رسالة الخطيب في الظروف الراهنة

بمناسبة عقد مؤتمر المبلغين في السويد

شبكة المنير

بمناسبة عقد مؤتمر المبلغين في السويد

بسم الله وَالصلاة على المصطفى وَآله المعصومين

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ

إن رسالة التبليغ وَالدعوة للخير من خلال المنبر أوالمسجد أوالقناة أوالقلم تفتقر لعدة مؤهلات:

الأولى:

الإحاطة بمفهوم الخير وَحدوده الدقيقة وَمصاديقه وَموارد التزاحم وَالتداخل بينه وَبين الخير النسبي وَموارد الشر، وَذلك يقتضي وفرة الخطيب وَالمبلغ على مؤهل حوزوي كبير متضمن لكل العلوم الدخيلة في الخير من كلام وَتفسير وَفقه وَأصول وَعلم حديث وَرجال، فقد ورد في الموثق «من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه» وَجودة الصوت لدى الخطيب وَالفهم السياسي للأوضاع بالنسبة لإمام المسجد أمور مهمة، لكنها لا تغني أبداً عن المستوى العلمي الذي تفتقر له الدعوة للدين في عصرنا الحاضر لوجود الحاجة الماسة لبلورة المفاهيم الدينية بشكل دقيق وَمتين مقابل الإختراق الثقافي العلماني.

الثانية:

أن الدعوة للخير إنما تتحقق في الواقع إذا كان أسلوب الدعوة خيراً في نفسه أيضاً وَهذا يعني امتلاك المبلغ قدرة بيانية وَلغة أدبية يتمكن بها أن يثير مشاعر الجمهور، وأن ينفذ إلى العقول المختلفة في مستوياتها بشكل جذاب، كما يحتاج أن يكون محيطاً بالمصطلحات الثقافية المعاصرة وَالمفردات الصحفية وَالإعلامية المتداولة ليكون خطابه قريباً من الذهنية العامة للجمهور.

الثالثة:

أن الدعوة للخير إنما تكون فاعلة مؤثرة إذا كان الداعي نفسه قطعة من الخير بأن يكون قلبه مفعماً بالحب وَالرحمة وَالتواضع للناس، حتى يستشعر الجمهور أن الطهارة تفيض من روحه النقية عبر كلامه لتصل للقلوب الظمأى لها، وَأن يكون متعظاً بوعظه فإن من أجلى صور الخير وَقيمه الصدق في القلب وَاللسان وَالسلوك، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.

الرابعة:

أن الدعوة للخير لا تتمثل في أرض الواقع إلا إذا وضع الخير في موضعه، وَذلك يحتاج إلى خبرة بالظروف من جهة الزمان وَالمكان لاختيار الموقف المناسب في الظرف المناسب، لهذا يتوقف نجاح دور التبليغ إلى معرفة حاجات المجتمع وَدراسة أولوياته خصوصاً إذا كان التبليغ في بلاد الغرب. وَقد ورد في الحديث الشريف «العارف بزمانه لاتهجم عليه اللوابس».

الخامسة:

أن المطلوب في الآية هو تكوين أمة يدعون إلى الخير، وَقد ذكر لذلك تفسيران:

1. أن الدعوة للخير وَاجب كفائي.

2. أن المطلوب كون العمل التبليغي عملاً جماعياً مؤسساتياً يرسم الخطط وَيضع البرامج وَيقوم التجربة في كل مرحلة، وَهذا ما تفتقر إليه مجتمعاتنا، فان العمل الفردي مهما بلغ من الإتقان فإنه لا يحقق الأهداف التي ينهض بها العمل المشترك. قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

والحمدلله رب العالمين