قاعدة التسامح في أدلة السنن

الدرس 27

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ان يكون العام والخاص خبرين ضعيفين، فأفاد هنا انه لا يجمع بينهما بحمل العام على الخاص لأنّ التخصيص والتقييد، متفرع على انتساب العام والخاص الى متكلم واحد او ما هو بمنزلته، ومع ضعفهما سندا فلم ينتسبا للمعصوم، وبالتالي لا يكونان موضوعا للجمع بين العام والخاص، وذكرنا في الاشكال عليه انه يكفي في هذه الجموع العرفية شرطان:

الشرط الاول الانتساب العرفي بمعنى اسناد الحديثين من قبل الرواة للمعصوم ، والشرط ال 2 ان يكون الخبران في معرض الاثر العملي، فكونهما في معرض شمول اخبار من بلغ لهما هذا كاف في كونهما موضوعا للجموع العرفية، وان لم يكونا حجتين بالفعل،

الصورة 2 ان يكون ان يكون العام والخاص معتبرين، او لا اقل من ان الخاص معتبر، ففي هذه الصورة افاد سيد المنتقى بعد ورود الخاص المعتبر على العام لا يصدق انه بلغنا العام على عمومه حيث خرج منه بعض الموارد بحجة معتبرة فلا يصدق انه بلغنا العام على عمومه، وبالتالي لا يكون هذا العام بعد التخصيص موردا لشمول اخبار من بلغ، لعدم صدق بلوغ العام على عمومه،

الصورة ال 3 فرض التعارض، كأن يكون ما دل على الندب معارض، بما دل على الحرمة او الكراهة او نفي الاستحباب، ويفترض في المعارض ان يكون تاما سندا فهنا توجد 3 فروض، الأول ان يكون خبر ضعيف يدل على الندب ومعتبر يدل على الحرمة فهل تشمل اخبار من بلغ الضعيف الدال على الندب ام لا، فقد ذكر في الكلمات وجهان الاول ما ذكره المحقق النائيني من ان مقتضى جعل العلمية والطريقية لهذا الخبر المعتبر الدال على الحرمة هو الغاء احتمال الخلاف فان الشارع اذا قال ما دل على الحرمة علم فقد ألغى احتمال الخلاف وعليه الغى ما دل على الندب، وعليه لا يكون الخبر الضعيف الدال على الندب مصداقا لبلوغ الثواب بعد ان عارضه خبر معتبر دال على الحرمة.

وهنا جوابان عما افاده المحقق النائيني الاول ما ذكره المحقق العراقي، من انه لا منافاة بينهما حتّى يكون الخبر الدال على الحرمة ملغيا للخبر الدال على الندب، باعتبار ان ما دل على الحرمة يدل على حرمة الفعل بالعنوان الاولي وما دل على الندب ببركة شمول اخبار من بلغ تكون النتيجة منه استحباب العمل من باب انه بلغ عليه الثواب لا الفعل بعنوانه الاولي، اذا ما دل على الحرمة حيث لم يتطابق مع ما دل على الندب لا يكون ملغيا له حتّى يقال لم يصدق البلوغ.

ولكن سيد المنتقى تأمل في كلامه بما هو صحيح، وهو ان مدعى المحقق النائيني النظر الى مرحلة سابقة على مرحلة المفاد، فالعراقي نظر الى مرحلة متأخرة وهي بعد ان شملت اخبار من بلغ الخبر الضعيف الدال على الندب لم يحصل منافاة بين المفادين، لان ذاك المعتبر يدل على الحرمة بالعنوان الاولي وهذا الضعيف يدل بعد شمول اخبار من بلغ يدل على استحباب العمل بعنوان من بلغ عليه الثواب، ولكن المحقق النائيني ناظر الى انه في رتبة سابقة لا يصدق على الخبر الضعيف الدال على الندب انه بلوغ للثواب بمقتضى حاكمية الخبر الدال على الحرمة، فلابد ان تحرز انه بلوغ كي تشمله اخبار من بلغ، والحال انه لا نحرز انه بلوغ مع وجود الخبر الدال على الحرمة.

الجواب 2 ما ذكره سيد المنتقى وهو صحيح بان البلوغ مساوق للاخبار عرفا واذا كان البلوغ مساوقا للاخبار فلا ينتفي هذا العنوان بوجود خبر معتبر دال على الحرمة، فصحيح انه جاءنا خبر ضعيف يدل على استحباب صلاة الجمعة وخبر صحيح يدل على الحرمة ولكن بما ان البلوغ عرفا هو الاخبار اذا يصدق انه اخبرك الرواي باستحباب صلاة الجمعة وان وجد معتبر يدل على حرمتها فعنوانه لازال صادقا فتشمله اخبار من بلغ.

هذا هو الوجه الاول لمنع الشمول الذي ذكره المحقق النائيني والاشكال عليه،

الوجه الثاني ما ذكره جمع منهم السيد الصدر وسيد المحكم من ان ظاهر التفريع في الرواية حيث قال من بلغه شيء من الثواب فعمله فان ظاهر التفريع انه ليس المناط على مطلق البلوغ حتّى يقول سيد المنتقى ان البلوغ صادق وان وجد خبر يدل على الحرمة، بل ظاهر التفريع ان يكون بلوغ الثواب محركا نحو العمل، من بلغه شيء من الثواب على عمل فعمله، فان ظاهر قوله فعمله ان بلوغ الثواب محركا له نحو فموضوع اخبار من بلغ ليس مطلق البلوغ بل ان يكون بلوغ الثواب بحد يكون محركا نحو العمل وصالحا للداعوية نحو العمل، وهذا لا يصدق مع وجود ما يدل على الحرمة فانه بعد وجود ما يدل على الحرمة تنجزت الحرمة في حق المكلف بلحاظ ورودها في خبر معتبر فبعد ان تنجزت الحرمة فبلوغ الثواب لا يصلح ان يكون محركا نحو العمل فهو خارج موضوعا عن اخبار من بلغ، وعليه لابد من التفصيل بين تنجز الحرمة وعدمه، فاذا كانت الحرمة متنجزة لكون الخبر صحيحا او لوجود دليل عام يدل على الاحتياط مثلاً في موارد الاعراض والدماء فتنجز احتمال الحرمة وان لم يكن الخبر صحيحا، فحينئذٍ لا يكون البلوغ داعيا ومحركا فلا تشمل اخبار من بلغ الخبر الضعيف الدال على الندب على جميع المباني.

وان يكن احتمال الحرمة منجزا فهنا ايضا يتصور نحوان:

الأول ان لا يكون احتمال الحرمة ضمن خبر بل احتمال الحرمة موجود دل ضعيف على احتمال وجوب الجمعة مثلا ولكن لوجود فتوى من بعض الفقهاء قام احتمال الحرمة وجدانا.

هنا في مثل هذه الصورة لا اشكال في شمول اخبار من بلغ للخبر الضعيف فان احتمال الحرمة ما دام ليس منجزا لا يكون مانعا من محركية بلوغ الثواب نحو العمل، غاية ما في الباب بعد شمول اخبار من بلغ للخبر الضعيف الدال على الندب حينئذٍ كيف نجمع بينه وبين ما دل على الحرمة، فنقول ان كان مفاد اخبار من بلغ الارشاد الى حسن الانقياد فالمقام من تزاحم الاحتياطين أي الاحتياط من جهة تحصيل الثواب على العمل والاحتياط من جهة تجنب احتمال الحرمة.

وان كان مفاد اخبار من بلغ جعل الحجية للخبر الضعيف فالمقام من التزاحم بين الاطاعة لقيام خبر حجة ببركة اخبار من بلغ على ان صلاة الجمعة اطاعة، بين الاطاعة والإحتياط بتجنب احتمال الحرمة.

وان كان مفاد اخبار من بلغ الاستحباب النفسي لما بلغ عليه الثواب فحينئذٍ ايضا يكون المقام من باب التزاحم بين الاستحباب الثانوي حيث ان العمل صار مستحبا بعنوان ثانوي وهو ما بلغ عليه الثواب وبين الاحتياط بالعنوان الاولي لقيام احتمال الحرمة.

بل ان اخبار من بلغ لا تنفي احتمال الحرمة ولا تؤثر عليه في شيء لان غاية ما تدل عليه ترتب الثواب على العمل الذي بلغ عليه الثواب.

واما ان افترضنا ان احتمال الحرمة جاء في خبر ضعيف لا انه احتمال مجرد عن الخبر.

فان لم نقل بشمول اخبار من بلغ لما دل على الحرمة كما قويناه سابقا فاذا حكم هذا النحو حكم النحو السابق وهو الاحتمال المجرد واما ان قلنا ان اخبار من بلغ تشمل ايضا ما دل على الحرمة كشمولها لما دل على الندب فحينئذٍ نرجع الى مفادها فان كان مفادها جعل الحجية وقع التعارض بين حجتين حجة تدل على الندب واخرى تدل على الحرمة، وان كان مفادها الاستحباب وقع التزاحم بين استحبابين ثاونيين، ما بلغ عليه ثواب الفعل والترك لوجود خبر ضعيف يدل على الحرمة،

وان كان مفادها الارشاد الى حسن الانقياد حصل التزاحم بين احتياطين انقياد لما دل على المحبوبية والمبغوضية

هذا بالنسبة الى الفرض الاول وهو ان يكون المعارض خبرا دالا على الحرمة.

الفرض الثاني ان يكون المعارض خبرا دالا على الكراهة، وهنا السيد الشهيد اضااف هذا على الفرض السابق قال اذا كان خبر معتبر يدل على الكراهة أي على الزجر عن الفعل، فحينئذٍ لا يكون بلوغ الثواب بحد من المحركية صحيح ان الثواب قد بلغ بخبر ضعيف ال اانه لا يصلح للمحركية لقيام خبر دال على الكراهة معتبر.

ولكن ما افيد محل تأمل باعتبار ان الخبر الدال على الكرهة وان كان معتبرا الا انه لما لم يكن حكما الزاميا وما دام يحتمل عدم صحته فليس كل خبر موافق للواقع وان كان صحيح فاذا لا يلغي محركية احتمال الثواب لان هذه المحركية وجدانية لا تزول بمجرد خبر يدل على الكراهة فما لم تتنجز حرمة فان الخبر الضعيف الدال على ترتب الثواب صالح للمحركية.

وبذلك نجيب عما تقدم من سيد المنتقى من قوله لو وجدنا خبر عام وخبر معتبرا يدل على تخصيصه فانه لا يصدق انه بلغنا العام على عمومه فان محركية الخبر الضعيف نحو العام وجدانية لا تزول بمجرد وجود خبر صحيح يدل على التخصيص بل تبقى هذه المحركية الوجدانية قائمة.

هذا بالنسبة الى الفرض الثاني الا وهو وجود خبر معارض يدل على الكراهة، في مقابل الخبر الدال على الندب فان كان مفاد اخبار من بلغ الارشاد الى حسن الانقياد فحينئذٍ نحن بين انقيادين انقياد لاحتمال الثواب وانقياد لما دل بخبر معتبر على الكراهة وان كان مفاد اخبار من بلغ جعل الحجية ما دل على الندب حجة ببركة من بلغ وما دل على الكراهة حجة في نفسه

وان كان مفاد اخبار من بلغ الاستحباب النفسي لعنوان ما يلغ عليه الثواب فلا تعارض بينهما لان ما دل على الكراهة يدل عليها للفعل بالعنوان الاولي والاستحباب لعنوان ما بلغ وهذا من تطبيقاته ومصاديقه فيقع التزاحم بينهما عملا والا لا تعارض بين المفادين

هذا بالنسبة لما يرتبط في هذه الفروض ويأت الكلام في الفرض الثالث.