أصالة الصحة | الدرس 14

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

وصل الكلام إلى الاستدلال الأخير الذي استدل به الشيخ الأعظم «قده» على حجية أصالة الصحة وهو الاستدلال بالروايات المختلفة حيث قال:

وإن شأت الاستدلال عليها بدليل لفظي فيمكن ان يستدل عليها بطوائف من الأخبار المتفرقة في أبواب الفقه.

منها الروايات الواردة في باب تجهيز الموتى:

حيث تدل على اكتفاء المسلمين في الصدر الأول بتغسيل الموتى وتكفينهم وسائر التجهيزات، وكانوا يصلون عليهم من غير تفتيش عن صحة الغسل والكفن مع وجوب الغسل وسائل التجهيزات على جميعهم.

فمنظور الشيخ الاعظم ان الروايات في أبواب مختلفة تدل على جامع مشترك وهو إجراء أصالة الصحة.

المورد الأول من هذه الموارد ما ورد في مسألة تجهيز الميت:

وعلّق على ذلك السيد الأستاذ «دام ظله» حيث قال: أولاً: بأن هذه الروايات واردة في مورد خاص، فلعل الشارع المقدس في مقام تجهيز الميت رتب آثار الصحة على فعل المسلم من اجل التسهيل في هذه الموارد وهذا لا يعني شمول هذه الروايات بغيرها.

ثانياً: إن هذا الاستدلال معتمد على ان تجهيز الميت واجب على سائر المسلمين ومع ذلك نرى ان المسلمين في الصدر الأول اكتفوا بما يقوم به بعضهم، بينما قد يقال: أن المستفاد من الروايات ان تجهيز الميت واجب على الولي، وبالتالي عدم اعتناء المسلمين في الصدر الأول بما يقوم به البعض من التجهيز لا يدل على إجراءهم لأصالة الصحة بل لعله هذا من باب تكليف الولي لا تكليفهم فهو المسؤول عن صحة هذه الاعمال، ولعل الولي يطمئن على إجراء الغير الغسل والتكفين الصحيح.

ولكن قد يلاحظ على أصل الاستدلال:

بأن الروايات ليست في مقام البيان من هذه الجهة، فإن مفاد هذه الروايات الحث على تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ولم تكن في مقام الحكاية عن ما جرت عليه سيرة المسلمين في الصدر الأول كي يستفاد منها انهم كانوا يجرون أصالة الصحة فيما يقوم به الغير من التجهيز من دون تفتيش عن العمل.

ولو فرض ان هذه الروايات في مقام البيان من هذه الجهة أو ان مقتضى الاطلاق المقامي لها هو ذلك فإنه لا يرد الاشكال الأول الذي ذكره السيد الأستاذ «دام ظله» وهو دعوى ورود هذه الروايات في مورد خاص بلحاظ ان النكتة عند الشيخ الاعظم هو الاستدلال بالظهور المجموعي أي الاستدلال بظهور الروايات في موارد مختلفة، فإن العرف إذا لاحظ هذه الروايات في موارد مختلفة ألغى خصوصية هذه الموارد وانتزع منها جامعا ًمشتركا وهو حجية أصالة الصحة. فينبغي المناقشة في ان الظهور المجموعي هل هو حجة على فرض الكبرى، وعلى فرض حجيته كبرويا فهل هو تام من حيث الصغرى في المقام؟ وذلك يقتضي ملاحظة الموارد المختلفة.

المورد الثاني: الروايات الواردة في الحث على صلاة الجماعة والجمعة. والأمر بالائتمام خلف من يوثق بدينه وأمانته، حيث يقال: الحث على الجماعة والجمعة مما يتوقف تنفيذه على إجراء أصالة الصحة في صلاة الإمام وفي قراءته فهذه النصوص دالة بالدلالة الالتزامية على إجراء أصالة الصحة، أو فقل بانها في الاطلاق المقامي وعدم التنبيه على ضرورة احراز صحة صلاة الإمام تدل على إجراء أصالة الصحة.

