمع.

ثالثاً: الحاجة إلى الانتماء:

انتمي إلى أسرة أنا من الأسرة، أنتمي إلى مجتمع أنا من المجتمع، انتمي إلى شركة أو نقابه أو إلى مؤسسة، بالنتيجة أنا أحتاج إلى الإنتماء، لماذا؟ لأن الانتماء يُغذي عندي الشعور بالحماية والعزة، انتمائي لأسرة الفلانية كأسرة عريقة ومعروفة يُغذيني بالشعور بالعزة والفخر، أنا أنتمي إلى الشركة الفلانية لأن هذا الانتماء يُعطيني الشعور بالحماية والأمن هذه الشركة تحمي مستقبلي فهي تقدم لي مكافآت مالية تحمي مستقبلي ومستقبل ابنائي، الشعور بالانتماء يعني الشعور بالحماية والفخر.

إذن لدينا حاجات أولية ثلاث: حاجة للتعبير عن الذات، الحاجة للتقدير الاجتماعي، الحاجة إلى الانتماء، هذه الحاجات تُغذيها الهوية من هنا يتبين حاجتك إلى الهوية، كيف تغذي الهوية هذه الحاجات الثلاث؟

مثلاً: أنا أقول هويتي أنني أنتمي إلى الحضارة الغربية، لماذا؟ لأن الحضارة الغربية تُعطيني فرصة التعبير عن الذات والمهارات فهي تُغذي الحاجة الأولى عندي.

الحضارة الغربية تعطيني حاجة التقدير الاجتماعي، إذا درست وقدمت أبحاث على مستوى تخصصي أترقى بدون تمييز لا بين أديان ولا بين مذاهب، أترقى وآخذ سُلمي في مجال الدراسة فأنا تغذيني هذه الحضارة بالحاجة إلى التقدير الاجتماعي.

هذه الحضارة أيضاً تغذيني بالشعور بالانتماء انتمي إليها فأشعر بالأمن والحماية إذن بالنتيجة انت تحتاج إلى الهوية، لماذا؟ لأن الهوية تغذي حاجات أولية ثلاث في شخصيتك.

المحور الثالث: ما هو مدى اهتمام القرآن الكريم بمسئلة الهوية الدينية؟

نلاحظ أن هناك فكرة تُطرح هنا في الغرب لدى المسلمين الذين يعيشون في الغرب ألا وهي فكرة صراع الهويات، يقول المسلمون نحن نعيش صراعاً بين الهوية الدينية والهوية الغربية خصوصاً الذين ولدوا وعاشوا أعمارهم هنا، نعيش صراع بين الهويتين والثقافتين، لماذا هذا الصراع موجود؟

نحن إذا تحفظنا على الهوية الدينية نشعر بالعزلة والغربة وأننا غريبون في هذا المجتمع وإذا تحفظنا على الهوية الغربية ذابت الهوية الدينية بشكل تدريجي وبمرور الأيام، كيف نُعالج هذا الصراع بين الهويتين وبين الحضارتين؟

وربما يقول شخص ماذا أعطتني الهوية الدينية؟ وماذا قدمت لي حتى أقول أنا مسلم وافتخر بكوني مُسلماً؟

لا أعطتني فرصة التعبير عن الذات ولا أعطتني تقدير اجتماعي لجهودي وإبداعاتي ولا أعطتني انتماءً يُشعرني بالأمن والحماية خصوصاً إذا هو مُشرد من بلده إلى هذا المكان، كيف أنتمي لهوية لم تُعطني شيئاً؟ لماذا أصر على هوية لم تحقق لي مقاصد ولا أهداف ولم تُغذي لي حاجات، بينما الهوية الغربية حققت لي كل هذه المآرب والأهداف.

الصراع بين الهويتين الهوية الدينية والغربية على مستويات ثلاثة: المستوى الفكري، والمستوى السلوكي، والمستوى الشعاري والطقوسي.

المستوى الفكري: هل هناك صراع بين الهويتين في الفكر؟ نعم هذا شيء واضح لا نستطيع إنكاره، كيف؟

أهم الركائز التي تفترق فيها الحضارتان: الحضارة الدينية والحضارة الغربية، وأهم الركائز التي تشكل فارق جوهري بين الهويتين هي ثلاث:

الركيزة الأولى: الأصالة أو الخلافة.

هل الإنسان أصيل في الوجود أم هو مُجرد وكيل؟ الحضارة المادية تقول: الإنسان هو الأصيل وهو المحور والمركز ولأجل أن الإنسان هو المحور والأصيل، إذن الإنسان هو مصدر إدارة الحياة وهو الذي يتكفل بإدارة الحياة ويخترع القوانين والتشريعات التي على أساسها يُدير الحياة، لماذا؟

لأن الإنسان بمقتضى التراكم المعرفي والثقافي سيمتلك خبره إدارية ثقافية تُمكنه من إدارة الحياة في كل حُقبة زمنية وفي كل مُجتمع معين.

بينما الحضارة الدينية تقول: أن الإنسان مُجرد وكيل وليس أصيل ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً أنت خليفة وليس أصيل ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ

أنت خليفة في هذا الكون، ما معنى خليفة؟ إذا لم تكن أصيل فمصدر إدارة الحياة السماء التي استخلفتك ولست أنت طبيعي.

الإنسان له مساحة يتحرك فيها بعقله في مستوى التطبيقات وتشخيص الموضوعات وكيفية تطبيق القوانين هذه المساحة متروكه لعقل الإنسان، لكن أصول التشريعات والقوانين التي تتكأ عليها إدارة الحياة هي من السماء، أنت مُجرد خليفة ووكيل ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فعندنا خلاف أساسي بين الهوية الدينية والهوية الغربية، من هو مصدر الحياة الإنسان أم السماء؟

الهوية الغربية تقول: الإنسان هو المحور والمصدر بما له من ثقافة وخبره.

بينما الهوية الدينية تقول: لا، الإنسان محدود ولا يستطيع بعقله أن يفرز بدقة الجهات الدخيلة في المصالح العامة التي تكون دخيلة في بناء المجتمع في كل حضارة وعلى جميع المستويات.

لا يستطيع الإنسان أن يُشخص بدقة جميع الجهات الدخيلة في تكوين المصالح العامة وما ينبني عليها من تشريعات وقوانين أساسية، إذا هناك خلاف أساسي في مساحة العقل في انتزاعه وتشريعه وتقنينه وتأسيسه للقوانين.

من جملة الأمور حقوق المرأة: بين الهويتين خلاف في حقوق المرأة.

بالنتيجة الهوية الغربية تقول: لا فرق بين الرجل والمرأة في جميع المجالات والحقوق.

بينما الهوية الدينية تقول: لا، هناك فرق بينهما في الشهادة وفي الميراث وفي قِوامة الأسرة، بالنتيجة يوجد فروق جوهرية في التشريعات بين الهويتين على أساس العقل قادر أو غير قادر على تأسيس أصول التشريعات.

الركيزة الثانية: الحرية.

الحرية في إطار الحرية، أم الحرية في إطار القيم، هذا فرق جوهري.

الاطروحة الليبرالية تقول: للإنسان حرية مُطلقة فقط في إطار الحرية بمعنى في إطار نفسها، لك الحرية مالم ترفع حرية الآخرين فحريتك في إطار الحفاظ على حرية الآخرين، حرية محدودة بإطار الحرية.

الاطروحة الدينية تقول: الحرية في إطار القيم، ماذا يعني في إطار القيم؟

هل لي الحرية أن أكذب؟ الكذب لا تضر أحداً ولا يترتب عليها عقوبه، هل لي الحرية؟

الهوية الدينية تقول: ليست لك الحرية على حساب القيم والمُثل الإنسانية ليست لك الحرية أن تكون كاذباً حتى لو لم يكن الكذب مُضراً.

مثلاً: قداسة الأسرة: الآن في المجتمع الغربي الأسرة ليست لها قداسة، تستطيع أن تتحرر من الأسرة في أي وقت وتستطيع أن تُلغي ارتباطك بوالديك في أي وقت ولك الحرية ما دمت بلغت الثامنة عشر تستطيع أن تُلغي ارتباطك بالأسرة نهائياً وليست لها الحق الأسرة متابعتك وليس له حق لا أب ولا أم عليك.

الهوية الدينية تقول: لا، ليست لك الحرية على حساب قداسة الأسرة ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ الحرية لا تلغي قداسة الأسرة وهي مصدر استقرار المجتمع.

الإنسان الموهوب والمنتج والمبدع يحتاج إلى استقرار نفسي، الأسرة هي التي توفر له الاستقرار النفسي الذي يُعده لأن يكون إنساناً مُنتجاً ومُبدعاً، الأسرة ضرورية.

الركيزة الثالثة: هل الإنسان له الحرية حتى على حساب الإحسان إلى الآخرين؟

الإحسان هو العطاء بلا مقابل، تُعطي من وقتك ومن جهدك وأموالك مجاناً بلا مقابل، إنسان يقول لا أريد الإحسان.

المجتمع الغربي يقول: أنت حر إن لم تريد.

الهوية الدينية تقول: الإحسان من واجباتك أن تعطي بلا مقابل هذا من حقوق المجتمع عليك ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ بالنتيجة المجتمع له حق عليك أن تقدم له إحسان بلا مُقابل.

إذن اختلفت الحرية، هل الحرية مُطلقة ما لم تصطدم بحرية الآخر؟ أم الحرية في إطار القيم الإنسانية؟ لك الحرية ما لم تنسف وتضرب القيم الإنسانية كقيمة الصدق والأسرة والإحسان إلى المجتمع الإنساني.

إذن الدين والهوية الدينية عندما تقرر أن الحرية في إطار القيم لأنها تعتقد أن هذا الإطار هو الذي يحفظ التوازن بين المصالح الفردية والمصالح الاجتماعية.

الركيزة الرابعة: بين الهويتين في مجال الفكر.

هل الإنسان ذو بُعدين أو ذو أبعاد ثلاثة؟ في علم النفس وعلم الاجتماع الذي أغلبه نتاج غربي يقول الإنسان ذو بُعدين: جسم ونفس، لذلك هو يحتاج إلى الصحة الجسمية والصحة النفسية، إذا حصل على هذين البُعدين لا يحتاج على شيء آخر ما دام إنساناً يعمل وله راتب ووسائل الحياة الكريمة موفرة له ويعيش صحة نفسية بمعنى أنه يعيش قادراً على الفاعلية، على الإبداع والتكيف والتوازن، إذن فهو إنسان حقق أهدافه في الحياة هذه هي الحياة والهدف الأسمى في الحياة.

بينما الهوية الدينية تقول: الإنسان ثلاثة أبعاد: جسم ونفس وروح.

الروح غير النفس والروح هي الأساس والمحور، كيف تكون الروح غير النفس؟

الروح برأها الله في عالم الذر قبل هذا العالم، أنت كنت روحاً في عالم الذر تُسبح الله وتُهلله قبل أن تأتي إلى هذا العالم والقرآن الكريم يُشير إلى ذلك العالم الذي كنا فيه يقول: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍبمعنى أنك خُلقت مرتين، أول مره بمعنى أن هناك ثاني مره، ماهي المره التي خُلقت فيها مُفرداً، أنت في عالم الدنيا جئت من أب وأم فالخلق في عالم الدنيا ليس مُفرداً بل جماعي، أنت جئت إلى الدنيا جمعاً لا مفرداً فمتى المره التي خُلقت فيها مفرداً، لأن الآية تقول: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍبمعنى المره التي خلقناكم فيها فرادى الآن رجعتم إليها مرة أخرى، ماهي تلك المره التي خُلقتم فيها فرادى؟

