البطولة الصادقة في عاشوراء

شبكة المنير

﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

من القيم الجمالية التي تجلت في مدرسة كربلاء قيمة الصدق القيمة التي تحدث عنها الحسين عندما قال: ”والله ما تعمدت الكذب مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه“، وتحدث عنها العباس عندما قال: ”إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين“.

حديثنا عن جمالية الصدق في محاور:

  • المحور الأول: تعريف الصدق وأقسامه.
  • المحور الثاني: علاقة الصدق بالعصمة.
  • المحور الثالث: القيمة السلوكية لمبدأ الصدق.

المحور الأول: تعريف الصدق وأقسامه.

ما هو الصدق؟!

الصدق تتطابق الظاهر والباطن، كيف يكون تتطابق الظاهر مع الباطن؟! الإنسان له معتقد وله قول وله سلوك يحمل معتقدات ويتكلم بألفاظ ويمارس سلوك إذا تطابقت هده العناوين الثلاثة تطابق سلوكه مع كلامه وتطابق كلامه مع معتقده فهو إنسان صادق، متى ما اختلف السلوك عن الكلام أو اختلف الكلام عن المعتقد فهو إنسان كاذب، الصادق تطابق هذه العناوين الثلاثة الصادق لا يفعل إلا ما يقول ولا يقول مالا يفعل قال الشاعر:

يا     أيها    الرجل    المعلم    iiغيره

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا

 
هلا     لنفسك    كان    ذا    iiالتعليم.

كيفا     يصح     به    وأنت    iiسقيم.

لا يفعل إلا ما يقول ولا يقول إلا ما يعتقد فهناك تطابق بين سلوكه وقوله واعتقاده إذا تطابق الظاهر والباطن فهو صادق والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة عندما يقول: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ البر ليس عملية شكلية تتوجه إلى المشرق أو المغرب، البر عقيدة وسلوك ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا "هذا هو الصدق، الصدق مجموعة معتقدات وسلوك متطابقة" وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ وقال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا.

ما هي أقسام الصدق؟!

  1. الصدق ظاهري.
  2. الصدق الواقعي.

الصدق الظاهري:

هو الصدق مع الناس الصدق في الأخبار، الصدق في الوعد، الصدق في العهد هذه نسميه صدق ظاهري، الصدق في الأخبار قال تعالى: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ، الصدق في الوعد قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا «54» وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا، الصدق في العهد قال تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاًهذا كله نسميه صدق ظاهري يعني صدق مع الناس.

الصدق الواقعي:

الصدق مع النفس هل أنا صادق مع نفسي أم لا؟! قد أكون صادق مع غيري قد أكون صادق في أخبراتي لا أخبر كذاباً دائماً أخبراتي صادقة لكنني غير صادق مع نفسي المهم هو الصدق مع النفس، هل أنا أرى تناقض بين سلوكي وبين معتقدي؟! هل أرى تناقض بين سلوكي الظاهري وسلوكي الباطني؟! الصدق مع النفس أهم من الصدق مع الغير الصدق الظاهري كيف؟!

مثلاً: هناك إنسان إذا خرج من البيت تراها إنسان ملائكي خلوق صاحب بسمة وبشاشة ولكنه في البيت وحش مع زوجته مع أولاده هذا إنسان ليس صادق مع نفسه هذا إنسان يعيش تناقض بين مظهره الخارجي وبين واقعه الداخلي ليس صادق مع نفسه.

مثلاً: إنسان يعيش مع متدينين مساجدهم مأتمهم ويعاشرهم يبدوا للمتدين أنه قطعة من الإيمان ولكنه يمارس وراء الستار معاصي، يمارس وراء الستار علاقات، يمارس وراء الستار كوارث هذا إنسان ليس صادق مع نفسه إنسان يعيش كذباً سلوكياً يعيش تناقض في شخصيته هذا ليس متصف بالقسم الثاني من الصدق غلا وهو الصدق الواقعي.

الإنسان مكون من ثلاث قوة:

  1. قوة عاقله.
  2. قوة قلبية.
  3. قوة ضميريه.

القوة العاقلة: دورها تدرك الأشياء وتحللها وتستنتج منها.