ولكن يلاحظ على ذلك:

أولاً: إن هذه الروايات في مقام التعميم لا في مقام الإفتاء، أي انها دالة على الكبرى العامة وهي استحباب صلاة الجماعة ومطلوبية صلاة الجمعة وانه يعتبر في الإمام ان يكون ممن يوثق بدينه، حيث ورد في بعض الروايات: «صل خلف من تثق بدينه» أي بكونه إمامياً.

وليست في مقام الافتاء كي ينعقد لها اطلاق مقامي ناشئ من عدم التنبيه على ضرورة الفحص عن صحة صلاة الإمام مع كون ذلك مسألة ابتلائية رائجة.

ومما ينبه على ذلك: أنها لم تتعرض للشرائط الأخرى ككونه طاهر المولد أو كونه بالغاً أو كونه رجلاً إذا كان المأموم رجلاً مما ينبه على انها في مقام التعليم وليست في مقام البيان من هذه الجهة.

المورد الثالث: ما دلّ على البيع والشراء لرسول الله’ والأئمة كرواية: عروة البارقي في الفضولي. وهذه الطائفة كثيرة يطلع عليها المتتبع.

وشبيه بهذا المورد قوله: ومنه ما دلت على توكيل بعض الائمة غيرهم للزواج والطلاق. وقد سبق الجواب عن هذا المورد بأن فعل الإمام مجمل، فلعله لاطمئنانه بصدور الصحيح من الغير أو لاستناده على قاعدة ائتمان الوكيل وان مقتضى ائتمانه حمل فعله على الصحيح لا الاستناد إلى أصالة الصحة.

المورد الرابع: روايات التوكيل. وهذه الروايات شبيهة بالاستدلال بها فيما مضى من الروايات الحافة بصلاة الجماعة والجمعة فإن مفاد هذه الروايات بحسب المدلول المطابقي صحة التوكيل ومفادها بحسب المدلول الالتزامي هو جريان أصالة الصحة في عمل الوكيل، إذ لولا جريان أصالة الصحة في عمل الوكيل لكان بيان صحة التوكيل لغواً.

ولكن يلاحظ على الاستدلال بذلك:

أولاً: بأن هذا يتوقف على كون هذه الروايات في مقام الافتاء كي ينعقد له اطلاق مقامي يدل على جريان أصالة الصحة.

ثانياً: بأن انعقاد المدلول الالتزامي لها لو تم فإنه لا يستفاد منها الاطلاق، أي غاية ما يستفاد من المدلول الالتزامي جريان أصالة الصحة في الجملة، لا جريان أصالة الصحة في تمام الموارد.

والنتيجة: ان هذا المقدار من الموارد لا يمكن ان يقتنص منه ظهور مجموعي وهو جريان أصالة الصحة لا للمناقشة في الكبرى وهي حجية الظهور المجموعي فإنه تام عندنا، وإنما للمناقشة في الصغرى. حيث إن استفادة الجامع المشترك من باب الظهور المجموعي فرع كون هذه الروايات في مقام البيان من هذه الجهة أو انها في مقام الافتاء بحيث ينعقد لها اطلاق مقامي.

واما إذا افترضنا انتفاء الأول وهو انها في مقام التعليم أي تعليم أصل التشريع وتعلم أصل الكبريات فليس في مقام البيان من هذه الجهة اصلاً كما انها ليست في مقام الافتاء ومع فرض انتفاء الجهة الثانية وهي انها ليست في مقام الافتاء كي ينعقد له اطلاق مقامي فلا يمكن اقتناص الجامع المشترك بمقتضى الظهور المجموعي لها.

وينبغي هنا الإشارة إلى الفرق بين الاستناد إلى الاطلاق المقامي وبين الاستناد إلى المدلول الالتزامي، إذ تارة نقول: بأن هذه الروايات واردة في مقام الافتاء المساوق لبيان الوظيفة الفعلية المساوق عادة للتعرض إلى ما هو محل الابتلاء فيستفاد من عدم التنصيص على بعض الشروط عدم اعتبارها بمقتضى الاطلاق المقامي وهذا نحو من الاستدلال بهذه الروايات وقد اجبنا عن هذا النحو بانها في مقام التعليم أي تعليم أصل هذه الكبريات الشرعية وليست في مقام الافتاء كي ينعقد لها الاطلاق المقامي.

النحو الثاني: من الاستدلال ان يقال:

بأن هذه الروايات وان كان في مقام التعليم الا انه حيث إن العمل بمفادها متوقف على إجراء الصحة فقد دلت بالدلالة الالتزامية على حجيته كالروايات الواردة في مقام الحث على صلاة الجماعة والجمعة، حيث يقال: بأن العمل بمفادها بما انه متوقف على إجراء أصالة الصحة في صلاة الامام وقراءته فهذا يعني ان لها مدلولا التزاميا وهو حجية أصالة الصحة وقد سبق النقاش في ذلك بأن هذا المدلول الالتزامي غير منعقد وعلى فرض انعقاده فلا اطلاق له.

وبعد المفروغية عن ادلة أصالة الصحة وانه لم يثبت من هذه الادلة الا السيرة العقلائية المجملة من حيث كونها من باب الامارية أو من باب الأصل النظامي ولذلك نقول دائما انها دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن لما حرر في الاصول من انه متى ما كانت النكتة بالسيرة العقلائية مجملة فمقتضى اجمال هذه النكتة هو الاقتصار في جريان ما قامت عليه السيرة العقلائية على القدر المتيقن.

تعرض الاعلام بعد ذلك إلى تفاصيل أصالة الصحة. أي بعد المفروغية عن جريان أصالة الصحة فهل هناك تفصيلات في جريانها؟ أم يقال بجريانها مطلقا؟

ونحن نذكر هذه التفاصيل تبعا لهم:

التفصيل الأول: وهذا التفصيل تعرضنا له في المطلب الثالث في الجهة الرابعة من جهات البحث حول أصالة الصحة مختصراً، ونعود للتعرض له باعتبار ان السيد الأستاذ «دام ظله» تبعا للشيخ الاعظم «قده» بحثه بحثاً مفصلاً وأضاف فيه بعض النكات.

والمنظور فيه هذا التفصيل: انه هل يفصل في جريان أصالة الصحة بلحاظ حالات الفاعل من كونه عالما بالصحيح والفاسد أو جاهلاً؟ أو مجهول الحال؟ ومن حيث كونه مخالفا للحامل في الاعتقاد أو غير مخالف له؟ وان المخالفة هل هي على نحو التباين أو العموم والخصوص؟

لذلك ذكر في المقام عدة صور تعرض لها المحقق الهمداني أيضاً حيث قال: لا ينبغي الاستشكال في بعضها كالصورة الأخيرة وهي ما إذا كان الفاعل جاهلاً بالصحيح والفاسد بل وسابقتها أيضاً وهو ما إذا كان مجهول الحال إذ الغالب في موارد الحاجة إلى اعمال هذا الأصل انما هو صورة الجهل بحال الفاعل أو العلم بجهله فان ابتلاء عموم الناس إنما هو بأفعال العوام المخالطين لهم من الرجال والنساء من أهل الصحاري والبراري والأسواق الذين لا يعرفون أحكام المعاملات والطهارات والعبادات مع استقرار السيرة على إمضاء أعمالهم وحملها على الصحيح، ما لم يعلم فسادها فالأقوى لزوم الحمل على الصحيح مع احتماله مطلقا إلا في صورة العلم بمخالفة اعتقاد العالم والحامل وعدم تصادق الاحتمالين.

ويقرّب من كلامه كلام المحقق العراقي في نهاية الأفكار.

ومن أجل تنقيح المطلب فينبغي التعرض لجميع الصور:

الصورة الأولى: ما إذا علمنا ان المتصدي للعمل عالم بالصحة والفساد، وعلمنا باتحاد اعتقاده مع اعتقادنا، وهذه الصورة هي القدر المتيقن من جريان أصالة الصحة.

وقد علل جريان أصالة الصحة في المقام السيد الأستاذ بأصالة الالتزام العملي وهي ان ظاهر حال العالم بالقانون انه متلزم به عملاً، وانه يأتي بالعمل على وفق القانون.

فإن قلت: يحتمل اشباهه أو غفلته؟

قلنا: بأن هذا الاحتمال منفي بأصالة عدم الغفلة، وهذا الأصل هو أصالة الالتزام عملاً بالقانون أو أصالة الالتزام بما تعهد به هو الجاري أيضاً في مقام التكلم، فإذا تكلم شخص بلغة معينة فإن ظاهر حاله انه ملتزم عملا بما تعهد به ان يكون كلامه على وفق القانون اللغوي العام.

ثم أشكل على نفسه: بأن هذا منافٍ لما ذكرتموه في مبحث قاعدة الفراغ والتجاوز، حيث قلتم هنا بأنه لا تجري أصالة عدم الغفلة لمعارضتها بأصالة عدم الغفلة من جهة أخرى. مثلاً: إذا شك المكلف بعد ان دخل في الركوع وعدمه، فلو تشبث شخص بأصالة عدم الغفلة وان مقتضى أصالة عدم الغفلة انه اتى بالركوع؟

قيل له: بأن هذا معارض بأصالة عدم الغفلة عن نسيان الشيء بعد إتيانه، أي لو كان قد اتى بالشيء ثم غفل عن انه أتى به أم لا؟ فهذا احتمال يتنافى مع أصالة عدن الغفلة أي كما ان مقتضى أصالة عدم الغفلة ان لا يغفل عن الإتيان، فأيضاً مقتضى أصالة عدم الغفلة بأنه إذا أتى به ان لا يغفل فينسى، فإجراء أصالة عدم الغفلة لتنقيح انه أتى به معارض بأصالة عدم الغفلة الذي يقتضي انه لو أتى به واقعاً لم يكن نسيه وغفل عنه.

فمع هذه المعارضة لا يمكن الاستناد إلى أصالة عدم الغفلة.

وأجاب عن ذلك: بأن المعارضة تامة في مسألة قاعدة التجاوز، ولكننا إنما ذهبنا في مورد قاعدة التجاوز والفراغ إلى ترتيب آثار الصحة لا لأجل أصالة عدم الغفلة كي يعترض أو كي يشكل علينا بالمعارضة، بل لإطلاق موثقة ابن بكير وهو انه حيث يتوضأ اذكر منه حين يشك. الظاهرة في احتمال الغفلة.

تتميما لكلام السيد الأستاذ «دام ظله» لابد ان يقال: وفي المقام إنما ألغينا احتمال الاشتباه والغفلة لا بأصالة عدم الغفلة بل بنفس القانون أي بنفس أصالة الالتزام عملاً، فإن لهذا الأصل اطلاقا باعتبار انه نحو من الامارات نوع من الامارات، فمن كان ملتزما بقانون معين واتى بعمل لا يدرى انه على طبق القانون الذي التزم به أو لا؟ فظاهر حاله: _يعني هذه المسالة من باب الظهور_ انه ملتزم عملا بما التزم به قلبا من القانون. فنفس هذا الظهور هو الملغي لاحتمال الاشتباه والغفلة لا من باب التعويد لأصالة عدم الغفلة كي يشكل علينا بالمعارضة.

أقول: يلاحظ على كلامه «دام ظله»:

أولاً: بأن هذه الأصول العقلائية، كأصالة عدم الخطأ والغفلة، موضوعها تنقيح العمل، بحيث يترتب عليه الاثر الجوارحي، فمثلاً: إذا تكلم شخص واحتملنا انه اخطأ في كلامه أو غفل، فإن إجراء العقلاء لاصالة عدم الخطأ وعدم الغفلة في كلامه مؤطر بإطار ما ينقح عملا اثرا عملياً، فيكون المنظور في أصالة عدم الخطأ وعدم الغفلة انه: اتى بكلام تام ذي مراد جدي.

