نص الشريط
الشهادة مسؤولية العلماء
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 20/7/1431 هـ
مرات العرض: 2882
المدة: 01:00:00
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1) حجم الملف: 15 MB
تشغيل:

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ[1] 

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث في عدة محاور:

المحور الأول: نحن نلاحظ أن الآية المباركة افتتحت بوجود محاورة واحتجاج بين النبي وبين المشركين ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا إذ يقول المشركين ﴿لَسْتَ مُرْسَلًا والنبي في مقام إثبات صحة دعواه وفي مقام إثبات أن رسالته رسالة سماوية حقه، فلأجل أن النبي في مقام الاحتجاج وفي مقام حوار ساخن لابد أن يقدم حجة قاطعة حاسمة وفاصلة للنزاع والخلاف بينه وبين المشركين، فما هي تلك الحجة الفاصلة الحاسمة التي لابد أن يأتي بها النبي في هذا المقام؟!

تلك الحجة الحاسمة هي الشهادة، إذ لابد أن يحصل النبي على شهادة قوية تدعم نبوته وتدعم رسالته ولذلك تصدى النبي لإقامة هذه الشهادة ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ، ولكن أي شهادة؟! يحتاج النبي إلى شهادة تتوفر على عنصرين:

1 - أن تكون شهادة أداء.

2 - أن تكون شهادة عملية لا شهادة قوليه.

ما معنى شهادة أداء وشهادة عملية؟!

العنصر الأول: أن تكون الشهادة شهادة أداء، إن الفقهاء يقسمون الشهادة إلى قسمين:

1 - شهادة تحمل.

2 - شهادة أداء.

هناك من يتحمل المعلومة من دون أن ينطق بها وهذه تسمى شهادة تحمل، وهناك من يكون دوره دور أداء المعلومة فهذه تسمى شهادة أداء.

مثلاً عندما يقول القرآن الكريم على لسان النبي عيسى «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة السلام»: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ[2] هذه شهادة تحمل ﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، قال تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا[3] ، وهو ناظر إلى شهادة التحمل، وهناك شهادة أداء لا يكفي أن تحمل المعلومة ولا يكفي أن تراقب الأوضاع بل لابد أن تنتقل إلى مرحلة الأداء ومرحلة الإقرار والإمضاء وهذه تسمى بشهادة الأداء، والقرآن يتحدث عن شهادة الأداء عندما يقول: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ أو عندما يقول ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا[4] . وقال تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ[5] .

فالنبي لكي يقيم حجة حاسمة على صحة نبوته وحقانية رسالته يحتاج إلى شهادة أداء، إذ لا يكفي أن يقول هناك من يعلم بصحة نبوتي وهناك من يعلم بصحة رسالتي، بل لابد من وجود شهود يقومون بشهادة أداء لأن شهادة الأداء هي الحجة الحاسمة في أثبات صحة نبوة النبي محمد .

العنصر الثاني: الشهادة العملية، الشهادة على قسمين:

1 - شهادة لفظية.

2 - شهادة عملية.

تارة الإنسان يشهد بلسانه، وتارة يشهد بعمله، ولا يكفي للنبي أن يستشهد بشهادة لفظية حيث يحتاج النبي إلى شهادة عملية شهادة فعلية، لاحظوا - أحياناً - القرآن الكريم يتحدث عن شهادة لفظية، مثلاً قول الله تبارك وتعالى في كتابه: ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «3» عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[6] ، هذه شهادة لكنها شهادة لفظية لا تجدي النبي في هذا المقام، بل يحتاج النبي إلى شهادة عملية.

مثلاُ: عندما يقول تبارك وتعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ «26» وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ[7] ، فإن شهادة القميص شهادة عملية وليست شهادة لفظية، وموضع انشقاقه شاهد عملي فعلي على براءة النبي يوسف «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام».

مثلاُ: قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ[8] ، أي شهدوا شهادة عملية ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[9] ، فهذه شهادة عملية، والنبي كان يحتاج لإثبات حقانية رسالته إلى شهادة عملية ولا يكفيه شهادة لفظية.

