الدرس 66

الخلل الواقع في الصلاة

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الجهة الثانية من جهات المسالة في ان الجواز المبحوث عنه وهو جواز الصلاة في اللباس المشكوك هل هو جواز واقعي كما ذهب اليه المحقق القمي أم جواز ظاهري كما ذهب اليه المحقق النائيني «قدس سرهما»، أم انه جواز ظاهري يتبدل على واقعي في بعض الفروض كمت ذهب اليه سيدنا الخوئي «قده» ولأجل اثبات صحة مبناه وتفنيد مبنى المحقق النائيني دخل في بحث «لا تعاد» وان «لا تعاد» هل تشمل الجاهل بالحكم أم لا؟

فأفاد بأن مقتضى القاعدة ان من صلى في الثوب المشكوك ثم انكشف له ان الثوب مما لا يؤكل لحمه مقتضى القاعدة الاولية بطلان صلاته، لأن المفروض ان شرطية ما يؤكل أو مانعية ما لا يؤكل مانعية واقعية لا ذكرية. فإذا انكشف ان ما صلى فيه لم يكن مما يؤكل فمقتضى القاعدة الأولية بطلان صلاته. فنحتاج لإثبات صحة صلاته بعد انكشاف الخلاف إلى دليل خاص والدليل الخاص المتصور في المقام هو حديث «لا تعاد الصلاة الا من خمسة» ويبتني التمسك بحديث «لا تعاد» على شموله للجاهل، فإذا قلنا بأن الحديث شامل للجاهل فمن صلى في الثوب المشكوك جهلا ثم انكشف الخلاف وانه صلى فيما لا يؤكل شمله حديث «لا تعاد» فكان مقتضى ذلك صحة صلاته، إذن فلابد من البحث في هذه النقطة، وهي: هل أن «لا تعاد» يشمل الجاهل أم لا؟

لذلك ذكر سيدنا «قده» عدة مطالب:

المطلب الاول: نقل عن المحقق النائيني عن «كتاب الصلاة، ج3، ص5» أن المحقق النائيني ذهب إلى اختصاص «حديث لا تعاد» بفرض النسيان وعدم شموله لفرض الجهل وقد اوضح مراده بما يلي:

أنه في فرض مخالفة التكليف الواقعي كما إذا افترضنا ان المكلف صلى فيما لا يؤكل جاهلا مثلا، اما ان يكون التكليف الواقعي ما زال باقيا أو انه سقط. فإن كان الامر الواقعي ما زال باقيا أي ما زال مخاطبا بقوله «صل فيما يؤكل» أو قوله «لا تصل فيما لا يؤكل». إذا كان ما زال مخاطبا بالأمر الواقعي لا يصح خطابه ب «اعد» أو لا تعد، لأن الامر الواقعي موجود. فلا معنى لأن يقال له اعد أو لا تعد. فإذا كان الامر الواقعي فعليا في حقيه فلا وجه لخطابه ب «اعد» حتى يخاطب بلا تعد، بينما إذا قلنا بأن الامر الواقعي قد سقط وليس مخاطبا به بعد المخالفة، فلا محالة لا يتصور خطاب في حقه حينئذٍ بعد سقوط الامر الواقعي، الا خطاب اعد أو لا تعد.

اذن ان كان الامر الواقعي باقيا فهو خارج عن موضوع اعد أو لا تعد، وان كان الامر الواقعي ساقطا فهو داخل في موضوع اعد أو لا تعد. هذا من حيث الكبرى.

ومن حيث الصغرى: إذا كان المكلف ناسيا، بأن صلى فيما لا يؤكل نسيانا، ثم تذكر انه صلى فيما لا يؤكل، فهنا الامر الواقعي ساقط في حقه، إذ لا يعقل امر الناسي بما نسي فلا يعقل امره بالكل المركب بالاجزاء التي نسيها أو الشرائط التي نسيها، فحيث ان الناسي لا يعقل تكليفه بالأمر الواقعي وهو الامر بالمركب مما نسيه فلا محالة الخطاب المتصور في حق الناسي هو اعد إذا كان المولى يريد الامتثال مرة اخرى، فإذا لم يرد سوف يقوله له لا تعد، من هنا كان حديث «لا تعاد» شاملا للناسي لأنه قوله «لا تعاد» ظاهر في النظر إلى فرض يكون المخاطب فيه مما يصح ان يخاطب ب «اعد» فينفيه الحديث فيقول: لا تعد، وهذا انما يتصور إذا سقط الامر الواقعي في حقه، كما في فرض النسيان.

واما في فرض الجهل: فالمفروض ان الامر الواقعي لا يسقط في حال الجهل لاشتراك الاحكام بين العالم والجاهل، فبما أن الحكم الواقعي مشترك بين العالم والجهال فإذا كان جاهلا ثم التفت خوطب بنفس الامر الواقعي وهو قوله «صل فيما يؤكل، «ولا تصل فيما لا يؤكل» فهو خارج موضوعا عن مقسم اعد ولا تعد، فبما انه خارج موضوعا عن ذلك لذلك يكون حديث «لا تعاد» منصرفا عن الجاهل. لأن حديث «لا تعاد» بقرينة التعبير فيه ب «لا تعاد» واضح النظر للمكلف الذي يصح خطابه ب «اعد» فينفى ب «لا تعد» وهذا إنما يتصور في الناسي دون الجاهل. هذا ما نقله عن المحقق النائيني «قده» عن كتاب الصلاة.

ثم اشكل عليه: بأن عنوان «لا تعاد» كما يتصور في حق الناسي يتصور في حق الجاهل لا فرق بينهما، فهذه المادة كما تتصور شمولها للناسي يتصور شمولها للجاهل. وبيان ذلك:

انه لو فرضنا ان الجاهل دخل في الصلاة وصلى ركعة مثلا فيما لا يؤكل جهلا منه، أو فرغ من الصلاة وقد صلى تمامها فيما لا يؤكل الا يصح خطابه ب «أعد» لا اشكال عرفا يقال له «اعد» اعد صلاتك، لأنها وقع فيما لا يؤكل. فكما انه في الناسي إذا صلى في غير المأكول مثلا فتذكر اثناء الصلاة أو تذكر بعد الصلاة صح خطابه عرفا ب «اعد صلاتك» أو استأنف صلاتك، فيأتي حديث «لا تعاد» ليسقط عنه ذلك، كذلك الجاهل إذا صلى ركعة أو اتم الصلاة فيما لا يؤكل فإن الخطاب العرفي في حقه ب «اعد» أو «لا تعد». نعم، «اعد» لا يتصور فيمن لم يشرع بالصلاة اصلا لأنه إذا لم يشرع في الصلاة فلا معنى لأن يقال له اعد، بل يتوجه الامر الاول اليه، لكنه بعد الشروع وارتكاب المحذور فهو مقسم عرفا ل «اعد» أو «لا تعد» كان ناسيا أو كان جاهلا، فلذلك تشبث المحقق النائيني بأن التعبير ب «لا تعاد» واضح النظر لمن سقط الامر الواقعي في حقه وهو خصوص الناسي غير تام، بل يشمل كل من يصح خطابه بعد شروعه في الصلاة ب «اعد»، والجاهل ممن يصح خطابه عرفا بعد شروعه بالصلاة ب «اعد»، فيقال له لا تعد.

ولكنك خبير بصحة اطلاق الاعادة في كلتا الصورتين، فهما يشتركان في صحة الاطلاق نفيا واثباتا بمجرد الشروع في العمل، نعم قبل الشروع لا معنى للحكم بالإعادة أو بعدمها لانتفاء الموضوع، فإنها _الإعادة_ عبارة عن الوجود الثاني للطبيعة من دون فرق في ذلك بين الجاهل والناسي فكما ان الناسي إذا كرر كان تكراره اعادة كذلك الجاهل إذا كرر كان تكراره اعادة عرفاً. سواء فرغ من العمل أو كان بعد في الاثناء. ويكشف عن الثاني ما ورد غير وارد من الاخبار من الاعادة فيمن تقهقه بصلاته، أو احدث أو نحو ذلك، حيث عبّرت بعض النصوص ب «يعيد صلاته» مع بقاء الامر الاول في حقه فإنه إذا احدث فإن الامر ما زال باقيا في حقه ومع ذلك قال الروايات يعيد الصلاة. هذا ما ذكره السيد الخوئي في تعليقه على شيخه النائيني «قدس سرهما».

