العلامة المنير: القضية المهدوية لا تتنافى مع سنن التاريخ

شبكة المنير إيمان الشايب

أكد العلامة السيد منير الخباز بأنه في السنن التاريخية لا يمكن أن تقع بوصلة التغيير في أي مجتمع ما لم يسبقها تغييرٌ ثقافي وروحي.

ونوه في محاضرته التي جاءت بعنوان «المهديّ «عج» وسُنن التَّاريخ» في الليلة التاسعة من محرح الحرام بأن من السنن أن يسبق التغيير الاجتماعي تغييرٌ ثقافي ونفسي.

وأشار لجموع المستمعين في مأتم الصديقة الزهراء بصفوى بأن من السنن أيضًا أن الحياة الاقتصادية منوطة بالتوازن بين روافد الإنتاج وموارد التوزيع وفي حال اختلال ذلك تنهار الحياة الاقتصادية.

وأوضح بأن للظواهر سواءً كانت طبيعية لا تخضع للإرادة والاختيار كحركة الكواكب والمجموعات الشمسية أو اجتماعية خاضعة للإرادة والاختيار كالمشاريع الثقافية الخيرية والحروب قوانينًا تحكمها يعبر عنها بِ «سنن التاريخ».

وشدد على أن القضية المهدوية والتي تعني أن رجلاً واحدًا يقود العالم ويبني حضارة على الأرض كلها بإمكاناته وطاقاته الخارقة للعادة والطبيعة لا تتنافى مع سنن التاريخ التي تقتضي أن الحضارة والدولة لا تقوم إلا على أكتاف المجتمع البشري بإمكانياته وطاقاته المادية وليس على قيادة لرجلٍ واحد.

وجاء حديثه ردًا على اعتراض بعض الباحثين على القضية المهدوية التي يرون بأنها وهمٌ وخيال وتتنافى مع سنن التاريخ.

وَوكَدَ على عدم اكتفاء السنة التاريخية التي تقتضي أن يؤمن الناس بالنبي من خلال الأسباب الطبيعية.

وبين الاحتياج للضرورة العقلية التي ترى بوجوب أن يقيم كل نبيٍ أو رسول معجزة خارقة للعادة من أجل تحقيق الإيمان من قبل المجتمع البشري.

وقال بأن الضرورة العقلية حرفت مسار التاريخ بقولها بوجوب الإتيان بمعاجز تثبت صدق النبي لأنه لا يمكن تحقيق الإيمان وإثبات النبوة إلا بإقامة أدلة حسية تدل على صدق نبوته.

وأردف قولاً بأن لهذه الأسباب تقتضي الضرورة العقلية بتطبيق ذلك على قضية وجود المهدي.

وأبان احتياج المجتمع لوجوده لتطبيق التشريعات الإسلامية المتكاملة والتي لم تكتمل حتى في زمن النبي والإمام علي لعدم كفاية الفرص.

وتحدث عن ضرورة وجود فرصة زمنية لتطبيق الحضارة الإسلامية بجميع أنظمتها والتي ستكتمل بظهور المهدي «عج».

وأضاف بأن ما دامت القضية المهدوية تنسجم مع الضرورة العقلية فلا بُدَّ من تحققها ولا مجال لتحكيم سنن التاريخ عليها.

وتطرق إلى الحديث عن بحث الدكتور عدنان إبراهيم فيما يخص قوله بأن القضية المهدوية تتنافى مع سنن التاريخ بحجة أن القرآن يقول بعدم الخلود بينما القضية المهدوية تقول عكس ذلك.

وعلَّق على فكرته بالقول بأنه لو كان المراد من الآية ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ طول العمر لأوجب ذلك تناقض آيات القرآن والتي قررت أن بعض الأنبياء طال عمره وخرج عن السنة الطبيعية للبشر.

وأضاف إن كان المراد بها عدم الموت فلا أحد يدعي بأن المهدي لن يموت فإذًا لا تتنافى قضيته مع السنن.

وحول ما أثاره الدكتور في بحثه من أسئلة حول المهدي «عج» من أن المنهج الصحيح يقوم على الاستدلال والسير طبق الدليل ثم الاعتقاد أجاب سماحته بأن قيمة الدليل تكمن في مضمونه وليس زمانه فإذا كان على طبق الموازين العلمية دليل منطقي فهو قيم إن جاء قبل الاعتقاد أو بعده وفي حال كان ضعيفًا فهو غير منطقي ولا وزن له وإن كان قبل الاعتقاد.

وعن عدم قبول الدكتور لما استدل به السيد الشهيد محمد باقر الصدر على القضية المهدوية حسب قوله بالمنطق والفلسفة أجاب السيد الخباز بالنفي بقوله «القضية المهدوية لا علاقة لها بالمنطق والفلسفة».

وأكد على أن السيد الصدر سلك في ما كتبه في «البحث حول المهدي» المنهج العلمي تمامًا حيث قسم البحث لفصول تمحور الفصل الأول في إمكان القضية المهدية، والثاني في إثبات وقوع ذلك، والثال في فلسفة الغيبة والظهور.

وذكر بأنه أثبت إمكان القضية عبر المنطق الفلسفي ولم يثبته لإثبات الوقوع وإنما الإمكان.

وفنّد ملاحظته الثالثة القائل فيها بأن قضية ولادة المهدي فرية والتي استند فيها على رواية أحمد بن خاقان المنقولة عن جعفر الكذاب في الكافي.

واستنكر السيد الخباز ملاحظة الدكتور الثالثة بقوله «كيف للشيعة تقرر بأن الإمام العسكري لم يعقِّب والراوي لهذه الحادثة ناصبي وينقل الرواية من إنسانٍ تعده الإمامية كذابًا».

وقال بأن من الإنصاف أن يعود لنقل الكافي الذي أثبت ولادة الإمام المهدي «عج» في 31 رواية.

واختتم قوله بأنه لا يوجد مؤرخ قد أنكر وجود الإمام منوهًا إلى أن وجوده امتدادًا لثورة الحسين .