كيف نحظى بالسعادة في ليلة القدر

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ «2» لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «3» تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ «4» سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ «5» [القدر: 1 - 5]

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من السورة المباركة نتحدث في جهتين:

  • في معالم ليلة القدر.
  • في كيفية استثمار ليلة القدر.
 الجهة الأولى: في معالم ليلة القدر.

إن السورة المباركة وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» تشرح لنا معالم هذه الليلة، ومعالم هذه الليلة أهمها ثلاثة:

المعلم الأول: أنها ليلة القرآن.

قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [الدخان: 3] وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» ونلاحظ أن القرآن الكريم تارة يعبر ب «أنزل» وأخرى يعبر ب «نزَّل»، فإذا عبَّر ب «أنزل» ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» فالمقصود هو نزول القرآن بكامله دفعة واحدة على قلب النبي ، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ «192» نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «193» [الشعراء: 192 - 193].

وإذا عبَّر ب «نزَّل» كما في قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89]، وقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] فالتنزيل هنا عبارة عن نزول القرآن نجوماً تدريجاً على شكل آيات وسور لمدة ثلاث وعشرين سنة.

وهذا يعني أن القرآن الكريم نزل مرتين، نزل مرة بأكمله على قلب النبي وذلك قد تم في ليلة القدر، ومرة أخرى نزل بشكل تدريجي ومقطع إلى سور وآيات لمدة ثلاث وعشرين سنة، فالمعلم الأول من معالم ليلة القدر أنها ليلة القرآن، الليلة التي أفيض فيها نور السماء على الأرض من خلال القرآن الكريم.

المعلم الثاني: أنها ليلة التقدير.

قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» وهناك ثلاثة معاني لليلة القدر:

  1. المعنى الأول: ليلة القدر من القدر بمعنى الشأن؛ لأنها ليلة عظيمة الشأن والقدر، جليلة القدر عند الله فسميت ليلة القدر.
     
  2. المعنى الثاني: القدر بمعنى الضيق؛ لأن الأرض تضيق بملائكة الرحمة الذين يهبطون هذه الليلة عليها، فسميت بليلة القدر من خلال ضيقها لما تنزل عليها من الملائكة.
     
  3. المعنى الثالث: أن المراد بالقدر هو التقدير، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر: 49]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر: 21] فهي ليلة وضع الأقدار لذلك سميت بليلة القدر.

وقد ورد عن الإمام الصادق أن ليلة التاسع عشر هي ليلة التقدير، وليلة الواحد والعشرين هي ليلة القضاء، وليلة الثالث والعشرين هي ليلة الإمضاء، ولتوضيح الفرق بين هذه الليالي الثلاث نُمثل بالجنين الذي في بطن أمه، فحتى تكتمل حياته يحتاج إلى مراحل ثلاث: تقدير، وقضاء، وإمضاء.

فقبل أن تعلق نطفته بجدار الرحم تبدأ مرحلة التقدير بمعنى أن الله تبارك وتعالى يرسم لملائكته خارطة هذا الإنسان وقت ولادته، وقت وفاته، رزقه، عمره، ملامح عقله، ملامح جسده، كل ذلك يُرسم قبل أن تعلق نطفته بجدار رحم أمه.

والمرحلة الثانية مرحلة القضاء، عندما يلتقي الذكر بالأنثى وتلقح البويضة وتعلق بجدار الرحم تكون قد بدأت مرحلة القضاء، لأن القضاء عبارة عن إعداد أسباب الوجود، وهذه المقدمات هي إعداد لأسباب الوجود.

في المرحلة الثالثة كمن جنين لا يبقى حياً في بطن أمه لوجود بعض الموانع أو العوائق، إذن المرحلة الثالثة ألا وهي مرحلة الإمضاء عبارة عن إزالة الموانع والعوائق أمام اكتمال الحياة ومسيرتها.

كذلك الإنسان يمر بمراحل ثلاث: تقدير، قضاء، وإمضاء، فلو أن الإنسان أذنب في ليلة التاسع عشر ولم يتب تبقى له فرصة ومهلة إلى ليلة الواحد والعشرين لأن الأمر بعد لم يمضى لأنه ما زال في مرحلة التقدير، ولو أن الإنسان في ليلة الواحد والعشرين ارتكب المعصية ولم يتب فأمامه فرصة للتوبة والإنابة وهي ليلة الثالث والعشرين.

ليلة الثالث والعشرين لأنها ليلة الإمضاء وهي ليلة الحسم والقرار النهائي فلابد أن يكون فيها الإنسان خالصاً مخلصاً تائباً منيباً حتى تمضي تلك الليلة وهو في سلام وأمن من العقوبة وفي أمن من التبعة.

المعلم الثالث: أنها ليلة السلام والرحمة.

قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ «4» سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ «5» كلها رحمة وسلام، كلها أمن، وقد ورد في الرواية أن الله يغل أيدي الشياطين عن الوصول إلى البشر في هذه الليلة لئلا يعبثوا في إيمانهم وصلاحهم، فهي ليلة سلام ورحمة، هي ليلة أمن، إذن كيف نستثمر هذا السلام وهذا الأمن في هذه الليلة المباركة؟

الجهة الثانية: في كيفية استثمار ليلة القدر.

ما هو المخطط الذي يسير عليه المؤمن في ليلة القدر؟ 

كل إنسان منا يرغب في أن يعيش سعيداً في السنة القادمة من ليلة القدر الآتية إلى الليلة التي بعدها في العام التالي، فما هو المقصود بالسعادة التي نحن نرغب أن نعيشها على الأقل سنة كاملة؟

السعادة ليست هي السعادة المادية سعادة المال والبدن والمنصب والجاه، السعادة الحقيقية هي سعادة القلب، فهذه السعادة المادية من مال ومنصب وجاه ولقب كلها سعادة مرحلية مؤقتة زائفة، فالسعادة الحقيقية هي سعادة القلب، وسعادة القلب هو عبارة عن اطمئنان القلب، القلب عندما يعيش في قلق فهو ليس سعيداً حتى لو ملك الدنيا بأسرها، الإنسان الذي يعيش في قلق وخوف ليس بسعيد حتى لو كان من أكبر الأثرياء، ويعيش في أعظم الثراء ويمتلك أعظم المناصب، وأفخم الألقاب، هو ليس سعيداً لأنه يعيش حالة من القلق والخوف.

السعادة الحقيقة أن تعيش الاطمئنان لذلك يركز القرآن الكريم على هذه السعادة، السعادة القلبية الروحية، عندما يقول القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه: 124] المعيشة الضنك هي القلق والخوف؛ التي تترتب عن الإعراض عن الله وذكره، هي أن يعيش الإنسان حالة من الخوف والقلق، يقول القرآن الكريم في آية أخرى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125] الضيق والحرج هو عبارة عن القلق والخوف، عدم الشعور بالراحة وعدم الشعور بالاطمئنان، هذا هو الضيق والحرج الذي يعرض على الإنسان عندما يعرض عن ذكر الله ويبتعد عن ذكره.

كثير من الناس يقول نحن نرى الفاسقين وغيرهم يعيشون براحة، والواقع ليس كذلك هذا الإنسان الغارق في الشهوات والمعاصي يعيش قلقاً وكآبة حادة قد توصله أحيانا للانتحار لأنه لا يعيش أجواء ذكر الله وأجواء الارتباط بالله.

ويؤكد القرآن الكريم أن السعادة الحقيقية تكون في امتلاك القلب للاطمئنان، عندما يقول القرآن: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]

وعندما تقرأ قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا «2» وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب [الطلاق: 2 - 3] قد يقال كثير من المتقين فقراء، وكثير منهم يعيشون فقراً مدقعاً إذن أين الرزق! ليس المراد به الرزق المادي، المتقي أسعد من غيره لأنه يعيش رزقاً حقيقياً روحياً وهو أنه يعيش حالة من الاطمئنان والهدوء والقناعة والرضا، التقوى تفضي إلى أن يعيش الإنسان قانعاً بما رزقه الله، وراضياً بما أتاه الله، ومطمئناً لما أعطاه الله ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ «27» ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً «28» [الفجر: 27 - 28].

وقال تبارك وتعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس: 62] هم لا يعيشون الحزن يعيشون السعادة دائماً لأنهم يعيشون حالة من الاطمئنان والهدوء، إذن إذا أردنا أن نعيش سعداء في سنة كاملة على الأقل علينا أن نسلك الطريق إلى السعادة القلبية وهي سعادة الاطمئنان والرضا والقناعة، والطريق إلى هذه السعادة القلبية هي بأن نستثمر ليلة القدر، استثمار ليلة القدر طريق رحب للوصول إلى السعادة الحقيقية لأن يمتلك الإنسان اطمئناناً وهدوءً في سنة كاملة، فلابد من استثمار ليلة القدر من أجل أن نتخلص من الشقاء ونتلبس بالسعادة.

كيف نستثمر ليلة القدر؟ 

هنا عدة خطوات لاستثمار ليلة القدر يقول الإمام أمير المؤمنين علي : ”الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما“ اغتنم الفرصة واغتنم ليلة القدر في أن تعمرها وتستثمرها في الطاعات والقربات والمرضات وفي العبادة، والخطوات التي نسلكها في ليلة القدر:

الخطوة الأولى: التوبة.

لا يخلو أحد منا من ذنوب ومعاصي، فرصتك الثمينة السعيدة أن تستثمر ليلة القدر بالتوبة والإنابة، فرصتك الثمينة والسعيدة أن تستثمر ليلة القدر في أن تقف بين يدي الله باكياً تائباً راجعاً آيباً لله تبارك وتعالى ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم: 8]

ويقول تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53]

ويقول تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]

هي ليلة الطهارة، هي ليلة التوبة فبادر إلى كلمة تقولها أمام الله «استغفر الله من كل ذنب وأتوب إليه» بصدق وإخلاص وحرقة وحسرة لكي تعيش آثار التوبة ولكي تعيش غمرات التوبة.

الخطوة الثانية: الاشتغال بالعبادة.

متى تشتغل بالعبادة إن لم تشتغل هذه الليلة! متى تعيش أجواء العبادة إن لم تعشها هذه الليلة! هذه الليلة هي الليلة الحقيقية للعبادة، اغتنمها في العبادة، والعبادة في قراءة القرآن، النافلة، الدعاء، الصدقة، كل هذه ألوان من العبادة، لأن ألوان العبادة ليست منحصرة في الصلاة، مارس الألوان كلها بلذة ورضا وقرب، حاول أن تنفتح على العبادة، حاول أن تعيش لذة العبادة، فلا لذة كلذة العبادة كما ورد عن العلماء: «اللذة في ترك اللذة»، اللذة أن تترك لذة الطعام والنوم والشهوات وأن تعيش لذة لقاء الله ومناجاة الله، ما أعظمها من لذة!

كان أمير المؤمنين علي يصلي والسهام تنفذ إلى بدنه فلا يشعر بألمها لأنه يعيش لذة أعظم وهي لذة مناجاة الله والقرب من الله، التي لا تضاهيها لذة أخرى.

الخطوة الثالثة: صلة الرحم وبر الوالدين.

ورد عن الرسول : ”صلة الرحم تزكي الأعمال وتنمي الأموال، تعمر الديار، تنسئ الآجال“ حاول أن تصل رحمك الليلة بزيارة، دعاء، بصلاة بأي عمل تقوم به وتهدي ثوابه للرحم، وبر الوالدين ليس هناك بر أعظم من أن تصل والديك بقراءة قرآن أو دعاء أو نافلة فإن هذا من أعظم المبرات والقربات والصلات التي تبر بها الوالدين الذين سهرا على تربيتك وتعبا في تنشئتك، بر الوالدين من أعظم القربات في هذه الليلة المباركة.

الخطوة الرابعة: أن تعيش طهارة العفو وطهارة المغفرة.

يقول القرآن الكريم: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [الفرقان: 63] ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان: 72]

عش هذه الليلة طهارة القلب من الأحقاد والحزازات، عش هذه الليلة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134] تذكر كل من أساء إليك واطلب المغفرة له، تذكر كل من ظلمك ومن اعتدى عليك وقل في قلبك بصدق «سامحته، عفوت عنه، استغفر الله له، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه» حاول أن تزيل هذا الغبار الكثيف من قلبك كم الأحقاد والأدران والغل، حاول أن تقول بصدق وإخلاص ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر: 10]؛ حاول في هذه الليلة أن تعيش صدق العفو عن المسيئين.

الخطوة الخامسة: أن تعيش العلاقة بأهل بيت النبوة صلوات الله عليهم.

يستحب في ليلة القدر زيارة الحسين لأنها باب للتعلق بأعظم وسيلة عند الله، قال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 35] ولا أشرف من وسيلةٍ أهل بيت النبوة، توسل بهم، تقرب إليهم، تشبث بهم، ليلة القدر من أجل محو الذنوب، ومن أجل تحصيل أعظم الثواب، ومن أجل تحصيل الزلفى والقرب من الله تبارك وتعالى ألا وهي ليلة مولانا صاحب العطر والزمان الذي نخجل أن تُعرض عليه أعمالنا في تلك الليلة، نخجل أن يرانا بهذه الصفحة السوداء الملوثة بالذنوب والمعاصي، نخجل ونخشى أن يرى قلوبنا المظلمة المكفهرة بسواد الذنوب والرذائل والمعاصي، نحاول قبل تلك الليلة أن نتوب، نحاول أن تُعرض عليه أعمالنا تلك الليلة وهو يرانا أنقياء طاهرين قلوباً بيضاء، أرواحاً نقية سليمة، ونحاول تلك الليلة أن نجهد بالدعاء له «اَللّهُمَّ كُنْ لِّوَلِيِّكَ اَلحُجَّة بنِ اَلحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَ عَلى آبائِهِ في هذِهِ اَلسّاعِةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وحَافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً َوَعَيناً حَتّى تُسكِنَهُ أرضَك طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً.. بِرَحمَتِكَ يا اَرحَمَ اَلرّاحِمينَ»