التفاعل مع الغيبة بين اليأس والأمل

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ

آمنا بالله.. صدق الله العلي العظيم

ما هو النور الذي أصرَّ الظالمون والكافرون على إطفائه ولكن الله أتمَّه؟

ورد في الرواية عن المفضل بن عمر عن الصادق : ”﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ قال: هو نور الإمامة ووولاية الإمام ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ أي بولاية قائم آل بيت محمد ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ“ وشاهد ذلك قوله عز وجل: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا فإن هناك إيمانًا بالله وإيمانًا بالنبي وإيمانًا بالنور، والنور الذي هو غير الإيمان بالله وغير الإيمان بالنبي هو نور الإمامة الذي أتمه الله بالمهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف» ولذلك نحن نقرأ في دعاء العهد، هذا الدعاء العظيم الذي ورد في حقه أن من قرأ دعاء العهد أربعين صباحًا جعله الله من أنصار المهدي فإن مات قبله أخرجه الله من قبره «اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ، وَ رَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ» المراد بالنور العظيم في مبدأ الدعاء هو المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف» الذي قال أيضًا عنه في بعض فقراته: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الْمُنِيرِ» ألا هو نور وجه قائم آل محمد ..

إنطلاقًا من الآية المُباركة نتحدث في محاور ثلاثة:

المحور الأول: في العلاقة بين الشخصية النورانية للإمام أو النبي وبين مسألة الإعجاز

النبي أو الإمام شخصيةٌ نورانية، شخصيةٌ يملؤها النور كما في قوله تعالى: ﴿فَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ، وكما قال تبارك وتعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ الإمام أو النبي شخصية نورانية، فما هي علاقة هذه الشخصية النورانية بالإعجاز؟

لاحظوا أن الإعجاز يعتمد على عنصرين: عنصر اكتشاف الأسرار والعلل الحقيقية، وعنصر الإرداة القدسية..

العنصر الأول: اكتشاف الأسرار والعلل الحقيقية

المعصوم إمامًا أو نبيًا ليس وعاءً لظهور المعجزة، قد يظن البعض أن جسم المعصوم مجرد وعاء لظهور المعجزة، مثلاً جسم النبي عيسى كان وعاءً لإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فلا دور للنبي عيسى في ذلك، مجرد أن الله اتخذ جسمه وعاءً وطريقًا للمعجزة لإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى من دون أن يكون لعيسى دور في ذلك وهذا خطأ..

ظاهر القرآن الكريم أن المعجزة فعلٌ للمعصوم نفسه لا أن جسمه مجرد وعاءٍ للمعجزة، فأنا مثلاً عندما أمشي فالمشي فعلي، والمشي فعل ينتسب إلىّ فأقول أنا الذي أمشي وإن كان هذا المشي متوقفًا على إقدار من الله تبارك وتعالى، لولا أن الله تبارك وتعالى أقدرني على المشي لما مشيت ولكن يكون المشي فعلاً لي ومنتسبًا لي، كذلك المعجزة فالمعجزة فعل للمعصوم ومنتسب له وإن كان متوقفًا على إقدار من الله إلا أنه فعله، لاحظوا القرآن الكريم: ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ  يعني عيسى بن مريم  أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم  يعني أنا الذي أخلق وليس أن جسمي وعاء، صحيح أن الله تبارك وتعالى أقدرني لكن أنا الذي أخلق، أعطاني القدرة على الخلق فقمت أنا بالخلق، كما أن الإنسان العادي أعطاه الله القدرة على المشي فهو يقوم بالمشي  أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم  وهذا ما يعبر عنه علماؤنا بالولاية التكوينية أي أن الولاية التكوينية فعل من أفعال المعصوم  أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ..

إذن ليس جسم المعصوم مجرد وعاء والمعصوم آلة معطلة لا دور لها، لا، المعجزة، الآية فعل من أفعال المعصوم كمشيه، ككلامه، كنومه، من جملة أفعاله صدور المعجزة على يده، هذا فعله وإن كان هذا الفعل متوقفًا على إقدار من الله تبارك وتعالى..

صدور المعجزة من المعصوم يتوقف على عنصرين كما ذكرنا: عنصر اكتشاف الأسرار والعلل الحقيقية، كيف عنصراكتشاف الأسرار والعلل الحقيقية؟ المعجزة مُسبَّب ولكل مُسبَّب سبب ويستحيل صدور المعجزة بدون سبب فالمعجزة لها سبب وبما أن المعجزة شيء مادي سببها أيضًا مادي، المعجزة مُسبَّب مادي له سبب مادي..

