نظرية فضاء الإحتمالات
جواد إبراهيم العبيدان - الأحساء -مدينة العمران - 06/02/2018م
‏نبذة بسيطة عن نظرية فضاء الإحتمالات للعالم الفيزيائي فاديم زيلاند

‏نبذة بسيطة عن فضاء الإحتمالات «التوازن وصناعة الواقع»

‏أولا.. ما هو الواقع؟

‏في كتابه ”فضاء اﻹحتمالات“، يسائلنا فاديم زيلاند عن ماهية الواقع الذي يعتبره ذو وجهين: شكل مادي ملموس ومنطقي وآخر غير مادي حيث لا تعمل قوانين الفيزياء. ويتساءل ألا يمكن أن نجمع بين المفهومين؟

‏الغريب أن هذا الكون يواصل لعبة الغميضة مع العلماء دون أن يصرح عن ماهيته، ويتفق مع كل اﻹجتهادات.

‏مثلا: إذا أعتبرنا الكون مكون من جزئيات مادية، فهناك تجارب تؤكد ذلك، وإذا اعتبرنا أن هذه الجزئية ليست مادة بل موجة أو طاقة، فالكون يوافقنا وستكلل التجارب بالنجاح.

‏مم تتكون أيها الكون؟ مادة أم طاقة؟ العلماء يجادلون بعضهم، يترافعون مدافعين كل عن رأيه وقناعاته ويجيب الكون بكل وضوح: كل النظريات صحيحة!

‏نستنتج أن العالم ينعكس كالمرآة: كل ما تفكر فيه وتريده فهو ما تحصل عليه.

‏لا يجب البحث عن الحقيقة المطلقة من خلال وجه واحد لعالم له أوجه كثيرة لتشكيل الواقع، لنسلم فقط بأن الواقع كالمرآة له وجه مادي وآخر غير مادي … وهذا كنه الجدال العلمي والفلسفي في العالم.

‏من وجهة نظر الترانسيرفنغ، حقيقة الواقع يجب البحث عنها في خطوط التماس بين وجهي هذا الواقع.. هذه المنطقة المرنة الممططة واﻷشبه بحلم حيث يمكن ليس فقط فهم حقيقة الواقع بل وأيضا توجيهه.

‏ثانياً.. ما هو فضاء اﻹحتمالات؟

‏بإمكاننا أن نتصور أن التاريخ بكل ما سجل من أحداث مضت والحاضر بكل تشكلاته اﻵنية والمستقبل بكل ترقباتنا، آمالنا وتخوفاتنا.. كل ذلك مسجل في فضاء اﻹحتمالات

‏فضاء لا متناهي يتواجد فيه الماضي، الحاضر والمستقبل ليس فقط الذي يتشكل فنعيشه عبر خطوط الحياة ولكن كذلك، كل ما لم يحدث في الماضي ولن يحدث في المستقبل… فضاء مسجل فيه جميع السيناريوهات واقعية أو متخيلة للماضي، الحاضر والمستقبل..‏

‏الواقع الذي يتجسد ونعيشه يمكن وصفه بشكل تقريبي عبر هذه اﻷمثلة:

‏ - وسط غابة كثيفة وحالكة الظلمة تمشي حاملاً قنديلاً منيراً.. يمكن أعتبار مساحة الضوء.. تجسيد لواقعك وحياتك داخل فضاء اﻹحتمالات الذي نشبهه بالغابة.

‏مثال آخر:‏

- يسبب زلزال في المحيط موجة تسونامي.. المحيط هو فضاء اﻹحتمالات.. الموجة تجسيد وتشكيل للواقع.

‏فضاء اﻹحتمالات بنية معلوماتية ضخمة يتواجد فيها عدد لا نهائي من اﻹحتمالات، كل احتمال يتكون من سيناريو وديكور، والزمن يتحرك فقط عبر خطوط الحياة المجسدة من داخل فضاء اﻹحتمالات، ‏اﻹستيعاب اﻹنساني مكون بأن يفهم الزمن كحركة بينما الزمن ما هو إلا وهم. الزمن يتحقق كحركة إطار في شريط سينمائي، كل السيناريوهات والديكورات محتفظ بها بشكل إطار في فضاء اﻹحتمالات مثل إطار داخل شريط سينمائي.

‏كل حدث في عالمنا الواقعي هو تجسيد لاحتمال من احتمالات عديدة. العالم المادي يتنقل في فضاء اﻹحتمالات اللامنتهية كما يتنقل اﻹطار في شريط سينمائي ونتيجة لذلك، تتفعل حركة المادة عبر الزمن.‏

‏فضاء اﻹحتمالات قاعدة أرشيف ضخمة لا نهائية من اﻷشرطة السينمائية.

‏حول هذا الوجه الخفي للواقع تطرح أسئلة مرتبطة بطبيعة اﻹستيعاب اﻹنساني من قبيل كيف؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟‏

‏فضاء اﻹحتمالات بطبيعته اللامتناهية لا بداية له ولا نهاية، فهو فضاء لا متناهي، ‏وحول سؤال أين يوجد فضاء اﻹحتمالات وكيف يكون كل هذا ممكنا؟ يجيب فاديم زيلاند بأنه من وجهة نظر شكل استيعابنا الثلاثي اﻷبعاد للعالم، إنه في كل مكان وفي نفس الوقت في لا مكان.. بمعنى أن يكون في الكون في مكان غير مرئي أو في فنجان قهوتك، على أية حال، لا يوجد ضمن البعد الثلاثي ولو أن الوصول لهذا الحقل المعلوماتي ممكن مبدئيا. ‏

‏من هذا الحقل بالضبط، نحصل على المعرفة الحسية الرفيعة. العقل ليس بمقدوره خلق شئ جديد.. إنه يستطيع فقط تجميع شكل جديد لمنزل باستعمال طوب قديم، كل اﻹكتشافات العلمية والتحف الفنية حصل عليها العقل عن طريق الروح التي لها حق الولوج الى داخله.

‏اقرأ أيضاً: لغة الروح - خفايا الروح

‏القاعدة الذهبية اﻷولى للترانسيرفنغ:

‏ - طاقة اﻷفكار تدفع بتحقيق اﻹحتمال

‏وهذا يعني أن بعض أفكارنا التي قد لا نأبه لها، تأخدنا عبر خطوط الحياة إلى منطقة اﻹحتمال التي تتماشى مع تفكيرنا… من وجهة نظر الترانسيرفنغ لا يمكننا تغيير السيناريو بمعنى تغيير مجريات وأحداث الخط الدي نتحرك عبره ولكن بإمكاننا التزحلق واﻹنتقال إلى خط آخر من خطوط الحياة واختيار سيناريو وديكور جديد عبر تغيير خصائص ذبذبات تفكيرنا ”تغيير أفكارنا“ ‏للحصول على السعادة.. لا تحتاج إلى ثورة أو معركة، يمكنك ببساطة الحصول عليها باختيارك بوعي لخط حياة حيث سعادتك وراحتك متوفرة بسخاء. ‏

‏مرات يحلو لفاديم زيلاند أن يشبه فضاء اﻹحتمالات بمتجر ضخم ”سوبرماركت“ حيث كل ما يخطر على بالك متوفر مجاناً وبدون مقابل وحيث يمكنك حجز ما تريد وتذهب لملاقات حجزك.. من أهم شروط ضمان التوصل هو أن تتحلى بمبدأ التسليم والقبول وعدم اﻹستعجال.‏

‏كما يشبهه في مرات أخرى بمعرض اللوحات الفنية حيث تتنقل بينها مستمتعاً بما يعجبك دون أن يكون لك حق في اﻹمتعاض أو المطالبة بإزالة اللوحات التي لا تعجبك، عندها ستجد نفسك خارج المعرض كما خارج المتجر أي بعيداً عن الخطوط الطيبة داخل فضاء اﻹحتمالات.‏

‏فلندخل لهذا الفضاء مسلمين متقبلين، آمنين ومطمئنين…

‏الكوتش رشيد

‏*سؤالي لسماحة العلامة السيد منير الخباز والذي لم يجبني أي عالم دين عليه وهو:

‏هل هذه النظرية تتماشى وتتوافق مع مبادئ الإسلام أم أنها تنزلق بالإنسان إلى رؤية فكرية خطرة؟
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

هنا عدة أمور:

1/ اتفق العلماء على أن الأصل هو الطاقة التي تتجلى عبر الجسيمات والجسيم قد تراه من زاوية جسيمًا وقد نراه من زاوية آخرى موجة، ولكن الرؤية رؤية بالأثر لا بالحس.

2/ هناك احتمالات لا متناهية في التقويم الحسابي، لكن هذا لا يثبت نظرية فضاء الإحتمالات.

3/ ما طرحه فاديم زلاند هو رؤية فلسفية موجودة في الفكر البوذي والهندوسي، لكن لا يعضدها منطق علمي ولا دليل تجريبي.

4/ الإسلام موقفه هو مع البرهان العلمي المبني على دليل حساب الاحتمالات، لا على مجرد التخمين والخيال الفلسفي.

والحمدلله رب العالمين

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك