نص الشريط
يوم الظهور انتصار فكري لا مادي
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 12/1/1431 هـ
تعريف: مأتم السيدة الزهراء(ع) بصفوى
مرات العرض: 3175
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (5824)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً

الآية المباركة وهو قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً تتضمن وعد بخلافة الأرض وتمكين الدين من الأرض كلها وهذا الوعد قال تعالى: ﴿لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ لم يتحقق إلى يومنا هذا فلا بد من يوم يتحقق فيه للمسلمين خلافة الأرض كلها وتمكن دينهم من الأرض كلها وهذا لا ينطبق إلا على ما أفصحت عنه الروايات الشريفة كما ورد عن الصادق في رواية صحيحة متعددة الطرق: ”أن ذلك في يوم ظهور قائم آل محمد“.

وبمضمون هذه الآية توجد آيات أخرى مع تفسيرها في الروايات مثلاً قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ «28» قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ «29» فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ في الرواية عن الصادق : ”قال: يوم الفتح هو يوم تفتح الدنيا على القائم“ وآية ثالثة وهو قوله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً في الرواية عن الصادق : ”يوم يأتي بعض آيات ربك هو يوم ظهور المهدي“.

انطلاقا من مضامين هذه الآيات الشريفة نتحدث في محاور ثلاثة:

المحور الأول: أن يوم الظهور هل هو انتصار عسكري أو هو انتصار فكري.

قد يتصور كثير من الباحثين أن عصر الظهور هو عصر الانتصار العسكري بمعنى أن الدين يفرض على الأرض كلها بلغة القوة وبلغة السلاح وبالتالي فرض الدين على الأرض كلها بلغة القوة وبلغة السلاح أمر لا يتناسب مع كونه اليوم الموعود كيف؟!

يقول بعض الباحثين المستفاد من بعض الآيات الشريفة أن اليوم الموعود هو يوم عسكري مثلاً قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ معناه هناك فئة كارهة يعني هناك فئة معارضة لظهور الدين ومع ذلك فرض عليها الدين إذاً معناه أن الفرض سوف يكون بقوة السلاح وليس بالفكر والقناعة مثلاً قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ يدل على أن هناك فئة كارهة لظهور الدين على الدين كله فالدين سيفرض عليها بالقوة مثلاً قوله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي كل هذه الآيات توحي بأن يوم الظهور هو يوم غلبه عسكرية يفرض فيها الدين على الأرض كلها بمنطق القوة لا بلغة الفكر والقناعة وهذا لا ينسجم مع طبيعة الفكر الإسلامي لماذا؟!

لا، الفكر الإسلامي أي فكر الآن لا يفرض بالقوة إلا إذا كان الفكر فيه خلل وإلا إذا كان الفكر لا يوجد فيه خلل لا يحتاج أن تفرضه بالقوة أنت كل فكر لا يفرض بالقوة على المجتمع الإنساني إلا إذا كان في الفكر خلل يعوض نقصه بفرضه بالقوة بينما الفكر الإسلامي هو من جهة فكر كامل لقول القرآن الكريم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ومن جهة أخرى الفكر الإسلامي فكر متطابق مع الفطرة السليمة القرآن الكريم يقول: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فطرت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا بما أن الدين والفكر الإسلامي فكر كامل ومتطابق مع الفطرة الإنسانية السليمة فلماذا يفرض بالقوة؟!

إذاً ظاهر هذه الآيات أن اليوم الموعود يوم عسكري ينتصر فيه الدين انتصار عسكري وهذا لا ينسجم مع كون الفكر الإسلامي فكر عرض لأجل أن يقتنع به الناس ولئن تقبل عليه أبناء المجتمع الإنساني هذه الشبهة التي ذكرها بعض الباحثين نحن نجيب عنها.

نذكر هنا أمرين:

الأمر الأول:أن الفكر الإسلامي أو الفكر الديني بصفة عامة لا يمكن فرضه بالقوة ولا بلغة منطق السلاح لماذا؟!

أولاً: لأنه الدين شيء لا يمكن الأكره عليه الدين من الأمور الوجدانية لا من الأمور الخارجية الصلاة الحج هذا أمر خارجي لكن هذا ليس هو الدين هذا مظهر للدين الصلاة مظهر للدين الحج مظهر للدين ليس هذا هو الدين، الدين أمر وجداني موطنه القلب لأنه القلب هي المنطقة التي تكون وعاء للأمور الوجدانية إذاً الدين مجموعة من الاعتقادات ومجموعة من الأمور الوجدانية موطنها القلب والقلب لا يمكن السيطرة عليه من أي قوة في العالم القلب هو المنطقة الوحيدة في العالم الحرة إذا كان هناك منطقة حرة في العالم فهي القلب، القلب هي المنقطة الحرة الوحيدة في العالم كله حيث لا يمكن لأحد السيطرة على هذا القلب لأنه القلب مجموعة من الوجدانيات والخواطر والمعتقدات ولا يمكن لأحد السيطرة عليها لا يمكن لك أن تجبرني على أن أحبك ولا يمكن لك أن تجبرني على أن أبغضك هذه الميول الوجدانية لا يمكن السيطرة عليها ولا يمكن التحكم فيها لذلك ورد عن الإمام أمير المؤمنين : ”لو ضربت خيشوم المؤمن بالسيف على أَن يبغضني ما أَبغضني، ولو ضربت خيشوم المنافق على أَن يحبني ما أَحبني“ السيطرة على القلب غير ممكنة لأي إنسان.

إذاً القلب منطقة حرة لا يمكن السيطرة عليها لأجل ذلك لا يمكن السيطرة على الدين لأنه الدين موطنه القلب فالدين أصلاً لا يعقل الأكره عليه ولأجل ذلك هذه القضية مستحيلة أن تقول يفرض الدين بالقوة كيف يفرض الدين موطنه القلب والقوة لا تسيطر على القلب مهمة بلغت لأجل ذلك الدين لا يمكن تغيره أبو الأسود الدؤلي أحد أصحاب الإمام علي لما قتل الإمام علي بدء معاوية يلتقط أصحاب الإمام علي واحد بعد واحد هناك من صفيه هناك من يجلبه بالأموال هناك من يتركه يعيش حالة من الإرهاب والخوف والقلق كل واحد يعامله معاوية بحكم جهازه ألاستخباري معاملة خاصة فأرسل إلى أبو الأسود الدؤلي يستمليه إليه أرسل إليه شيء من الحلوة المعطرة بالعسل حلوة خاصة وصلت إليه وضعها أبو الأسود في مكان أقبلة طفلته الصغيرة وأخذت شيء من الحلوة وضعتها في فمها التفت إليها أبو الأسود الدؤلي قال: يا بنتي اقذفيها فأنها سم زعاف بعثه إلينا معاوية أبن أبي سفيان ليستميل قلوبنا عن علي أبن أبي طالب الطفلة رامت ذلك من فمها وقالت تخاطب معاوية أبن أبي سفيان:

أبا لشهد المزعفر يا ابن هند

فلا   والله   ليس  يكون  iiهذا

 
نبيع   عليك   إسلاماً   iiودينا

ومولانا    أمير    iiالمؤمنينا.

إذاً القلب منطقة لا يعقل السيطرة عليها فالدين أصلا لا يعقل الأكره عليه هذا أولاً.

ثانياً: إذا قرائنا هذه الآية وبالذات هذه الجملة﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ «لماذا؟!» قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ بمعنى أن الدين أصلاً لا يحتاج إلى أكراه كل فكر قوي لا يحتاج أن تكره الناس عليه كل فكر قوي الفكر أين يأخذ قوته؟! لا يأخذ قوته من الدولة لا يأخذ قوته من السلاح الفكر يأخذ قوته من المنطق الذي يدعمه كل فكر يدعمه المنطق العقلي ويدعمه البرهان فهو فكر قوي والفكر القوي لا يحتاج إلى أن يفرض بالقوة هو ينتشر أوتوماتيكي بحكم قوته وبحكم قاطعيته وهذا هو معنى الآية: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ يعني أن الفكر الديني رشد يدعمه الدليل ويدعمه البرهان ويدعمه المنطق العقلي فلا مبرر على الأكره عليه ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ وهذا معنى قوله تعالى: ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ لا نحتاج إلى مسألة الإكراه.

ثالثاً: الأكره على الدين يخلق أثر معاكس للدين كيف؟! يقول علماء الكلام: نقض الهدف يتنافى مع الحكمة أنت إذا حكيم كل إنسان حكيم يرسم لنفسه أهداف فإذا رسم لنفسه أهداف لا يقوم بعمل يتناقض مع أهدافه لأنه نقض الهدف لا يجتمع مع الحكمة فيكف بالله تبارك وتعالى وهو الحكيم المطلق بما أن الله حكيم فقد أنزل دين والهدف من إنزال هذا الدين أن يتفاعل الناس معه تفاعل قلبي وسلوكي فإذا كان الهدف من إنزال الدين التفاعل معه في مرحلة السلوك فكيف يفرضه بالقوة؟! لا يتحقق التفاعل القرآن الكريم يقول: ﴿إنَّ الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِوقال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ التقوى والانتهاء عن الفحشاء والمنكر لا يحصل إلا مع الصلاة الاختيارية أما الصلاة الإكراهية فلن يتفاعل معها الإنسان حتى يصل إلى مرحلة التقوى أو مرحلة الانتهاء عن الفحشاء والمنكر.

إذا الإكراه على الدين يشل الدين عن التفاعل معه وإذا أصبح الدين بلا تفاعل كان ذلك نقص للهدف من إنزال الدين ونقض الهدف لا ينسجم مع الحكمة فكيف بالحكيم تبارك وتعالى إذا الإكراه على الدين غير معقول وغير متصور هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني: الآيات التي قرانها كلمة: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أو كلمة: ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هذه لا تدل على أن الدين سيفرض عليهم بالقوة لا صحيح هم كارهين وجود فئة كارهة لدين لا يدل على أن الدين فرض عليها بالقوة لماذا؟!

كل إنسان كما يقول علماء العرفان لديه قوتان:

  1. قوة العقل.
  2. قوة القلب.

وكل قوة لها دور قوة العقل دورها استيعاب المعلومات واستنتاجها إما قوة القلب فدورها أن تكذب أو تصدق أن تشكك أو تتيقن أن تحب أو تبغض أن تفرح أو تحزن إذا قوة القلب ليس لها دور في المعلومات دورها دور وجداني تحب تبغض تصدق تكذب دور العقل ليس له علاقة بالميول والوجدانات دور العقل فقط مع المعلومات يستوعب ويستنتج لكل قوة دور إذا تطابقت القوتان قوة العقل والقلب تحقق الإيمان وإذا تعاكست القوتان لم يتحقق الإيمان، هذا المعنى كيف نفهمه؟!

مثل ما يقول علماء الأصول علماء الأصول يضربوا مثال في مبحث حجية القطع في الأصول يقولون: لو فرضنا أنت ليلة من الليالي قالوا لك جزأك الله خير نحن سوف نترك معاك جنازة، جنازة إنسان ميت سوف نتركها معاك في الغرفة ونطفئ الكهرباء وينغلق الغرفة عليك أنت والجنازة ونقول لكم مع السلامة أنت تستطيع؟! تستطيع أن تستقر في الغرفة مع هذه الجنازة ليلة كاملة لا تستطيع لماذا؟! حتى لو كنت إنسان شجاع تضل طول الوقت هنا وهنا لماذا؟! لأنه لقلبك لم يتطابق مع عقلك هنا قوة القلب لا تتطابق مع قوة العقل قوة العقل تقول هذا ميت جثه هامدة لا يمكن أن يحدث لي ضرر 100% لكن قوة القلب لا تطاوع قوة العقل وتبدأ الهواجس والمخاوف تثور في القلب حتى يمتنع الإنسان عن هذا العمل فهنا لم يتطابق قوة القلب مع قوة العقل.

كذلك من ناحية الدين أحياناً يقتنع الإنسان بالفكر الديني 100% يعني الأدلة تدل على أن هذا الفكر مثلاً: ولاية أمير المؤمنين مرة كنت أنا في دولة الإمارات أحد المشايخ أخواننا أهل السنة استمريت معه أيام حول ولاية الإمام أمير المؤمنين استعرضنا الأدلة واستعرضنا البراهين وخرجنا ودخلنا ولم تبقى حجة ولا عذر أبداً إلى أن وصلنا إلى النهاية قال: كلامك صحيح لكن قلبي يقول معقول دولا الصحابة كلهم على خطئ وأنتم على صح إذا أقول أنتم على صح والصحابة على خطئ لأنه الصحابة لم يقدموا علي أنا هذا الذي يترك قبلي لا يؤمن ولا يدعن يا أصحابة يا علي أبن أبي طالب لكنه أختار الصحابة.

