الدرس 95

الخلل الواقع في الصلاة

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ذكرنا فيما سبق: أنه إذا دار الأمر بين الشرطية والمانعية والضدين اللذين لا ثالث لهما كما إذا دار الأمر بين شرطية الجهر ومانعية الاخفات للقراءة، فهل العلم الاجمالي منجز لتعارض البراءة فيهما؟ أم انه منحل؟

وذكرنا ان المحقق النائيني في فوائد الاصول افاد مطلبين:

المطلب الاول: ان العلم الاجمالي بلحاظ نفس الشرطية والمانعية منجز، لأنه لا يوجد اثر مشكوك لأيّ منهما، فإن اثر جريان البراءة عن الشرطية «شرطية الجهر» جواز الاخفات، مع اننا نعلم بأن الاخفات مبطل على كل حال. وأثر جريان البراءة عن مانعية الاخفات الترخيص فيه ونحن نعلم بأنه مفسد على كل حال. فبما انه لا يوجد اثر مشكوك للشرطية والمانعية تجري البراءة بلحاظه، إذن فالعلم الاجمالي منجز.

المطلب الثاني: هل العلم الاجمالي ينحل لا بلحاظ اثر الشرطية والمانعية، بل بلحاظ اثر الشك في الشرطية والمانعية.

ففي هذا المطلب الثاني قال: قد يقال: بأن العلم الاجمالي منحل بلحاظ اثر الشك في الشرطية والمانعية. فقال في «فوائد الاصول» بأنه يعتبر في جريان حديث الرفع عن المشكوك ان يكون الرفع امتنانياً، أو لا اقل ان المرفوع ذو ثقل وكلفة، وهذه الميزة موجودة في المقام، فبلحاظ المانعية ليس في الرفع توسعة ولا امتنان، ولكن بلحاظ الشرطية يوجد في الرفع توسعة وامتنان. وبيان ذلك: انه إذا شك على نحو الشبهة الموضوعية في وجود المانع كما اننا لا ندري هل ان الولد الاصغر حينما قضى عن ابيه اخفت في الصلاة أم لا؟ فعلى فرض ان الاخفات مانع فيشك في وجود المانع، فحينئذ جريان البراءة عن المانعية ليس فيه توسعة وليس فيه امتنان، لان المكلف على كل حال سيجري استصحاب عدم المانع، فهو من جهة المانع ليس فيه ثقل حتى تجري البراءة لرفع ذاك الضيق والثقل، لأنه متى شك في وجود المانع جرى استصحاب عدم وجوده، ما بلحاظ الشرطية لو شك ان الولد الاصغر حينما صلى هل صلى بجهر أم لا؟ واحتملنا ان الجهر شرط فحينئذ بناء على ان الجهر شرط فلابد من احراز وجود هذا الشرط عقلاً. إذن بالنتيجة: للشك في الشرطية اثر ذو كلفة، بخلاف اثر الشك في المانعية فليس ذا كلفة، لان الشك في المانعية مجرى لاستصحاب عدم المانع، بينما الشك في الشرطية ذو كلفة وذو ثقل، فبما ان اثره ذو كلفة وثقل شملته أدلة البراءة ومنها حديث الرفع الوارد في ر رفع ما فيه ثقل أو ما كان رفعه رفعا امتنانيا.

لأجل ذلك نقول «نرجع للشبهة الحكمية» نقول: إذا دار الأمر بين جعل الشرطية للجهر أو المانعية للاخفات فالعلم الاجمالي ليس منجزا، لانه وان تعارضت البراءة عن المانعية مع البراءة عن الشرطية، لكن يوجد للشرطية أثر ذو ثقل وكلفة بلحاظ الشبهة الموضوعية، فحيث ان للشرطية اثرا ذا كلفة وضيق بلحاظ الشبهة الموضوعية وليس للمانعية هذا الاثر جرت البراءة في الشرطية بلا معارض، فانحل بها العلم الاجمالي.

ثم أجاب عن ذلك: في «فوائد الاصول، ص92»: قال يعتبر في جريان حديث الرفع قيدان لا قيد واحد.

القيد الاول: كما ذكر في الاشكال أن يكون الرفع امتنانياً، بحيث يرفع الاثر ذو الاثر والضيق فيرفع.

القيد الثاني: أن يكون المرفوع مجعولاً شرعيا لأن الرفع شرعي فلابّد أن يكون مقابل الوضع الشرعي، فما يقبل الوضع شرعا هو الذي يقبل الرفع شرعاً، وحيث ان هذا الاثر وهو انه إذا شك في الشرطية فلابد من احراز الشرط، ليس اثرا شرعيا وانما هو اثر عقلي وهو نفس حكم العقل بأن الفراغ اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني. فهذا الحكم وان كان فيه حكم وضيق الا انه ليس بيد الشارع وضعه كي يكون بيد الشارع رفعه، فلا يشمله حديث الرفع من هذه الجهة، وان كان في الرفع امتنان وتوسعة، اما ان المرفوع ليس مما بيد الشارع وضعه كي يكون مما بيد الشارع رفعه.

فإن قلت: فلنرفع وجوب الاحتياط شرعاً، فلنقل المرفوع هو امر الشارع بالاحتياط، بأن يقول الشارع: إذا شككت في وجود الشرط فاحتط، نحتمل ان الشارع امرنا بالاحتياط فنرفع هذا الوجوب الشرعي.

قال: بأن هذا الوجوب الشرعي على فرضه وجوب طريقي لحفظ الواقع، وهذا الوجوب الطريقي موضوعه الشك فكيف يرفع في حال الشك، فإنه إذا كان موضوعه الشك صار فعليا بفعلية الشك، اي بمجرد ان نشك هل ان الشرط موجود أم لا فنفس الشك موضوع لأمر الشارع بالاحتياط، فإذا كان موضوع الشك والشك فعلي صار الأمر بالاحتياط فعلياً ومع فعليته فلا يكون قابلا للرفع لان القابل للرفع المشكوك لا الفعلي بفعليته موضوعه.

إذن بالنتيجة: حديث الرفع لا يشمل حكم العقل، إذ ليس بيد الشارع وضعه، كي يكون بيد الشارع رفعه، ولا يشمل وجوب الاحتياط شرعاً لانه فعلية بفعلية موضوعه وهو الشك فكيف يكون قابلاً للرفع؟ هذا في جوابه عن الإشكال.

أما كلامه في «اجود التقريرات، ص261، ج2»: بنى على جريان ادلة البراءة ومنها حديث الرفع في المقام، فقال: بأن كلا القيدين متوفر في المقام. اما القيد الاول: وهو ان يكون الرفع امتنانيا وتوسعة فهو المفروض حاصل لان هذا الاثر وهو حكم العقل بلزوم الاحراز عند الشك في وجود الشرط أثر ذو كلفة وضيق، بخلاف اثر الشك في المانعية فليس ذا كلفة وضيق لاستصحاب عدم المانع، فكون الرفع توسعة متوفر، وكون المرفوع بيد الشارع ايضا متوفر، إذ لا يعتبر في المرفوع ان يكون حكما شرعيا إذ يكفي فيه ان يكون بيد الشارع رفعه ولو برفع منشأ انتزاعه، فما دام يمكن للشارع رفعه ولو برفع منشأ انتزاعه فإذن صح جريان حديث الرفع في المقام بلا شبهة ولا إشكال.

فإن قلت «في حاشية فوائد الاصول، ص90»: يجري استصحاب الوجوب، فما الفائدة في جريان البراءة عن هذا الثقل عند الشك في وجود الشرط مع وجود الاستصحاب؟!

وبعبارة اخرى: إذا شككنا عن ان هذا الولد الاصغر هل جهر في صلاته أم لا؟ فنقول: لا تصل النوبة لحكم العقل بلزوم احراز الشرط، لأننا اجرينا البراءة عن الشرطية، فلأننا اجرينا البراءة عن وجوب الشرطية فلا تصل النوبة لحكم القعل بلزوم احراز الشرط.

ولكن، انتم ركزتم على حكم العقل والحال ان هناك حكما للشرع وهو استصحاب الوجوب، لأننا لا ندري هل أن هذا الفعل الصادر من الولد الاصغر يسقط التكليف عن الولد الاكبر أم لا؟ فيستصحب الولد الاكبر بقاء الأمر في حقه. فالمسالة ليست دائرة مدار حكم العقل باحراز الفراغ، كي يقال بأن حكم العقل باحراز الفراغ يمكن رفعه ولو برفع منشأ انتزاعه، بل المسالة هي ان الجاري في الشبهات الموضوعية عند الشك في وجود الشك هو استصحاب بقاء الامر. نظير أن يشك المكلف في أن صلاته مع الطاهر أم مع النجس؟ وقد تواردت الحالتان على الثوب، مرة كان طهارة مرة كان نجس، فاستصحاب الطهارة معارض باستصحاب النجاسة، فماذا يفعل؟ فيقول مقتضى استصحاب الأمر في حقي ان أعيد هذه الصلاة.

فما هو الجواب عن ذلك؟ فنحن الآن نتكلم في الشبهة الموضوعية، إنما الاثر الملحوظ ونحن في الشبهة الحكمية هو اثر الشك في الشبهة الموضوعية. يعني قبل لا يصل الموضوع للشبهة الموضوعية رفعنا الشرطية.

إذن بالنتيجة: انما يصح اجراء البراءة الشرطية لو كان الاثر للشك في الشرطية انه حكم العقل، اما انه تبين هناك اثر معاكس وهو أن الجاري استصحاب بقاء الامر، فماذا تصنعون؟

فيظهر من كلمات المحقق: انه يقول اصلا بقاء الأمر عقلي وليس بشرعي، لأننا إذا شككنا في امتثاله شككنا في امتثال الامر، فالأمر متقيد لبّاً بعدم امتثاله فإذا شككنا في امتثاله، فبقائه عند الشك في الامتثال حكم عقلي فهو ليس الا حكم عقلي بأن الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.

ولكن المقصود بهذا الاشكال استصحاب وجود الامر. يعني كان الأمر فعليا فنستصحب بقاء فعليته. فهو استصحاب بامر شرعي وهو فعلية الامر، نعم لكم ان تقولوا بأن هذا اصل مسببي، وذاك اصل سببي، أي ان الشك في فعلية الأمر وبقاءه مسبب عن الشك في الشرطية بلحاظ هذا الاثر، فإذا نفيت الشرطية بلحاظ هذا الاثر كان اصلا سببيا حاكما على الاصل المسببي وهو استصحاب بقاء الأمر وفعليته.

السيد الخوئي ما قبل هذا الكلام، فقال في «ج12، ص225»: لكن المناقشة فيما افاده النائيني واضحة جداً، ضرورة ان نفس المانعية والشرطية المجعولين لو لوحظ كل واحد منهما بحياله فهو يتضمن كلفه وضيق، فكما ان جعل الشرطية ضيق جعل المانعية ضيق، إذ اعتبار كل منهما يرجع الى قيد مأخوذ في المأمور به، فالمأمور به اما متقيد بالشرط أو متقيد بالمانع فكلاهما متقيد والتقيد ضيق، فلا يختص الضيق في مقام الجعل بأحدهما دون الآخر، وبالتالي فالعلم الاجمالي بصدور واحد منهما «اما شرطية أو مانعية» كما هو مفروض في المقام منجز، إذ هما اعتباران متقابلان، وليس في البين قدر متيقن يقطع به، كي يشك في الزائد، فتكون المسألة من باب الاقل والاكثر، بل المسألة من باب المتباينين، لأنه لا يوجد قدر متيقن في البين.

نعم، «وهي اشارة الى الخصوصية التي ذكرها النائيني وهو ان للشرطية اثر ذو كلفة في الشبهة الموضوعية» يختص احدهما بخصوصية، وهي حكم العقل بلزوم الاحراز في مقام الامتثال، وعدم جواز الرجوع الى البراءة بناء على الشرطية دون المانعية، _يعني هذه الخصوصية غير موجودة في المانعية_ الا ان هذه الخصوصية اجنبية عن التشريع وغير ملحوظة في مقام الجعل اصلا، بل هي من الآثار المترتبة على الجعل بحكم العقل، ومن شؤون هذه النوع من الاعتبار وحيثياته العقلية، ولا مساس له بالشرع بوجه، فهذه الكلفة صحيح انها كلفة ولكنها كلفة عقلية محضة، ومن الواضح عدم كون الاحكام العقلية مورداً للأصول العلمية لا الشرعية ولا العقلية.

وبالجملة ان اريد نفي اصل اعتبار الشرطية فهو معارض بالبراءة عن اصل اعتبار المانعية، بعد فرض العلم الاجمالي بأحدهما، وان اريد نفي الاثر اي حكم العقل بلزوم الاحراز فهو حكم عقلي لا يكاد يرتفع بالاصل. ومما ذكرنا ظهر: انه لو شككنا في صلاة الابن الاصغر هل جهر أم اخفت وفي نفس الوقت شككنا هل ان الجهر شرط أم الاخفات مانع؟ فإن كان الجهر شرطا فلابد لنا من الاحراز وان كان مانعا استصحبنا عدم وجوده. ففي هذا المورد وهو مورد الشك في الشبهة الحكمية والموضوعية، يقول: في هذا المورد وهو مورد الشك في الشبهتين تجري اصالة الاشتغال، لان البراءة انما تجري إذا احرز ان الشك في التكليف، إذا احرزنا ان الشك في التكليف جرت البراءة، ونحن لا نحرز، إذ لعل الشك في المقام من الشك في الامتثال لا في التكليف، فما لم نحرز ان الشك في التكليف لم تجر البراءة، أو فقل: ان احتمال كون المورد من موارد الشك في التكليف، واحتمال كونه من موارد الشك في الامتثال هو شك في الامتثال لا محالة، فلا يكون مجرى للبراءة، وإنما هو مجرى للاشتغال. تم كلام السيد الخوئي.

وهذه المسألة طرقت في الاصول، فقد ذكرنا في بحث الانسداد ان صاحب الكفاية بحث هذه النقطة وهي: أن لدينا علم اجمالي بالتكاليف الواقعية، ومقتضى هذا العلم الاجمالي في حال الانسداد هو الاحتياط عقلاً، بمقتضى منجزية العلم الاجمالي، لكن حكم العقل بالاحتياط حكم حرجي ضرري إذ لا يمكن الاحتياط في تمام الشبهات، فهل تجري لا ضرر ولا حرج بلحاظ الحكم العقلي مع ان لا ضرر ولا حرج ترفع المجعول الشرعي، لان شأن لا ضرر ولا حرج الرفع، فلابد ان يكون المرفوع ما يمكن للشارع وضعه، فهل يرفع بلا ضرر ولا حرج حكم العقل بوجوب الاحتياط في تمام الشبهات رعاية للعلم الاجمالي في التكاليف.

فهناك اجيب عن هذا الاشكال بوجوه:

قالوا: هنا وجوه للجواب عن الاشكال:

الوجه الاول: كما ذكر النائيني في اجود التقريرات: ان الشرطية نفسها ترفع بلحاظ الاثر العقلي بالشبهة الموضوعية، فإن هذا الاثر وان كان عقلياً لكنه يعد من آثارها الشرعية ومن لوازم جعلها، فبما انه من آثارها الواضحة البينة ومن لوازم جعلها وان كان اثراً عقليا الا انه يصح رفع الشرطية نفسها بلحاظ هذا الاثر الواضح لها وان كان اثراً عقلياً، ولا يأتي الأمر في المانعية اذن البراءة عن الشرطية بلا مانع.

الوجه الثاني: أن المرفوع هو الوجوب الشرعي الطريقي، يعني حكم الشارع بوجوب الاحتياط، لأننا نحتمل ان الشارع يوجب الاحتياط في المقام فنرفعه. وثمرة ذلك: إذ لو كان الأمر بالاحتياط فعليا لكشف عن اهتمام الشارع بالحكم المجهول، فإذا رفعنا وجوب الاحتياط بدليل الاحتياط ثبت لنا ان الشارع لم يهتم بالحكم المجهول، وإذا ثبت ان الشارع لم يهتم بالحكم المجعول ارتفع حكم العقل، فإن موضوع حكم العقل الشك في ان الشارع مهتم بالحكم المجهول أم ليس بمهتم، فإذا انكشف عدم الاهتمام ببركة البراءة ارتفع حكم العقل.

الوجه الثالث: ان المرفوع نفس الحكم العقلي اما لان امره بيد الشارع، وإما ان مدركات العقل العملي المتعلقة بمقام العبودية كحكم العقل بقبح المعصية، كحكم العقل بقبح التجري كحكم العقل بوجوط الطاعة، هذه كلها احكام متفرعة على امر الشارع، أو لان الاحكام العقلية أو مدركات العقل العملي المتعلقة بمقام العبودية هي مما يصح رفعها ما دامت متعلقة بمقام العبودية يعني متفرعة على حكم الشارع. فالأحكام العقلية على قسمين: أحكام عقلية لا علقة لها بالشارع، فلا معنى لرفعها، واحكام عقلية متعلقة بمقام العبودية فلها علقة بالشارع، فيصح رفعها بنفس حديث الرفع.

او لما يصر عليه شيخنا الاستاذ «قده» وهو ان هذه القاعدة وهي: «ما حكم به العقل حكم به الشرع» تجري حتى في الاحكام العقلية التي في رتبة معلولات الاحكام.

وان كان المحقق النائيني والسيد الخوئي فصلوا، قالوا: الاحكام العقلية في رتبة العلل تجري فيها قاعدة الملازمة، اما الاحكام العقلية في رتبة المعلولات فليست مجرى لقاعدة الملازمة.

الشيخ الاستاذ يقول لا فرق، صحيح ان هذا حكم عقلي، لكن بلحاظ انه مجرى للملازمة بينه وبين حكم الشارع ننفيه لينتفي حكم الشارع على طبقه.

إذن اما ان نجري البراءة عن نفس الشرطية أو نجري البراءة عن وجوب الاحتياط شرعاً أو نجري البراءة عن نفس حكم العقل، أما لان له علقة بالشارع لكونه من مدركات العقل العملي المتعلقة بمقام العبودية واما لأنه موضوع للملازمة بين ما حكم به العقل حكم به الشارع.

الوجه الرابع: ان المرفوع عدم ترخيص الشارع، «وهو جواب السيد الصدر» يقول: لأن هذه الأدلة بإطلاقها تشمل الاحكام الوجودية والأحكام العدمية، فعدم حكم الشارع حكم عدمي، فنحن لا نريد ان نرفع حكما وجوديا كي يقال ما هو، وانما نريد ان نرفع حكما عدمياً. وهو عدم ترخيص الشارع في البين، فإذا رفعنا عدم ترخيصه ثبت ترخيصه. فعلى كل حال، فهذه الشبهة معالجة بأجوبة متعددة.

وبالتالي نأتي لتطبيق الكلام على محل الكلام، وهو: إذا دار الأمر بين شرطية ما يؤكل ومانعية ما لا يؤكل. فهما من الضدين اللذين لهما ثالث حيث تصح الصلاة في القطن والكتان، فبما انهما من الضدين اللذين لهما ثالث فهما من القسم الأول الذي صرّحوا بانحلال العلم الاجمالي فيه الى علم تفصيلي بأن لبس ما لا يؤكل مفسد للصلاة على كل حال، أو فقل: أن لبس ما لا يؤكل موجب لبقاء الأمر بالصلاة على كل حال وعدم زواله، وشك بدوي في شرطية ما يؤكل، فتجري البراءة عن هذه الشرطية وهو اثر زائد ثمرته جواز الصلاة في المشكوك.

ولو فرضنا أنه من الضدين اللذين لا ثالث لهما، مع ذلك كما افاد المحقق النائيني يمكن اجراء البراءة عن الشرطية بلحاظ اثرها في الشبهة الموضوعية وهو إذا كان الثوب مشكوك لا ندري انه مما يؤكل أو مما لا يؤكل. فلو كان ما يؤكل شرطا للزم احرازه، لكن بجريان البراءة عن الشرطية لا يمكن الاحراز، فيجوز الصلاة في اللباس المشكوك. فالنتيجة: هي جريان البراءة.

ويأتي الكلام في الجهة السابعة من البحث. وهي الجهة السابعة.

والحمد لله رب العالمين.