1- فقد ذكرها الشيخ الصدوق «ره» في «كمال الدين وإتمام النعمة»، ص199، بسند روايته إلى محمد بن إسحاق بن يسار، في قصة بحث زيد بن عمرو بن نفيل، عن دين الحنيفية دين إبراهيم ، في الجزيرة، والموصل، والشام، حتى التقى براهب انتهى إليه علم النصرانية، فأخبره بقرب خروج نبيّ من نفس أرضه التي خرج منها، يدعو إلى دين الحنيفية، فلمّا رجع يريد دياره، عدوا عليه وقتلوه، فرثاه ورقة بن نوفل، وكان قد اتبع مثل أثر زيد، ولكن لم يفعل ما فعله، وقال فيه:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما *** تجنبت تنوراً من النار حاميا
بدينك ربّاً ليس رب كمثله *** وتركك أوثان الطواغي كما هيا
2- وذكرها الشيخ الكليني «ره»، في الكافي، ج5، ص374، في روايته عن صادق أهل البيت ، في قصة خطبة الرسول للسيدة خديجة ، وقد ذكر فيها أن ورقة بن نوفل كان عمّها.
3- وذكرها شيخ الطائفة الطوسي «ره»، في «أماليه»، ص302، بإسناده إلى صادق أهل البيت ، وذكر فيها وصية «ورقة بن نوفل» لابنة أخيه خديجة .
وبوجود هذه الروايات الثلاث هل يمكننا نفي وجود شخصية «ورقة بن نوفل» في المصادر الشيعية؟
1/ هل فرّ من المعركة أم استأذن من الحسين فأذن له؟
2/ ذكرتم أنه أخذ فرس الإمام ورحل به، والحال أن فرس الإمام بقي معه إلى حين استشهاده، حيث ورد في زيارة الناحية: «فَلَمّا رَأيْنَ النِّساءُ جَوادَكَ مَخْزِيّاً، وَ نَظَرْنَ سَرْجَكَ عَلَيْهِ مَلْوِيّاً»؟!
3/ من المعلوم أن أصحاب الإمام أفضل حتى من أصحاب الرسول ، فكيف نفسر هذا والبعض منهم فر أو ترك الإمام واستأذن؟
4/ ما مدى صحة مقولة «من سمع واعية الإمام ولم ينصره استحق النار»؟
5/ كيف يكون الضحّاك راويًا للمعركة وهو لم يبق فيها حتى نهايتها؟
6/ ما موقع الضحّاك المشرقي فى ميزان الجرح والتعديل؟
7/ إن المتتبع لسيرة الأئمة يجد أنهم لا يبايعون بيعة مشروطة، فالإمام الحسن رفض بيعة أهل المدينة الذين قالوا: نبايعك بشرط أن تنهض لحرب معاوية، فكيف يقبل الإمام الحسين ببيعة الضحاك؟! وقد أعطى الإمام الحل لأصحابه ليلة العاشر، حيث قال: «أَلاَ وَ إنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي حِلٍّ؛ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي ذِمَامٌ. هَذَا اللَيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلاً»، ثم في يوم العاشر قال: «ومن سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله على منخريه في النار»، فكيف في يوم العاشر بعد مقتل أهل بيته وأنصاره وبقائه وحيدًا فريدًا بلا ناصر ولا معين يقول للضحّاك: أنت في حل من بيعتي؟! فهذا دليل على أنّ الامام لم يبايع بشروط، وأن الجواد موجود بعد مقتل الإمام .
أولًا: نعم، صياغة الإشكال التي طرحت أثناء المحاضرة ليست موفقة، وينبغي أن تصاغ بهذا النحو: إن من التفاصيل المستنكرة في الواقعة هي حصول كشف المآزر بالفعل استنادًا لأمر الرسول ، وحيث إن المضمون مستنكر فلا يصح في الميزان البحثي الاستناد فيه إلى من نجا من اليهود أنفسهم - وهما محمد وعطية - كما في جملة من الكتب التي نقلت الحادثة؛ لأن المناط في مصداقية الطريق ألا يكون متّهمًا في نقله، والتهمة واردة في المقام. هذا مع غض النظر عما أفيد في كتاب «الصحيح من سيرة النبي الأعظم » من أن محمد القرضي ولد عام 40 للهجرة، فكيف يستند لنقله لهذا الحدث؟!
ثانيًا: إن ما نُقِل عن أبي سعيد الخدري هو الأمر بقتل المقاتلة، وهو معارض لما نُقِل عن جابر من الأمر بقتل جميع الرجال، كما أن ما نُقِل عن سعد هو في نفسه متعارض، حيث روى النحوين، كما في مصنف أبي شيبة والسنن الكبرى للنسائي، فلم تثبت التفاصيل نتيجة تعارض النقل.
أولًا: لم نقل إنّ الضحّاك روى كل قصة كربلاء كي يقال: كيف تسنى له ذلك وقد خرج من كربلاء قبل مقتل الحسين ؟! إذ السؤال الذي ينبغي طرحه: ما هو المقدار الذي رواه الضحاك من قضية كربلاء؟ ونرجع هنا لما ذكره الشيخ الغروي المحقّق لمقتل أبي مخنف، وهذا نصه: «الضحّاك بن عبد الله المشرقي الهمداني: حديث ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء، وتعبئته للقتال، وخطبته الكبرى يوم عاشوراء [5: 418، 419، 421، 423، 425، 444]. روى أبو مِخْنف عن هذا الرجل بواسطة عبد الله بن عاصم الفائشي الهمداني - ولا يخفى أنّ الرجل أيضاً من همدان -: أنّه اشترط على الإمام الحسين «عليه السّلام» أنْ يكون في حلّ من الإنصراف عنه بعد مقتل أصحابه، فقبل الإمام ذلك، فهرب من المعركة [5: 418، 444]. وذكره الطوسي في رجاله في أصحاب الإمام زين العابدين عليه السّلام!».
ثانيًا: إن الإمام إنما أذن للضحاك في الخروج لأن عليه دينًا ثقيلًا، فرأى أن تسديد دينه ورد أموال الناس إليهم - الذي هو من أهم الواجبات - أولى من استشهاده بين يديه، وقد ذكر ذلك الطبري في تاريخه.
ثالثًا: روى أبو مخنف عن عبد الله بن عاصم الفائشي عن الضحاك أنه لما رأى الحسين قد قتل أصحابه ولم يبق معه إلا اثنان استأذنه في الخروج، فأذن له الحسين وأعطاه فرسه، أو فأخذ فرسه، والمقصود بالفرس هو فرس الضحاك نفسه لا فرس الحسين ، باعتبار أنه كانت في كربلاء مجموعة من الخيول لأنصار الحسين ، ولو كانت الفرس للحسين فلا إشكال في ذلك؛ لأن للحسين في كربلاء عدة أفراس منها سابق ولاحق، وليس فرسًا واحدًا.
رابعًا: من الواضح أن الحسين أذن لجميع من التحق به في الانصراف عنه بعدما ورد عليه خبر شهادة مسلم بن عقيل في منطقة «زرود» وقبل وصول ركبه للعراق، فانصرف عنه خلق كثير، وأذن لأصحابه ليلة العاشر من المحرم بالانسحاب اختبارًا لهم، وإنما قبل البيعة المشروطة من الضحاك لأسباب:
أ- منها: أنه أراد ألا يفرض على أحد أن يدافع عنه ويستشهد بين يديه خوفًا منه أو حياءً؛ لأن الشهادة وسام عظيم لا يناله إلا من كانت لديه الرغبة في الإقدام عليها حبًا وطوعًا وفداءً.
ب- ومنها أن الامام تعامل مع كل واحد من المجموعة التي التحقت به بمقدار أهليته الإيمانية ولياقته، فبعضهم أذن له بالانصراف قبل بدء القتال، وبعضهم أذن له بعد فناء الرجال، وبعضهم أذن له في الحصول على شرف الشهادة بين يديه، فكل واحد أعطاه فرصة لدرجة تتناسب مع أهليته، فالأول أعطاه فرصة صحبته وتحمل عناء مرافقته المحفوفة بالخوف والعناء، والثاني أعطاه فرصة القتال بين يديه والحصول على درجة الجراح والآلام كالضحاك نفسه، وبعضهم منحه درجة الشهادة بين يديه.
ج- ومنها: أنه علم من البداية أنه سيبقى وحيدًا، وأنه سيتحقق شرط انفصام البيعة التي أبرمها الضحاك معه، فقبل البيعة منه بهذا الشرط المعلوم انقضاؤه لكي يحقق له النجاة من القتل، ويكون الضحاك أحد الرواة الموثوقين لنقل الواقعة إلى حين مقتله ، أو لعلمه أنّ عليه دينًا ثقيلًا قبل منه البيعة المشروطة حتى يمنحه ثواب القتال بين يديه ويمنحه أيضًا الفرصة لأداء دينه.
خامسًا: ليس جميع أصحاب الحسين بدرجة واحدة، فمقام الحر ليس بدرجة مقام زهير بن القين، ومقام زهير ليس بدرجة مقام حبيب بن مظاهر، فإن اختلاف درجات الفداء والإخلاص يقتضي اختلاف المقام، ولذلك ليس كل أصحاب الحسين أفضل من أصحاب الرسول والأمير ، وإنما الخلص منهم الذين تشرفوا بالشهادة بين يديه حبًا وإخلاصًا هم أفضل من أصحاب المعصومين.
سادسًا: إنّ مقولة «من سمع واعيتنا فلم يجبنا أكبه الله على وجهه في النار» قالها الحسين بعد مقتل جميع انصاره، أي: بعد خروج الضحاك من كربلاء، وعلى فرض أنه قالها بحضوره فهي لا تشمل من أذن له الحسين بالانصراف.