إذاً فبالنتيجة: قد يرى الإنسان الفكر الديني صحيح 100% بحسب قوة العقل لكن قوة القلب لا تطيع قوة العقل لعوامل أخرى فلا يتحقق الإيمان المطلوب هنا قالت الآية القرآنية: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ الأنفس يعني العقول أدركت أنه صح لكن القلوب لم تطع العقول ﴿وَجَحَدُوا بِهَا إذاً وصلنا إلى النتيجة أن الإنسان قد يرى الفكر صحيح لكنه يكرهه من داخل قلبه مع أنه فكر صحيح لعوامل عاطفية أو لعوامل نفسية من هنا جاءت الآية المباركة: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ «يعني ليظهر بالفكر وبالمنطق» وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «يعني كراهة قلبية».

إذاً هذا التعبير لا يدل على أن الدين سيفرض يوم الظهور بالقوة سيفرض بالمنطق العقلي سينتشر الدين والفكر الإسلامي وإمامة علي وآل محمد كل ذلك بالمنطق العقلي لكن الفئة الكافرة لن تؤمن بذلك لا لأنه مفروض عليهم بل لأنه الكراهة نابعة من عوامل نفسية أو ثقافية تراكمية إلى غير ذلك، إذاً هذه الآيات لا تدل على أن يوم الظهور يوم أنتصار عسكري بل هو يوم انتصار فكري كما أتضح ذلك من خلال الروايات الشريفة.

المحور الثاني:

هناك أيضاً شبهة طرحها بعض الباحثين وهي: «أن ظاهر بعض النصوص بقاء الفكر المعارض إلى زمن دولة المهدي» يعني زمن دولة المهدي لن يكون الفكر واحد لا هناك فكر معارض لفكر دولة الإمام المهدي وهذا لا ينسجم مع تطبيق الآيات على يوم الظهور ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ظاهرها ليس هناك دين أخر بينما ظاهر الآيات الأخرى أن هناك دين أخر سيبقى حتى ظهور المهدي، ما هي الآيات الأخرى؟!

مثلاً: قوله تعالى في حق اليهود: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ «يعني بين اليهود» الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ هذه ظاهرها أن اليهود سوف يبقون إلى يوم القيامة لأنه القرآن يقول: ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ معناه أن اليهود ستبقى إلى يوم القيامة وهذا يتنافى مع قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وكذلك آية أخرى تتحدث عن النصارى ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ إذاً سوف يبقى الكفر اليهودية والنصرانية وف تبقى إلى يوم القيامة إلى عصر المهدي، وأيضاَ إذا قرائنا قوله تعالى: ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ يعني المؤمنين سوف يبقون قليل إلى الأخير أو قوله تعالى مثلاً: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «10» أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «11» فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ «12» ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ «13» وَقَلِيلٌ «يعني الموجودين من المقربين في عصر المهدي هم قليل» وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ إذا كيف نقول بأن يوم المهدي هو يوم ظهور الدين على الدين كله مع أن ظاهر هذه الآيات توجد فئة غير متدينة يهودية نصرانية غير مؤمنة حتى يوم عصر ظهور المهدي هذه الشبهة الأخرى نجيب عنها:

أولاً:

اليهودية ألحقه والنصرانية ألحقه لا مانع أن تبقى إلى يوم القيامة لماذا؟! لأنه اليهودية ألحقه والنصرانية ألحقه هي الإسلام، كيف هي الإسلام؟! القرآن الكريم يقول: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وقال في آية أخرى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم كيف يقيموا التوراة والإنجيل؟! إقامة التوراة والإنجيل بمعنى إقامتهم بتمام آياتهما ومن جملة آيات التوراة والإنجيل هذه الآية: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنﱢي رَسُولُ اللﱠهِ إِلَيْكُمْ مُصَدﱢقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيﱠ مِنَ التﱠوْرَاةِ وَمُبَشﱢراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ.

إذاً الإنجيل ينص على أن هناك رسول بعده فالنصرانية ألحقه هي النصرانية التي تؤمن بالنبي هذا هو الإسلام ولذلك في آية أخرى يقول: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ، وقال تعالى﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ يعني الإسلام هذا الذي يشترك فيه جميع الرسل الذي يؤمن بجمع الرسل قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ وهذا هو المقصود بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، إذاً اليهودية ألحقه والنصرانية ألحقه سوف تبقى إلى يوم القيامة لأنها الإسلام وليست شي غير الإسلام.

ثانياً:

لنفترض أن اليهودية المحرفة أو النصرانية المحرفة سوف تبقى إلى يوم الظهور وسوف تبقى في دولة المهدي لنفترض ذلك لا مانع سيتعامل معها المهدي كما تعامل جده رسول الله وجده أمير المؤمنين مع اليهود والنصارى الذين كانوا يعيشون في ضل الدولة الإسلامية كانوا يعيشون بشرائط الذمة هناك شرائط الذمة بينهم وبين المسلمين المهدي يقيم شرائط الذمة بينه وبينهم وهذا لا ينافي مع قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ لأنه المقصود بالظهور هنا الظهور المجازي بمعنى الغلبة بمعنى أن السيطرة والقوة والدولة لدين الإسلامي وهذا لا ينافي وجود بعض الأقليات التي تؤمن بدين أخر وهذا معنى قوله ”يملأ الأرض قسطا وعدلا“ «يعني أمتلئ مجازي بمعنى أن القوة والسيطرة هي للقسط والعدل وهذا لا يتنافى مع وجود أقليات معارضة تؤمن بدين أخر.

ثالثاً:

هذه الآية التي قرآنها: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِلا تدل على بقاء اليهود إلى يوم القيامة هذا التعبير في العرف العربي من تراجع الاستعمالات العربية هذا التعبير يقولوا هذا كناية عن عدم الاتحاد كيف؟! مثلاً: إذا أنت عندك صديق وهذا الصديق لا يعتدل ماذا تقول عنه؟! تقول هذا أعوج إلى يوم القيامة ليس معناه أنه سوف يبقى إلى يوم القيامة هذه كناية عن عدم الاعتدال يعني تقول هذا لو يعيش إلى يوم القيامة هم سوف يبقى أعوج لا يتغير فإذا عندما يقال فلان أعوج إلى يوم القيامة لا يقصد بذلك أنه سيبقى إلى يوم القيامة بل هذا التعبير كناية عن عدم اعتداله وأنه لو بقي لبقى غير معتدل إذا قوله: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يشير إلى أن اليهود لا يتحدون حتى اليهود في زماننا حتى اليهود الموجودين في فلسطين المحتلة ليس متحدين بعضهم ضد الدولة الصهيونية بعضهم معارض لها هو يريد أن يقول اليهود لا يتحدون ولو بقوا إلى يوم القيامة هذا كناية عن عدم الاتحاد وليس أخبار عن بقائهم إلى يوم القيامة.

كما أن قوله تعالى: ﴿وقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ وقال تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ «13» وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ المقصود به بملاحظة مجموع الأزمنة لا بملاحظة زمان المهدي كيف؟! يعني أنت الآن لو تعمل إحصائية للموجودين في زمان المهدي كم نسبتهم كم عدد السكان مثلاً في عصره افترض مئة مليار إنسان نسبة مئة مليار إنسان إلى عدد البشرية منذ يوم آدم إلى يوم المهدي كم؟! 1% مثلا 1% تعتبر قليل وليست كثير إذاً فلنفترض أن جميع من في عصر المهدي مؤمنون مع ذلك يعتبر نسبة المؤمنين إلى نسبة الكافرين منذ يوم آدم إلى يوم المهدي يعتبر قليل وليس كثير.

إذا بالنتيجة: الآيات صادقة على كل حال ﴿وقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ، ﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ بمعنى أن نسبة المؤمنين في مجموع الأزمنة إلى نسبة الفاسقين أو الكافرين تعتبر نسبة قليلة وهذا المضمون صادق حتى لو كان كل من في عصر المهدي إنسان مؤمن.

المحور الثالث:

هناك أيضاً شبهة مطروحة عند بعض الباحثين أنه إذا فرضنا وجود فئة معارضة في زمان المهدي نحن لا نريد دولتك ليس جبراً نحن لا نريد هذه الدولة نحن غير مقتنعين بها نحن غير مسلمين بها كيف سيتعامل المهدي مع الفئة المعارضة؟! وبعبارة أخرى هل في دولة المهدي حرية فكرية بحيث يحق للإنسان أن يطرح فكر معارض لفكر الدولة هل في عصر المهدي حرية إعلامية بحيث يحق لفئة من المجتمع أن تصدر إعلام معارض لإعلام الدولة أم لا؟! هذا هو محط السؤال هذه هي النقطة الأساسية.

الواجب عن هذه النقطة بوجهين:

الوجه الأول:

لا يتصور فكر معارض لماذا لا يتصور فكر معارض؟! طبعا من الإنسان العاقل لا نتكلم عن الناس الذي يعيش مرض نفسي معين لا الإنسان العاقل لماذا لا يتصور فكر معارض؟!

علماء العرفان خلاف لقول المتنبي الشاعر ماذا يقول؟!:

الظلم    من    شيم   iiالنفوس   فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم

المتنبي يقول الظلم شيء فطري في الإنسان، الإنسان بطبعه يظلم الآخرين لكن المنطق الإسلامي خلاف ذلك المنطق الإسلامي يقول لا الظلم ليس شيء فطري الظلم شيء طارئ وليس شيء فطري الشيء الفطري هو العدل لماذا؟! الإمام أمير المؤمنين يقول: ”إنما يعجل من يخاف الفوت ويحتاج إلى الظلم الضعيف“ الإنسان الذي يخاف أن تفوته الفرصة يستعجل فيقع في الخطأ والإنسان الضعيف هو الذي يظلم إما الإنسان القوي بفكرة والقوي بسلوكه لا يحتاج إلى أن يظلم لأنه فكره يفرض نفسه بالقوة وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف الظلم ينشئ عن عقدة النقص إنسان يعوض نقصه بالظلم.

إذاً عاش الإنسان في دولة عادلة تضمن له حقوقه وتوفر له العيش الرغيد وتوفر له الرخاء التام وتضمن له مصالحة الشخصية فلن يفكر في الظلم أبداً ولن يفكر في التمرد ولن يفكر في المعارضة لماذا؟! لأنه يعيش رخاء وعيش رغيد وتمام مصالحة الشخصية مضمونه فلماذا يفكر في الظلم والمعارضة؟! دولة المهدي هي دولة الرخاء هي دولة العدل هي دولة العيش الرغيد فلماذا يفكر الإنسان في دولة المهدي في المعارضة وتكون عنده رأي معارض وأعلام معارض هذا غير متصور وهذا ما يستفاد من قوله : ”يملأ الأرض قسطاً وعدلاً“ العدالة الاجتماعية يعني لا أظلمك ولا تظلمني ونحن الاثنين لا نظلم الثالث والثالث لا يظلمنا العدالة الاجتماعية فرع العدالة الفردية إذا أنا ليس عادل لا أستطيع أن أصبح مع الآخرين عادل العدالة الاجتماعية فرع العدالة الفردية والعدالة الفردية فرع العدالة الفكرية إذا كانت الثقافة ثقافة عادلة سوف يكون السلوك عادلاً وإذا كان السلوك سلوك عادل وفيه تتحقق العدالة الاجتماعية.

إذاً بما أن المهدي يملأ الأرض عدلاً فهذا معناه أنه سيملئ المجتمع ثقافة عادلة هذه أولاً لكي تتحول الثقافة العدالة إلى سلوك عادل ثم يتحول السلوك العادل إلى عدالة اجتماعية فلا يتصور إنسان ظالم أو إنسان يحمل فكر معارض أو أعلام معارض لماذا؟! لأنه الإنسان العاقل لا يكون له فكر معارض للعدالة هذا الوجه الأولى.

الوجه الثاني:

لا بأس أن نتصور أن هناك فئة معارضة للمهدي تحمل فكر غير فكره وعندها أعلام غير أعلامه لا يوجد مانع سيرة المهدي كما ورد في الروايات ”يسير بالناس كسيرة جده رسول الله محمد “ وسيرة النبي دولة النبي من تروح وتراها دولة النبي كانت الحرية الفكرية فيها موجودة والحيرة الإعلامية موجودة النبي لم يغلق الفكر ولم يغلق باب الإعلام المعارض وإنما منع من تحول الكلمة المعارضة إلى فتنة أو تحول الكلمة المعارضة إلى نزعة عدوانية هذا ممنوع أما عندك كلمة معارضة عند رأي معار ض كيفك أثمك عليك أنت ليس مأمور ولا مجبور على ترك ذلك ولكن إذا تحول الرأي المعارض أو الأعلام المعارض إلى فتنة فكرية بمعنى توقع المجتمع في جحيم من الاختلافات أو تحول الفكر المعارض إلى نزعة عدوانية وهجومية حين إذاً يكون ممنوع هذا في جميع الدول ليس في دولة النبي في جميع الدول المتحضرة والمتقدمة إذا تحول الفكر المعارض إلى نزعة عدوانية أو تحول الفكر المعارض إلى فتنة فكرية تودي بالمجتمع في جحيم الاختلافات فأن الرأي المعارض ممنوع.

إذاً الرأي المعارض في نفسه ليس ممنوع الأعلام المعارض في نفسه ليس ممنوع في الدولة الإسلامية وفي دولة النبي الممنوع أن يتحول إلى فتنة فكرية أو يتحول إلى نزعة عدوانية هذا هو الممنوع وهذا ما جرى عليه النبي فدولة المهدي على قياس دولة جده المصطفى لأحظ الإمام أمير المؤمنين هذا العهد العظيم عهد لمالك الاشتر ولا نتصور أن دولة المهدي ستخرق هذا العهد عهد الإمام علي لمالك الاشتر وهو عهد يتحدث عن معالم الدولة الإسلامية في كل زمان ومن معالمها توفير حقوق المواطنة لأي مواطن سواء اختلف مع الدولة في الدين أما لا.

لاحظ كلمات الإمام علي في العهد يقول لمالك: «وأشعر قلبك الرحمة للرعية واللطف بهم ولا تكن عليهم سبعة ضارياً تغتنم أكلهم فأن الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق» يعني هذا مواطن حتى لو لم يكن معك في الدين هو مواطن لك حقوق المواطنة ليس بكيفك أنت ما دام في دولتك فهو مواطن وأن كان مخالف لك في الدين وأن كان مخالف لك في المذهب وأن كان مخالف لك في العرق وأن كان مخالف لك في اللغة هذه الاختلافات لا تلغي مواطنته ولا تسلبه حقوق المواطنة يعطى حقوق المواطنة بتمامها هذه هي الدولة الإسلامية وهذه هي الدولة العلوية بخلاف الدولة الأموية الذي تعاملت على أساس الاختلاف في الدين أو على أساس الاختلاف في اللغة أو الاختلاف في العرق.

الإمام علي عندما كتب هذا العهد لم يكن العهد كلام نظري بل كان سلوك عملي يطبقه علي الإمام علي في رجوعه من معركة النهروان مر بكنسية معبد للنصارى واحد من أصحابة استغل الفرصة رأى الإمام منتصر وراجع قال: يا أمير المؤمنين هذا بيت طالما عصي فيه الله قال علي: ما قلت هذا بيت طالما عبد في الله ”يعني الكنيسة معبد محترم سواء دخل إنسان متدين أو دخل إنسان غير متدين مثله مثل المسجد“ قل طالما عبد فيه الله ولا تقل طالما عصي فيه الله"الإمام علي طبق هذه المعاني الإنسانية احترام الإنسان لأنه إنسان مع قطع النظر عن دينه أو مذهبة أو عرقه أو لغته احترام الإنسان لأنه إنسان طبقها الإمام علي عمليا وكتبها تشريعياً في عهده لمالك الاشتر.

وهكذا كان أهل البيت يتعاملون مع من يختلف معهم فكر او دين يتعاملون بلغة الإنسانية بلغة التكريم قال تعالى: ﴿وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ الإنسان مكرم لأنه إنسان وأن اختلف معنا في الأمور الأخرى أهل البيت تعاملوا مع الآخرين بلغة الرحمة بلغة الحنان بلغة العطف وأن اختلف الآخرون معهم لاحظ أنت في قصة الحسين أحد أنصاره كان عثماني الهوى بعض الروايات تقول أنه زهير بعض الروايات تقول أنه وهب بعض أنصاره كان عثماني الهوى يعني لم يكن يحب الإمام علي ومع ذلك الإمام تعامل معه باللطف الحسين تعامل معه بالرحمة إلى أن حوله من ذلك الإنسان العثماني الهوى إلى حسيني المحبة وحسني النصرة والجهاد وأصبح من أنصار الحسين ومن الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم بين يدي الحسين والحسين فتح باب الرحمة لكل من قاتله إلى أخر لحظة وهو يقول: «من أعتزل القتال فأن أضمن له شفاعة جدي رسول الله» إذاً فتح باب اللطف وفتح باب الرحمة إلى أخر لحظات حياته وكان يبكي على أولئك القوم ويقول: «أبكي عليهم أنهم يدخلون النار بسبب قتلي» إلى هذا منتهى الرحمة لكنهم أصروا على المزجرة الشنيعة والمذبحة المفجعة وأبادوا عترة رسول الله وتركوهم على الأرض صرعه......».

والحمدلله رب العالمين

دور المرجعية في عصر الغيبة