العلامة المنير: لا حرية في الاعتقاد والدين خلاص في الاخرة

شبكة المنير إيمان الشايب

أكد العلامة المنير على وجوب البحث عن الدين للخلاص من قاعدة الخطر المحتمل المتمثل في اشتراط النجاح في تطبيق النظام الدنيوي للنجاة من احتمالية الوقوع في خطر المرحلة الثانية في الآخرة.

وأشار سماحته في المحور الذي تمحور حول «الفرق بين حرية الفكر وحرية الاعتقاد» إلى عدم وجود مجال للحرية في البحث عن الدين واعتناقه بحسب المنظور العقلي ما دام هنالك احتمالية عقلائية للتعرض لخطرٍ عند عدم اعتناقه.

وصنَّف الحرية لثلاثة أقسام تعددت ما بين الحرية التكوينية القائمة على امتلاك الإرادة، والسلطوية التي تتمثل في عدم استحقاق أي سلطة لفرض الدين بالقوة، والقانونية والتي تعود لله عز وجل.

وبين بأن جميع الآيات لا تدل على الحرية القانونية في اعتناق الدين إنما تدل على الحرية التكوينية أو السلطوية أو على أنه لا حاجة على فرض الدين بعد وضوحه.

وشدد على أنه ليس هنالك حرية قانونية أمام الله عز وجل وإلا لكان تشريع الدين لغوًا لا وجه له منوهًا إلى أنه لا حاجة لفرض الدين على الناس لأنه واضح الأدلة والبراهين والمعالم والفكر الغامض هو الذي بحاجة لفرضه.

وذكر بأن للحرية ثلاثة أنواع تتمثل في التفكير، والاستدلال، والاعتقاد.

وأوضح من خلال حديثه عن أهمية التنبه من الخلط في المصطلحات مشيرًا إلى أن الحرية في منهج التفكير يقرها جميع الأديان والملل.

وقال بأنه ليس للإنسان الاستدلال بين دليلٍ والخلط بين العلوم ونكرانها بحجة الحرية إذ أن الاستدلال لحرية فيه إلا بطرقٍ صحيحة على نحو المنطق الأرسطي أو الرياضي الذي يعد دليلًا لحساب الاحتمالات.

ونفى بوجود حرية في الاعتقاد لأنه يمثل اليقين بالنتيجة بعد اليقين بالدليل ولا يمكن التفكيك بينهما إذ أن «العلم بالدليل يفرض الإيمان بالنتيجة».

وتحدث في المحور الثاني المعنون بـ «الانسجام بين دعوة القرآن للتفكير، وحُكْم الله بالارتداد في فرض العدول عن النَّهج الصائب» عن ثلاث حالات تبين كيفية الجمع بين الدعوة والحكم بالارتداد.

وأثبت بأن القرآن يدعو للتفكير والتعقل ويطالب بالاعتقاد بالعقيدة في حالة الدليل والبينة.

وتطرق في الحالات الثلاثة إلى أن لا مشكلة مع من يصل في نتيجة تفكيره لوجود الله والنبي، والتماس العذر لمن لم يستطع أن يصل لله لوجود مانع إما نفسي كالإصابة بالوسواس، أو عقلي لشبهة مستعصية على ذهنه، أو اجتماعي حجب عنه الحق لوجوده في دولة ظالمة، بينما الحكم بالارتداد على من يعرض عن الحق مع قدرة الوصول للدليل القائم.

وفيما يخص حد الارتداد بحسب المنظور الفقهي ذكر بأن المعروف بين فقهائنا بأن الحكم قانوني شرعي لا يتغير ولا يختلف كاشتراط الصلاة بالطهارة إلا أن منهم من ذهب إلى أن حكم الارتداد يتغير بتغير الظروف فبعض الروايات بها قرائن على إنه تدبيري وليس قانونيًا.

وأرجع سبب اعتبار البعض للحكم بصورة تدبيرية إلى أنه لو كان الحكم قانونيا للزم إهدار الحقوق والهرج والمرج واستباحة الدماء وقتل الناس.

وأضاف بأنهم يرون بأن هذه القرينة الصادرة من رواية للصادق صدرت بما أنه ولي الأمر وحاكم شرعي لأن المصلحة تقتضي حصوله.

وأردف قولًا بأن ذلك لا زال محل نقاش إن بعض الفقهاء يقولون بأن القرار بيد الإمام، في إقامة الحد أولا فيعني بأنه تدبيري راجع لقرار الحاكم الشرعي.

وبين بأن توبة المرتد عند الحاكم لا تقبل عند العلماء مشيرًا إلى أن الأكثرية من العلماء فصلوا بين المرتد الفطري الذي يكون في الأصل مسلمًا ثم يرتد بأنه يقتل ولا يستتاب بينما المرتد الملي ممن كان مسيحيًا ثم أسلم ثم أرتد بأنه يستتاب ثلاث مرات وبعد المرة الثالثة يقتل.

وعدَّد شروط إقامة حد الارتداد والمتمثلة في اشتراط تكذيب النبي، وأن لا تكون لديه شبهة، وأن يكون ارتداده موجب للفتنة.

وأكد بأن الهدف من القتل منع الفتنة فإذا كان الارتداد دليلا لإقامة الفتنة كان موجبًا لإقامة الحد.

وبين بأن المرتكز العرفي لا يفرق بين البابين ويفهم منها أن إراقة دم أي إنسان لأجل كفره أو إنكاره إنما هو لأجل منع الفتنة وليس مطلقًا.

وقال بأن الفتنة الفكرية الموجبة للاجتماعية سبب يقتضي القتل لا مجرد الارتداد.

واختتم القول بأن الحرية الفكرية لا تتنافى مع قول العلماء بحد الارتداد إنما لأن حد الارتداد تدبيري وليس ثابتا أو لأنه مشروط بشروط وليس مطلقًا ليتنافى مع فتح باب الحرية الفكرية.

الجدير بالذكر بأن حد الارتداد لم يرد في القرآن حسب قول سماحته وإنما ورد عند الأئمة في لا يقل عن 40 رواية في الكافي والتهذيب والفقيه.