الدرس 110

الخلل الواقع في الصلاة

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ما زال الكلام في «جريان أصالة الحل عند الشك في ثوب المصلي»، وذكرنا أن هناك عدة إشكالات على جريانها، ووصل الكلام الى:

الإشكال الثالث: وهو أنّ موضوع المانعية هو العناوين الذاتية كعنوان السبعية والمسوخية، لا أنّ موضوع المانعية هو حرمة الاكل، وبالتالي فجريان أصالة الحل لا يثبت أنّ الثوب المشكوك متخذ مما ليس سبعا، وذكرنا ان المحقق الايرواني «قده» أفاد بأن الحكومة كما تتصور في الموضوع الثبوتي تتصور في الموضوع الإثباتي، وبالتالي فدليل أصالة الحل حاكم على نحو التضييق على موثق ابن بكير لا بما للعنوان من موضوعية، بل لما للعنوان من مشيرية إلى الموضوع الواقعي، ولازم ذلك ان يكون مفاد أصالة الحل ضيقاً لموضوع الواقعي بحيث لا يشمل المشكوك. ولكن الانصاف أن دليل أصالة الحل لا يتكفل ذلك والوجه فيه:

بأنّ حكومة دليل على العنوان المأخوذ في دليل آخر لا على نحو الموضوعية بل على نحو المشيرية بحيث تكون مصب الحكومة على المشار اليه لا على المشير عملية ذات مؤنة وبما انها عملية ذات مؤنة فتحتاج إلى دليل واضح لا يكفي فيها مجرد الاطلاق في الدليل. وهذه كبرى عامة في الفقه، وهي: متى ما كان الوصول إلى النتيجة يتوقف على علمية ذي مؤنة فإن الاطلاق لا يتكفل إثباتها، بل يحتاج إثباتها إلى دليل خاص، فمجرد الإطلاق في قوله: «كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام» الذي يأتي في الشبهات ويأتي في الشبهات الحكمية، ويأتي في الصلاة ويأتي في غير الصلاة، فهو لم يرد في خصوص الصلاة وفي خصوص اللباس المشكوك حتى يكون له مدلول التزامي وهو اثبات ضيق الموضوع الواقعي، وإنما ورد على سبيل الإطلاق. فبما انه ورد على سبيل الإطلاق، فلا يستفاد منه الحكومة على الموضوع الإثباتي بما هو مشير للموضوع الثبوتي بحيث يكون مصب الحكومة هو الموضوع الثبوتي، فإن هذه عملية ذات مؤنة تحتاج إلى قرينة ودليل واضح ولا يكفي فيها مجرد الاطلاق.

مضافاً إلى ان ظاهر دليل أصالة الحل وهو: «كل شيء لك فيه حلال وحرام فهو لك حلال» أو «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام» ظاهر في ترتيب آثار الحلية الواقعية على مشكوك الحرمة، فهو ناظر إلى ما تكون الحرمة موضوعاً للأثر الشرعي، ولا شمول فيه لما إذا كانت الحرمة مجرد مشير إلى ما هو موضوع الأثر.

الإشكال الرابع: ما ذكره المحقق النائيني «قده» في رسالته: «اللباس المشكوك، ص322» وهو مؤلف من مقدمتين:

المقدمة الاولى: إنّ التقابل بين الحرمة والحلية تارة بلحاظ الذاتي منهما، وتارة بلحاظ العرضي منهما، والسر في ذلك:

أنّ الحرمة والحلية تارة تثبت للشيء بعنوانه الاولي فيقال عنها حرمة ذاتية، كما نقول: يحل الغنم في ذاته، مع غمض النظر عن العناوين الثانوية. وكما نقول يحرم الارنب في ذاته مع غمض النظر عن العناوين الثانوية.

هذه تسمى حرمة وحلية ذاتيتان.

واحياناً تكون الحرمة والحلية عرضيتين، كأن نقول: الغنم وان كان حلالا في ذاته لكنه يحرم في فرض الغصب، لكنه يحرم في فرض عدم التذكية، هذه حرمة بعنوان ثانوي فهي حرمة عرضية. أو نقول: الارنب وان كان يحرم في ذاته لكنه يحل في فرض الاضطرار. هذه حلية عرضية. فهناك حرمة وحلية ذاتيتان وحرمة وحلية عرضيتان وقد تجتمعان وقد تفترقان. بناء على ذلك: نقول: هل ان موضوع المانعية في الصلاة هو الحرمة الفعلية لو كانت حرمة عرضية؟ أم ان موضوع المانعية الحرمة الذاتية لو حل عرضاً؟.

مثلا: نرى الفقهاء انهم يجوزن الصلاة في صوف الغنم الميتة، مع ان الغنم في هذا الظرف مما يحرم اكله مع ذلك جوزوا الصلاة في صوفه، يعني في الاجزاء التي لا تحلها الحياة.

بينما نراهم منعوا الصلاة في وبر الأرنب وإن حلّ اكله لأجل الاضطرار مثلا،. إذن هل موضوع المانعية الحرمة الذاتية. بمعنى أن يكون الجلد متخذاً من حيوان محرم ذاتاً وإن كان حلالاً فعلاً؟

أم أنّ موضوع المانعية الحرمة الفعلية لو كانت حرمة لأجل الغصب أو لأجل الجلل أو ما شاكل ذلك؟.

المقدمة الثانية: هناك فرق بين الأصل المحرز والاصل العملي الصرف، فالأصل المحرز ما كان مثبتا للواقع وآثار الواقع، نظير الاستصحاب، فإن الاستصحاب محرز للواقع وآثاره مثلاً: الغنم حلال في ذاته واقعاً، فإذا صار الغنم موطوء، وشككنا في انه هل خرج بالموطوئية عن الحرمة الذاتية أم لا؟ جرى الاستصحاب، جرى استصحاب الحلية الذاتية، فالاستصحاب هنا احرز الواقع وهو الحلية الذاتية وآثارها، بينما البراءة ليست اصلا عمليا محرزا، فاذا شككنا على نحو الشبهة الحكمية في ان هذا الغنم الموطوء هل يحرم اكله أم لا يحرم اكله؟ ونحن اغفلنا الكلام عن الأدلة اللفظية، يعني اصل عملي، فالبراءة عن حرمة أكله لا تثبت الحلية الواقعية وآثارها، إذا غاية ما تفيده البراء ة عن حرمة الاكل عدم وجوب الاحتياط، أو التأمين من العقوبة، فلا يترتب على البراءة أكثر من التأمين من العقوبة، لا انه يترتب على البراءة ثبوت الحلية الواقعية كما اثبتناها بالاستصحاب. فبعد أن تبينت المقدمتان: الاولى ان هناك حرمة ذاتية وحلية ذاتية، وهناك حرمة عرضية وحلية عرضية، وهناك اصل محرز وهناك اصل علمي صرف.

نقول: المستفاد من الادلة ان موضوع المانعية الحرمة الذاتية، ففي موثق ابن بكير عندما قال: «إن الصلاة في وبر كل شيء حرام أكله» ظاهر في ما كان حراماً بعنوانه لا بعنوان طارئ، أي أن الحرمة ظاهرة في أنها وصف للشيء بما هو له وليس وصف للشيء بما هو عارض عليه.

إذن الادلة ظاهرة في ان موضوع المانعية الحرمة الذاتية، لا الحرمة العرضية. من جهة أخرى: هل أصالة الحل أصل محرز كالاستصحاب؟ بحيث يثبت لنا الحلية الذاتية، أي ينزل المشكوك منزلة الحلال الذاتي؟ أم أن أصالة الحل كأصالة البراءة ناظرة للحرمة العرضية ولا علاقة لها بالحرمة الذاتية، فيقول المحقق النائيني: غاية ما يستفاد من أصالة الحل «كل شيء للك حلال حتى تعلم انه حرام» أن هنا حلية فعلية، اما هي الحلية الذاتية أم لا؟ فهذا مما لا تتكفل له أصالة الحل. وبالتالي: إذا شككنا في ان ثوب المصلي متخذ من حيوان حلال ذاتا أم لا؟ فإن أصالة الحل لا تثبت انه من حيوان حلال ذاتاً، إذا غاية ما تثبت ان الحيوان المتخذ منه حلال فعلاً، لأنه مشكوك الحرمة اما انه حلال ذاتا فلا تتعرض لذلك.

وبعبارة أخرى ذكرها المحقق النائيني: انه هنا لا حكومة للأصل السببي على الأصل المسببي لأن الحكومة انما تأتي في فرض أن الأصل عالج الشك السببي، إذا عالج الأصل الشك السببي صار حاكما على المسببي، أما إذا لم يعالج الشك السببي فلا.

وفي المقام نقول: عندنا سبب ومسبب، السبب: هل ان الحيوان المتخذ منه الثوب حلال أم حرام؟ هذا شك سببي.

المسبب: هل ان الثوب المتخذ منه مانع من صحة الصلاة أم لا؟

هذا شك مسببي. إنّما يكون الأصل في السبب حاكما على الأصل في المسبب إذا عالج الأصل الشك السببي ونفاه، وفي المقام أصالة الحل لا تعالج الشك السببي لأن أصالة الحل لا تثبت لنا أن الحيوان المتخذ منه هذا الثوب حلال ذاتاً الذي هو مورد شكنا. فحيث إن الاصل لم يعالج الاصل السببي لم تصل النوبة لحكومته على الأصل المسببي.

وقد ذكر سيدنا «قده» في «ص243» قال: وما افاده «قده» في غاية الجودة والمتانة، وهو الوجه الصحيح الذي نعتمد عليه في جريان أصالة الحل. فإنما يترتب على هذا الاصل الحلية الفعلية، والموضوع في المقام الحلية الذاتية فلا تصلح أصالة الحل لإثبات موضوع الجواز. وعليه: لو عثرنا على حيوان شك في تذكيته من دون أي امارة على التذكية، فمقتضى أصالة عدم التذكية وان كان هو عدم جواز اكله، لكنه لا يترتب عليه عدم جواز الصلاة في اجزائه، إذا لا يثبت بأصالة عدم التذكية الا الحرمة الفعلية لا الحرمة الذاتية التي هي موضوع المانعية.

ثم دخل المحقق النائيني وتلميذه سيدنا «قده» في تنبيهات مترتبة على جريان أصالة الحل:

التنبيه الأول: ما هو مفاد أصالة الحل في قوله «كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام»؟ هنا اربعة محتملات يختلف الاثر باختلافها:

المحتمل الاول: ما اشار اليه سيدنا الخوئي في رسالته «ص44»، قال وأما ما قيل: من ان مفاد أصالة الحل هو مفاد أصالة البراءة. وقد تعرض لهذا سيد المنتقى «قده» في بحث أدلة البراءة الشرعية. هل ان مفاد أصالة الحل هو مفاد دليل البراءة أم لا؟

ولعل هناك قائلا بذلك وهو: لا يستفاد من قوله «كل شيء لك حلال» أكثر من الرفع، لا الوضع، أي رفع وجوب الاحتياط، أي إذا شككت في الحرمة فلا يجب عليك الاحتياط وانت آمن من العقوبة المحتملة. فبناء على هذا المحتمل: لا يترتب على أصالة الحل حتى آثار الحلية، غاية ما يترتب على اصالة الحل التأمين من العقوبة وعدم وجوب الاحتياط، حتى آثار الحلية الفعلية فضلا عن الحلية الذاتية لا يترتب على أصالة الحل.

وهذا المحتمل كما ترى خلاف الظاهر، فإن ظاهر قوله: «كل شيء لكل حلال» هو تنزيل مشكوك الحلية منزلة الحلال الواقعي لا انه مجرد رفع وجوب الاحتياط.

المحتمل الثاني: المسلك المشهور الذي بنى عليه سيدنا «قده» من ان مفاد أصالة الحل التنزيل، تنزيل المشكوك منزلة الحلال في ترتيب آثار الحلية، يقول: المشكوك كالحلال في ترتيب آثار الحلية، لو كان هناك أثر للحلية لترتب على المشكوك. ومقتضى ذلك ان يكون دليل أصالة الحل حاكم على الادلة الاولية لكن حكومة ظاهرية لا واقعية. باعتبار ان الحلية المستفادة من دليل اصالة الحل مجرد حلية ظاهرية، فتتربت آثار الحلية ظاهراً. مثلا: انما يجوز بيع السلعة إذا كانت حلالاً، لا ندري ان هذه السلعة حلال أم لا؟

أجرينا أصالة الحل غاية ما يترتب على أصالة الحل نفوذ البيع ظاهرا، أما إذا انكشف الخلاف انكشف ان البيع لم يقع. فالحكومة حكومة ظاهرية لا واقعية. ويستند المشهور في هذا الفهم إلى الغاية، لأنه قال «كل شيء لك حلال حتى تعلم» فلو كانت هذه الحلية حلية واقعية، لم تكن مغيّاة بالعلم، فهذا كاشف عن كونها حلية ظاهرية.

المتحمل الثالث: ما ذكره صاحب الحدائق «قده» وتبعه السيد الاستاذ «دام ظله» كما يظهر من تعليقته على العروة:

من أن مفاد دليل اصالة الحل ليس هو الحلية الظاهرية، بل الحلية الفعلية في فرض عدم العلم، باعتبار ان الغاية وإن كانت هي العلم حيث قال «حتى تعلم» لكن عدم العلم أهم من الشك، فلو كان لسان الدليل إذا شككت في الحرمة فهو حلال لكانت ظاهرة في الحلية الظاهرية، أما ما قال إذا شككت، قال «إذا لم تعلم» فإن لم تعلم اعم، فإن عدم العلم يجتمع مع الشك ومع الغفلة ومع الجهل المركب، عدم العلم أعم من الشك، فجعل الغاية هو العلم ليس قرينة على كون الحلية حلية ظاهرية، بل نقول: مفاد دليل أصالة الحل الحلية الفعلية اما لأن المكلف غافل أو لأن المكلف جاهل مركب أو لأن المكلف جاهل بسيط، فهناك حلية واقعية فعلية موضوعها عدم العلم لا ان موضوعها الشك كي تكون حلية ظاهرية.

ولعلَّ صاحب الكفاية حيث ادعى حكومة دليل أصالة الحل ودليل أصالة الطهارة على ادلة الشرطية حكومة واقعية، مستند لهذا المحتمل.

فإن عندنا دليلان: دليل يقول: «صل في ثوب طاهر» ودليل يقول: «صل في ثوب حلال» فاذا شككنا في الطهارة فهل أن دليل أصالة الطهارة وهو قوله «كل شيء لك نظيف حتى تعلم انه قذر» هل ان دليل أصالة الطهارة يوسع دائرة الشرطية لما يشمل الطهارة حال الشك؟ أم لا؟

وإذا شككنا في الحلية فهل ان دليل أصالة الحل يوسع دائرة الشرط واقعاً لما يشمل حال الشك أم لا؟ ذهب صاحب الكفاية إلى ذلك: إلى ان دليل أصالة البراءة ودليل أصالة الحل حاكمان على أدلة الشروط حكومة واقعية بمعنى أنهما يوسعان دائرة الشرطية لما يشمل فرض الشك.

المحتمل الرابع: ان قوله «كل شيء لكل حلال حتى تعلم انه حرام» مفيد للحلية الواقعية والظاهرية معاً. وهذا ما اشار اليه الشيخ الأعظم «قده».

بمعنى ان الحلية الواقعية مستفادة من المغيا وهو قوله: «كل شيء لك حلال» فإن ظاهر العناوين هو الواقعية، يعني حلال واقعاً.

والحلية الظاهرية مستفادة من الغاية، أي من قوله «حتى تعلم». فكأنه قال: كل شيء حلال في حد ذاته، وتستمر هذه الحلية حتى تعلم. فبلحاظ اصل اثبات الحلية مفاده واقعي، وبلحاظ اثبات بقائها إلى حين العلم تكون حلية ظاهرية.

لكن هذا الاستظهار محل تأمل باعتبار ان ظاهر الغاية رجوعها للموضوع، أي ان قوله «كل شيء لك حلال حتى تعلم» مرجعه على قوله «ما لم تعلم أنه حرام فهو حلال» لا أنها غاية لاستمرار الحلية، بل هي قيد في موضوع الحلية. وبالنتيجة فعنوان «حلال» لا يتكفل الحليتين لأنه من قبيل استعمال اللفظ في اكثر من معنى وهو وإن كان ممكنا كما هو الصحيح لكنه يحتاج إلى قرينة.

فتحصل من ذلك: انه على بعض المحتملات تتم الحكومة الواقعية. وعلى بعض المحتملات تتم الحكومة الظاهرية. وعلى بعضها كالمحتمل الاول لا حكومة في دليل أصالة الحل على الأدلة الأولية لا حكومة واقعية ولا حكومة ظاهرية. هذا تمام الكلام في التنبيه الأول.

التنبيه الثاني: بناء على جريان أصالة الحل فلا فرق في جريانها بين الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية.

أما جريانها في الشبهة الموضوعية، لأنه مورد صحيح عبد الله بن سنان «كل شيء فهي حلال وحرام فهو لك حلال» أو روايته الأخرى: الإمام مثل بأمثلة من الشبهات الموضوعية «وذلك مثل الثوب يكون عليك ولعله سرقة، ولعل المرأة تكون تحتك ولعلها أختك من الرضاعة، والأشياء كلها على ذلك حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة».

وكذلك تجري أصالة الحل في الشبهات الحكمية، غاية ما في الباب أنّ الشبهة الحكمية تارة تكون شكاً في الحلية مع احراز القابلية، وتارة تكون شكا في اصل القابلية. مثلا: إذا احرزنا ان الارنب قابل للتذكية في حد ذاته، غاية ما في الامر نشك في حلية لحمه حتى بعد التذكية. فهنا حيث أحرزنا القابلية وشككنا في الحلية تجري فيه أصالة الحل. وتارة نشك في أصل القابلية، هل ان الفيل قابل للتذكية أم لا؟ فيقول: حينئذٍ اما ان لا تجري أصالة عدم التذكية أو تجري؟ إذا افترضنا ان أصالة عدم التذكية لا تجري في موارد الشك في القابلية، باعتبار ان التذكية هل هي عنوان بسيط أو ان التذكية هي عبارة عن الذبح في الحيوان القابل؟

فإن قلنا بأن التذكية عنوان سبيط جرت اصالة عدم التذكية في موارد الشك في القابلية، وإن قلنا بأن التذكية هي نفس الذبح في الحيوان القابل فالشك في القابلية شك لا يمكن دفعه بأصالة عدم التذكية.

إذن إذا كانت أصالة عدم التذكية لا تجري عند الشك في قابلية الحيوان وعدمه فتجري مكانها أصالة الحل.

أما إذا قلنا بأن أصالة عدم التذكية هي الجارية، لأن التذكية عنوان بسيط نشك في حصوله، نجري استصحاب عدمه، فنجري استصحاب عدم التذكية في الفيل إذا شككنا في قابليته للتذكية. فحينئذٍ أصالة عدم التذكية مانعة من جريان أصالة الحل في الآثار المترتبة على التذكية، لأنه باستصحاب عدم التذكية ثبت انه غير مذكى، فالآثار المترتبة على المذكى ترتفع، ولا مجال لإحرازها بأصالة الحل.

أمّا الآثار التي تترتب على أي حلية لا على التذكية فيمكن إثباتها بأصالة الحل، وإن جرت أصالة عدم التذكية.

والحمد لله رب العالمين.