بحث في مسائل القدر جـ4

تحرير المحاضرات

حديثنا فعلاً في الفقرة الأولى، من الآية الأولى من هذه السورة المباركة وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْله الْقَدْرِ.

والحديث فعلاً في عدة محاور:

المحور الأول:

واقع وحقيقة اتصال النبي بعالم الوحي وعالم الغيب، القرآن الكريم يقول: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «193» عَلَى قَلْبِكَ، فهناك اتصال بين قلبه وبين العالم الآخر «عالم الوحي»، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا، هذا الاتصال بين قلبه وبين الوحي، هل هو اتصال حسي أم حدسي؟

كثير من الباحثين تحدثوا عن الوحي وقالوا أن الوحي إتصال حدسي، بمعنى أن الأنبياء هم مجموعة من النوابغ والعباقرة، والنابغة عندما يتكامل في نبوغه ويترقى في عبقريته وسمو ذهنه يصل إلى درجة من النبوغ والعبقرية أن تتجلى له كثير من المعلومات، الوحي والقرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم، وموسى كلها تجليات أي أن هؤلاء الانبياء وصلوا إلى درجة من التكامل الذهني والاستعداد لفكري إلى أن تجلت لهم بعض المعلومات والأفكار، فالمسألة مسألة حدسية «يعني استنتاج»، استنتجوا هذه المعلومات واستنبطوا هذه الأفكار نتيجة تكاملهم الذهني وقوتهم الفكرية، وليست المسألة أن هناك وحياً أو إلهاماً، أو أن هناك ملَك يقرأ شيئاً ويسمعه ويتلقاه ويستقبله لا... المسألة مسألة حدسية مسألة استنتاج، استنباط ليس إلا.

بينما المقرر عندنا في الشريعة الإسلامية أن الوحي مسألة حسية وإتصال حسي، إتصال وجداني تماماً كما أن الأنسان إذا احتضنتة أمه يتصل قلبه بقلب أمه اتصالاً وجدانياً، حسياً يشعر بحبها، بحنانها، بدفئها شعوراً وجدانياً، حسياً. اتصال قلب النبي الأعظم محمدٌ بجبرائيل وهو يفرغ عليه كلام الله هو اتصال حسي، وجداني وليس مسألة استنباط واستنتاج.. لماذا؟

لماذا نحن نطرح هذه النظرية وهذه الفكرة قال تعال: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ نحن نقول لعدة وجوه:

الوجه الأول:

النبوغ تتفاوت أوقاتة وتتفاوت درجاتة، فالشخص النابغة والشخص العبقري كلما مر به الزمن تتفاوت درجة تفكيرة بمعنى أنه هذا الشخص النابغة والشخص العبقري إذا ضل يتحدث ويتكلم لمدة ثلاثين سنة أو لمدة أربعين سنة، آلا يرى تفاوت بين فكرة في أول ثلاثين سنة وفي آخر ثلاثين سنة؟ طبعاً واضح.

مقتضى النبوغ الإنساني ومقتضى العبقرية الأنسانية هو التفاوت في مستوى النبوغ والتفاوت في مستوى الفكر والتفاوت في مستوى الطرح، هذا الشخص النابغة الذي يتحدث ثلاثين سنة أربعين سنة أما يتكامل أو يتنازل، لا يمكن أن يتحدث بنفس فكري واحداً لمدة ثلاثين سنة غير ممكن، النفس البشرية بطبيعتها إما أن تتطور أو تتنازل، إما أن يكبر سنة فيتنازل فكرة ومقدار تأمله وإما أن تزداد خبرتة ويزداد نضجة فيصبح أكثر قوت ودقة وهذا امراً طبيعي في النفس الأنسانية.

إذاً لو كانت المسألة مسألة حدسية وأفكار استنتجها وغيره من الأنبياء أو مسألة معلومات تجلت له نتيجة النبوغ وقوة الذهن لرأينا أنة منذ أول آية من القرآن ولمدة ثلاث وعشرين سنة إلى آخر مانزل من القرآن لرأينا تفاوتاً في المستوى الفكري للقرآن لأنه عبارة هذا عن تجليات، وعبارة عن استنتاجات، واستنباطات لرأينا أن القرآن بأنفاس مختلفة وبدرجات متفاوتة بحسب المستوى الفكري وبحسب النفس اللغوي والأدبي للقرآن، معا أننا لو قرأنا القرآن قرأةً تحليلية نجد أن هذا الكلام نفساً واحده ولغة واحده ودرجة من البلاغة واحدة ومستوى من الفكر والدقة والطرح واحد لمدة ثلاث وعشرين سنة.

وحده اللغة ووحدة المستوى الفكري كاشفاً عن أنة المسألة ليس مسألة تجليات واستنباطات وإنما المسألة مسألة إلهام ووحي، هذا وحي نزل من موجوداً واحداً ذي فكراً واحداً ولغة واحداً ونفساً واحد لذلك حافظ هذا القرآن على هذا النفس الواحد قال تعال: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً، قال تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً» والأختلاف يعني التفاوت في المستوى ودرجة الطرح.

الوجه الثاني:

طبيعة النبوغ لايمكن أن يكون أمراً شمولياً فالبشر خلقوا بقدرات مختلفة البشر جبلوا على طاقات متفاوتة وهذا من الطرق التي يستدل بها على وجود الله تبارك وتعالى، ورد في الحديث الشريف عن النبي محمد «الطرق إلى الله بعد أنفاس الخلائق» مامعنى أنفاس الخلائق؟ يعني هذا النفس اللذي نتنفسة؟! هذا الهواء اللذي يدخل إلى الرئة ويخرج؟

لا، النفس يعني الطاقة لكل موجود نفس يعني لكل موجود طاقة، كل طاقة من هذة الطاقات البشرية هي طريق إلى الله كل إنسان يمتلك طاقة في داخله وهذه الطاقة هو طريقة إلى الله، خلقك وأعطاك الطريق إلية في قلبك وفي طاقتك، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ كل نفس إنسانية تمتلك طاقة تختلف عن الشخص الآخر وطاقتك هي دليلك على الله وطاقتك هي طريقك إلى الله، لو رجعت إلى طاقتك لوجدت دليلاً واضحاً على الله تبارك وتعالى.

هناك من يمتلك طاقة فكرية وهناك من يمتلك طاقة بدنية وهناك من يمتلك طاقة إدارية وهناك من يمتلك طاقة أدبية، كل شخص له طاقة هي دليله وهي طريقة إلى الله تبارك وتعالى والطاقة الفكرية أيضاً تختلف، هناك إنسان ينبغ في الهدنسة خلية في الطب يفشل! وهناك إنسان عبقريتة في الطب خلية في الفن والرسم يفشل!. لكل شخصاً طاقة تتناسب مع مجال معين ومع افق معي ومع نقطة معينة، لايمكن ان يكون للإنسان عبقرية شمولية بمعنى أنة نابغة عبقرياً في كل مجالاً بشرياً وفي كل مجالاً يطرقة وفي كل مجالاً يدخل فيه فهذا غير ممكن، فالطاقات متفاوتة.

قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً.

إذاً لو كان الوحي تجليات ولو كان الوحي نتائج نبوغ ونتائج عبقرية لرأينا أن هذا الشخص أبدع مثلاً: في مجال القانون فقط لأنة نابغة في مجال القانون أو لرأينا هذا الشخص الذي هو النبي قد أبدع في مجال الفلك مثلاً لأنة نابغة في هذا المجال أما وقد أتانا بكتاب يتحدث عن الفلك ويتحدث عن القانون ويتحدث عن مجال التربية والتنشأة الأخلاقية والروحية ويتدث عن مادة تاريخية للقصة الأنسانية من أول يوماً وهو يوم آدم إلى يوم النبي محمد ، هذة الشمولية وهذا الأستيعاب لمختلف الاطراف لاينسجم مع كون هذا النبوغ نبوغاً بشرياً لو كان نبوغ بشرياً لأبدع في جهةً وظهر وبرزا في جهةً، أما هذا الشمول وهذا الأستيعاب لمختلف الحقول ولمختلف الفنون كاشفاً عن كون المسألة مسألة غيبية وملكوتية قال تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ لو المسألة مسألة نبوغ كان انت من أول كنت تقرأ وتكتب وتدرس وتجتمع بالمثقفين والأدباء وتمارس عالم الثقافة وتمارس عالم الفكر إلى أن وصلت إلى هذا المستوى، أنت قبل هذا لم تكن في هذا الوادي قال تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍوَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ.

لو كنت مشغول بعالم الثقافة ومشغول بعالم الأدب قبل نزول الوحي لحصل الريب في كلامك وحصل الريب فيما أتيت به ولكنك لم تكن في هذا الصدد إطلاقاً قال تعالى: ﴿بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ، إذاً شمولية القرآن دليلاً آخر على أنة وحي ملهم من قبل الله تبارك وتعالى وليس إستنتاجاً من شخصاً نابغة، ما علاقة النبوغ بالتاريخ؟

إذا الشخص اكتشف التاريخي يصبح نابغة يعني؟، التاريخ ليس له علاقة بالنبوغ، فالتواريخ حوادث وقعت! ماهي علاقة النبوغ بالتاريخ؟ المسألة لو كانت مسألة نبوغ فكيف استطاع هذا الإنسان أن يتحدث عن قصة إنسانية وماحصل لآدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى وذي الكفل، واليسع، وفلان، ماهي علاقة هذا بالنبوغ؟ لو الإنسان يصل أعلى درجات النبوغ لايكتشف التاريخ، لأن التاريخ مجرد حوادث زمنية متسلسلة ومتوالية لا علاقة لها بالنبوغ.

إذاً الحديث عن القصة الأنسانية حديث عن غيب وحديث عن واقع حصل وهذا لا ينسجم مع كون المسألة مسألة حدسية ومسألة استنتاج ومسألة استنباط وإنما يتلائم مع كونه وحياً ملهماً به من قبل الله تبارك وتعالى.

الوجه الثالث:

لاحظو أن القرآن الكريم يركز على كلمة الكتاب ودائماً يقول كتاب قال تعال: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ فالتركيز على كلمة الكتاب ورائة هدف، دائماً يركز بأن هذا القرآن كتاب فالتركيز على أن القرآن كتاب هناك هدف وراء هذا التركيز ووراء هذا الأصرار ماهو؟

طبيعة الكتاب، إن انت تريد أن تكتب كتاب ماذا يحدث؟، عندما تريد أن تنشئ كتاب وتكتب كتاب يعني كل يوم تحكي حكاية؟ وتقول هذا كتاب!؟، هذا لايسمى كتاب هذه تسمى افكار متنافرة، الكتاب وحده مترابطة بمعنى أن الكتاب له أهداف مرسومة وله قواعد عامة وله تفاصيل تعود إلى القواعد العامة وفي إطار الأهداف المرسومة والمحددة، الكتاب وحده فكرية تجمع أفكار متعدددة ومختلفة، فالكتاب يختلف عن الكلام المتناثر.

مثلاً: أفترض أن هذا إمام مسجد في كل يوم يلقي خطبه، وبعد ذلك يجمعون الخطب ويجعلونها كتاب؟ الكتاب يحتاج إلى وحدة فكرية والكتاب لايكون موضوعات متناثرة أو موضوعات مختلفة الكتاب بحسب المصطلح العربي وبحسب العرف العربي الكتاب يعني هدف معين مرسوم وهناك قواعد عامة وهناك تفاصيل تعود إلى هذة القواعد العامة على ضوء الهدف الواحد المحدد لهذا الكتاب.

إذاً الكتاب يعني ترابط ويعني منظومة فكرية يكمل بعضها بعضاً ويتبع بعضها بعضاً، لو كانت المسألة نبوغ هناك شخص يكتب كتاباً ثلاث وعشرين سنة، لنفترض جدلاً هذا النبي منذ أول يوم إلى الدعوة إلى آخر يوم قاعد يكتب كتاب ويألف في كتاب لو كان هذا الكتاب منة ومن إستنتاجة ومن وضع ذهنة لما رأينا المنظومة الفكرية التي يتألف منها القرآن الكريم منظومة منسجمة بعضها يكمل بعض قال تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِيعني في قواعد عامة، الأم يعني القواعد فيه آيات محكمات هن أم الكتاب بمثابة القواعد وآخر متشابهات هذه المتشابهات تعود إلى المحكمات قال تعالى: ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.

تأويله يعني إرجاع متشابهاته إلى محكماته لأنة هو منظومة فكرية واحدة لا يمكن أن تعرف المتشابه حتى ترجع إلى المحكم.

منظومة فكرية واحدة، هذة الفكرة المنظومية الواحدة لو كانت تجلياً بشرياً لرأينا التشتت بين أفكارها لايمكن أن تكون متوحده ومتقاربة وهذا دليل القرآن دليلاً على أنة كتاب منزل من السماء وكتاب منزل من قبل الله تبارك وتعالى على قلب النبي محمد هذا هو المحور الأول من حديثنا.

المحور الثاني:

الآية القرآنية قالت: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ على قلبك لماذا قال على قلبك؟ نزل به الروح الأمين عليك! نزل به الروح الأمين على عقلك! لماذا قال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «29» عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ.

ما هي علاقة القلب بالوحي؟

يقول العلماء هناك فرقاً بين العلم وعقد القلب على العلم، العلم من شؤون العقد لكن عقد القلب على العلم من شؤون القلب وليس من شؤون العقل، هل يفترق عمل العقل عن عمل القلب؟ نعم يفترقان، مثال: الإنسان مثلاً قد يعلم بشيء يقنياً لكن لا يعتقده هو يعلم به بس ما يعتقد به القلب يفترق عن العقل، العقل في وادي والقلب في وادي، بعقله يعلم ولكن بقلبه لا يعتقد ولا يوقن وإن كان يعلم بذلك، قوة القلب قد تفترق عن قوة العقل وهذا ماذكرة القرآن الكريم عن الكافرين قال: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ مو جحدوا جحداً لسانياً لا جحداً قلبياً في قلبهم ماكانوا يؤمنو مع أنهم متيقنون ومع أنهم بعلمون علماً يقينياً أن ما أتى به النبي فهو غيب لكن قلوبهم ليس مصدقة وقلوبهم مازالت مرتابه ومازالت مترددة ومازال فيها ريب ورين من هذة الجهه قد يفترق القلب عن العقل.

مثال آخر: لو أنت أخدت كأس معين هذا الكأس المعين سقط فيه فأر، الفأر عبر على الكأس وطلع هذا الكأس لو غسلتة عشرين مره بالديتول مع ذلك لاتجزم أن تشرب منة، لماذا؟ مع أنك تعلم بأن الكأس نظيف صح لو لا؟ إذا كأس يغسل عشرين مره قطعاً صار كأساً نظيف مع ذلك لاتجزم نفسك بأن تشرب منة مازالت نفسك تحدثك بأنة وأنت تعلم لو كان هناك شيءً فقد نظفت تماماً لكن مع ذلك نفسك لاتطاوعك، إذاً قد تفترق قوة القلب عن قوة العقل العقل يقول شيء يقولك لك هذا نظيف هذا مغسول ثلاثين مره تقول، ما اشرب أنا.

مثال: الإنسان قد يجلس مع شخصاً ميتاً بجنبك في نصف الليل ويقول لك إقعد مع الجنازة مع السلامة ويسدوا عليك الباب ويخلوك جالس مع الجنازة في نصف الليل في الظلام وانت تصير شنو؟ مطمئن عادي؟ عادي كأنك جالس مع واحد حي؟ صحيح لو لا؟ طبعاً أكو شي أكو حذر مع أنك تعلم جزماً ويقيناً بأن هذا لا حراك له ولن يعود إلى الحياة ولن يتكلم جثة هامدة مثلها مثل أي جثة آخرى لكن مع ذلك نفسك تبقى متزلزله تبقى مشككة وتبقى متردده قوة القلب قد تفترق عن قوة العقل لذلك أرادا تبارك وتعالى أن يقول: بأن الوحي اللذي نزل على النبي المصطفى لم يتلقاه عقله فقط لأنة لو تلقاه عقله فقط لربما قيل هذي هي مجرد معلومات لعله لا يعتقد فيها ولعله يشك فيها ولعله متردد فيها صحيح هو تلقى الوحي كمعلومات لكنة لم يوقن بها ولم ينعقد قلبه عليها ولم يثبت قلبه عليها لا.

أرادا الله أن يبين أن النبي المصطفى تلقى هذة المعلومات تلقياً قلبياً بمعنى أنة تلقاها وقلبه منعقد على تصديقها والأذعان بها ويقول اللذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جمله واحدة ليش ما ينزل مرة وحده؟ ويقول اللذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جمله واحدة كذلك قال تعالى: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا نزل على قلبك لكي تتلقى هذة المعلومات تلقياً يقينياً راسخاً لا تزلزل فيه لاشك فيه ولا ارتياب فيه قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «29» عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ.

النقطة الثالثة:

القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ما هو الداعي لهذا ليش لايمسة إلا المطهرون؟ لماذا لاينفتح الباب لأي ماس؟ لماذا خص بالمطهرين قال تعالى: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، ذكرنا أمس في بحث أمس أن للقرآن وجوداً ملكياً ووجوداً ملكوتياً، مثل أي موجود من الموجودات كل موجود من الموجودات له وجودان أنا لي وجودان وجود ملكي، ووجود جسدي، وجود ملكي، ووجود روحي، وقلبي، وعقلي.

حتى الحجر له وجودان هذا الحجر الأصم له وجود ملكي وجود ملكوتي، القرآن الكريم يقول: ﴿إِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ أين تسبيح الحجر؟ هذا أمر ملكوتي نحن لاندركة نحن ندرك الأمر الملكي أن هذا حجر طول وعرض وعمق مادة، أما الأمر الملكوتي علاقة هذا الحجر مع خالقة نحن هذا أمر لاندركة لأنة شيء ملكوتي قال تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.

القرآن أيضاً له وجود ملكي حروف وآيات وسور وألفاظ هذا الوجود الملكي للقرآن وله وجود ملكوتي نحن لاندركة ماهذا الوجود الملكوتي القرآن الكريم يقول: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ هذا الأمر نحن نقدر ندركة؟ كيف يعني الجبل يصبح خاشع متصدع لأن القرآن تزل عليه ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ هذا هو الوجود الملكوتي للبحث، القرآن بوجوده الملكوتي نور يخترق القلوب، ويخترق الأرواح، ويخترق النفوس ولايشعر بهذا النور إلا من أعد لأستقبال هذا النور يهدي الله لنورة من يشاء، القرآن الكريم يقول: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا لأجل لأن القرآن نور لا يناله إلا من له أهليةً باستقبال هذا النور لا يناله إلا من له أهليةً وأستعداداً بتلقي هذا النور، تلقي هذا النور له درجات:

الدرجة الأولى من التلقي:

تلقي الإيصال وهذا تشرفت به الملائكة المقربون أول من تلقاه الملائكة المقربون ولكن تلقي إيصال لأنة عباد مطهرون لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايأمرون لأنهم مطهرون جعلهم الله أول من يتلقى القرآن تلقي الأيصال القرآن يخرج من العرش فيتلقاه جبرئيل وأعوانة من الملائكة ويقومون بأيصال هذا النور إلى موضوعة وإلى مستودعة وإلى قلب النبي محمد . هؤلاء المطهرون من الملائكة كانت وظيفتهم تلقي الإيصال.

الدرجة الثانية من التلقي:

تلقي الإستيداع من هو المستودع للقرآن؟ من هو اللذي يحمل هذا النور كله بتمامه؟ من هو الأهل والكفأ لاستيعاب هذا النور كله بتمام تفاصيله؟ ليس هناك إلا قلب محمد بأنه في أعلى مراتب الطهارة وفي أعلى درجات الطهارة قلبه هو مستودع القرآن ولذلك يختلف تلقي جبرئيل للقرآن عن تلقي النبي للقرآن، ربما شخص يقول شلون جبرئيل يعلم بالقرآن قبل أن يعلم به النبي والنبي أفضل منة، علم به جبرائيل علماً إيصالياً يوصل مثل ساعي البريد الذي يحمل رسالة، وعلم به النبي علماً إستيداعياً قلبه مستودع علوم القرآن وفرق بين التلقيين وفرق بين النيلين، هذا ناله نيل إيصال وهذا ناله نيل إيداع وبذلك تميز عن الملائكة اللذين تلقوا هذا القرآن ليوصلوه إلى قلب النبي

الدرجة الثالثة من التلقي:

تلقي إستنطاق القرآن هناك جماعة يستنطقون القرآن فهماً وتطبيقاً وتبليغاً. تلقي الأستنطاق وتلقي الإحتجاج هؤلاء هم الأئمة الطاهرين. ولذلك ذكر إمام المؤمنين علي ”“ يوم صفين عندما قابلوة بالقرآن الكريم قال أنا القرآن الناطق والقرآن عندي والقرآن أنا والقرآن في قلبي لأنني أنا اللذي استنطقة، هذا القرآن صامت وأنا القرآن الناطق ولايمكن أن يستنطق القرآن إلا المطهرون.

الدرجة الرابعة من التلقي:

درجة التدبر موجودة عندنا عند المؤمنين قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا، وهذا شهر التدبر وشهر الله وشهر ضيافة الله من ضيافة الله التدبر في القرآن وتفهم آياته وتفهم مداليله واستلهام العضة والعبرة من حديثة حول النار وحول الجنة وحول المؤمنين وحول الفاسقين وحول المتقين وحول العاصين هذا شهر التدبر وليس مجرد قراءة لفظية والقراءة اللفظية فيها ثواب كبير عند الله تبارك وتعالى فورد عن النبي محمد : من قرأة عشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قراءة عشرين آية كتب من الذاكرين ومن قراءة ثلاثين آية كتب من القانتين، ومن قراءة أربعين آية كتب من الخاشعين، وكلما قراءة آية رقى درجة وإن درجات الجنة بعدد آيات القرآن، القراءة فيها ثواب كبير وخصوصاً في شهر القرآن الثواب مضاعف ومأكد ولكن من عنده وقت فاليستغل وقته في التدبر في القرآن بالأستنارة والأستلهام من بعض آيات القرآن، فأن فيه صقلاً لشخصيته وإصلاحاً لنفسه وثواب أكبر من ثواب القراءة قال تعال: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا المتدبرون هم المطهرون لو لم تمتلك درجة من الطهارة لما إستطعت أن تتدبر القرآن طهارة قلبك وروحك كلما كملت زاد تدبرك في القرآن وإستنارتك بالقرأن والدرجة الأخير من نيل القرآن هي اللمس.

القرآن حتى نيل اللمس يحتاج إلى طهارة ولذلك الأمام الصادق ”“ في الرواية المعتبرة فسر هذة الأية في اللمس قال: لايجوز أن يلمسة أحد إلا بطهارة يريد أن يقول النيل، نيل تلقي ونيل إستيداع ونيل إستنطاق ونيل تدبر حتى نيل اللمس يحتاج إلى طهارة قال تعالى: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.