نص الشريط
الطموح وعلو الهمة
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 6/1/1430 هـ
مرات العرض: 3468
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (13244)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ

صدق الله العلي العظيم

من القيم الجمالية التي تجسدت في مدرسة كربلاء، قيمة الطموح وعلو الهمة، وهذا ما أكدت عليه الآية المباركة في قوله تعالى ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ، حديثنا عن الطموح في محاور:

  • المحور الأول: بيان معرفة النفس.
  • المحور الثاني: بيان أهمية الطموح.
  • المحور الثالث: بيان انقسام الطموح إلى طموح الفرد وطموح الأمة.

المحور الأول: بيان معرفة النفس.

معرفة النفس تنقسم إلى نوعين:

  1. معرفة ملكوتيه.
  2. معرفة إبداعية. نركز ونفصل في المعرفة الملكوتيه.

المعرفة ملكوتيه:

هناك عالم مُلك وهو عالم المادة قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ، وهناك عالم ملكوت وهو عالم ما وراء المادة قال تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، لذلك تارة ننظر للنفس نظرة ملكية وتارة ننظر لها نظرة ملكوتيه، إذا نظر للنفس «كل إنسان ينظر إلى نفسه» نظره ملكيه «يعني نظرنا إلى النفس في إطار المادة» نجد أن النفس مستقلة يعني تعمل باختيارها وتحب باختيارها وتبغض باختيارها تفكر باختيارها فهي مستقلة، ولكن إذا نظرنا إلى النفس نظرة ملكوتيه «يعني تجاوزنا عالم المادة» وقرءنا النفس بتجرد وتحرر من المادة، سنجد أن النفس غير مستقلة، سنجد أن النفس نفحه من نفحات الله وصورة معبرة عن الله، سنجد أن النفس متعلقة بالله ومرتبطة بالله، أي أن النفس هي عين الربط والتعلق بالله عز وجل.

وإذا تعرفنا على النفس معرفة ملكوتيه ووجدنها عين التعلق بالله تعرفنا على الله وهذا ما ورد عن النبي : ”من عرف نفسه فقد عرفه ربه“ كيف نتعرف عن النفس معرفة ملكوتيه؟

الله سبحانه وتعالى حينما برأ النفوس وابتدع الموجودات، جعل في كل نفس ومضة من نوره «كل نفس بها ومضة من نور الله»، نفسي فيها نور الله، نفسك فيها نور الله، الله تبارك وتعالى ملك النفوس بنوره قال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لا توجد نفسٌ إلا وهي تحمل ومضة من نور الله ورشحة منه نوره تبارك وتعالى، ودور الإنسان أن يكتشف نور الله في قلبه، عليّ أن أكتشف نور الله الذي يشع في داخلي، كيف؟؟

متى ما أزاح الإنسان غبار الذنوب وركام المعاصي «الذنوب غبار ثقيل» إكتشف نور الله في داخله، يكتشف نور الله اكتشافا وجدانياً وليس اكتشاف عقلي، اكتشافاً شهودياً، سيجد نور الله في قلبه واضحاً جلياً، وهذا معنى ”من عرف نفسه فقد عرف ربه“، وهذا ما ورد عن علياً : ”قالوا له: هل رأيت ربك، قال: وكيف أعبد رباً لم أره، لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان“، يعني أنا رأيت نور الله في قلبي.

إذن المعرفة الملكوتيه أن تصل إلى هذا النور الذي في داخلك هذا ما يسمى في علم العرفان بالمعرفة النورية، لماذا سميت بالمعرفة النورية؟؟

أخذاً من القرآن الكريم، نرى الآيات تركز على هذا المعنى!! الآيات لا تتكلم عن شيء مجازي بل تتكلم عن شيء حقيقي وملموس، الله تبارك وتعالى يقول: ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِوقال تبارك وتعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وقال تبارك وتعالى يصف هذا النور المهم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً وقال تبارك وتعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ، إذن هناك نور، هناك نور في داخلي عليّ اكتشافه، عليّ أن اصل إليه وهو نور الله، إذا وصلته وصلت إلى الله.

القرآن الكريم يقول: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ أين نوره الذي يهدينا إليه؟! موجود في داخلنا قال تعالى:َهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ، هذه المعرفة النورية معرفة نور الله في القلب هي التي عبرت عنها الأدعية الشريفة «يا من دل على ذاته بذاته» كيف؟ نقراها ولا نفهم معناها!!

