العلامة المنير يلتقي رئيس أساقفة واشنطن

تركّز الحوار حول المبادئ الإنسانيّة، والتي أرجع سماحة السيد مفاهيمها في جميع المحاور إلى الآيات الكريمات في القرآن الكريم، من أجل بيان محورية الكتاب العزيز في المبادئ الإنسانية.

شبكة المنير

في سياق نشاطه التبليغيّ السنويّ؛ التقى سماحة الحجة السيد منير الخباز - دامت بركاته - عصر يوم الثلاثاء المصادف 1438/02/27هـ  الموافق 2016/11/29م، خلال زيارته للعاصمة الأمريكيّة واشنطن، في الجامعة الكاثوليكية الأمريكية The Catholic University of America برئيسها الكاردينال دونالد وورل Cardinal Donald Wuerl رئيس أساقفة واشنطن -.

  • تركّز الحوار حول المبادئ الإنسانيّة، والتي أرجع سماحة السيد مفاهيمها في جميع المحاور إلى الآيات الكريمات في القرآن الكريم، من أجل بيان محورية الكتاب العزيز في المبادئ الإنسانية.

وأعرب الكاردينال في مستهل حديثه عن سعادته بالزيارة الميمونة لسماحة السيد، وبأهميّة بناء جسور التواصل بين الأديان المختلفة، التي يجمعها الخالق الواحد، وحبّهم له، وأكّد على وجود المشتركات والأفكار الدينيّة الكثيرة، مما يجعل لقاءات رجال الدين مثمرةً ومنتجةً.

فيما أكّد سماحة السيد من جهته؛ على أنَّ الدعوة لمدّ جسور التواصل الإنسانيّ من الأساس الدينيّ والقرآنيّ، وأنَّ النفس البشرية مجبولةٌ على حبِّ الخير ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ، وأنَّ من أجلى مصاديق الخير اللِّقاء والحوار.

وأشار سماحته إلى إشارة القرآن اللطيفة بأنَّ الدين واحدٌ، ألا وهو ”الدين الإبراهيميّ“ التي تستظلُّ به جميع الأديان السماوية ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وما فيها من الدعوة إلى عدم التشرذم والفرقة.

وأضاف الكاردينال إلى أنَّنا جميعاً تجمعنا رحلةٌ واحدةٌ نحو الله، مما يضفي جمالاً وخصوصيّةً على هذه الرحلة، ولذلك ندعو في جميع صلواتنا لكلِّ الموتى بأن يكونوا في رحمة الله، وأن يجمعهم جميعاً في جنته.

وأرشد سماحة السيّد إلى وجودِ هذا الهدي الدينيّ في آيات القرآن الكريم ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ وهذا هو السيرُ نحو الله - تعالى -، واللِّقاء به، والذي سيتحقق حتماً، وأنَّ الجزاء الأخرويّ ليس حكراً لدينٍ دون آخر، فهو القائل في كتابه ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِين مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وما رسالة النبي محمد إلا رحمةً للعالمين ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وهذا يرشد إلى أنَّ الدعاء بالرحمة يشمل جميع الإنسانية على تعدد أديانها.

وفي جوابٍ لسماحة السيد، لتساؤلٍ طرحه الكاردينال عن رؤيته لمستقبل هذه اللقاءات وصداها بحكم تردُّده السنويّ على واشنطن؛ أجاب سماحته: بأنَّ هذه اللقاءات تؤسس لمشروع إنسانيٍّ كبيرٍ، من أهم منطلقاته: احترام الأديان المختلفة، ومعتنقيها، ودُور العبادة لمختلف الأديان، وهذا ما أشار له القرآن الكريم بالقول ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ولولا تعني التحضيض، بأن تتصدّى جماعة لحماية دور العبادة، ودفع المخاطر عنها لتكون مقدسة، والصوامع والبِيَع هي أماكن عبادة اليهود والمسيحيين، وأيّ ديانة أخرى، ولذا قال ﴿وَصَلَوَاتٌ وهي شاملةٌ لكلِّ الصلوات، كلٌّ بطريقته، ولذلك رُوِيَ عن الإمام علي تأكيده على ذلك المعنى حينما رجع من حرب صفين، قال له بعض أصحابه حينما مرَّ بكنيسةٍ: «هذا مكان طالما عُصِيَ اللهُ به»، فنهره وقال: «مه!! هذا مكانٌ طالما عُبِدَ فيه الله»، فنحن من ضمن مشروعنا هذا «مشروع اللقاء والحوار وتأسيس روابطٍ بين الأديان والملل المختلفة»؛ هو التأكيد على حماية العبادة ومواطنها لجميع الأديان.

وبدوره؛ أعرب الكاردينال عن سعادته بهذه الرؤية الجميلة الباعثة للأمل، مع تأكيده على احترام كرامة الإنسان، بمعزلٍ عن دينه وعقيدته، ودور التواصل مع مختلف الناس في إسهامهم في إذكاء الرحمة الإنسانية بين البشر أجمع.

وأثنى سماحة السيد على ذلك بتأكيد أهمية الكرامة الإنسانية في المنظور الإسلاميّ، التي لا تفرق بين دينٍ وآخر، إذ يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا. والقرآن الكريم يؤكّد على أنَّ الهدف من هذا التنوّع في الشعوب والقبائل هو الحوار والتلاقح ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. والتعارف هو ما نسميه ب «حوار الحضارات والشعوب والملل والشرائع المختلفة»، فنحن نؤكد على منهج تكريم الإنسان بما هو إنسان، ومنهج الحوار والتلاقح.

ونقل سماحة السيد لسعادة الكاردينال رؤية المرجعية الدينيّة، بما فيها سماحة السيد السيستاني - دام ظله -، في تأكيدهم على احتضان الأخوة المسيحيين في العراق، ولزوم التلاحم معهم، وما بذله سماحة السيد السيستاني - دام ظله - من مساعدات كثيرةٍ وسخيّة، للاجئين المسيحيين، حينما نزحوا من الموصل إلى كربلاء وأطراف النجف الأشرف، من تهيئة البيوت، والغذاء، والحماية الأمنية، ونحن لا نعبّر عنهم ب «الأقليات» بل هم الشعب العراقيّ نفسه، وهم السكّان الأصليون، وهذه بلدهم، وأرضهم، وهؤلاء إخوانهم، لهم ما لهم من الأمن والكرامة، وهذا ما تؤكّد عليه مراراً المرجعية الدينية انطلاقاً من الآيات القرآنية الكريمة.

وفي ختام اللقاء؛ شكر الكاردينال سماحة السيد على هذه الزيارة، وكرَّر سعادته بمحاولته لخلق هذا النوع من الحوار والتفهّم، وأبدى استعداد مؤسسته بتقديم كلّ ما من شأنه إنجاح هذه المساعي البنّاءة.

ومن جهته؛ وعد سماحة السيد ببذل مزيدٍ من الجهود للتواصل مع هذه المؤسسة المباركة في سبيل حماية شعوبنا من خطر الإرهاب، والتطرّف، لتنتشر القيم الإنسانيّة التي نادى بها المسيح ، ونبيّنا محمد ، والإمام علي .

والجدير بالذكر الإشارة بالشكر والتقدير لجهود موسسة امام ممثلة بالسيد محمد باقر الكشميري الوكيل الشرعي للمرجعية الدينية العليا آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله، ومركز الدارسات الشيعية في واشنطن د. عباس كاظم، كما كان حاضر اللقاء ايضًا الاستاذ مصطفى حسن المدير العام لمؤسسة امام.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 4
1
السيد أبو حسن
[ أمريكا ]: 1 / 12 / 2016م - 11:38 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر سماحة العلامة السيد المنير دامت بركاته على زيارته لنا وتجشمه عناء السفر فإلقاء المحاضرات والحوارات والتنقل اليومي بين الولايات الأمريكية،،دمتم بود ونسألكم الدعاء
2
حسن المرهون
[ United States ]: 2 / 12 / 2016م - 2:41 ص
خطوة مباركة من سماحة السيد قد تساهم في الحد من الكراهية تجاه الآخر وخاصة المسلمين في امريكا. وفق الله السيد لكل مافيه خير وصلاح الإنسانية.
3
محب للسيد منير
[ ارض الحجة ع ]: 2 / 12 / 2016م - 7:04 ص
مختصر إن شاء الله يكون مفيد.
رسالة سماحة السيد هي رسالة جميع الرسل سلام الله عليهم. اتمنى من الجميع على مختلف اتجاهاتهم اتباع هذا المنهج بالحكمة والموعظة الحسنة للوصول الى الصراط المستقيم واولهم المشايخ وطلبة العلم.
4
حسين
[ القطيف ]: 4 / 12 / 2016م - 5:49 م
حفظ الله السيد ....
وعلى هدى آل البيت دائما..