الشعر الحسيني

شبكة المنير

​ورد عن الإمام الحسين سلام الله عليه أنه قال: ”إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا فالله يحكم بيني وبين القوم بالحق، إنه خير الحاكمين“ يطل علينا شهر عاشوراء وتمر علينا ذكر عاشوراء وهناك كثير من الممارسات ومن الشعائر التي نمارسها في ظل عاشوراء وفي ظل ذكرى الحسين لابد لنا من الوقوف عندها والتأمل في معطياتها.

هناك ممارستان نحن الشيعة نمارسها ونريد أن نتحدث عنها:

الممارسة الأولى: زيارة عاشوراء.

الممارسة الثانية: الشعر الحسيني الذي نقرؤه في المجالس والمحافل.

الممارسة الأولى: زيارة عاشوراء.

يواجهنا سؤال حاد من قبل بعض المسلمين حول زيارة عاشوراء، أنتم ماذا تقرؤون في زيارة عاشوراء؟ زيارة عاشوراء كلها لعن، زيارة عاشوراء مملوءة بألفاظ اللعن، «اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعًا، اللهم العن معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمرًا وآل أبي سفيان وآل زياد وآل مروان إلى يوم القيامة» زيارة عاشوراء مشحونة باللعن وبألفاظ اللعن، هنا تواجه أنت بهذا السؤال: لماذا كل هذا اللعن؟ زيارة تستغرق ربع ساعة أو ثلث ساعة كلها لعن، لماذا؟ لماذا تربى على اللعن؟ لماذا يربيك علماؤك على اللعن؟ لماذا؟ المفروض أن المسلم يكون نزيها وبعيدًا عن لعن الآخرين، المفروض عليك أن تقرأ صفحة التاريخ وما ذكر فيه عن معاوية ويزيد وغيره، لا أن تأخذ أسلوب اللعن، لماذا تتخذ أسلوب اللعن؟ علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه في يوم صفين، صار جيش معاوية يشتم الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، فجاء أصحاب علي إليه، قالوا: ائذن لنا أن نسبهم كما يسبوننا، ائذن لنا أن نشتمهم كما يشتموننا، قال : إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكن لو ذكرتم أفعالهم ووصفتم أحوالهم لكان أصوب في القول وأبلغ في العذر، هذا الإمام أمير المؤمنين يقول إني أكره لكم أن تكونوا سبابين فلماذا أنتم تصرون على قراءة زيارة عاشوراء مع ما فيها من فقرات اللعن الكثيرة؟ لماذا؟

لابد لك من جواب عن هذا السؤال، التفت إلى الجواب جيدًا:

أولا نعم نحن نلعن في زيارة عاشوراء إلا أن الذي علمنا على اللعن هو القرآن الكريم، القرآن الكريم هو الذي ربانا على اللعن وعلى أسلوب اللعن، فإذا كان هناك إشكال وإذا كان هناك توجيه نقد فليوجه إلى كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الكريم هو الذي ربانا على اللعن وأدبنا على أسلوب اللعن فاقرأ القرآن الكريم، القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ ما هي الشجرة الملعونة في القرآن؟ ارجع إلى المفسرين ليصرحوا لك ويبينوا لك عن الشجرة الملعونة في القرآن، ابن عمر وابن عباس وابن مسعود يروي عنهم السيوطي والثعلبي وغيرهم من المفسرين أن الرسول الأعظم رأى في المنام أن بني أمية بشكل القرود ينزون على منبره - يعني جالسين على منبره - فتألم الرسول من هذه الرؤيا ألمًا شديدًا وما رؤي بعد هذه الرؤيا ضاحكًا قط، فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ الشجرة الملعونة هم بنو أمية، لماذا أنت تعترض على زيارة عاشوراء عندما يقول الإمام في زيارة عاشوراء كما ورد عنه: ”اللهم العن آل أبي سفيان“ والقرآن لعنهم؟!

