في رحاب مناجاة التائبين جـ5

تحرير المحاضرات

«فأن طردتني من بابك فبمن ألوذ وإن رددتني عن جنابك فبمن أعوذ فوا آسفاه من خجلتي وافتضاحي ووالهفاه من سوء عملي وإجتراحي فأسالك ياغافر الذنب الكبير ويا جابر العظم الكسير أن تهب لي موبقات الجرائر وأن تستر علي فاضحات السرائر»

الفقرة الأولى:

نجد أن هذة الفقرة تشير إلى أن هناك مدخلين لله تبارك وتعالى الباب والجناب، لكل سلطان ولكل ملكاً باب وجناب باب يقف عليه الحراس والحجاب، فأذا استطاع شخصاً أن يتجاوز هذا الباب بأن يأذن لة بالدخول فأنة سيرى بعد تجاوز الباب جناب والجناب هو الفناء الممرع والمعشب والمورق، لذلك كتب أهل الكوفة للحسين أقبل إلينا فقد أخضر الجناب وأينعت الثمار.

الجناب: هو الفناء والبستان، فلكل سلطان باب وجناب والسعيد من إذاً له وفتحت له الأبواب ودخل وإلى الجناب يرتع ويستفيد من ثماره ويستفيد من خيراتة، وهناك شخص إذن له بالدخول لكن لم يأذن لة بأن يستفيد من الجناب فهو شخص معلق لايدري ماذا يصنع به وهناك شخصاً شقياً لم يأذن لة حتى بدخول الباب بل طرد من الباب.

«إلهي أنت كباقي السلاطين والملوك، لك باب ولك جناب إن طردتني من بابك فبمن ألوذ ومن يحتضنني وإن فتحت لي الباب ولكن حرمتني من جنابك ومرتع خيراتك ومرتع قرباتك وإن رددتني عن جنابك فبمن أعوذ»

باب الله هو دعائه وجنابه هي القربات والخيرات، أريد أن أعرف هل أنا شقي أم أنا سعيد؟

علامة السعادة: أن يفتح ليي الباب والجناب، يعني أن أوفق للدعاء فهذا هو فتح الباب وأن أوفق للخيرات فهذا هو الجناب، وإن كنت شقياً حرمت من الباب والجناب، الإمام يقول في الدعاء يركز على أنا الشخص المحروم أنا الشخص اللذي حرمتني ذنوبي وحرمتني كبائري وحرمتني تجاوزاتي، حرمتني من الباب والجناب.

يقول الإمام علي زين العابدين: «مالي كلما قلت قد تهيئت وتعبئت وقمت إلى الصلاة بين يديك وناجيتك ألقيت عليَّ نعاساً»، يعني أنا محروم من الباب والباب ماحصل حتى الدعاء محروم منة ”ألقيت عليَّ نعاساً“ إذا أنا صليت. حتى الدعاء لا أتفاعل معة وحتى الدعاء اللذي أستعد لة إذا صرت واقفاً لأجل الدعاء جاء النعاس، وجاء الكسل، وجاء التثائب وجاء السئم، فأنا محرومٍ حتى من الباب ومحرومٍ من الدعاء، حرمتني ذنوبي حتى من الدعاء، وربما وفقتني يا إلهي وفتحت ليَّ الباب فصرت أدعوك بخوفاً، ورهبتاً، وخشوعاً، وخضوعاً لكن مازلت ممنوعاً عن الأستفادة من جنابك ومازلت واقفاً معطلاً عن التصرف في جنابك.

جناب الله خيراتة هل أنا شخص موفق للخيرات؟ الخيرات صلة الرحم وبر الوالدين وخدمة المؤمنين، هل أرى نفسي موفقاً للخيرات أم أرى نفسي محروماً منها؟

أنا شخصاً عثرات وعثرات تمنعني عن صلة الرحم وعن بر الوالدين وعن الصدقة وعن خدمة المؤمنين، خيرات الله قال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ هي جنابك إذا كنت محروماً من هذا الجناب، فأنا شخص شقي لا قد فتح لي الباب، ولا قد سمح ليَّ بالتصرف في الجناب.