إن النبي استشهد بالله قال: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ[10] ، والشهادة العملية من الله هي عبارة عن إظهار المعاجز والكرامات على يد النبي فإن ظهور المعاجز والكرامات على يده بنفسه شهادة عملية من الله تعالى على ثبوت رسالة النبي لذلك تظافرت وتواترت المعاجز والكرامات على يد النبي .

فمـا الـكـليـم ومـا العصا وما الحجر
فـي  كـفـه تــسبـح الحصـــــــــــــــاة
فــــهو  بـسبـابـتـه شــق القــمـــــــر
فــهــي  لــكــل مــمــكــن حـــــــيــاة

المحور الثاني: قال تعالى ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِأي هناك شاهدان:

الشاهد الأول: هو الله من خلال إظهار المعاجز والكرامات.

الشاهد الثاني: عبر عنه القرآن ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ لابد أن يكون الشاهد الثاني شخصاً مؤمناً بالنبي حين نزول الآية حتى يصلح أن يكون شاهداً على نبوة النبي، ولابد أن يكون شخصاً قادراً على الشهادة العملية لأن الشهادة اللفظية لا تفيد النبي، مثلاً: لو قام بعض أصحاب النبي وقالوا نحن نشهد أن هذا نبي ماذا يفيد؟! لابد أن يكون الشخص الذي يشهد للنبي قادراً على أداء شهادة عملية من خلال خبرته بالكتاب ومن خلال علمه بالكتاب ومن خلال معرفته بالكتاب، فمن ذلك الشخص الذي كان مؤمناً بالنبي حين نزول الآية وكان قادراً على أداء شهادة عملية من خلال معرفته بالكتاب؟!

قالت بعض الأخبار ذلك الشخص عبدالله بن سلام كان يهودياً وبعد ذلك أسلم، أو مثلاً تميم الدارمي كان يهودياً وبعد ذلك أسلم وهذا التفسير لا صحة له لماذا؟! لأن هذه الآية مكية بإجماع المسلمين، وهؤلاء لم يسلموا إلا في المدينة وبعد عدة سنوات فلا يصلح أن يكون المراد من الآية ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ[11] ، هؤلاء الذين لم يسلموا إلا في المدينة المنورة مع أن الآية مكية.

إذاً الآية تنطق بنفسها عن أن الشاهد المشار إليه شاهد مؤمن حين نزول الآية، وشاهد قادر على أداء شهادة عملية تدعم نبوة النبي ولم تنطبق هذه الأوصاف إلا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقد كان مؤمناً بالنبي حين نزول الآية وكان هو العالم بالكتاب حين نزول الآية ومن خلال علمه بالكتاب كان قادراً على أداء الشهادة العملية.

محمد   النبي   أخي   وصهري

وجعفرٌ  الذي  يضحي  ويمسى

وبنت   محمد  سكني  وعرسي

وسبطا    أحمد   ولداي   منها

سبقتكم    إلى    الإسلام   طرّاً

وصليت   الصلاة   وكنت  طفلا

وأوجب    لي    ولايته   عليكم

فويل     ثم     ويل    ثم    ويل













وحمزة   سيد   الشهداء  عمي

يطير   مع  الملائكة  ابن  أمي

منوط   لحمها   بدمي   ولحمي

فمن  منكم  له  سهم كسهمي؟

على ما كان من فهمي وعلمي

صغيراً  ما  بلغت  أوان  حلمي

رسول   الله   يوم   غدير   خمِ

لمن  يرد القيامة وهو خصمي

أن معنى هذه الآية المباركة أن النبي كان يحتاج إلى معجزتين لإثبات نبوته:

المعجزة الأولى:

كلام الله التي عبر عنه بقوله: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ، وهو إشارة إلى القرآن لأن القرآن كلام الله، فالقرآن شهادة عملية من قبل الله عزوجل على صحة نبوة النبي، لأن القرآن الكريم مظهر للشهادة العملية لله عزوجل من خلال إعجازه ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا[12] .

المعجزة الثانية:

علي بن أبي طالب، علي كان معجزة أخرى كإعجاز القرآن الكريم، فإن النبي أثبت نبوته وحقانية رسالته من خلال هاتين المعجزتين القرآن وعلي، فقول القرآن: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، أي أنا أقمت أمامكم معجزتين لا يمكن لكم أن تنكروهما وهما الدليلان على نبوتي القرآن الكريم وهذه شهادة من قبل الله وعلي بن أبي طالب، فأنه شخص فريد لا يتمتع أحد بما تمتع به علي من شجاعة وعلم ومعارف وعبادة وزهد فهو المعجزة الأخرى للنبي وهذا هو عبارة عن الثقلين ”إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي“ لآن الثقلين معجزتان للنبي ولأن الثقلين شهادتان عمليتان تدلان على حقانية نبوة النبي محمد .

