العلامة الخباز: ظاهرة البكاء والحزن تؤجج روح المعارضة للظلم والطغيان

الفكر الإمامي لم يحارب الفرح والبهجة النفسية ولا يرسخ الحزن والأسى ولا يتصادم مع طبيعة الإنسان المائلة للزغردة والغناء.

شبكة المنير إيمان الشايب

أكد سماحة السيد على أن ظاهرة البكاء والحزن تؤجج روح المعارضة للظلم والطغيان وتصنع التضحيات والبطولات وتخلد العظماء وتظهر المودة وأن إبرازها بالحزن يستقطب الشعراء والمعزين في سبيل إحياء ذكرى عاشوراء.

وأشار الى أن الفكر الإمامي لم يحارب الفرح والبهجة النفسية ولا يرسخ الحزن والأسى ولا يتصادم مع طبيعة الإنسان المائلة للزغردة والغناء.

وجاء حديثه ردًا على من يدعي أن الفكر الامامي فكر يتفنن في صناعة الأسى ويستوعب ويستغل أيام السنة لممارسة الحزن بألوان مختلفة وصور متعددة.

وتطرق في محاضرته الأولى من سلسلة محاضرات العشرة الأولى من محرم والتي كانت بعنوان «الطقوس الحسينية وصناعة الحزن» إلى ثلاثة محاور.

وأشار في المحور الأول الذي سلط الضوء فيه على الفرح والحزن بحسب المنظور القرآني إلى أن القوة الفطرية الموجودة عند الإنسان تميل نحو مفردة الجمال فقط والذي يعد مظهرًا للكمال سواءً كان الجمال متمثلًا في أمور الحزن أو الفرح.

وذكر بأن الفرح لا يعد جميلًا دائمًا إذ يكون مذمومًا حينما يقود إلى الفساد وظلم الناس والبخل وعدم الإحسان في بعض الأمور.

وبين بأن لا صحة في القول بأن الفرح حاجة ضرورية والحزن مشكلة عبثية مشيرًا إلى أن ما يحتاجه الإنسان هو التفاؤل الذي تتمركز عليه آليات الإنتاج والعطاء الذي خلق من أجل تحقيقهما.

وشدد العلامة الخباز على أهمية فتح نافذة التفاؤل المطلوب حتى في خضم حدوث العوائق وتكالب الأمور.

واستدرك القول بأن من الممكن أن يكون الحزن باعثًا نحو الإبداع أحيانًا إذ باستطاعته أن يحرك الفنان لرسم لوحة بديعة ويبعث في الشاعر ليبدع قصيدة رائعة.

واستشهد بأمثلة من أبرز الشعراء وألمعهم على مستوى الأدب العربي ممن أخرجتهم كربلاء أمثال السيد حيدر وجعفر الحلي والشيخ صالح الكواز والشاعر الجواهري والتي كتبت أروع قصائده في الحسين .

وقال العلامة الخباز بأن القرآن يؤكد على انشراح الصدر الذي هو مصدر الفرح الحقيقي النابع عن الشعور بالراحة والاستقرار.

وجزم على دعوة الفكر الإمامي بتوظيف الفرح والتشجيع على الفنون بكافة صوره من مسرح، وصوت جميل، وريشة فنان، ونحت.

وتحدث عن أهمية انعكاس هدف الإنسان المتمثل في العطاء على جميع تحركاته ومشاريعه وخطواته وشؤونه عند حديثه عن المحور الثاني الذي تطرق فيه عن الفرق بين الفرح الانفعالي والهادف.

وعدَّد الخطوط الخمسة للفرح الهادف والتي تتمحور حول استشعار المسؤولية عند الفرح وعدم طغيانها، وتحقيق حالة التوازن بالتخطيط وقراءة الظروف ومتغيراتها لتصمد وتبقى المشاريع بدون فشل، فضلًا عن إقرانه بالإنجاز والإنتاج وعدم التشبع بالحزن والتشاؤم، وممارسة البكاء الذي يكون أحيانًا منطلقا نحو الحياة ووسيلة ضرورية للعطاء.

وعرج في محوره الأخير لتراث أهل البيت وظاهرة البكاء والحزن والتي تطرقوا لها في أحاديث كثيرة تحث على طقوسها.

وأبان بأن لهذا التراث أهداف كبرى وعملاقة لا تسعى لصنع أناسًا «جنائزيين بكائين وإنما ذوي عطاء وإنتاج».

وأردف قولًا بأن من هذه الأهداف تأجيج روح المعارضة للظلم والطغيان والتي تعد وسائل سياسية اتخذها الأئمة فضلًا عن صنع التضحيات والبطولات وتخليد العظماء وإظهار المودة وإبرازها بالحزن واستقطاب الشعراء والمعزين في سبيل إحياء ذكرى عاشوراء.

الجدير بالذكر بأن العلامة الخباز أكد على أن طقوس الحزن التي حث عليها أهل البيت ما هي إلا أساليب عاطفية لجذب عامة الناس وبث روح المظلومية وتأجيج روح رفض الظلم والطغيان.