«إلهي فأن طردتني عن جنابك ولم توفقني للخيرات فبمن أعوذ لعلك عن بابك طردتني ولعلك رأيتني آآلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني»

الفقرة الثانية:

فوا آسفاه، وأي أسف عندما يتذكر الإنسان ذنوبة يعض على أناملة أسفاً وألما، أي أسف أعظم من هذا؟ المال، قد تذهب مني أموال وأأسف عليها لأني تعبت في جمعها وقد تذهب عليَّ فرصة دراسة أو فرصة عمل وآسف عليها لأنها ذهبت فذهب معها رزقاً وفيراً، لكن كل آسف فهو آسف مؤقت، الأسف على المال والأسف على فرصة العمل، أسف مؤقت لكن الخوف من الأسف دائم اللذي لايزول واللذي يقطع القلب ويجرح الروح الأسف من الذنوب قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً.

يا ليتني لم أتخذ فلاناً ويا ليتني لم أتخذ خليلاَ لقد أظلني عن الذكر وصديقي صديق سوء، صديقي كان يجرني نحو المعصية وكان يجرني نحو الرذيلة وكان يجرني ويحبب ليّ المعاصي ويزين ليّ الذنوب ويزين ليّ الرذائل فياليتني لم أتخذ فلان خليلاَ قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً الأسف ألممض هو الأسف من الذنوب.

ماهي الدوافع التي تدفعني لطاعة الله؟ ماهي الدوافع التي تدفعني لكي أغير من الصفحات السوداء إلى الصفحات البيضاء؟

علماء العرفان يذكرون دوافع الطاعة ودوافع الإنابة ودوافع التغير، فأنا أريد التغير من وضعي ومن صفحة حياتي وأريد أن أنتهج منهجاً مضيئاً وأغير ذلك المنهج المظلم الأسود! فماهي الدوافع التي تدفعني للتغير؟ الدوافع التي تدفع نحو التغير:

الدافع الأول:

الحب، هل نحن نحب الله؟ أنا أسئل نفسي هل أنا أحب الله؟، الجواب قد يكون لا فلا أجد في نفسي حباً لله لا أجد إلا أن الله خلقني وأنا آخاف منه ليس إلا، أما أنني أحب الله أنا لا أجد نفسي أحب الله يعني أنا محروم من الدافع الأول، حب الله حياة، ألا أحب الحياة؟، الله حياة، أنا أحب الجمال، الله هو الجمال!، أنا أحب الحياة، الله هو الحياة!، أنا أحب النور، الله هو النور! أي شيءً أضع إصبعي عليه فهو مجلى لله ومظهر لله، كل ما أحبه فهو مظهر لله إن كنت أحب الجمال حباً حقيقياً فأنني أحب الله لأن الله هو عين الجمال.

إن كنت أحب الحياة حباً حقيقياً فأن الله هو عين الحياة وهو مصدر الحياة فأنا أحب الله وإذا كنت أحب الله فل يكن حب الله دافعاً لي نحو طاعة الله قال تعالى: ﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ، الإمام الحسن الزكي ”سلام الله عليه“ يقول: «تعصي الأله وأنت تظهر حبه هذا لعمرك في الفِعال بديع لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب يطيعه».

انظر إلى الأنسان إذا تعلق بزوجته كيف يطيعها؟ كيف يخلص لها؟ كيف يفني وقته وجهده وماعنده في سبيل إرضاء محبوبته لأنه يحبها ولايرى أي تعب في خدمتها ولايرى أي مشقفة في التضحية من أجلها ولايرى أي حرج فيما يصرف من عنده في سبيل إرضائها لأنه يحبها، الحب يدفع الأنسان أن يعمل كل شيء، لو كان حبك صادقاً لأطعته «إن المحب لمن يحب مطيعُ»، الإمام الحسين يقول: «عميت عين لاتراك عليها رقيبَ وخسرت صفقة عبداً لم تجعل له من ودك نصيبَ».

الدافع الثاني:

الشكر قال تعالى: ﴿وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ، إذا قدم لك شخص خدمة ألا تشكره عليها؟ ألا ترى أن من مرؤتك أن تشكره على هذه الخدمة؟ أستاذك الذي علمك بإخلاص وبمودة ألا تحب أن تشكره؟ ألا ترى أن من واجبك شكره؟، نعم.، أبوك الذي رباك وأنعم عليك ترى أن من مرؤتك أن تشكره؟، فكيف بمن أسبغ عليَّ نعمة ظاهرة وباطنة قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا شكره يقودني إلى طاعة.

النبي محمد إذا جاء شهر رمضان ترك نسائه وتعلق بربه وشد على بطنه إزار العبادة والأنابة وقيل يا رسول الله: لماذا هذا التعب كله وأنت سيد أهل الجنة؟، قال: أفلا أكون عبداً شكورا؟ أنا أرى أن من واجبي شكر ربي وأنا أرى أن من مرؤتي إذا كنت عندي مروئه وإذا كان عندي ذره من المروئه وذره من الإنسانية وذره من الكرم فل أقابل شكر ربي بإطاعتةقال تعالى: ﴿وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ قال تعالى: ﴿لئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ

الدافع الثالث:

الخوف، هناك من يطيع الله لا لأنه يحبه ولا لأنه يريد شكره مثلنا نحن، أنا أعبد الله خوفاً منه فليكن عندي خوف إذا لم يكن عندي حب ولم يكن عندي شكر فل يكن عندي خوف لا أقل. هذا الدافع الثالث أحافظ عليه فليكن عندي خوف قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ فليكن عندي خوف.

كما ورد عن الإمام الصادق ”“ قال: «خف الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فأنه يراك» هو يراني ويراقبني ويلتفت إلى أعمالي «فإن لم تكن تراه فأنه يراك» «وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ» ليكن عندك ذره من الخوف، وهذا ما ركز عليه الإمام وقال: «وا لهفتاه» اللهفه يدفع بها الخوف. أنا أعيش لهفه بدافع الخوف «و والهفتاه من سوء عملي وإجتراحي» أنا خائف مما صنعت وخائف من عملي السيء وخائف من إجتراحاتي التي إرتكبتها، لماذا أخاف منها؟

لأن الأعمال تتجسم، أنا في هذه الدنيا أبني جنتي بيدي وأبني ناري بيدي. كل يوم يمر من رمضان أنا أبني شيء من الجنه بقرآة القرآن أبني ليَّ قصراً وبالدعاء أبني لي حديقةً وبالخضوع إجري ليَّ نهراً، كل يوم وأنا أبني شيءً من مستقبلي اللذي ينتظرني وأبني شيءً من جنتي اللتي تنتظرني، كل عمل صالح أعمله في هذا الشهر المبارك أفرش في قبري وسادةً، مريحةً وناعمةً وقبري هو مقري وقبري هو بيتي، ليس بيتي هذا اللذي أنام فيه مع أخوتي أو زوجتي أو أولادي هذا كله نوم مؤقت.

«ألا إنما الإنسان ضيف بأهله» أنت اذا تدخل البيت تذكر هذا البيت، كل إنسان يدخل بيته فليضع في ذهنه هذا البيت، أنا ضيف لفتره مؤقته في هذا المنزل الإنسان إذا جلس مع إخوته مع أولاده ومع زوجته ومع أحبائه دعه يتذكر هذا البيت وإن هذه الجلسات مؤقته، هذه الجلسات المؤنسه والمفرحه والمبهجه جلسات مؤقته ستزول في يوم من الأيام.

أنا ضيف «ألا إنما الإنسان ضيف بأهله يقيم زماناً بينهم ثم يرحل» أنا ضيف أنتظر وقت السفر، متى يأذن لي بالسفر فأسافر وأودع، انا ضيف لأجل ذلك بيتي الحقيقي قبري ومقري الحقيقي قبري، لذلك أنا آخاف أن يتحول قبري إلى شعلة من النار وآخاف أن أبني ناري بيدي، أسمع الأغنية المطربه وأقوم بالعلاقه الغير مشروعه وأعق الوالدين وأفتن بين الناس وأغتاب الأخرين كل ذلك منافح من النار ومنافح تغلي من النار، أنا أبنيها بنفسي وبيدي، إني آخاف أن تتحول أعمالي هذه كلها إلى منافح من النار ومنافح تغلي من النار وتحول قبري إلى حفرة من حفر جهنم.

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ولذلك في دعاء صلاة الليل، آخر كلمة من دعاء صلاة الليل ماهي؟ «وارحمنا إذا توفيتنا» تلك اللحظة الرهيبة لحظة الوفاة ولحظة الموت ولحظة الخروج من هذا العالم إلى هذا العالم، ارحمني أن لا أخرج فأرى بعيني حفرة من حفر النار، ارحمني في تلك اللحظة «وارحمنا إذا توفيتنا يا إله العالمين».

الدافع الرابع:

هو دافع الحياء، إذا لم أحب ربي ولم أشكره ولم أخف منه على الأقل أستحي منه!. لا أقل أن يكون عندي ذره من الحياء أستحي، إلى متى أصر على المعصية!؟ إلى متى أصر على الرذيله؟ إلى متى أكابر وأصر وأعناد إلى متى؟

أليس عندي حياء؟ من عنده ذره من الحياء يقلع عن الأصرار والعناد والمكابره على المعصية، ويحي كلما طال عمري كثرت خطايي أما آن لي أن أستحي من ربي، في كل يوم أبارزه بالمعصية وفي كل يوم أتحداه بالرذيله وفي كل يوم أستغفر وأعود. نحن نعيش نفاق ونعيش إزدواجيه، نصلي ونقول أستغفر الله وننتهي ونعود للمعصيه! ندعو في المسجد ونبكي في الدعاء ونتظرع في الدعاء ربنا إغفر لنا، إرحمنا، عافنا، إعفو عنا لكننا بمجرد أن تتحرك مغريات ومثيرات المعصيه عدنا إلى المعصيه، أما نستحي من هذه الإزدواجيه؟ أما نستحي من الأصرار على الذنب والمعصية؟ أما آن لي أن أستحي من ربي؟

الدافع الخامس:

السمعه، على الأقل سمعتي وحفاظاً على سمعتي، هناك من يطيع الله لا لأجل الله بل حفظاً على سمعته، سمعتي ولا أريد أن يفتضح أمري لافي الدنيا ولا في الأخره، لا أريد أن أأتي وقد شهدت عليَّ جوارحي والملائكة المكلون بي والناس اللذين رؤو مني لا أريد ذلك حفاظاً على سمعتي «وأغفر لي كل ذنباً أذنبته وكل جهل عملته كتمته أو أعلنته، أخفيته أو أظهرته وكل سيئه أمرت بأثباتها الكرام الكاتبين أاللذين وكلتهم بحفظِ مايكون مني وجعلتهم شهوداً عليَّ مع جوارحي».

أنا أريد أن لا أفتضح أمام هؤلاء الملائكه أن لا أفتضح أمام جوارحي أن لا أفتضح أمام أحبائي وأصدقائي وأسرتي، أريد حسن السمعه والأخره، حسن السمعه يدعوني إلى الطاعة على الأقل حسن السمعة لذلك الأمام هنا يركز على أقل الدوافع فيقول: «فوا آسفاه من خجلتي وفتضاحي وا والهفاه من سوء عملي وإجتراحي».

إن لم أكن محباً ولا شاكراً ولا خائفاً ولا حيياً فل أحافظ على حسن سمعتي فليكن حسن السمعة دافعً لي نحو إطاعة ربي والبعد عن معصيتة.