القوة القلبية: دورها الانفعال أو الفعل إذا إنسان تعرض إلى أغراء تثور عنده غريزة الشهوة هنا انفعال، إذا تعرض الإنسان إلى اعتداء تثور عنده غريزة النقمة هذا انفعال إذا اقتنع إنسان بفعل معين اقتنع بأن يحضر المأتم ويسمع المحاضرة صمم قلبه على الحضورهذا فعل فقلب أما أن ينفعل وأما أن يفعل، القوة التي تنفعل وتفعل هي القوة القلبية.

القوة الضميرية: قوة الضمير قوة اعلائيه قوة تشرف على مسيرة الإنسان تشرف على سلوك الإنسان هل يتطابق ظاهره مع باطنه هذه قوة الضمير تراقب فقط يتطابق ظاهري مع باطني أم لا؟! إذا تطابقا أثنت وإذا لم يتطابقا أنبت وشجبت، إذن قوة الضمير القوه الرقابية التي دورها مراقبة سلوك الإنسان فهل يتطابق ظاهره مع باطنه أم لا؟ هذه القوة عبر عنها القرآن الكريم بالنفس اللوامة قال تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ «1» وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ.

مراقبة الضمير حكومة الضمير على سلوك الإنسان هي الصدق الواقعي، الصادق صدق واقعي وهو الذي يمشي وراء ضميره لا وراء انفعالاته الصادق صدق واقعي هو الذي يحكمه ضمير هو يراقبه ضميره ويسيره ضميره هذه الذي يعيش صدق واقعي حكومة الضمير ومراقبة الضمير عبر عنها القرآن الكريم قال تعالى: ﴿أَمَّا مَن طَغَى «37» وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا «38» فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى «39» وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى «40» فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى.

المحور الثاني: علاقة الصدق بالعصمة.

نحن نريد أن نتحدث عن هذا المعتقد بشيء من التحليل إلا وهو معتقد العصمة وما علاقة الصدق بالعصمة، ذكرنا أن الصدق الواقعي عبارة عن حكومة الضمير يعني ضبط النفس بحيث لا تتحرك إلا بمنطلق صحيح، هذه الصدق الواقعي عبر عنه القرآن الكريم بالنور قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ عبر عنه القرآن الكريم بالروح قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ الروح والنور لماذا هذا التعبير؟!

الصدق الواقعي يحتاج إلى علم لا يمكن للإنسان أن يضبط نفسه وأن يتحكم في مسيرته إلا إذا كان عنده علم بالفضائل والرذائل علم بالطاعات والمعاصي علم بأضرار المعاصي علم بفوائد الطاعات هذا العلم إذا حصل عليه نتيجة هذا العلم تتحقق حكومة الضمير يتحقق الصدق الواقعي، إذن الصدق الواقعي يحتاج ويتوقف على علم، غاية ما في الباب العلم على قسمين:

  1. علم حصولي.
  2. علم حضوري.

ما هو الفرق بين العلم الحضوري والعلم الحصولي؟!

العلم الحصولي: هو المعلومات التي يكتسبها العقل يعني صور.

العلم الحضوري: هو المعلومات الحاضرة بنفسها لذا القلب.

مثلاً: علمي بك يختلف عني علمي بنفسي، علمي بك «علم حصولي» لكن علمي بنفسي «علم حضوري» علم بك يعني أنا اعلم أن لك صورة في ذهني أنا أتصور أوضاعك أتصور أحوالك أتصور صفاتك علمي بك مجموعة من الصور ليس إلا علمي بك «علم حصولي» علم في عقلي فقط وليس في قلبي وأما علمي بنفسي فهو «علم حضوري» أنا أعلن بنفسي أنا نفسي حاضره اعلم بفرحي أعلم بحزني بأفكاري بحبي بغضي علمي بنفسي «علم حضوري» علم وجداني علم شهودي فعلمي بنفسي يختلف عن علمي بغيري.

إذن عندنا نوعان من العلم علم حصولي: هو علمي بالغير، علم حضوري: هو علمي بنفسي.

نتيجة ذلك: أنا الآن وكلنا ندرك هناك طاعات وهناك معاصي وهناك فضائل وهناك رذائل لكن علمنا بالمعاصي والطاعات والفضائل والرذائل من أي قسم من العلم؟!

من العلم الحصولينحن نسمع الخطباء ونقرأ الكتب فتصبح لدينا صور إلى الفضائل، صور إلى الرذائل، صور إلى الطاعات، صور إلى المعاصي علمنا بالمعاصي والطاعات وعلمنا الفضائل والرذائل علم حصولي مجرد صور لذلك هذا العلم لا يمنعنا عن المعصية قد نعصى ونتغافل عن هذا العلم وقد نطيع ونثبت على هذا العلم لأنها علم حصولي والعلم الحصولي لا يمنع من المعصية ولذلك هذا العلم الحصولي يصلنا على درجة التقوى والمتقي قد يعصي ”وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل ولا لعقوبتك متعرض ولكن سولت لي نفسي“ قد تسول إليه نفس الإنسان وأن كان تقياً.

إذن علم التقي، علم الإنسان التقي الصالح علم حصولي وهذا العلم الحصولي لا يمنعه من المعصية لكن هناك درجة ثانية من العلم وهو العلم الحضوري علم محمد علم علي علم الحسين علم سائر الأئمة والأنبياء علمهم بالطاعات والمعاصي والفضائل والرذائل ليس علم حصولي صور لا حقائق في قلوبهم يشعرون بها كيف أشعر بالفرح؟ كيف اشعر بالحزن؟ كيف اشعر بالحب؟ كيف اشعر بالبغض؟

الفرح والحزن والحب والبغض ليست صور بل مشاعر قائمة بوجداني أشعر بها هي حاضرة حقائق الفضائل حقائق الرذائل حاضرة في نفس النبي أوفي نفس الإمام حضوراً وجداني، علم المعصوم بحقائق الرذائل وبحقائق الفضائل ليس علم حصولي بل علم شهودي علم حضوري علم لدني كما عبر القرآن الكريم قال تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً يعني يشعر المعصوم بلذة الطاعة شعوراً قلبياً ويشعر بألم المعصية شعوراً قلبياً تحولت المعلومات من معلومات حصوليه إلى معلومات وجدانية حضورية شهودية والعلم الحضوري أشد تاثير من العلم الحصولي فالعلم الحصولي يقود إلى التقوى ولا يمنع المعصية لكن العلم الحضوري يقود إلى العصمة هذه العصمة يعبر عنه القرآن بالخلوص وقال تعالى: ﴿اذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ «45» الأيدي كناية عن العطاء والأبصار كناية عن البصيرة والنظر الثقاب إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ جعلناهم خالصين يعني أعطيناهم علما بحقائق الفضائل والرذائل علم حضوري وجداني فوصلوا إلى مرتبة الخلوص إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ أي دار؟! دار الآخرة دائماً دار الآخرة حاضرة في قلوبهم وفي أنفسهم لا ينسونها ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ هؤلاء هم المخلصون.

قال تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ «82» إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين أعطيناه درجة الخلوص أعطيناه العلم الذي يقتضي الخلوص أعطيناه علم لدني حضوري شهودي بحقائق الفضائل بحقائق الرذائل فأصبح خالص مخلصاً.

أعترض إلى أمور هنا:

  • الأمر الأول: ما هي العصمة؟!
  • الأمر الثاني: هل العصمة تقبل التبعيض والتقسيم أو لا تقبل؟!.
  • الأمر الثالث: هل العصمة تمنع المعصية أو لا تمنع المعصية؟!

الأمر الأول: ما هي العصمة؟!

العصمة: حالة نورانية تستند إلى علم حضوري بحقائق الفضائل والرذائل، ما هي الحالة النورانية؟! الحالة النورانية هي الإقبال على الطاعات والأعراض عن المعصية، المعصوم دائماً يعيش هذه الحالة يقبل على الطاعة ويعرض عن المعصية مقبل على الطاعة وينصرف عن المعصية هذه حالة نورانية قال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء، وقال القرآن الكريم: ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ «87» ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ العصمة حالة نورانية: هيعبارة عن الإقبال على الطاعة والانصراف عن المعصية هذه الحالة النورانية لها مستند لها مرتكز في داخل النفس مرتكزها العلم بحقائق الفضائل والرذائل ليس علم حصولي بل علم حضوري وجداني لدني.

ولتقرب الأمر أكثر مثلاً: فقهنا يمثلوا يقولونا لك أنا الإنسان العادي معصوم عن شرب القذرات صح أو لا؟! أنا لا اشرب القذرات لا أشرب البول لا أشرب الدم لا أشرب المني لا اشرب هذه الأوساخ ما معني معصوم عنها؟! يعني نفسي تفر منها صح أولا؟! نفسي تقبل على شرب البرتقال تقبل على شرب التفاح وتنفر من شرب البول والدم فعندي إقبال إلى نوع من الشرب وإعراض عن نوع من الشرب نفس الشيء المعصوم يتفاعل مع الطاعة والمعصية هكذا مقبل على الصلاة مقبل على الطاعة بقلبه وينفر ويعرض عن المعصية.

وبعبارة فلسفية: العلم ثلاث درجات:

  1. علم اليقين.
  2. عين اليقين.
  3. حق اليقين.

ما هو الفرق بين الدرجات الثلاث؟!

أنا أذا رأيت دخان أعلم بوجود نار هذا يسمى بعلم اليقين العلم بالعلة نتيجة العلم بالمعلول العلم بالمؤثر نتيجة العلم الأثر هذا يسمى علم اليقين، إذا مشيت ووصلت إلى النار ووضعت يدي فيها أو رأيتها بعيني درجة العلم رقت انتقلت من علم اليقين إلى عين اليقين، إذا لا وقعت في النار وانصهرت فيها أصبح جسمي جسم ناري هذا يسمى حق اليقين أعلى درجات العلم.

كل هذا الدرجات مأخوذة من القرآن قال تعالى: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ «5» لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ «6» ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِهذه الأقسام موجودة في القرآن.

نحن العادين علمنا بالمعاصي والطاعات والفضائل والرذائل من قبيل الدرجة الأولى وهي: علم اليقين ولذلك هذه الدرجة لا تمعنا من المعصية، الأتقياء والأولياء وصلوا إلى الدرجة الثانية وهي: عين اليقين قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا أما المعصوم فأعطي الدرجة الثالثة وهي: حق اليقين علمه بحقائق الفضائل وحقائق الرذائل وحقائق الطاعات وحقائق المعاصي علمه وصل إلى درجة حق اليقين لذلك انصرفت نفسه إلى الطاعة وانصرفت نفسه عن المعاصي من أين نأتي بهذا الكلام؟!

من القرآن الكريم الآية تخاطب النبي : ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا الآية ذكرت علوم ثلاث: كتاب، حكمة، علم لم تكن تعلمه، علم الكتب: أنزل عليه الكتاب وعلمه تفسيره، علم الحكمة: أنزل عليه الخلاق والقيم والمبادئ، علم وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ما هو العلم الثالث: هو علم العصمة أي أعطاك علم بحقائق الفضائل والرذائل علم لدني واقتضى هذا العلم أن تكون معصوم مخلص هذا العلم الثالث يشير إلى العصمة.

يعبر عنه القرآن بالروح يقول: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُوقال عن الأنبياء لآخرين قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، ﴿وَأَوْحَيْنَا: يعني ألهمنا قلوبهم علم لدني زرعنا الخيرات في قلوبهم على نحو العلم الدني ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ.

الأمر الثاني: هل العصمة تقبل التبعيض والتقسيم أو لا تقبل؟!.

مثلاً يأتي لك شخص ويقول لك النبي معصوم في التبليغ فقط أما في السلوك الله أعلم به ليس معصوم أو النبي معصوم عن المعصية ولكن ليس معصوم عن الخطأ والنسيان يخطأ يصير هذا التقسيم أو لا؟! حتى تعرف أن العقائد الإمامية مبنية على أسس علمية ليس مبنية على كلام سطحي، علماء الإمامية يقولون: مستحيل هذا الكلام، لماذا؟!

العصمة لا تقبل التبعيض والتجزئة لماذا؟! لأنه مقولة الكيف لا تقبل التقسيم «كلام فلسفي» الآن أشرح لك:

عندنا كيف وعندنا كم، الكم يختلف عن الكيف، نأتي إلى هذا الجسم هذا الجسم كم كتله طول وعرض وعمق وبما أن الجسم كتله يقبل التقسيم الطول ينقسم العرض ينقسم والعمق ينقسم، إما مقولة الكيف لا تقبل التقسيم، كيف لا تقبل التقسيم؟!

مثلاً: الشجاعة من مقولة الكيف، الكرم من مقولة الكيف، الشجاعة لا تقبل التقسيم هناك أشخاص تولد وهي شجاعة تولد وهي جريئة تراها يضرب هذا منذ صغره إنسان جريء عنده ملكة شجاعة وملكة جرئه، الشجاعة هل تقبل التقسيم؟! هذا شجاع عند أصدقاءه وجبان عند أولاده هذا غير صحيح الشجاعة لا تقبل التقسيم يا تكون عنده جرئه مطلقه أو لا تكون عنده جرئه، الشجاعة بإجماع الفلاسفة: كيف لا يقبل التقسيم والتجزئة كيف؟! يا تكون عنده جرئه أو لا، أن كانت جرئه وإقدام موجودة لديه فهو موجود لديه مع الكل وإذا لم تكون موجودة فهي غير موجودة أما معه وليست معه هذه ليست موجودة.

قال الشاعر:

وفي الهيجاء ما جربت نفسي   ولكن  في  الهزيمة  iiكالغزال

نأتي إلى الكرم، الكرم هل يقبل التقسيم؟! ولد حاتم الطائي وهو كريم الكريم قلب معطاة يعطي ولا يفكر في الأموال ولا يفكر في الدنيا يعطي بلا حساب ولا يفكر هذه يسمى كريم بطبعه، الكرم لا يقبل التقسيم هذه كريم على زوجته بخيل على الناس كريم على أصدقاءه بخيل على غيره هذا ليس كريم الكرم عطاء لا يقبل التقسيم والتجزئة، إذن مقولة الكيف لا تقبل التقسيم والتجزئة.

العصمة من مقولة الكيف وليس من مقولة الكم العصمة: حالة نورانية مستندة إلى علم، العلم من مقولة الكيف الحالة النورانية من مقولة الكيف مقولة الكيف لا تقبل التقسيم، إذن هذه الحالة النورانية يا موجودة أو لا أما عنده نورانية في التبليغ وهو مذنب من جهة ثانيه لا، الحالة النورانية المستندة للعلم الدني المعبر عنه بالعصمة أما أن تكون موجودة أو غير موجودة متى ما ملك العلم وانكشفت له الحقائق هذا يسمى انكشاف عالم الملكوت قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أما أن يكون عنده هذا الانكشاف أو لا بمجرد أن يكون لشخص علم لدني يعني انكشف له الحقائق في مجال التبليغ وانكشفت له الحقائق في مجال السلوك، متى ما كان عنده علم لدني فقد اكتشفت حقائق الأفعال وإذا اكتشف حقائق الأفعال اكتشاف وجداني أصبح نوراني بنور العصمة من غير تجزئة ولا تقسيم.

ما فرق بين التبليغ والسلوك؟! التبليغ هو سلوك كذلك، لا تقبل العصمة التقسيم من حيث المعصية ومن حيث الخطأ ومن حيت النسيان كيف؟!

قلنا هناك فرق بين العلم الحصولي والعلم الحضوري، العلم الحصولي يمكن أن يحدث معه خطأ ونسيان ولكن العلم الحضوري لا يعقل معه الخطأ والنسيان، مثلاً: الآن أنا اعلم بمعلومات رياضية علمي بالرياضيات علم حصولي يمكن أحياناَ أخطئ ويمكن أحياناً أنسي لأنها صوره وقد تغيب الصورة عن دهني العلم الحصولي يقبل عروض الخطأ والنسيان ولكن العلم الحضوري لا يقبل، علمي بنفسي هل يقبل الخطأ؟! شفت شخص يوم من الأيام أخطأ وقال ليس أنا، أنا يمكن إنسان ثاني، أو شخص ينسى نفسه، ولأنه علم الإنسان بنفسه علم حضوري وجداني لذلك لا يقبل الخطأ ولا يقبل النسيان علم المعصوم بحقائق الفضائل والرذائل والطاعات والمعاصي علم وجداني وجودي شهودي والعلم الحضوري الشهودي لا قبل عروض الخطأ والنسيان هذه قواعد فلسفيه مسلمه.

إذن بمجرد أن نرجع العصمة إلى حالة نورانية مستندة إلى علم لدني بالحقائق وانكشاف في عالم الملكوت فهذه العصمة لا تقبل التقسيم ولا التبعيض لا من حيث التبليغ والسلوك ولا من حيث المعصية والخطأ والنسيان عصمة مطلقة قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى «3» إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىوقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا.

”أكتب فما صدر من فيّ إلا الحق“ عبدالله بن عمرو بن العاص، عمرو بن العاص تزوج وهو صغير أنجب ولد أسمه عبد الله شاف الرسول وعاش مع الرسول وليس عمر بن العاص، عبدالله عمروا بن العاص يكتب كل ما يقوله الرسول يكتبه أتت له جماعة وقالت له أنت كل ما يقوله الرسول تكتبه؟! هذا مجرد بشر والبشر يغلط وينسئ، أتي إلى النبي وقال يا رسول الله يقولون لي كيف تكتب كل ما يقوله وهو بشر يرضى ويغضب، قال: أكتب عني كل ما أقول فوالله ”أكتب فما صدر من فيّ إلا الحق“.

الأمر الثالث: هل العصمة تمنع المعصية أو لا تمنع المعصية؟!

الفلاسفة يقولون: فرق بين الإمكان الذاتي والإمكان الوقوعي، هناك أشياء ممكن في حد ذاتها ولكنها لا تقع مع أنها ممكنه ولكنها لا تقع، لا تقع لوجود مانع لوقوعها كيف؟!

أمثلة:

المثال الأول: الإنسان بما هو إنسان يمكن أن يكون لوهنه أبيض وأسود أو لا؟! قبل لا يولد يمكن أن تقول ولد فلان يكون أن يأتي ملون بلون أبيض ويمكن أن يأتي ملون بلون أسود شي ممكن في حد ذاته ولكن متى ما انحدرت نطفته من أبوين أسودين يخرج أسود هو ممكن في حد ذاته ولكن منع مانع خارجي وهو انحداره من نظفه أبوين أسودين، إذن هذا الشيء ممكن بالإمكان الذاتي ولكن غير ممكن بالإمكان الوقوعي لوجود مانع من تحققه.

المثال الثاني: أنا ممكن أن أشرب القاذورات صح أنا كإنسان يمكن أن أشرب القذرات اشرب البول ارب الدم اشرب الأوساخ كإنسان يمكن ولكن بما أني عاقل ملتفت إلى خطر هذه القذرات فلا يمكن أن يصدر مني الشرب، الشراب للقذرات ممكن في ذاته لكن بوجود مانع وهو العقل والتفات لم يتحقق في الخارج فهو ممكن بالإمكان الذاتي ولكنه غير ممكن بالإمكان الوقوعي.

نفس الكلام بالنسبة للإمام المعصوم كيف؟! المعصوم بما هو بشر غير بما هو معصوم، إذا تلاحظ علي أو الحسن أو الحسين أي واحد من الأئمة إذا لاحظته كبشر تقول يمكن أن يصدر منه المعصية لأنه كبشر له نفس وعنده عقل وعنده شهوة إذا لوحظ المعصوم بشر يمكن أن تصدر منه المعصية هذه نسميه بالإمكان الذاتي لكن إذا لحطنه بما هو معصوم وليس بما هو بشر عنده علم حضوري بحقائق الفضائل والرذائل بما هو معصوم لا يقل أن يصدر منه معصية لأن ذلك خلف العصمة لا يجتمع كونه معصوم مع كونه مذنب وعاصي، إذن بالإمكان الذاتي يمكن أن تصدر منه المعصية لأنه بشر ولكن بالإمكان الوقوعي لا يمكن أن تصدر منه المعصية لوجود هذا العلم الذي عجله مقبل على الطاعات وينفر من المعاصي ينصرف عن الطاعات وينصرف إلى الطاعات وينصرف عن المعاصي.

لذلك القرآن عندما يتحدث عنهم يتحدث عنهم بما هم بشر يقول:: ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ «87» ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَوقال في آية ثانية: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَوقال في آية ثالثة: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ «44» لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ.

إذن أنا أنصح أي إنسان يريد أن يتكلم عن العصمة أو يدرس العصمة يفهمها زين هذه بحوث فلسفية مبنية على قواعد مبنية على تحليل لابد من الدراسة والاستيعاب وفهم الأفكار وبعد ذلك تكلم.

المحور الثالث: القيمة السلوكية لمبدأ الصدق.

نحن نحتاج إلى الصدق نحن نحتاج إلى المدرس الصادق إلى الطبيب الصادق إلى رجل الدين الصادق إلى الأب الصادق نحن نحتاج إلى الصدق في تمام المجلات المدرس الصادق: هو المدرس الذي يشعر بأن التدريس مسؤولية لذلك يفرغ وقته وجهده في سبيل تربية الطالب ولا يتعامل مع الطالب معاملة وظيفة آلية ميكانيكية، المدرس الذي يتعامل مع الطالب معاملة آلية وظيفية يكذب على نفسه وهو يعرف أنه يكذب على نفسه لأنه لا يؤدي رسالة التدريس كما طلبت منه التدريس رسالة إنسانية وليس وظيفة تقابل بالأجر.

نحن نحتاج إلى الطبيب الصادق: الطبيب الصادق يخلص للمريض يفرغ وقته لتشخيص المريض لتحديد العلاج بطريقة دقيقة كي لا يخطئ هذا طبيب صادق لأنه يشعر أن الطب مسؤولية إنسانية، أما الطبيب الذي يكذب على نفسه يتعامل مع المريض معاملة تجارية وليست معاملة رساليه.

رجل الدين الصادق: هو الذي إذا صعد المنبر في المأتم أو المسجد تحرى المعلومات الصحيحة واتعب نفسه في إيصال المعلومة الصحيحة إلى المستمع لكي يشعر أنه أدى الرسالة التي طلبها الله منه وإلا قال تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.

نحن نحتاج إلى الصدق المدرس إذا التزم بالأمانة فهو مدرس صادق الطبيب رجل الدين إذا التزم بأمانة العلم وأوصل العلم من مصادره الموثوقه الصحيحة كان صادق مع نفسه وصادق مع رسالته، نحن نحتاج إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا.

حتى الصداقة بعض الصداقات صادقة هناك صديق صادق وهناك صديق كاذب، هناك صديق يقف معك في الشدة والرخاء ويقف مع في أحزانك وآلامك وأفراحك ولا يطلب منك أجر ولا مقابل هذا صديق يتعامل بصدق، وهناك صديق ما دام المصلحة موجودة يبتسم ويجلس ويعاشر وإذا انتهت يقول لك مع السلامة؟!

الإمام زين العابدين يقول لأبنه الباقر: ”يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. فقال: يا أبت من هم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب، فإنه بمنزلة السراب، يقرب البعيد، ويبعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق، فإنه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك، وإياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله“

عندما نريد أن نتعرف عن أهمية الصدق نتعرض إلى أخطار الكذب علماء الصحة النفسية يقولون الكذب مرض خطير بعض الآباء مع الأسف عندما يرون أبنه يكذب يضحك هذا مرض في بداية مرض، هذا الأب عندنا يرى أبنه محموم عنده حمى ترى الأب يقلق لازم اذهب معه المستشفى ولازم أخفض الحرارة هذا مثل ذاك المرض بل أشد من «مرض الكذب أشد من مرض الحمى» لابد أن يلتفت الأب لعلاج هذا المرض واستئصاله نحاول أن نستئصاله قبل أن ينمو، الكذب إذا تحول إلى مرض لا علاج له كما وردعن النبي محمد : ”من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه“.

قال الشاعر:

لي حيلة ٌ في من iiينمُّ

من كان يحلفُ ما يقولُ

 
وليسَ في الكذّاب iiحِيله

فحيلتي     فيهِ    iiقليله

ولذلك ورد في الحديث عن النبي : ”رحم الله من أعان ولده على برّه. يقبل ميسورة، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به“ هذا الطفل لبنه رقيقه تعامل معه بألطف إذا أتي يوم بعمل جيد أمدحه أعطيه الجائزة وإذا يوم أخطئ حاول أن تؤنبه بطريقة بحيث لا تجهده، بعض الآباء عندهم أعمال طيبه مثل باب قوم صلي باب روح معي المسجد صلي باب صليت أو ما صليت هذا طيب ولكن لا يشعر الولد أن الصلاة ثقيلة لأنه متى ما شعر أن الصلاة ثقيلة يصلي أمامه فقط وخلفك لن يصلي حاول أن تحبب له الصلاة ”يقبل ميسورة، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به“

إذن نقول بأن الكذب مرض خطير له أخطار وأضرار:

الخطر الأول: الكذاب تسقط سمعته

الكذب يسقط الرصيد الاجتماعي لسمعت الإنسان ورد عن النبي : ”من كثر كذبه ذهب بهاؤه“، ”وأن الرجل ليكذب حتى يجيء بالصدق فلا يصدق“ بخلاف إذا كان معروف بالصدق بمجرد أن يقول كلمة يقولون هذا الشخص صادق ولا يكذب ولذلك من مقومات وعناصر انتشار الرسالة المحمدية كون النبي محمد الصادق الأمين.

الخطر الثاني: الكذب مفتاح الجرائم.

هناك جرائم كثيرة تتغذى على مائدة الكذب كيف؟!

الإمام الباقر يقول: ”وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذب أشر من الشراب“ الإنسان إذا شرب المسكر يفقد وعيه ويصدر منه جرائم فالشراب مفتاح إلى الجرائم يعتدي على نفسه يعتدي على الناس يعتدي على أموالهم يعتدي على أعراضهم الشراب مفتاح جرائم، الكذب أكثر مصدر للجرائم من الشراب كيف؟!

هناك جرائم كثيرة مصدرها الكذب الغش في التجارة من أين مصدره؟ الكذب، المكر والخداع بالناس من أين مصدره؟ الكذب نقض العهود والمواثيق من أين مصدره الكذب، الرياء وهو ظلم نفسه أين مصدره؟ الكذب كلها جرائم مصدرها الكذب، الكذب يرتكب هذه الجرائم كلها ينقض العهود ينقض المواثيق يمكر بالناس يغش بالناس الكذب مفتاح إلى جرائم كثيرة.

الخطر الثالث: الكذاب يعيش مرض ازدواجية الشخصية.

الكذاب يعيش مرض ازدواجية الشخصية كيف؟! أمام الناس متدين مطيع ولكن خلف الستار عنده معاصي علاقات غير مشروعة فهو يكذب في سلوكه يعيش ازدواجية الشخصية شخصية للناس وشخصية للواقع شخصية ظاهريه شخصية واقعية ”بئس العبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهداً ويأكله غائباً“ الكذاب يعيش مرض ازدواجية الشخصية تراه خارج الأسرة إنسان خلوق ملائكي ولمكن في الأسرة إنسان متوحش سيء الخلق مع زوجته سيء الخلق مع أولاده هذا يعيش مرض الكذب والكذب مرض ازدواجه الشخصية لذلك عن الإمام الرضا سأل رسول الله : ”أيكون المؤمن جبان؟! قال: نعم، أيكون المؤمن بخيل؟! قال: نعم، أيكون المؤمن كذاب؟! قال: لا“ الكذب يعني ازدواجية الشخصية فلا يجتمع مع الأيمان.

جاء رجلاً إلى رسول الله قال: ”يا رسول الله أنا أزني أشرب الخمر أعق والدي أكذب فأي الذنوب أتوب عنه؟! قال توب عن الكذب“ رج من عند الرسول أرد أن يزني تذكر كلمة الرسول لا تكذب قال أن زنيت ثم ظهرت ورآني الناس وقالوا لي زنيت أم لا أن قلت لا فقد كذبت يعني إذن الزنا يرجع إلى الكذب أرد أن يشرب الخمر تذكر كلمة النبي لا تكذب قال أن شربت الخمر وخرجت للناس وظنوا أني سليم فقد كذبت على الناس إذن اضطر إلى ترك الخمر حتى لا أكذب لا تكذب أصبحت مفتاح لطاعة والكذب مفتاح للمعصية.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين