مواجهة مشاكل المجتمع
علي - 09/02/2015م
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وأصحابهم المنتجبين واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم إلى قيام يوم الدين

السلام عليكم سيدنا، إن شاء الله لا نطيل عليكم

أنا وأعوذ بالله من الأنا أواجه بعض المشاكل في المجتمع المحيط بي وقد يشتبه علي الأمر في بعض المواقف ولا أعرف ما تكليفي الشرعي إني أرى في مجتمعي الكثير من المنكرات منه الغيبة وحتى من أقرب الناس لي كأبي واني لأخاف عليه من الحساب ولا أعرف ما هو التصرف الحكيم لإنكار عمله هذا؟

في بيت أهلي نجتمع مع العائلة وننشغل بالحديث فيأتي قول من هنا وهناك لأبقى في حيرةٍ هل ما قيل يعتبر من الغيبة أم لا؟ مع اطلاعي البسيط على موارد جواز الغيبة أما في المدرسة فحدث ولا حرج سب، قذف، حركات جنسية، تؤدى الصلاة ولكن أي صلاة!، وغيرها... كيف يدعوا الانسان إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة؟

يقول الشاعر

إذا كنت في كل الأمور معاتبا ** صديقك لم تلق الذي تعاتبه
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه ** مقارف ذنب تارة ومجانبه

نعم صدق قول الرسول صلى الله عليه وآله ”يأتى على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر“ فكيف نطبق قول الأمام : ”كونوا دعاة لنا صامتين“؛؟ وكيف نكون وسطاً ونطبق قوله تعالى: في كتابه: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}؟

* نعم بحيث لا ننفر الناس منا قال أمير المؤمنين : ”أمرنا رسول الله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة“ ولكن إذا كان الكثير ممن حولنا هل نقابله بما ذكر في الحديث؟

وفي الختام

كيف يوفق المؤمن إلى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة بحيث لا يكون فظاً غليظاً وليقوم بواجبه الشرعي وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وما نصائحكم وتوجيهاتكم لنا في التعامل مع الناس والأهل في هذا المجتمع

نريد من سماحتكم الجواب الكافي

وأحسن الله إليكم..
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الأمر الأول: أنَّ المراد بقوله - عز وجل -: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وما ورد عن الإمام الصادق : ”وكُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ وكُونُوا زَيْناً ولَا تَكُونُوا شَيْناً“[1]  أنَّ الأخلاق الفاضلة هي بنفسها دعوة للدين، فمن عامل الناس بالتواضع والإخلاص والبشاشة والاحترام وقضاء حوائج المحتاجين منهم، فإنَّ نفس هذا الخلق دعوة للدين، وهو المُعَبَّر عنه ب «الموعظة الحسنة» و«الموعظة الصامتة».

الأمر الثاني: إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى عنصر الحكمة كما في الآية ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ، والحكمة هي عبارة عن التخطيط السليم، فلا بد أن يدرس الإنسان وضع الشخص الذي بين يديه، وأنَّه كيف ينفذ إلى شخصيته؟ وكيف يعبر إلى قلبه بحيث يؤثر فيه؟ وإلا فإذا لم يدرس شخصيته فإنَّه سيعتذر عن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بذريعة أنَّني لا أحتمل تأثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مثل هذا الشخص المصرِّ على المنكرات.

ولكن إذا درس شخصيته، وعرف مداخله ومخارجه، استطاع أن ينفذ إلى قلبه بالأسلوب المهذب الجذاب.

الأمر الثالث: ما ورد في قول الإمام علي ”أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه أَنْ نَلْقَى أَهْلَ الْمَعَاصِي بِوُجُوه مُكْفَهِرَّةٍ“[2] ، فإنَّ المقصود به هو خصوص المصرّ على المعصية حتى بعد تذكيره وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، بحيث لا جدوى في تذكيره وفي نهيه، ولذلك عبِّر عنه ب «أهل المعاصي» وليس كل عاصٍ - ولو كان عصيانه عن غلبة الشهوة أو غلبة الهوى - من أهل المعاصي، فإنَّ أهل المعاصي هم المصرُّون الذين لا يأتمرون بأمر ولا يرتدعون برادع.

السيد منير الخباز
[1]  - الكافي، ج2، ص77. [2]  - الكافي، ج5، ص59.
أرسل استفسارك