مُداخلات حول محاضرة ”تأثير الغيب على سلوك الإنسان“

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد الاستماع لمحاضرة الليلة الثانية من المحرم للوالد العزيز سماحة السيد منير الخباز، تكوّنت في ذهني عِدة مداخلات نابِعة من حُب للاطّلاع ومُتابعة شَغِفة للمحاضرات الثقافية.. سألخصها في مايلي؛ علّي في هذا المقال أن أثير تساؤلات البعض للحصول على الأجوبة الوافية من سماحة الوالد.

المداخلة الاولى:

افاد سماحة الوالد بوجود دراسات أُقيمت لمعرفة حقيقة الوعي بعد الموت بالرجوع إلى مقال منشور في الصحيفة العلمية الالكترونية ”ScienceDaily“، وهو موضوع شائك ومحل للجدل بين العلماء والمفكرين، إلا أنّي وجدت بناءاً على اطلاعي السابق على هذا المقال؛ أنّ المذكور هو فرضيّة مُستفادة من عدّة حالات تعرضت للسكتة القلبية، ولا تصل بمستواها إلى كونها حقيقة علمية يصح طرحها لإثبات مسألة الوعي بعد الموت.

المُداخلة الثانية:

تعرّض سماحتُه في المحاضرة إلى تأثير الفراشة ونظرية الفوضى في الرياضيات، والتي تُفيد بأن الافعال أو الاحداث الصغيرة من المحتمل أن تكون سبب مُعِدّاً لسلسلةٍ تؤدي لوقوع احداث فادِحة وخطيرة ولو في المستقبل. ولكن أجد أنّ هذه النظرية تطرَح تأثيراً مادّياً يفسّر ترابط الأحداث المادية، بينما موضوع المُحاضرة يدور حَول التأثير الغيبي؛ أي تأثير الصدقة أو الصلاة في تحقيق حاجات الانسان تأثيراً غيبياً.. مما قد يجعل وجه القياس بين الأمرين غير متطابق.

المداخلة الثالثة:

ذَكر سماحة الوالد أن الدّول الاسلامية على الرغم من تخلّفها في مجالات علمية كمجال التكنولوجيا، إلا أنها أقل من الدول الغربيّة من حيث حجم الأمراض النفسية وكِثرة العيادات النفسية؛ مِما يجعل شعوبها تتقدّم من ناحية الصحّة النفسية، إلّا أنّه قد يُقال بِأن الواقِع يشكو من خِلاف ذلك، فبناءاً على اهتمامي بموضوعات الصّحة النفسية ومعرفتي بعِدّة متخصصين كشفوا عن مشكلة تأخر الشرق الاوسط في العلوم النفسية والاجتماعية، فمن ناحية أدّى ذلك الى ندرة الكفاءات في هذا المجال وأخّر بلاد الشرق عن افتتاح القدر الكافي من العيادات النفسية، ومِن ناحية أدى إلى انخفاض الوعي العام وثقافة الاهتمام بالصحة النفسية ومراجعة الطبيب لِلكشف عن كمية الامراض الموجودة والقيام بإحصائيات واقعية تصح بِها المقارنة.

المداخلة الرابعة:

تحدّث سماحة الوالد عن الابتلاء وتعرُّض الانسان للصعاب في حياتِه كالسجن أو الامراض، وذكَر أنّ ذلك قد يكون هدفاً وغاية من وجودِه.. ويبقى السؤال ماهو هذا الهَدف؟ هل هو هدَفٌ أُخروي أم دنيوي؟ فإن كان أُخروياً؛ فهُوَ لا يجيب عن السؤال الاساسي الذي يبحث عن تأثير الغَيبيات في تقدم الانسان في الدنيا وتحقيق حاجاته، وإن كان دنيوياً؛ فما هو أثرُهُ على الإنسان الذي لا عقيدةَ لَهُ بالدين.

أخيراً، إنّ مُداخلاتي لا تُعبرّ إلا عن اهتمامي بكل ما يُمكن استفادته من عطاء المنبر الفكري في أيام الحُسين ع، وحماسي الثقافي الذي استلهمه مِنهُ في طرح الرؤى النقدية البناءة والنقاش المثمر.