الدرس 128

الخلل الواقع في الصلاة

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

كان الكلام في ان هناك مرحلتين، مرحلة للجعل ومرحلة للفعلية إنما يتصور في الامور الاعتبارية وأما الاحكام التكليفية فليست من سنخ الاعتباريات كي يتصور لها مرحلتان، بل هي عبارة عن الارادة والكراهة، والإرادة والكراهة فعليتان منذ حصولهما، وأما ما افاده المحقق النائيني من وجود جعل ومجعول يتحقق بفعلية الموضوع خارجاً.

فيلاحظ عليه: انه إذا الموضوع فهذا اما غير مجعول فلا ربط لنا به، أو مجعول بجعل ثاني وهو خلف الوجدان، أو مجعول بالجعل الاول فيلزم التفكيك بين الجعل والمجعول. والجواب عما افاده في المستمسك: ان جميع الصفات النفسانية سواء قلنا بأن حقيقة الحكم هي الارادة أو قلنا بأن حقيقة الحكم الاعتبار، فإن كليهما من الصفات النفسانية، جميع الصفات النفسانية له معروض وموصوف، فمعروضها اي متعلقها بالذات، هو العنوان القائم في النفس، كعنوان المستطيع كعنوان الخمر، كعنوان الميتة وما اشبه ذلك، وأما موصوفوها، اي ما يتصف بالحكم خارجا فهو الوجود الخارجي، مثلا إذا قال المولى يجب الحج على المستطيع، فهذا الوجوب الكلي سواء كان من باب الارادة أو كان من باب أي متعلقه بالذات هو العنوان القائم في افق النفس، فإن الوجوب تعلق بالمستطيع المفروغ الوجود، يعني عنوان المستطيع، وأما الموصوف: اي متى يتصف بهذا الحكم موصوف، إذا وجد مستطيع في الخارج فاذا وجد مستطيع في الخارج، قيل هذا المستطيع يجب عليه الحج. فمعروضية الوجوب غير الاتصاف في الوجوب، معروضية الوجوب هي في افق الاعتبار اما الموصوف بالوجوب هو الوجود الخارجي، يقال: هذا المستطيع يجب عليه الحج، هذا الخمر حرام، هذا الدم نجس، وأشباه ذلك.

فبناء على ذلك: لا يوجد لدينا جعلان: جعل لقضية كلية وجعل لقضية جزئية، بل ليس هناك الا جعل واحد له معروض وموصوف لا اكثر من ذلك، هذا الجعل الواحد وهو قوله: يجب الحج على المستطيع، ما لم يوجد مستطيع في الخارج فليس له الآن الا معروض، فإذا وجد مستطيع في الخارج صار له موصوف، لا اكثر من ذلك، فهو مجعول واحد له معروض وموصوف فاذا وجد موصوفه بالخارج اتصف به لا انه وجد مجعول جديد ثانٍ. إذن فبناء على هذا التحليل:

أولاً: لا فرق بين كون الحكم من سنخ الإرادة أو الكراهة أو من سنخ الاعتبار، كل منهما يتحاج الى معروض وموصوف.

ثانياً: لا معنى لأن نسئل بعد وجود مستطيع في الخارج هل وجد مجعول جديد أم لا؟ فإن وجد مجعول فهل هو بجعل آخر، خلاف الواجدان. هل هو بالجعل الاول يلزم التفكيك بين الجعل والمجعول. نقول: بعد وجود المستطيع في الخارج لم يوجد إلا الاتصاف بذلك المجعول الاول لا انه وجد مجعول جديد. فلم يلزم التفكيك بين الجعل والمجعول، ولم يلزم وجود مجعول آخر كي يبحث عن منشأ جعله. إذن بالنتيجة معروض الحكم هو ما يعبر عنه بالقضية الحقيقية، وموصوف الحكم هو ما يعبر عنه بالقضية الفعلية الخارجية. هذا بالنسبة للإشكال الاول الذي اورده سيد المستمسك «قده» وجوابه.

الإشكال الثاني: الذي افاده سيد المستمسك تبعا لشيخه المحقق العراقي «قده» ويبتني على مقدمتين:

المقدمة الاولى: ذكر المحقق النائيني وتبعه تلامذته ان كل القيود ترجع الى الموضوع ولا معنى للتفصيل في الموضوع بأن هناك قيد يرجع للموضوع وهناك قيد يرجع الى الحكم. فإن مرجع القضية الحقيقة الى قضية شرطية، وهي: كلما وجد الموضوع بتمام القيود صار الحكم فعلياً، فعندما يقول المولى: المكلف إذا استطاع وجب عليه الحج، فهل في الواقع يوجد موضوع ويوجد شرط؟

المحقق النائيني في الواقع لا يوجد الا موضوع «المستطيع» لا شيء ثاني، وإن صيغت القضية بصياغة شرطية. فاذا قال المولى: المكلف إن استطاع وجب عليه الحج فليس هناك عنصران الاول موضوع والثاني شرط، والثاني دخيل في الحكم وليس دخيلا في الموضوع، بل مرجع جميع القيود لباً الى الموضوع، فإذا قال المكلف إن استطاع وجب عليه الحج، فكأنه قال: إذا وجد مستطيع وجب عليه الحج. فجميع القيود ترجع الى الموضوع لبّاً.

وببيان سيدنا الخوئي «قده»: إذا كان الموضوع مركبا من جزأين، مكلف ومستطيع، أو عنب وغليان. فنقول: الجزء الأول إما مهمل من حيث الجزء الثاني، وهو غير معقول في الجزء. اما مطلق بالنسبة اليه وهو خلف المفروض، لانه لو كان الجزء الاول هو مطلق العنب غلى أم لم يغلي، فهذا خلف دخل الغليان في الحرمة. فتعين ان يكون الجزء الاول مقيداً بالجزء الثاني، يعني تعين ان يكون موضوع الحكم المكلف المستطيع، العنب المغلي، اذن لا محالة جميع القيود ترجع الى الموضوع لباً، فبناء على رجوع جميع القيود الى الموضوع لبّاً، فبناء على رجوع جميع القيود الى الموضوع لبّاً، لا فعلية للحرمة الا بفعلية جميع القيود. فكيف تستصبحون الحرمة التي ثبتت للعنب قبل غليانه والحال بانه لا حرمة للعنب قبل غليانه، لان القيود راجعة للموضوع ولا فعلية للحكم قبل فعلية موضوعه. هذا ما ذكره المحقق النائيني وتلامذته. السيد الحكيم ينقض على ذلك في:

المقدمة الثانية: هذا الكلام غير تام، لأحد وجهين:

الوجه الاول: ما ذكره المحقق العراقي في نهاية الافكار قال بأن الشروط حيثيات تعليلية لا حيثيات تقييدية، فالمولى إذا قال: العنب إن غلى يحرم، فالحرمة ليست ثابتة للغليان ثابتة للعنب بواسطة الغليان، الغليان مجرد علية كيف تعتبره قيدا في الموضوع؟ لو كان الغليان قيدا في الموضوع لاتصف بالحرمة، لقلنا ان المحرم هو العنب المغلي، لكن الغليان ليس قيدا في الموضوع بل حيثية تعليلية. عندنا موضوع عندما حكم عندنا علة، علة ثبوت الحكم للموضوع هو ذلك القيد المسمى بالغليان، فلا وجه لإرجاع القيود الى قيود في الموضوع، بل القيود علل ووسائل في ثبوت الحكم للموضوع.

ثانياً: ما ذكره الفقيه السيد الحكيم «قده» قال: بأن المحقق النائيني أرجع الأمور كلها الى الموضوع، بمعنى انه ارجع الشرطية الى الحملية، المولى يقول شرطية، النائيني يقول حملية، المولى يقول العنب إذا غلى يحرم، النائيني مصر على العنب المغلي، لأنه يرجع القيود الى الموضوع. مرجع كلامك الى قولك «العنب المغلي يحرم» يقول: ارجاع القيود الى الموضوع مآله الى ارجاع الشرطية الى الحملية، وحينئذٍ نسأل النائيني: هل مدعى النائيني ان الشرطية راجعة الى الحملية اثباتاً؟ أو أن الشرطية راجعة الى الحملة ثبوتاً؟ فإن كان منظوره رجوع الشرطية الى الحملية إثباتاً، فهذا خلاف الوجدان، الوجدان عنده يفرق بين الشرطية والحملية، هذا له مدلول وهذا له مدلول، كيف يقول النائيني الى أن مرجع الشرطية الى قضية حملية إثباتاً؟! وإن كان مدعاه ثبوتا ترد القضية الشرطية الى القضية الحملية، لازم ذلك رفع اليد عن السنة الأدلة والحال بانكم تقيدون بألسنة الأدلة ولذلك تقولون: لو قال الشارع: إن وجد رمضان فصم، غير إذا قال الشارع: صم في رمضان، لانه إذا قال: ان وجد رمضان فصم، الموضوع أخذ على نحو مفاد كان التامة، فاذا شك المكلف انا الآن في رمضان أم العيد صار، يستطيع ان يستصحب بقاء رمضان، فيجب عليه الصوم، إن وجد رمضان فصم فوجد رمضان بالاستصحاب يجب الصيام. أما إذا قال الشارع: صم في رمضان. انا لا ادري الآن رمضان أو شوال، استصحاب بقاء رمضان لا يثبت أن الصوم وقع في رمضان، إذن انتم مشيتم على لسان الأدلة، مع انه في الواقع شيء واحد أما رمضان موجود أو غير موجود، مع ذلك فرّقتم في جريان الاصل وقلتم إن كان لسان الدليل إن وجد رمضان جرى الاستصحاب، وان كان لسان الدليل صم في رمضان جرى الاستصحاب، وهذا تقيد بلسان الدليل. فاذا كان لسان الدليل موردا لاهتمامكم فكيف ترجعون الشرطية الى الحملية؟! إذن بناء على اختلاف لسان الأدلة نقول: هل الدليل قال: العنب المغلي حرام؟ فيجب كلام الميرزا، أم الدليل قال: العنب إذا غلى حرام، فإن موضوع الحرمة هو العنب والغليان مجرد علة، إذن هناك حرمة ثبتت للعنب من حين وجوده ونشك في بقاء تلك الحرمة تحوله الى زبيب فنستصحب تلك الحرمة. هذا كلام السيد الحكيم.

ولكن يلاحظ على ما افيد في المستمسك:

اولاً: كما ذكر السيد الشهيد انه لا توجد عبارة للنائيني أنه قال الشرطية ترجع الى الحملية أو قيود الحكم ترجع الى الموضوع، وإنما نقول: مقصود المحقق النائيني من رجوع القيود الى الموضوع لبا هو انه لا فرق بين القيد والموضوع في أخذ كل منهما مفروض الوجود، فليكن لسان الدليل جعل هذا موضوع وجعل هذا شرط، فقال: العنب إذا غلى يحرم، فلسان الدليل فرض العنب موضوعا وفرض الغليان شرطاً، ليكن كذلك، اما كل من الشرطين أخذ مفروض الوجود، يعني العنب ان فرض وجوده، والغليان ان فرض وجوده، فما دام كل منهما قد اخذ مفروض الوجود فلا فعلية للحرمة قبل فعليتهما معاً، هذا معنى رجوع القيود الى الموضوع، وليس معنى رجوع القيود الى الموضوع اننا نقول بإلغاء السنة الأدلة، فنحن نعلم بمقتضى السنة الأدلة فيما تدل عليه، ولكن إذا كان نفس لسان الدليل ظاهراً في اخذ كل من العنصري مفروغ الوجود فمقتضى العمل أصلاً بلسان الدليل هو لا فعلية للحرمة قبل فعليهما. فلأجل ذلك نقول: ان الحرمة التي تريدون استصحابها أصلاً لم يثبت حرمتها فعليتها قبل الغليان كي يجري استصحابها، فهذا هو كلام النائيني من رجوع القيود الى الموضوع.

ثانياً: بانه بناء على كلام السيد الحكيم تبعا لشيخه العراقي «قده» يقال: بانه أفاد المحقق العراقي والسيد الحكيم انه لا يعقل التفكيك بين الجعل والمجعول، فإن التفكيك بينهما من قبيل التفكيك بين الايجاد والوجود، بناء على ذلك، فلماذا يفرق السيد الحكيم بين الجملة الشرطية والجملة الحملية، على اية حال الحكم فعلي، إذا كان مرجع هذه الكبرى وهي «لا يعقل التفكيك بين الجعل والمجعول» اي متى حصل الجعل كان المجعول فعلياً، ولا تتوقف فعلية المجعول على فعلية القيد، فبناءً على مسلككم هذا اذن الحرمة فعلية بمجرد جعلها سواء صاغ المولى بلسان القضية الحملية أم بلسان القضية الشرطية، فتفريق السيد الحكيم بين اللسانين تبعا لسيد العروة الذي فرّق بين اللسانين مما لا ينسجم مع هذه الكبرى وهي استحالة التفكيك بين الجعل والمجعول في الفعلية.

الإشكال الثالث: ما ذكره المحقق العراقي في نهاية الافكار، «ج4، ص188» قال: إن المحقق النائيني «قده» يشترط في جريان الاستصحاب ان يكون المستصحب فعليا إذ ما لم يكن المستصحب فعليا سابقا فلا يجري استصحابه. فنسأل: نقول: لازم كلامكم انه لا يجوز للمجتهد ان لا يجري الاستصحاب في القضايا الفرضية، لان المستصحب ليس فعلياً، والحال بأن المجتهد يفترض ماء متنجسا بالتغير، يفترض كرا متنجسا بالتغير، ثم يفترض المجتهد أنه زال تغيره من قبل نفسه، ويشك أنه بعد زوال تغيره من قبل نفسه هل يجري استصحاب النجاسة أو يجري استصحاب النجاسة؟ والمجتهد يجري فرضيات يفترض ان المرأة طهرت من الحيض ويفترض ان المرأة لم تغتسل بعد ويشك في بقاء الحرمة، حرمة الوطء التي كانت ثابتة حالة الحيض لما بعد انقضاء الحيض وقبل الغسل، فيستصحب الحكم. السؤال ما هو المستصحب هنا؟

هل المستصحب هنا فعلي الوجود؟ أم المستصحب هنا فرضي الوجود؟ فإن ادعيتم ان المستصحب هنا هو فعلي الوجود فهو خلف الوجدان، لانه لا يوجد مستصحب فعلي الوجود خارجاً، وان ادعيتم انه فرض الوجود، ثبت بالاستصحاب التعليقي، إذ لا فرق بين أن تفرضوا تمام الموضوع أو تفرضوا جزء الموضوع، ففي هذا المثال فرضتم تمام الموضوع، كر متغير بالنجاسة، ففرضتم النجاسة، ثم زال تغيره من قبل نفسه فاستصحبتم الحرمة، هنا ايضا المجتهد فرض وجود عنب قبل الغليان، فاذا وجد العنب قبل الغليان اذن هناك حرمة مفروضة بفرض الغليان، وإذا كانت هناك حرمة مفروضة بفرض الغليان ويشك بارتفاع هذه الحرمة المفروضة بفرض الغليان بعد ان صار العنب زبيبا فيجري المجتهد استصحابه، فأي فرق بين ان تفرضوا تمام الموضوع وتستصحبون، وبين ان تفرضون بعض الموضوع وتستصحبون. أي فرق بينهما من حيث الفرض؟