ثانيًا انظر إلى آيات اللعن الكثيرة في القرآن، آيات لعن كثيرة في القرآن، لماذا يربي القرآن المسلمين على أسلوب اللعن؟ إذا كان أسلوب اللعن لا ينسجم مع المسلم ولا يتناسب مع لسان المسلم ولا يتلاءم مع أدب المسلم فلماذا القرآن يكثر اللعن في آياته؟ القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا فهل بنو أمية آذوا رسول الله أم أن بني أمية واصلوا رسول الله؟ القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وبنو أمية في أي كفة؟ هل بنو أمية عملوا بقوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وكانوا يفيضون حنانًا محبة ومودة لأهل البيت أم كان بنو أمية من صف المؤذين لأهل البيت والمعادين لأهل البيت؟! هذا لا إشكال فيه، فإذا هم يدخلون تحت اللعن في الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

الله تبارك وتعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ الذي يكتم العلم ملعون، ورد في الحديث عن النبي الأعظم : ”إذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان“ كتمان العلم موجب للعنة، إذا كنت تعلم بشيء والآخرون محتاجون إليه يجب عليك أن تعلمهم إياه فإن كتمان العلم موجب للعنة، «إن الله كما فرض على الجهال أن يتعلموا فرض على العلماء أن يعلموا»، القرآن الكريم يقول: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ «22» أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ الذي يقطع رحمه ملعون ﴿لَعَنَهُمُ اللَّه ولذلك في حديث الإمام زين العابدين سلام الله عليه: ”يا بني خمسة لا تصادقهم ولا ترافقهم: الفاسق والبخيل والأحمق والمنافق وقاطع الرحم فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله“ قطيعة الرحم توجب اللعنة فكيف بقتل ابن بنت رسول الله وكيف بقتل وإفناء ذرية رسول الله ؟

القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ الإنسان عندما يقذف امرأة مؤمنة وينسب لها شيئًا لا برهان عليه ولا دليل عليه ملعون، حفاظًا على كرامة المسلم وحفاظًا على حرمة المسلم، والمسلم حرمته حيًا وحرمته ميتًا على حد سواء، إذا كان القرآن يعلمنا على اللعن يقول لنا من يكتم العلم العنوه من يقطع الرحم العنوه من يرمي المحصنات الغافلات العنوه من يؤذي الله ورسوله العنوه فكيف بمن يتعمد محو ذرية رسول الله ويتعمد إطفاء نور رسول الله ويتبختر ويقول: لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلوا واستهلوا فرحًا ثم قالوا يا يزيد لا تشل؟

لماذا القرآن يعلمنا على اللعن؟ لاحظوا معي، أسلوب اللعن أسلوب تربوي لإبعاد الإنسان على الرذيلة، مثلا: أنا عندما أريد أن أبعد ولدي عن رذيلة الغناء، أنا عندما أريد أن أبعد ولدي عن مشاهدة الأفلام الخليعة، كيف أتصرف معه؟ هناك عدة أساليب لإبعاده، من جملة الأساليب أسلوب اللعن، ألعن المغني أمامه، ألعن الممثل في الفيلم الخليع أمامه، أسلوب اللعن يجعله ينفر من هذه الرذيلة، إذا رآني أتشدد وإذا رآني أؤكد على لعن هذا الإنسان الذي يمارس الرذيلة صار هذا أسلوبًا من أساليب إبعاده عن الرذيلة، زيارة عاشوراء تريد أن تبعدنا عن رذيلة الظلم، زيارة عاشوراء تريد أن تؤدبنا على كراهة الجور والظلم، زيارة عاشوراء تريد أن ترسخ فينا محاربة الظلم، لذلك زيارة اللعن تؤدبنا على اللعن وعلى أسلوب اللعن للظلمة والجائرين، لماذا؟ حتى ترسخ فينا كراهية الظلم وحتى ترسخ فينا الأنفة من الظلم والجور، ولذلك فقرات كثيرة في زيارة عاشوراء تؤكد على اللعن.

ثالثًا لا تشتبه، يوجد فرق بين السب وبين اللعن، السب شيء واللعن شيء آخر، لا تخلط بين الأمرين، ما الفرق بين السباب واللعن؟ السباب الذي قال عنه أمير المؤمنين : ”إني أكره لكم أن تكونوا سبابين“ السباب هو التعريض بالعرض، مثلا تقول: فلان في أمه كذا - والعياذ بالله - في أبيه كذا - والعياذ بالله - هذا يسمى سباب، هذا يجب أن يتنزه لسانك عنه، لسان المسلم يجب أن يتنزه عن التعريض بأعراض الناس وبشرفهم، هذا السباب ينهى عنه علي ، وعندنا اللعن، اللعن دعاء أصلا، اللعن دعاء من الأدعية، تدعو بالطرد من رحمة الله، أنا عندما أقول: اللهم العن الظالم أو اللهم العن يزيد بن معاوية يعني أقول: يا رب اطرده من رحمتك، اللعن دعاء، دعاء بالطرد من رحمة الله، فرق بين اللعن وبين السب، السب يتنزه المسلم عنه، أما اللعن لا، اللعن مجرد دعاء، أنا أدعو الله بأن يطرد يزيد بن معاوية من رحمته، أنا أدعو الله بأن يطرد معاوية ويزيد أو آل زياد وآل مروان وفلان وفلان من رحمته، وارد عندنا في أحاديث كثيرة: من أكل وحده فهو ملعون، من نام وحده فهو ملعون، من سافر وحده فهو ملعون، يعني مطرود من رحمة الله تبارك وتعالى، إذًا أنت لا تتأزم نفسيًا وتتحسس نفسيًا من اللعن في زيارة عاشوراء، لا، اللعن في زيارة عاشوراء لعن على الظالمين ودعوة لله تبارك وتعالى بطردهم من رحمته ومن تفضله فيضه جل وعلا ليس إلا، اللهم العن الظالمين لآل بيت محمد من الأولين والآخرين، هذه الممارسة الأولى وهي زيارة عاشوراء.

الممارسة الثانية: في الشعر الحسيني.

نحن نحضر هذه المجالس الشريفة والمحافل ونقرأ ألوان من الشعر ونستمع إلى أصناف وألوان من الشعر الحسيني، هنا ربما نواجه بسؤال: ما الفائدة في هذا الشعر وإلى متى أنتم تقرؤون هذا الشعر؟ هذه الأشعار والقصائد التي تتلى وترتل في مآتم الحسين وفي محافل الحسين ما هو الجدوى منها وما هي الفائدة من قراءتها؟ نحن الآن منذ مئات السنين نقرأ هذه الأشعار ونقرأ هذه القصائد فماذا استفدنا منها وما الذي حصلنا عليه من هذه الأشعار والقصائد؟ هناك عدة مضامين عظيمة تتضمنها هذه الأشعار، أنت عندما تسمع هذا الشعر تسمعه وتعزف معه دون أن تتأمل في مضمونه ومعناه، لابد أن تتأمل في مضامين ما تسمع، لابد أن تتأمل في المعاني التي تسمعها من خلال الشعر، أنت عندما تأتي إلى المجالس الحسينية حاول أن تستفيد من الشعر الذي يقرؤه الخطيب وليس فقط من موضوع الخطيب، هناك عدة مضامين عالية تتضمنها الأشعار الحسينية نطرح عدة مضامين منها:

المضمون الأول:

ربط الحسين بحركة الأنبياء، قصيدة قديمة كلكم تسمعوها للشيخ صالح الكواز، يقول:

خرج الحسين من المدينة واردًا

قد  كان  موسى  والمنية  iiدونه

وله   تجلى   الله  جل  جلاه  iiفي

وهناك    خر   وكل   عضو   قد





 
لا  ماء  مدين  بل  نجيع  iiدمائي

جاءت   ماشية  على  iiاستحياء

طور   وادي   الطف  لا  iiسيناء

غدا  منه  الكليم  مكلم الأحشاء

تشبيه حركة الحسين بحركة الأنبياء مضمون عظيم جدًا نقرؤه ولا نلتفت إليه، أنت تقرأ في زيارة وارث: ”السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وراث نوح نبي الله، السلام عليك يا وراث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله“ ورثهم الحسين في ماذا؟ ورث منهم الأموال، ورث منهم العقار؟! ورث منهم الحسين ماذا؟ الحسين ورث الأنبياء في ماذا؟ في خطه في بذل دمه في تضحياته في جهاده، حركة الحسين هي حركة الأنبياء، «السلام عليك يا وراث آدم صفوة الله» منذ آدم إلى الحسين حركة واحدة وخط واحد، ولذلك تسمع الإمام الحسين يقول: «خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه، لا محيص من يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين لن تشد - لاحظ هذه العبارة - عن رسول الله لحمته» نحن على خط رسول الله لا نشد عنه ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ «33» ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ يعني حركة واحدة وخط واحد.