يعني وضع نوره في قلبي فإذا أردت أن اصل إليه فلأبعد الذنوب أصل إلى نوره تبارك وتعالى، هو دلني على نفسه بوضع نوره في قلبي «يا من دل على ذاته بذاته عرفتك بك وأنت دللتني عليك» وقال الحسين في دعاء يوم عرفه ”أن يكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت“ أنت لم تغب أنت في قلبي نورك في قلبي «متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى كانت الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبداً لم تجعل له من ودك نصيبا» هذه المعرفة النورية المعرفة الملكوتيه.

أنقلك إلى بحث عقائدي يتعلق بهذه النقطة، ربما يطرح الإنسان سؤال، إذا كان المعصوم سواء «نبي، إماماً أو فاطمة الزهراء » إذا كان المعصوم يعيش المعرفة النورية «يعني يرى نور الله في قلبه» إذا كان المعصوم يعيش علماً لدنياً مقارناً للعصمة كما ذكرنا في الليلة السابقة إذا كان المعصوم مقبلاً على الطاعة معرضاً عن المعصية فما هو فضله على الناس؟ لا فضل له على الناس!! كيف ليس له فضل على الناس؟؟ نحن عندما نقارن بين شخصين، شخص متدين في أسرة متدينة وشخص متدين في أسرة منحرفة، أي تدينيهما أفضل؟ أيهما؟؟

ربما يقول شخص، الثاني تدينه أفضل، لماذا؟ لأن المتدين في أسرة متدينة تعينه أسرته على التدين فهو يقبل على التدين بمعونة الأسرة، بينما المتدين في أسرة منحرفة يصارع الشهوة والغريزة والأسرة حتى يصل إلى التدين، فهو وصل إلى التدين بعد صراع مريراً فتدينه أفضل.

إذن، لو قارنا بين المعصوم وبين الإنسان العادي «المعصوم لا يعيش صراع مع الشهوة لأن عنده معرفه نوريه وعلم لدني» من يعيش العلم اللدني يعيش المعرفة النورية، إذن ليست لديه شهوة نحو المعصية، هو دائما مقبل على الطاعة دائماً معرض عن المعصية، لا يعيش شهوة المعصية فلا يعيش صراعاً مع شهوة المعصية، بينما الإنسان العادي يعيش صراع مع شهوة المعصية، إذن الإنسان العادي إذا تدين فتدينه ناشئ عن صراع مع الشهوة بينما المعصوم ليس عن صراع مع الشهوة، إذن تدين الإنسان العادي أفضل!! هذه الفكر، ما هو الجواب عنها؟؟

العلماء يقسمون الفضل إلى:

  1. الفضل الذاتي.
  2. الفضل العملي.

الفضل الذاتي:

مقياسه الصفاء، لا يرتبط بالإختيار «هناك اختيار أم لم يكن هناك اختيار»، الفضل الذاتي مقياسه الصفاء، ما معنى مقياس الصفاء؟ يعني كلما كانت الذات أكثر صفاء من غيرها فهي أفضل من غيرها «يقدم لك نوعان من العسل، الأول أكثر صفاً من الثاني، أقل شوائب وقدورات من العسل الثاني، تقول العسل الأول أفضل من الثاني» لماذا؟ لأنه أكثر صفاءً، هذا يسمى فضل ذاتي لا يرتبط بالاختيار والإرادة.

مثال من الإنسان نفسه: أنا أستاذ وعندي تلميذان، أُسأل أي التلميذين أفضل، أقول هذا أفضل لماذا؟ لأن ذهنه أصفى، كلما كان ذهن الإنسان أصفى كان أذكى وأكثر استيعاباً للمعلومات ورسوخاً، صفى الذهن مهم، أنا أقول تلميذي هذا أفضل من هذا «ذهنه أصفى منه»، ربما أحد يقول ليس بإختياره «الله خلقه هكذا» حتى لو لم يكن بإختياره، صحيح هذا خلق أذكى بدون إختياره وهذا خلق غير ذكي أو ذكي بدون إختياره، لكن الفضل الذاتي لا ربط له بالأختيار والإرادة.

نفس الشيء بالنسبة إلى ذات المعصوم مع الذوات الأخرى، عندما تقارن ذات المعصوم وذوات الأخرى، أو تقارن عمل المعصوم وعمل الأخر ماذا تقول؟ تقول ذات وعمل المعصوم أكثر صفاءً وخلوص من الذوات الأخرى، إذن عمل وذات المعصوم أفضل، لأن المقياس في الفضل هو الصفاء، وهذا أصفى وأقل شوائب وأقل من الأخر من حيث الشوائب المادية والدنيوية، وهذا الفضل بين الأنبياء والرسل «لأنهم يتفاضلوا»، القرآن الكريم يقول: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍفضل ذاتي ليس بإختيارهم ولا بإرادتهم قال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ.

الفضل العملي:

يعني الفضل من حيث القيمة السلوكية، ربما يقول شخص أنا عملي أفضل من المعصوم لأنني أعيش صراعاً مع شهوة المعصية ثم أنتصر على شهوتي بإراداتي وإختياري وهذا الصراع لا يتعرض له المعصوم! فكيف يكون عمله أفضل من عملي! بل عملي أفضل من عمله!!

الجواب: لا ينحصر الصراع والمكابدة والمواجهة للنفس في الصراع مع الشهوة، لا، هناك مساحات أخرى للمكابدة ومواجهة النفس، مواجهة النفس لا تنحصر في مواجهة الشهوة، حتى يقول إنسان أن المعصوم ليست عنده مواجهة لنفسه لأنه لست عنده شهوة، لا، هناك مساحات أخرى لمواجهة النفس، مثلاً: إنسان «أنت مثلاً» ترى أبوك، أبوك عاش بالمساجد والحسينيات ومشى 40، 50، 60 سنة على هذه الأجواء الدينية، هذا الآن بعد هذا العمر يشتهي المعصية؟ لا يشتهي المعصية، لو تقول له تشتهي أن تشرب الخمر؟ يقول لا، ولا اشتهي ارتكب فواحش وكبائر لأنه تربى على الدين.

شهوة المعصية ذابت واضمحلت منه، فهو لا يعيش شهوة نحو المعصية، لكن هذا لا يعني أنه يعيش مواجهة ومكابدة مع النفس، لأنه ليس عنده شهوة المعصية، مجاهدة النفس لا تنحصر في مواجهة شهوة المعصية هناك مساحات أخرى لمجاهدة النفس، ما هي؟ هناك أمثلة ثلاثة يتضح من خلالها.

المثال الأول غريزة حب الذات: «ونتعرض لها في الليلة القادمة تفصيلاً وكيفية ضبطها والسيرة عليها»، هي غريزة متأصلة ومسيطرة على الإنسان، كل إنسان يحب ذاته «حتى المعصوم يحب ذاته»، النبي يحب نفسه، الأمام علي يحب نفسه، لا يوجد إنسان لا يحب نفسه، حب النفس أصلاً وسيلة لطاعة الله تبارك وتعالى، غريزة حب الذات تقتضي أشياء: من أحب ذاته أحب المنصب، من أحب ذاته أحب الرئاسة ن من أحب ذاته أحب الثناء والمدح والشهرة!! الإنسان لأنه يحب ذاته يحب الشهرة وأن يكون رقم معروف لأنه يحب ذاته يحب المدح والثناء أن يثنى عليه، لأنه يحب ذاته يحب أن يكون رئيسا ومطاعاً إذن حب الذات يقتضي ميول معينة، هذا الميول ليست معاصي.

لو إنسان أحب الرئاسة، أو المنصب أو الثناء والشهر لم يعصي الله، هذه الميول ليست معصية هي أمور مباحة، لكن المعصوم هنا يختلف عن غيره، هنا يأتي الصراع والمكابدة، غير المعصوم يستسلم لغريزة حب الذات ن فيحب الرئاسة والمنصب والمدح والثناء، لكن المعصوم وإن كان هذا الحب مباحاً ولا معصية فيه لكنه بإرادته الصامدة والثابتة والقوية يقاوم غريزة حب الذات حتى لا تحصل له هذه الميول، وإن كانت ميول مباحة لكنه يقوم غريزة حب الذات كي لا تتحقق منه هذه الميول، الميل للرئاسة والمنصب والميل للشهرة والثناء ن يقاوم نفسه كي لا تقع منه هذا الميول، إذن هو يعيش أيضا نوع من المكابدة والمواجهة للنفس ولذلك ورد عن الإمام علي : ”أخر ما يخرج من قلوب الصديقين «صديقين وأولياء» حب الرئاسة“، حب الرئاسة تغلغل في الإنسان، أخر نقص يخرج منه هو هذا ”أخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة“، إذن المعصوم يعيش المكابدة.

المثال الثاني الغريزة الغضبية: الإنسان إذا اعتدي عليه ماذا يحدث عنده؟ ردة فعل هذه تسمى «الغريزة السبعية» لكل فعل ردة فعل، وإذا إنسان لم تحدث عنده ردة فعل؟ الحديث يقول: ”من اغضب ولم يغضب فهو حمار“ هناك غريزة غضبية تتحرك، لو أن الإنسان استجاب للغريزة الغضبية ورد الاعتداء باعتداء مماثل، هل أرتكب محرماً؟ لا، قال تعالى: ﴿مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ لم يرتكب معصية، لكن لو لم يرد الاعتداء وكضم غيظه لكان ذلك كمالاً في النفس قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَالمعصوم هنا تبدو مكابدته للنفس، المعصوم كم يتعرض إلى اعتداءات وتجاوزات وإساءات؟ إلى يومنا هذا!! الأئمة يخترقوا عليهم قضايا وأخبار..

المعصوم يتعرض إلى إساءات وتجاوزات، مع ذلك المعصوم ضبط غريزته الغضبية بإرادته الصادمة وسيطر عليها فلا تتحقق منه ردة فعل حتى على مستوى الميل النفسي للرد.

رجل مشى خلف الإمام زين العابدين وشتم الإمام، سكته عنه، شتم مرة ثانية وسكت عنه، شتم مرة ثالثة وسكت عنه، جاء له وأمسك الإمام من يده وقال له إياك أعني واشتمك، قال له الإمام وعنك أغضي «اعلم انك تشتمني ولكني أُذبت على التجاوز»، «َإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً» «وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً».

المثال الثالث: كلما كان الإنسان «هذه قاعدة نفسيه» عاطفياً كان أكثر محبة للناس، الناس على قسمين أن تعاشر أصدقائك وهم قسمين، الأول: صديق ليست عنده عاطفة، عواطفه محدودة، الثاني: صديق عنده عاطفة جياشة، هذا الذي عنده عاطفة جياشة تراه يحب الناس، طبيعة الذي عنده عاطفة يحب الناس يجلس معهم ويبتسم معهم ويقضي حوائجهم ويخالطهم، لماذا؟ لأنه يعيش عاطفة جياشة العاطفة تقوده لحب الناس، الناس أحياناً يقولوا هذا طيب «بهيم» ليس بهيم، هو الله رزقه نعمة لم يرزق غيره وهي نعمة العاطفة وحب الناس.

المعصوم، أكثر الناس عطفاً، كما أن المعصوم يحمل أكبر طاقة عقلية، يحمل أكبر طاقة عاطفية «عنده عاطفة لا حد لها»، الله أعطاه هذا الدور، لأن دوره يحتاج إلى عاطفة، المعصوم دوره دور التربية، والتربية تحتاج إلى عاطفة، تربية الناس تحتاج إلى أن تبدل للناس محبة وانفتاحا وتواضعا واهتماما وعناية وتقديراً، دور المعصوم دور يتوقف على طاقة هائلة من العاطفة، وأعطيت للمعصوم أكبر طاقة عاطفية، عاطفة المعصوم مع الناس «من باب التشبيه وإلا عاطفة المعصوم أعظم» كعاطفة الأمومة، ترى الأم وعلاقتها بطفلها الرضيع، إذا أم عندها طفل رضيع كيف عاطفتها معه؟ تحن عليه وتحبه أكثر من حبها لنفسها وتتألم له أكثر مما يتألم لنفسه، تفرح له مما يفرح لنفسه، عاطفة الأم على طفلها بحر فياض، عاطفة المعصوم الأمة «ليسوا المؤمنين فقط» الأمة مؤمنين أو كافرين!! المعصوم يحب الكل، عاطفة الأمة على الناس كعاطفة الأم على أولادها الرضع الصغار بل أشد من ذلك.

المعصوم يتألم لنا أكثر من تألمنا لأنفسنا، المعصوم يحبنا ويتألم لنا ويفرح لنا ويحزن لحزننا أكثر من تفاعلنا نحن مع أنفسنا وهمومنا، لذلك الآية المباركة تشير إلى هذا المعنى﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ «هذه الكلمة تعني أشياء كثير» مَا عَنِتُّمْ، أتعابكم عزيزة على الرسول، أحزانكم عزيزة على الرسول قال تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ، عاطفة النبي كانت عاطفة مشبوبة وكبيرة أعظم من عاطفة الأم على أبنائها.

لذلك هنا يأتي المعصوم يكابد عاطفته «من كان أكثر عاطفة كان أكثر ألماً»، إذا يشوف العصاة يتألم...، المعصوم يكابد عاطفته ويقوم بضبطها، عاطفته تحب الكل، لكنه لا يستطيع أن يتعامل مع الكل معاملة واحدة، مع أن عاطفته تحب الكل، يردع العاصي مع أنه يحبه، يقاتل الكافر مع أنه يحبه، يقيم الحدث على المجرم مع انه يحبه، يحب الجميع لكنه يضبط عاطفته ويسيطر عليها بحيث تكون متوازنة مع عقلانيته، وهذه المكابدة للعاطفة صراع.

إذن بالنتيجة: لا يصح لنا أن نقول عملنا أفضل من عمل المعصوم، لأننا نعيش صراع الشهوة والمعصوم لا يعيش صراع الشهوة، المعصوم يعيش مواجهة النفس في مساحات وآفاق وامتدادات أخرى ترتبط بالعمل والسلوك ارتباطا وثيقا كما ورد عن الإمام علي : ”وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى“.

المعرفة إبداعيه:

المعرفة الإبداعية تعني اكتشاف طاقة النفس، في كل نفس طاقة، أنت تجهل بأنك تملك طاقة لكنك تملك طاقة، كل إنسان لديه طاقة لكنه يجهلها هناك إنسان يملك طاقة أدبيه أو طاقة في الخطابة أو طاقة في الفن أو طاقة في الرياضة أو طاقة الفيزياء وهكذا كل إنسان يملك طاقة، كل إنسان له طاقة واكتشاف الطاقة هو عبارة عن المعرفة الإبداعية.

ورد عن الإمام علي : ”كفى بالمرء معرفة أن يعرف نفسه وكفى بالمرء جهلاً أن يجهل نفسه“ يعني يكتشف طاقته، لا يدري عن طاقته الموجودة، علينا أن نكتشف طاقاتنا وقدراتنا وهذا هو المُعبر عنه بالمعرفة الإبداعية.

كل إنسان يعيش غريزة التجديد «فالإنسان دائماً يحب الجديد» ولا يحب أن يبقى على روتين واحد، ولذلك هناك سؤال يذكر في كتب الحكمة، لماذا نوع الله الفصول إلى أربعة؟ شتاء وصيف وخريف وربيع؟

حتى تنسجم الفصول مع فطرة التجديد، لو كان الجو كله ربيع لمل الإنسان من الربيع ولو كان الوقت كله شتاءً لمل الإنسان من الشتاء فمن أجل الانسجام مع غريزة التجديد لدى الإنسان نوع الله الفصول إلى أربعة.

العبادة، لماذا جعل الله العبادة أوقات؟ لماذا لم يجعل العبادة كلها في وقت واحد؟ نوع الله العبادة كي يحافظ الإنسان على غريزة التجديد، الصوم في رمضان والحج في ذي الحجة وليلة القدر لها أعمال خاصة وليلة الجمعة لها أعمال خاصة، العبادة قسمها على أوقات لكي تنسجم مع غريزة التجديد لدى الإنسان، إذن الإنسان يعيش غريزة التجديد.

ورد عن النبي محمد : ”إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة“ مثلما البدن يمل القلب أيضاً يمل يحتاج إلى أن يغير ويستمع طرائف من الحكمة حتى يتجدد نشاطه، إذن المعرفة الإبداعية اكتشاف طاقات النفس لكي يقوم الإنسان بتجديدها ولكي يقوم الإنسان باستثمارها بنحو متجدد.

المحور الثاني: بيان أهمية الطموح.

الطموح، الشخصية على قسمين «تقسيم علماء الاجتماع»:

  1. شخصية نمطية.
  2. شخصية طامحة.

الشخصية النمطية:

هي التي تفكر تفكيراً روتينياً متعارف «المهم أن أحصل على شهادة جامعية وأتزوج وأنجب الأولاد» هذه شخصية نمطية لا تملك بعد نظر، الشخصية النمطية تقول المهم أن أملك سيارة فخمة وبيت فخم وأثاث فخم هذه شخصية نمطية.

الشخصية الطامحة:

هي التي تمتلك أفق أبعد ونظراً أبعد، الشخصية الطامحة «أصبح دكتور وبروفسور» وليس شهادة جامعية، ماذا أملك سيارة؟ ما هي قيمة السيارة؟ أصبح تاجر أملك شركات، شركات إقليمية متحركة هذا هو الطموح، أن يبعد نظرة وأفقه إلى مدى أوسع.

حتى نتحدث عن هذا الباب نطرح أسئلة، ما هو الطموح؟ وما هي مقومات الطموح؟ ما هي عوامل الطموح؟ ما مدى عناية النصوص الإسلامية بتربية روح الطموح؟

ما هو الطموح؟

ألدير من علماء النفس الاجتماعي يقول الطموح هو التطلع لإنجاز هدف معين «هناك هدف وأنا أتطلع لإنجازه» هذا التطلع يسمى طموحاً، هناك ناس طموحاتها اقتصادية أو ثقافية أو أدبية، الطموحات قسمين: مثلاً طموحات واقعية وطموحات غير واقعية، إذا كانت الإمكانات إمكانات تحقيق الهدف متاحة فالطموح واقعي وإذا لم تكن الإمكانات متاحة فالطموح غير واقعي، ونحن نتكلم عن الطموح الواقعي يمكن أن يقع ولو بعد عشر سنين أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة المهم أنه طموح واقعي.

ما هي مقومات الطموح؟ كيف أصبح شخصية طموح؟ كيف أتحرر من الروتين والنمطية؟ كيف أصبح شخصية طامحة؟

مقومات الطموح أربعة:

العنصر الأول: الهدفية.

أن يكون عندي هدف، جئت للحياة لهدف، ورد عن النبي محمد : ”رحم الله عبداً عرف من أين وفي أين وإلى أين“ ما هو هدفك في الحياة؟ ماذا تريد أن تصبح؟ أتريد أن تصبح شخصاً عادي؟ أم تملك هدفاً أكمل وأبعد من ذالك؟

ورد عن الإمام علي : ”لا يزال المرء عالماً ما طلب العلم فأن علم أنه علم قال كفى فقد جهل“، مادام يملك طموح كل يوم يريد العلم الجديد. وورد عن الإمام الكاظم : ”من تساوى يوماه فهو مغبون“ يعني هو شخص خسران.

العنصر الثاني: الثقة بالنفس.

«الثقة بالنفس تختلف عن الغرور»، «الغرور هو الاستبداد بالرأي من استبد برأيه هلك»، وورد عن علي : ”أعقل الناس من جمع عقول الناس إليه“، الذي يستفيد من التجارب والخبرات هذا أعقل الناس، أما الثقة بالنفس فهي عبارة عن اكتشاف القدرات والطاقات بهدف استثمارها وتفعيلها وهذا يختلف عن الغرور المذموم.

العنصر الثالث: الاستقلال.

الشخصية الخانعة التابعة للآخرين ليست شخصية طامحة، الشخصية الطامحة هي التي تعيش تحرر من العوائق والضغوط والموانع ودائماً تتعالى على الموانع والعوائق وليست شخصية خاضعة ولا خانعة، الشخصية التابعة ليست شخصية طامحة، ورد عن الإمام علي : ”احتج لمن شئت تكن أسيره، واستغني عن من شئت تكن نظيره، وأحسن لمن شئت تكن أميره“.

العنصر الرابع: الشعور بالمسؤولية.

الذي يشعر بأنه مسئول عن عمره هو الذي يصبح طموح، الذي يقول الدقائق هذه أنا مسئول عنها «لماذا أضيعه في المجالس ومشاهدة الأفلام وقصص تخص مجتمعات وليس فيها هدفيه واضحة وبناء واضح للمجتمع»، الإنسان الذي يشعر بالمسؤولية عن نفسه وعن وقته وعن الدقائق التي يعيشها هو الإنسان الطموح، لذلك أبو ذر جاء إلى النبي محمد قال: ”يا رسول الله: أوصني، قال: أوصيك بأربع قبل أربع، بشبابك قبل هرمك، وبصحتك قبل سقمك، وبغناك قبل فقرك وبحياتك قبل موتك“ اغتنم الفرصة فأنت مسئول عن هذه الدقائق، وورد عنه : ”الليل والنهار يعملان فيك فعمل فيهما، ويأخذان منك فخذ منهما“ أنت مسئول عن هذه الدقائق. إذن هذه العناصر إذا اجتمعت في إنسان فهو شخصية طامحة.

ما هي عوامل الطموح؟

هناك عوامل ثلاثة «يركز علماء الاجتماع على ثلاث وهي أكثر»:

العامل الأول: التعلم.

الشخص المتعلم يمكن أن يصبح طموح أما الشخص الغير متعلم يصعب عليه الطموح، لماذا؟ لأن العلم يفتح أبواب ويوضع أمامك خيارات ويوضع أمامك مساحات مختلفة لذلك طموحك هو الذي يدفعك لاختيار حقلاً أو مساحة أو مجالاً دون المجالات الأخرى، إذن التعلم عامل يبعث على الطموح.

العامل الثاني: ثقافة الأسرة.

إذا أنا أعيش في أسرة منفتحة، ما معنى أسرة منفتحة؟ يعني أسرة مواكبة للحضارة وأسرة تراقب الحضارة وتراقب الإنجازات في عالم الحضارة وتراقب المتغيرات، الأسرة التي تراقب الإنجازات وتراقب المتغيرات وتراقب مسيرة الحضارة أسرة تبعث أبناءها على الطموح لمواصلة هذه الانجازات والمتغيرات، أما إذا كان الأسرة روتينية وبعيدة عن الإنجازات لا تعلم ماذا يحدث في الدنيا، يصعب على ابنها أن يكون شخصية طموحة.

العامل الثالث: المستوى المعيشي والمهني للأسرة.

هناك ناس تضن أنك إذا عشت في أسرة غنية تصبح إنسان طموح، لماذا؟ لأن الأسرة توفر لك فرصة التعليم ومواصلة الدراسة وبالتالي يتحقق لك طموح، أما إن عشت في أسرة فقيرة لا تملك فرصة للتعليم فلا يصبح عندك طموح وهذا التوهم غير صحيح أبداً.

سيركون أحد علماء الاجتماع، قام بدراسات ميدانية على المجتمع الأمريكي والأوربي وتوصل بالنتيجة: أن أغلب المبدعين والشخصيات الطموح التي أبدعت إنجازات هائلة هم من أسر فقيرة أو أسر متوسطة، الذي يعيش في أسرة غنية ربما تطغى عليه روح الترف وبحبوحة العيش فلا يفر في الإنجاز أما الذي يعيش في أسرة متوسطة أو فقيرة ويقارن بين أسرته والأسر الأخرى ويقارن بين مجتمعه والمجتمعات الأخرى تتحقق إليه دافعية الإنجاز وروح الطموح.

أديسون مثلاً: خرج من أسرة فقيرة وأديسون ليس فقط الكهرباء أخترعها بل عشرات الاختراعات، إنسان أبدع وأنجز وكان شخصية طموحة من شخصية فقيرة، ولكن نحن نقول لا، أمثلتنا مراجعنا، مراجعنا خير مثلاً على الشخصية الطموح، مراجعنا أناس طامحون، إذا تقرأ سير مراجعنا أغلبهم من أسر فقيرة لكن بطموحهم وبقوة إرادتهم وبمثابرتهم وصبرهم وصلوا إلى قمة العلم والمعرفة ووصلوا إلى منصب المرجعية.

مثلاً سيدنا الخوئي ”قدس سره“: انحدر من أسرة فقيرة ولكن السيد الخوئي لأنه صاحب إرادة وطموح استطاع أن يكون عالم متضلع في عدة علوم موسوعي كان في علم التفسير وعلم الرجال وعلم الفقه وعلم الأصول متضلع في مجموعة من العلوم.

مثلاً الإمام الخميني ”قدس سره“: لأنه شخصية طموح وشخصية ذات إرادة حديدية استطاع أن في مجال العلم أن يصبح فقيه أصولياً من الدرجة الأولى وفي مجال العمل أن يفجر ثورة لم يسبق إليها أحداً قبله.

الإمام محمد باقر : الصدر في الثلاثينات كم عاش؟ عاش خمسين سنة لكنه وفي الثلاثين من عمرة استطاع أن يبتكر ويبدع نظريات في الاقتصاد الإسلامي والفلسفة والفقه والأصول كل ذلك لطموحة وقدرته وإرادته الصامدة وقد جاء من أسرة فقيرة وكان يتيم.

إذن مثلنا في الطموح مراجعنا، وقد اهتمت النصوص الشريفة بتربية روح الطموح، فلنربي أبناءنا وأطفالنا وشبابنا على الطموح، الإسلام اهتم بتربية روح الطموح من خلال محاربته إلى عناوين ثلاثة:

العنوان الأول: الكسل.

إذا رأيت طفلك كسلان حاول أن تجدد نشاطه، تعطيه قصة أو تجلس معه أمام التلفزيون لبرنامج مفيد أو تخرج معه مكان أو مأتم أو مجلس حتى يكتسب خبرة ولا تدع الكسل يصل إليه، ورد عن النبي : ”من كسل عن أمر دنياه فهو عن أمر أخرته أكسل“.

العنوان الثاني: الفراغ.

الفراغ يجر إلى المفسدة إذا تأتي أيام الإجازة ترى الأبناء إما نائمين أو ساهرين أو يقضي وقته على التلفاز أو على النت، فراغ قاتل ويجر إلى المفسدة «علمت يا مجاشع ابن مسعدة أن الفراغ والشباب وألجده مفسدة للمرء أي مفسدة»، ورد عن الإمام الصادق : ”إن الله يبغض العبد الفارغ“، وورد عن الإمام علي : ”ما فرغ العبد ساعة من يومه قط إلا كانت فرغته حسرة عليه يوم القيامة“ حاول أن تملأ الفراغ بأي عمل، عمل عبادي أو ثقافي أو خير أو اجتماعي.

العنوان الثالث: اللهو.

اللهو يعني تنشغل بالقضايا الثانوية عن القضايا الأساسية، بدل أن تذهب إلى المأتم وتستمع إلى محاضرة مفيدة تجلس في البيت وتستمع العزاء حاول أن تطور من حياتك، ورد عن النبي محمد : ”إن المؤمن لمسئول عن اللعب“ المؤمن لا يملك وقت ليلعب فوقته مملوء بالثقافة والعمل والعطاء، وورد عنه : ”كل لهو المؤمن باطل إلا ثلاث، تأديبه فرسه ورميه عن قوسه وخلوته بأهله“ إذن الإسلام حارب معوقات علو الهمة ومعوقات الطموح.

المحور الثالث: بيان انقسام الطموح إلى طموح الفرد وطموح الأمة.

هناك طموح:

  1. طموح فرد.
  2. طموح أمة.

طموح الفرد:

مع الأسف مجتمعاتنا تفتقر إلى الطموح، روح الطموح عندنا روح ضعيفة وضئيلة على المستوى الأكاديمي والأدبي والحوزوي.

على المستوى الأكاديمي:

كثير من شبابنا «اسأل شباب الثانوي والجامعة» يائس ويعيش إحباط ولا يمتلك طموح، تقول له أكمل الدراسة ويصبح عندك ماجستير ودكتوراه «يقول لا توجد فرص للعمل فليس هناك فائدة للشهادة» كأنما الهدف من الحياة المال، إذا كان شهادة الدكتوراه أو الماجستير لا تجلب لي أموال فلماذا أتعب نفسي؟، هدفه أن يحصل على ثروة وينفق به على نفسه وأولاده.

أولاً: العلم كمال في حد ذاته حتى وإن لم تحصل على مال أو عمال، العلم كمال وحاول أن تترقى في درجات العلم وفي أي مجال أو اختصاص.

ثانياً: نحن متقوقعون في محيط ضيق، إذا لم توجد الأعمال في بلدنا وفرص العيش قليلة إذن لا توجد حياة وطموح، لا فلنجعل نظراً أبعد وننطلق إلى مجتمعات أخرى ولننطلق إلى بلدان أخرى حيث تتوفر فرص العمل وتتوفر فرص نبرز فيها كفاءتنا وطاقتنا وقوتنا وإرادتنا «لماذا التقوقع؟»، القرآن الكريم يقول ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا لا تملك العذر أمام تلبية طموحك أبداً.

على المستوى الأدبي:

مناطقنا تملك شعر وأدب راقي، لكن كثير من أدبائنا لا يمتلك طموحاً، لا يمكنك أن تكون رقماً في عالم الأدب حتى يكون لك طموح وحتى توسع من ثقافتك الأدبية، تعلم على اللغة الإنجليزية حتى تتطلع على الأدب الإنجليزي، تعلم اللغة الفارسية حتى تطلع على الأدب الفارسي، إذا أصبحت ثقافتك الأدبية موسعة كنت رقماً في عالم الأدب والشعر.

على المستوى الحوزوي:

كثير من أبناءنا وإخواننا يذهب إلى الحوزة ويجلس خمس سنوات أو عشر سنوات ويرجع يجلس في البلد «إذا رجع وجلس في البلد» انتهى الطموح، البلد تحتاج إلى موجهين ومبلغين ومرشدين ومعلمين لكن البلد تحتاج أيضاً إلى فقهاء وتحتاج إلى أرقام عالية في الفقه والعلم الحوزوي، لماذا ليس عندنا طموح نحو ذالك؟

والوصول إلى الأرقام العالية يحتاج إلى طموح ومواصلة ومثابرة وصبر وإرادة قوية، نحن نفتقر إلى طوح الفرد في كثير من المجالات. ورد عن الإمام علي : ”قدر الرجل على قدر همته“، الرجل كيف تميزه وكيف تضع له ميزان؟ على قدر همته وطموحة.

طموح الأمة:

الأمة ينبغي أن تكون أمة طموحاً أيضاً كما أن الفرد طموح فالأمة طموح، الأمة الطموح هي التي تعنى بطاقات أبناءها وبقدراتهم، مثلاً شبابنا يائس ومحبط ولا يملك طموح، هل لدينا مؤسسات تربي شبابنا على الطموح؟ مجتمعاً يحتاج أن يكون مجتمع مؤسساتياً يعنى بهذه الأمور، شباب الثانوية هل يدخلون دورة ثقافية تأهيلية تربي فيهم روح الطموح؟ وتفتح أمامهم البدائل المختلفة؟ ليس الأمر كذالك.

مثال آخر: المتقاعدين كثيراً في سن مبكر، نحن نحتاج إلى مؤسسات تلتفت لهؤلاء المتقاعدين وتلتفت إلى الطبقة المتقاعدة وتحاول أن تحركهم وتشغل وقتهم وتفتح لهم أبواب عمل وجهد حتى يتحول إلى طاقة فاعلة ومتجددة، اللجان الأهلية والخيرية تستفيد من هذه الطاقة في سبيل تحريكها وتجديد نشاطها «ونتعلم الطموح من مدرسة كربلاء...»

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الأنانية والغيرية بين المعسكرين
الولاء المقدس