«مدارج السائلين» لسماحة السيد

شبكة المنير عبدالباري احمد الدخيل

لنا مع الدعاء وقفتان، الأولى: ماهية الدعاء، والثانية: لماذا يشرح الدعاء؟

مما ذكره العلماء في أسباب وضع المعصوم للدعاء هو التعليم، فهو يعلم العباد كيفية التعامل مع الله، وكيفية مناجاة الله، وكيفية الابتهال إلى الله تبارك وتعالى، فهو يعلم لغة التقرّب إلى الله، ولغة الدعاء مع الله عزّ وجل. في ظلال دعاء الافتتاح ص180.

وهذه اللغة الراقية تحتاج في بعض جوانبها إلى شرح وتوضيح، وخصوصا بالنسبة لنا اليوم، فقد ابتعدنا عن اللغة العربية من جهة، ومن جهة أخرى فإن بعض الأدعية تحمل رموزا تحتاج إلى إرشاد لتفهمها.

بين يدي كتاب «مدارج السائلين، ط1، 2010م» لسماحة السيد منير الخباز، وهو شرح لبعض الأدعية الشريفة التي يستحب قراءتها بعد كل فريضة في شهر رمضان المبارك.

يتناول سماحة السيد في هذا الكتاب شرح لثلاثة أدعية هي:

- يا علي يا عظيم

- اللهم إني بك ومنك أطلب حاجتي

- اللهم أدخل على أهل القبور السرور

ما يميز هذا الكتاب والكتاب السابق الذي صدر لسماحة السيد الخباز وهو «في ظلال دعاء الافتتاح، ط1، 2003م» هو ثقافة السؤال، فلا تمر عليك وأنت تقرأ الكتاب صفحة إلا وفيها سؤال يتعمد المؤلف من خلاله إثارة الذهن، للبحث عن جواب.. وهو سؤال واقعي وليس سؤال تنظيري، ولا يتركك معلقا في السماء بل يسعفك بالجواب.

فمثلا: ما هو الفرق بين المغفرة والرحمة؟

- ما هي العظمة الروحية التي يقف عندها المؤمن لشهر رمضان المبارك؟

- ما معنى التكريم الذي وصف به شهر رمضان؟

- ما هي حياة الجنة؟

- ما هو سر تسمية خازن النار بمالك؟ وخازن الجنة رضوان؟

- لماذا نرى في كثير من الأدعية ذكر الصلاة على النبي ضمن الدعاء؟ ما هو السر في ذلك؟

- هناك تأكيد في أدعية شهر رمضان على طلب التوفيق للحج، فما هو سر هذا التأكيد؟

- في دعاء «اللهم أدخل على أهل القبور السرور» اهتمام بالآلام الاجتماعية، غنى الفقير وشبع الجائع واكتساء العريان، ما هو سر هذا التركيز؟

- ماذا يجدي الدعاء بالحاجات المادية؟ وهل يصح للإنسان إذا أراد أن يبني بيته أن يقف على الأرض ويقول الله ابني بيتي؟

- ماذا ينتفع الفقراء من الدعاء؟ وكذا الجوعى وأهل العري؟ لأن هذه القضايا مادية وتحتاج إلى أسباب مادية؟

هذه الأسئلة ومثلها الكثير، وسأقف عند سؤال استفدت منه معرفة كنت أجهلها:

جاء في الدعاء «منّ عليّ بفكاك رقبتي من النار»، لماذا لم يكن الدعاء «فكاكي من النار»؟

يقول سماحة السيد: الرقبة إنما عبر عنها هنا للإشارة إلى معنيين، المعنى الأول الذل والقهر، والمعنى الثاني هو الضيق والاختناق.

ويضيف: لأن الرقبة موطن السيطرة على الإنسان، فإنك إذا أردت أن تسيطر على إنسان وأن تجعله بين يديك، أمسكته من رأسه أو رقبته، فالإمساك من الرقبة يشعر الإنسان بنوع من الذل.

وأيضا: الإنسان المؤمن حينما يقول «منّ علي بفكاك رقبتي من النار» أي منّ علي بإخراجي من هذا الذل.

أي ذل الذنب

والمعنى الثاني: الضيق والاختناق فإن الإنسان المذنب كالمقيد من عنقه يحس بثقل الذنب وقسوته، والمؤمن يعيش حالة من الضيق النفسي ومن الأذى لأنه صنع ذنبا.