وهنا عدة تعليقات على ما ذكره سيدنا «قده»:

التعليقة الاولى: تكرر في كلمات سيدنا «قده» نسبة اختصاص حديث «لا تعاد» بالناسي للمحقق النائيني. عدة مرات يقول ان المحقق النائيني يرى اختصاص حديث «لا تعاد» بفرض النسيان.

ولكن عند المراجعة لكلمات المحقق النائيني «قده» نرى ان المحقق النائيني يرى عدم شمول «لا تعاد» لفرض الجهل لا اختصاص لحال النسيان، وقد ذكر ذلك مؤكدا كما في «تقرير الصلاة، ج2، ص287» للآملي. قال:

مورد عدم وجوب الاعادة المستفاد من صحيحة زرارة وهو حديث «لا تعاد» ما كان مقتضى القاعدة لولا الصحيحة هو الاعادة أي ان ظاهر حديث «لا تعاد» بقرينة التعبير بلا تعاد انه لولا هذا الحديث لكان مقتضى القاعدة في حقه هو الاعادة وهذا غير مختص بصورة النسيان يعني من كان مقتضى القاعدة في حقه لولا صحيحة «لا تعاد» هذا لا يختص بفرض النسيان بل يعم لكل مورد لم يمكن للشارع توجيه الامر بالصلاة التامة اليه. فكل مورد لا يمكن للشارع ان يأمر المكلف بالصلاة التامة ففي هذا المورد يكون مقتضى القاعدة الاعادة لولا حديث «لا تعاد»، وهذا ايضا يتصور في الناسي إذ لا يمكن ان يأمره المولى بما نسي، كذلك يتصور في المضطر، كذلك يتصور في المخطأ، كذلك في الغافل. بالنتيجة: كل مكلف ابتلي بعذر يمنع من تكليفه بالمركب التام اما لنسيان أو اضطرار أو اكراه أو غفلة أو خطأ، فمثل هذا المكلف مقتضى القاعدة في حقه انه إذا ارتفع عذره ان يعيد لولا حديث «لا تعاد». فمورد الصحيحة يعم جميع هذه الموارد بعد شمولها للعمد والجهل بقسميه القاصر والمقصّر.

أما الجاهل: فمقتضى القاعدة في حقه، إذا علم هو مخاطبته بنفس الامر الاول، لا ان مقتضى القاعدة في حقه ان يعيد بل مقتضى القاعدة في حقه خطابه بالأمر الاول. لذلك قلنا بانصراف حديث «لا تعاد» عن الجاهل ويشمل كل موارد العذر التي تمنع من امره بالمركب.

التعليقة الثانية: بالنسبة لما أفاده المحقق النائيني «قده» يلاحظ عليه:

أولاً: بأن دعوى عدم شمول الخطاب للنسيان غير المستوعب أول الكلام، _فإن محل الكلام لا يختص بالنسيان المستوعب للوقت بل يشمل النسيان غير المستوعب كما إذا نسي حال الصلاة ثم تذكر بعدها فإن «لا تعاد» تشمله قطعا_، ولا اشكال ان الناسي بنسيان غير مستوعب مخاطب بالطبيعي بين الحدين، فهو مخاطب بطبيعي الصلاة فيما يؤكل بين الحديث والمفروض ان المكلف وان نسي هذا التكليف في بعض الوقت لكن بما انه متذكر له في بعض الاخر فخطابه بالطبيعي المشتمل على هذا الشرط ليس مستحيلا ولا لغواً بل هو خطاب عقلائي.

إذن بالنتيجة: دعوى ان الناسي ليس مخاطباً بالأمر الواقعي وانه لا يخاطب الا ب «اعد» هذه الدعوى ممنوعة، بل النسيان غير المستوعب مخاطب بنفس الامر الواقعي لصحة خطابه بالطبيعي المشتمل على الشرط أو الجزء أو المانع المنسي.

