تخصيص الأكثر
ياسر الحكيم - 31/01/2015م
سلام عليكم

كثيراً ما يرسل الأصوليون قاعدة قبح استثناء الأكثر إرسال المسلمات.

السؤال: من قال بأن تخصيص الأكثر قبيح؟

وماذا نفعل بهذه الآيات الشريفة التي ظاهرها تخصيص الأكثر؟

الآية الأولى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} الحجر: 42، وواضح أن الغاوين أكثر من غيرهم.

الآية الثانية: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} البقرة: 130، وواضح أن الراغبين عن ملة إبراهيم أكثر من غيرهم.

الآية الثالثة: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}الأعراف: 99، وواضح أن القوم الخاسرين أكثر من غيرهم.
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

ليس مقصود الأصوليين أنه يقبح إخراج أكثر الأفراد عن طريق الاستثناء أو المقيَّد المتصل كأن يقول الإنسان «أكرم جارك إلا من كان عربياً» ولا يبقى تحت المستثنى منه إلا أفراد قليلة؛ فإن كل ذلك جائز لدى الأصوليين.

وإنما مقصود الأصوليين أنه لو ورد علينا عامٌّ أو مطلقٌ كما إذا قال «أكرم كلَّ مؤمن» ثم في أدلة أخرى  وليس عن طريق الاستثناء من هذا الدليل كما في الأمثلة التي ذكرتم  ولا عن طريق مقيَّد متصل باللَّفظ، بل في دليل آخر ورد تخصيص للأكثر بأن أخرج الرحم من المؤمنين، وأخرج أهل بلده من المؤمنين، وأخرج العصاة من المؤمنين، بحيث لم يبقَ تحت قوله في الدليل الأول إلا أفراد نادرة، فيقول الأصوليون حينئذ: أنَّ ذكر لفظ عامٍّ ثم تخصيص هذا اللفظ العام بإخراج أكثر الأفراد منه مستهجن، ومعنى كونه مستهجناً أن العرف لا يرى تناسباً بين اللَّفظ والمعنى؛ حيث إنَّ اللَّفظ عامٌّ بينما المعنى المقصود منه فردٌ نادرٌ، فلأجل عدم التناسب بين اللَّفظ والمعنى؛ يرى العرف أنَّ ذكر العامِّ مستهجنٌ، وليس المقصود بالقبح أنَّه قبيحٌ عقلاً كقبح الظلم، وقبح الخيانة، وإنَّما المقصود بالقبح الاستهجان في عالم الدّلالة، بمعنى عدم التناسب بين الدَّالِّ والمدلول، ولذلك ما ذكر في السؤال لم يقل به أحدٌ من الأصوليين؛ فإنَّ الأصوليين لا يقولون بأنَّه يقبح تخصيص الأكثر عن طريق الاستثناء أو عن طريق المقيَّد المتصل، إنَّما يقولون باستهجان تخصيص الأكثر بأدلة منفصلة، وليس مقصودهم بالقبح هو القبح العقليّ، وإنَّما الاستهجان في مقام الدّلالة.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك