الدرس 116

الخلل الواقع في الصلاة

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ذكرنا سابقا: أنه قد استدل على صحة الصلاة في الثوب المشكوك باستصحاب عدم الحرمة، وانه اورد على استصحاب عدم جعل الحرمة بإيرادات:

منها: ان استصحاب عدم جعل الحرمة معارض لاستصحاب عدم جعل الاباحة. وذكرنا ان سيدنا الخوئي «قده» دفع هذه المعارضة بوجوه:

الوجه الاخير: إن استصحاب عدم الإباحة لا أثر له، فيبقى استصحاب عدم الحرمة بلا معارض، والسر في ذلك: ان الأثر الشرعي وهو المانعية مترتب على الحرمة، فما جعله الشارع هو المانعية لما يحرم، واما عدم المانعية لما يحل فلم يجعله الشارع، وانما هو متفرع عقلا عن المجعول، فما هو المجعول؟ مانعية ما يحرم، لا عدم مانعية ما يحل، فإن عدم مانعية ما يحل مجرد تفريع عقلي ليس الا.

فبما ان المجعول الشرعي المانعية لما يحرم، فإذا شككنا في المانعية، كفانا في نفيها استصحاب عدم الحرمة ولا معنى لمعارضته باستصحاب عدم الإباحة، لأن الإباحة ليس لها اثر، إذ ما هو موضوع الأثر الحرمة، فيكفينا في نفي الأثر استصحاب عدم الحرمة، واستصحاب عدم الاباحة لا أثر له لأنه لا يثبت الحرمة كي يترتب عليه عدم الاثر. فيجري استصحاب عدم الحرمة بلا معارض.

فإن قلت: ان في موثق ابن بكير في ذيلها قال: «لا تقبل منه تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله» قال: هذا من باب التفريع لا ان الشارع جعل جعلا آخر قال: ما يحرم مانع وما يحل مثلا شرط أو ليس بمانع. وعليه يحمل قوله في موثق ابن بكير «لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما احل الله أكله» حيث إنّه بعد أن حكم قبل ذلك _يعني في العبارات السابقة_ بفساد الصلاة فيما حرم فرّع على ما سبق أنّ ايقاع الصلاة في المحلل يجنبه فساد الصلاة. فهذا مجرد تفريع عقلي وليس جعلا آخر. هذا جوابه الأخير عن إشكال المعارضة وهو جواب صحيح.

الكلام فعلاً في الإيراد الأخير على استصحاب عدم الحرمة:

وبيانه: ان استصحاب عدم الحرمة لا يثبت عدم حرمة هذا الثوب المشكوك الا من باب الاصل المثبت. بيان ذلك:

تارة يكون الأثر اثرا لنفس الجعل، وتارة يكون أثراً لبقاء المجعول، وتارة يكون أثراً لأصل وجود المجعول. فهنا صور ثلاث:

الصورة الأولى: أن يكون الأثر لنفس الجعل، بمعنى هل ان في الشريعة الإسلامية جعل من هذا النوع أم لا؟ أثرنا في نفس الجعل. هل أن في الشريعة الإسلامية جعلت القوامة للمرأة أم لا؟ شك الجعل نفسه، وأثره أن ننسب للشريعة، أثر الشك في الجعل هو النسبة وعدم النسبة، فالأثر لنفس الجعل، هل أنّ في الشريعة الاسلامية نفس هذه القضية وهو ان القوام للمرأة أم لا؟ هذا شك في اصل الجعل وهناك أثر لنفس هذا الجعل وهي النسبة للشارع.

فهنا يقال: ان ثبت الجعل يوما من الأيام استصحب بقائه وعدم نسخه. ثبت في الشريعة الإسلامية ان القوامة للرجل، لا ندري بعد ان صارت المرأة تقود حزباً مثلا، فبعد ان وصلت المرأة إلى هذا المستوى ما زالت القوامة للرجل أم لا؟ فالشك هنا في بقاء الجعل، ولهذا الشك أثر وهو النسبة للشريعة وعدم النسبة، إذا ثبت الجعل، نستصحب بقائه وعدم نسخه. إذا شككنا في اصل وجوده نستصحب عدم وجوده.

وتارة يكون الأثر لبقاء المجعول، بمعنى أن المجعول صار فعليا بفعلية موضوعه، مثلاً: نجاسة الماء المتغير بالنجاسة. وجد ماء تغير بالنجاسة صار نجساً صار مجعولاً فعلياً، هذا المجعول الفعلي نشك في بقائه لاجل الشك في صفة من الصفات، كما لو زال تغيره من قبل نفسه، فشككنا في بقاء النجاسة بعد ان زال تغيره من قبل نفسه نستصحب بقاء النجاسة بناء على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.

وأما إذا كان الأثر ليس في بقاء المجعول بعد فعليته، أثر لأصل وجود المجعول، الموضوع صار فعليا لكن هل أصبح المجعول لفعلية الموضوع أم لا؟ الشك في أصل فعلية المجعول لا الشك في بقاء الجعل ولا الشك في بقاء المجعول بعد احراز فعليته، بل الشك في اصل فعلية المجعول. كما هو محل كلامنا، نحن الآن لا ندري هل ان هذا الحيوان المتولد من كلب وشاة جعلت له الحرمة أم لا؟ وغرضنا من ذلك انه: ان جعلت له الحرمة فهل يتصف هذا الحيوان بكونه محرم الاكل بحيث يكون الثوب المتخذ منه مانعا من صحة الصلاة، فشكنا الآن متمحض في وجود المجعول، أي أن شكنا الآن متحمض في اتصاف هذا الحيوان الذي بين ايدينا بكونه محرم الأكل أم لا؟ شك في وجود المجعول. والأثر المترتب عليه عدم صحة الصلاة في الثوب المتخذ منه.

إذا شككنا في وجود المجعول، هل يمكن تنقيح هذا الشك بجريان الاستصحاب في الجعل، فإذا نفينا الجعل انتفى المجعول أم لا؟ هذا محل البحث، لأن شكنا الآن في المجعول، أي في اتصاف الحيوان بالحرمة، فلو رجعنا إلى الجعل، قلنا بغض عن الحيوان نشك في عالم الجعل، هل ان الشارع جعل الحرمة لحيوان متولد من شاة وكلب أم لا؟ فننفي ذلك الجعل، فاذا انتفى الجعل انتفى اتصاف هذا الحيوان بالحرمة. فبنفي الجعل ينتفي المجعول. هذا لبُّ الكلام ومورد الاشكال، فنقول:

ذهب المحقق النائيني «قده» وتبعه جمع منهم السيد الاستاذ «دام ظله» إلى ان نفي المجعول بنفي الجعل اصل مثبت. وهنا تصويران للاشكال: التصوير الذي ذكره السيد الخوئي «قده» تقريبا لكلام شيخه النائيني، قال:

اما ان نجري الاصل في المجعول واما ان نجري الاصل في الجعل. لا يمكن ان نجري الاصل في المجعول لأن ليست له حالة سابقة، فإن اتصاف هذا الحيوان بالحرمة ليس له حالة سابقة، الحيوان منذ الاساس منذ تولده اما متصف بالحرمة أو ليس متصفا بالحرمة. اذن المجعول ليست له حالة سابقة.

نأتي للجعل: هل نستصحب عدم الجعل فينتفي المجعول؟

هل أنّ نسبة الجعل للمجعول نسبة السبب للمسبب؟ أو نسبة القضية الشرطية للجزاء؟

وعلى كليهما يكون مثبتاً، ان قلنا بأنه نسبة السبب والمسبب، فإن نفي المسبب بنفي السبب أصل مثبت، نشك في احتراق الجسم فنستصحب عدم وجود النار، استصحاب عدم وجود النار لا ينفي وجود الاحتراق الا بالأصل المثبت، باعتبار ان انتفاء المسبب لانتفاء السبب امر عقلي وليس امرا شرعياً، فاذا قلتم الجعل سبب يعني عملية الجعل من المولى سبب لوجود المجعول بعد وجود موضوعه فنفي المسبب بانتفاء سببه اصل مثبت. إذا قلتم، نسبة الجعل للمجعول نسبة القضية الشرطية للجزاء. الجعل يعني قضية شرطية، من استطاع يجب عليه الحج. فالجعل هو قضية شرطية، المجعول هو هذا المستطيع وجد؟ يتصف بأنه يجب عليه الحج. نسبة القضية الشرطية للمجعول الفعلي نسبة القضية الشرطية لفعلية الجزاء، هل يمكن ان ننفي الجزاء بنفي القضية الشرطية؟

نقول: من شرب ماء قم أصيب بالإسهال. هذه قضية شرطية، وفلان لا ندري هل انه مصاب بالاسهال أم لا؟ فنحن ننفي كونه مصاباً بالإسهال بنفي القضية الشرطية، نقول: اصلا القضية الشرطية غير معلومة، نستصحب هذه القضية الشرطية فينتفي كون فلان مصابا بالاسهال. هذا اصل مثبت.

إذن بالنتيجة المحقق النائيني يقول: نفي المجعول بنفي الجعل اصل مثبت لأنه اما من باب نفي المسبب بنفي السبب أو من باب نفي الجزاء بنفي القضية الشرطية.

وأجاب عن ذلك سيدنا الخوئي «قده» في الاصول في بحث الاستصحاب، وفي «رسالته اللباس المشكوك، وفي موسوعته، ج12، ص248»: يرد على المحقق النائيني النقض والحل.

أمّا النقض: فبأنه يسلّم في جريان الاستصحاب بعدم النسخ، مثلاً: إذا شككنا هل ان الشارع نسخ نجاسة الدم أم لم ينسخ. نعلم ان الشارع جعل قضية حقيقية وهي الدم نجس. اما هل نسخ ذلك؟

فاذا شككنا هل ان الدم نجس أم لا؟ يقول المحقق النائيني يستصحب عدم النسخ. ويترتب عليها انه لو وجد دم لاتصف بالنجاسة، فإنت اثبت المجعول باستصحاب الجعل، بجريان الاستصحاب في الجعل اثبت المجعول، مع ان اثبات السبب لا يعني اثبات المسبب الا بالقضية العقلية، وإثبات القضية الشرطية لا يعني اثبات الجزاء، واي فرق بين النفي والاثبات؟ النكتة واحدة.

فإذا امكن اثبات المسبب بإثبات السبب، وإمكان إثبات فعلية الجزاء بإثبات القضية الشرطية، اذن بالنتيجة هذا النقض وارد عليك.

أمّا الحل: قال سيدنا الخوئي: لا يوجد حكمين احدهما جعل وآخر مجعول، هو حكم واحد، مجعول بجعل واحد، وهذا الحكم الواحد يمر بمرحلتين مرحلة انشاء ومرحلة فعلية والا فالحكم هو هو، نجاسة الدم، فإن لم يوجد دم في الخارج يسمى هذا الحكم انشائي، ففي هذه المرحلة أي مرحلة عدم وجود الموضوع يسمى الحكم انشائيا فرضيا تقديرياً. فإذا وجد الدم في الخارج، هل يتغير الحكم؟! هل يوجد جعل جديد؟ لا، نفس ذلك الحكم السابق وهو الدم نجس يعبروا عنه بالفعلية، والتعبير عنه بالفعلية لا انه وجد شيء، ولم يوجد الا الدم ليس شيئاً آخر، غاية ما في الباب لما وجد الدم خارجا ترتبت عليه آثار النجاسة. ترتب آثار النجاسة يسمى الفعلية أو المجعول. فليس هناك الا حكم واحد وهو القضية الانشائية، هذا الحكم الواحد قبل وجود الموضوع يسمى انشائياً، بعد وجود الموضوع يسمى مجعول، فعلي، مع انه لم يحدث شيء للحكم نفسه، الذي حدث أن الدم وجد وترتبت عليه آثار النجاسة. فإذا كان الحكم واحداً لا غير ذلك، فهذا الحكم الواحد ثبت وجوده استصحبنا بقائه إلى حين وجود الموضوع. ثبت عدمه في الفترة السابقة ولو قبل الشريعة استصحبنا عدمه إلى حين وجود الموضوع، فهو حكم واحد مجرى للنفي أو الاثبات. ثبت لدينا نجاسة الدم، وجد دم في الخارج نقول: نستصحب بقاء نجاسة الدم في الشريعة إلى حين وجود الدم. باستصحاب نجاسة الدم مع وجود دم في الخارج يترتب الاثر، فإن موضوع الأثر مركب من جزئين: وجود دم، وبقاء الجعل. وأما وجود الدم فهو بالوجدان وأما بقاء الجعل فهو بالاستصحاب، ترتب آثار النجاسة. أو قال الشارع: يجب على المستطيع الحج، قضية إنشائية، وجد مستطيع في الخارج، لا ندري هذه القضية الإنشائية باقية أم لا؟ نستصحب بقائها إلى حين وجود المستطيع، يترتب عليه وجوب الخروج إلى الحج موضوعه مركب من مستطيع وجعل، اما المستطيع فهو بالوجدان وأما الجعل فهو بالاستصحاب، وإذا تم هذا في الاثبات تم في النفي. لا ندري ان الكافر الكتابي نجس أم لا؟ نقول: بأنه انتفاء أثر النجاسة يكفي فيه انتفاء احد الجزئين لأن الموضوع مركب، اذن ينتفي المركب بانتفاء احد جزئيه، ترتب آثار النجاسة يحتاج إلى اجتماع جزئين إذن انتفاء النجاسة يكفي فيه انتفاء احد الجزئين، صحيح ان هذا الكتاب موجود، اما لا اعلم الشارع جعل النجاسة أم لم يجعل؟ ننفي جعل النجاسة بالاستصحاب، عندما لم تكن الشريعة أو في اول الشريعة لم يكن جعل لنجاسة الكتابي فهو الآن كذلك فنتفي أثر النجاسة بانتفاء احد الجزئين. ليس هناك الا جعل واحد والكلام في الموضوع.

التصوير الثاني: ما نسب للسيد الأستاذ «دام ظله» في «تقريرات بحث الاستصحاب» فقال: ان الوجود المحمول وان كان واحد الا ان الوجود الرابط متعدد، وبيان هذا المطلب بقاعدة فلسفية وهي:

أن العرض قد يكون معروضه عين موصوفه وقد يكون معروضه غير موصوفه، مثلا: في الاعراض الخارجية المعروض غير الموصوف. البياض الحركة، هذا عرض خارجي، معروضة الجسم الخارجي، موصوفه نفس الجسم الخارجي، الجسم الخارجي معروض للحركة، والجسم الخارجي يتصف بالحركة يقال هذا متحرك، فالمعروض والموصوف واحد. فاذا كان المعروض غير الموصوف يسمى بالمعروض الثانوي، كما في العلم والإرادة وسائر العوارض الانتزاعية والاعتبارية كلها من هذا القبيل. نأتي إلى الإرادة: انا اريد أكل السمك يوم الأربعاء، فما هو معروض الارادة؟ معروض الارادة العنوان الموجود في افق النفس، لأن الإرادة متقومة بمراد في أفق النفس، فالإرادة وهو الشوق المؤكد له متعلق في افق النفس وهو اكل السمك يوم الأربعاء. فعنوان أكل السمك يوم الاربعاء هو معروض الارادة، وإلا لا توجد إرادة بدونه لأن الارادة من الصفات التعلقية التي لا توجد في افق النفس الا بمتعلق، فمتعلقها في افق النفس هو معروضها الذي لا توجد الا به. ولكن، ما الذي يتصف بالإرادة خارجا؟ نفس اكل السمك إذا وجد قلنا هذا مرادي، فالمتصف غير المعروض، المعروض هو المراد بالذات والمتصف المراد بالعرض، وهذا الامر كما في الصفات النفسانية، أيضاً في الأمور الانتزاعية، الفوقية للسقف. معروض الفوقية عنوان السقف، لأن الفوقية عنوان انتزاعي ذهني، ففي الخارج لا يوجد فوقية ولا تحتية، ولذلك يقولون العنوان الانتزاعي ليس له ما بإزاء بالخارج، وانما الوجود بمنشأ انتزاعه وليس له، فإذن عنوان الفوقية ليس له وجود في الخارج، إذن معروضه الحقيقي العنوان الموجود في الذهن كعنوان السقف، أما هذا السقف الخارجي المتصف بالفوقية، إذن المتصف غير المعروض. هذه في الصفات النفسانية. الأوصاف الانتزاعية. وكذلك في الأوصاف الاعتبارية ومنها الحكم، مثلا: الوجوب، ما هو معروض الوجوب؟ لا الصلاة الخارجية، الصلاة الخارجية مسقط للوجوب وليست معروضاً للوجوب، إذن معروض الوجوب عنوان الصلاة في أفق الاعتبار، في عالم الاعتبار المولى يتصور عنوان الصلاة ويجعل الوجوب اليها، اذن المعروض للوجوب عنوان الصلاة الموجود في افق الاعتبار، لكن الذي يتصف بالوجوب، هذه الصلاة عندما توجد يقال هذه وجبت أو هذه واجبة. فالمعروض غير المتصف في الأحكام الشرعية.

بعد بيان هذه المقدمة، اتضح: أن الحكم الشرعي وجود واحد، أم أما وجوده الرابط متعدد. يعني الحكم الشرعي له ارتباطان: ارتباط بمعروضه وارتباط بموصوفه، ونتيجة وجود ارتباطين ارتباط بمعروضة وارتباط بموصوفه تولدت قضيتان، واحدة: نعبّر عنها قضية انشائية، والأخرى نعبر عنه قضية فعلية. مثلا وجوب الحج على المستطيع، وجوب الحج له ارتباط بمعروضه وهو المستطيع المتصور في افق الاعتبار، وله ارتباط بموصوفه وهو المستطيع الخارجي، فلما كان وجوب الحج الواحد له ارتباطان ارتباط بمعروض وارتباط بموصوف، القضية الأولى نسميها: قضية شرطية. القضية الثانية: نسميها قضية خارجية فعلية. فإذا كانت هناك قضيتان وجدانا فكيف نثبت احداهما بالأخرى؟

إذن جريان الاستصحاب في القضية الاولى وهي القضية الشرطية وجوداً أو عدماً لا ينقح لنا الحال في القضية الثانية، السيد هنا عمم الاثبات والنفي كلاهما عنده مثبت.

وأما النقض الذي نقضتم به على المحقق النائيني وهو انه: انت تسلم باستصحاب عدم النسخ، فهو من باب الأدلة الخاصة «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» نثبت بقاء الحكم لا من باب الاستصحاب، من باب الادلة والروايات. وأما الاستصحاب الجاري في الجعل فلا يثبت المجعول لا إثباتاً ولا نفياً. هل هذا الكلام صحيح أم لا؟

نذكر جوابا سريعا والتأمل:

سلّمنا أن هناك قضيتين بالوجدان قضية انشائية وقضية فعلية، قضية شرطية قضية خارجية. لكن التفكيك بينهما في التعبد الظاهري غير معقول عرفاً، العرف إذا تقول له تشك ان لفلان ولد أم لا؟ استصحب عدم ولادة أمه، يرى ان نفي وجود الولد باستصحاب عدم الولادة شيء واحد.

فإذا قلت له هذا لا يصح، هذا ولد وهذا ولادة، لا يصح تنفي الولد بنفي الولادة. فاذا انتفت الولادة انتفى الولد. فنحن نعلم ان هناك قضيتان: قضية شرطية وقضية فعلية، وهذه غير هذه، العرف لا يتعقل التفكيك بين القضية الانشائية والقضية الفعلية في مقام التعبد الظاهري. فكما أنك قلت للعرف ان استصحاب عدم الولادة لا ينفي وجود الولد، واستصحاب بقاء الولادة لا يثبت وجود الولد، فبما ان العرف لا يتعقل التفكيك بين القضيتين بحسب التعبد الظاهري، لذلك استصحاب نجاسة الدم إلى ان يوجد في الخارج، العرف يرتب عليه أثر النجاسة لا يتعقل التفكيك بينهما. وكذلك في مقام النفي، إذا شككنا في نجاسة الكافر الكتابي، استصحاب عدم جعل نجاسة للكافر الكتابي مع وجود كافر كتابي في الخارج لا يترتب عليه أثر النجاسة. في محل كلامنا كذلك، إذا شككنا في ان هذا الحيوان الخارجي المتولد من شاة وكلب، هل جعل الشارع له الحرمة أو لا؟ استصحاب عدم الحرمة إلى حين وجود هذا الحيوان يترتب عليه انتفاء أثر الحرمة ومنها انتفاء المانعية. فتأمل.

والحمد لله رب العالمين.