أركان الصلاة أربعة: محمد، وعلي، وفاطمة، والحسين

أركان الصلاة أربعة: محمد، وعلي، وفاطمة، والحسين - صلوات الله عليهم وعلى آلهم الطيبين الطاهرين - «*»

شبكة المنير

بسم الله، والصلاة والسلام على المصطفى محمد وآله المعصومين.

قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ «1»

بمناسبة ذكرى ميلاد الحق والعدل؛ ميلاد أمير المؤمنين ، نرفع أسمى التهاني لمقام مولانا إمام الزمان عجل الله له الفرج، ومراجع الأمة الإسلامية، وعموم المؤمنين.

ونحن نعيش هذه الذكرى العطرة، تتجلى لنا معاني العلاقة الملكوتية بين أنوار آل البيت ، ورقيقة حقيقة الصلاة، فالصلاة كما ورد في الحديث ”قربان كلِّ تقي“ «2»، ولا يستطيع المؤمن التقرب والعروج إلى سدرة المنتهى بصلاته، إلا إذا توفر على أربعة أجنحة، هي من صميم جوهر الصلاة. ولأن الصلاة رحلة الإيمان، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ «3»، فلابد أن تكون أجنحتها من دعائم الإيمان، وهي ما يلي:

الجناح الأول: النبوة

إن المصلي لا يمكنه تذوق نكهة الصلاة، حتى يدرك بوجدانه إن الصلاة نعمة روحية، أنعم بها الحبيب الأول عليه، لأجل أن يعيش لقاء المحبة والعشق الحقيقي مع معشوقه، كما قال العاشق المتيم علي بن أبي طالب : ”وبعد ما انطوى عليه قلبي من معرفتك، ولهج به لساني من ذكرك، واعتقده ضميري من حبك“ «4».

ومن الواضح أن وصول هذه النعمة الملكوتية للمحب، إنما تم برسالة من محبوبه معدن الجمال - تعالى -، بواسطة حبيبه المختار، مظهر الجمال، المصطفى محمد ، ولذا كانت الصلاة من رشحات النبوة، فكان محمد الركن الأول لها، وكان ذكره باسمه، والصلاة عليه مما لا تصح الصلاة بدونه.

الجناح الثاني: الولاية

إن المؤمن لا يهتدي لحقيقة الصلاة إلا بالولاية، فالصلاة صلة عقلية وقلبية، بين المحدود والمطلق، ولكي تكون الصلة صادقة وموصلة؛ كان لا بد من معرفة حدودها ومعالمها، لأن المحدود لا يقدر على نيل المطلق - ما لم يهتدِ لطرق الرضا والزلفى - فلذلك احتاجت الصلاة لجناح الإمامة، فهي الدليل على الطريق، كما ورد في الحديث: عن زرارة، عن أبي جعفر قال: ”أما لو أن رجلا صام نهاره وقام ليله، وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، وتكون جميع اعماله بدلالته إليه ما كان له على الله ثواب، ولا كان من أهل الايمان“ «5»، ومن هنا يتجلى لنا السر في ميلاد علي في الكعبة ”قبلة الصلاة“، لا لأن تلك مكرمة من مكارم أمير المؤمنين فقط بل لأجل بيان أن الصلاة مقرونة صحةً وقبولاً بولايته، وفي ذلك قلت شعرا:

تَجَلّى فَقَالَ اللهُ ولّوا وُجُوهَكُمْ لِوَجْهِ عليٍّ حينَ كلِّ صلاةِ

فَمَا اسْتَقْبلَ البيتَ الحرامَ وإنَّما شُعاعُ عَليٍّ قِبْلةُ الصَّلَواتِ

وبذلك يتضح لنا الوجه في إدراج الشهادة الثالثة في أذان الصلاة، بلحاظ أن الصلاة من دون ذكر علي جسمٌ بلا روح.

الجناح الثالث: التسبيح

قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «6». إن الصلاة بصورتها الملكية الظاهرية: أذكار، وتهاليل، ولكنها برقيقتها الأمرية هالة من التسابيح الملائكية، فالمؤمن بمجرد شروعه في الصلاة يدخل في غمرة من التسابيح الملكوتية، التي لا يشعر بها، فالزمان والمكان، والموجودات ذوات الشعور، وغيرها، جميعها تسبح بتسبيحه، قال تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ «7»، وهذا مابَلَغَتْه البتول فاطمة ببصيرتها النورية، حيث شعرت أن الصلاة هالة ضوئية، تتعالى إلى العرش في تسابيح الملائكة، وتهاليل الأنبياء، فأضفت على خشوع الصلاة درجة سامية من العلو بتسبيحها المعروف بعد السلام، فكان تسبيح فاطمة الزهراء شرطاً في كمال الصلاة، وسمو رتبتها.

الجناح الرابع: العطاء

قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ «8». ليس للمصلي من صلاته إلا ما أدرك من معانيها، ومن أجلِّ مضامينها: أن الصلاة عطاء يُخْرِج الإنسان من صومعة الأنانية إلى ربيع البذل، وللعطاء مراتب: أولها الصلاة، وَوسطها قرن الصلاة بالزكاة، كما صنع أمير المؤمنين ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ «9»، وأعلاها بذل النفس في سبيل رضا المحبوب الأول، وهو ما تجلى في الحسين بن علي ، الذي قال: ”عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا“ «10»، ومن هنا جاء أن من أفضل معارج الصلاة السجود على تربة البذل والعطاء، تربة الشهادة، تربة الحسين الذي يخرق الحجب السبع، لتعليم المصلي أن الصلاة حركة وجهاد، فليس للصلاة معنى ولا طعم من دون ذكر محمد، وعلي، وفاطمة، والحسين، والأئمة المعصومين ، الذين فُرِضت الصلاة عليهم في الصلاة، فهم دعائم العبادة وأركانها.

نسأل الله أن يقرن صلاتنا بهم، وأن يجعلنا معهم، والحمد لله على نعمة الولاية.

السيد منير السيد عدنان الخباز
12 رجب 1433 هـ 

(*) الكلمة لدار السيدة رقية رضي الله عنها للقرآن الكريم، بقم المقدسة، بمناسبة ميلاد أمير المتقين عليه السلام.
1. سورة الزخرف، آية 4.
2. الكافي، ج3، ص265.
3. سورة العنكبوت، آية 45.
4. مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص 846.
5. وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 27 - ص 42.
6. سورة طه، آية 14.
7. سورة الإسراء، آية 44.
8. سورة البقرة، آية 45.
9. سورة المائدة، آية 55.
10. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 95 - ص 226.