نص الشريط
السعادة في لقاء الإمام (عج)
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 1/1/1431 هـ
مرات العرض: 3422
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (33167)
تشغيل:


﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ

أفاد السيد الطبطبائي في الميزان «قدس سره» أن المقصود﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ في الآية المباركة الربح الذي يدخل على الإنسان إذا أجرى المعاملة كأن باع شيء بربح واستدل على ذلك بالسياق حيث أن الآية وردت في سياق كلام شعيب مع قومه حيث قال ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ «85» بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَولكن الصحيح أن المقصود ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ المظهر الباقي لله تبارك وتعالى وهو ما ينطبق على الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» لوجهين:

الوجه الأولى: أن الراوية وردة بذلك في الكافي عن عمر بن زاهر عن الصادق سألته هل يسلم على القائم بإمرة المؤمنين يعني يقال للقائم «يا أمير المؤمنين» قال: لا ذاك اسم يختص بعلي بن أبي طالب لم يسمى به أحد قبله ولا يتسمى به أحد بعده إلا أن يكون كافر قلت: بما يسلم على القائم؟! قال: أن تقول السلام عليك يا بقية الله قال الله عز وجل ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ فالمراد ببقية الله: الإمام المنتظر لأنه بقيت الله بمعنى المظهر الباقي لله كل إمام وكل نبي فهو مظهر لله لكن المظهر قد يكون أنتقل إلى المليء الأعلى الأنبياء والأئمة توفوا وانتقلوا إلى المليء الأعلى فهم مظهر قد أنقضى وهناك مظهر مازال باقي إلى أن تقوم الساعة المظهر لله الباقي إلى قيام الساعة هو المعبر عنه ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ وهو أنما ينطبق على الإمام الحجة «عجل الله فرجه الشريف».

الوجه الثاني: أن الشرطة في الآية يؤكد ذلك لاحظوا الآية المباركة قالت: ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ لو كان المراد ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ هو الربح الذي يدخل في جيب الإنسان إذا باع المعاملة بربح لا معنى لاشتراطه بالإيمان الربح خير للمؤمن وللكافر ولا يختص بالمؤمن بينما الآية جعلت ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لخصوص المؤمنين ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ وهذا لا ينطبق إلا على ملجأ المؤمنين وملاذ المؤمنين الإمام الحجة «عجل الله فرجه الشريف» فهو الخير الذي يكون مشروط بالإيمان والصلاح.

إذاً الآية تتحدث عن الإمام الحجة ورودها في سياق الآيات التي تتحدث عن شعيب مع قومه لا ينافي عمومها وسعتها لغير زمان شعيب بل لجميع الأزمنة، نحن عندما نريد أن نتحدث عن الإمام الحجة هذه الليلة ليلة جمعة مفتاح ليالي عاشوراء المبارك نتحدث عن الإمام الحجة في محاور ثلاثة:

  • المحور الأولى: هل أن الإمام غائب أم حاضر؟!
  • المحور الثاني: هل أن هدفنا لقاء الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف» أم لا؟!
  • المحور الثالث: في علاقة الحب والعشق بالإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف»؟!

المحور الأولى: كيف نتعامل مع قضية الإمام المنتظر؟!

هناك اتجاهان: اتجاه مادي، واتجاه روحي.

الاتجاه المادي: هو الذي يتعامل مع الإمام المنتظر كإنسان غائب الإمام المنتظر شخص غائب ينتظر قدومه مسافر ينتظر مجيئه لأجل أننا نتصور أن الإمام المنتظر إنسان غائب إنسان مسافر نرتجي قدومه نرتقب مجيئه لذلك ترى كثير من الشيعة كثير من الأقلام كثير من المتحدثين يركز على القضايا المادية، ما هي علامات الظهور؟! ما هو شكل الإمام؟! ما هو شكل سيف الإمام؟! ما هو شكل درع الإمام؟! لباس الإمام؟! خاتم الإمام؟! هذا التركيز على القضايا المادية يعبر عن «اتجاه مادي» وهو أن الإمام جسد غاب عن الأنظار ومسافر غاب عن الأعين يرتجى قدومه يوم من الأيام لذلك لابد أن نبحث عن علامات قدومه وعلامات مجيئه حتى نميزه عن غيره هذه نسميه بالاتجاه المادي.

هناك اتجاه أخر وهو الاتجاه الروحي: الإمام حاضر وليس بغائب ليس الإمام جسد حتى نبحث متى يأتي ذلك الجسد الإمام كسائر الناس له جسد مكون من دم ولحم ولكن ليست الإمامة منوطة بجسده الذي غاب عنك هو الجسد لكن الإمامة ليست منوطة بالجسد الإمامة مجموعة من القيم مجموعة من المبادئ مجموعة من المثل الإمام ليس جسد اختفى وراء جدار أو غاب عن الأنظار الذي غاب واختفى هذا اختفاء جسدي لكن الإمامة هي مجموعة من المبادئ وهذه المبادئ حاضرة وقائمة وفاعلة وليست غائبة الإمام بمبادئه، الإمام بمثله الإمام بقيمة وليس الإمام بجسده المادي.

بما أن الإمامة مجموعة من القيم مجموعة من المثل إذا فالإمام حاضر وليس بغائب لأنه هذه المبادئ حاضرة وفاعلة فعلينا أن تعامل مع الإمام كحاضر لا أن نتعامل مع الإمام كغائب هناك مبادئ هي الإمام نفسه وهذه المبادئ هي التي تقررها الآية المباركة: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وقال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ هذه هي الإمام، الإمام أمر بمعروف ونهي عن منكر الإمام دعوة إلى الخير هذه المبادئ الحية النشطة المتجددة هي الإمام الحجة ونحن نتفاعل مع هذه المبادئ تفاعل حضوري لا تفاعل غيابي نحن لا نستخف بالعلامات «نعم» الروايات الشريفة ذكرت لنا علامات مثلا:

ورد في رواية علي بن حنظله عن الصادق قال: «خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، وخروج السفياني، والخسف، قتل النفس الزكية بين الركن والمقام وخروج اليماني» هذه خمس علامات.

وفي معتبرة عبدالله بن سنان «أن جميعها محتوم» بمعنى لابد أن يحصل.

وفي رواية أبي بصير»: «وأن أهدى الرايات راية اليماني فإنه يدعوكم إلى صاحبكم».

إذاً وجود علامات للإمام المنتظر «عجل الله فرجه الشريف» أمر لا يمكن إنكاره هذه العلامات ستقع قبل خروجه وذكرها أهل البيت من أجل رفع البس عن خروجه ووقت خروجه لكن لا ينبغي أن نركز على العلامات ونهمل المبادئ، الإمام هو المبادئ وليس هو هذه العلامات، هذه العلامات تمت أو لم تتم علينا أن نتعامل مع الإمام كحاضر كفاعل كقائم علينا أن نتعامل مع مبادئ الإمام تمت هذه العلامات أو لم تتم.

إذاً التركيز في الحديث عن علامات الظهور وصفات شخص الإمام وصفات لباس الإمام يعبر عن اتجاه مادي يحصر الإمامة في الجسد الذي لا تراه الأعين مع أن الإمامة بمبادئ حاضرة ومبادئ فاعلة.

المحور الثاني: هل هدفنا لقاء الإمام؟! هل نحن نسعى للقاء الإمام؟! «عجل الله تعالى فرجه الشريف» أم لا؟!

لا أشكال أن الهدف الأسمى والسعادة الكبرى في التشرف بلقاء الإمام الحجة «عجل الله تعالى فرجه الشريف» لكن حتى نفهم هذه النقطة جيداَ هناك ثلاثة أسئلة نطرحها ونجيب عنها:

السؤال الأول: هل من الممكن لقاء الإمام أساساً أم لا؟!

السؤال الثاني: على فرض أنه ممكن فما هي طبيعة هذه اللقاء؟! وحقيقة هذا اللقاء؟!

السؤال الثالث: أي لقاء يريده الإمام؟! نحن نريد لقاء الإمام ولكن هل الإمام يريد لقائنا أم لا؟!

هذه الأسئلة الثلاثة لابد أن نجيب عليها:

السؤال الأول: هل من الممكن لقاء الإمام أساساً أم لا؟!

ربما يقول شخص بأن لقاء الإمام باب مسدود باب مغلق لماذا؟!

لما رواه الشيخ الصدوق في كتابه «أكمال الدين» والشيخ الطوسي في كتابه «الغيبة» عن الحسن أبن أحمد المكتب «رضي الله تعالى عنه» «يعني كان من أجلاء علماء الأمامية» يقول في أخر سنة وفي أخر شهر من حياة السفير الرابع وهو «علي بن محمد السمري» أخر سفراء الإمام المنتظر خرج إليه توقيع من الإمام المنتظر، هذا التوقيع يقول: «بسم لله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر أخوانك فيك فأنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فلا توصي لأحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة ولا خروج إلا بأذن الله وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا وسيأتي شيعتنا من يدعي المشاهدة إلا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني وقبل الصيحة فهو كذاب مفتري ولا حول ولا قوة إلا بالله»، ربما يقول إنسان هذا التوقيع يستفاد منه أن لقاء الإمام ممتنع لأنه يقول من أدعى المشاهدة فهو كذاب مفتري ولا حول ولا قوة إلا بالله، إذاً لقاء الإمام باب مغلق وباب مسدود الأمر ليس كذلك:

أولاً: غيبة الإمام ليست غيبة انعزاليه وإنما هي غيبة اتصالية بمعنى أن الإمام ليس غائب عن المجتمع ويعيش في جبل أو في جزيرة أو في مكان وحده لا ليس الأمر كذلك غيبة الإمام غيبة اتصالية بمعنى أن الغائب عنوانه لا شخصه هو يعيش مع الناس يأكل معهم يشرب معهم قد يتزوج قد يعيش كما يعيش الناس تماما هو بين ظهرانينا لكنا لا نعرف عنوانه الغائب عنوانه وليس الغائب شخصه فغيبته غيبه اتصالية وليست غيبة انعزاليه لاحظ أنت تقرا في دعاء الندبة وهذا دعاء معروف بين الطائفة الأمامية «بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنا»، إذاً غيبته هي غيبة عنوان لا غيبة شخص فهو متصل بنا يعيش معنا بما أنه يعيش مع الناس إذا لقائه أمر ممكن جداً وأمر متيسر إذا أرد الإمام ذلك فأن بيده تحديد اللقاء وليس بأيدينا نحن.

ثانياً: تواتر لذا الشيعة الأمامية لقاء الإمام عن كثير من العلماء بنحو يورث القطع واليقين بأن لقائه ممكن وليس باب مغلق لولا مسدود.

ثالثاً: هذا التوقيع الشريف الذي قال: «إلا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني وقبل الصيحة فهو كذاب مفتري ولا حول ولا قوة إلا بالله» هذا الحديث يتحدث عن السفارة لا عن اللقاء الممتنع هو السفارة بعنى بعد السفير الرابع لا توجد سفارة إلى أن يخرج ويظهر ظهوراً تام «عجل الله فرجه الشريف» فالمغلق هو السفارة لا اللقاء لماذا؟!

لأنه الراوية تتكلم عن سفير الإمام يقول أنت أخر سفير لا توصي لأحد من بعدك قد وقعت الغيبة التامة ووسيأتي شيعتنا من يدعي المشاهدة بمعنى «من يدعي السفارة» بقرينة السياق فمن أدعى المشاهدة يعني السفارة فهو كذاب مفتري، السفير يختلف عن الإنسان العادي سفير الدولة غير المواطن العادي المواطن يعرف بعض أخبار الدولة لكن سفيرها يعرف أسرارها ويعرف سياستها الداخلية والخارجية وتناط به البحث في قضايا مصيريه وخطيرة.

الإمام المنتظر يقول: «لا سفير لي بعد السفير الرابع» يعني لا أبعث للأمة سفير يعرف أسراري ويبلغ الأمة القضايا المصيرية والخطيرة هذا انتهى هذا باب مسدود إما اللقاء أن يلتقي الإنسان بالإمام ويستنير بأنواره وبإرشاداته فهو أمر ممكن وليست سفارة حتى ينفيها هذا الحديث.

نعم التفتوا يا أخوان: الإمام لا يبدل لقائه لكل أحد وإلا لوقع موقع تربص الظالمين وتربص الطغاة مقتضى الحكمة أن يختار الإمام الأشخاص المعروفين بتمام الوثاقة وبتمام الأمانة ليلتقي بهم، لاحظوا مثلا ً: هل الله تبارك وتعالى يبعث أي إنسان رسول؟! طبعا لا يبعث أي إنسان رسول الله لا يبعث أي شخص رسول إذاً يختار بعض الأشخاص للرسالة يضع رسالته في الموضع الذي يشاءه تبارك وتعالى لماذا؟!

لأنه كما يقول علماء الكلام في علم الكلام: نقض الغرض قبيح والقبيح لا يصدر من الحكيم تبارك وتعالى، الغرض من إرسال الرسول تصديق الناس له حتى يتحقق هذا الغرض لابد أن يختار شخص معروف في الصدق والأمانة حتى إذا جاء إلى الناس وقال أنا رسول صدقه الناس وأمنوا به كما كان النبي محمد معروف قبل البعثة بأنه الصادق الأمين لأنه معروف بالصادق الأمين صار أهل لأن يكون رسول الله وإلا لو كان شخص مغمور أو مجهول أو شخص كاذب لكان أعطائه الرسالة نقض للغرض ونقض الغرض قبيح لا يصدر من الحكيم كذلك الإمام المنتظر عندما يختار شخص للقائه يختار الشخص المعروف بالوثاقة، المعروف بالأمانة المعروف بالصدق حتى إذا أخبر بأنه لقي الإمام يكون مورد للقبول ويكون مورد للتصديق ويكون مورد للإذعان وإلا لو بدل الإمام لقائه لأي شخص لكان ذلك خلاف الحكمة أي نقض للغرض من هذا اللقاء لأنه لا يلتقي بشخص إلا لأجل مصلحة عامة تقتضى هذا اللقاء فلابد أن يكون الملاقى أهل لهذا اللقاء ولتحقيق هذه المصلحة العامة.

السؤال الثاني: ما هي طبيعة لقاء الإمام؟!

لقاء الإمام لقاء الله الإمام مظهر لله فلقاء الإمام يعني لقاء الله عز وجل كيف لقاء الله؟!

لقاء الله هو لقاء الفناء لا لقاء الارتباط هناك مصطلح في علم الفلسفة أشرحه لك يتبين به معنى لقاء الله، الفلاسفة يقولون: فرق بين العلاقة ألارتباطيه والعلاقة الفنائيه كيف؟! الآن أنت أذا وضعت عسل في كاس حليب هذا الحليب مع العسل يسمى «علاقة ارتباطيه» بمعنى مازلت أنت عندما تشرب الحليب تشعر أن هناك حليب وأن هناك عسل يعني هناك وجودان أرتبط أحدهما بالأخر علاقة العسل بالحليب علاقة الامتزاج علاقة ارتباطيه، بينما إذا صهر الذهب مع عنصر أخر مع معدن أخر إذا صهر الذهب بمعدن أخر وأصبح مادة واحدة هذه تسمى علاقة ثنائية أنت لا تشعر بأن هناك شيئين تشعر أن هناك مادة واحدة علاقة الانصهار بين الذهب ومعدن أخر علاقة ثنائية بينما علاقة الامتزاج بين الحليب والعسل علاقة ارتباطيه لا فنائية.

مثال: علاقة الاسم بالمسمى مثلا إذا جيء لي بولد أول يوم يأتي الولد يقولون لي ما هو أسمه؟! أقول أنا مثلاً ضرغام مثل العراقيين أول ما أسميه ضرغام عندما يقول لي واحد من الناس ضرغام لا يتبادر ذهني إلى الولد بعدني لم أتعود، فإذا أشعر بأن هناك وجوديين وجود للولد وهو أبني ووجود للحروف حتى إذا سمعت كلمة ضرغام أفكر أن هناك ضاد وراء وغين وألف وميم فأنا أشعر بوجوديين وجود للاسم كحروف وجود للمسمى وهو ولدي لكن إذا مرت الأيام واعتدت على الاسم متى ما يقال لي ضرغام حالاً انتقل إلى ولدي لا أشعر بالحروف أبداً أنت الآن إذا تسمع شخص مثلا يذكر اسم أبيك تشعر بحروف الأب أصلا لا تشعر بالحروف أفترض أبيك أحمد يقول لك أنت فلان أبن أحمد لا تلتف إلى ألف وحاء وميم ودال حالاً تلتف إلى أبيك من دون أن تلتفت إلى الحروف هذه تسمى «علاقة ثنائيه» ثني الاسم في المسمى كانت العلاقة بين الاسم وبين المسمى في أول الأيام الولادة كانت العلاقة ارتباطيه ربط الاسم بالمسمى لكن بمرور الوقت تحولت العلاقة من علاقة ارتباطيه إلى علاقة فنائية ثني الاسم في المسمى فلا تشعر إلا بالمسمى ولا تشعر بالاسم أبداً بعد أن عرفنا العلاقة الفنائية لقائنا مع الله يجب أن يكون لقاء فناء ليس لقاء ارتباط نحن علاقتنا مع الله علاقة ارتباط نصلي ونعبد الله لكن المطلوب أن تكون العلاقة علاقة فناء، ما معنى علاقة فناء؟

بمعنى أن لا نشعر بأنفسنا ليس هناك وجودان وجود لنا وجود لله «لا» لانشعر إلا بوجود الله يفنى وجودنا في وجود الله هذا ما يسمى بالعلاقة الفنائية واللقاء ألفنائي أن يصل الإنسان إلى حد الإحساس لوجود الله، أن يصل الإنسان إلى حد الإحساس بطعم لقاء الله أن يصل الإنسان إلى حد الإحساس بحضور الله حين إذاَ يصل إلى العلاقة الفنائية لاحظوا القرآن الكريم يعتبر عن العلاقة الفنائية عندما يقول: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِهل هم يشعرون بأن يد الله فوق أيديهم هذا يسمى علاقة فنائية أن يشعر الإنسان أن يد الله تلامس يده﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْالقرآن الكريم يقول: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ نحن إذا ندفع صدقة من الذي يأخذها؟! يأخذها الفقير لكن القرآن الكريم يقول: «لا» يأخذها الله، هل نحن نشعر بأن الله يأخذ منا صدقاتنا؟! هذا الشعور هو العلاقة الفنائية إذا وصلنا إلى أن نشعر أن الله هو الذي يأخذا صدقاتنا منا وصلنا إلى العلاقة الفنائية ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِوقال في آية ثالثة: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ.

إذاً المطلوب في لقائنا مع الله لقاء الفناء أن لا نشعر بأنفسنا بل لا نشعر إلا بوجود الله وهذا ما تحدث عنه الإمام الحسين في دعاء يوم عرفة «متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك ومت كانت الآثار هي التي توصل إليك عميت عينا لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا»، يا أخوان لقاء الإمام المنتظر لقاء الله، لقاء الله هو لقاء الفناء لقاء الإمام المنتظر هو لقاء الله.

السؤال الثالث: نحن نريد لقاء الإمام أين منا لا يريد لقاء الإمام؟! لكن هل الإمام يريد ذلك أم لا؟!

علماء العرفان يقولون: هناك فرق بين لقاء الأنس ولقاء التشريف، ما هو الفرق بينهما؟!

لقاء التشريف: بمعنى أن يمن عليّ الإمام «عجل الله فرجه الشريف» ويريني طلعته الرشيدة وغرته الحميدة كما أقول أنا في الدعاء: «اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه وعجل فرجه» هذا يعبر عن لقاء التشريف أنا أريد أن يشرفني الإمام ويكرمني بلقائه أن أريد لقاء الشرف لكن الإمام لا يريد ذلك، الإمام يريد لقاء الأنس كيف؟!

الإمام يريد أن يلتقي بي هو ينسى بي الإمام يأنس بأحبائه مثل أنت الإنسان العادي يأنس بأحبائه إذا التقيت بهم الإمام يريد أن يلتقي بي وهو يأنس بي وهو يفرح بي وهو يبتهج بي، إذاً الإمام لا يريد لقاء تشريف يريد لقاء أنس يريد أن يلتقي بنا وهو أنس بنا فرح بنا مبتهج بنا وكيف يلتقي بنا الإمام لقاء الإنس إذا لم نكن أهل لإيناس الإمام، إذا لم نكن أهل لتفريح قلب الإمام إذا لم نكن أهل لإبهاج قول الإمام، إذاً الإمام يريد شيء ونحن نريد شيء نحن نريد أن نبقى على ذنوبنا وأن نبقى على معاصينا وعلى الإمام أن يشرفنا بلقائه ويكرمنا بطلعته لكنا باقون على ذنوبنا ومعاصينا والإمام ينادينا أنا لا أريد هذا اللقاء أريد لقاء الأنس أريد أن التقي بكم وأنا أنس بكم فرح بكم مبتهج بكم والفرح والبهجة والأنس تتوقف على أن ننصهر بالإمام وأن تكون علاقتنا بالإمام علاقة ثنائية لا ارتباطيه بأن تكون علاقتنا بالإمام علاقة أنصهاريه بأن تكون علاقتنا بمبادئ الإمام وقيم الإمام علاقة انصهارية فنائية حتى يكون لقائنا مع الإمام لقاء الأنس وإلا فالإمام يتفضل علينا باللقاء وهو كريم لكنه يرد أن يكرمنا بلقاء يعبر عنه بلقاء الإنس فما نحن نطلبه غير ما يطلبه الإمام منا.

المحور الثالث: في علاقة العشق بالإمام.

نحن يا أخوان علاقتنا بالإمام علاقة سطحية علاقة جافه جداً علاقة يابسة ربما تكون علاقتنا بأساتذتنا أقوى من علاقتنا بالإمام، ربما تكون علاقتنا بأصدقائنا وأحبائنا أقوى من علاقتنا بالإمام ربما تكون علاقتنا بمراجعنا وزعمائنا أقوى من علاقتنا بالإمام يجب أن تكون علاقتنا بالإمام علاقة حب وعشق لا مجرد دعاء نحن ندعو للإمام ولكن ما يريده الإمام منا ليس مجرد لقلقة لسان في الدعاء يريد علاقة حب وعشق كي نكون أهل للقائه وأهل لتكريمه وأهل لتشريفه، علاقة الحب والأنس ما هي؟!

هذه العلاقة لها عناصر:

العنصر الأول: صفاء القلب

القلب الذي يحمل حقد على الناس بعيد عن لقاء الإمام القلب الذي يحمل حسد بغض ضغينة للآخرين بعيد عن لقاء الإمام، نحن مع الأسف بمجرد أن نختلف يتحول الاختلاف إلى ضغينة وبغض وحقد وكيد ومكر من كل منا للأخر نحن بعيدون عن بركة الإمام الذي يحضا ببركة الإمام طاهر القلب القرآن الكريم قول: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُواالقلب الخالي من الغل وهو القلب الذي يلتقي بالإمام، أنت ترى ناس في مجتمعنا عندما تسأل عنهم يقولوا هؤلاء طيبين ما معنى طيب؟!

الإنسان المبتسم المتواضع الخلوق الذي يحب الناس يألف الناس يبادر لقضاء حوائج الناس هذا الناس ماذا تعتبره؟! تقول الناس هذا طيب مسكين يصدق الناس هذا الشخص الذي نسميه نحن طيب ومسكين هو المحضوض بلقاء الإمام هو المحضوض ببركة الإمام هو المحضوض بمدد الإمام لأنه قلبه طاهر صفحة بيضاء لا يحمل حقد ولا ضغينة كما ورد عن النبي محمد : ”أفاضلكم أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون“ المؤمن يألف ويؤلف هذا الحقيق بلقاء الإمام «عجل الله فرجه الشريف».

العنصر الثاني: الطاهرة من الذنوب التي تزعج الإمام تؤلم الإمام تبغض الإمام «عجل الله فرجه».

لاحظوا هذه الرواية الشيخ الطبرسي في الاحتجاج يوى عن الإمام المنتظر «عجل الله فرجه الشريف» أنه قال: ”لو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته «الإمام يريد أن يشير إلى شرط اللقاء معه صلوات الله وسلامه عليه» لكانوا على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد الذي عليهم لما تأخر عليهم اليمين بلقائنا ولتجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق من المعرفة وصدقها منهم بنا فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل“

العنصر الثالث: من عناصر الأهلية للقاء الإمام ولئن تعيش علاقة ثنائية مع الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» الإهداء.

كيف الإهداء؟! ورد عن النبي : ”تهادوا تحابوا“ الهدية تورث المحبة حتى مع الإمام حتى أنت إذا تهدي الإمام هذا يجلب قلب الإمام إليك الهدية تورث المحبة كيف أهدي الإمام؟! أن تصلي عنه، أن تطوف عنه، أن تحج عنه أن تتصدق عنه أن تصوم عنه نحن مهملون للإمام نحن بعيدون عن الإمام نصلي لإبائنا وأمهاتنا لكننا لا نذكر الإمام الصلاة عنه والصدقة عنه هدية غالية ثمينة يكرمها الإمام «عجل الله فرجه الشريف» وهذه الهدية تجعلنا مشمولين لبركة مشمولين لدعائه مشمولين لمدده «صلوات الله وسلامه عليه» أنتم كلكم تقرؤون هذه الآية: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إذا تحقق الدعاء تحققت الاستجابة لكن كثير منا يقول أنا أدعوا ولا يستجاب لي كيف؟! لا يوجد ملازمة.

نقول: لم يصدر منك دعاء حقيقي الدعاء الذي يستلزم الإجابة هو الدعاء الحقيقي أنت لم يصدر منك دعاء حقيقي، طيب كيف أصل أنا للدعاء الحقيقي؟! تستطيع أن تصل إلى الدعاء الحقيقي عن طريق الإمام الحجة بأن يدعوا لك الإمام الحجة فحين أذاَ تتحقق استجابة ﴿ادْعُونِيبمعنى أما بالمباشرة أو بالواسطة، أما أن تدعوني بالمباشرة أو تدعوني بواسطة شخص ألبي دعائه أنا أستطيع أن أدعوا الله عز وجل بواسطة لسان الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» استطيع أن أصل إلى الإمام ليدعوا ليّ ودعاء الإمام ليّ إذا اتصلت به أهديته إذا اتصلت به قمت بأعمال نيابة عنه هذه الهدية تجلب دعائه ليّ فأكون قد دعوة الله تبارك وتعالى بلسان الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» السيد علي أبن طاووس من أجلاء علماء الأمامية سنة 638 السيد أبن طاووس يقول كنت بسر من رأى ليلة الثالث عشر من شهر ذو القعدة سحر فسمعت صوت الإمام يدعوا لشيعته وهو يقول: «اللهم أبقهم وأحيهم في لعزنا وملكنا وسلطاننا ودولتنا».

إذاً الإمام يدعوا لمن قرب منه يدعوا له الإمام «عجل الله فرجه الشريف» يكتب لشيخ المفيد شيخ الطائفة الأمامية «أنا غير مهملين لرعايتكم ولا ناسين لذكركم ولولا دعائنا لكم لنزلت بكم الألواء واصطلمتكم الأعداء الإمام يدعوا إذا اقتربنا منه أقترب منا ودعا لنا» إذاً هذا هو العنصر الثالث.

العنصر الرابع: من عناصر اللقاء ألفنائي بالإمام المنتظر «عج» هو الذكر الخفي علماء العرفان عندهم مصطلح يسمى «بالذكر الخفي».

ما معنى الذكر الخفي؟! من أين أخد هذا المصطلح؟!

مأخوذ من دعاء الإمام زين العابدين : ”اللهم انسنا بالذكر الخفي، واستعملنا بالعمل الزكي والسعي المرضي“ ما معنى الذكر الخفي؟! الذكر الخفي بمعنى الانقطاع إذا ذكرت الله ذكر خفي بمعنى انقطعت إليه من أنقطع إلى الله لا يطلب إلا من الله ولا يشكوا إلا لله ولا يبث همه إلا لله هذا يقال له ذكر الله ذكر خفي الذكر الخفي بمعنى: الانقطاع إلى الله تبارك وتعالى أيضا الإمام من عناصر لقائه الذكر الخفي بمعنى أن تنقطع إليه تقول: يا رب أنا لا أريد حاجة لا أريد حياة ولا شفاء ولا رزق إلا برضي الإمام المنتظر هذا انقطاع للإمام، هناك شخص يقول لا رضا الإمام أم لا أعطيني رزق وحياة إما الإنسان المنقطع للإمام يقول: يا رب أنا لا أريد منك نعمة ولا عطاء إلا عن طريق الإمام المنتظر، عن طريق رضاه عن طريق إرادته لأني منصهر به لأني متعلق به لآني مغرم به هذا يسمى «بالذكر الخفي» وهو من عناصر لقاء الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

ومن العناصر أيضاً تصور الإمام هل أنت تتصور الإمام؟! هل أنت تفكر في محبوبك؟! أنت إذا أحببت شخص دائما تتصوره دائما يمر على ذكرك دائما يمر على بالك لو كنت تحب الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» حقا لكان بالك وذكرك وذهنك مشغول بصورته مشغول بخياله مشغول بما تتصيد من أوصافه هل بالك مشغول به؟!

أقروا زيارة آل ياسين هذه الزيارة زيارة معتبرة وزيارة تصور لنا الإمام المنتظر دائماً نحن عندما نقرأ هذه الزيارة «السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك السلام حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تصلي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تسبح وتهلل السلام عليك حين تحمد وتسبح السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى» هذه صور للإمام تمر على أذهاننا تربطنا بالإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

العنصر الأخير من عناصر لقائه التألم لألمه هل نحن نتألم للإمام؟!

لا يوجد شخص على هذه الأرض يتألم مثل الإمام، الإمام يعشى الألم باهظة الألم عظيمة لما يرى من مصائب وونوائب في الأمة الإسلامية الإمام إذا رأى ذنب من مؤمن يتألم فيكف إذا رأى فضائع الذنوب كبائر الجرائم والمعاصي الإمام يعيش ألم لا يعيشه أحد مثله لذلك علاقتنا بالإمام تقتضى أن نتألم لألمه أن نتصور آلامه فنتألم له دعاء الندبة هذا الدعاء العظيم المعروف بين ألإماميه يعلمنا كيف نتألم لألم الإمام يعلمنا كيف نتوجع ونتأوه لآهات الإمام «عجل الله فرجه الشريف» «عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى ولا اسمع لك حسيسا ولا نجوى عزيز علي أن أجاب دونك وأناغى عزيز علي أن أبكيك وتخذلك الورى عزيز علي أن يجري عليك دونهم ما جرى» هذه الكلمات تقوي عندنا أحساس بألم الإمام وبآهات الإمام ورد عن الصادق : «شيعتنا من خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا» التألم لألمهم دليل الولاء لهم ومن ألم الإمام المنتظر الذي لا ينساه ولا يهجع عند ذكره ألم كربلاء آلم عاشوراء فهو الألم المستمر المتجدد لذا الإمام المنتظر «عجل الله فرجه الشريف».

والحمد لله رب العالمين

المهدي (عج) عشق هادف