القضية الأساسية هي الإسلام والتشيع

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ

إنطلاقاً من الآية المباركة التي ترشد إلى أن ولاية الأمر لعليٍ ، ولأبنائه الطاهرين في كل زمان ومكان:

النقطة الأولى:

ربما تثار بعض الشبهات حول الشهادة الثالثة للإمام أمير المؤمنين في الأذان، بأن يقول المؤذن بعد الشهادة للنبي بالنبوة والرسالة «أشهد أن علياً ولي الله أو أشهد أن علياً أمير المؤمنين أو أشهد أن علياً حجة الله..» بأي لفظ يؤدي إلى معنى الولاية للإمام أمير المؤمنين وهنا نتعرض لكلام الإمامين العلمين، الإمام الحكيم «قده» والإمام الخوئي «قده».

فهذا الإمام الحكيم في الجزء 5 من مستمسك العروة الوثقى ص 545، حيث قال لا بأس بالإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان بقصد الاستحباب المطلق، لما في خبر الاحتجاج إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيع فيكون من هذه الجهة راجحاً شرعاً بل قد يكون واجباً لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان، أي أن الشهادة الثالثة شعيرة الإيمان ورمز التشيع وإن لم تكن من الأذان بحيث لو تركه شخص كان أذانه صحيحاً إلا أن ذكرها شعيرة من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيع، هذا ماذكره الإمام الحكيم.

وذكر الإمام الخوئي قدس سره في كتابه مستند العروة الوثقى ج2 من كتاب الصلاة ص 288، لا شبهة في رجحان الشهادة الثالثة في نفسها بعد أن كانت الولاية من متممات الرسالة ومقومات الإيمان ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، بل من الخمس التي بني عليها الإسلام ولا سيما وقد أصبحت في هذه الأعصار من أجلى أنحاء الشعائر، وأبرز رموز التشيع وشعائر مذهب الفرقة الناجية فهي أمر مرغوب فيه شرعاً وراجح قطعاً في الأذان وغيره.

ويقتنص من كلام هذين الإمامين العلمين قدس سرهما الشريف أن الشهادة الثالثة أي الإعلان للإمام علي بالولاية في الأذان وفي غيره أمر مستحب عام، فإن رجحان إعلان الولاية للإمام علي يستفاد من عدة وجوه:

الوجه الأول:

أن النبي نفسه كرر الإعلان للإمام علي بالولاية، ولذلك ورد في الرواية التي سنقرئها بعد ذلك، ولم ينادى بشيء كما نودي بالولاية، أي لا يوجد شيء نودي وأعلن وكرر إعلانه مثل الولاية، فإذا كان النبي كرر الإعلان بالولاية ومن الواضح أن النبي لا يكرر إلا الأمر الراجح والمستحب، فإن المعصوم لا يداوم على فعلٍ لا يكون مستحباً وراجحاً، فإذا كرر النبي الإعلان لعلي بالولاية فالإعلان لعلي بالولاية أمرٌ راجح لأن النبي كرره والآية المباركة تقول: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فنحن في إعلاننا الشهادة الثالثة نقتدي بالنبي ، والإقتداء به مستحب لأنه أعلن الولاية في عدة مواطن، وإعلان الولاية بالتكرار من قبل النبي يدل على استحبابه فنحن نعمل بالمستحب الذي قام به النبي الأعظم محمد .

الوجه الثاني:

سيأتي في الرواية الصحيحة أن الإسلام بني على خمس، الصلاة والصوم والحج والزكاة والولاية، وأن الولاية هي مفتاحهن والدليل عليهن، فإذا كان الإسلام بني على الولاية فإعلان الولاية أمر راجح شرعاً لأن إعلان أساس الإسلام إعلان للإسلام نفسه، كما أن الصلاة بني عليها الإسلام فلذلك يكون إعلان الصلاة أمراً راجحاً، كما يقول العلماء مادل على بناء الإسلام على هذه الخمسة بالدلالة المطابقية يدل على رجحان إعلانها بالدلالة الإلتزامية، وإعلان ما بني عليه الإسلام أمر راجح لأن إعلانه إعلان للإسلام نفسه، فإعلان الولاية أمر راجح ومن إعلان الولاية الشهادة الثالثة في الأذان لعلي أمير المؤمنين بالولاية.

الوجه الثالث:

ماورد في عدة نصوص «ذكر علي عبادة»، فإذا كان ذكر علي عبادة فكيف بالإعلان لعلي بالولاية والإمرة والحجية، ألا يكون أمراً راجحاً مع أن ذكر علي في نفسه عبادة!!.

الوجه الرابع:

ما أشار إليه السيدان العلمان قدس سرهما أن الشهادة الثالثة في الأذان في هذه الأعصار أصبحت من الشعائر، فإذا سمعت الشهادة الثالثة في بلد تعرف أن أهل هذا البلد ينتمون لولاية أمير المؤمنين مثل المواكب العزائية، مثل البكاء على الحسين فإنها من الشعائر لأنها تظهر أن هؤلاء منتمون لمذهب لأهل البيت ، فإن إظهار الولاية لمن جعله الله في الكتاب ولياً له إظهار لأمر من أوامر الله فهو شعيرة لله.

ولذلك فإن الشهادة الثالثة وإن لم تكن جزء من الأذان ولا مستحباُ خاصاً بل هي مستحب عام، إلا أنها من الشعائر والشعائر مستحبة وراجحة بمقتضى عموم قوله عزوجل: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ.

ودعوى أن العبادة توقيفية لا يزاد فيها ولا ينقص ممنوعة بأن المقصود بتوقيفية العبادة كما يقول علمائنا هي الحرمة التشريعية، أي لا يجوز لك أن تشرع شيء وتعتبره جزء من العبادة ولم يثبت لك ذلك فهذا تشريع والتشريع محرم، كما قال تعالى: ﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ.

ونحن لا ندعي أن الشهادة الثالثة جزء من الأذان حتى نكون قد ارتكبنا حرمة التشريع، بل نقول هي مستحب عام في الأذان وفي غيره، وكون الأذان عبادة والعبادة توقيفية لا يعني بطلان الأذان بغير ماليس من أجزاء الأذان إلا إذا أخذ الأذان كما يقول علمائنا بشرط لا من جهة أي ذكر، والأذان لم يؤخذ بشرط لا، وإنما أخذ لا بشرط، مثلاً: القراءة في الصلاة عبادة، لكن لو قلت أثناء قراءة الفاتحة «اهدنا الصراط المستقيم واهدني واهدي عيالي» لا إشكال فيه!! لماذا؟

لأن قراءة الفاتحة وإن كانت عبادة وجزء من الصلاة لكن لم تؤخذ بشرط لا عن الدعاء، فأي دعاء تريد أن تذكره أثناء قراءة الفاتحة جائز بل قد يكون مستحباً، مثلاً: الإنسان أثناء التشهد يقول «وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والملائكة» هذا لا يبطل الصلاة بل هو ذكر، لأن التشهد وإن كان عبادة وقد أخذت بشرط لا على الكلام الآدمي لكن لم يؤخذ بشرط لا عن الدعاء ولم يؤخذ بشرط لا عن الذكر، بل أخذ على نحو اللا بشرط، وكل ما لم يؤخذ بشرط لا بل أخذ على نحو اللا بشرط فيجوز ذكره، كذلك الأذان والإقامة، لم يؤخذ بشرط لا عن ذكر آخر، يجوز لك في الأذان والإقامة «أن تتكلم الكلام العادي.. كأن تقول أعطني كأس ماء» فإن ذلك لا يبطل الأذان ولا إشكال فيه، فضلاً عن إعلان الشهادة للإمام أمير المؤمنين .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا على ولاية أهل البيت وأن يجعل خاتمتنا ولاية أهل البيت والدفاع عن فضائلهم ومناقبهم ومذهبهم.

والحمدلله رب العالمين