هناك قاعدة عقلية لا تتخلف ولا تقبل الاستثناء «لكلِّ مُسبَّبٍ سببٌ مِن سِنْخه»، فإذا كان لديك تفاحة فسببها بذرة تفاح وليست بذرة برتقال، وإذا كان لديك حيوان أيضًا شاة سببها شاة أخرى وليس حِمار أو حصان «لكلِّ مسبَّبٍ سببٌ ماديٌ يُسانِخه» وعبر عنه بقاعدة: «السنخية بين العلة والمعلول» وهذه قاعدة عقلية لا تتخلف..

إذن المعجزة وإن كانت معجزة هي مسبَّب مادي فله سبب مادي، لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ أي شيء ينزل إلى عالم المادة لا ينزل إلا بقدر، ماذا يعني قدر؟ يعني يُحدَّد علَّته وسببه وأثره وثمراته، لا ينزل شيءُ إلأى عالم المادة إلا وقد حُدِّد ما هي علته وما هو سببه وما هو الأثر المترتب عليه ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى إذًا لكل شي قدر ومن جملة قدره سببه، فإذا كان ماديًا فسببه مادي، إذًا المعجزة بما أنها شيء مادي، إبراء الأكمه والأبرص، إحياء الموتى، طيّ الأرض، هذه كلها أمور مادية، إذًا لها سببٌ مادي..

غاية الأمر لكلِّ مسبَّب سبب ظاهري وسبب واقعي والبشر العادي لا يلتفت إلا للسبب الظاهري ولا يلتفت إلى السبب الواقعي، والمعصوم لأنه كُشفت له أسرار الطبيعة وأسرار الكون يصل إلى السبب الواقعي دون السبب الظاهري فهو لا يحتاج إلى السبب الظاهري، ونضرب لكم مثالاً واضحًا:

وجود الجنين في رحم أمه أنه مسبَّب مادي وله سبب مادي أيضًا، السبب المادي الظاهري هو التلاقح بين الحويمن المنوي وبويضة المرأة، نحن لأننا لم نصل إلى الأسرار الواقعية نسير على السبب الظاهر فلو سُئلنا كيف يُولد الجنين، كيف يُخلق الجنين في بطن أمه؟ لأجبنا إن سببه التلاقح بين الحويمن والبويضة فنطرح السبب الظاهري الذي جرت عليه نواميس الطبيعة..

المعصوم يكتشف سبب واقعي لهذا المُسبَّب نحن نصل إليه، المعصوم يقول هناك سبب واقعي وراء هذا السبب الظاهري وهو أن جسم المرأة فيه الخلية التي تملك الاستعداد لأن تقوم بدور التلقيح بين الحويمن والبويضة، إذا كان فيها هذا الاستعداد تقوم بهذا الدور من دون حاجة إلى حويمن ومنها يمكن خلق الجنين في بطن أمه..

إذن ما هو الفرق بين المعصوم وغيره لكي يكون فعل المعصوم معجزة؟ الفرق هو أن غير المعصوم التفت إلى السبب الظاهري فمشى عليه أما المعصوم لأنه انكشفت له الأسرار وصل إلى السبب الواقعي، يستطيع المعصوم أن يُوجد الجنين في بطن أمه من دون حاجة للسبب الظاهري اعتمادًا على السبب الواقعي، إذًا المعجزة مُسبَّب له سبب وذاك السبب مادي أيضًا، ولكن ذلك السبب المادي سبب واقعي لا يكتشفه إلا من أعطي علمًا من الكتاب، إلا من أعطي علمًا بأسرار الكون وأسرار الطبيعة..

العنصر الثاني: عنصر الإرادة القدسية

وهنا يتبين لنا العلاقة بين الشخصية النورانية للمعصوم وبين المعجزة التي نسميها بالولاية الكونية، كيف؟ ربما يقول قائل إذا كان المؤثر في المعجزة هو العلم فكلما تقدم العلم سوف يصل إلى الأسرار وبالنتيجة بعد ما يتقدم العلم  بعد ألف سنة مثلاً  فلن يصبح معجزة، لماذا؟ لأن الأسباب المادية الواقعية سيتوصل إليها العلم، فإذا توصل إليها العلم سيتوصل علماء الطبيعة إلى نفس المعاجز التي توصل إليها الأنبياء السابقون وحينئذٍ ستكون المعجزة أمر نسبي، يعني إحياء الموتى كانت معجزة في زمن عيسى لكن بعد ألفين سنة إذا اكتشف العلم السبب المادي الواقعي لإعادة الميِّت حيًا ستصبح معجزة عيسى أمر طبيعي وليست معجزة، لماذا؟ لأن العلم اكتشف العلة الواقعية لهذه المعجزة، إذن المعجزة أمر نسبي يختلف باختلاف الأزمنة، ربما يقول قائل لا، والجواب:

المعجزة تحتاج عنصر آخر غير العلم ألا وهو الإرادة القدسية، لأن المعصوم شخصية نورانية فانية في الله، متصلة بالله، لأنه كذلك فهو يمتلك عنصر آخر مضاف إلى العلم ألا وهو الإرداة القدسية، هذه الإرادة القدسية مظهر لإرادة الله عز وجل كما في قول الإمام الحسين : «إن شئنا شاء الله ولا نشاء إلا أن يشاء الله» أو قول النبي في حق ابنته فاطمة: «يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها» بمعنى أنها تمتلك إرادة قدسية، وإرادتها القدسية مظهرٌ لإرادة الله تبارك وتعالى..

المعصوم يمتلك وراء العلم واكتشاف الأسرار يمتلك عنصر آخر وهو عنصر الإرادة القدسية، ما هو دور الإعجاز؟ طيّ الأسباب، كيف؟ يعني الطبيب مثلاً لو أنه أحاط بعلم الجينوم البشري بمعنى أنه لو اكتشف أسرار الجينات البشرية، إذا اكتشف الطبيب أسرار الجينات الوراثية وصل إلى الأسباب والأسرار، يستطيع أن يغير لون الجنين وهو في الأسبوع الأول من وجوده في رحم أمه، إذا اكتشف أسرار الجينات الوراثية استطاع الطبيب أن يتحكم في الجنين، يُغيِّر لونه، يغير شعره وهو في الأسبوع الأول، هذا ماذا نسميه؟ هل نسميه ولاية تكوينية ومعجزة؟ لا، نسميه ولاية تسمية مجازية، لماذا؟ لأن المعجزة تحتاج إلى إرادة قدسية، والإرادة القدسية دورها طيّ الأسباب، كيف طيّ الأسباب؟ يعني هذا الطبيب لكي يتوصل إلى النتيجة لا بد من أن يرتب مقدمات فهو لا يستطيع مباشرة، فالطبيب لكي يتوصل إلى النتيجة لا بد أن يُعد مقدمات، يقوم بمقدمات مختبرية وبعدة قضايا تجريبية إذا أعدها وصل إلى النتيجة، إذًا ليست لديه إرادة حتى يطوي المقدمات، أما المعصوم فهو يطوي هذه المقدمات كلها بإرادته القدسية طيًا سريعًا، هذه المقدمات التي يأخذ فيها الطبيب يومًا مثلاً حتى يتمكن من التصرف في الجنين، المعصوم يطوي هذه المقدمات بسرعة هائلة في ثانية واحدة فيصل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها الطبيب لكن بإرادة قدسية ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ المعصوم هو مظهرٌ لإرادة الله، إرادة المعصوم هي مظهرٌ لإرادة الله ودور الإرادة هو طيّ الأسباب بسرعة هائلة بحيث يصدر منه الفعل المعجز صدورًا لحظيًا آنيًا..

من هُنا تفترق الولاية التكوينية عن العلم الذي قد يصل إليه علماء الطبيعة، لاحظ الآيات القرآنية تُعبِّر عن هذا  أن الإرادة القدسية دخيلة  يقول القرآن الكريم: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ وقال في آية أخرى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي كيف يغلب؟ يغلب بالإرادة القدسية ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ إذن عرفنا أن الولاية التكوينية والإعجاز يستند إلى عنصرين كما ذكرنا، عنصر العلم وعنصر الإرادة القدسية..

المحور الثاني: هل غيبة الإمام المهدي المنتظر أمر إعجازي أم أمر طبيعي؟

سنطرح في هذا المحور ثلاثة اسئلة ونجيب عنها:

السؤال الأول: هل غيبة الإمام المهدي بحيث لا يعرفه أحد أمرٌ إعجازي أم أنه أمرٌ طبيعي؟ يعني هل يمكن أن يصل إليه الظالمون باعتداء أو أذى أم لا يمكن لأن الغيبة إعجازية؟

لا الغيبة ليست إعجازية بل طبيعية، كيف طبيعية وليست إعجازية؟ ذكرنا في الليالي السابقة أن المهدي يعيش مع الناس، يأكل، يشرب، يسافر، يتزوج، يمرض، يشفى، يتعب، يرتاح، يحزن، يفرح، يعيش مع الناس العيشة الطبيعية تمامًا، الغائب هو عنوانه فقط والناس لا يعرفون أن هذا هو المهدي بن الحسن وإلا فهو مع الناس يعيش بعيشتهم، والروايات تدلنا على ذلك، مثلاً ما ورد عن بعض سفرائه: «إن لصاحب هذا الأمر ليأتي الموسم  يعني الحج  كل سنة، يرى الناس ولا يرونه  يعني لا يرونه بصفته الشخصية  ويعرفهم ولا يعرفونه»..

وفي رواية معتبرة عن الإمام الصادق يقول: «إن للقائم سُنَّة من موسى، وسُنَّة من يوسف، وسُنَّة من عيسى، وسُنَّة من محمد ، فأما سُنَّته من موسى فخائفٌ يترقب  يعني أنه في معرض نيل الظالمين، لو لم يكن في معرض نيل الظالمين لما كان خائفًا يترقب وهذا يعني أن غيبته غيبة طبيعية والظالمون يمكن أن يصلوا إليه ولذلك فهو في حال حذر وفي حال رقابة شديدة  وأما سُنَّته من يوسُف فإن إخوة يوسُف كانوا يبايعونه ويخالطونه ولا يعرفونه  لا يعلمون أنه يوسُف  وكذلك قائم آل بيت محمد يخالطه الناس ولا يعرفونه، وأما سُنَّته من عيسى فهو السياحة يتنقل من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان  لا يستقر في مكان  وأما سُنَّته من النبي فهو السيف  كما ذكرنا محاضرة سابقة تحت عنوان «دولة الرحمة لا دولة العنف» أن المهدي يخوض فترة قتالية مدتها ثمانية أشهر لتطهير الأرض من براثن الكفر والنُصب كما ذكرت الرويات «حتى يملأ الأرض قسطًا وعدلاً»..

إذن غيبة المهدي غيبة طبيعية ويؤكد ذلك الدعاء الذي نقرأه كل ليلة «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ» هذا الدعاء واردٌ عنه وهو الذي علمنا هذا الدعاء: «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً» يعني ندعوا له بالحفظ، فلو كانت غيبته إعجازية ولا يمكن أن يصل إليه الظالمون لما كان هناك حاجة لأن يُدعى له بالحفظ، إذًا غيبته غيبة طبيعية وليست في مأمن من الظالمين والمعتدين لولا دعاء الخُلَّص المؤمنين له بالحفظ..

السؤال الثاني: إذا كانت الغيبة طبيعية فهل الغيبة لعاملٍ بشري أو لتخطيطٍ سماوي؟

الغيبة غيبتان: غيبة صغرى وغيبة كبرى

الغيبة الصغرى: هي التي امتدت 69 سنة، من سنة 260 هـ  إلى سنة 329 هـ ، والغيبة الصغرى كانت غيبة لعاملٍ بشري بمعنى أن المهدي لما هُجم على داره من قِيل الظالمين للبحث عنه اختفى، هذا الاختفاء كان اختفاءً لعاملٍ بشري وهو سلطنة الظالمين عليه، لكنه ظلَّ يتصل بالأمة عبر سفراء أربعة:

  1. عُثمان بن سعيد العمري.
  2. محمد بن عُثمان.
  3. حسين بن روح.
  4. علي بن محمد السُمري.

ثم قطع الاتصال وتحولت الغيبة إلى غيبة كُبرى والغيبة الكبرى تخطيطٌ هادفٌ منه بإرادة سماوية، اتخذ الغيبة التامة وكان بإمكانه أن يبقى على الغيبة الصغرى التي تعتمد على الاتصال بينه وبين الناس عن طريق السفراء سفيرًا بعد سفير، هو الذي قطع مسألة السفارة واتخذ مبدأ الغيبة الكبرى واتخاذه لمبدأ الغيبة الكبرى تخطيط منه تابع لإرادة السماء وليس عملاً بشريًا..

كتب إلى آخر سفير له علي بن محمد السمري: «يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميِّت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصي لأحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة، ولا ظهور إلا بإذن الله وذلك بعد قسوة القلوب وطول الأمد» إذن الغيبة تخطيطٌ هادفٌ سماويٌ من قِبله عجل الله تعالى فرجه الشريف..

السؤال الثالث: هل الإمام في غيبته يمارس دورًا أم أنه معطل ليس له أي دور؟

هل الإمام كالسجين يتنظر أن يُفرج عنه وكالمشرد الذي ينتظر تحصيل المأوى أم أن الإمام في عصر الغيبة يقوم بدور خطير قد لا نلتفت نحن لأبعاده؟

يقوم الإمام بدورٍ خطيرٍ جدًا وهو دور الإعداد لخروجه، كما أن الأمة وظيفتها الإعداد لخروجه وقد شرحنا في الليالي السابقة أن وظيفة الأمة الانتظار كما ورد عن النبي : «أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج» وذكرنا أن الانتظار هو اعداد الأرض لخروجه كذلك وظفته هو أن يُعد الأرض لخروجه، فهو يعمل على الإعداد والأمة تعمل على الإعداد، كيف يعمل على الإعداد لخروجه؟

المهدي له دولة موجودة إلى الآن ودولته ظلية ضمن الدول، في ضمن الدول له دولة ظلية قائمة بالفعل، المهدي له شبكة ممتدة مترامية الأطراف شرقًا وغربًا وآلاف ينتمون لهذه الشبكة ويعملون لحساب هذه الدولة الظلية التي على رأس هرمهما المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولا يقع حادث في الشرق أو في الغرب، في أمريكا، في الصين، في أي مكان إلا ويصل إليه الخبر في نفس المكان نتيجة الشبكة المترامية الأطراف التي تتعامل معه..

قد تكون أنت الشخص العادي من ضمن هذه الشبكة وأنت لا تشعر، لماذا؟ لأن هناك من يُوجهك لفعل معين وأنت لا تدري، وهذا الذي يوجهك قد يكون تحت شخصٍ آخر يوجهه وهو لا يعلم والكل مرتبط بتلك الشبكة المتمادية الأطراف هذه الشبكة عبَّرت عنها النصوص الشريفة:

مثلاً في دعاء أم داوود وهو دعاء عظيم يُقرأ في يوم النصف من شهر رجب المرجب: «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى‌الاَبْدالِ وَالاَوْتادِ وَالسُّيّاحِ وَالعُبّادِ وَالمُخْلِصِينَ وَالزُّهّادِ وَأَهْلِ الجِدِّ وَالاجْتِهادِ» من هم هؤلاء الأبدال والأوتاد؟ هؤلاء رجالٌ موجودون بالفعل يقومون برعاية هذه الدولة الظلية المترامية الأطراف..

وتقرأ في دعاء آخر: «أَبْدَالٌ وَأَوتَادٌ وأَعْضَادٌ وأَشْهَادٌ وَحَفَظَةٌ وَذُوَّادٌ» كل واحدٍ في هذه الشبكة له رتبة، هذا رتبته من الأبدال، هذا رتبته من الأوتاد، هذا رتبته من الحَفَظة، لكلٍ رتبته بحسب علمه وبحسب مقامه السلوكي والعملي، إذن بالنتيجة الإمام يقوم بدور كبير جدًا وهو في حال غيبته ألا وهو دور الإعداد لخروجه..

المحور الثالث: في ألطاف الغيبة

هُناك سؤال يأتي على ذهن كل إنسان، علماء الكلام يقولون اللطف واجبٌ على الله واللطف هو كل فعل يُقرِّب العباد إلى الطاعة ويُبعدهم عن المعصية، كل فعل يُقرِّب العباد إلى الطاعة ويُبعدهم عن المعصية فهو لطف واللطف واجبٌ على الله، لذلك نصب الأئمة لطف فهو واجب على الله، بعث الأنبياء لطف فهو واجب على الله، إنزال الكتب لطف فهو واجب على الله، كل عمل يُقرِّب الناس إلى الطاعة ويُبعدهم عن المعصية فهو واجبٌ على الله، لذلك يقع السؤال:

لماذا لا يُظهر الله الإمام ويجعله يعيش بين الناس إلى أن يأتي اليوم الموعود بحيث يعرف الناس ويعرفونه كما جعل نوحًا في قومه حيث كان موجودًا ومعروفًا بين الناس، كما عاش نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا فلماذا لا يُظهر الله الإمام يعيش بين الناس معروفًا فيتحقق بذلك اللطف من وجوده؟

وبعبارة أخرى: إذا كان الله قادرًا على حفظه وهو غائب فهو قادر على حفظه وهو حاضر، فلماذا لا يُظهره ويعيش بين الناس معروفًا ويقوم بدوره المحدود إلى أن يأذن الله تعالى له بالفرج وإقامة الدولة؟

وبعبارة ثالثة: ما هي ألطاف الغيبة وما هي حِكَم الغيبة؟

هُنا أمور ثلاثة:

الأمر الأول:

كما يقول العلماء يُجاب عن هذا السؤال بالنقض والحل:

أما النقض: فلو أراد الله حفظ المهدي بأن يعيش بين الناس أكثر من ألف سنة محميًا من جور الجائرين وظلم الظالمين لحفِظ الله النبي محمدًا فهو أفضل منه وأشرف المخلوقات، لو أن الله شاء أن يحفظ المهدي من جور الجائرين على سبيل الإعجاز بحيث لا يصل إليه أحد لحفِظ النبي عن جور الجائرين واعتداء المعتدين، مع أن النبي أُعتُدى عليه وظُلم وكُسرت رُباعيته يوم أُحد إلى غير ذلك من المظالم..

وأما الحل: شاءت حكمة الله أن يكون ظهور الدين بالأساليب الطبيعية لا بالأساليب الإعجازية، لماذا؟ لأن الدين والإيمان هو تكامل روحي، والتكامل الروحي لا يتفاعل معه الإنسان إلا إذا وصل إليه عن قناعة واختيار ورضا، والأمر الذي يصل إلينا عن إردة منا وقناعة منا نتفاعل معه، أما الأمر الذي يُفرض علينا بالأساليب الإعجازية لا نتفاعل معه، طبيعة الإنسان هكذا..

بما أن الدين والإيمان تكامل روحي والتكامل الروحي لا يتفاعل معه الإنسان إلا إذا وصل إليه عن إرادة واختيار لذلك شاءت حكمة الله أن لا يكون ظهور الدين بالأساليب الإعجازية وإلا لما تفاعل معه الناس، شاءت حكمة الله أن يكون ظهور دينه بالأساليب الطبيعية التي تخلق تفاعلاً عند الناس، بمعنى بأسلوب الصراع بين الشر والخير، الظالمين والمؤمنين، إذا كان ظهور الدين عبر حركة صراع حينئذٍ يتحقق للدين تفاعل ويتحقق للناس قبول لهذا الدين واختيار لهذا الدين لأنه جاء إليهم عن إرادة منهم، أما لو فُرض عليهم بالأساليب الإعجازية ومن دون صراع بين الظالمين والمؤمنين لم يتفاعل الناس مع حركة الإيمان ومع حركة الدين، لذلك قال تبارك وتعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ، وقال تبارك وتعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ الدين لا يأتي بالإعجاز بل أنت تسعى للدين ﴿قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ..

إذن شاءت حكمته أن يخفي الإمام لأن ظهوره سيعرضه لظلم الظالمين، ولو حفظه من ظلم الظالمين لكان ذلك إعجازًا، وإذا كان إعجازًا صار ظهور الدين بأساليب غير طبيعية وإنما بأساليب إعجازية ﴿لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ..

الأمر الثاني:

هناك حكمة ترجع للإمام نفسه من جهة الغيبة، ماهي الحكمة؟ الحكمة هي التي أشار إليها عجل الله تعالى فرجه الشريف في قوله لسفيره محمد بن عُثمان العمري حيث كتب سفيره له: «ما هو وجه الغيبة» يسأل عن سبب غيبته، فقال الإمام عجل الله فرجه الشريف: «وأما وجه غيبتي فإنه لم يكُن أحدٌ من آبائي إلا وفي عنقه بيعة لطاغية من طواغيت عصره، وأما أنا فأخرج حين أخرج وليس في عنقي بيعة لأحد من الطواغيت» بمعنى أن دوره مختلف عن دور آبائه، فدور آبائه كان دور التعليم والإرشاد والإعداد للدولة الخاتمة، لذلك لم يكن من المنقصة أن يُجبر أحد من آبائه على بيعة طاغية زمانه وأن يُكره أحد من آبائه على بيعة طاغية زمانه، أما الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فدوره دور إزالة الظلم، دوره إقامة الدولة الخاتمة، دوره القضاء على الظلم كله، إذا كان دوره القضاء الظلم كله فلا ينسجم معي أن يكون في عنقي بيعة لظالم..

إذن دوره يختلف عن دور آبائه، آباؤه المعصومون كان دورهم محدودًا وهو الإعداد للدولة لذلك من الممكن أن يبايعوا الظالم إكراهًا وإجبارًا، لم يكن أحد من آبائه إلا وفي عنقه بيه بالقسر والإجبار، حتى الإمام الحسين الذي رفض بيعة يزيد أُخذت منه بيعة معاوية، فلا يوجد إمام مرّ عليه عصر إلا وأخذت منه بيعة لظالم قسرًا عليه..

إذن الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف يقول أن دوره القضاء على الظلم وهذا الدور يتوقف على أن لا يكون في عنقه بيعة لظالم ولو كانت بيعة إكراهية، لذلك شاء الله غيبته واختفائه كي لا يكون في عنقه بيعة لظالم أو لأحد من الطواغيت..

الأمر الثالث: ماذا نستفيد من الغيبة

ربما يُقال أن الغيبة ضرر وليست نفعًا لأن الغيبة خلقت تيارات متصارعة وفِرقًا من المسلمين متحاربة وأوجبت ارتدادًا عند قسم من الناس عن الدين أو عن التشيع، إذًا الغيبة ضرر وليست نفعًا بالنسبة للأمة..

نقول لا، هذا السؤال يرد أيضًا على الفترة التي تقع بين النبي عيسى والنبي محمد ، ففي هذه الفترة أيضًا ارتدَّ أناس، تكثروا، تحاربوا، تحولوا إلى فِرق مختلفة وهذا مرَّ على جميع الفترات بين الأنبياء وهذا السؤال يرد، والجواب:

الغيبة بالنسبة لنا امتحان، الغيبة بالنسبة لنا اختبار عسير، الغيبة بالنسبة لنا غربلة يُعرف منها الثابت من غيره، الغيبة بالنسبة لنا امتحانٌ لإرادتنا، امتحانٌ لصمودنا، امتحانٌ لمقدار ثباتنا واصرارنا على مبادئنا..

جابر الجعفي يسأل الإمام الباقر : «متى فرجكم؟» قال: «هيهات هيهات لا يكون فرجُنا حتى تُغربلوا ثم تُغربلوا ثم تُغربلوا  قالها ثلاثًا  حتى يزيل الله الكدر ويُبقي الصفوة»..

وفي رواية أخرى عن الإمام العسكري : «إن ولدي هذا هو القائم من بعدي وأن فيه سنن الأنبياء من التعمير والغيبة وإنه لا يظهر إلا بعد قسوة القلوب وطول الأمد ولا يبقى على القول به إلا من كتب الله في قلبه الإيمان وأيده بروحٍ منه» ن الغيبة غربلة لنا وتنظيف لنا واختبار لإرادتنا ومدى ثباتنا، نحن لا ندعوا للياس ولا ندعوا للتشاؤم نحن ندعوا للتفاؤل، الانتظار تفاؤل لأن الانتظار اعدادٌ للدولة الخاتمة وليست تعطيلاً للعمل..

في المجلة التربوية «العدد 91» هناك دراسة قام بها مجموعة من الباحثين على عينة من شباب الخليج، من الكويت والبحرين وعُمان، هذه الدراسة عن التشاؤم والتفاؤل، وجدوا أن أغلب شباب الخليج يعني أكثر من 70% متشائم، لماذا؟

التشاؤم كما يُعرِّفه علماء النفس: التشاؤم سمة وليست حالة وهو عبارة عن توقع أسوأ النتائج عن أي عمل يقدم عليه الإنسان، التشاؤم سمة وليست حالة، ماذا يعني ليست حالة؟ يعني أن التشاؤم ليس حالة عابرة كشخص متألم خمس دقائق مثلاً ثم ارتفع ألمه هذا لا يسمى تشاؤم، التشاؤم سِمة يعني أن تكون الشخصية شخصية متشائمة يعني التشاؤم عنصر راسخ في الشخصية، وأنت ترى كثيرًا من الناس عند الإقدام على عمل يتوقع الأسوأ ولا يتوقع الأفضل، إذن توقع الأسوأ من النتائج هذا يُعد سِمة التشاؤم..

ما هو منشأ التشاؤم وما هو علاج التشاؤم؟

أما منشأ التشاؤم وأسبابه فأهمها سببان:

السبب الأول: ثقافة المحيط، كثير من الناس يعيش في محيط متشائم، أسرته أسرة يائسة تُربيه على اليأس، أو يعيش في وسط متشائم يغديه بثقافة اليأس، بثقافة الإحباط، بثقافة الفشل والعجز فيلتقط من هذا المجتمع سمة التشاؤم وهذه سِمة خطيرة جدًا..

السبب الثاني: الخطأ في تقدير المواقف، نرى الآن الكثير من شبابنا عندما نسأله ما هو منهجك في خططك ومشاريعك؟ يقل لك منهجي المحاولة ثم الخطأ، يعني أُقدم على المشروع ثم بعد ذلك أكتشف إن كنت مخطئًا أم غير مخطئ. يعني أن منهجه هو الإقدام ثم اكتشاف الخطأ وهذا المنهج خطير، هذا المنهج هو الذي يجعله يقدر المواقف تقديرًا خاطئًا نتيجة عدة مواقف يخطئ فيها فيُصاب بروح التشاؤم..

عليك أن تكون في منهجك ومشاريعك وخططك معتمد على المشورة، معتمد على دراسات للمتخصصين في أي مجال تريد أن تدخل فيه، لا تقتحم بدون دراسة، النبي يوصي أبا ذر: «يا أبا ذر إذا هممت بأمرٍ فتدبر عاقبته، فإن يكُ خيرًا فأمضه وإن يكُ شرًا فانته عنه»..

وأما طرق علاج التشاؤم ثلاثة:

الطريق الأول: الأجواء الروحية تزرع التفاؤل، أجواء المسجد، أجواء الدعاء، أجواء العبادة، خصوصًا صلاة الليل التي نحن بعيدون عنها، صلاة الليل رزق، ليس رزقًا ماديًا، رزق نفسي يزرع في الإنسان التفاؤل والإرادة والقوة والحزم، الأجواء الروحية تزرع في النفس التفاؤل ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ..

الطريق الثاني: الصديق الناجح، فإذا رأيت صديقك فاشلاً فاتركه لأن الصديق يؤثر على حياتك، اختر الصديق الناجح، الصديق الموفق في حياته، الإنسان المُتفائل في أموره، الصديق الناجح يساعدك على روح التفاؤل وروح الأمل وروح الانبعاث نحو بناء الحياة..

الطريق الثالث: الثقافة، نحن بحاجة لأن تكون منابرنا ومساجدنا وقنواتنا الفضائية هي ثقافة الحياة، ثقافة الأمل، الثقافة التي تبعث في شبابنا روح العطاء وروح الانتاج وروح الإقدام حتى لو خيَّمت عليهم ظروف مكفهرة، حتى لو استحكمت عليهم ظروف خانقة، علينا من خلال منابرنا ومساجدنا وقنواتنا أن نبعث فيهم روح الأمل وروح التفاؤل وروح القدرة والثقة بالنفس على القدرة على الانتاج، هذا ما نستفيده من قيم كربلاء..

كربلاء مجموعة قيم، كربلاء تعلمنا على الحياة، الحسين كان يُقدِّس الحياة وهو في آخر لحظات الحياة، يعني يبعث في أصحابه الأمل نحو بناء الحياة وهو في آخر لحظاته من الحياة، أنصار الحسين كذلك أصحاب مبادئ وقيم حياتية لا قيم ظلامية..

علي الأكبر، هذا الشاب اليافع الذي يقول لأبيه الحسين: «أولسنا على الحق يا أبتاه، قال بلى، قال إذًا لا نبالي وقعنا على الموت أم وقع علينا  نحن أصحاب مبادئ لا يُعيقنا ضرب السيوف ولا طعن الرماح  قال جزاك الله خيرًا من ولدٍ عن والده»..

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين