النبي (ص) وَالمهدي «عج»

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

أمنا بالله صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث عن محاور ثالثة:

عن الحقيقة المحمدية والرحمة، وعن مظاهر الرحمة المحمدية في شخصية الإمام المهدي وعن دولة الرحمة التي يقيمها المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف». فهنا محاور ثلاث.

المحور الأول: ما معنى الحقيقة المحمدية؟!

حتى نفهم هذا المصطلح نذكر أمور ثلاثة:

الأمر الأول: كما يقول الفلاسفة: كل موجود يمر بمرحلتين من الوجود:

  1. الوجود الإجمالي.
  2. الوجود التفصيلي.

مثلاً الآن الشجرة المثمرة هذه الشجرة المثمرة وجود تفصيلي ساق وأغصان وثمار، لكن هذه الشجرة المثمرة كانت موجودة قبل هذا الوجود بوجود أخر هذه الشجرة المثمرة كانت موجودة وجود أجمالي مختصر في البذرة، البذرة هي شجرة لكن البدرة وجود إجمالي لشجرة فهذه الشجرة كانت موجودة وجود إجمالي ضمن البذرة تحولت إلى وجود تفصيلي إلى شجرة مثمرة معطاء إذاً مرة بمرحلتين وجود إجمالي في البذرة ووجود تفصيلي من خلال الشجرة، هذا الإنسان العملاق الذي غزى الفضاء سيطر على الكون هذا الإنسان العملاق قبل أن يوجد بوجوده التفصيلي كان موجود بوجود إجمالي أين كان؟! هذا الإنسان كله كان مختصر ضمن نطفة، نطفة قذرة كل الإنسان كان موجود ضمن نطفة، كيف تأخذ سيدي في فلم؟! هذا ألسيدي وجود إجمالي تضعه على الشاشة يتحول إلى وجود تفصيلي إلى فلم كامل متسلسل هذا الإنسان كان كله مختصر ضمن نطفة قذرة فكان موجود وجود إجمالي ضمن النطفة تحول الآن إلى وجود تفصيلي جسد وعقل ومشاعر:

ما بال من أوله نطفة   وجيفة   آخره   iiيفخر

حتى القرآن لاحظ القرآن الكريم مر بمرحلتين: مرحلة وجود أجمالي. ومرحلة وجود تفصيلي.

هذه القرآن الذي نقرأه الآن وجود تفصيلي وسور وآيات وأوامر ونواهي لكن هذا الوجود التفصيلي للقرآن كان مختصر كان له وجود إجمالي مختصر في الكتاب المكنون القرآن الكريم نفسه يفصح عن هذه الحقيقة يقول: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍوقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ «77» فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ «78» لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ.

إذاً الإنسان مر بوجوديين وجود أجمالي وتفصيلي، الشجرة مرة بوجوديين وجود أجمالي وتفصيلي الإنسان القرآن الكريم مر بوجوديين وجود أجمالي وتفصيلي فكل شي مر بوجوديين وجود إجمالي ووجود تفصيلي هذا المعنى تصرح تصرح به القرآن أقرأ قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍبمعنى موجود كنت أنا في الخزانة ثم صرت موجود على الأرض عندما كنت في الخزائن كان وجود إجمالي عندما صرت على الأرض صار وجودي تفصيلي كل موجود كان له وجود مختصر ضمن خزائن الغيب ضمن خزائن رحمة الله قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ، وقال في آية أخرى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍوضعنا له حدود وقدر بعد ذلك أنزلناه إلى عالم الوجود المادي.

أيضاً هذا الوجود هذا الكون كله من أصفر ذرة إلى أعظم مجرة بسمواته بأرضيه بنجومه بشموسه هذا الكون كله كان ملفوف كان موجود وجود أجمالي قبل أن يوجد وجود تفصيلي هذا الكون كله مر بمرحلتين:

مرحلة وجود إجمالي مختصر يسمى «بالفيض الأقدس» بتعبير الفلاسفة ثم تحول إلى وجود تفصيلي أصبح سماء وأرض وشمس وقمر وإنسان وجماد وحيوان ونبات وسمي بالفيض المقدس، الكون كله مر بوجود إجمالي وهو الفيض الأقدس وتحول إلى وجود تفصيلي وهو الفيض المقدس هذا من أين نعرفه؟! لم يأتي به الفلاسفة من رأسهم من القرآن نفسه القرآن يقول يعبر عن وجوديين أجمالي وتفصيلي قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَا هُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍكان وجود أجمالي أصبح وجود تفصيلي، وهذا الوجود الإجمالي الذي تحول إلى وجود تفصيلي نحن قلنا الوجود الإجمالي هو الفيض الأقدس تحول إلى وجود تفصيلي سمي «الفيض المقدس» بعد ذلك ماذا سوف يصبح؟! يرجع مرة ثانية هذا الوجود كله سيعود يوم القيامة مرة أخرى إلى الوجود الإجمالي المختصر من أين نعرف هذا؟! من قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كل هذا الكون نطويه بعضه على بعض كما يطوى الكتاب﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ.

إذاً الكون مر بمرحلة الوجود الإجمالي ويسمى «بالفيض الأقدس» تحول إلى وجود تفصيلي يسمى «الفيض المقدس» يعود للوجود الإجمالي مرة أخرى قال تعالى: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

الأمر الثاني: في روايتنا هذا لا يختص بالأمامية حتى الإمام أحمد بن حبل ذكر هذه الروايات في تراثنا الإسلامي شيء يسمى «بعالم الأنوار» ماذا يعني عالم الأنوار؟! عالم الأنوار بمعنى أن الله خلق محمد وآل محمد من نور قبل أن يخلق الكون قبل أن يخلق الوجود المادي ”أن الله خلق نوري ونور علي قبل أن يخلق الكون بألفين عام وأنت تقرى في زيارة الجامعة“ خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ”في زيارة الإمام الحسين“ أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام الطاهرة"عالم الأنوار ماذا يعني؟!

عالم الأنوار هو الذي سميناه «الفيض الأقدس» هو الذي سميناه «الوجود الإجمالي» نحن تحدثنا في الأمر الأول أن هناك «وجود إجمالي» أن هذا الكون كله كان موجود مادة مختصرة مجمله هذا الوجود الإجمالي للكون هو نور محمد وآل محمد إذاً أولاً خلق الله المادة ألنوريه المسماة بنوري محمد وآل محمد المسماة بالوجود الإجمالي المسماة «بالفيض الأقدس» خلقها أولا ثم أفضا منها الوجود كله فتحول الوجود بتلك المادة ألنوريه إلى وجود تفصلي هذا هو الحقيقة المحمدية إذا تقرى في كتبنا الحقيقة المحمدية هو هذه الحقيقة المحمدية يعني أنهم كانوا نور أفيض منه الوجود خلق منه الوجود المحقق الأصفهاني أستاذ سيدنا الإمام الخوئي «قدس سرهما» يقول في حق النبي :

أشرقت  الشمس  من  غير iiحاجبي

وقد    تجلّى   من   سماء   العظمه

 
من مشرق الواجب من غير واجبي

من   عالم   الأسماء  اسمى  iiكَلِمَهْ

إذاً عرفنا أن الحقيقية المحمدية الوجود الإجمالي وبما أن الوجود الإجمالي هو الرحمة لأنه الرحمة هي الوجود قال تبارك وتعالى: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىالرحمة هي الوجود نعرف أن الحقيقة المحمدية هي: الرحمة العامة، إذاً وصلنا إلى معنى الآية﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَأي مسلم أطرح عليه هذه الآية ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَما هي علاقة محمد بالعالمين؟!

محمد أرسل على الأرض هو بشر يعيش على الأرض أرسل للمجتمع البشري ما هي علاقته بالعالمين؟! الآية تقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ما هي علاقة محمد بالعالمين؟! العالمين يعني عالم السماء، عالم الأرض، عالم الجن، عالم الملائكة، عالم النبات، عالم الجماد عالم الحيوان ما هو رابط محمد بالعوالم كلها؟! هو بشر خلق على الأرض وأرسل إلى المجتمع البشري، ما هي علاقته بالعالمين؟!

أي مسلم لن يستطيع تفسير الآية إلا على ضوء المعنى الذي ذكرناه وهو الحقيقة المحمدية إنما كان النبي رحمة للعالمين لأنه النبي نور خلق قبل الكون لأنه النبي هو الوجود الإجمالي والفيض الأقدس الذي خلق قبل الكون ومنه وجد الكون ومنه أوجد الكون وأفيض الكون لذلك كان النبي﴿رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَلجميع العالمين هذا الأمر الثاني.

الأمر الثالث: يقولوا علماء العرفان «لكل حقيقة رقيقة» ما معنى «لكل حقيقة رقيقة»؟! يعني لكل حقيقة مدد نبع يمدها وذلك النبع الذي يمدها هو الرقيقة كيف؟! بمعنى هذا المصباح الموجود أمامي هذا حقيقة لكن الرقيقة هو المدد الذي يمده بالضوء وهو الطاقة الكهربائية إذاً هذا المصبح حقيقة رقيقته الطاقة الكهربائية التي تمده بالضوء والنور كل حقيقة لها رققيه يعني لها مدد لها نبع الله تبارك وتعالى يقول في آية النور: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ «هذه كله حقيقة» الآن أتينا إلى الرقيقة: يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ «الشجرة هي النبع إذاً هي الرقيقة» مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء اللهم أهدنا لنور محمد وآل محمد، فمحمد ليس شخص عادي محمد ليس بشر عادي مثل بعض كتب أخواننا أهل السنة محمد يركض مع زوجته ويحك المني من ثوبه ونام عن صلاة الصبح «لا» محمد هو الرحمة العامة للعالمين جميعا محمد هو الوجود والفيض الأقدس الذي سبق هذا الكون وأفيض منه هذا الكون هذه هي الحقيقة ولكن من يشعر برقيقة هذه الحقيقة؟! ومن يصل إلى رقيقة هذه الحقيقة ومن يشعر بطعم النور المحمدي ومن يشعر بلذة النور المحمدي الذي يشعر به خواص من الناس وهم المحسنون قالت الآية المباركة: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَوقال تبارك وتعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ.

المحور الثاني:

عندنا حديث معتبر موجود في كتبنا يلفت الانتباه إذا قراناه ورد عن النبي أنه قال: ”أولنا محمد أوسطنا محمد أخرنا محمد“ أي شخص يقرأ الحديث ربما يتصور أن النبي يعدد أسماء يريد أن يقول للناس أول شخص أسمه محمد في الوسط محمد «لا» ليس الحديث بيان للأسماء إنما الحديث بيان لمراحل الحقيقة المحمدية أن الحقيقة المحمدية نور يمر بمراحل هذا النور له مبدأ له وسط له منتهى مبدأ هذا النور الذي سرى نزل من السماء إلى الأرض مبدأ هذا النور هو المصطفى لأنه هو الذي بدر بدرة الدعوة ووسط هذا النور الإمام الباقر الذي بقر العلم بقراَ لماذا نخص الإمام الباقر؟! لأنه على يده تأسست دعائم المذهب الإمام الباقر هو أول إمام أعطيت له الفرصة أن يرسي دعائم المذهب وأن يشيد أسس الفكر ألإمامي الإمام الباقر.

إذاً وسطنا محمد والمنتهى هو الذي يحقق الدولة التامة ويحقق العدالة التامة على الأرض كلها وهو الذي بيده تظهر ثمرة جهود الأنبياء وجهود المرسلين وتضحيات الأولياء والأوصياء قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَإذاً الأخير هو الذي يحقق الثمرة المطلوبة وأخرنا محمد.

من هنا نعرف أن المنتظر هو امتداد لجده المصطفى وصورة أخرى عن جده المصطفى فكما كان النبي رحمة للعالمين المنتظر أيضاً رحمة للعالمين كما كان النبي قطعة من الرحمة المهدي أيضاَ قطعة من الرحمة.

المحور الثاني: مظاهر الرحمة المحمدية في شخصية الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، هناك ثلاثة مظاهر:

المظهر الأول: خلق الرحمة.

النبي كان قطعة من الرحمة خلقه رحمة القرآن الكريم يقول: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ كان قطعة من التواضع قطعة من البسمة قطعة من الجدب قطعة من الألفة والمحبة «صلوات الله عليه وآله» القرآن يصف خلقه قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍهذه الصورة التي تحدث عنها القرآن الصورة الجميلة الرائعة لشخصية النبي نفسها تتصور وتتجسد في المهدي المنتظر بعضهم يتصور أن المهدي إنسان عابس إنسان عنيف «لا» المهدي كجده رسول الله صورة مبتسمة صورة جذابة صورة ملئها التواضع وملئها الخلق الجذاب تماماً كجده رسول الله لذلك ورد في الرواية المعتبرة عن الصادق : ”يسير في الناس كسيرة جدة رسول الله رؤؤف بالمؤمنين شديد على الكافرين“ وفي الرواية عن الصادق في تفسير قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ قال الإمام الصادق هم المهدي وأصحابه، إذاُ المهدي قطعة من الرحمة قطعة من الحنان والرأفة مثال لجدة المصطفى .

المظهر الثاني: المجتمع الأخوي.

أنت من تقرأ كتب المستشرقين، من هم المستشرقين؟! هم جماعة من الغرب مسيحيين دخلوا بلاد الإسلام وتتبعوا الآثار أثار الإسلام وكتبوا عن الإسلام، المستشرقون طعنوا في النبي في كل شيء إلا شيء واحد المستشرقون والمفكرون الغربيون وقفوا موقف الإجلال والعظمة في شيء واحد من صفات النبي تعجبوا من هذه الصفة أعتبرها كثير من المستشرقين أعجاز لم يسبق به النبي بمعنى «أن هذا الإعجاز لم يسبق النبي أحد ولم يلحق به أحد» ما هو؟!

أن النبي استطاع في فترة وجيزة أن يحول المجتمع المدني إلى مجتمع أخوي كيف يتحول المجتمع إلى مجتمع أخوي؟! هذا ليس أسرة تحولها إلى أخوه هذا مجتمع كله تستطيع أن تحوله إلى أسرة واحدة؟! صعب المجتمع المدني الذي كان قبائل متناحرة وقبائل متقاتلة حوله النبي في فترة وجيزة إلى أخوة يملئهم الحب والوفاء المجتمع المدني لعله في ذلك الوقت خمسين ألف لعله مئة ألف تحول إلى مجتمع أخوي هذا الإنجاز لم يسبق به النبي ولم يتحقق بعد النبي هذا إنجاز إعجازي للنبي أن حول المجتمع المدني إلى مجتمع أخوي المهدي أيضاَ مجتمعه مجتمع أخوي كما صنع رسول الله القرآن أثنى على ذلك المجتمع الأخوي الذي أقامه النبي قال الفقراء المهاجرين قال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ «8» وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ صورة جداً رائعة الأنصار احتضنوا المهاجرين كل مهاجر جاء فقير أحتضنه أهل المدينة وفروا له السكن وفروا له الأموال وفروا له فرصة العمل اعتبروه أخ وحبيب هل هذا يحصل في زماننا هل يحصل في زماننا أن يحتضن مجتمع مجتمع أخر ويوفر له السكن المجاني ويفر له فرصة العمل مجاناً ويوفر له المال مجاناً ويوفر ذلك له لا بدافع الحياء والخجل بل بدافع المحبة والأخوة ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ.

كيف استطاع رسول الله أن يحول هذا المجتمع إلى هذا المجتمع الأخوي؟! هذه معجزة لرسول الله لم يسبق بها ولم يلحق بها هذا المجتمع الأخوي هو الذي يؤسسه المهدي عند خروجه المجتمع الذي يؤسسه المهدي عند خروجه مجتمع يقوم على عنصريين:

  1. عنصر المحبة.
  2. عنصر التكافل الاجتماعي. كلاً يكفل الأخر.

نحن جميعاً مشتاقون إلى المجتمع المهدوي لكننا ندعو دائما ”اللهم أجعلنا من أنصاره وأعوانه“، ”اللهم عجل فرجه“، ”اللهم أرنا ذلك اليوم العظيم“ لكن المهدي يقول لنا إذا أردتم أم تروا يومي فعليكم أن تعدوا أنفسكم لأن تكونوا مجتمع أخوي لا يمكن لنا أن نكون من أنصاره وأعوانه حتى نكون مجتمع أخوي نتبادل المحبة رغم اختلافاتنا ونتبادل التكافل الاجتماعي رغم اختلافاتنا إذا صرنا بهذه الدرجة صرنا مؤهلين لأن نكون من أنصاره وأعوانه صرنا مؤهلين لأن نكون من المجتمع المهدوي.

جاء محمد بن علي الخرساني إلى الإمام الصادق قال: أنت جالس في بيتك لماذا لا تنهض بالسيف عندك مئة آلف من شيعتكم في خرسان ألتفت إليه الإمام الصادق قال: ”أسالك عن المائة ألف من الشيعة هل بلغ بهم الأمر أن يعطف غنيهم على فقيرهم وأن يتجاوز محسنهم عن مسيئهم وأن يضع أحدهم يده في جيب صاحبه ويخرج ما يريد فلا يسأله بلغ الأمر هكذا؟! قال لا قال ليسوا بشيعة إنما الشيعة من يفعل هذا“.

أنصار المهدي وأعوانه وشيعته هم هؤلاء المجتمع الأخوي القائم على عنصر المحبة وعنصر التكافل الاجتماعي فلن نكون من أنصاره حتى نحول أنفسنا من غسيل الاختلافات والتراكمات وأن نحول أنفسنا إلى أنفس متحابة متقاربة متآخية قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وقال تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.

المظهر الثالث: من مظاهر المحمدية التي تجسدت في شخصية المهدي المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» الرحمة العامة:

أرجعوا إلى النبي هل كان النبي رحيم بالمؤمنين فقط؟! «لا» كان النبي رحيم بالمؤمنين وبالكافرين كان النبي رحيم بالمطيعين وبالعصاة البعض يتصور ما دام أنا عاصي المهدي لا يقبلني «لا» يقبلك ويحن عليك وأن كنت عاصي المهدي كجدة رسول الله حنانه ورحمته على العصاة لا تقل رحمته بالمؤمنين وبالمطيعين المهدي فيض من الرحمة علة العصاة وعلى المطيعين كما كان جده رسول الله ، النبي ذهب إلى الطائف يدعوهم للإسلام وخرجوا وقذفوه بالحجارة والأشواك فدميت رجلاه فستند إلى جدار حائط وقال: ”اللهم أهدي قومي فأنهم لا يعلمون“ كان رحيم بالكافرين رحيم بأعدائه كذلك المهدي أيضا هو خلق جده رسول الله هذه ليس في كتبنا حتى في كتب غيرنا، إذا تراجع سنن أبي داود ينقل عن أبي هريرة وعن أبي سعيد الخدري عن النبي محمد ”إلا أبشركم بالمهدي رجل من عترتي من ولد الحسين يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً“ ثم يقول: يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض وتئوب إليه كما تؤب النحل إلى يعسوبها يملؤا قلوب أمة محمد غناء ويسعهم عدله ”وقال في رواية أخرى“ تنعم به أمة محمد كم لم ينعم به أحد مثلها" فالمهدي بشارة والمهدي رحمة والمهدي خلق والمهدي حنان ورأفة على العصاة والمنحرفين فضلاً عن المطيعين والمؤمنين.

المحور الثالث:

هناك شبهة طرحها بعض الأقلام الإسلامية ذكر في هذه الشبهة أن مهدي الشيعة يختلف عن مهدي أهل السنة والجماعة فمن يراجع الروايات الشيعية يجد أن المهدي إنسان دكتاتور إنسان عدواني إنسان مصدر للعنف والبطش والاستئصال لأمة النبي الصورة التي تصورها روايات الأمامية عن المهدي تصور لنا دولة تقوم على السيف والبطش والاستئصال والعنف وبتالي فهذه الدولة التي ينتظرها الشيعة الأمامية هذه الدولة:

أولاً: هي دولة تتنافى مع روح الإسلام لأنه روح الإسلام هو الرحمة قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ بينما دولة المهدي لذا الشيعة دولة تقوم على السيف والبطش والاستئصال فهي تتنافى مع روح الإسلام.

ثانياً: هل من المعقول أن البشرية تنتظر آلف السنين تلك الدولة الخاتمة بكل شوق ولهفة ثم تفاجئه بدولة تقوم على البطش والاستئصال والعدوان لا تبقي ولا تذر.

إذا بالنتيجة: لم يتحقق أمل البشرية وإنما تصاب بالخيبة وتصاب بالخذلان مهدي الشيعة هذا هو إنسان عنيف عدواني إما مهدي أهل السنة والجماعة فهو مصدر الرحمة والعطف هذا الكاتب أعتمد على مجموعة من الروايات الموجودة فعلاً في كتب الشيعة أقرا لك هذه الروايات:

الرواية الأولى: من كتاب البحار لشيخ المجلسي «رحمه الله» الجزء 52صفحة 353رواية زرارة عن أبي عبد لله الصادق قلت له: أيسير بسيرة محمد؟! «بمعنى المهدي إذا خرج يسير على سيرة محمد» قال: هيهات أن رسول الله سارة في أمته باليين كان يتألف الناس والقائم يسير بالقتل بذلك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستثيب أحد أي إنسان يريد أن يتوب يقول: ليس لك توبة أقطعوا رأسه.

الرواية الثانية: عن أبي خديجة أيضا في البحار عن الإمام الصادق أن علي كان يقول: ”لي «بمعنى من صلاحياتي» أن أقتل المولي وأجهز على الجريح ولكن تركت ذلك للعاقبة من أصحابي أن جرحوا لم يقتلوا والقائم له أن يقتل المولي ويجهز على الجريح“ لا توجد رحمة.

الرواية الثالثة: صفحة 354 عن العلا ‘ن أبي جعفر الصادق : ”لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج القائم لأحب أكثرهم ألا يروه، مما يقتل من الناس حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد لو كان من آل محمد لرحمنا“

الرواية الرابعة: عن أبي بصير عن الصادق : ”إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف“

الراوية الخامسة: ذكرها النعماني في كتاب «الغيبة» عن أبي الجارود عن القاسم أبن الوليد عن الحارث أبن الأعور عن الإمام علي قال: ”بأبي أبن خيرة الإماء «يقصد القائم» يسومهم خسفا ويسقيهم بكأس مصبرة فلا يعطيهم إلا السيف هرجاً“

نحن ما موقفنا من هذه الروايات؟!

أولاً: هذه الروايات أغلبها ضعيف السند ورد في طريقها محمد أبن علي الكوفي المكنى بأبي سمينة والشيخ النجاشي شيخ الرجاليين يقول أبو سمينة أشتهر بالكذب وأخرجه أحمد أبن محمد أبن عيسى من أرض قم لكذبه هذا من طرق هذه الروايات، وأيضاً من طرقها محمد أبن علي الهمداني وهو مجهول من طرقها الحسن أبن علي أبن أبي حمزة البطائني وهو ضعيف نص علماء الرجال على ضعفه من طرقها الحسن أبن هارون وهو مجهول من طرقها أبو الجارود «كان رأس الفرقة الجار ودية التي انشقت عن الفرقة الزيديه هو أيضاً مضعف في بعض كتب علم الرجال» إذاً هذه الروايات مبتلاة بضعف السند لا ينبغي أن يعول عليها وأن يستنتج منها مفهوم عن دولة القائم المنتظر «عجل الله تعالى فرجة الشريف.

ثانياً: هذه الروايات معارضة بروايات أصح منها وأكثر منها تظهر لنا روعة دولة القائم وأنها دولة الرحمة ودولة الحنان على الكل المطيع والعاصي أنا أقرأ لك هذه الروايات صحاب البحار أيضاً ذكر الروايات الثانية الروايات الصحية البحار ذكر ضعيف والصحيح السمين والغث ذكر الجميع لاحظوا في عقد الدرر عن الإمام علي : ”أن المهدي يأخذ البيعة من أصحابة «إذا أنت تريد أن تصبح من أصحاب المهدي يؤخذ عليك شروط» يأخذ البيعة من أصحابة على أن لا يسبوا مسلم «حتى السب ممنوع» ولا يقتلوا محرم ولا يهتكوا حريم ولا يهدموا منزل ولا يضربوا أحد إلا بالحق“ هذا نهج المهديأعدى أعداء المهدي من هو؟! السفياني، السفياني رجل من العائلة الأموية يخرج من الشام يسيطر على سوريا ثم يتجه نحو العراق يسيطر على الكوفة وما حولها وعلى بغداد ويبدأ يفني في شيعة أهل البيت وهذا هو الذي يقاتل الإمام المهدي «عجل الله فرجه الشريف».

السفياني أشد أعداء المهدي، لكن كيف تعامل معه المهدي؟!

لاحظوا هذه الروايات يقول في البحار أيضاً: «يسير المهدي إلى السفياني فيأتي قومه فيقول: أخرجوا إليّ أبن عمي حتى أكلمه فيخرج فيكلمه ويسلم إليه الأمر ويبايعه «بمعنى يتراجع السفياني عن منهجه» فإذا رجع السفياني إلى أصحابه ذمته كليب فيرجع فيستقيل من المهدي فيقيله ثم يقاتل الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، إذاً حتى الإمام يبدأ عدوه بحوار مما يدل على أنه شخصية حوارية شخصية منهجها الحوار والرحمة وليس منهجها العنف وقتال.

ويذكر في البحار عن الإمام علي : أن المهدي يستدعي بين يديه كبار اليهود وأحبارهم ورؤساء دين النصارى وعلمائهم ويحضر التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ويجادلهم على كل كتاب لا يقاتلهم أولاً يبين لهم الحقائق ويجادلهم على كل كتاب بمفرده ويطلب منهم تأويله ويعرفهم تبديله. إذاً هو إنسان حواري.

ثالثاً: النصوص الشريفة عينة لنا من هو المستهدف بالقتال المهدي لا يستهدف أحد المهدي قتاله قتال دفاعي وليس قتال هجومي، أتدري من هي الفئة التي ستقاتل المهدي؟! الغرب بيهوده ومسيحيه سيؤمن وسيسلم للمهدي ولن يقاتله الذي سيقاتل المهدي فئة من المسلمين وهي فئة النواصب أغلب أهل الأرض سيسلمون له طوعا لأنه سيظهر بمظهر العلم بمنطق العلم بمنطق المعرفة بمنطق حضاري بمنطق الرأفة والحنان سيسلم له أغلب أهل الأرض طوعا وستقاتله فئة خاصة من المسلمين إلا وهو النواصب، عن الإمام الباقر : ”إذا ظهر القائم خرج إليه قراء أهل الكوفة والبصرة وعلقوا المصاحف على أعناقهم فيقولون لا حاجة لنا فيك أرجع حيث شئت“ وفي بعض الروايات يقبل المهدي على الطائفة المنحرفة فيعضهم ويدعوهم ثلاثا «يعني ثلاثة أيام» فلا يزدادون إلا طغيانا وكفراً ثم يأمر بقتالهم"

إذاً من خلال هذه الملاحظات عرفنا أن دولة المهدي دولة الرحمة دولة الرأفة دولة الحنان وأنها دولة حوارية لا تفرض الدين بالقصر والإكراه وإنما ستنشر الدين بلغة العلم والحوار والمنطق الحضاري وهذه سيرة أبائه وأجداده رسول الله كان إنسان حواري بدأ بالحوار ولم يبدأ القتال وعلي كان إنسان حواري بدأ بالحوار ولم يبدأ القتال والحسين نفسه الحسين لم يكن إنسان عنيف الحسين كان إنسان حواري حاور المقاتلين ووعظهم إلى أخر لحظة من لحظات وجوده الشريف حتى أنه بكى على أعدائه وقال: «أبكي على هؤلاء القوم يدخلون النار بسبب قتلي»، الحسين لم يخرج من المدينة إلى مكة إلى كربلاء بقصد أن يقتل أو يقتل إنما خرج بقصد الإصلاح لكنهم أصروا على قتله وقال: «والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ولو كنت في جحر هامة لتستخرجوني وقتلوني» ثم وقف على جبل الصفا وقال: «كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشاً جوفا وأجربه سغباً لا محيص عن يوم خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين إلا فمن كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فأني راحل فليرحل معنا فأني راحل مصبح بإذن الله»

وصلى الله على محمد وآل محمد