التوسل محور الإيمان

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ

الحديث حول الآية المباركة في ثلاث نقاط

النقطة الأولى في حقيقة اتخاذ الوسيلة

النقطة الثانية في بيان مدلول الآية المباركة

النقطة الثالثة في بيان التوفيق بين مبدأ اتخاذ الوسيلة وما ورد في النصوص الأخرى من الآيات والروايات

الكلام فعلاً حول النقطة الأولى ماهي حقيقة التوسل أو إتخاذ الوسيلة؟

هذا يبتني على بحث فلسفي وهو الفرق بين المقتضي والشرط كل معلول وكل موجود يحتاج إلى علة لكن العلة تتألف من عنصرين عنصر المقتضي وعنصر الشرط المقتضي هو مبدأ الفيض وما منه الأثر والشرط هو ما يتوقف عليه فعلية الأثر، مثلا نحن نقول ظهور النور أو ظهور الضوء في هذا المصباح الكهربائي لا بد له من سبب سببه مؤلف من عنصرين مقتضي وهو الطاقة الكهربائية، نفس الطاقة المبثوثة في هذا الفضاء في هذا الكون، الطاقة الكهربائية المبثوثة هي المقتضي يعني منها الأثر منها الفيض. الطاقة الكهربائية طاقة فياضة طاقة تصدر العطاء تصدر الفيض هذه الطاقة هي المقتضي لأن منها الأثر منها الفيض لكن هناك عنصر آخر نحتاج له حتى يظهر النور ويظهر الضوء في هذا المصباح الكهربائي ذلك العنصر الآخر ما نسميه بالشرط يعني وجود سلك يربط بين الطاقة وبين المصباح، مالم يكن هناك سلك يربط بين الطاقة وبين المصباح فإن النور أو الضوء لا ينعكس ولا يظهر في المصباح، إذاً إحتجنا إلى عنصرين عنصر المقتضي وهو الطاقة الفياضة وعنصر الشرط وهو هذا السلك الكهربائي الذي يربط الطاقة بالمصباح حتى تعطي الطاقة أثرها وضوءها ونورها، كل موجود يحتاج إلى هذين العنصرين يحتاج إلى مقتضي يفيض الأثر ويحتاج إلى شرط يساعد المقتضي على إصدار أثره يحتاج إلى شرط حتى تتحقق فعلية الأثر، إنما الفلاسفة لاحظوا هذا بدقة يقسمون الشرط إلى شرط مصحح لفاعلية الفاعل وشرط متمم لقابلية القابل، تارةً يكون الشرط مصححًا لفاعلية الفاعل تارةً يكون الشرط متمماً لقابلية القابل شنو المقصود بهذا التقسيم؟ تارةً يكون المقتضي الذي منه الأثر قاصرًا لا يمكنه وحده أن يؤثر، لا يمكنه وحده أن يعطي فيحتاج إلى شرط، هنا يكون الشرط مصححًا لفاعلية الفاعل يعني لولا هذا الشرط لكن المقتضي وحده قاصرًا عن التأثير مثلاً أضرب لك مثال الآن مثلاً أنا الآن عندما أريد أن أصلي مثلاً أو أنا الآن عندما أريد أن أكتب، أنا لا أستطيع أن أوجد الكتابة مالم يكن عندي شنو؟ أداة مالم يكن عندي قلم مالم يكن معي قرطاس أنا صحيح طاقة فياضة، الإنسان طاقة فياضة، تارةً يصدر فكر تارةً يصدر كلام تارةً يصدر كتابة تارةً يصدر مشي تارةً يصدر حركة، الإنسان طاقة فياضة لكن هذه الطاقة قاصرة لايمكنا أن تؤثر وتوجد كتابة على القرطاس إلا مع ضميمة الأداة إلا مع ضميمة القرطاس إلا مع ضميمة القلم هنا يكون القلم شرطا مصححًا لفاعلية الفاعل يعني لولا وجود هذا القلم لما استطاع الإنسان وحده أن يكتب إذا ً هنا يكون الشرط مساعدًا للفاعل مساعدًا للمقتضي قيقال شرط مصحح لفاعلية الفاعل، وتارة يكون لا الشرط مجرد متمم لقابلية القابل وليس مصححًا لفاعلية الفاعل وذلك إذا كان الفاعل مستغني عن الشرط، إذا كان الفاعل مو محتاج إلى الشرط، المحتاج إلى الشرط هو المعلول، أما الفاعل مو محتاج إلى الشرط هنا يكون الشرط متمًا لقابلية القابل كيف؟ مثلاً عندما تجي الطاقة الكهربائية، الطاقة الكهربائية مو محتاجة إلى سلك الطاقة الكهربائية لاتحتاج إلى سلك يربطها بالمصباح أبدًا. الطاقة الكهربائية طاقة فياضة غنية مبثوثة في هذا الكون كسائر الطاقات الأخرى الطاقة الكهربائية كسائر الطاقات الأخرى طاقة غنية فياضة لا تحتاج إلى شيء فشنو إلي يحتاج؟ المصباح هو إلي يحتاج مو الطاقة هي التي تحتاج، المصباح لا يستطيع أن ينير إلا إذا وصل بالسلك فالمحتاج إلى السلك ليس هو الطاقة المحتاج إلى السلك هو المصباح حتى يضيء هنا يكون الشرط لا يخدم الفاعل بشئ ولكن بخدم القابل يخدم المعلول هنا سكون الشرط متمًا لقابلية القابل وليس مصححًا لفاعلية الفاعل لأن الفاعل لا يحتاج فاعل غني إلى ذلك من هنا تكون أفعال الله جل وعلى وتبارك وتعالى، إنسان يتساءل أليس الله قادرًأ على أن يخلق الإنسان أن يخلق الجسد؟ أليس الله قادرًا على أن يخلق جسد الإنسان بدون مادة هكذا يخلقه دفعة واحدة بدون مادة؟ لماذا يوسط مادة؟ يخلق آدم من طين يخلق مثلاً عيسى من خلية أمه يخلق مثلاً البشر البقية من لقاء الذكر والأنثى لماذا يوسط مادة؟ لماذا لا تكون هناك مادة متوسطة؟ لماذا لا يخلق الله الجسم البشري مباشرةً بدون مادة أصلا؟ أليس الله قادر على كل شئ؟! نعم الله على كل شئ قدير، إذاً لماذا؟

هنا من هو المحتاج إلى شرط هل هو الله؟ أو هو جسم الإنسان؟، جسم الإنسان هو محتاج إلى الشرط، الله هو المقتضي هو مبدأ الفيض هو الذي يعطي ويوجد الله تفضلٌ محض وجودٌ محض عطاءٌ محض ﴿وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً [الإسراء: 20] عطاءٌ محض فيض محض لا يحتاج إلى شئ لكن الجسم المادي لايمكنه أن ينال الوجود إلى إذا جاء من مادةٍ قبله هذه حاجة في الجسم وليست حاجةً في الله عز وجل ليست عليته وفاعليته تبارك وتعالى قاصر، القاصر هو الجسم، الجسم لا يمكنه أن يوجد إلا من مادة قبله، هنا يكون الشرط وهو وجود المادة شرطًا متممًا لقابلية القابل وليس شرطًا مصححًا لفاعلية الفاعل وسائر الشرائط مثلا الله تبارك وتعالى يستخدم الملائكة، يستخدم الملائكة لإنزال المطر لإدارة شؤون السموات والأرض هل هو محتاج إلى استخدام الملائكة؟ لا، الكون هو المحتاج، الكون محتاج في إدارته إلى وجود الملائكة لذلك تبارك وتعالى خلق الملائكة كوسائط للفيض والعطاء لا لأنه محتاج إليهم بل لأن المعلوم وهو الكون محتاج إليهم من هنا أيضًا ندرك وساطة محمد وآل محمد، نحن نقول بأن النبي وآل بيته وسائط في الفيض كما أن الملائكة وسائط في الفيض النبي وآل بيته وسائط في الفيض، النبي وآل بيته وسائط في الفيض بأي معنى؟ لا بمعنى أن الله محتاج إلى ذلك كي يكون هذا ذلك شرطًا مصححًا لفاعلية الفاعل بل بمعنى أن الكون نفسه هو لايقبل نور الوجود إلا بضميمة هذه الوسائط إلا بضميمة هذه الشروط وهذه الضمائم، لذلك يقبل نور الوجود لذلك أنت تقرأ في الزيارة الجامعة ﴿بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبكم..، لا بحاجة منه تبارك وتعالى إلى أحد بل لحاجتنا نحن إليهم لحاجة الكون إليهم لأن الكون يحتاج إلى مثل هذه الوسائط، إذًا فبالنتيجة وصلنا إلى تعريف الوسيلة ماهي الوسيلة؟ ما هي حقيقة التوسل؟ الوسيلة هي إتخاذ الوسائط بيننا وبين الله الذين جعلهم وسائط إليه ولم يجعلهم لحاجة منه إليهم أبدًا وإنما جعلهم لحاجتنا إليهم لأننا لا نستطيع أن نلمس العطاء وأن نلمس أي فرج إلا ببركتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

النقطة الثانية معنى الآية المباركة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة: 35]

السيد صاحب الميزان السيد الطبطبائي أعلى الله تعالى مقامه فسر الوسيلة بإظهار حقيقة العبودية، قال الوسيلة تعني أن يُظهر الإنسان عبوديته لله، الإنسان عبد لله، الإنسان ملكٌ صرفٌ لله عز وجل فلابد أن يظهر الإنسان أنه فعلاً مملوك صرف لله أنه عبد حقيقيٌ قنٌ لله تبارك وتعالى، الوسيلة يعني إظهار العبودية يا أيها الذين آمنوا اتقوا وأظهروا العبودية وأظهروا ذلة العبودية وأظهروا حقيقة المملوكية، عندما الإنسان يظهر التذلل ويظهر الإرتباط بالله ويبرز أنه عين الربط بالله وعين التدلي بالله تبارك وتعالى وأن لا ملجأ إليه ولامنجى منه ولا حول ولا قوة إلا بالله تبارك وتعالى. إظهار العبودية إظهار حقيقة ذل العبودية هي الوسيلة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة: 35]. هذا كلام السيد صاحب الميزان أعلى الله تعالى مقامه، نحن نقول هذا التفسير ليس صحيحًا لماذا؟ ظاهر الآية المباركة أن الوسيلة تختلف عن التقوى، التقوى شئ والوسيلة شئ آخر ولذلك عطفها عليها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ هذا مطلب ﴿وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ هذا مطلب آخر. ظاهر عطف المطلب الثاني على المطلب الأول أن الوسيلة شئ يختلف عن التقوى، إذا فسرنا الوسيلة بإظهار العبودية إظهار العبودية دخيل في التقوى هذا ليس شيئًا آخر يختلف عن التقوى، إظهار العبودية أمرٌ مقومٌ للتقوى أصلاً لا يمكن أن تتحقق التقوى إلا بإظهار العبودية، من لم يظهر العبودية فليس متقيًا، التقوى متقومة بإظهار العبودية إظهار العبودية مقومٌ للتقوى، أصلاً ما نقدر نتصور تقوى بدون شنو؟ بدون إظهار العبودية، إظهار العبودية أمرٌ مقومٌ للتقوى لا تعقل التقوى إلا بإظهار العبودية مع أن الآية ذكرت التقوى أولاً ثم ذكرت الوسيلة معناه أن الوسيلة غير التقوى ﴿شئ آخر غير التقوى وبعبارة علمية الوسيلة متمم للتقوى لا مقوم، فرق بين المقوم والمتمم، الوسيلة متمم وليست مقوم. إذا فسرنا الوسيلة بأنها عبارة عن إظهار العبودية صارت جزء من التقوى أمر مقوم للتقوى، بينما الوسيلة ذكرها القرآن مطلبًا آخر متممًا للتقوى لا مقومًا للتقوى إذاً لا محالة الوسيلة لا يراد بها إظهر العبودية. إذًا ماذا يراد بالوسيلة؟ مراد بالوسيلة إتخاذ ماجعله الله وسائط فيضه ما جعله الله وسائط لفيضه نحن نتخذه وسيلة إليه ما جعله الله مقربًا إليه نحن نتخذه مقربًا إليه، المراد بالوسيلة إتخاذ الوسائط التي جعلها الله بيننا وبينه هذا المراد بالوسيلة وليس المراد بالوسيلة إظهار العبودية

النقطة الثالثة:

ربما يقول قائل مع الأسف شفت أنا هذا في كتابات بعض الشيعة الباحثين يعني كأنهم بعيدون عن النصوص تمامًا، بعض الباحثين الشيعة كتب أنه هذا المفهوم مفهوم إتخاذ الوسيلة بيننا وبين الله مفهوم يتنافى مع النصوص من القرآن ومن الأدعية المباركة، نحن إذا نظرنا إلى الأدعية المباركة ونظرنا إلى القرآن الكريم وجدنا أن مفهوم إتخاذ الوسيلة يتنافى مع هذه النصوص كيف؟ قال أما من القرآن فقوله تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة: 186] إذا كان الله قريبًا منا بل هو أقرب إلينا من حبل الوريد إذًا هو لا يحتاج إلى وسيلة، ونحن أقرب إليه منكم ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذا كان الله أقرب إلينا من أي شئ آخر، هو أقرب إلينا من قلوبنا هو أقرب إلينا من أرواحنا، إذا كان هو أقرب إلينا من أي شئ آخر فمن اللغو أن نتخذ وسيلةً إليه ومن العبث أن نجعل واسطةً بيننا وبينه لأنه أقرب إلينا من كل شئ، إذًا مبدأ إتخاذ الوسيلة يتنافى مع الآية المباركة. وأما من النصوص الأخرى لاحظ مثلاً مناجاة المطيعين الواردة للإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه يقول فيها ﴿اللهم لا وسيلة لنا إليك إلا أنت ما عندنا وسيلة أخرى ﴿اللهم لا وسيلة لنا إليك إلا أنت فالإمام يحصر الوسيلة، الوسيلة هي الله نتوسل إلى الله بالله ولا نتوسل إلى الله بشئ آخر لا بشر ولا حجر ولا شمس ولا قمر نتوسل إلى الله به ﴿لا وسيلة لنا إليك إلا أنت وكذلك تقرأ نص آخر أيضًا من أدعية النصف من شعبان هذا الدعاء ﴿اللهم إني أسألك بك لا بشئ هو أعظم منك مافي شي أعظم منك حتى أنا أسألك به، ﴿اللهم إني أسألك بك لا بشئ أعظم منك إذًا بالنتيجة هذه الأدعية واضحة الدلالة على أن لا وسائط بيننا وبين الله ولا وسائل بيننا وبين الله، الوسيلة هو والتوسل به هو والسؤال به هو لا بشئ آخر تبارك وتعالى، نحن كيف نجيب عن هذه الفكرة؟ الجواب عن هذه الفكرة هناك فرقٌ بين الوسيلة المستقلة والوسيلة المندكة، كيف يعني وسيلة مستقلة ووسيلة مندكة؟ يعني الآن مثلاً أنا. مثلنا بهذا المثال. أنا عندما أريد أن أكتب أحتاج إلى وسيلة لكن أحتاج إلى وسيلة مستقلة وهي شنو؟ القرطاس والقلم، القرطاس والقلم وسيلة مستفلة عني. زين أنا عندما أريد أن أخطط لسفرة معينة وأقعد ببالي وأخطط لهذه السفرة في فكري من المكان الفلاني أذهب إلى المكان الفلاني آخذ الشئ الفلاني آخذ الزاد الفلاني... الخ. أنا توسلت هنا لكن توسلت بشنو؟ بعقلي توسلت بخيالي خيالي بدأ يفكر خيالي بدأ ينتقل من محطة إلى محطة إلى أن أكملت المخطط، أنا هنا توسلت بخيالي لكن ما توسلت بوسيلة بوسيلة مستقلة، توسلت بوسيلة هي مني وإلي وليست وسيلة مستقلةً عني. توسل الإنسان بالقلم توسل بوسيلة مستقلة لكن توسل الإنسان بخياله أو بفكره هذا توسل بوسيلة مندكة الوسيلة منه وإليه هي منه وإليه وليست شيئًا منفصلاً عنه وليست شيئًا مستقلاً عنه. إذًا الوسيلة على قسمين وسيلة مستقلة وسيلة مندكة، الآن احنا عندما نلاحظ الآيات القرآنية الله تبارك وتعالى عندما يقول ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا [الزمر: 42] ويقول في آية أخرى ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [السجدة: 11]كيف نجمع بين الأمرين!؟ إذًا الله جعل وسيلة للإستيفاء جعل وسيلة للإماته ألا وهي ملك الموت هذه ليست وسيلة مستقلة هذه وسيلة مندكة ملك الموت منه وإليه تبارك وتعالى وليس وسيلةً مستقلةً عنه لأن ملك الموت لا يمكن أن يميت شخصًا إلا بقدرة وهذه القدرة من أين يحصل عليها؟ منه تبارك وتعالى. إذًا جميع ما يقوم به ملك الموت هو منه تبارك وتعالى إذًا ملك الموت وسيلة منه وإليه وليست وسيلة مستقلة. إذا فرقنا بين الوسيلة المستقلة والوسيلة المندكة عرفنا معنى هذه الأدعية المباركة. ﴿اللهم لا وسيلة لنا إليك يعني شنو؟ مستقلة، يعني إحنا ما عندنا وسيلة مستقلة عنك، جميع وسائلنا هي منك وإليك أنت الذي جعلتها وسائل ولا إحنا ما إتخذنها وسائل لولا جعلك إياها ﴿اللهم لا وسيلة لنا إليك إلا أنت يعني لا توجد وسيلة مستقلة عنك، جميع الوسائل مآلها إليك مرجعها إليك غهي منك وإليك، كيف يعني جميع الوسائل منه وإليه؟ الآن أضرب لك أمثلة. الآن مثلاً نحن عندما نتوسل بالنبي وآل بيته، نحن نتوسل بهؤلاء لماذا؟ هل لأنهم أشخاص عاشوا على الأرض وماتوا؟ هل لأنهم من عائلة قريش؟ هل لأنهم كانوا مثلاً يملكون أجسامًا ضخمة ووجوهًا جميلة؟ وكانو... لا نحن لا نتوسل بهم إلا لأنهم مظاهر لعظمة الله عز وجل، نحن لا نتوسل بأهل البيت لأنهم أشخاص عاشوا وماتوا، واحد عاش خمسين واحد عاش سبعين واحد عاش سبعة وأربعين وهكذا أعمارهم وأنهم من عائلة كذائية وذو مواصفات كذائية، لا أبدًا هذا ما إليه دخالة في الوسيلة، نحن إنما نتوسل بهم لأنهم مظاهر عظمة الله مساكن رحمة الله معادن علم الله مظاهر بركات الله. نحن لا نتوسل بهم إلا بمقدار علقتهم بالله وبمقدار ربطهم بالله، نحن لا نتوسل بهم إلا لأنهم كلمات الله تبارك وتعالى ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ [البقرة: 37] هم الكلمات التي تلقاها آدم، نحن نتوسل بهم لأنهم مظهرٌ له ظلٌ له مظهرٌ لعظمته ولذلك أنت تقرأ في الدعاء ﴿اللهم إني أسألك بما نطق فيهم من مشيئتك يعني أنا في الواقع ما أتوسل بهم أتوسل بك لأنك جعلتهم مظاهر إليك لأنك جعلتهم مظاهر لمشيئتك، لأنك أنطقت المشيئة من خلال ذواتهم ومن خلال أشخاصهم وأرواحهم ﴿اللهم إني أسألك بما نطق فيهم من مشيئتك إذًا التوسل بهم صلوات الله وسلامه عليهم هو في الواقع توسلٌ بالله لأن التوسل بهم بما هم مرتبطون بالله، بما هم مظهرٌ لله تبارك وتعالى، يعني الآن هذا يسمى عند علماء الأصول الإستطراق أخذ الشئ على نحو الطريقية لا على نحو الموضوعية، أنا الآن عندما أتأمل في الشمس أقول جرم الشمس كذا مساحته طاقة الشمس كذا مقدارها دفء، الشمس كذا حجمه هذا يسمى نظرة موضوعية للشمس وتارةً لا أنظر إلى الشمس بما هي مظهرٌ لعظمة الله بما هي مظهرٌ لقدرة الله، أنا عندما أنظر للشمس بما هي مظهر لقدرة الله هذا ليس تأملاً في الشمس بل تأملٌ في الله عز وجل هذه ليست قراءة للشمس هذه قراءة لله عز وجل ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت: 53] قراءة الشمس بما هي مظهر لله قراءة طريقية استطراقًا بالشمس إلى الله تبارك وتعالى، أيضًا التوسل بأهل البيت لم يؤخذ على نحو الموضوعية أخذ على نحو الطريقية، النوسل بهم يعني توسل بمظاهر العظمة الإهية وظاهر القدرة الإهية التي تجلت في أشخاص أهل البيت وفي وجودات أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من هنا نعرف معنى ﴿اللهم إني أسألك بك لا بشئ هو أعظم منك لأنني عندما أسألك بأهل البيت فهذا سؤال بك وليس سؤال بشئ آخر وأما الآية المباركة إحنا أجبنا عنها في عدة محاضرات قوله تبارك وتعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة: 186] قلنا فرقٌ بين قرب الله منا وقربنا من الله، هذه الآية تتحدث عن قرب الله منا ولا تتحدث عن قربنا منه نعم الله قريبٌ منا هو أقرب إلينا من أي شئ، هو مبدأنا هو علتنا هو أقرب إلينا من أي شئ لكن هل نحن قريبون منه؟ كيف نحصل على القرب منه؟ قربه منا هذا أمر تكويني خارجي حاصلاً لا محالة ولكن قربنا منه وهو قربٌ روحيٌ معنوي تجرديٌ كيف نحصل عليه؟ قربنا منه تبارك وتعالى يحتاج إلى أن نتوسل بأحب الأشخاص إليه بأحب الأسماء إليه بأحب الأشياء إليه فكما أن الكعبة وسيلة مكانية يحبها الله وليلة القدر وسيلة زمانية يحبها الله والصلاة وسيلة عملية يحبها الله ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ [البقرة: 45] ولذلك أنت تقرأ في الدعاء ﴿اللهم إن كان قد دنا أجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الإعتراف من الذنب إليك وسائل عللي يعني أنا وسيلتي أن أعترف بذنبي إليك، الإعتراف بالذنب وسيلة عملية، أذًأ عندنا وسيلة مكانية، وسيلة زمانية، وسيلة عملية، وعندنا وسيلة نورانية ألا هو توسيط أحب الأسماء إليه وأشرف الموجودات لديه الذين هم مظاهر عظمته ومشيئته وهم محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فقربنا من الله يختلف عن قرب الله من منا فقربنا منه يحتاج إلى واسطة وهو ماجعله الله واسطةً للقرب منه تبارك وتعالى ولذلك لو استعان أحد بالصلاة والله شنو إنت تبعد المسافة الله قريب منك بعد ليش توسط الصلاة؟ الله جعل الصلاة واسطة وسيلة قرب إليه أو واحد مثلاً يتخذ الكبة وسيلةً إلى الله لايقال له أنت بعدت المسافة. يقول لأن الله جعل الكعبة وسيلةً وواسطةً إليه وجعل هؤلاء الأسماء وسيلةً إليه ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً [النساء: 64] الرسول واسطةٌ في المغفرة ولذلك أنت تقول ﴿اللهم إني أسئلك بنبيك نبي الرحمة أن تغفر ذنبي وتتوب علي نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا معهم دنياً وآخرة وأن يجعلنا من المتوسلين بهم ومن المرتبطين بهم في كل أعمالنا وحركاتنا وسكناتنا لنكون وعاءً لفيضهم وبركاتهم وعطائهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.