وكذلك إذا قام بعمل من الاعمال وكان لهذا العمل أثر شرعي أو عقلي فإن معنى أصالة عدم الخطأ أو عدم الغفلة انه اتى بالعمل تاما ليترتب عليه أثره العملي الشرعي أو العقلي، ولا نحرز بناء العقلاء ان لم نحرز العدم إجراء أصالة عدم الغفلة لنفي الغفلة أو لنفي النسيان، فإن هذا ليس موضوعاً لأثر عملي كي يحرز بنائهم عليه أو يكون معارضا لمحل الكلام. لذلك من شك في الركوع بعد ما دخل في السجود فإن مقتضى أصالة عدم الغفلة أو عدم الخطأ انه اتى بالركوع أي ليس مؤدى أصالة عدم الغفلة هو نفي الغفلة بالذات وعلى نحو الموضوعية، بل مؤدى الأصل العقلائي من أصالة عدم الخطأ وعدم الغفلة نفي الغفلة على نحو الطريقية لاتمام العمل. فعندما يقال: هل اتى بالركوع أم لا؟ فيقال: ان مقتضى أصالة عدم الغفلة انه اتى بالركوع، أي مقتضى أصالة عدم الغفلة بما لهذا النفي من الطريقية لتحقيق الركوع.

وأما ان يقال لو فرض اتيانه بالركوع فنسيانه انه اتى بالركوع منافٍ لأصالة عدم الغفلة والنسيان، فينفى بذلك، فهذا يعني ان لا مؤدى لأصالة عدم الغفلة الا نفي الغفلة والنسيان بعد فرض الإتيان، وهذا لا يترتب عليه أثر علمي سوى المعارضة مع الأصل الأول، لأجل ذلك لا نحرز ان لم نحرز العدم بناء العقلاء على إجراء أصالة عدم الخطأ أو أصالة عدم الغفلة لنفي الغفلة على نحو الموضوعية، بل غاية ما جرى عليه بناء العقلاء أصالة عدم الغفلة على نحو الطريقية للنفي لتحقيق العمل واتمامه.

ثانياً: لو سملنا بذلك، فان أصالة الالتزام أو ظهور حال العالم المتلزم قلبا بقانون انه يجري وفق القانون الذي التزم به عملا ليس متعرضا لمسألة الغفلة أو الخطأ، فإن هناك نحوين من الشك ولكل نحو من الشك أصل يعادله، فإذا صدر كلام أو فعل ممن هو ملتزم قانوناً بشيء وممن لم يلتزم، وشككنا في انه صدر هذا الكلام أو هذا العمل منه عن خطأ أو غفلة أو نسيان فعلاج هذا الاحتمال بأصالة عدم الخطأ وعدم الغفلة فأصالة عدم الغفلة وأصالة عدم الخطأ علاج لنفي احتمال الخطأ والغفلة في أي فعل أو قول يصدر من العاقل مع غمض النظر عن كونه ملتزما بقانون وغير ملتزم بقانون.

وهناك نحو آخر من الشك وهو انه: لو صدر عمل أو قول ممن هو ملتزم بقانون معين فهل جرى على وفق ما التزم به؟ أم انه لا يبالي؟ فالشك في المبالاة وعدم المبالاة هو المجرى لأصالة الالتزام، فالأصل الأول وهو أصالة عدم الخطأ والغفلة ممهد للأصل الثاني وبمثابة الموضوع له، لا أن الأصل الثاني يعالج الشك في الأول، فإن هذا من قبيل التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية، أي ان أصالة الالتزام عملا بما التزم به قانوناً موضوعه ما إذا احرز عدم غفلته وعدم خطأه ولو بالأصل، فإذا كان موضوعه عدم الغفلة أو عدم الخطأ فكيف يكون معالجاً لموضوعه؟ فإن هذا من قبيل التمسك بالحكم لإثبات موضوعه.

والحمد لله رب العالمين.