والجواب عن ذلك: ما تعرض له الاعلام «قده» من ان في المثال الاول فرض واقعي، وفي المثال الثاني فرض وهمي وليس واقعي. صحيح انه لا يتوقف الاستصحاب على فعلية المستصحب خارجا بل يجري في فرض وجود المستصحب، إذا فرضت وجود المستصحب، ثم شككت في بقائه اجريت الاستصحاب، إذا كان لهذا الاجراء اثر عملي كما هو في حق المجتهد أثره العملي هو الفتوى، فرض المستصحب موجوداً وفرض الشك في بقاءه فأجرى الاستصحاب لان بإجراء الاستصحاب في حقه اثرا وهو جواز الافتاء. فالمجتهد عندما يفترض نجاسة الكر المتغير بالنجاسة فهذا فرض واقعي، لأن الذي فرضه هو فعلية النجاسة بفعلية موضوعها، وفرض فعلية النجاسة بفعلية موضوعها فرض واقعي، أما فرض فعلية الحكم بفعلية جزء من موضوعه هذا فرض وهمي، لا معنى لقياسه على ذلك، بأن يقول المجتهد: الموضوع للحرمة مركب من جزأين: عنب وغليان، لكن وجد العنب بعد ان وجد العنب افترض الحرمة فعلية واستصحب بقائها، فيقال له ما افترضته ليس حكما واقعياً، لأن ما افترضته فعلي بفعلية احد الجزأين وهذا ليس حكما واقعياً، لذلك لا معنى ولا وجه لاستصحابه بخلاف ما هو ديدن المجتهد في مقام الفتوى هو فرض حكم واقعي وهو حكم فعلي بفعلية تمام موضوعه. السيد الشهيد «قده» «ص288، ج6، البحوث» قال: يجري الاستصحاب، ولكن بتوجيه. بيان ذلك: قال: لا برهان يقتضي ان جميع القيود لابد وأن تؤخذ في عرض واحد، بل كما يمكن اناطة الحرمة بخصوصية الغليان في اناطتها بالعنبية كذلك يمكن ان تكون إناطتها بالغليان في طول ذلك، بمعنى ان الحكم يقيد الغليان اولا ثم هذا الحكم المقيد بالغليان يناط بالعنبية سواء عبر المولى بذلك بالقضية الشرطية أو عبر عن ذلك بالقضية الحملية، بيان ما أفاده: يقول أن المحقق النائيني وتلامذته الذين اشكلوا على الاستصحاب التعليقي بأن لا فعلية للحرمة قبل فعلية تمام القيود، بنوا ذلك على ان القيود يجب ان تكون في عرض واحد، يعني الغليان في عرض العنبية، لذلك لا فعلية للحرمة قبل فعلية الغليان. هذا كلام صحيح اما لا برهان على ذلك، بل يمكن ان يتصور بين القيود طولية بأن يكون القيد الاول في طول القيد الثاني وليس العكس، اي ان المولى ابتداء يقول: حرمة العصير منوطة بالغليان فأناط الحرمة بالغليان، بعد ذلك: هذه الحرمة المنوطة بالغليان بما هي منوطة بالغليان علقها على العنبية، فقال: الحرمة المنوطة بالغليان فعلية ان كان العصير عنباً فصار القيد الاول وهو العنبية في طول القيد الثاني، فكأنه قال: يحرم العصير إذا غلى وهذه الحرمة المقيدة بالغليان فعلية إن كان العصير عنباً. فبناء على ان القيد الأول في طول القيد الثاني، الحرمة المقيدة بالغليان بما هي مقيدة تصبح فعلية بمجرد فعلية العنب، فيثبت لهذا العنب حرمة مقيدة بالغليان. نظير ما ذكره فقهائنا ومنهم سيدنا «قده» من ان عنوان الطهور عنوان تعليقي وليس تنجيزي، فالمولى إذا قال: الماء طهور، ما هو معنى الطهور؟ معنى الطهور ان لو غسل به متنجس لطهر، نفس الطهور معنى تعليقي، لكن بما هو معنى تعليقي فعلي بفعلية الماء، فمتى ما صار الماء فعليا كانت طهوريته فعلية، الا ان طهوريته الفعلية معناها معنى تعليقي، وهو انه لو غسل به متنجز لطهر، كذلك نفس الكلام في المقام متى ما صار العنب فعليا صارت له حرمة فعلية، اما هذه الحرمة الفعلية هي معنى تعليقي وهي الحرمة على تقدير الغليان. فبعد ان ثبتت حرمة فعلية للعنب الفعلي وشككنا في ارتفاع هذه الفعلية التعليقية بعد صيرورة العنب زبيباً صح لنا استصحابها.

والحمد لله رب العالمين.