ثانياً: إن لغوية الخطاب في حق الناسي تشمل ايضا الجاهل المعتقد بالخلاف، فلو فرضنا انه جاهل بوجوب السورة عليه جهلا مركباً يعني قاطع بالخلاف، فكما انه لا يصح خطاب الناسي للغوية خطابه مع عدم قدرته على التحرك على طبق الخطاب لكونه ناسيا لا يصح ايضا خطاب الجاهل القاطع بالخلاف، ولذلك يقال لا يمكن ردع القاطع عن قطعه، فلا يمكن خطاب الجاهل بما جهله إذا كان قاطعاً بالخلاف، فهذه النكتة كما ذكر سيدنا في بعض الموارد لا تختص بفرض النسيان بل أيضاً الجهل المركب.

ثالثا: إن ظاهر حديث «لا تعاد الصلاة الا من خمسة» ثم قال: «والتشهد سنة والقراءة سنة ولا تنقض السنة الفريضة» ظاهر الحديث: أن الكبرى في الذيل وليست في الصدر، فالمدار على صدق الذيل لا على صدق الصدر، وما ذكر في الصدر ما هو الا تطبيق من تطبيقات الكبرى المذكورة في الذيل.

فالكبرى المذكورة في الذيل هي: «لا تنقض السنة الفريضة» أي ان الاخلال بالسنة عن عذر لا يوجب نقض الفريضة وهذه الكبرى كما تشمل الناسي تشمل، تشمل الجاهل ذو الاعذار الاخرى، وما ذكر في الصدر من قوله «لا تعاد الصلاة الا من خمسة» ما هو الا تطبيق لهذه الكبرى المذكورة في الذيل.

اذن لو سلمنا مع المحقق النائيني «قده» عدم شمول كلمة «لا تعاد» للجاهل فلا عبرة لذلك، لانها مجرد تطبيق وإنما المهم ما ذكر في الذيل، وحيث ان ما ذكر في الذي يشمل الجاهل والناسي بلا فرق بينهما فمقتضى ذلك عموم الحديث.

رابعاً: لو سلّمنا بأن المدار على الصدر فالتعبير بالإعادة لا يكشف عن اختصاص الحديث بفرض الناسي لأنه مجرد ارشاد، إذ ليس قوله «لا تعاد» الا مجرد ارشاد إلى الصحة وأن سنة السنة لا تشمل فرض العذر، فقوله «لا تعاد الصلاة» ما هو الا حاكم على الادلة الاولية شارح لها مبين ان جزئية كل جزء ما عدا الخمسة، وشرطية كل شرط ما عدا الخمسة، ومانعية كل مانع ما عدا الخمسة لا تشمل فرض العذر، سواء كان العذر نسيانا أو جهلاً، فبما ان التعبير ب «لا تعاد» مجرد ارشاد إلى الصحة وضيق الجزئية والشرطية والمانعية عن السعة والشمول لفرض العذر لذلك لا معنى للقول بأن «لا تعاد» انما يتصور في حق من لم يخاطب بالأمر الواقعي فخوطب ب «اعد» فنفاه الحديث بقوله «لا تعاد».

فإن قلت: حتى لو سلمنا بأن حديث «لا تعاد» ارشاد، فإن الارشاد بإطار اللسان المرشد به، فصحيح ان مفاد «لا تعاد» الارشاد إلى الصحة لكن المرشد اليه تتضيق بضيق اللسان الذي تم به الارشاد، وحيث إن اللسان وهو قوله «لا تعاد» ضيّق ولا شمول فيه عرفاً لمن كان مخاطباً بالأمر الاول وهو الجاهل فلا محالة «لا تعاد» ترشد إلى الصحة في فرض النسيان ولا تشمل فرض الجهل.

