درس القواعد الفقهية - الدرس 15

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ما زال الكلام في مدرك «قاعدة الغرور» المعبّر عنها في كلماتهم: «المغرور يرجع على من غرّه». ووصل الكلام الى:

الوجه الثالث: وهو الاستدلال بروايات التدليس: وقد استدل بها السيد الإمام «قده»: «كتاب البيع، ج2، ص451».

ومنها: معتبرة رفاع ابن موسى: قال: سألت ابا عبد الله : «البرصاء، إلى قال: قضى امير المؤمنين علي في امرأة زوجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما استحلَّ من فرجها، وأن المهر على الذي زوجها، وإنما صار عليه المهر لأنه دلّسها، ولو أن رجلا تزوج امرأة وزوجه إياها رجل لا يعرف دخيلة امرها - اي جاهل بأن بها عيب - لم يكن عليه شيء وكان المهر يأخذه منها» - إذا كانت هي المدلّسة -.

وقد ذكر السيد الامام بأن ظاهر ذيلها التفصيل بين العالم والجاهل، فمن كان عالما بوجود العيب واخبره كان مدلسا والا فليس بمدلس بل هو خارج عن الحكم موضوعاً.

وتقريب الاستدلال بهذه الرواية على قاعدة الغرور: ما أفاده «قده» ان بين عنوان الغرور وعنوان التدليس ترادف. والشاهد على ذلك:

أولاً: اللغة: فإن الغرورَ لغةً: مرادف للخديعة والتدليس. فإذا وردت رواية دالة على أنّ من دلّس يغرم، إذاً من غرّ يغرم، لوجود ترادف بين عنواني الغرور والتدليس.

وثانياً: ما مضى من صحيحة اسماعيل ابن جابر التي استدل هو «قده» بها على قاعدة الغرور: قال : «كما غرّ الرجل وخدعه» فعطف الخديعة على الغرور. وظاهر العطف هو الاشتراك وان معناهما واحد. فلذلك لو دلّ دليلٌ على أن الخادع يغرم، فالغار أيضاً يغرم.

ثالثا: ورد في رواية دعائم الاسلام، في القرن والجذام «... ويرجع بالمهر على من غرّه بها، وإن كانت هي التي غرّته رجع به عليها». فهذه الرواية قد دلّت على أنّ من أخفى القرن أو الجذام فهو غارّ. وروايات أخرى عبّرت عنه بأنه مدلّس. وثالثة عبرت عنه بانه خادع، فيكتشف من الاشتراك في التعبير مع أن المورد واحد وهو اخفاء العيب من قرن أو جذام أو برص: ان العناوين بمعنى واحد.

فمتى ورد دليل على حكم مترتب على عنوان من هذه العناوين الثلاثة دل على ترتبه في باقي العناوين.

فهل هذا الكلام تام أم لا؟ يأتي الكلام عنه ان شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.