عندما كنتم أرواحاً في عالم الذر لم يكن لديك لا أب ولا أم ولا نسب ولا عشيرة ولا أصدقاء، كنت وحدك في عالم الذر روحاً تُسبح الله وتُهلله، أنت الآن نسيت عالم الذر كما نسيت عالم الرحم، هل تتذكر كيف كنت في رحم أمك؟ متى تذكر عالم الذر؟ إذا أغمضت عينيك وإذا جاء الموت وأسلمت الروح وأغمضت العين، تقول بعدها أنا كنت بين جزيرتين جزيرة هي عالم الذر وجزيرة هي ما بعد الموت، أبحرت وسبحت في البحر بين الجزيرتين إلى أن وصلت الجزيرة الثانية عندها تذكرت الجزيرة الأولى ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ «19» وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ «20» وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ «21» لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا كنت تفر من الموت ولما كنت في الدنيا كنت ناسياً وغافل والآن تذكرت ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أنت الآن تنظر إلى عالم الارواح والأشباح، كنت روحاً في عالم الذر، لما علقت البويضة الملقحة بالأم والمادة المنوية للأب علقت بجدار الرحم وبدأت تنمو هذه البويضة الملقحة ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ «12» ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ «13» ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ قرار: بمعنى أنها التصقت بجدار الرحم، بعد 12 أسبوع من تكون ونمو النُطفة تنشأ العلاقة بين الروح وبين هذه النُطفة المتكونة في الرحم، تبدأ الروح تبث شُعاعها في هذا الجسم الذي تكوّن خلال 12 أسبوع ثم يأتي القرآن ويتكلم عن هذه المرحلة ُ﴿ثمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ جاء الشعاع من الروح ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين لما ارتبطت الروح بالجسم نشأة النفس، لما تعلقت الروح بالجسم نشأة النفس، النفس هي عبارة عن المشاعر والعواطف والأحاسيس التي أنت تملكها، نشأة لك بعد علاقة الروح بالجسم فأنت لك بُعد ثالث اسمه الروح، هذا البُعد والجزء له أسئلة ثلاثة فطرية، كل إنسان عنده هذه الأسئلة مسلم أم غير مسلم، هندوسي أو بوذي، أي انسان بمجرد أن يفهم الله خلقه ولديه هذه الأسئلة الثلاثة:

من أين جئت أنا؟ أين أسير؟ وإلى أين سأنتهي؟

كل إنسان يطرح هذه الأسئلة الثلاثة على نفسه ويحتاج إلى جواب. الهوية الغربية لا تجيب عن أسئلتك الثلاث ولا توفر مساراً لتعبئة هذه الأسئلة. الهوية الدينية هي التي تجيب عن هذه الأسئلة الثلاثة وتوضح لك المسار، إيليا أبو ماضي الشاعر اللبناني شاعر المهجر يقول:

جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقاً فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرتُ طريقي؟
لست أدري!

وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور
أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير
أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟
لست أدري!

هذا يحكي أن الإنسان يعيش صراع مع هذه الأسئلة الثلاثة: من أين جئت؟ وأين أمضي؟ وفي أي طريق أسير؟

هذه الأسئلة الثلاثة حاجه معرفية للبُعد الثالث ألا وهو البعد الروحي، فلا بد من الإجابة عنها ولا بد من تهيأت المسار لها من هنا ورد عن الرسول محمد : ”رحم الله عبداً عرف من أين وفي أين وإلى أين“ وهذه التي يُعبر عنها القرآن بالبصيرة: ﴿قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي إذن الهوية الدينية توفر لك البصيرة، تعتبرك ثلاثي الابعاد لا ثنائي الأبعاد هذه فروق جوهرية بين الهوية الدينية والهوية الغربية على المستوى الفكري.

المستوى السلوكي: هناك فرق على المستوى السلوكي بين الهويتين، أمثلة سلوكية:

مصافحة المرأة الأجنبية: الدين يقول لك، إذا كان في ترك المصافحة حرجٌ شديد يجوز لك المصافحة إن كانت زميلة في الدراسة ومدت يدها وأنت تنحرج منها، فإذا كان حرجٌ شديد لك يجوز لك المصافحة. شخص يقول: صحيح يجوز لي المصافحة ولكني إذا تحملت الحرج فأنا اظهرت هويتي الدينية، عدنا إلى الصراع بين الهويتين.

الهوية الغربية تقول: صافح.

الهوية الدينية تقول: تحمل الحرج والضيق النفسي واعتز بهويتك الدينية قل لها متأسف ديني لا يسمح لي بالمصافحة.

هذا صراع سلوكي حتى في فرض الجواز، الشرع يقول: يجوز في حال الحرج الشديد، لكن هل في هذه الحال أنا أعيش صراع بين الاعتزاز بالهوية الدينية وبين أن اندمج في الهوية السلوكية الغربية.

مثال آخر: الاختلاط في الجامعة لديك زميلات وتحتاج فعالية مشتركة بينكم، تجلس مع هذه الزميلة وتخرج معها وتكتب أبحاث وتأخذ وتعطي معها، الاشتراك في الفعاليات المختلفة وتقضي معها ساعات. الدين يقول: الاختلاط الذي لا يثير الشهوة ولا الريبة ولا النظرة المحرمة إذا هو اختلاط سليم. لكن بالنتيجة أنا بين هويتين، هوية الاعتزاز بديني أقول: لا، أنا أشارك في هذه الفعالية مع شخص آخر مع زميل لي أو أشترك بالفعالية بصور أخرى لا بصور مباشرة وبين أن أندمج في جو الهوية الغربية، هذا يسمى الصراع السلوكي بين الهويتين.

نحن نأكد على الاعتزاز بالهوية الإسلامية ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ العزة من المبادئ العظيمة التي أكد عليها القرآن الكريم. ورد عن الرسول محمد ”إن الله فوض إلى المؤمن كل شيء ولم يفوض إليها أن يُذل نفسه“ حتى لو كان الأمر مباح إذا كان فيه ذله لا تذل نفسك، إذن العزة مبدأ.

المستوى الشعاري: الصراع الشعاري والطقوسي:

عندنا شعائر وطقوس إلزامية إسلامية، الحجاب شعار إسلامي لازم، عدم دخول البارات شعار إسلامي لازم، المسجد هذا شعار إسلامي راجح، لكن هناك شعارات نحن نعيش فيها صراعاً بين الهوية الدينية والهوية الغربية، أمثلة:

لبس القلادة هذا شعار من شعارات الهوية الغربية، شعار الوشم، شعار وضع الورود على القبر هذا شعار غربي وليس ديني أو دفن الميت مع التابوت هذا شعار غربي وليس ديني.

الصداقة مع الكلب في التربية ليس هناك مشكلة ويجوز تربيته وجعله في البيت، لكن تتحول إلى صداقة هنا زائدة، لا مانع بأن تربي كلب لكن يتحول إلى صديق ينام معه ويبيت ويجلس ويسافر معه بالنتيجة هذا شعار للهوية الغربية.

إذن نحن في صراع بين الشعارات شعار الهوية الدينية وشعار الهوية الغربية حتى لو كانت شعارات مباحه بالنتيجة هي تعني صراعاً، ما هو الحل؟

هناك فرق بين الغاية وبين الوسيلة، هل أنت تعتبر هذه الشعارات غاية أم وسيلة؟ هل أنت تعتبر القلادة غاية وهدف؟ هل أنت تعتبر صداقة الكلب غاية؟ هل تعتبر الأمور تلك كشعار هدف أم وسيلة؟

إذا كنت تعتبرها غاية وهدف سوف تعيش صراعاً، لأن من أهدافك تجعل قلادة وأن يكون لك صداقة مع الكلب ومن أهدافك أن تضع وشم، إذا اعتبرت الشعار هدف سوف تدخل في صراع.

أما إذا اعتبرته مجرد وسيلة، أنا لماذا ألبس القلادة؟ لماذا أاخذ الكلب صديقاً لي؟ فقط لكي أشعر بالاندماج مع هذا المجتمع الذي أنا أعيش فيه.

إذن هو وسيلة وليس هدف، وبما أنه وسيلة يمكن أن أتخذ وسيلة أخرى تقوم مقامه وتحقق لي الاندماج مع المجتمع الذي أنا فيه، ممكن أن أتخذ هذه الوسيلة لكن بحدود أن لا تؤثر على ذوبان الهوية الاسلامية، فمتى ما اتخذته وسيلة سوف تستطيع التوفيق بين الهويتين في مجال الشعار بخلاف ما إذا اتخذته غاية.

المحور الرابع: ما هو منظور القرآن الكريم للهوية الدينية؟

القرآن الكريم له عدة مداليل تركز على الهوية الدينية:

المدلول الأول: احترام الهوية الدينية والاعتزاز بها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ اعتزاز بالهوية الدينية، تقديمها على وسائل راحتك.

المدلول الثاني: تجسيد الهوية الدينية في علاقاتك الاجتماعية، كيف؟ القرآن الكريم يقول: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ لا بد أن تجسد هويتك الدينية من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كن ناصحاً لزوجتك بالحجاب ولابنتك بالتزام التعاليم الاسلامية وكن ناصحاً لصديقك وزميلك في الدراسة، كن ناصحاً لأصدقائك الذين تراهم، هويتك الدينية تتجسد في مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴿وَالْعَصْرِ «1» إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2» إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ «3».

المدلول الثالث: التنشأه الأسرية ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا الأسرة هنا في الغرب عليها مسؤولية كبيرة الأبوان عليهما مسؤولية خطيره، كثير من الآباء مع الأسف آخر ما يهتم له أبناءه، الأب مشغول في العمل والأم أيضاً تعمل والنتيجة هذا الطفل تربية الحضانة والمدارس الغربية ثم إذا كبر وأصبح شاذاً في سلوكه ومنحرفاً في طريقه وأصبح يحمل أفكاراً غريبة تأذى الأبوان وتألما وما انحرافه إلا نتيجة إهمال ابويه، ورد عن الرسول : ”لعن الله أبوين حملا ولدهما على عقوقهما“ أنت تُربيه على عقوقك لأنك تربيه على عدم الاهتمام بالأجواء الاسلامية والتربية الدينية، التربية تحتاج إلى تفرغ والتربية ليس الجلوس مع ابنك لمدة ساعة واكتفيت، لا، التربية تحتاج من الأبوين إلى أن يتفرغا أوقات طويلة للجلوس مع الأبناء والحديث معهم وغرس المفاهيم الاسلامية والتعليم على الأحكام الشرعية والأجواء الدينية ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ورد عن النبي محمد : ”لاعب ابنك سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً“ خذا هذا طريق السبع سنوات الأولى كن كصديق له، السبع سنوات الثانية اطرح له الآداب والقيم والتعاليم الاسلامية ”مروا ابنائكم بالصلاة لسبع“ نحن نأمر ابنائنا بالصلاة لخمس، يقول الصادق : ”فمروا ابنائكم بالصلاة لسبع“ ونحن نأمر أبنائنا بالصيام لسبع ”فمروا أبنائكم بالصيام لتسع“. وبعد أن يُصبح عمره 14 سنة كن صديقاً له وتفهم مشاعره وأفكاره حتى ينطلق معك في الصداقة ويبيح لك بأسراره وخواطره.

إذن التربية الأسرية ضرورية جداً، الآن يوجد لديكم مدرسة إسلامية تعينكم على تربية أبنائكم وتوفر الوقت الكافي لتربية ابنائكم تربية اسلامية صحيحة، هذه المدرسة تحتاج إلى الدعم والمآزرة لأنها تأخذ على عاتقها مسؤولية ضخمة وهي الاهتمام بالجيل في تنشئة اسلامية رائعة وبديعة.

المدلول الرابع: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ الدعوة إلى الخير في الغرب دور المراكز الاسلامية دور خطير، هذا الوضع لا يكفي فنحن الآن نفتح مراكز اسلامية في الغرب هذه المراكز عملها كعمل الحسينيات في الشرق تقييم المناسبات الاسلامية بأي شكل من الأشكال.

هناك دور خطير جداً ملقى على عاتق من يتصدى للمراكز الاسلامية ألا وهو دور التخطيط لبرامج جذابة وفعالة، أنت عند إنشاء مركز فهو ليس مكان فقط ولا زمان ولا مناسبات دينية، المركز يعني أن تضع خطة سنوية وخمسية وعشرية هذه الخطة تتضمن برامج شبابية وجذابة للشباب وللأطفال والأجيال، أن تضع من خلال هذه المراكز برامج مدروسة ليشعر الطفل أنه جزء من المركز ويشعر الشاب والشابة أنهم جزء من المركز، لأن الجميع يتلقى برامج فعالة وجذابة ويتفاعل معها ويتناغم معها بالتالي يُصبح المركز داعية إلى الخير ومصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ.

نحن مسؤولون عن تربية أجيالنا على الاعتزاز بالدين والمبادئ وعلى غرسها في نفوسهم وهذه المسؤولية هي مسؤولية الأسرة والمراكز الدينية والعلماء والخطباء، تربية هذا النُشأ على القيم من خلال برامج جذابة لا من خلال مناسبات نقيمها وينتهي مفعولها بإنتهاء وقتها، كربلاء تُعلمنا أهمية العزة والاعتزاز بالمبادئ والافتخار بالقيم والنضال دون القيم، كربلاء تعلمنا على عظمة المبادئ الاسلامية، ”والله إن قطعتموا يميني إني أحامي أبداً عن ديني“ ديني أهم من حياتي وأهم من وجودي وأهم من كل وسائل الحياة، ”إني أحامي أبداً عن ديني وعن إمامٍ صادق اليقيني“ دفاعٌ عن القيم والمبادئ.

هذه الشهامة والعظمة والفروسية والبطولة التي أظهرت قوة الارادة.

والحمد لله رب العالمين.