قلت: هذا تام لو لم يكن العنوان عرفا كناية عن الصحة. فلو لم يكن هذا العنوان كناية عرفية عن الصحة لتم الكلام بأن المرشد اليه بحدود اللسان المرشد به فإذا كان اللسان واسعا كان المرشد اليه واسعا والا كان ضيقا، ولكن إذا كان العنوان المستخدم في مقام الارشاد قد اصبح كناية عرفية عن امر معين فلا تلحظ الخصوصيات اللسانية في الكناية وانما يكون المدار على المكني عنه. فمثلا في قول العرب: فلان كثير الرماد، أو مهزول الفصيل، أو جبان الكلب، كل ذلك كناية عن الكرم، فبما أن هذه العبارات لدى العرف العربي كناية عن الكرم فلا تلاحظ خصوصية كثرة الرماد أو جبن الكلب أو هزال الفصيل وانما المدار على المكني عنه، فهو طريق محظ بنظر العرف إلى المكني عنه، وحيث إن عنوان «لا تعاد» و«اعاد» في النصوص اصبح كناية عن الصحة والفساد، كما يظهر من كثير من النصوص: «من زاد في صلاته فعليه الاعادة»، «من جهر فيما لا ينبغي فيه الجهر اعاد» إلى غير ذلك من النصوص. إذن فمقتضى كون اللسان ارشادا وكناية عن الفساد ان لا يعتمد على الخصوصية اللّسانية لو سلّمنا بأن المدار على ما في الصدر. ولذلك في ضمن حديث روايات حديث «لا تعاد» _لان حديث «لا تعاد» ورد بعد روايات_ قال: «والقراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا اعاد الصلاة»، فهل يحتمل في قوله من ترك الصلاة متعمدا اعاد الصلاة، هل يحتمل سقوط الامر؟ مع ان المتعمد من اوضح مصاديق من كان الامر باقيا في حقه، لذلك عبرت الرواية ب «اعاد الصلاة» مما يكشف عن كون الاعادة وعدم الاعادة مجرد الكناية عن الفساد وعن الصحة. ونحوه قوله: «من زاد في صلاته فعليه الاعادة» أو قوله: «من جهر فيما لا ينبغي الجهر به» أي فعل ذلك فقد نقض صلاته وعليه الاعادة ونحو ذلك. وبعد مناقشة المحقق النائيني يتبين لنا المناقشة فيما ذكره سيدنا «قده» حيث تشبث سيدنا بأن كلمة اعاد مما يصح خطاب الجاهل به كما يصح خطاب الناسي به.

فيقال: إما ان يكون «لا تعاد» خطابا ارشاديا أو يكون خطابا مولوليا، فإن كان خطاب «لا تعاد» مجرد ارشاد لم نحتج إلى هذه النكتة فيكفي دفع الاشكال ويكفي في دفع كلام النائيني ان «لا تعاد» إرشاد إلى الصحة، ومقتضى ارشاديته إلى الصحة عدم الفرق بين الجاهل والناسي، بل ومقتضى كونه ارشاده إلى الصحة عدم الفرق فيما لو كان ذلك قبل الشروع أو بعد الشروع، فهو يريد ان يقول: جزئية الجزء لا تشمل فرض العذر وهذا البيان كما يصح ان يبين للمكلف بعد الشروع يصح ان يبين للمكلف قبل الشروع. إذ ما دام اللسان مجرد ارشاد فلا فرق في ذلك في النظر إلى المسألة بعد الشروع أو قبل الشروع. واما إذا قلت يا سيدنا انه خطاب مولوي، فيأتي كلام النائيني، إذ لا معنى لأن يؤمر مولوليا ب «اعد» مع أنه مأمور بالأمر الاول، لا معنى لتعدد الامر المولوي فالجاهل بما انه مأمور بالأمر الاول فلا معنى لأمره بأمر ثاني بعنوان اعد، وانما يتصور ذلك بالناسي لأنه ليس مأموراً بالأمر الاول. إذن إما أن تقول هذا خطاب مولوي فيأتي كلام النائيني من كان مأمور بالأمر الاولي لا معنى لأن يأمر مرة اخرى ب «اعد» حتى ينفى ب «لا تعاد» ومن لم يكن مأمورا بالأمر الاولي هو الذي يصح خطابه ب «اعد» خطابا مولويا فينفى ب «لا تعاد». وأما إذا قلت بأنه مجرد ارشاد إلى الصحة مقابل الارشاد إلى الفساد فلا حاجة إلى هذا البيان وهو انه يصح ان يخاطب الجاهل ب «اعد» بعد شروعه أو بعد فراغه من الصلاة وإن لم يصح خطابه بذلك قبل شروعه إذ ما دام مجرد ارشاد إلى ضيق الجزئية أو الشرطية أو المانعية فلا فرق في صحة هذا الارشاد بين ما بعد الشروع وما قبل الشروع.

والحمد لله رب العالمين.