برنامج المصلح العالمي - الغيبة الكبرى للإمام المهدي (عج)

تحرير المحاضرات

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين. مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تحية حب ووئام أبعثها إليكم أينما كنتم، وأنتم تتابعونا من على شاشة قناة الدعاء الفضائية، وفي هذه الحلقة الجديدة من برنامج المصلح العالمي، آملين أن تقضوا معنا وقتًا طيبًا نافعًا، وضيفي لهذه الحلقة هو سماحة السيد منير الخباز، علمًا أن موضوع الحلقة يدور حول الغيبة الكبرى للإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، وعندنا مجموعة من التساؤلات أعددناها لنضعها بين يدي ضيفنا الكريم سماحة السيد منير الخباز الأستاذ في الحوزة العلمية. في بداية الحلقة، حبذا أن نقف وقفة تأريخية، نسلط فيها الضوء على معنى الغيبة الكبرى، ومتى بدأت، وما هو وجه التسمية.

سماحة السيد: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين. بدأت الغيبة الصغرى للإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف» عام وفاة والده الإمام العسكري، وهو عام 260 للهجرة، وبدأت الغيبة الكبرى له «عجل الله تعالى فرجه الشريف» عام 329، فمدة غيبته الصغرى ما يقرب من 70 سنة، لذلك نعرف أن وجه تسمية الغيبة الكبرى هو المقابلة بالغيبة الصغرى، أي أن له غيبتين: غيبةً صغرى، كانت مدتها 69 سنة، وغيبةً كبرى، وهي المستمرة إلى يومنا هذا.

وغيبة الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف» هي غيبة عنوانية، وليست غيبة شخصية، بمعنى أن الإمام ليس غائبًا، وإنما الغائب عنوانه، أنه لا يُعْرَف أنه هو الإمام، أما هو فهو حاضر بين أيدي الناس، يعاشر الناس، ويخالطهم، ويسايرهم، وينصحهم، فقط لا يعرفون أن هذا هو الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، وإلا فليس غائبًا بشخصه، وإنما الغائب والمجهول عنوانه .

المقدم: وهل هذا هو مذهب الإمامية، أم أن مجموعة من المسلمين أيضًا يقولون بذلك؟

سماحة السيد: طبعًا هذا لا يختص بالإمامية، هناك كثير من المسلمين، خصوصًا الصوفية الشافعية، المتصوفة الشافعية يرون ويعتقدون بإمامة الأئمة الاثني عشر جميعًا، ويعتقدون أن الإمام الثاني عشر غائب، وأنهم يتصلون به، وأنهم يستفيدون منه، في مجال طرق العبادة وطرق السلوك إلى الله تبارك وتعالى.

المقدم: سماحة السيد، ما هذه الأسباب الباعثة لهذه الغيبة؟ لماذا الإمام غائب كل هذه الفترة الطويلة؟

سماحة السيد: الحديث عن أسباب أصل الغيبة، لماذا غاب الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، مع قطع النظر عن الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى، أصل الغيبة لها عدة أسباب، وأهمها سببان:

السبب الأول: وقوع الظلم عليه.

لو لم تهجم الدولة العباسية على بيت الإمام الحسن العسكري، وتُرِك الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف» يمارس دوره القيادي ودوره الريادي في هداية الأمة وفي توعية الأمة من دون مضايفات، لم يغب الإمام، غيبة الإمام فُرِضَت عليه من قِبَل الظالمين، دار الأمر بالنسبة للإمام بين أن يبقى فيعرّض نفسه للقتل، وبين أن يغيب فيحافظ على نفسه، وقد ورد هذا في الأحاديث الشريفة، كما ورد عن النبي : ”إن للغلام غيبةً، قيل: ولم؟ قال: يخاف القتل“، واستشهد بالآية المباركة الواردة في حق النبي موسى : ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

وهنا ربما يقول قائل بأن الإمام أجل وأسمى من أن يخاف على نفسه القتل؛ فإنه قتله شهادةٌ، والإمام لا يتخوف أن يكتسب مرتبة الشهادة، أو ينال منصب الشهادة. الجواب عن ذلك أنَّ للإمام موعدًا محدودًا من قِبَل الله في وفاته، فقتله قبل هذا الموعد المحدود هو حرمانٌ للأمة من قيادته وهدايته، ولذلك ورد عن الإمام الصادق عندما دخل على أبي العباس السفّاح في الحيرة، وكان ذلك اليوم من أيام شهر رمضان لدى الإمام الصادق، وكان أبو العباس السفاح يرى أن هذا اليوم يوم فطر، فعرض المائدة على الإمام ، وطلب من الإمام يتغدى معه، فأكل الإمام من المائدة، وقال: ”لئن أفطر يومًا وأقضيه أحبُّ إليَّ من أن يُضْرَبَ عنقي ولا يُعْبَد الله“، ليست المسألة في أن ينال الإمام من الشهادة، أو أن يضرب عنق الإمام، إنما الخطورة في حرمان الأمة من القيادة، التي عبّر عنها الإمام ”ألا يعبد الله“ في حرمان الأمة من هذه القيادة الرشيدة المعصومة قبل موعد أوان ذهابها ورحيلها إلى الله تبارك وتعالى. إذن، السبب الأول الباعث على أصل الغيبة هو أن الغيبة فُرِضَت عليه من قِبَل الظالمين.

السبب الثاني: اكتمال مسيرة التشريع.

الله تبارك وتعالى لماذا اختار الأئمة اثني عشر؟ ولماذا اختار لهم أعمارًا معينة؟ ولماذا اختار بقاءهم في مدة معينة؟ منذ زمن الإمام علي وإلى زمن الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف» أكثر من مئتي سنة. هذه المدة اختارها الله من أجل اكتمال مسيرة التشريع، النبي الأعظم مات وما زال لوح التشريع لم يكتمل تبليغه، وإن اكتمل واقعًا، في الواقع التشريع اكتمل على يد النبي، ولذلك أشارت الآية القرآنية: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا، وأتم النعمة وأكمل الدين بولاية الإمام علي ، فالدين اكتمل واقعًا ولكنه لم يكتمل تبليغًا وبيانًا، لذلك أوكلت هذه المهمة - مهمة بيان الدين بتمام تفاصيله وأصوله وقواعده - إلى الأئمة الطاهرين «صلوات الله عليهم أجمعين»، فاكتملت مسيرة بيان التشريع بكامل تفاصيله على يد الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

لما اكتملت مسيرة التشريع وصلت المرحلة إلى مرحلة التطبيق، مرحلة التشريع اكتملت، وصلت المرحلة إلى مرحلة التطبيق، مرحلة التطبيق هي مرحلةٌ بيد الأمة، على الأمة الإسلامية بوعيها وجهادها أن تقوم بمرحلة التطبيق، وذلك من خلال تطبيق هذه القواعد العامة على مواردها وعلى صغرياتها، لأجل أنه اكتملت مسيرة التشريع، ووصلت المرحلة إلى مرحلة التطبيق، غاب الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، لتأخذ الأمة دورها، وتستنفذ عقولها، وتستنفذ قدراتها وطاقاتها في سبيل كيفية تطبيق التشريع الإسلامي، والوقوف على أسراره، والوقوف على مغازيه، بحركة عقلية تكاملية لدى الأمة الإسلامية.

وهذا ما تشير إليه بعض الروايات الشريفة، أنه «عجل الله تعالى فرجه الشريف» إذا خرج مسح على رؤوس الناس، فجمع عقولهم، وأرشد أحلامهم، بمعنى أن المسيرة العقلية مسيرة تبدأ منذ غيبة الإمام، هي مسيرة عقلية تكاملية تقوم بها الأمة الإسلامية من خلال علاقتها بأصول التشريع، إلى أن تنضج العقول وتصبح مؤهلة لتلقي الحقائق التي يظهرها الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف» من خلال دولته المباركة.

المقدم: وخير دليل على ذلك: نحن نعلم أن الرسالة المحمدية إنما جاءت لنشر العدل والسلام في الكرة الأرضية، والأخذ بسعادة المرء، وهذا إلى يومنا نراه لم يتحقق، حيث نجد الظلم والعدوان والجور في زماننا هذا، وحتمًا هنالك زمان ينتشر فيه العدل، والروايات أشارت إلى ذلك، أنه عندما يظهر الإمام يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا. سماحة السيد، عندي سؤال حول الروايات: هل ورد في الروايات الصادرة عن النبي الأكرم وأهل بيته ما يدل على العلل للغيبة الكبرى غير ما تفضلتم به؟

سماحة السيد: نعم، هناك إشارات في روايات عديدة إلى العلل والغايات التي نُظِر إليها في الغيبة الكبرى، وفي طول مدة عمره الشريف، إلى أن يصبح الوقت مؤهّلًا لظهوره المبارك.

العلة الأول: أن الحل هو الإسلام.

﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ. أراد الله تبارك وتعالى أن تجرّب الأمة الإسلامية - بل البشرية جمعاء - مختلف الأنظمة، وتجرّب مختلف الحضارات، وتجرّب مختلف القوانين الوضعية، فإذا جرّبت الأمة وجرّبت البشرية مختلف الأنظمة ومختلف الحضارات، ووقفت على ثغراتها، ووقفت على مواطن نقصها، ومواطن عقمها، اكتشفت البشرية بنفسها أن لا حل إلا الإسلام، لا حل لهذا التدهور الاقتصادي إلا الإسلام، لا حل للتدهور الأمني إلا الإسلام، لا حل لانتشار العدالة والمساواة والرخاء إل الإسلام، لا حل لدولة الحقوق والدولة التي تكرّم الإنسان بما هو إنسان إلا الإسلام، ستكتشف البشرية نتيجة تجربتها ومخاضها العسير مع مختلف الأنظمة أن العلاج الوحيد والحل الوحيد هو الإسلام، وبالتالي ستنادي البشرية كلها بخروج الإمام لكي يطبّق الإسلام، وحينئذ تكون الأرض معبّدة ومهيَّأة لخروجه «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

وهذا ما ورد في الروايات: ”لا يظهر الإمام حتى لا يبقى صنفٌ من الناس وقد تولوا على الناس؛ لكيلا يقول أحدٌ: لو وُلِّينا لعدلنا“، كل إنسان ليس عنده حجة، كل فئة ليس عندها حجة، جميع الفئات حكمت، جميع الفئات جربت أنظمتها وقوانينها، حينئذ يقوم القائم بالحق والعدل، هذه غاية ذُكِرَت في الروايات.

الغاية الأخرى التي ذُكِرَت في الروايات: أن فترة الغيبة فترة امتحان للأمة الإسلامية.

الأمة الإسلامية إذا ابتعدت وحُرِمَت من المعين الصافي والمصدر الصحيح للتشريع، والمصدر الصحيح للتعاليم كلها، حينئذ من الطبيعي أن الأمة ستعتمد على عقولها، وستعتمد على مخزونها المعرفي، وستعتمد على التراكمات الثقافية الموجودة لديها، وبناء على ذلك سوف تختلف الأمة فئات وفرقًا مختلفة، هذه الفترة - فترة غيبة الإمام - امتحان عسير للأمة، امتحان فكري، امتحان سلوكي، امتحان إيماني، لكي يعرف من الذي يصبر على أن يتعلق بالتشريع الإسلامي بحذافيره دون أن ينفك عنه، من الذي يصبر على مضض الإيمان وعلى الآلام التي يتحملها في سبيل بقائه على الإيمان.

إذن، فترة الغيبة كغيبة موسى عن قومه، كانت فترة امتحان لقومه لكي يعرف المطيع من العاصي، والصابر من غيره، والمتخاذل من المؤمن، والمتثبت والمتمسك. أيضًا هذه الفترة فترة مخاض، يعرف فيها المتمسكون من غيرهم، ويعرف فيها من وقفوا مع التشريع دفاعًا واجتهادًا وتبليغًا، ومن خذلوا التشريع. ولذلك ورد في الأحاديث الشريفة: ”تطول غيبته حتى يقول الناس: مات أو هلك، في أي واد سلك؟! وإن الله ليغيّبه غيبةً لا يثبت فيها على الإيمان به إلا من امتحن الله قلبه للإيمان“.

هناك أيضًا غاية ثالثة ذُكِرَت، وهي التي يشير إليها السيد الشهيد السيد الصدر في كتابه «بحثٌ حول المهدي»، أن هناك تكاملًا قربيًا في شخصية الإمام ، بمعنى أنه كما أن النبي خضع لتكامل قربي في معرفته بالله تبارك وتعالى، كما أشار القرآن الكريم: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ، هذا لا يعني أن النبي لم يكن نبيًا، بل كان نبيًا منذ ولادته، وكان أعلم الناس، وهو في كل لحظة تمر عليه هو أعلم الناس، إذ لا يجوز المفضول على الفاضل، ولكنه في كل لحظة تمر عليه أيضًا يخضع لتكامل معرفي وقربي من الله «تبارك وتعالى»، وينتقل من مقام إلى مقام، ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا، وورد عن الأئمة الطاهرين : ”إننا لنزداد في اليوم والليلة، ولولا أننا نزداد لنفد ما عندنا“.

إذن، هناك تكامل قربي ومعرفي يخضع له الإمام في كل لحظة، وإن كان هو في كل لحظة أعلم الناس وأفضل الناس. أيضًا الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» بما أن الدور الذي أنيط به لم ينط لا بنبي ولا برسول ولا بإمام قبله، إذن بالنتيجة حجم الدور، بما أن الدور دور عظيم جدًا، مستوى حجم الدور يناسبه حجمٌ من التكامل القربي والمعرفي في شخصية هذا الدور لم يحظَ به غيره، لذلك من المحتمل أن هذا البقاء الطويل له هو في هذا البقاء الطويل يدخل ضمن تكامل قربي معرفي نحو الله «تبارك وتعالى» لم يحظَ به قبله نبي ولا رسول، خصّه الله بذلك نتيجة لما خصّه الله به من قيام الدولة الإسلامية على الأرض كلها، التي لم يقم بها أحد قبله، ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وهذا لم يتحقق في زمان النبي، وإنما يتحقق على يد ابنه الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

المقدم: يعني برأيكم أن الإمام بحاجة إلى فترة زمنية لأجل أن يتكامل أكثر فأكثر؟

سماحة السيد: الإمام من الممكن من أول يوم أن يحيط بالمعلومات كلها، ولكن نحن نتكلم على المقاييس الطبيعية، وعلى المقاييس العادية، لا على المقاييس الإمامية التي هي في مخزون عقائدنا وفي مخزون أحاديثنا ورواياتنا، إنما نتكلم عن المقاييس الطبيعية والعادية، فنقول: كما خضع النبي لتكامل معرفي قربي كما أشارت إليه الآيات، وإن كان ذلك لا ينافي النبوة، ولا ينافي أنه في كل لحظة أعلم الناس، وكذلك الأئمة من بعده، كذلك الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، هذا ما ينسجم مع دوره المنتظر منه، وهو إقامة هذه الدولة العامة الشاملة للأرض كلها، ”يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا“.

المقدم: هل للإمام وظائف يقوم بها؟ هل له إنجازات ووظائف يؤديها في عصر الغيبة الكبرى؟

سماحة السيد: دور الإمام في عصر الغيبة كدوره في عصر الحضور. هناك دوران أساسيان للإمام لا ينفكان عنه، كل إمام بما هو إمام مقتضى إمامته القيام بهذين الدورين: الأول: الهداية الأمرية، قال تبارك وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا، وقد فسّر العلماء الهداية، وقالوا: هناك هداية خلقية، وهناك هداية أمرية. الهداية الخلقية هي التي يقوم بها جميع الوعاظ والمرشدين والمبلغين، الهداية التي تخاطب الأسماع، وتخاطب العقول. وهناك هداية أمرية تخاطب القلوب، بمعنى أن الإمام بمقتضى ولايته التكوينية على النفوس قادرٌ على إيصال نور الهداية للقلوب وللنفوس بطريقة ملكوتية غيبية، وهذا ما يسمى بالهداية الأمرية.

هذا النوع من الهداية هو وظيفة الإمام، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا، هذه الوظيفة لا تنفك عنه حال حضوره وحال غيبته، هذه الهداية يقوم بها لكل من بيدهم القرار، هناك علماء الأمة، مراجع الأمة، زعماء الأمة، في كل جيل، وفي كل قرن، هؤلاء الزعماء ومن بيدهم قرار الأمة ومسيرة الأمة، يحتاجون إلى مدد، يحتاجون إلى هداية أمرية، يحتاجون إلى لطف توفيقي؛ لأن حصانتهم حصانةٌ للأمة، ومددهم مددٌ للأمة، ولذلك ورد عن النبي : ”في كل خلفٍ من أمتي عدولٌ من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وبدع المبطلين“، إذن وظيفة الإمام الهداية الأمرية، وهذه لا تنفك عنه حتى في عصر غيبته.

الدور الآخر: حفظ القرآن والتشريع الإسلامي عن التحريف.

القرآن من الممكن تحريفه في كل زمان، ولو بزيادة بعض ألفاظ، ولو بتغيير بعض القراءات، ولو بتغيير بعض الكلمات، هذا أمر ممكن، وبإمكان البشرية أن تقوم به، ما الذي يصون القرآن عن التحريف؟ الله «تبارك وتعالى» قال في كتابه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، هذا الحفظ على يد الثقل المعادل للقرآن، ”إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي“، جعل أهل البيت عدلًا للقرآن له مداليل عديدة، من مداليله أن الحافظ للقرآن أهل البيت في كل زمان، وظيفة الإمام المنتظر حفظ هذا الكتاب عن التحريف، وحفظ هذا الدين عن التزوير والتحريف، فهو في كل زمان وفي كل جيل وفي كل قرن يبعث رجالًا يقومون على مقاربة الأوضاع العامة من أجل صيانة الذكر الحكيم، ومن أجل صيانة التشريع الحكيم عن التحريف، كما ذكرت هذا الحديث: ”في كل خلفٍ من أمتي عدولٌ من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وبدع المبطلين“.

المقدم: البعض يقول: إذا كان من وظائف الإمام هداية الناس وبيان الأحكام الشرعية للناس، الآن المكلف لو واجه مشكلة، إلى أين يتجه والإمام غائب؟ من أين يأخذ حكمه؟

سماحة السيد: مسألة بيان الأحكام ترتبط بالعلماء، الأئمة الطاهرون «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» من زمانهم، مع أنهم كانوا موجودين، لكنهم أرجعوا الناس إلى العلماء، ”يا أبان، أفتِ في الناس؛ فإنني أحب أن يرى في شيعتي مثلك“، الإمام الرضا عندما سئل: إن شقتي بعيدة ولا أكاد أصل إليك، فممن آخذ معالم ديني؟ قال: ”خذها من زكريا بن آدم؛ فإنه المأمون على الدين والدنيا“، الإمام العسكري قال: ”فأما من كان من الفقهاء صائنًا لنفسه، حافظًا لدينه، مخالفًا على هواه، مطيعًا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه“، وما ورد عن الإمام الحجة «عجل الله تعالى فرجه الشريف»: ”فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله“.

هذه الروايات أرجعت الأمة للفقهاء في زمن حضور الأئمة فضلًا عن زمان غيبتهم، وظيفة المكلفين في زمان الغيبة الرجوع إلى الفقهاء. ولذلك نرى الإمام نفسه «عجل الله تعالى فرجه الشريف» في عصر الغيبة الصغرى، مع أنه كان له نواب أربعة، لكن هؤلاء ما كانوا نوابًا في الفتوى، الفتوى كانت للعلماء، هؤلاء كانوا فقط نوابًا لبعض القضايا الضرورية التي لا يمكن للعلماء القيام بها في تلك الفترة، وإلا الرجوع في الفتيا ومعرفة الأحكام الشرعية كان للعلماء منذ عصر الحضور، فليس هذا عائقًا أمام مسألة غيبة الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

المقدم: سماحة السيد، إذا قلتم أن الإمام أرجع الناس في المسائل الشرعية إلى العلماء، لعل البعض يقول: إذن ما الحاجة إلى وجود الإمام؟

سماحة السيد: نرجع إلى ما ذكرناه، نقول: الحاجة إلى الإمام تكمن أولًا في الربط التكويني، نحن نعتقد ”لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها“، هذا وارد عندنا في عدة روايات، أن هناك ربطًا تكوينيًا بين وجود الإمام وبين اتساق نظام الوجود، نظام الوجود التكويني اتساقه وعدم اختلاله منوطٌ بوجود الإمام، ملائكة هذا الكون كله مرتبطة بإذن الإمام وأمر الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف». إذن، هناك حاجة تكوينية لوجود الإمام، هذا أولًا.

وهناك حاجة تشريعية لوجود الإمام، تعرضنا إليها، حيث قلنا بأن دور الإمام في عصر الغيبة كدوره في عصر الحضور، وهو حفظ القرآن وحفظ التشريع عن التحريف، وهذا الدور لا يمكن أن يقوم به العلماء وحدهم من دون مدد غيبي من الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

المقدم: سماحة السيد، قبل أن ننتقل إلى سؤال، هناك تعليق على كلامكم: عندما ذكرتم العلل للغيبة الكبرى، ذكرتم قول السيد الشهيد «رضوان الله تعالى عليه» الذي أشار إليه في كتابه «بحث حول الإمام المهدي»، ذكر أن للزمان مدخليةٌ في تكامل الإمام، هل هذا الكلام محل اتفاق بين علمائنا، ونحن نقول بأن الإمام هو إمام الزمان وليس إمامًا في الزمان؟

سماحة السيد: أولًا: السيد «قدّس الله نفسه الزكية» لم يقصد بالتكامل هو أن الإمام تتكامل معلوماته، بمعنى أن الفكرة كانت مشوّشةً فأصبحت بمرور الزمان واضحةً، أو أنه كان جاهلًا فأصبح بمرور الزمان عالمًا، الإمام منذ ولادته كما ذكرنا هو إمام، وهو في كل لحظةٍ تمر عليه هو أعلم الأمة، لأنه لا يجوز جعل غير الأعلم إمامًا مع وجود الأعلم، يقبح تقديم المفضول على الفاضل.

إذن بالنتيجة: ليس المقصود هذا، بل المقصود المقامات المعنوية، المقامات الروحية، هذا طبيعي أن الإمام يتكامل في مقاماته الروحية، ذكرنا النبي الأعظم ، هل النبي بعد البعثة بنفس المقامات التي كان قبل البعثة؟! ليس الأمر كذلك، صحيح هو منذ ولادته نبي، وهو قائلٌ: ”كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين“، مع أنه نبي منذ ولادته، وأعلم الأمة في كل لحظة، لكنه كان يتصاعد في المقامات الروحية والمعنوية، في كل لحظة يرتقي من مقام معنوي إلى مقام آخر، ومن مقام روحي إلى مقام آخر، وهذه المقامات تتعلق بارتباطه بالله، وبمعرفته بالله تبارك وتعالى.

ونحن نعرف أنه في الفلسفة ذكروا اختلاف مراتب العلم، هناك علم اليقين، وهناك عين اليقين، وهناك حق اليقين، اليقين هو يقين، ولكن نفس اليقين له درجات، وله مراتب. إذن، الأئمة «صلوات الله وسلامه عليهم» كما ذكرنا في الحديث عن الإمام الصادق: ”إنّا لنزداد في الليل والنهار، ونزداد كل جمعة، ولولا أننا نزداد لنفد ما عندنا“. إذن بالنتيجة: الأئمة «صلوات الله عليهم» والرسول الأعظم يتكاملون في كل لحظة لا من حيث المعلومات بالتشريع، ولا من حيث المعلومات بإدارة المجتمع، وإنما يتكاملون في كل لحظة من حيث المقامات الروحية، أي: المقامات المعنوية، من حيث ارتباطهم بالله تبارك وتعالى، والآيات دلت من ناحية النبي على ذلك، ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ، وكذلك غيرها من الآيات الشريفة.

إذن، السيد الشهيد «قدّس سرّه» يقول: الإمام حباه بأعظم دور في البشرية، لم يُحْبَ به نبيٌ ولا رسولٌ، ألا وهو إقامة الدولة الإسلامية على الأرض كلها، ”يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا“، فالمناسب لهذا الدور الكبير أن يكون صاحب هذا الدور صاحب مقامات معنوية وروحية لا حدَّ لها ولا عدَّ لها، صاحب مقامات روحية ومعنوية لم يحصل عليها أحدٌ من العالمين من قبله، فالمقياس الطبيعي لحصول هذه المقامات أن يعيش هذا العمر الطويل لكي يكتسب هذه المقامات من خلال مدد الله وعناية الله به وتوفيق الله له «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

بالإمكان أن الله تبارك وتعالى يعطيه سائر هذه المقامات منذ ولادته، وكذلك بقية الأئمة، فلا يحتاجون إلى التكامل، لكن الله شاء تبارك وتعالى أن تكون مقاماتهم المعنوية والروحية في إطار وفي صراط تكاملٍ، فكذلك الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف». كان بالإمكان أن ينصر الله نبيه منذ أول يوم، فلماذا احتاج النبي أن يقوم بعدة غزوات، ببدر وأحد وحنين والخندق، إلى أن انتصر في يوم فتح مكة، وكان بإمكانه تعالى أن ينصره من أول يوم. خوض النبي لهذه المعارك هو في حد ذاته طريقٌ من طرق التكامل، خوض النبي لهذه المعارك هو في حد ذاته طريقٌ من طرق عروجه إلى الله، طريق من طرق مقاماته المعنوية نحو الله تبارك وتعالى، فكما أن الله أعطى النبي فرصة ثلاثين وعشرين سنة، وهو في إطار مقامات معنوية عديدة، أعطى الإمام فرصة 1500 سنة مثلًا وهو في إطار مقامات معنوية متتالية ومتتابعة ومتنامية، وهذا هو مقتضى دوره العظيم.

هذا لا يعني أنه أفضل من جده، فرق بين الفضل الذاتي وبين الكمالات التي تعطى للإنسان. النبي أفضل من الإمام علي، ولكن الإمام عليًا أعطي منقبة، وهي ولادته في الكعبة، لم تعطَ للنبي، وأعطي الحسين منقبة، وهي أن يموت شهيدًا، لم تعط للنبي، هذا لا يعني أنه أفضل من جده، فرق بين الفضل الذاتي والفضل العملي، في الفضل الذاتي ذاته أشرف الذوات ، وكذلك أمير المؤمنين والأئمة الطاهرون، وأما من حيث الفضل العملي - بمعنى الكمالات - يمكن أن يعطى لبعض الأئمة كمالات - بمعنى مقامات - لم تعط لغيره، ولا يعني ذلك أنه أفضل من أجداده الطاهرين أو أفضل من جده المصطفى .

ثانيًا: السيد الشهيد «قدّس سرّه» ذكر هذا في مقام إقناع من لم يكن إماميًا، تارة نتحدث عن الإمامي الذي يعتقد بأنَّ الإمام إمامٌ منذ ولدته أمه، وتارة نتحدث مع غير الإمامية بل مع غير المسلمين الذين يتساءلون: ما هو السر في هذه الغيبة الطويلة؟ حينئذ يصلح هذا أن يكون تحليلًا للغيبة الطويلة لغير الإمامي الذي لا يعتقد بأن الإمام إمامٌ متكاملٌ منذ ولادته.

المقدم: وتأييدًا لكلامكم، ما ورد عن الإمام علي : ”من تساوى يوماه فهو مغبون“، هذا الكلام موجَّه لنا، فكيف بالإمام؟!

سماحة السيد: نعم، هم في كل لحظة وفي كل عبادة تمر عليهم هم في عبادة وهم في عروج وهم في مقام لم يكن ذلك المقام.

المقدم: وردت في بعض الروايات أن الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف» يحضر موسم الحج. برأيكم، ما هي الرسالة التي يريد أن يوصلها الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف» إلى الناس؟ هل هناك رسالة؟ هل هنالك أهداف يريد أن يوصل الناس إليها؟

سماحة السيد: أولًا: الإمام في حضوره موسم الحج يؤمّن على قبول الدعاء، من أهم العبادات الروحية هي حضور المؤمنين في موسم الحج الذي يذكّرهم بيوم القيامة، يذكّرهم بيوم المعاد، هنا الناس مشغولون بالدعاء، خصوصًا يوم الموقف، يوم عرفة، الناس مشغولون بالدعاء والمسألة والتضرع إلى الله، حضور الإمام يطرح البركة في دعاء الناس، حضور الإمام يزرع الخشوع والخضوع في أنفس الناس، حضور الإمام يزيد الناس تعلقًا بربهم عز وجل، حضوره مبارك من هذه الجهة.

وثانيًا: أنتم تعرفون أن الموسم هو موسم وحدة بين المسلمين، حيث يجتمع جميع المسلمين، بمختلف مذاهبهم وفرقهم ونحلهم، والإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف» في مثل هذه المواسم يركّز ويرسّخ طرق ألفة القلوب، لا الأساليب الظاهرية للوحدة الإسلامية، وإنما الطرق القلبية، الطرق الواقعية التي تجتذب القلوب وتؤلف بين النفوس، الإمام بحضوره يخلق جوًّا من التآلف وجوًّا من التقارب بين أبناء المذاهب الإسلامية الأخرى، ليكون مظهرًا للوحدة الإسلامية.

وثالثًا: كما تعرفون أن الحج مظهرٌ للعزة؛ لأن هذا الجمع المليوني الجماهيري مظهرٌ لعزة الإسلام، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، بما أنه مظهر عزّةٍ للإسلام، فحضور قائد الأمة، وحضور قائد الإسلام بنفسه في هذا الموقف، يزيد هذا المظهر عزة وشأنًا وهيبة للمسلمين، مضافًا إلى أن شعور الأولياء بحضور الإمام معهم يزيدهم اعتزازًا بهذا الموسم العظيم.

المقدم: البعض يقول: لماذا انقطعت السفارة بالسفير الرابع؟ وهل يمكن أن يدّعي أحدٌ النيابة بعد ذلك؟

سماحة السيد: أما أن السفارة انقطعت بالسفير الرابع علي بن محمد السمري «رضوان الله تعالى عليه» لا لأن الأمهات عقمت أن تلد مثل هؤلاء السفراء، ولكن لأن المهمّة - وهي التمهيد بالغيبة الصغرى للغيبة الكبرى - قد تحققت، كان الغرض من الغيبة الصغرى ألا تفاجَأ الأمة بالغيبة الكبرى، فيحصل لها نوع ارتدادٍ عن التشيع وعن الأئمة الطاهرين ، فاحتاجت الأمة إلى فترة تمهيدية وإعدادية، فكانت الغيبة الصغرى فترةً تمهيديةً للغيبة الكبرى، وقد تحقق الغرض منها، لذلك غاب الإمام الغيبة الكبرى.

وأما إذا ادعى أحدٌ النيابة أو السفارة أو المشاهدة، فإنه قد ورد في مكاتبته لعلي بن محمد السمري: ”يا علي بن محمد، أعظم الله أجر إخوانك فيك، وإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فلا تعهد بهذا الأمر إلى غيرك؛ فإنه قد وقعت الغيبة التامة، ولا خروج إلا بإذن الله، وذلك بعد أن قسوة القلوب، فمن ادعى المشاهدة قبل الصيحة وقبل خروج السفياني فهو كاذبٌ مفترٍ، ولا حول ولا قوة إلا بالله“.

وظيفتنا نحن في عصر الغيبة أن نرجع في تمام أمورنا إلى العلماء الفقهاء أمناء الله على حلاله وحرامه، بمقتضى روايات الأئمة، وأن كل من ادعى المشاهدة بمعنى السفارة أو النيابة أو أنه يتلقى أوامر مباشِرة من الإمام، أو أن الإمام يلتقيه ليبثَّ له بعض المعلومات، فإن وظيفتنا تكذيب، وظيفتنا ردع الناس عن الاعتقاد بكلامه أو الارتباط به؛ فإنه كاذبٌ مفترٍ. نعم، هذا لا ينفي أن الإمام يشرّف كثيرًا من الناس بحضوره «عجل الله تعالى فرجه الشريف» وبنصيحته وبهديه، لكن لا يجوز لهؤلاء أن يدّعوا أنهم نوّاب أو سفراء، أو أنهم واسطة بين الإمام وبين الآخرين في الأوامر والنواهي.

المقدم: أحسنتم سماحة السيد، طيّب الله أنفاسكم، شكرًا جزيلًا لكم على حضوركم معنا وتحملكم هذا الجهد والعناء، وأسأل الله أن يكون في ميزان حسناتكم، وأن نكون معكم إن شاء الله في لقاءات أخرى، وشكري لكم أيضًا مشاهدينا الكرام لحسن المتابعة، في الختام تقبلوا تحياتي وتحيات أسرة البرنامج، حتى ألتقي معكم في حلقة أخرى أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.