المحور الثالث: قال تعالى: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، الكتاب يطلق في القرآن الكريم على ثلاثة معاني:

المعنى الأول: كتاب التشريع، حيث يقول القرآن الكريم: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ «77» ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ[13] ، بمعنى قبل أن يخلق الله الوجود كان هناك كتاب تشريع وكان هذا الكتاب يشتمل على جميع الكتب السماوية يشتمل على صحف إبراهيم، زبور داؤود، انجيل عيسى، توراة موسى، فرقان النبي وجميع الكتب السماوية كانت مندمجة ومجتمعة في كتاب واحد عبر عنه القرآن الكريم بقوله ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ «77» فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ يسمى كتاب التشريع.

المعنى الثاني: أن المراد بالكتاب في القرآن الكريم كتاب الأعمال، فإن أعمالنا كلنا تجتمع في كتاب، وأعمالنا كلها مرقومة ومرسومة في كتاب يقول القرآن الكريم إشارة إلى ذلك الكتاب: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا[14] ، ويقول القرآن: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ «18» وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ «19» كِتَابٌ مَرْقُومٌ «20» يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ[15]  فالمراد بالكتاب هنا كتاب الأعمال الذي يشتمل على دقائق أعمالنا وحركاتنا وسكناتنا.

المعنى الثالث: خارطة الكون، إن هذا الكون له خارطة، مثلاً: أنت عندما تبني منزلاً عندك خارطة للمنزل، أي إنسان يؤسس دولة عنده خارطة لهذه الدولة، والخارطة هي مركز الاستخبارات الذي يضم خارطة معلومات لهذه الدولة وسائر دقائقها وتفاصيلها، ولكل مؤسسة كتاب يعني خارطة معلومات، ولكل موجود كتاب يعني خارطة معلومات، وهذا الكون كله أيضاً له كتاب يعني له خارطة معلومات وتلك الخارطة تسمى بالعرش ﴿ثم اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[16] ، وتسمى بالكتاب المبين ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا[17] ، وقال تبارك وتعالى: ﴿وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[18] ، ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ[19] ، وذلك الكتاب هو الإمام المبين.

إذاً الكتاب له معاني ثلاثة:

1 - كتاب التشريع.

2 - كتاب الأعمال.

3 - خارطة الكون المسمى بالعرش، والكتاب المبين ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ[20] ، وعندما يقول القرآن الكريم ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ[21] ، أي كتاب؟! جميع هذه الكتب، أي الكتاب بسائر معانيه، الكتاب بسائر مصاديقه، الكتاب بسائر أقسامه، وعلي جمع علم الكتاب كله كتاب التشريع وكتاب الآجال والأعمال وكتاب خارطة الكون.

إنما المصطفى مدينة علم
وهو  الباب من أتاه أتاها

﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ الآن أضرب لك أمثله: علي لعلمه بكتاب التشريع تميز على سائر المسلمين، إذ جاءت امرأتان تتنازعان في ولد وتركوا الأنثى وتنازعوا في الذكر، وكل امرأة تريد أن يكون الولد الذكر لها ماذا صنع علي؟! ولا يوجد عمل بلا علم، والعلم عنصر مهم في العمل، عمل بلا علم مفسدته أكثر من منفعته، ومن خلال علم علي بالكتاب لما عرضت عليه القضية قال زنوا حليب كل منهما فمن كان حليبها أثقل من الأخرى فهي أم الذكر قالوا من أين عرفت هذا؟! قال من قوله تعالى: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[22] ، فهو من خلال علمه بالكتاب فصل هذه القضية وحسمها من خلال علمه بكتاب التشريع ومن خلال علمه بكتاب الأعمال.