المضمون الثاني:

أنت تقرأ في الشعر الحسيني ما يدل على امتداد المظلومية منذ وفاة رسول الله وإلى يوم الحسين ، الشيخ صالح الكواز يقول:

برقي   منبره  رقي  في  كربلاء

لولا   سقوط  جنين  فاطمة  iiلما

وبكسر ذاك الضلع رضت أضلع

وكذا     علي     قوده     iiبنجاده

وكما   لفاطم   رنة   من   خلفه







 
صدر    وطرج   بالدماء   iiجبين

أوذي   لها   في  كربلاء  iiجنين

في   ظلها   سر   الإله  iiمصون

فله     علي     بالوثاق    iiقرين

لبناتها    خلف    العليل    iiرنين

السيد صالح الحلي يقول:

قد  ورثت  زينب  من  iiأمها

وزادت البنت على أمها من

 
كل الذي جرى عليها وصار

دارها  تهدى  إلى  شر iiدار

هذه معلومة تاريخية مهمة، هذا ليس كلامًا فارغًا، هذا ليس شعر شاعر بل هذه معلومات تاريخية، أبو بكر بن قريعة من شعراء القرن الأول يقول:

يا  من  يسائل دائمًا عن كل معضلة iiسخيفة

لا   تكشفن   مغطأ   فلربما   كشفت   iiجيفة

ولربما سور بدا كالشمس من تحت iiالقطيفة

إن   الجواب   لحاضر   لكنني  أخفيه  خيفة

لولا  اعتداء  رعية  ألقى سياستها iiالخليفة

وسيوف     أعداء     بها    هامتنا    iiنقيفة

لأجبتكم  أن الحسين أصيب في يوم السقيفة

ولأي شيء ألحدت في الليل فاطمة الشريفة

آه    لبنت   محمد   ماتت   بغضتها   iiأسيفة

هذا الشعر يريد أن يعلمك على أن المسلمين مظلمون منذ أول يوم ولا تنفك مظلمويتهم حتى يظهر قائم آل بيت محمد، الأحاديث تؤكد «لا يزال شيعتنا بغم وحزن حتى يظهر قائمنا» وقد ورد عن الرسول الأعظم مستفيضًا في كتب الشيعة والسنة: «لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطًا وعدلا بعدما ملئت ظلمًا وجورًا» إذا لا تبتئس ولا تقنط ولا تحزن، أنت مسلم مظلوم في مبادئك ومظلوم في التزامك ومظلوم في ثباتك إلى أن يظهر قائم آل محمد.

المضمون الثالث:

ربط حركة الحسين بحركة الإمام المنتظر عجل الله فرجه، اقرأ شعر السيد حيدر الحلي:

الله   يا   حامي   iiالشريعة

كم    ذا    القعود   iiودينكم

تنعى     الفروع    أصوله

ماذا   يهيج   إن   iiصبرت

أترى      تجيء     iiفجيعة

حيث  الحسين على iiالثرى









 
أتغض  وهي  كذا iiمروعة

هدمت   قواعده   iiالرفيعة

وأصوله    تنعى   iiفروعه

لوقعة    الطف    iiالفظيعة

بأمض  من  تلك  iiالفجيعة

خيل العدى طحنت ضلوعه

ويقول أيضًا:

أدرك   فراسك   أيها  iiالموتور

عذبت   دماؤكم   لشارب  علها

ما   صارم   إلا   وفي  شفراته

أنت   الولي   لمن  بظلم  iiقتلوا





 
فلكم    بكل    يد    دم   iiمهدور

وصفت   فلا   رنق   ولا  تكدير

نحر     لآل     محمد    iiمنحور

وعلى العدى سلطانك المنصور

هذا الشعر يؤكد لنا أن الإمام المنتظر امتداد لصرخة الحسين، الصرخة التي انطلقت يوم عاشوراء وعلى تلال كربلاء من شفاه الحسين سوف يمتد صداها ورجعها إلى الإمام المنتظر عجل الله فرجه، لذا تقرأ في التاريخ أن الإمام يخرج في يوم عاشوراء، باعتبار أنه يوم تغلي فيه دماء المسلمين، بينما هم يحتفلون بمأساة الحسين وتغلي حرارة المأساة في مشاعرهم وإذا بهم يسمعون خبر ظهور الإمام سلام الله عليه فيتواصل الحماس والحرارة لنصرة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، المسألة ليست مسألة ثارات شخصية، لا، المسألة مسألة دين وخط، أنت تقرأ في زيارة الحسين: ”السلام عليك يا ثار الله“ ما معنى ثار الله؟ الثار هو الدم، لكل دم ولي يطالب به، لو قتل إنسان فإن وليه أبوه أو أخوه أو ولده، القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا كل دم له ولي فمن هو ولي دم الحسين؟ دم الحسين لم يراق في هدف دنيوي، دم الحسين أريق في سبيل إعلاء كلمة الله، ”ألا وإني متقدم بهذه الأسرة مع قلة العدد وخذلنا الناصر، ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين الثلة والذلة وهيهات لنا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وجذور طابت وحجور طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام“ السيدة زينب عندما مدت يديها تحت جسد الحسين قالت: ”اللهم تقبل منا هذا القربان“ إذًا الحسين دمه أريق لله فوليه الله تبارك وتعالى، لذلك تقرأ في الزيارة: ”السلام عليك يا ثار الله“ ليس ثار أحد، دم الحسين أريق لله فوليه هو الله، والذي يحقق ثأر الله هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه إذا خرج ورفع الراية مكتوب عليها: يا لثارات الحسين.

المضمون الرابع:

أن الحسين إرادة حديدية، الحسين ليس إنسانًا عاديًا، السيد حيدر الحلي يقول:

كفاني ضنًا أنا أرى iiبالحسين

وأغضبت    الله    في    حقه

عشية      أنهضها      iiبغيها

وسامته  يركب  إحدى اثنتين

فإما أن يرى مذعنًا أو تموت

فقال   لها   اعتصمي   iiبالإبا

وأضرمها    لعنان   iiالسماء

تزيد    الطلاقة    في    iiوجه

فلما    قضى    للعلا    iiحقها

ترجل   للموت   عن   iiسابق

كأن    المنية    كانت    iiلديه

فبات  بها  تحت  ليل  iiالكفاح

فما  أجلت  الحرب عن iiمثله

عفيرًا  متى  عاينته  iiالكمات

























 
شفت   آل  مروان  iiأضغانها

وأرضت     بذلك    iiشيطانها

فجاءته     تركب     iiطغيانها

وقد  صرت  الحرب  iiأسنانها

نفس    أبى    العز   إذعانها

فنفس    الأبي    وما   iiزانها

حمراء      تلفح      iiأعنانها

إذا    غير   الرعب   iiألوانها

وشيد      بالسيف     iiبنيانها

له    أخلت   الخيل   iiميدانها

فتاة      تواصل     iiخلصانها

طروبًا       نقيب      iiجذلانها

صريعًا     يجبن     iiشجعانها

يختطف     الرعب    iiألوانه
ا

ما معنى هذا الشعر؟ يجب أن تتأمل في معناه، السيد حيدر نفسه يشرح هذا الشعر في قصيدة له أخرى:

طمعت أن تسومه القوم ضيمًا

وأبى   أن   يعيش  إلا  عزيزًا

كيف  يلوي  على  الدنية iiجيدًا



 
فأبى   الله   والحسام  iiالصنيع

أو  تجلى  الكفاح وهو iiصريع

لسوى  الله  ما  لواه الخضوع

الحسين إرادة، الحسين صمود، الحسين إرادة شامخة وصمود ثابت، الحسين يعلمنا أن نكون أصحاب إرادة حديدية، إرادة لا تلين، إرادة لا تضعف، إرادة لا تتراجع، مع الأسف كثير من المسلمين يتنازل عن مبادئه وعقيدته لأجل مناصب دنيوية وأغراض شخصية، لكي يحصل على المنصب يتخفى، لا يظهر أنه شيعي متمسك بالحسين لأجل المنصب، لأجل الهدف الدنيوي، لأجل الغرض الشخصي، لا يا أخي أنت لست إنسانًا ضعيفًا، أنت لك مذهب معضوض ومدعوم بالبراهين والأدلة، لماذا تخاف؟ لماذا تخجل؟ لماذا تستحي؟ كثير منا يستحي أن يقول أنا شيعي، يخجل أن يقول أنا شيعي، يخاف أنه إذا صرح بهويته وصرح بواقعه مثلا لا يحصل على المنصب الكذائي ولا يحصل على الهدف الدنيوي الكذائي، لا يا أخي، لابد أن تكون لك إرادة، ولابد أن تكون لك قوة نفس، ولابد أن يكون عند صمود، الحسين يعلمنا هكذا، الحسين الذي ضحى وبذل وتقرب بدمه في سبيل عقيدته ومبادئه، الحسين يعلمنا الإرادة والصمود دون عقيدتنا ودون مبادئنا.

