نص الشريط
الأنانية والغيرية بين المعسكرين
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 7/1/1430 هـ
مرات العرض: 4984
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (6806)
تشغيل:

﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى «5» وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى «6» فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى

من القيم الجمالية التي تجسدت يوم كربلاء قيمة العطاء وقيمة الغيرية وهذا ما تمثل في شخصية أبو الفضل العباس التي عبر عن هذه القيمة بقوله: "يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنتِ أن تكوني".

حديثنا عن قيمة العطاء والغيرية في محاور:

المحور الأول: فلسفة الأنانية والغيرية في الإنسان.

المحور الثاني: بواعث لأنانية والغيرية لدى الإنسان.

المحور الثالث: مراتب العطاء.

المحور الأول: فلسفة الأنانية والغيرية في الإنسان.

الإنسان لديه صفتان: صفة الأنانية. وصفة الغيرية.

ما معنى الأنانية؟! وما معنى الغيرية؟!

الأنانية: هي التشبث بالمصالح الذاتية بالمصالح الفردية، الإنسان الذي لا يفكر إلا ببطنه وبجيبه وبوسادته ولا يعني بهموم المجتمع إنسان أناني.

الغيرية: هي عبارة عن التضحية بالمصالح الشخصية لأجل مصلحة الغير لأجل مصلحة الأخر نظير الأم التي تضحي بنومها تضحي بوقتها تضحي بجسمها في سبيل مصلحة أبنائها، نظير الذين يسخرون جهودهم وأوقاتهم في جمعيات خيرية وفي لجان كافل اليتيم فأن هذه التضحية من أجل الآخرين يعبر عنها بالغيرية.

منذ القدم من عهد أفلاطون وسقراط بحث علماء الإنسانية حول هذه النقطة هناك مصالح فردية ترتبط بالإنسان وهناك مصالح اجتماعية ترتبط بالآخرين وقد يقع التعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع، فما هو علاج التعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع كي لا تتطور الأنانية ولا تذوب الغيرية؟!

هناك اتجاهات ثلاثة:

  • الاتجاه الأول: الاتجاه المادي.
  • الاتجاه الثاني: الاتجاه الماركسي.
  • الاتجاه الثالث: الاتجاه الإسلامي.
الاتجاه الأول: الاتجاه المادي.

يرى أن الأولوية لمصالح الفرد المهم مصلحتي أولاً ثم مصلحة الأخر فهي ثانياً الأولوية لمصالح الفرد هذا الاتجاه هو الاتجاه السائد في الغرب، الاتجاه المادي يرتكز على نقطة وهي «غريزة حب الذات» أقوى غريزة جبله عليه الإنسان «غريزة حب الذات» ولد هو يحب ذاته وهذه الغريزة تولد عنها قوتان:

  1. قوة جلب ألذه.
  2. قوة دفع الألم.

هناك قوة جاذبة وهي المعبر عنها بالشهوات والقرآن الكريم يعبر عنها بالنفس الأمارة قال تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِوهناك قوة دافعة للألموهي القوة الغضبيه هاتان القوتان تتفرعان على غريزة حب الذات، فبما أن غريزة حب الذات أقوى غريزة يعيشها الإنسان إذن لابد أن نحقق للإنسان مصالحة الشخصية لأن تحقيق مصالحة الشخصية يرضي غريزة حب الذات فالاتجاه الصحيح في نظر الماديين هو الاتجاه القائل «المصلحة الشخصية أولاً» لأن هذا الاتجاه ينسجم مع طبيعة الإنسان ينسجم مع غريزة ذاتية ألا وهي غريزة حب الذات.

الاتجاه الثاني: الاتجاه الماركسي.

معاكس تماماً للاتجاه الأول، الاتجاه الماركسي لين ماركس انجلز يقولون لا الأولوية للمصالحة العامة ينبغي أن تذوب المصلحة الشخصية في المصلحة العامة ينبغي أن تذوب مصالح الفرد في مصالح الغير ينبغي أن يكون الإنسان مجرد أداة لخدمة الغير لخدمة المجتمع ليس إلا لماذا؟!

الفكر الماركسي يركز على أن غريزة حب الذات ليست غريزة متأصلة في الإنسان، غريزة حب الذات جاءت وتولدت عن ثقافة عاشتها الإنسانية وهي ثقافة الفرد يعني الإنسان منذ أن سكن كوكب الأرض لم يكن قد تربى تربية عقلانية تربية هادفة ولأجل عدم تربية شاعت عنده نزعة الفرد تستأثر بالثروات واحتكر الأشياء لنفسه ونتيجة شيوع ثقافة الفرد برزت الحروب وظهرت الطبقية وظهرت ظاهرت الرق والاستعباد في المجتمع كل هذه المفاسد جاءت نتيجة ثقافة أسمها «ثقافة النزعة الفردية» وهذه الثقافة ولدت شيء اسمه غريزة حب الذات وإلا غريزة حب الذات ليست متأصلة في الإنسان هي وليدة ثقافة.

إذن علينا أن نغير الثقافة إذا تغيرت الثقافة اضمحلت غريزة حب الذات وحل محلها غريزة حب الجماعة علينا أن نغير الثقافة من خلال وسائل الأعلام، من خلال المقررات الدراسية، من خلال المبادئ الأسرية نركز من خلال الوسائل المختلفة على غريزة حب المجتمع غريزة حب الجماعة إذا ركزنا على الثقافة الاجتماعية بمرور الأيام سوف تضمحل غريزة حب الذات وتذوب والأخطار التي أنشئت عنها سوف تنتهي فلا حروب ولا طبقية ولا استعباد بل الإنسان أداة مطواعة لخدمة المجتمع.

الاتجاه الثالث: الاتجاه الإسلامي.

الاتجاه الإسلامي يقول: لا أولوية لمصلحة الفرد على مصلحة المجتمع ولا أولوية لمصلحة المجتمع على مصلحة الفرد المصلحتان في أيطار واحد المصلحتان كفتان لميزان واحد ينبغي أن يكون النظام نظاماً توفيقياً بين المصلحتين بين الاتجاه الذاتي والاتجاه الاجتماعي بين الأنانية بين الغيرية ينبغي أن يكون النظام نظاماً توفيقياً بينهما كيف؟!

الاتجاه الإسلامي يبتني على مجموعة ركائز:

الركيزة الأول:

ركيزة طبيعية ركيزة تكوينية، ما هي الركيزة التكوينية؟! الركيزة الكونية تقول: الإنسان عنده غريزتان بالفطرة غريزة حب الذات وغريزة حب الجماعة ولد وعنده الغريزة، الاتجاه الماركسي الذي يلغي غريزة حب الذات ويرى أنها وليدة وليست أصيلة اتجاه خاطئ غريزة حب الذات أصيلة ومستحكمة ومسيطرة على الإنسان.

لو سألت الماركسي لماذا نشأت الحروب؟! لماذا انتشرت ظاهرة الطبقية في المجتمع؟! سيقول لك منشئها ثقافة النزعة الفردية فسأله ما هو منشأ ثقافة النزعة الفردية؟! منشئها غريزة حب الذات لو لم تكن لدى الإنسان غريزة حب الذات لما نشئت ثقافة النزعة الفردية، ولو لم ينشر ثقافة النزعة الفردية لمَ ظهرت ظاهرت الطبقية والاستعباد وأمثال ذلك، إذن المنشأ الأول غريزة حب الذات، حتى الشخص الذي ينتحر لا تتصور أنه لا توجد عنده غريزة حب الذات «لا» يحب ذاته بل العكس الذي دعاه للانتحار حبه لذاته لو لم يحب ذاته لمَ انتحر الإنسان الذي يقدم على الانتحار يرى أن في الموت أرضا لذاته راحة لذاته تخليص لها من ألم الحياة ومصاعب الحياة فهو إنما يندفع للانتحار انطلاقاً من غريزة حب الذات وان أرتكب جريمة في قتله وإزهاقه لروح بشرية.

الشهيد ربما تتوهم أن الشهيد لا يوجد عنده حب لذاته شهيد بدل نفسه في سبيل القيم في سبيل الدين «لا» حتى الشهيد الذي دعاه للشهادة غريزة حب الذات لو لم يحب ذاته لم يستشهد في سبيل الله لماذا؟! لأن الشهيد قبل موته يتأرجح بين لذتين لذة الحياة المادية ولذة الشهادة لذة الحياة المادية لذة مادية حسية لكن لذة الشهادة لذة روحية عقلية الشهيد يتأرجح بين لذتين ثم يختار اللذة المعنوية على اللذة المادية، الشهيد إنما يقدم على التضحية بنفسه أرضا لذاته لأن ذاته تتطلع إلى لذة كبرى إلا وهي لذة الشهادة كالذي دعاه للشهادة غريزة حب الذات.

إذن غريزة حب الذات غريزة متأصلة لدى الإنسان لا مفر منها حتى المعصوم يحب ذاته لا يوجد إنسان لا يحب ذاته ومعها غريزة حب المجتمع حب الناس، الإنسان ولد وهو يحب الآخرين لأن المجتمع الإنساني ليس مجتمع وحشي بل هو مجتمع مبني على علاقات إنسانية قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواولذلك ورد عن النبي محمد : ”خيركم من يألف ويؤلف“ لأنه يمشي على فطرته وهي طبيعة المحبة والألفة مع الآخرين.

الركيزة الثانية:

الإسلام لا يرى مشكلة في غريزة حب الذات وليست المشكلة في غريزة حب الذات هذه شيء إنساني لا نستطيع أن نغيره إلغاء غريزة حب الذات إلغاء للإنسانية وإنما المشكلة في «الثقافة» لا في غريزة حب الذات المشكلة في ثقافة الحياة، ما معنى الحياة؟!

إذا فسرنا مفهوم الحياة تنحل المشكلة، الإسلام هنا من أجل وضع ثقافة توفق بين حب الذات وغريزة حب المجتمع جعل ثلاثة مبادئ:

المبدأ الأول: امتداد الحياة.

ليس الحياة هي الحياة المادية التي نعيشها خمسين سنه أربعين سنة سبعين سنه هذا الذي يقدر للإنسان هذه ليست هي الحياة بل هي محطة من محطات الحياة، الماديون هم الذين يقولون قال تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا يعني يموت كبارنا ويحيا صغارنا، أما القرآن أما السماء فهي تقول: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُيعني الحياة الحقيقة، الإنسان الغربي إذا أنكر امتداد الحياة وأمن أن الحياة هي الحياة المادية فقط سوف يرى تعارض بين غريزة حب الذات وغريزة حب الجماعة.

مثلاً: أنا عندي مجموعة من الأموال هل أنفقها على ترفيه عيالي أسافر معهم أوروبا وأسافر معهم ماليزيا في هذا الصيف؟! أو أنفق الأموال على الجمعيات الخيرية على لجان كافل اليتيم؟! أنا متردد بين هذين الأمرين، إذا أمنت أن هذه الحياة هي فقط الحياة المادية سوف أرى تعارض بين إنفاق الأموال على أطفالي أو إنفاق أموالي على الفقراء لأني إذا أنفقتهم على الفقراء خسرت الأموال ذهبت مني هذا الشخص المادي الذي يفكر بمقياس الربح والخسارة المادية، أما إذا أمن بامتداد الحياة فليس هناك خسارة حياة أطول من هذه الحياة حياتي أوسع من هذه الحياة إذن المبدأ الأول امتداد الحياة.

المبدأ الثاني: مبدأ التعويض.

الإسلام يقول: كل ما تبدله فهو معوض لين يذهب هدراً ما تبدله على الفقراء على المحتاجين إذا بدلت وقتك لتعليم إذا بدلت أموالك للفقراء إذا بدلت جهدك لخدمة الناس كل ما تبدله مال وجهد وقت كل وعلم كل ما تبدله لن يذهب هدراً معوض في محطة أخرى في موقف أخر من مواقف الحياة الطويلة، الإسلام يطرح مبدأ التعويض هذا المبدأ يوفق بين غريزة حب الذات وبين غريزة حب المجتمع كيف؟!

إذا أمن الإنسان بأن ما يبدله للفقراء سوف يتحول إلى نعيم سوف يتحول إلى حياة مريحة سوف يتحول إلى ثواب لين يذهب هدراً، إذن بالنتيجة: بدلي للفقراء يحقق مصلحتين: مصلحة عامة: لأني أنعشت فقراء المجتمع ومصلحة خاصة: لأني هيأت للنفسي بهذا البدل نعيم هيأن لنفسي بهذا البدل ثواب بدلي للفقراء يرضي غريزة حب الجماعة لأني أنعشت فقراء المجتمع ويرضي غريزة حب الذات لأنه يعطي الذات عوض ونعيم وثواب في الآخرة.

إذن مبدأ التعويض مبدأ وفق بين غريزتين ووفق بين المصلحتين لذلك القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ويقول القرآن الكريم: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «121» وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.

المبدأ الثالث: اللذة في تأجيل اللذة.

كيف اللذة في تأجيل اللذة؟! أنتم تعرفون أن اللذة على قسمين: 1/لذة حسية 2/لذة عقلية «معنوية» مثلاً: أنا الآن أطرح عليك مسألة رياضية وأقول لك حل هذه المسألة الرياضية تجلس أنت تفكر وتفكر ثم تهتدي للجواب إذا اهتديت للجواب تحصل على لذة هذه ليست لذة حسية وإنما لذة عقلية «معنوية»، اللذة المعنوية أعظم من اللذة الحسية ما قيمة اللذة الحسية قبال اللذة المعنوية؟!

مثلاً: أيضاً الإنسان إذا تعرض لغراء افتراض إنسان جالس يلعب على النت وفجأة تكلم مع فتاه وحدث عملية أغراء وأصبح هذا الإنسان يدور بين أمرين بين أن ينقاد إلى شهوته وغريزته ويقيم علاقة غير مشروعة وبين أن يقف بحزم أمام شهوته وغرائزه فإذا أعرض عن هذه اللذة الوقتية من أجل رضا الله من أجل ثواب الله يشعر بلذة الانتصار على شهوته وعلى غريزته ولذة الانتصار على الشهوة والغريزة لذة معنوية أعظم من اللذة الحسية.

لأجل ذلك يقول الإسلام لا يوجد تعارض بين غريزة حب الذات وغريزة حب المجتمع، من بدل أمواله للفقراء ضحى بلدة مادية لأن كان بإمكانه أن ينفق هذه الأموال في أوروبا وماليزيا ضحى بلذة المادية ولكنه في نفس الوقت حصل على اللذة المعنوية وهي الشعور بالمسؤولية الشعور بأنه ساهم في إنعاش المجتمع الشعور بأنه حقق مصلحة عامة فحل على لذة ترضي غريزة حب الذات أشد وأعظم من اللذة الحسية، إذن الإسلام في فلسفته وفق بين الغريزتين وجمع بين الطرفين.

الركيزة الثالثة:

هي ركيزة تشريعية الإسلام يقول: لا مصلحة للفرد إلا في أيطار مصلحة المجتمع قانون مثلاً: بيتي استغنيت عنه وبنيت لي بيت جديد في المناطق الجدية وهذه البيت الموجود في المناطق القديمة استغنيت عنه الآن ماذا افعل أجره مخبز طيب أنت أذا تأجره مخبز وهذا البيت محاط ببيوت متلاصقة متداخلة سوف تنتقل الحرارة سوف ينتقل الدخان سوف ينتقل التلوث البيئي إلى البيوت المجاورة ما رأيك؟! أنانية وتضحية بالمصلحة الاجتماعية من أجل المصلحة الفردية لا ليس من حقك الإسلام يقول ليس من حقك، يعني من حقك أن تبني داخل البلد مصنع وتلوث البيئة كلها بدخان هذا المصنع لا ليس من حقك، إذن مصلحة الفرد في أيطار مصلحة المجتمع لا ضرر ولا ضرار.

مثلاً: التكافل الاجتماعي ما عنده الغرب تكافل اجتماعي؟! عنده تكافل اجتماعي عنده جمعيات أمريكا وحدها مئات ألاف من الجمعيات الغرب عنده تكافل اجتماعي ولكن ما هو القانون؟! الاتجاه المادي في الغرب يرى أن التكافل الاجتماعي قيمة أستحسانيه وليس فريضة إلزامية يقول لك أنت ليس ملزم بالتكافل هذه قيمة مبدئية تتكافل أو لا تتكافل كيفك، بينما الإسلام ماذا يقول؟!

التكافل فريضة قانون قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ الإسلام يقول: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَاالخمس والزكاة تكافل اجتماعي فريضة إلزامية وليس مجرد قيمة استحسانية كما يراه الاتجاه المادي، إذن الإسلام بتشريعه وفق بين المصلحتين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع.

الركيزة الرابعة:

ركيزة عرفانيه تقرر مبدئيين:

المبدأ الأول:

هناك قاعدة عند الفلاسفة أسمها: قاعدة السنخية بين العلة والمعلول بين المؤثر والأثر كيف؟! يقول لك البذرة تولد شجرة في سنخية بين البذرة والشجرة البذرة لا تولد خروف، الحيوان يولد حيوان الحيوان لا يولد تفاحة، الإنسان يولد إنسان الإنسان لا يولد قرد إذن يوجد مسانخه كل مؤثر أثره يسانخه وإلا وجد لكل شيء من كل شيء كما أن البذرة لا تولد إلا من سنخها وهي الشجرة والحيوان لا يولد إلا من سنخه وهو حيوان والإنسان لا يولد إلا من سنخه هو الإنسان هذه القاعدة تجري حتى في الله تبارك وتعالى الله «مؤثر» والخلق «أثره» الله عين الكمال محض الكمال بما بأنه تعالى عين الكمال إذن مخلوقاته من سنخة تماماً كيف؟!

يعني المخلوقات خلقت وهي تسير نحو الكمال كل مخلوق يسير نحو الكمال الشمس لها كمال تسير إليه القمر له كمال يسير إليه قال تعالى: ﴿لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ البذرة تسير نحو الكمال وهي الشجرة، الإنسان أيضاً يسير نحو الكمال القرآن الكريم يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ وقال تعالى: ﴿إِنَّ الإنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ «6» وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ «7» وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ خلق وهو يحب الكمال خلق وهو يسعى إلى الكمال، إذن الإنسان مسانخ لله، الله هو الكمال خلق الإنسان وهو يسير نحو الكمال يحب الكمال بفطرته بطبيعته.

المبدأ الثاني:

الكمال الحقيقي هو الكمال الروحي وليس الكمال المادي عندما تسأل الإنسان وهو في الجامعة ما هي السعادة؟! السعادة أحصل على سيارة مرسدس السعادة احصل على زوجة جملية السعادة أعيش في بيت فخم، السعادة يكون عندي حساب في البنك لا مثيل له العمر قصير والسعادة وقتيه زائلة زائفة، بالكمال الروحي الإنسان يخطأ فيتصور أن الكمال هو الكمال المادي لكن الواقع الكمال الحقيقي هو الكمال الروحي قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ «15» قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِهذه كله كمال مؤقت الكمال الحقيقي كمال الروح.

لذلك المعصوم يسعى نحو كمال الروح لذته في كمال الروح صحيح هو يحب ذاته لكن اللذة التي يردها لذته هي لذة الروح لذة القرب من الله تبارك وتعالى الإمام أمير المؤمنين بقول: ”ركعة لي في دنياكم أحب إليّ من الجنة وما فيها“ أنا إلا أدور قصور ولا نعيم أنا أدور شيء واحد لذة روحية وهي لذة لقاء الله لذة القرب من الله ”ركعة لي في دنياكم أحب إليّ من الجنة وما فيها“، ”ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك“

إذن عرفنا بالاتجاه الإسلامي توفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع وغريزة حب الذات وغريزة حب الجماعة انتهينا من المحور الأول.

المحور الثاني: بواعث لأنانية والغيرية لدى الإنسان.

عندنا أنانية وعندنا غيرية ما هي بواعث الأنانية؟! ما هي بواعث الغيرية؟! مجتمعنا مع الأسف فيها مظاهر للأنانية من مظاهر الأنانية:

1. التحفظ على المنصب على حساب الآخرين: كثير من أخواننا يعمل في شركة معه زملاء بمجرد أن يكون مسؤول يصبح على زملائه فرعون وأشد من قسوة الأجنبي لماذا؟! حفاظ على المصلحة أنانية.

مثلاً: بعض الأخوة من المدرسين والمدرسات من أجل أن يرضى عليه مدير المدرسة أو من أجل أن ترضى عنها مديرة المدرسة ولا تحاسبها تضطر إلى أن تعاقب التلميذة يأذنا خطأ تضطر إلى أن تضحي بالطالبة أو بمصلحة الطالب من أجل أن تكون مرضية لدى إدارة المدرسة هذه أنانية.

2. من الأنانية عدم المبالاة بالجيران: مثلاً: بيتي استغنيت عنه وبنيت لي بيت جديد في المناطق الجديدة وهذه البيت الموجود في المناطق القديمة بين بيوت متلاصقة متداخلة يأجر بيته مخبز يأجر بيته مغسلة يأجر بيته متجره حتى لو استلزم تلوث للبيئية حتى لو استلزم إيذاء لجيرانه حتى لو استلزم إيذاء لرفقائه كل ذلك من أجل التضحية بالمصلحة العامة بالمصلحة الخاصة هذه هي الأنانية.

3. من الأنانية أن ينسى الإنسان المساهمات الاجتماعية: تراه يكدح ليلاً ونهاراً يتعب في جمع الثروات والأموال ولكن لا يعطي شيء منها لا للفقراء لا للأيتام الجمعيات الخيرية في مجتمعنا ظاهرة حية ظاهرة عظيمة للعطاء لكنها ما زالت تشكوا العطاء ما زالت تشكوا العون الاجتماعي ما زال كثير ممن يمتلك ثروة ومالاً يبخل ببعض منه على هذه الجمعيات على هذه الجان كافل اليتيم.

أنا بشرت قبل ليالي بأن الدولة أذنت في تأسيس جمعية خيرية نسائية وهذا عمل جداً جبار الأخوات الأمهات البنات عليهن المساهمة في العدم دعم مادي دعم معنوي لمثل هذه الأعمال الخيرة.

الجمعيات الخيرة تشكو المتطوعين، المتطوعين قليلين، قليل من يضحي بوقته للعمل يضحي بجهده يضحي بفكره في الجمعيات الخيرية في لجان كافل اليتيم التضحية قليلة هذا مظهر من مظاهر الأنانية.

ما هي بواعث الأنانية؟! لماذا الإنسان يصبح أناني؟! الأنانية متأصلة في الإنسان لا، صح غريزة حب الذات متأصلة لكن الأنانية بمعنى التضحية بمصالح الآخرين من أجل مصالح الإنسان هذه طارئة على الإنسان ما هي عواملها؟

عاملان:

العامل الأول: التربية.

أحيانا يربي الإنسان في أسرة على حب الأموال، عندما تربى الأسرة الولد على أن المال هدف بينما المال وسيلة إذا ربي على أن المال هدف أصبح إنسان أناني قال تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّابينما أسرة علي وفاطمة ربت الحسنين على أن المال لا قيمته له والطعام لا قيمته له والحسنان صغيران يتصدقان بقرصيهما ثلاثة أيام ويبتان لا يشربان إلا الماء حتى صار يرتعشان كالفرخ قال تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا «7» وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا «8» إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا فلنربي أبنائنا على الصدقة على أن يعطي شيء من أمواله التي له للفقراء والمحتاجين.

العامل الثاني: ردة الفعل.

أحيانا يوجد فقير بينا ويرى المجتمع معرض عنه لا يواسيه ولا يسال عن أوضاعه ولا يسأل عن أحواله فتصيبه ردة فعل ونتيجة ردة الفعل يصبح إنسان أناني لم تكن عنده الأنانية جاءت له الأنانية ردة فعل لأعراض المجتمع عنه وعدم مبالاته له.

وهنا يركز الإمام الصادق على المواساة محمد بن علي الخرساني جاء من خرسان إلى الإمام الصادق سأله الإمام الصادق كيف أهل خرسان؟! قال: أن الشيعة عندنا لكثير، قال الإمام الصادق أيعطف غنيهم على فقيرهم؟! أيتجاوز محسنهم عن مسيئهم؟! أيتواسون؟! قال لا، قال: ليس هؤلاء بشيعة إنما الشيعة من يفعل ذلك ". علامة التشيع المواساة عطف الغني على الفقير تجاوز المحسن عن المسيء هذه هي علامة التشيع الحقيقي وإلا فهو تشيع صوري.

ما هي بواعث الغيرية؟! كيف يكون الإنسان غيري؟! كيف يكون الإنسان معطاء؟! كيف تشجع لعمل التطوعي في الجمعية في لجنة كافل اليتيم في المأتم في المسجد؟! كيف يبدل أمواله؟! كيف يضحي بوقته؟!

هناك طرق ذكرها الإسلام لتربية الإنسان المعطاء:

الطريق الأول: صدقة السر.

عندما يتصدق الإنسان بشكل علني ينتظر المدح من الناس ينتظر الثناء ينتظر الشكر فلا تقوا عنده روح العطاء، بينما إذا تصدق سراً قوية عنده روح العطاء لذلك ورد عن الإمام زين العابدين: ”صدقة السر تطفي غضب الرب“ نحن نذنب ذنوب كبير كيف تذوب هذه الذنوب؟! تذهب الذنوب بالتوبة طيب إذا أنا لم أتب كيف تذهب مني الذنوب بعض الذنوب يذهب بالصدقة وأن لم يتوب منه قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ”صدقة السر تطفي غضب الرب“.

الطريق الثاني: الإنفاق مما تحب.

حتى تربي عندك روح العطاء أنفق ما تحب، ما معنى ما تحب؟! الآن أنت ترجع من العمل تعبان الساعة الرابعة أو الساعة الخامسة عصراً هذا الوقت تريد ترتاح فيه وأن تنام فيه هذا الوقت تحبه أضحي بهذا الوقت الذي أنت تحبه تريد أن تنام فيه تذهب وتشترك في جمعية تشترك في مأتم تشترك في مسجد تشترك في عمل خيري تضحي بوقتك الذي تحبه في عمل تطوعي أنت الآن أنفقت ما تحب تضحية بالوقت.

تضحية بالمال ليس فخر بأن أعطي الشخص خمس ريال أو عشرة ريال لكن عندي جهاز كمبيوتر أحبه أتبرع به للفقير المحتاج أنفقت مما أحب عندي جهاز أخر أحبه أعطيه فقير محتاج إليه هذا إنفاق مما أحب قال تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ.

الطريق الثالث: للعمل قيمتان:
  1. قيمة ذاتية.
  2. قيمة موضوعية.

ما هو الفرق بين القيمة الذاتية والقيمة الموضوعية؟!

القيمة الموضوعية: يعني حجم العمل كل ما كان حجم العطاء أكبر كان ثوابه أعظم لأن منفعته كثيرة هناك شخص يعطي عشرة ريال هذا عمل طيب هناك إنسان يعطي راتب شهري للجمعيات الخيرية له أكثر ثواب لأنه أكبر حجم، هناك إنسان أكبر من هذا يبني مستوصف للأيتام، يبني ملجأ للأيتام في العراق في لبنان في فلسطين في أي مكان أخر هذا عمل أعظم كلما كان حجمه أكبر كان ثوابه أكثر هذه نسميها قيمة موضوعية ”خير الناس من نفع الناس“.

النبي محمد يقول: ”أجر الغني الشاكر كأجر الفقير الصابر“ الإسلام لا يحارب الثروة قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَاوقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ إنما المهم العطاء.

إذن الطريق يؤمن بقيمة موضوعية حجم العمل وقيمة ذاتية.

القيمة الذاتية: ما معنى القيمة الذاتية؟! يعني الدوافع كلما كانت دوافعك نحو العمل خالصة لله كان العمل أكثر ثواب، إذا كنت بعيد عن الشهرة بعيد عن الدنيا دوافعك خالصة لله فالعمل التطوعي أكثر ثواباً.

علي بن أبي طالب صدر منه عمل جمع بين القيمتين القيمة الموضوعية والقيمة الذاتية ضربة عمرو بن عبد ود يوم الخندق عمل يقول الأزري:

وإذا    هم    بفارس   iiقرشي

قائلا    مالها   سواي   iiكفيل

فانتضى     مشرفيه    iiفتلقى

يالها  ضربة  حوت  iiمكرمات

هذه  من علاه أحدى iiالمعالي







 
ترجف الأرض خيفة إذ يطاها

هذه     ذمة     علي    iiوفاها

ساق  عمرو  بضربة  فبراها

لم   يزن  ثقل  أجرها  iiثقلاها

وعلى  هذه  فقس  ما iiسواها

هذه الضربة كان لها قيمة موضوعية لأن انتصار الإسلام توقف عليه لولا هذه الضربة لنهزم الإسلام إلى يومنا هذا إذن لها قيمة موضوعية وكان لها قيمة ذاتية علي كان مخلص لله أخلاص لا نظير له في قتله لعمر بن عبد ود لما أرد قتله تفل عمر في وجه الإمام علي تركه الإمام وذهب ثم رجع إليه بعد دقائق وقتله، قيل لماذا تركته؟! قال خفت أن يكون قتلي له بعد أن بصق في وجهي انتقام لنفسي فأردت أن يكون ذلك لله، قيمة ذاتيه لأنه ضربته جمعت بين القيمتين، قال عنه رسول الله : ”ضربة علي يوم الخندق تعدل أعمال الثقلين إلى يوم القيامة“.

المحور الثالث: مراتب العطاء.

ما هي مراتب العطاء؟! العطاء له درجات له مراتب:

المرتبة الأولى: الإحسان.

الإحسان يعني العطاء بدون مقابل قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَعطاء بدون مقابل، مثلاً: شخص يدرس أطفال بدون أجر، إنسان يخدم في المأتم بدون أجر، إنسان يطوع في الجمعية في الجنة الأهلية في لجنة كافل اليتيم بدون أجر عطاء بدون مقابل هذا اسمه إحسان، ورد عن النبي : ”المؤمن صدوق اللسان بذول الإحسان“ وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ.

المرتبة الثانية: السماحة.

ما معنى السماحة: السماحة: العطاء بحب، تارة الإنسان يعطي ولكن غير راغب في العطاء بس في خجل يرى الناس تتبرع في المأتم فيتبرع تارة في خجل، وتارة يعطي كراهية، تارة يعطي لضغط معين، وتارة يعطي الإنسان بحب هذا هو السماحة، لماذا العلماء نسميهم أصحاب السماحة؟! يعني الذي يعلم الناس بحب وإقبال ورغبة لأنه يطلب رضا الله عز وجل، تعليم الناس بحب ورغبة وإقبال سماحة إذن المرتبة الثانية هي السماحة.

المرتبة الثالثة: الإيثار.

الإيثار يعني أن تعطي ما تحتاج مثلاً: أعطي ألف ريال وأنا محتاج إليها اشتري أغراض للبيت جاني شخص محتاج فعطيته إياها، أن تعطي ما تحتاج إليه هذا يسمى إيثار مرتبة عالية من مراتب العطاء القرآن الكريم يقول: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌلماذا نزلت هذه الآية؟! سبعة شهداء يوم أحد كانوا جرحه ينزفون الدم وكانوا يحتاجون إلى الماء جيء بالماء إليهم قدموه إلى الجريح الأول قال أعطي الثاني فهو أحوج مني أعطوه الثاني قال أعطيه الثالث، الثالث قال أعطيه الرابع إلى أن وصلت إلى السابع وعندما وصلت إلى سابع قال أعطيه الأول رجع إلى الأول مات الثاني مات الثالث مات وهكذا ماتوا كلهم على خلق الإيثار فنزل قوله تعالى:: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ.

المرتبة الرابعة: المرتبة الأعلى من العطاء الغيرية.

ما معني الغيرية؟! يعني أن لا يرى لنفسه قيمة بل يرى نفسه وسيلة للقيم والمبادئ يرى نفسه وسيلة لخدمة آل بيت محمد، وهذه المرتبة تجسدت في شخصية أبو الفضل العباس أبو الفضل ليس إحسان وسماحة وإيثار لا شيء أعظم من هذا غيرية أصلاً لا يرى لنفسه شيء لا يرى لنفسه وجود لا يرى لنفسه قيمة لا يرى نفسه إلا فداء للحسين فداء الحسين يعني فداء الدين:

والله   أن   قطعتم  iiيميني

وعن  إمام صادق iiاليقين

 
أني  أحامي أبدا عن ديني

سبط النبي الطاهر الأمين

ديني هو الحسين، الحسين هو مظهر الدين وعن إمام صادق اليقين عندنا حق اليقين وعندنا صدق اليقين حق اليقين أن يصل إلى أعلى مراتب المعرفة وصدق اليقين أن تتجسد المعرفة في سلوكه وأن تتمثل في عمله كان العباس صادق اليقين ولذلك تجسدت فيه الغيرية بأعلى مراتبها عطاء لا نظير له.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

السكينة والجزع في مواجهة الحدث
الطموح وعلو الهمة