إذا غفت عين المؤمن أول ما يراه بعد أن تغفوا عيناه ويسلم روحه إلى الله تبارك وتعالى صورة علي أبن أبي طالب"، وعلي يخاطب الحارث بن همدان:

يا حار همدان من يمت يرني

يعرفني     طرفه     وأعرفه

وأنت  يا  حار إن تمت ترنى

أسقيك  من  بارد  على ظمأ

أقول  للنار  حين‌ تعرض في‌

ذريه   لا   تقربيه   إن   له‌









من  مؤمن  أو  منافق  قبلا

باسمه   والكنى   وما  فعلا

فلا   تخفْ   عثرةً   أو  زللا

تخاله   في  الحلاوة  العسلا

الحشر  ذريه لا تقربي الرجلا

حبلاً  بحبل  الوصي  متصلا

وعلي يعلم بخارطة الكون ولولا علمه بخارطة الكون ما أمسك بمفاتيح الكون، علي طويت له الأرض من المدينة إلى المدائن وجهز سلمان الفارسي وعاد إلى المدينة في خلال دقائق لأن بيده مفاتيح الكون، وعلي لأن بيده مفاتيح الكون ردت له الشمس بعد مغيبها.

يا  برق  إن  جئت الغري فقل له

فيك  ابن  عمران  الكليم  وبعده

فيك الإمام المرتضى فيك الوصي

بل   فيك  نور  الله  جل  جلاله

يا  من  له  ردت  ذكاء ولم يفز







أتراك  تعلم  من  بأرضك  مودع

عيسى    يقفيه    وأحمد   يتبع

المجتبى   فيك   البطين  الانزع

لذوي  البصائر  يستشف  فيلمع

بنظيرها   من   قبل   إلاّ  يوشع

فعلي لأجل هذه المعاجز والكرامات التي ظهرت عليه في علمه وفي تشريعه وفي شجاعته وفي معالمه وفي معارفه كان معجزة أخرى للنبي مضافاً للقرآن، وكان شهادة عملية أخرى للنبي مضافاً لشهادة القرآن، وكان هو المصداق والشاهد الأخر في قوله عزوجل ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، وهذه ما ذكرته كتب المفسرين، روي عن الصادق والباقر والكاظم والرضا عدة روايات تدل على أن المراد بالآية علي بن أبي طالب، وورد أيضاُ في تفسير الثعلبي وفي تفسير السيوطي أن المراد ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ هو علي بن أبي طالب .

المحور الأخير: الشهادة العملية، الآية المباركة ركزت على الشهادة العملية والشهادة العملية لها ثلاثة أدوار:

الدور الأول: دور الأئمة الطاهرين من علي وحتى الإمام المهدي

كانوا يقومون بالشهادة العملية الداعمة لنبوة النبي ، مثلاً: هذا الحديث ”ما منا إلا مقتول أو مسموم“ ماهو المقصود به؟ ليس المقصود به بيان المظلومية فقط، فالمقصود به بيان الشهادة العملية.

لا يوجد أحد منا لم يؤدي دوره في الشهادة العملية أي انظروا لتاريخنا، تاريخ تضحية وتاريخ فداء وعطاء وشهادة عملية.

والــيت  آل محمــــــد وأخــذت منــهم كــل عـــادة
أنــا لـم أجد منهـم إماماً مـات وهو على الوسـادةْ
حتـى الحـرائر منهمو قارعنَ من غصبوا السيادة
حتــى  الــذي قــد جــاوز السـبعين لم يترك جهادهْ

هذا هو معنى قوله ما منا إلا مقتول أو مسموم، أي كلُ منا أدى دوره وتضحيته وعطائه، فأهل البيت قاموا بالشهادة العملية.

الدور الثاني: دور العلماء

دور العلماء في عصر غيبة المهدي «عج» هو دور الشهادة العملية، فإن العلماء هم أولى بأن يقوموا بدور الشهادة العملية، فالعلماء الذين وصفهم الحسين بن علي ”مجاري الأمور بيد العلماء، أمناء الله على حلاله وحرامه“ فالقرارات في أي مجتمع بيد العلماء، لأنهم يتحملون مسؤولية الشهادة العملية، التي هي امتداد لشهادة علي وأهل بيته، كأصحاب علي، حجر بن عدي، ميثم التمار، رشيد الهجري، هؤلاء ماذا كان دورهم؟؟ كانوا يقومون بأداء الشهادة العملية، وهكذا العلماء في عصر الغيبة يسيرون على مسار العلماء المعاصرين لأهل بيت النبوة في أداء الشهادة العملية التي تكون امتداداً لشهادة أهل البيت .

مثلاً: قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ[23] ، معنى شهداء بالقسط أي الشهادة العملية، أن تطبقوا العدالة والقسط على الأرض والأولى بالشهادة العملية هم العلماء، والمثال الرائع للشهادة العملية دور العلماء، فدور العلماء دور الشهادة العملية.

الدور الثالث: دور الأمة

الأمة أيضا لا يصح منها أن تلقي المسؤولية على العلماء فقط فالأمة - أيضا - مسئولة عن حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الشهادة العملية مسؤولية العلماء والأمة، ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[24] ، وقال تبارك وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[25] .

الآن أعراسنا تعج بالمفاسد والاختلاط المقيت وبمظاهر التبرج والأغاني والألحان المتعارفة لدى أهل الفسوق، حتى فواتحنا تعج بالإسراف والتبذير والمظاهر التي لا تستند إلى مدرك شرعي.

إذن هذه المظاهر في فواتحنا وفي أعراسنا يجب أن نقف منها موقفاً عملياً بشهادة عملية من قبل العلماء ومن قبل الأمة أيضا.

وكما ورد عن النبي : ”كيف بكم إذا فسق شبابكم وفسدت نسائكم وتركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قالوا أيحصل ذلك يا رسول الله؟! قال بلى وترون المنكر معروفاً والمعروف منكرا“.

ومن جملة الأمور التي تحتاج إلى شهادة عملية وموقف عملي من قبل العلماء والأمة جمعاء والمجتمع أجمع هو دعم إنجازات ومشاريع التعلق بالقرآن الكريم، فإن القرآن الكريم دستورنا الذي نحتاج إلى التواصل معه ليلاً ونهاراً، وإن عدد درجات يوم القيامة كما ورد عن النبي بآيات القرآن ”فكلما قرأ العبد الآية رقى درجة، ومن قرأ عشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ عشرين كتب من الذاكرين، ومن قرأ ثلاثين الآية كتب من القانتين، ومن قرأ أربعين الآية كتب من الخاشعين....“

والقراءة الجيدة للقرآن طريق للتدبر في القرآن الذي نص عليه القرآن الكريم بقوله: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[26] ، فنحن نحتاج للتعلق بالقرآن قراءةً وتدبراً ونحتاج إلى أن نشيع ذكر القرآن في بيوتنا ”إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة تهجره الشياطين، وإن البيت الذي يقام فيه الغناء تهجره الملائكة وتحضره الشياطين“ فعلينا أن نحول بيوتنا إلى بيوت قرآنية لا لبيوت غنائية لهوية، وأن نعمر ألفاظنا وألسنتنا وقلوبنا وبيوتنا وأبنائنا وأجيالنا بنور القرآن الكريم.

والحمد لله رب العالمين

[1]  سورة الرعد، الآية 43
[2]  سورة المائدة، الآية 117.
[3]  سورة الإسراء، الآية 96.
[4]  سورة البقرة، الآية 282.
[5]  سورة البقرة، الآية 283.
[6]  سورة يس، الآية 3 - 4.
[7]  سورة يوسف، الآية 26 - 27.
[8]  سورة فصلت، الآية 20.
[9]  سورة يس، الآية 65.
[10]  سورة الإسراء، الآية 96.
[11]  سورة الرعد، الآية 43.
[12]  سورة الإسراء، الآية 88.
[13]  سورة الواقعة، الآية 77.
[14]  سورة الإسراء، الآية 13.
[15]  سورة المطففين، الآية 18 - 20.
[16]  سورة الأعراف، الآية 54.
[17]  سورة الحديد، الآية 22.
[18]  سورة يونس، الآية 61.
[19]  سورة يس، الآية 12.
[20]  سورة الرعد، الآية 39.
[21]  سورة الرعد، الآية 43.
[22]  سورة النساء، الآية 11.
[23]  سورة المائدة، الآية 8.
[24]  سورة آل عمران، الآية 110.
[25]  سورة البقرة، الآية 143.
[26]  سورة محمد، الآية 24.

الولاء العلوي
أحيوا أمرنا