المضمون الخامس:

موضوعية حركة الحسين، يقول السيد جعفر الحلي:

رأى    أن    سبيل    الغي   iiمتبع

والناس    عادت   لهم   iiجاهليتهم

لم أدر أي رجال المسلمين iiمضوا

العاصر  الخمر  من  لؤم iiبعنصره

لإن  جرت  لفظة  التوحيد في iiفمه

بل  كيف  يسلم  من  شرك iiووالده

قد  أصبح الدين منه يشتكي iiسقمًا

فما رأى السبط للدين الحنيف شفًا













 
والرشد    لم    ترد    أية    iiسلك

كأنما  من  شرع  الإسلام  قد أفك

وكيف    كان   يزيد   بينهم   iiملكًا

ومن  خساسة  طبع يعصر iiالودق

فيسفه   يسوى   التوحيد  ما  iiفتك

ما  نزهت  أمه  هند  عن  الشركا

وما   لأحد   غير   الحسين   iiشكا

إلا   إذا   دمه  في  كربلاء  iiسفكا

الحسين أراد أن يحافظ على قدسية الخلافة، منذ أول يوم قال لوالي المدينة: «إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي ويزيد فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله، وما الإمام إلا العامل بالكتاب الدائن بالقسط الحابس نفسه على ذات الله» الحسين أراد أن يحافظ على قدسية الخلافة، يزيد شوه صورة الخلافة، خلافة رسول الله يتقلدها يزيد بن معاوية! الحسين أراد أن يحافظ على قدسية هذا المنصب العظيم فبذل في سبيل ذلك دمه، وهذا ما طرحه السيد جعفر الحلي، يقول السيد مصطفى جمال الدين رحمه الله:

وأبنت للأجيال حين يلزها عنت

جثث  الضحايا  من بنيك iiتريهم

 
السرى  ويضيق  فيها iiالمهرب

أن  الحقوق  بمثل  ذلك  iiتطلب

ويقول السيد حسين بحر العلوم:

ذكراك   بالدم  تستعاد  وتنشر

وبكل    درب   للظلامة   iiثائر

وعلى هداك السمح تنهج أمة



 
فبكل   جرح   مهرجان   iiأكبر

وبكل    وعد    نهضة   iiتبلور

غيرا يهيب بها الولاء iiالأطهر

ويقول الدكتور عبد المحسن زلزلة:

هذه  دماؤك  على  فمي iiتتكلم

شط  الفرات كأن ماءك لم يثر

قسمًا  بمائك  وهو شهد سائغ



 
ماذا يقول الشعر إن نطق الدم

غضبًا  ولم يغضب بنوك iiالنوم

للوافدين  وفي  فمي هو iiعلقم

كل هذا الشعر يؤكد على موضوعية حركة الحسين، ويؤكد على الأهداف السامية التي خرج من أجلها الحسين .

المضمون الأخير:

إثارة العواطف الإنسانية، يقول الشيخ هاشم الكعبي:

ما  ذاق  طعم فراتهم حتى iiقضى

يا  ابن النبي المصطفى iiووصيه

تبكيك   عيني   لا   لأجل  iiمثوبة

تبتل    منكم   كربلاء   بدم   iiولا

أنست    رزيتكم   رزايانا   iiالتي

وفجائع  الأيام  تبقى  iiمدةوتزول









 
عطشًا  وغسل  بالدماء iiالجارية

وأخا الزكي وابن البتول الزاكية

لكنما     عيني     لأجل     باكية

تبتل    مني   بالدموع   iiالجارية

سلفت   وهونت   الرزايا  الآتية

وهي     إلى     القيامة    iiباقية

هذا الشعر يعلمك الجواب، أي إنسان يسألك: لماذا تبكي على الحسين؟ قل له: الذي لا يبكي على الحسين ليس بإنسان، أي إنسان يسألك هذا السؤال أجبه بهذا الجواب، الذي لا يبكي على الحسين ليس بإنسان لأن المذبحة والمجزرة التي حصلت على الحسين تبكي كل إنسان يملك وجدانًا، اترك مسألة الثواب وكل مسألة أخرى، هذا أمر وجداني.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين