الدرس 112

الخلل الواقع في الصلاة

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ما زال الكلام في تنبيهات اصالة الحل الجارية في اللباس المشكوك، ووصل الكلام الى:

التنبيه الثاني: حيث تعرضنا لكلام المحقق الإيرواني «قده» الذي افاد بأن اجراء الاصل العملي بنفي موضوع الاثر يكون من مصاديق الاصل المثبت، باعتبار ان الملازمة بين انتفاء الاثر وانتفاء موضوعه ملازمة عقلية لا شرعية. فمثلاً: إذا شككنا في صحة الصلاة نتيجة للشك في طهارة الساتر، والشك في طهارة الساتر ناشئة عن الشك في أن ما غسل به هل هو ماء أم مضافٌ؟ فاستصحاب عدم المائية من اجل نفي طهارة الساتر المترتب عليه نفي صحة الصلاة، يكون من صغريات الاصل المثبت.

ويلاحظ على كلامه، كما افاده سيدنا الخوئي «قده»:

بأن الميزان في الفرق بين الاصل المثبت وغيره: هو ان مفاد دليل الاصل هل ينطبق على اللازم والاثر أم لا ينطبق؟ فإذا افترضنا ان مفاد دليل الاصل يصدق على نفس اللازم والأثر فليس من الاصل المثبت، واذا فرضنا ان مفاد دليل الاصل لا ينطبق على اللازم والاثر فهو من الاصل المثبت.

مثلا: إذا شككنا في نجاسة الماء وكان متنجسا سابقا فاجرينا استصحاب النجاسة، والغرض من استصحاب النجاسة في الماء اثبات نجاسة ملاقي الملاقي، فهنا لا نعتبر اثبات نجاسة ملاقي الملاقي لهذا الماء من الاصل المثبت. والسر في ذلك: ان مفاد دليل الاستصحاب: عدم نقض اليقين بالشك، حيث قال: «لا تنقض اليقين بالشك».

فلابد ان نسأل: هل ان هذا المفاد ينطبق على الاثر الثاني أم لا ينطبق؟

اذا وجدنا ان مفاد دليل الاصل ينطبق حتى على الاثر البعيد إذن إثبات ذلك الاثر البيع بالاستصحاب ليس من الاثر المثبت، لأن مفاد دليل الاصل كما ينطبق على الاثر المباشر ينطبق على الاثر غير المباشر.

فهنا في محل الكلام إذا استصحبنا نجاسة الماء ولم نرتب على هذا الاستصحاب نجاسة ملاقي الملاقي، صدق على عدم ترتيب هذا الاثر أنه نقض اليقين بالشك عرفا، فيقال: نقضت اليقين بالنجاسة بالشك في ذلك. فحيث إن مفاد دليل الاصل وهو عدم نقض اليقين بالشك كما يصدق على الاثر الاول يصدق على الاثر الثاني، أي ان عدم ترتيب الاثر الثاني على استصحاب النجاسة نقض لليقين بالنجاسة بالشك فيها، فهو منهي عنه، إذن بالنتيجة اثبات نجاسة ملاقي الملاقي لاستصحاب النجاسة ليس من الاصل المثبت، لأن مفاد دليل الاصل يصدق عليه.

أما إذا افترضنا ان الواسطة عقلية في المقام، مثلا: ما يذكره السيد الخوئي «قده»: إذا شككنا في تذكية الجلد، يقول: استصحاب عدم التذكية لا يثبت نجاسته، لأن موضوع النجاسة الميتة، والميتة عنوان وجودي، وهذا العنوان الوجودي وان كان ملازما تكوينا لعدم التذكية، فإن الحيوان الذي لم يذك تكوينا لازمه ان يكون ميتة، الا ان الملازمة بينهما عقلية وليس شرعية، لأجل ذلك استصحاب عدم التذكية لا يثبت النجاسة، إذ لو قال قائل: لماذا لا يثبت النجاسة؟ نقول: باستصحاب عدم التذكية نرتب الاثر وهو حرمة الاكل، لأن موضوع حرمة الاكل ما لم يذكى، وليس موضوع حرمة الاكل عنوان الميتة. «إلا ما ذكيتم» فإذا كان موضوع حرمة الاكل ما لم يذكى باستصحاب عدم التذكية تثبت الحرمة، لكن استصحاب عدم التذكية لا يثبت النجاسة لأن موضوعها الميتة، فلو لم نرتب النجاسة على استصحاب عدم التذكية لم يكن عدم ترتيب النجاسة على استصحاب عدم التذكية من نقض اليقين بالشك. فمفاد دليل الاصل لا يشمل هذا الاثر إذ للمعتذر ان يعتذر ويقول انا لم انقض اليقين بالشك لأن موضوع هذا الاثر لم يثبت لي، وإنما لم ارتب آثار النجاسة لأن موضوعها لم يثبت لي لا انني نقضت استصحاب عدم التذكية، فلا يكون عدم ترتيب الاثر هنا نقضاً لليقين بالشك. ما دام للمعتذر ان يعتذر انني انما لم ارتب الاثر لأن موضوع الاثر لم يثبت فلا يكون عدم ترتيب الاثر نقضا لليقين بالشك.

إذن الميزان في الفرق بين الاصل المثبت وعدمه، إذا كان عدم ترتيب الاثر البعيد يعد نقضا لليقين بالشك بلحاظ المستصحب فليس اصلا مثبتاً. إذا كان عدم ترتيب الاثر البعيد لا يعد نقضا لليقين بالشك بلحاظ المستصحب لإمكان المعتذر ان يعتذر بأن الموضوع لم يحرز فهو من الاصل المثبت.

ولذلك ذكروا انه لو خفيت الواسطة بحيث يرى العرف ان اثر الواسطة اثر لنفس المستصحب، هو اثر للواسطة واقعا، لكن العرف لاجل خفاء الواسطة يرى أن أثرها اثر لذي الواسطة _يعني للمستصحب نفسه_ صدق عدم نقض اليقين بالشك.

مثلا: في الموارد التي التزام بها صاحب الكفاية من ان استصحاب القيد يثبت التقيد، مثلا: لا ندري ان الوقت ما زال باقي أو خرج، وقمنا وصلنا، ما الذي يثبت لنا ان الصلاة في الوقت، ربما يقول قائل: انك لو استصحبت بقاء الوقت فاستصحاب بقاء الوقت استصحاب في القيد وهو الوقت، واستصحاب القيد لا يثبت التقيد، يعني تقيد الصلاة بالوقت. فيجيب صاحب الكفاية: بأن استصحاب القيد يثبت اثر التقيد، لخفاء الواسطة، صحيح أنّ سقوط الامر _المولى امرنا قال: «صل في الوقت» _ موضوعه الصلاة في الوقت. الا ان العرف يرى ان هذا الاثر وهو سقوط الامر اثر للصلاة مع الوقت، ويخفى عليه انه اثر لتقيد الصلاة في الوقت، العرفي يرى ان سقوط الامر اثر للصلاة مع الوقت ولا يلتفت انه أثر للصلاة المتقيدة بالوقت. لذلك بما انه لا يلتفت الى انه واسطة خفية وهي التقيد، استصحاب القيد يترتب عليه سقوط الامر، فيعد عدم ترتيب هذا الاثر وهو سقوط الامر بالصلاة في الوقت نقضا لليقين بالشك. مع انه عند الدقة العقلية نقول استصحاب القيد لا يثبت التقيد. والاثر اثر للتقيد وليس اثرا للقيد. هذا كله من ناحية الكبرى، وهي بيان الميزان في الفرق بين الاصل المثبت وغيره.

نطبقه على محل الكلام:

وهو اننا إذا اجرينا الاصل لنفي اثر بنفي موضوعه. لا ندري ان الصلاة صحيحة أم لا؟ لأننا لا ندري ان الساتر اصبح طاهرا أم لا؟ لاننا لا ندري ان الساتر غسل بماء أم لا؟ فنستصحب عدم المائية لنفي طهارة الساتر، لنفي صحة الصلاة.

