الدرس 109

دوران الأمر بين الأقل والأكثر

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

كان الكلام في أنه إذا دار الامر بين الأقل والاكثر، فهل أن جريان البراءة عن التقييد يثبت الإطلاق؟ أو أن استصحاب عدم التقييد يثبت الإطلاق بناءً على أن التقابل بين التقييد والإطلاق تقابل السلب والإيجاب أم لا؟

فنقول: تارة يقع الكلام في المطلق الشمولي. وأخرى: في المطلق البدلي.

والفارق بينهما: أن المطلق الشمولي: ما كان موضوعاً لأثر شرعي، وكل ما كان موضوعاً لأثر شرعي فهو مطلق شمولي، سواء كان في باب المعاملات بالمعنى الأعم أو في باب العبادات. مثلاً: البيع موضوع للملكية، وعقد النكاح موضوع للزوجية، فهذا مطلق شمولي، النذر موضوع لوجوب الوفاء، وحنف النذر موضوع للكفارة، إذن فهذا مطلق شمولي.

او نأتي إلى باب النجاسات: الدم موضوع للنجاسة، وهو مطلق شمولي. نأتي إلى باب الطهارات، إذا قلنا بأن موضوع الصحة هو الطهارة وليس الأفعال سوف تكون الافعال من المطلق الشمولي أي الوضوء موضوع للطهارة الشرعية، الغسل موضوع للطهارة الشرعية، فسوف تدخل هذه الطهارات في المطلق الشمولي.

أيضاً إذا جئنا إلى أحكام الميت: صحة غسل الميت موضوع لصحة التكليف، وصحة التكليف موضوع لوجوب الصلاة عليه، وهكذا، فكل موضوع لأثر شرعي فهو من المطلق الشمولي.

وأما ما كان موضوعا لأثر عقلي: وهو وجوب الامتثال فهو من المطلق البدلي. مثلاً: الصلاة ليست موضوعة لأثر شرعي وإنما الصلاة موضوع لأثر عقلي، أي الاتيان بالصلاة ًموضوع لسقوط الامر وليست موضوع لأثر شرعي، الصوم موضوع لسقوط الامر به، الطوف موضوع لسقوط الامر به، فمتى ما كان العمل موضوعا لأثر شرعي فهو من المطلق الشمولي.

ومتى ما كان العمل موضوعاً لأثر عقلي فهو من المطلق البدلي. أي أن الملحوظ في المطلق الشمولي كل فرد فرد، لأنّه مادام موضوعا لأثر شرعي فكل فرد منه موضوع لأثر شرعي، كل بيع موضوع للملكية، كل دم موضوع للنجاسة، كل غسل ميت موضوع لصحة تكفينه، كل وضوء موضوع للطهارة، وهكذا. ففي المطلق الشمولي حيث إنه موضوع لأثر شرعي فكل فرد منه موضوع للأثر الشرعي، لذلك هذا يسمى بالمطلق الشمولي. «أردنا أن نبين هذا لأنه يترتب عليه آثار كثيرة في الأصول العلمية». بينما في المطلق البدلي هو موضوع لأثر عقلي، والموضوع للأثر العقلي الطبيعي لا كل فرد، طبيعي الصلاة على نحو صرف الوجود موضوع لسقوط الامر، لان ما تعلق به الامر ليس كل فرد فرد من الصلاة انما الذي تعلق به الامر طبيعي الصلاة على نحو صرف الوجود، فطبيعي الصلاة على نحو صرف الوجود موضوع لسقوط الامر. هذا يسمى بالمطلق البدلي.

بعد ان فرقنا بين المطلق الشمولي والمطلق البدلي نأتي إلى جريان الاصل العملي، نقول:

أما بالنسبة إلى المطلق الشمولي، فهل يجري فيه استصحاب التقييد لإثبات الاطلاق أم لا؟ إذا شككنا في ان البيع مقيد بالعربية أم لا؟ هل يجرس استصحاب عدم العربية لإثبات الإطلاق.

إذا شكنا في ان الوقف مشروط بالقبض أم لا؟ هل يجري استصحاب عدم التقييد لإثبات الإطلاق؟ إذا شككنا في ان غسل الميت مشروط بكون الماء طاهرا أم لا؟ فهل يجري استصحاب عدم التقييد لإثبات الاطلاق؟

هل ان موضوع المانعية في الصلاة خصوص الذهب الأصفر أو مطلق الذهب؟ هل تقيّد موضوع المانعية بالذهب الاصفر أم لا؟ وهكذا.

كل ما له أثر شرعي فهو من المطلق الشمولي إذا دار الامر فيه بين التقييد والإطلاق. هل أن استصحاب عدم التقييد يثبت الإطلاق بناء على ان التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب أم لا؟

فقد ذكر جملة من الأعلام أنه: إذا قلنا بالانحلال في مرحلة الجعل فاستصحاب عدم التقييد لا يثبت الاطلاق، واما إذا قلنا بأن الانحلال في مرحلة الفعلية لا في مرحلة الجعل فاستصحاب عدم التقييد مثبت للإطلاق. بيان ذلك:

عندما نأتي للبيع، نقول: هل ان هناك انحلالا في مرحلة الجعل، بمعنى ان الشارع في مرحلة الجعل قال: كل بيع مملك، فجعل موضوع الأثر كل بيع بيع، لا أن موضوع الأثر طبيعي البيع، بل موضوع الاثر كل بيع بيع، فهل ان هناك انحلالا في الجعل، يعني موضوع الاثر كل فرد فرد من البيع؟ أم ان الانحلال في مرحلة الفعلية؟ أي موضوع الملكية طبيعي البيع لا كل فرد. غاية ما في الباب في مرحلة الفعلية هذا الطبيعي ينطبق على كل فرد، فيثبت له الاثر، أي ان الاثر ثابتاً للطبيعي يثبت للفرد باعتبار انحلال الطبيعي في مرحلة الفعلية، بانطباقه على كل فرد. فهل الانحلال في مرحلة الجعل؟ أم الانحلال في مرحلة الفعلية؟

الكلام نفسه، إذا قلنا لبس الرجل للذهب مانع من صحة الصلاة؟ موضوع المانعية طبيعي لبس الذهب؟ أم ان موضوع المانعية كل لبس كل فرد من اللبس فهو موضوع للمانعية؟.

بالنتيجة: إذا قلنا بالانحلال في مرحلة الجعل أي ان موضوع الاثر كل فرد حينئذ يقال: استصحاب عدم التقييد لا يثبت الاطلاق حتى لو كان التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب، لأن المفروض ان موضوع الأثر هو الفرد، فاستصحاب عدم تقييد الفرد لا يثبت ترتب الاثر على الفرد الفاقد بهذا القيد، استصحاب عدم تقييد البيع بالعربية لا يثبت ترتب الاثر وهو الملكية على البيع بالفارسية. استصحاب عدم تقييد مثلا غسل الميت بالماء الطاهر لا يثبت ترتب الاثر وهو صحة التكفين غلى الغسل الفاقد للماء الطاهر وهكذا، لان المفروض ان موضوع الاثر هو الفرد.

إذن استصحاب عدم التقييد لا يثبت لنا شيئا، ولأجل ذلك لا اثر لجريان استصحاب عدم التقييد حتى لو كان التقابل بينهما تقابل السلب والايجاب.

اما إذا قلنا بأن الانحلال في مرحلة الفعلية لافي مرحلة الجعل، أي أن موضوع الاثر هو طبيعي النكاح لا أن موضوع الأثر كل نكاح، أو أن موضوع الطهارة طبيعي الوضوء لا ان موضوع الطهارة كل وضوء.

فاذا قلنا بذلك فذكر بعض الاعلام من المعاصرين «دام ظله»: نعم، ما دام موضوع الاثر هو الطبيعي إذن استصحاب عدم التقييد يثبت الإطلاق، لأن الإطلاق ليس إلا عدم التقييد، باعتبار ان التقابل بينهما تقابل الإيجاب والسلب، فالإطلاق نفس عدم التقييد وليس شيئا آخر، فاستصحاب عدم التقييد هو بنفسه استصحاب إطلاق، لأن الاطلاق عين عدم التقييد، فإذا لم ندري ان طبيعي النكاح موضوع لوجوب النفقة أو النكاح بهذا القيد يكون موضوعا لوجوب النفقة، إذن استصحاب عدم التقييد يثبت الإطلاق، ثبت ان موضوع وجوب النفقة هو طبيعي النكاح، أيُّ نكاح في الخارج يحصل يترتب عليه هذا الاثر.

ولكن تأمل في ذلك _ وهو يتوقف على نكتة عرفية_:

ان الانحلال في مرحلة المجعول لازم عقلي للجعل، أو لازم شرعي، أو ان الواسطة بينهما خفية؟

فنحن إذا دققنا مثلا فقلنا: إذا ثبت في مرحلة الجعل أن طبيعي النكاح موضوع للزوجية ترتب الزوجية على الفرد الخارجي من النكاح الخالي عن قيد العربية ترتب الاثر على هذا الفرد لازم عقلي؟! أو لازم شرعي؟ أو أنه وإن كان لازماً عقليا لكن الواسطة بينهما خفيّة.

فمن يدعي انه لازم شرعي، فواضح، فهذا اثر شرعي، اثر كون موضوع الزوجية طبيعي النكاح، أثر ذلك شرعاً ترتب الزوجية على الفرد الخارجي من النكاح وهو النكاح الذي وقع باللغة الفارسية.

لكن هذا مما لا دليل عليه، إذن يبقى هذا اللازم عقلي، لأن انطباق الطبيعي على فرده امر عقلي وليس امرا شرعياً، فترتب الأثر الطبيعي على الفرد هذا امر عقلي وليس شرعياً. الكلام انه بواسطة خفية أم لا؟

فيقال بانه: صحيح ان الاثر وهو الزوجية موضوعه في عالم الجعل طبيعي النكاح أمّا ترتب هذا الاثر على الفرد الخارجي من النكاح وهو النكاح الخالي من العربية هذا امر عقلي، أما لأن الواسطة بينهما خفية لولا أن الشخص ليس طالب علم لا يلتفت إلى هذه التدقيقات، فيرى ان اثر الطبيعي اثر للفرد. إذن فحينئذٍ حيث إن الواسطة خفية لا يكون إثبات ترتب الأثر على الفرد باستصحاب عدم التقييد في الطبيعي من الأصل المثبت باعتبار خفاء الواسطة بينهما. فتنبه وتأمل. هذا بالنسبة إلى المطلق الشمولي.

إذن في المطلق الشمولي هل يجري استصحاب عدم التقييد يثبت الاطلاق؟

وهذه مسألة ابتلائية موجودة في كل الابواب، وهي مهمة.

إذا كان من المطلق الشمولي فهل ان استصحاب عدم التقييد يثبت الإطلاق؟

الكلام: ان كان التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل الضدين فلا. إن كان التقابل بين التقييد والإطلاق تقابل الملكة والعدم، فلا، إن كان التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل السلب والإيجاب فلابد من التفصيل: هل ان هناك انحلال في مرحلة الجعل فلا يترتب عليه؟ أم ان الانحلال في مرحلة الفعلية؟ فيترتب عليه لو قلنا بخفاء الواسطة.

وأما في المطلق البدلي وهو ما كان متعلق الامر هو صرف الوجود، أمر بصرف وجود صلاة الظهر بين الحدّين، أمِرَ بصرف الطواف، أمِرَ بصرف الصوم، إذا كان المأمور به صرف الوجود وتردد هذا المأمور به بين الإطلاق والتقييد، كي لا ندري أن المأمور به الصوم بشرط عدم الارتماس؟ أم لا بشرط، الصلاة بشرط الاطمئنان أو لا بشرط؟ استصحاب عدم الشرط يثبت الاطلاق بناء على أنّ التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب باعتبار ان المامور به هنا الطبيعي على نحو صرف الوجود، فلا يوجد انحلال كي يقال بأن استصحاب عدم التقييد لا يثبت ترتب الاثر على الفرد الفاقد لانه اصل مثبت باعتبار ان الفرد ليس متعلقا للامر إنما هو مسقط، وليس موضوعا للاثر انما هو مسقط لا يترتب عليه أي اثر شرعي، اذن استصحاب عدم التقييد يثبت الإطلاق في مرحلة الجعل. هذا بالنظر إلى الاستصحاب.

وأمّا بالنظر إلى البراءة: حيث إن السيد الشهيد «قده» في بحوثه في «شرح العروة ج1، ص151» أشكل بهذا الاشكال في مسألة الغسل فقال:

اذا شككنا في ان الغسل هل هو مشروط بالترتيب بين الجانب الايمن والجانب الايسر، فهل جريان البراءة عن التقييد بالترتيب يثبت الاطلاق؟ فيترتب على هذا الغسل جميع الآثار وان كان فاقداً للترتيب بناء على ان التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب، فقال: بأن الاشكال مستحكم وان الشبهة عويصة.

جريان البراءة عن التقييد لا يثبت ان الغسل المأمور به هو الغسل على نحو اللا بشرط، جريان البراءة عن البشرطية لا يثبت انه على نحو اللا بشرط.

وطرحنا هذا الاشكال على شيخنا الاستاذ «قده» فأجاب بجوابين:

الجواب الاول _الذي كان واضحا عنده واصر عليه_: أن جريان البراءة عن التقييد يثبت الصحة الظاهرية لدى المرتكز المتشرعي، فإن المرتكز المتشرعي إذا قيل لهم لو دار امر الصلاة بين عشرة وتسعة، لو دار امر الصلاة بين شرط الاطمئنان ولا بشرط، فماذا نصنع؟

فيقولون مقتضى دليل البراءة انك لست معاقبا على ترك الاكثر ولست مسؤولا عن ترك الاكثر. ويرون أن هذا كافٍ في الاكتفاء بالصلاة والاجتزاء بها وإن فقدت الجزء العاشر أو الشرط المشكوك وهو شرط الاطمئنان، وهذا منبه على ان المرتكز المتشرعي يرى ان جريان البراءة عن التقييد مثبت للصحة الظاهرية، فيثبت ان هذه الصلاة صحيحة ظاهراً، أي ان جريان البراءة عن التقييد يثبت اللا بشرطية ظاهراً. هذا بالارتكاز المتشرعي، وان كان لو خلينا عن هذا الارتكاز، لقلنا بأنه اصل مثبت.

الجواب الثاني: قال: بأن هذا من باب الاطلاق المقامي، باعتبار ان دليل البراءة القي بما له من اطلاق على المكلفين وقيل لهم: «رفع عن امتي ما لا يعلمون». أو «ما حجب الله عمله عن العباد هو موضوع عنهم» فلما ألقي دليل البراءة بما له من اطلاق على المكلفين والمفروض ان هذه المشكلة عامة البلوى، وهي: ان جريان البراءة عن التقييد لا يثبت الطلاق، فبما انها عامة البلوى في موارد الاقل والاكثر الارتباطيين وهو امر لا يتنبه له عامة الناس، فلو كان جريان البراءة عن التقييد لا يثبت الإطلاق أو لا يثبت الصحة الظاهرية للزم التنبيه على المولى الحكيم وهو في مقام بيان الوظيفة الفعلية، فحيث لم ينبه وهو في هذا المقام: كان مقتضى الاطلاق المقامي انه: متى ما جرت البراءة عن التقييد ترتب عليه الاطلاق.

فهل هذان الوجهات تامان أم لا؟ أدباً مع شيخنا الاستاذ قلنا نقبل كلامكم من باب التعبد.

إذن فبالنتيجة: حيث إن البراءة عن التقييد على بعض المباني تثبت الاطلاق في دوران الامر بين الاقل والاكثر في المطلق البدلي فلا تصل النوبة إلى استصحاب عدم التقييد، وأما إذا لم تثبت فلا طريق امامنا الا التشبث بالاستصحاب، أي استصحاب عدم التقييد لإثبات الاطلاق بناء على ان تقابلهما تقابل السلب والايجاب.

نعم، إذا قلنا بأن الصلاة مترتبة على نفس الوضوء لا على الطهارة المنتزعة من الوضوء، ولم يقل بأن الحدث مانع، صحة الصلاة اثر شرعي لنفس الوضوء مع عدم الناقض، هكذا استفدنا من الادلة، لا اننا استفدنا من الادلة المترتبة على الطهارة الناشئة من الوضوء، أو استفدنا من الادلة أن الحدث مانع!. استفدنا من الادلة صحة الصلاة مترتبة على الوضوء مع عدم الناقض.

فاذا استفدنا من الادلة ذلك، الناقض لم يحصل بعد الوضوء وجداناً، فهذا الجزء الاول من الموضوع محرز بالوجدان. الوضوء لا ندري انه بشرط الترتيب في مسك القدمين أو لا بشرط؟ يرجع الدوران في الوضوء إلى الدوران في الصلاة نفسها، باعتبار ان نفس الوضوء شرط في الصلاة، فيدور الامر في الصلاة نفسها بين ان المطلوب ان الصلاة بشرط الوضوء عن ترتيب؟ أو الصلاة بشرط الوضوء لا بشرط؟ تعود المسألة للدوران بين الاقل والاكثر في الصلاة، وحيث قلنا بأن الصلاة من المطلق البدلي فيأتي فيها ما يأتي في المطلق البدلي.

إذن فبالنتيجة: هذا خلاف في باب الطهارات، وإلا في بقية الموارد يأتي البحث الذي سبق.

هذا تمام الكلام في المانع الثاني من جريان البراءة عن وجوب الاكثر وهو ان جريان البراءة عنها، هل يثبت الإطلاق أم لا؟ صار فيه الكلام.

المانع الثالث: وهو إذا شككنا ودار الامر بين الاقل والاكثر وقلتم بجريان البراءة عن الاكثر فهذا لا يكفي، لأننا بالنتيجة نشك في سقوط الامر، امرنا بصلاة ولا ندري ان هذه الصلاة مشروطة بالاطمئنان أم لا؟ اجرينا البراءة عن شرطية الاطمئنان، صلينا بدون اطمئنان، بعد ذلك شككنا في سقوط الامر، فيجري استصحاب بقاء الامر. فمقتضى استصحاب بقاء الامر عدم جدوى بقاء الامر عدم جدوى جريان البراءة عن الاكثر. إن لم نقل بحكومة استصحاب بقاء الامر على جريان البراءة عن الأكثر فلا اقل من تعارضهما. فإن مقتضى جريان البراءة عن الاكثر الاكتفاء بهذه الصلاة، بينما استصحاب بقاء الامر عدم الاكتفاء بها. إذن فجريان البراءة عن الأكثر معاق باستصحاب بقاء الأمر. فما هو الجواب؟

هنا أجاب الاعلام:

الجواب الاول: ما ذكره سيدنا الخوئي «قده» في «مصباح الاصول» من ان المسألة من القسم الثاني من اقسام استصحاب الكلي، إذا دار بين فرد قصير وفرد طويل، فانه يقال: إذا جرى الاصل في الفرد الطويل بدون معارض كان حاكما على استصحاب الكلي.

في المقام عندنا كلي وهو كلي الوجوب، كلي الامر، وعندنا فردان لهذا الوجوب، فرد قصير: وجوب الاقل، فرد طويل: وجوب الاكثر. اجرينا الاصل عن الفرد الطويل، قلنا تجري البراءة عن التقييد، هذا اجراء البراءة عن الفرد الطويل. المفروض ان الاصل عن الفرد الطويل غير معارض، لان جريان البراءة عن اللا بشرطية قلنا مما لا معنى له، لأن اللا بشرطية مساوقة للسعة وإرخاء العنوان، فجرى الاصل عن الفرد الطويل بدون معارض في الفرد القصير. حينئذٍ نشك هل الكلي وهو الوجوب باقي أو لا؟ يقول السيد الخوئي: الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في الفرد الطويل، لو كان الواجب هو الفرد الطويل لكان الكلي باقيا، وان لم يكن الواجب الفرد الطويل فقد سقط الكلي بالإتيان بالاقل. إذن بما ان الشك في بقاء الكلي مسبب عند الشك في الفرد الطويل وقد اجرينا الاصل في الفرد الطويل، جريان الاصل في الفرد الطويل سببي، وجريان الاصل في الكلي مسببي والأصل السببي حاكم على المسببي.

راجعوا مصباح الاصول.

والحمد لله رب العالمين.