يقول السيد الخوئي: هنا يصدق نقض اليقين بالشك. انت لو لم ترتب على استصحاب عدم المائية انتفاء الطهارة لعد ذلك نقضاً لليقين بالشك، ولو لم ترتب بطلان الصلاة «انتفاء الصحة» على عدم طهارة الساتر لعد نقضا لليقين بالشك. فما دام الميزان في الاصل غير المثبت أن يعد عد ترتيب الاثر نقضا لليقن بالشك، وهذا الميزان منطبق على محل الكلام وهو نفي الاثر بنفي موضوعه فلا يعد ذلك من الاصل المثبت في شيء. لذلك في محل الكلام:

كان ذلك غنما ولا ندري انه عندما ارتضع من لبن الخنزيرة هل خرج عن الغنمية أم لا؟

استصحاب الغنمية لنفي الحرمة، لنفي المانعية من صحة الصلاة ليس من الاصل المثبت فإن عدم ترتيب هذا الاثر السلبي وهو عدم المانعية لعدم الحرمة يعد نقضا لليقين بالشك في استصحاب الغنمية.

هذا تمام الكلام في جريان اصالة الحل في اللباس المشكوك من اجل احراز الموضوع. «كان الكلام في اصالة الحل من إثبات الموضوع».

الاصل الثاني: اصالة الطهارة. هل يمكن اجراء اصالة الطهارة لاحراز الموضوع أم لا؟

وقد تعرّض لذلك سيدنا الخوئي في «ج12، ص244»: قال: الوجه الثاني: التمسك بأصالة الطهارة بتقريب:

لو تردد اللباس بين اتخاذه من حيوان طاهر مأكول كالغنم. أو من حيوان نجس غير مأكول كالكلب. هذا اللباس جزما اما من حيوان طاهر بمأكول أو من حيوان نجس غير مأكول ولا احتمل شقاً ثالثاً. كان مقتضى اصالة الطهارة جواز الصلاة فيه «كل شيء لك نظيف حتى تعلم أنه قذر». مقتضى اصالة الطهارة جواز الصلاة.

إن قلت: هذا إذا دار الامر بين طاهر ونجس، اما لو كان كلاهما طاهر، لكن دار الامر بين مأكول وغير مأكول، كما لو كان عندنا شاة وأرنب، والارنب إذا كان مذكى فجلده طاهر بلا اشكال، دار الامر بين جلد مأكول وهو جلد الشاة وهو جلد الارنب وهو كلاهما طاهر، يقول: إذا ثبت جواز الصلاة في الثوب المشكوك من حيث طهارة الحيوان أو نجاسته بأصالة الطهارة ثبت جواز الصلاة في الثوب المشكوك من حيث الماكولية وعدم المأكولية من باب عدم القول بالفصل. الى هنا صحة الصلاة بأصالة الطهارة صحت هنا بعدم القول بالفصل.

هذا الوجه كما ترى يلاحظ عليه ملاحظات ثلاث:

الملاحظة الاولى: ما سبق تفصيله من جريان اصالة الحل، فقلنا: هل أن مفاد اصالة الطهارة «كل شيء لك نظيف» مجرد رفع وجوب الاحتياط؟ أم مفادها الجعل؟ أم مفادها التنزيل؟

هناك محتملات ثلاث في مفاد اصالة الطهارة ومفاد اصالة الحل. ويختلف الآثار باختلاف المحتملات.

المحتمل الأول: ان اصالة الطهارة رفع وجوب الاحتياط، يعني إذا شككت في نجاسة شيء أو طهارته فوظيفته ان لا تحتاط من حيث النجاسة، لكن هذا لا يعني انه طاهر.

فبناء على ذلك لم يثبت باصالة الطهارة الطهارة الظاهرية فضلا عن الطهارة الواقعية فضلا عن ترتيب اثار الطهارة وهو جواز الصلاة فيه.

المحتمل الثاني: ان يكون مفاد اصالة الطهارة جعل الطهارة. «كل شيء لك نظيف» يعني انا اعتبره نظيف، فلا معنى لحمل الرواية على مجرد رفع وجوب الاحتياط. أنا اجعله واعتبره طاهراً «كل شيء لك نظيف حتى تعلم انه قذر» بناء على ذلك:

هل المجعول طهارة واقعية؟ أم المجعول طهارة واقعية وظاهرية؟

اختلفوا في ذلك: ذهب المشهور ومنهم سيدنا الخوئي: صحيح الرواية تتعرض لجعل لا لرفع، لكن المجعول طهارة ظاهرية. والقرينة على ذلك: هو الغاية، «كل شيء لك نظيف حتى تعلم انه قذر» فإن ظاهر الغاية ان موضوع هذه الطهارة فرض عدم العلم، وكل مجعول اخذ في موضوعه عدم العلم فهو مجعول ظاهري. فغاية ما نستفيد منها الطهارة الظاهرية، ويترتب عليها آثار الطهارة، لكن ترتبا ظاهريا بحيث إذا انكشف بذلك اننا إذا صلينا في النجس نعيد الصلاة.

وهناك من ذهب الى ان المجعول لا طهارتان، طهارة واقعية بنفس قوله «نظيف» وطهارة ظاهرية بقوله «حتى تعلم». فكأنه قال: «كل شيء بعنوانه نظيف ونظافته تستمر ظاهرا إذا شككت في بقائها الى ان تعلم انه قذر» فتتصدى الرواية لطهارة واقعية وظاهرية.

هذا الحمل خلاف الظاهر بأن يستفاد من الغاية أيضاً جعل آخر وهو جعل الطهارة الظاهرية، بل الغاية ما هي الا قيد في الموضوع.

بناء على هذا المحتمل الثاني. غاية ما يستفاد الطهارة الظاهرية.

المحتمل الثالث: ما ذهب اليه السيد الاستاذ «دام ظله» في تحليل اصالة الطهارة وتحليل اصالة الحل تبعا لصاحب الكافية وصاحب الحدائق، _وإن كان لم يذكرا هذا التقريب بعينه ولكنه تقريب كلامها_:

من ان مفاد الحل وأصالة الطهارة اعتبار ادبي وليس اعتبار قانوني، بمعنى ان الشارع لم يجعل حلية حتى يتنازع انها ظاهرية أم واقعية؟ لم يجعل طهارة حتى يتنازع هل هي واقعية أم ظاهرية أم كلاهما؟ الشارع فقط نزّل، «كل شيء لك نظيف» كأنه قال: نزّلت المشكوك منزلة الطاهر. نزلت الحلال منزلة الطاهر.

مفادها التنزيل والتنزيل اعتبار ادبي، ومقتضى اطلاق هذا التنزيل انه تترتب جميع الآثار الواقعية والظاهرية، فاذا نزل المشكوك منزلة الطاهر الواقعي تترتب على هذا المشكوك جميع آثار الطهارة الواقعية وجميع آثار الطهارة الظاهرية. والشاهد على ذلك انه في مقام التنزيل بلحاظ تمام الآثار: قرينتان:

القرينة الاولى: انه لم يجعل الغاية الشك، وانما جعل الغاية عدم العلم، وعدم العلم يجتمع مع الغفلة والنسيان والجعل المركب والشك، فهو يريد ان يقول: في فرض عدم العلم ولو لغفلة أو لنسيان أو جعل مركب آثار النظيف.

القرينة الثانية: وهي موجودة في اصالة الطهارة ولم توجد في اصالة الحل: انه قال: «كل شيء لك نظيف، فإذا علمت فقد قذر» ظاهره أنه بالعلم يتغير الموضوع، لا انه بالعلم ينكشف ما كان ثابتا من الأول. فهاتان قرينتان على أن مفاد اصالة الطهارة ليس جعلا وانما هو تنزيل للمشكوك تنزيل منزلة الطاهر الواقعي والظاهري فتترب عليهما آثارهما. غاية ما في الباب: انه اثار النجاسة على قسمين:

اثر للنجس لا ينفك عنه ارتكازاً. واثر للنجس ينفك عنه ارتكازاً.

مثلاً: لا يمكن التطهير بالنجس، التفكيك بينهما بأن تقول: هذا نجس لكن يصح التطهير به، ارتكازاً مستهجن. أو تقول: هذا نجس لكن إذا مسه الملاقي برطوبة مسرية لا تسري النجاسة. هذا مستهجن.

بينما إذا نأتي الى صحة الصلاة، «لا تصح الصلاة في النجس» إذا قال الشارع: نجس وتصح الصلاة فيه، لا إشكال فيه. الدم الذي هو اقل من الدرهم نجس وتصح الصلاة فيه. فالتفكيك بين النجاسة وصحة الصلاة ممكن ارتكازاً. ففي الآثار التي هي آثار تعبدية محضة بحيث يكون التفكيك بين النجس وبينها أمراً ممكناً، هنا، نعم، إذا شككنا في ان هذا طاهر أم نجس؟ قلنا طاهر، مقتضى الطهارة ان تنفي عنه آثار النجاسة واقعاً.

والمقصود بالآثار التي تنتفي عنه واقعا الآثار التعبدية، إذن فتصح الصلاة فيه واقعا، لأن عدم صحة الصلاة منوطة بالنجسة إناطة تعبدية، فاذا نزل المشكوك منزلة الطاهر الواقعي انتفت اثار النجاسة واقعاً.

اما الآثار الارتكازية التي لا يقبل الارتكاز التفكيك بينها وبين النجس، فإذا شككنا في أن هذا الماء طاهر أم نجس جاءت اصالة الطهارة قالت طاهر، ثم بأصالة الطهارة طهرّنا به ثوبا أو بأصالة الطهارة لاقيناه بملاقي، ثم بعد ذلك تبين لنا ان فيه بولا، عذرة، حينما اجرينا فيه اصالة الطهارة كان فيه بول، هنا العرف يأبى التفكيك بين كونه نجسا حين اجراء اصالة الطهارة ومع ذلك طهر به الثوب، وكونه نجسا حين اجراء اصالة الطهارة ومع ذلك لم تسري نجاسة الى الملاقي، فحيث ان الارتكاز يأبى التفكيك بينهما نقول: مفاد اصالة الطهارة هنا تنزيل الطاهر هنا منزلة النجس في الآثار الظاهرية. إذن مفاد اصالة الطهارة: تنزيل المشكوك منزلة الطاهر في الآثار الواقعي التي يمكن التفكيك فيها تعبداً، في الآثار الظاهرين التي لا يمكن التفكيك فيها تعبداً. وحيث ان عدم صحة الصلاة في النجس من الاثار التعبدية المحضة، فمقتضى تنزيل المشكوك منزلة الطاهر: ان نرتب على هذا الثوب آثار الطهارة الواقعية فتصح الصلاة فيه واقعاً. وهذا ما ذهب اليه صاحب الكفاية «قده» حيث قال: ان اصالة الحل واصالة الطهارة حاكمان على دليل اشتراط الحلية والطهارة في ثوب المصلي، موسعان لدائرته لما يشمل المشكوك. فالمشكوك تصح الصلاة فيه واقعاً، المشكوك الحلية والمشكوك الطهارة.

إذن على بعض المباني تصح الصلاة واقعاً في مشكوك الطهارة. على بعض المباني تصح ظاهرا، وعلى بعض المباني لا ظاهرا ولا واقعاً. لأن مفاد اصالة الطهارة مجرد رفع وجوب الاحتياط.

إذن هذا ملاحظتنا الاولى على اجراء اصالة الطهارة أن هذا ليس على جميع المباني تترتب آثار الطهارة.

الملاحظة الثانية: سلمنا ان جميع آثار الطهارة تترب غاية ما في الباب: أن الطهارة الثابتة باصالة الطهارة، الطهارة الفعلية لا الطهارة الذاتية، وكما فرقنا بين الحرمة بين الحرمة الفعلية والحرمة الذاتية، وقلنا بأن أصالة الحل ترفع الحرمة الفعلية ولا تثبت الحلية الذاتية، كذلك اصالة الطهارة تثبت الطهارة الفعلية ولا تثبت الطهارة الذاتية، وصحة الصلاة منوطة بالطهارة الذاتية. حتى تصح الصلاة، وصحة الصلاة منوطة بالطهارة الذاتية.

وثالثا: لو سلمنا بكل ما تقولون، فلو صحت الصلاة في مشكوك الطهارة كيف تصح في مشكوك الحلية من حيث المأكولية وعدمها. هنا يوجد اصل نقح الموضوع، هناك لا يوجد اصل نقح الموضوع.

ودعوى عدم القول بالفصل عدتها على مدعيها، لأن المطلوب القول بعدم الفصل، لا عدم القول بالفصل. الذي يفيدنا القول بعدم الفصل. لا عدم القول بالفصل.

والحمد لله رب العالمين.