نص الشريط
أهمية الإعلام الحسيني
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الرسول الأعظم - مطرح
التاريخ: 11/2/1427 هـ
مرات العرض: 3609
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (821)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ

صدق الله العلي العظيم

انطلاقًا من الآية المباركة، نتحدث عن عدة محاور:

  • في تحديد مفهوم الإعلام وبيان أهميته.
  • وفي تحديد الشعائر الحسينية التي تخدم قضية الحسين في مجال الإعلام.
  • وفي الدور الإعلامي الذي قام به الإمام زين العابدين .
المحور الأول: تحديد مفهوم الإعلام وبيان أهميته.

هنالك سؤالان: ما هو الإعلام؟ وما هي أهمية الإعلام؟

السؤال الأول: ما هو الإعلام؟

الإعلام يعرّفه علماء الاجتماع بأنه وسيلة اتصال بين المصدر والمستقبل، هناك مصدرٌ يصوغ لنا الأفكار، ويصوغ لنا المواد، وهناك مستقبلٌ يتلقى هذه الأفكار، فالإعلام يتكون من عناصر أربعة: مصدر ومستقبل ورسالة ووسيلة، المصدر هو المؤسسة التي تصوغ الأخبار، تصوغ الأنباء، تصوغ الأفكار، والرسالة هي المادة الإعلامية التي تُنْشَر من خلال الوسائل المختلفة، والمستقبل هم الجماهير الذين يتلقون هذه المادة سمعًا وبصرًا وتفاعلًا وتعاطفًا، وهناك الوسيلة التي من خلالها تُنْشَر هذه المواد الإعلامية، كالقناة، كالإذاعة، كالصحيفة، كالموقع الإنترنتي، أو أي وسيلة أخرى، فالإعلام يتكون من عناصر أربعة: مصدر ومستقبل ورسالة ووسيلة.

السؤال الثاني: أين تكمن أهمية الإعلام؟

أهمية الإعلام تكمن في عدة آثار وعدة نتائج، منها:

الأثر الأول: الإعلام وسيلة ربطٍ بين الشعوب.

أنت عندما تشاهد من خلال القناة الفضائية الشعوب الأخرى كيف تعيش، تقاليدها، عاداتها، أفكارها، شعوب غربية، شعوب شرقية، شعوب غائبة عن الأنظار، الإعلام وسيلة للترابط بين الشعوب المختلفة، واكتساب كل شعب من الشعب الآخر إيجابياته وأفكاره، فالإعلام هو الذي يحوّل المجتمع الأسري على الأرض إلى أسرة واحدة وقرية واحدة.

الأثر الثاني: الإعلام منبع الثقافة.

في زماننا هذا أصبح الإنسان، خصوصًا الإنسان العربي.. أنت عندما تقرأ الإحصائيات تجد الإنسان العربي أكثر البشر تخلفًا في مجال القراءة، الإنسان العربي علاقته بالكتاب علاقة ضئيلة جدًا، علاقة عابرة، أكثر الشعوب تقهقرًا وتخلفًا في مجال القراءة هو الشعب العربي، إذن أمام الشعب العربي وسائل أخرى للثقافة، القناة الفضائية، الموقع الإنترنتي، هذه وسيلة من وسائل الثقافة ليتزود منها الإنسان المعلومات الوافرة، في الطب، في الفيزياء، في الهندسة، في أي مجال آخر.

الأثر الثالث: الإعلام وسيلة للترويح عن النفس.

الإنسان قد يصاب بضغوط وهموم فيحتاج إلى أن يروّح عن نفسه، بأن يشاهد مثلًا فيلمًا كوميديًا، أو يشاهد فيلمًا عن عالم الحيوان أو عن عالم النبات، هذا أمر لا بأس به شرعًا، فقد ورد عن النبي محمد ، كما ورد عن الإمام أمير المؤمنين : ”لا ينبغي للمرء أن يكون شاخصًا - أي: مهتمًا - إلا في ثلاث: تزود لمعاد «أي: عبادة»، ومرمة لمعاش «أي: يعمل حتى يوفّر المعاش»، ولذة في غير محرّم“، إذا بادر الإنسان لإشباع لذته بطريق غير محرّم فهذا لا بأس به، ويمكن أن يكون الإنسان مهتمًا به، ومن ذلك الترويح عن النفس عبر وسائل الإعلام، بالأفلام غير الإباحية.

الأثر الرابع: الإعلام وسيلة للدعوة.

القرآن الكريم يقول: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. من أهم إيجابيات وآثار الإعلام أن الإعلام وسيلةٌ للدعوة إلى المبادئ، وسيلةٌ لنشر مبادئ الإسلام، مبادئ أهل البيت .

المحور الثاني: الشعائر الحسينية.

نحن نمتلك أكبر مشروع حيوي بعد النبي محمد ، وهو الحسين، الحسين ليس شخصًا وُلِد سنة كذا واستشهد سنة كذا وكان أبوه فلان وكانت أمه فلانة، هذه قضايا ذاتية للحسين، لكن الحسين تحوّل من شخص إلى مشروع، الحسين في حد ذاته مشروع قيمي، مشروع إنساني، تجسّد في قوله : ”ما خرجت أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح“، مشروع الإصلاح، الحسين يعني مشروع الإصلاح.

نحن نمتلك مشروعًا، ألا وهو مشروع الإصلاح، مشروع الحسين ، لكن نحن ماذا قدمنا لهذا المشروع؟ نحن نتفاعل مع هذا المشروع، نبكي، نلطم، نحضر المجالس، لكن ماذا قدّمنا لهذا المشروع؟! ماذا قدّمنا للحسين؟! الحسين قدّمنا إلينا، قدّم دمه، قدّم أبناءه، قدّم طاقته، الحسين بذل طاقاتِه وجهودَه ودمه في سبيل أن يوصل إلينا هذا المشروع، ألا وهو مشروع الإصلاح، مشروع القيم الإنسانية، قيمة الحرية، قيمة الكرامة، قيمة الإباء، قيمة الإصلاح، لكن ماذا قدّمنا نحن للحسين؟! لو سأل كل إنسان منا نفسه: أنا ماذا قدّمت للحسين كما قدّم إليّ الحسين؟! هل دوري أنا دور الأخذ فقط بدون العطاء والتفاعل مع مشروع الحسين ؟! ماذا قدّمنا لمشروع الحسين؟!

مشروع الحسين يحتاج إعلام، الإعلام والدعوة لمشروع الحسين هي أجلى المصاديق لقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، مشروع الحسين يحتاج إلى إعلام، كيف نوصل مشروع الحسين عبر الإعلام؟ ربما يجيب شخص بأننا نخدم قضية الحسين من خلال الشعائر الحسينية، الشعائر الحسينية هي الوسيلة الإعلامية التي نمارسها من أجل إيصال صوت الحسين، ومن أجل الإعلام لمشروع الحسين ، هذه الشعائر التي نمارسها - من البكاء والنوح والمجالس واللطم... وغيرها من الشعائر الحسينية - فهل الأمر كذلك؟ هل الشعائر التي نمارسها باسم الحسين هي ما نقدّمه للحسين، هي ما نقدّمه لمشروع الحسين ، أم لا؟

من هنا، لا بد من أن نركّز على مسألة الشعائر الحسينية: ما هو تعريف الشعيرة؟ وما هي أقسام الشعيرة؟ وهل الشعيرة الحسينية قابلة للتغيير والتطوير أم هي ثابتة على الصورة التي هي عليها من دون تغيير أو تطوير؟

السؤال الأول: ما هي الشعيرة؟

هناك فرق بين العمل المستحب وبين الشعيرة، ليس كل عمل مستحب فهو شعيرة، فمثلًا: صلاة الليل أمر مستحب، لكنها ليست من الشعائر، استخدام السواك بعد الصلاة أمر مستحب، لكنه ليس من الشعائر. الشعائر جمع شعيرة، والشعيرة أُخِذ فيها الجنبة الإعلامية، الشعيرة أُخِذَت من الشعار، فالشعيرة هي الوسيلة الإعلامية، كل وسيلة إعلامية للدين أو للمذهب أو لمشروع الحسين فهي شعيرة من الشعائر، الشعيرة أُخِذَت من الشعار - أي: من الإعلام - فكل وسيلة إعلامية فهي شعيرة من الشعائر. أنت عندما تكتب كتابًا في الحسين فهذه شعيرة من الشعائر، عندما تفتح قناة تتحدث عن الحسين فهذه شعيرة من الشعائر، كل وسيلة إعلامية تحمل اسم الحسين فهي شعيرةٌ من الشعائر الحسينية.

السؤال الثاني: ما هي أقسام الشعائر؟

الشعائر على قسمين: شعائر ثابتة، وشعائر متغيرة. الشعائر الثابتة هي الشعائر التي ورد بها النص، أي: ورد عن أهل البيت نصوصٌ فيها بعنوانها، باسمها، هذه نسميها شعائر ثابتة، وهي ثلاثة أقسام:

الشعيرة الأولى: المأتم الحسيني.

مسألة المأتم الحسيني من أهم الشعائر الثابتة التي ورد النصُّ فيها، كما ورد عن الإمام الباقر مخاطبًا الفضيل بن يسار: يا فضيل، أتجلسون وتتحدثون؟ قلت: بلى سيدي، قال: ”إني أحب تلك المجالس، فأحيوا فيها أمرنا، من جلس مجلسًا يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“. هذا النص يدل على أن إحياء الأمر مطلوبٌ بأي وسيلة كان، ولكن من أفضل وسائل إحياء الأمر هي هذه المجالس الحسينية، إحياء أمرهم هو المطلوب، ولكن مصاديق إحياء الأمر تختلف، فمن مصاديقه المأتم الحسيني، الموكب الحسيني، التمثيل المسرحي للحسين، هذه كلها مصاديق لإحياء الأمر، فتدخل ضمن استحباب وضمن رجحان إحياء الأمر. طبعًا إحياء الأمر لا ينحصر بالخطيب، بل يشمل الخطيب والمستمع، كل من يساهم في مجلس الحسين بكلام، بلطم، بحضور، فهو يشارك في إحياء أمر أهل البيت .

الشعيرة الثانية: البكاء.

ورد عن الأئمة روايات كثيرة تحث على البكاء، فعن الإمام الباقر : ”من ذُكِرْنا عنده فسال من عينه مقدار جناح ذبابة غفر الله له ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر“، وهنا تصوّران: هناك تصوّرٌ يقول: البكاء كان راجحًا ومحبوبًا في زمان أهل البيت «صلوات الله عليهم أجمعين» لا في جميع الأزمنة؛ لأنه في زمان أهل البيت لم تكن هناك وسيلة إعلامية لإعلان قضية الحسين، ولترويج مبادئ الحسين إلا الوسيلة العاطفية، وهي وسيلة البكاء، نتيجة ظروف التقية التي كانت تحيط بأهل البيت وبشيعتهم، وأما بعد أن تغيّر الزمان، وانفتحت الوسائل، وتعددت وتطورت، فالبكاء في نفسه ليس أمرًا راجحًا، وليس أمرًا مستحبًا.

هذا تصور مطروح، لكن هناك تصورًا آخر - وهو ما نراه تصورًا صحيحًا - أن الرواية مطلقة، الرواية ما خُصَّت بزمان أهل البيت ، ”من ذُكِرْنا عنده“ في أي زمان، في أي مكان، الرواية مطلقة، فتدل على استحباب البكاء مطلقًا وفي كل زمان ومكان.

الشعيرة الثالثة: شعيرة اللطم.

اللطم لم يرد فيه نصٌ بعنوانه، ولكن دليل اللطم دليلٌ إمضائيٌ - كما يعبّر عنه الفقهاء - وليس دليلًا تأسيسيًا، ما ورد في الحث على البكاء دليل تأسيسي، ما ورد في الحث على المجلس والمأتم دليل تأسيسي، ولكن ما ورد في اللطم دليل إمضائي. أهل البيت لما قُتِل الحسين ندبوا ولطموا بمرأى وبمسمع من الإمام زين العابدين ، فلم يردعهم، وعدم ردعه لهم دليلٌ على مشروعية اللطم، هذا يسمى دليلًا إمضائيًا، أهل البيت لما قُتِل الحسين اجتمع النساء والأطفال حول جسده، وندبوا ولطموا، والإمام المعصوم - الذي من وظيفته أن يصوّب وأن يخطّئ - لم يردعهم عن ذلك، فعدم ردعه استفيد منه الإمضاء لهذه الشعيرة، ألا وهي شعيرة اللطم.

وهنا أيضًا تصوّران: هناك تصور يقول: سكوت الإمام عن الردع لا يدل إلا على الجواز، هذا الأمر جائز، لكن لا يدل على أنه راجح ومستحب، وهناك تصور آخر يقول: هذا العمل لو فعله إنسان عادي لأمكن لنا أن نقول: سكوت الإمام عنه يدل على جوازه، وأما إذا صدر من أهل البيت الذين يفترض فيهم أنهم في كمال الأدب، وأنهم في كمال الفعل، وأنهم مؤدبون بآداب الأسرة العلوية الفاطمية، فحينئذ فعلهم بمرأى ومسمع من الإمام يدل على الرجحان والاستحباب لا على مجرد الجواز والمشروعية.

هذه شعائر ثابتة، لا تقبل التغيير، لا يمكن أن يأتي شخص يومًا من الأيام ويقول: ليس هناك بكاء ولا لطم! هذه شعائر ثابتة، وفي مقابلها توجد شعائر متغيرة، وهي التي تختلف باختلاف الثقافات، وباختلاف الأزمنة، وباختلاف الأمكنة. هناك مجتمعات ترى أن من الشعائر الحسينية مثلًا تعليق الزينة في المآتم، وهناك مجتمعات لا ترى أن هذا من الشعائر، هناك مجتمعات ترى أن من شعائرها أن تمشي على الجمر ليلة الحادي عشر من المحرّم تأسيًا بأطفال الحسين ، وهناك مجتمعات لا ترى ذلك، هذه ليست شعائر ثابتة، ليست شعائر ورد فيها نصٌ أو روايةٌ، وإنما هي شعائر نبعت من ثقافة المجتمع، المجتمع أحيانًا عندما يمتلك ثقافة معينة، ويمتلك رؤية معينة، رؤيته وثقافته قد تقوده إلى نوع من الشعيرة لا يوجد لدى مجتمع آخر. إذن، اختلاف ثقافات المجتمعات يقتضي أحيانًا اختلاف الشعائر، لأن الشعيرة - كما ذكرنا - هي وسيلة إعلامية لا أكثر ولا أقل، هناك مجتمع يرى أن هذا العمل وسيلة إعلامية، وهناك مجتمع يقول: هذا العمل ليس وسيلة إعلامية، فتختلف المجتمعات في الشعائر نتيجة اختلاف ثقافاتها، ونتيجة اختلاف رؤاها، فهذه شعائر متغيرة قابلة للتغير والتطور، وليست شعائر ثابتة.

ما هو المقياس؟

أنت تقول لنا: هناك شعائر ثابتة وهناك شعائر متغيرة، فما هو المقياس؟ الشعائر الثابتة عرفناها، لكن الشعائر المتغيرة ما هو المقياس وما هو الضابط في أن نجعل شيئًا شعيرة أو لا نجعله شعيرة؟ ما هو الميزان في ذلك؟ الميزان في الشعيرة أن يكون متوفرًا على شروط ثلاثة، كل يعمل يتوفر على هذه الشروط الثلاثة فهو شعيرة حسينية راجحة.

الشرط الأول: أن يكون مظهرًا للجزع والحزن.

ورد عن الإمام الصادق : ”كل البكاء والجزع مكروهٌ ما خلا البكاء والجزع على الحسين ؛ فإنه فيه مأجور“، الجزع موجب للأجر، الجزع بدرجة أعظم من درجة البكاء، البكاء انفعال، أما الجزع فقد يخرج الإنسان عن إطاره الطبيعي نتيجة لتفاعله مع المأساة والفاجعة العظيمة التي حدثت في كربلاء، حتى لو خرج عن الحد الطبيعي فإنه فيه مأجور. إذن، يعتبر في الشعيرة أن تكون مظهرًا للجزع، أي: مظهرًا للحزن.

ربما يطرح إنسان سؤالًا: لماذا أنتم الشيعة ما زلتم تقذفون هذه الدموع الغزيرة؟ سنويًا أنتم تسبحون في أنهر الدموع، ودائمًا تعيشون حالة من البكاء والأسى والتفاعل العاطفي، إلى متى؟! إلى متى لا تكون وسائلكم الإعلامية وسائل حضارية، تخاطب العقل، وتناشد الفكر، بدلًا من أن تكون وسائل عاطفية، تركّز على تعميق الإحساس بالمظلومية، والإحساس بالفاجعة، والإحساس بالمصيبة؟! إلى متى؟!

نحن نقول: ذكرنا في بعض الليالي السابقة أن الإنسان يمتلك قوتين: قوة العقل وقوة القلب، وقلنا بأن قوة العقل وظيفتها الإدراك والتحليل، ولكن وظيفة القلب هي الانفعال، القلب يفرح، يحزن، يغضب، يرضى، يحب، يبغض، فهناك عقل وهناك قلب. أي مبدأ من المبادئ لا يمكن أن يكون مبدأ راسخًا إلا إذا اجتمعت عليه القوتان: العقل والقلب. مستحيل أن يتحول مبدأ من المبادئ إلى مبدأ راسخ إذا لم يتجاوب معه العقل والقلب معًا.

مثلًا: صلاة الليل، هل يتفاعل معها الإنسان بعقله أم بقلبه؟ بعقله، يقول: أنا أعلم بعقلي أن صلاة الليل أمر مستحب، يطيل العمر، جالب للرزق، دافع للبلاء، مكفّر عن الذنوب، موجب لآخرة رغيدة بالنعم من قِبَل الله «تبارك وتعالى»، هذا كله أدري عنه، لكنني أكره أن أقوم من منامي بعد نصف الليل، وأن أؤدي هذا العمل المستحب. إذن، هذا الإنسان لم يتعاطف مع مبدأ صلاة الليل إلا بعقله، ولم يتعاطف معها بقلبه، ونتيجة لافتراق القلب عن العقل لم تتحول صلاة الليل إلى مبدأ راسخ في سلوكك، لأنك تعاملت تعاملًا عقليًا فقط، ولم تتعامل معها تعاملًا قلبيًا.

كل مبدأ هكذا، كل مبدأ إذا تعامل معه الإنسان تعاملًا عقليًا، لا يتحول إلى سلوك، لا يتحول إلى سلوك راسخ ثابت، بخلال ما إذا تعامل مع المبدأ عقلًا وقلبًا، إذا تعاطف مع المبدأ عقلًا قلبًا أصبح المبدأ سلوكًا، أصبح المبدأ ظاهرة راسخة في سلوك الإنسان.

الإمام الحسين خطّط يوم كربلاء أن تكون مبادئه مبادئ راسخة، وذلك من خلال تفعيل كلا القوتين: قوة العقل، وقوة القلب. الحسين يوم عاشوراء خاطب العقل، طرح أهدافه، طرح مبادئ ثورته، خطب يوم عاشوراء، شرح الثورة من بدايتها إلى نهايتها، وكما خاطب العقل خاطب القلب أيضًا. الحسين يوم عاشوراء بكى على أبي الفضل العباس، وبكى على علي الأكبر، وبكى على القاسم، وبكى على حبيب، وبكت زينب، وبكى زين العابدين، كل هذه الألوان العاطفية مارسها أهل البيت ممارسة واعية، وممارسة هادفة، أرادوا من خلال ممارسة هذه الألوان العاطفية أن يقولوا لنا: إن مبادئ الحسين مبادئ يتفاعل معها العقل والقلب، حتى تتحول إلى مبادئ راسخة وثابتة، مبادئ الحسين من حرية، من كرامة، من إباء، من شمم، مبادئ أريد لها أن تكون مبادئ ثابتة وراسخة، ولأجل ذلك لا بد أن يتفاعل معها العقل والقلب. من هنا نقول: يعتبر في الشعيرة أن تكون مظهرًا للحزن، أو مظهرًا للجزع؛ كي تحقّق التفاعل بين العقل والقلب.

الشرط الثاني: ألا تكون موجبة لوهن المذهب.

يعتبر في الشعيرة الحسينية ألا تكون موجبة لوهن المذهب، أو لهتك حرمة المذهب؛ فإن حرمة المذهب أهم من حرمة أي شخص كان، فمثلًا: الفقهاء يقولون - ومنهم سيدنا الخوئي «قدس سره» - أن الاستيلاء على مال الكافر بدون إذنه جائز، أنت لو لم يكن عليك ضرر، وكنت في بلد غربي، أو أي مكان آخر، وكنت تستطيع أن تستولي على مال الكافر بدون إذنه، فهذا جائز، الاستيلاء على مال الكافر من دون إذنه وتملكه بهذا الاستيلاء أمر جائز، لا حرمة لماله.

هذا الحكم الشرعي، لكن لو لزم من تطبيق هذا الحكم الشرعي وهن الدين، وهتك حرمة الدين، أي: إذا اطلع أبناء الأديان الأخرى على أن المسلمين يسرقون أموالهم، ويرون سرقة أموالهم أمرًا مشروعًا وجائزًا، وأن هذه السرقة سببٌ مشروعٌ للملكية، فإن هذه الثقافة توجب وهن الدين الإسلامي، وتوجب هتك حرمة الدين الإسلامي، إذن فهذه الممارسة جائزة، لكن إذا استلزمت هتك حرمة الدين، ووهن حرمة الدين، تكون الممارسة محرمةً؛ لأن حرمة الدين أهم من أي حرمة أخرى.

نفس الشيء بالنسبة للمتعة مثلًا، المتعة نكاح جائز عندنا في المذهب الإمامي، بشروطه تبعًا، ولكن لو أن الإنسان مارس المتعة في مجتمع تتحول ممارسة المجتمع فيه إلى أن يكون المذهب في موضع الاشمئزاز، وأن يكون المذهب في موضع الاستنقاص، حينئذ تكون الممارسة محرمة، فالممارسة في حد ذاتها جائزة، لكن لو استلزمت هتك حرمة المذهب، أيهما أهم: شهوة الإنسان، أم حرمة المذهب؟! من أجل إشباع شهوته يمارس أمرًا ممارسةً تؤدي إلى هتك حرمة المذهب ووهنه؟! طبعًا لا يجوز، حرمة المذهب أهم من أي أمر آخر.

نفس الشيء بالنسبة للشعائر الحسينية، أي شعيرة تستلزم هتك حرمة المذهب، بأن يُسْتَصْغَر هذا المذهب، وأن يُنْظَر إليه نظرة التوهين والاحتقار، لا لدى كل أحد، بل لدى العقلاء المنصفين من بني البشر، فإن الممارسة تكون حينئذ محرمة، ويتحول من شعيرة إلى عمل محرّم. أضرب لك مثالًا، وأنا لا أخاف من الأمثلة! مثلًا: نحن أحضرنا يوم عاشوراء حصانًا، وقلنا: هذا حصان الحسين، من أجل تمثيل واقعة كربلاء مثلًا، وبعد أن مثلّنا حصان الحسين قلنا: والله هذا صار حصان الحسين، بعد أن مُثِّل به انتسب للحسين، وبعد أن انتسب للحسين اكتسب بركةً من بركة الحسين ، إذن يجوز لنا التبرك بروثه أو بما يخرج منه مثلًا! أتبرك بروث هذا الحصان لأنه انتسب للحسين !

لا إشكال في أن هذا يوجب هتك حرمة المذهب، ويصوِّر المذهب أمام العقلاء المنصفين بأنه مذهبٌ لا يملك فكرًا، لا يملك إلا حصانًا وروثًا وهذه المظاهر! ماذا عند هذا المذهب من فكر أو من عطاء أو من نتاج؟! ليس عنده سوى هذه الأشياء الصغيرة. إذن فبالنتيجة: يُعْتَبَر في الشعيرة ألا تستلزم هتك حرمة المذهب، وإلا أصبحت شعيرة محرمة، تخرج عن كونها شعيرة.

الشرط الثالث: ألا تصل إلى حد الجناية على النفس.

يعتبر في الشعيرة ألا تصل إلى حد الجناية على النفس. الفقهاء عندهم مسلكان: بعض الفقهاء عندهم كل ضرر على البدن حرام، الإنسان يضر نفسه بأي ضرر، هذا يعتبر حرامًا، يتمسك بما ورد عن النبي محمد : ”لا ضرر ولا ضرار في الإسلام“، ولكن بعض الفقهاء - كأساتذتنا: السيد الخوئي، السيد السيستاني، الشيخ التبريزي، وأمثال هؤلاء الفقهاء - يقولون: ليس كل ضرر محرمًا، وإنما المحرم هو الضرر الذي يعدُّ جنايةً على النفس، ولو قلنا كل ضرر محرم لكانت الملاكمة حرامًا، والمصارعة حرامًا، وحمل الأثقال حرامًا، لأن هذه بالنتيجة تُحْدِث نوعًا من الضرر، تُحْدِث درجةً من الضرر.

إذن، ليس كل ضرر محرمًا، وإنما المحرم هو الضرر الذي يُعَدُّ جنايةً على النفس، أي: يوجب قطع عضو من أعضاء البدن، أو يوجب حدوث مرض خطير مزمن، أو يوجب الموت، إذا أوجب أحد هذه الأمور الثلاثة فهو جنايةٌ على النفس، يكون محرمًا، يدخل تحت عنوان قوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.

إذا استلزمت الشعيرة جنايةً على النفس، كأن يستخدم أثناء أداء الشعيرة وسيلةً تؤدي إلى موت أو قطع عضو أو مرض خطير مزمن، فإن الشعيرة حينئذ تكون أمرًا محرمًا وتخرج عن كونها شعيرة، إذا استلزمت الجناية على النفس. إذن، الميزان في الشعيرة هذه الأمور الثلاثة: أن تكون مظهرًا للجزع، ألا توجب هتك حرمة المذهب، ألا تكون جناية على النفس.

السؤال الثالث: هل الشعائر قابلة للتطوير؟

اتضح الشعائر الثابتة باقية، ولكن الشعائر المتغيرة قابلة للتطوير والتغيير، كل زمان يحتاج إلى نوع من الشعائر تنسجم مع طبيعة الزمن، ومع المستوى الحضاري لذلك الزمن؛ لأن الشعائر هي وسيلة إعلامية، والوسيلة الإعلامية لا بد أن تنسجم مع زمانها، ومع مجتمعها، حتى تعكس أثرها الفاعل. ولذلك، نحن في هذا الزمان نحتاج إلى قناة الحسين، ونحتاج إلى وقف الحسين، ونحتاج إلى مسرح الحسين.

النموذج الأول: قناة الحسين.

نحن نحتاج في هذا الزمان إلى قناة فضائية متخصصة في الحسين، ولا تتحدث باللغة العربية، نحن نعرف القضية، ولكن نريد قناة تخاطب المجتمعات الأخرى، قناة باللغات الأخرى، قناة تتحدث باللغات الأخرى، لتخاطب المجتمعات الأخرى، لتوصل إلى المجتمعات الأخرى صوت الحسين، ومبادئ الحسين . والإمكانات المادية التي تمتلكها الشيعة الإمامية ليست أقل من الآخرين، الشيعة الإمامية يمتلكون إمكانات وثروات مادية هائلة جدًا، يستطيعون أن يؤسّسوا عشرات القنوات، لا قناة واحدة، تتحدث باسم الحسين ، وتتحدث بلغات مختلفة، لتوصل صوت الحسين إلى جميع الأنفس، وإلى جميع المشاعر والقلوب.

النموذج الثاني: مسرح الحسين.

نحن إلى مسرح الحسين، مسرح الحسين ضروري. أنت ترى فيلم عمر المختار مثلًا، قبل أن يمثَّل ماذا كان عمر المختار؟! هل كان أحد يعرف عمر المختار؟! كان الذي يعرف قصة عمر المختار واحد بالمئة من الشعب العربي، ولكن عندما مُثِّل وتحوّل من قصة إلى فيلم، إلى مسرح، عندما تحوّل إلى فيلم ومسرح، صار على الأقل 40% من الشعب العربي يعرف من هو عمر المختار، ويتفاعل مع قضية عمر المختار.

أين عمر المختار وأين الحسين؟! الحسين مشروع، وليس مجرد ثروة أو انتفاضة في يوم من الأيام، الحسين مشروع متواصل، منذ ذلك اليوم إلى يوم القيامة، ألا يحتاج هذا المشروع إلى مسرح متقن محكم، يستطيع أن يؤدّي أدوار أهل البيت مع المحافظة على الأحكام الشرعية، والتفاصيل الشرعية في هذا المجال، يؤدي دور أهل البيت أداءً متقنًا، يغزو القلوب، ويغزو المشاعر، ويؤثر على ملايين البشر في أن تتعاطف مع الحسين ؟!

النموذج الثالث: وقف الحسين.

نحن نحتاج إلى مؤسسة وقف الحسين. فلنستفد من تجارب الآخرين، فلاحظ مثلًا التبشير الآن، الفاتيكان عندهم مؤسسات تبشيرية في مختلف بقاع العالم، كل منطقة في العالم هناك فرع للمؤسسة التبشيرية التي تبشّر بالمسيح، نحن أين وهؤلاء أين؟! هل نحن أقل منهم فكرًا؟! هل نحن أقل منهم إمكانات مادية؟! هل نحن أقل منهم تخطيطًا؟! أم نحن فقط قابعون في أن نتفاعل بأساليب جاهزة، ولسنا مستعدين لأن نخدم الحسين ونخدم قضية الحسين، ونبذل ما عندنا من طاقات وجهود في سبيل الإعلام لقضية الحسين ؟!

نحن نحتاج إلى مؤسسة حسينية كالمؤسسة التبشيرية، يكون لها فروع في مختلف بقاع العالم، خصوصًا في المجتمعات المسيحية، خصوصًا في المجتمعات البوذية والمجتمعات اليهودية، هذه المؤسسة تستغل يوم عاشوراء في كل سنة، وتوزّع هدايا على غير المسلمين، المسلمون يعرفون الحسين، توزّع هدايا على المسيحيين، على اليهود، على البوذيين، توزّع عليهم هدايا يوم عاشوراء، تكتب على هذه الهدايا كلمات الحسين، ومبادئ الحسين، ”هيهات منا الذلة“، ”يأبى الله لنا ذلك“، ”لا أفر فرار العبيد“، ”خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي“، أنت عندما تكتب هذه الكلمات وتبثها كهدايا، توصل صوتَ الحسين وصرخة الحسين إلى كل عقل، وإلى كل قلب. إذن، نحن نحتاج إلى شعائر تنسجم مع حضارتنا، ومع طبيعة زماننا.

المحور الثالث: الدور الإعلامي للإمام زين العابدين في قضية الحسين .

الإمام زين العابدين مارس ثلاثة أساليب:

الأسلوب الأول: الأسلوب الجماهيري.

الإمام زين العابدين كان يغتنم الفرصة ليقف أمام الجماهير، ويخطب، ويشرح أهداف ثورة الحسين، وعظمة قضية الحسين . وقف في الكوفة، وصرخ أمام الجماهير المحتشدة: ”أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن زمزم والصفا، ابن مكة ومنى، ابن من طاف وسعى، ابن من حمل الزكاة بأطراف الردى، أنا ابن من عُرِج به إلى السماوات العلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن محمد المصطفى، وابن علي المرتضى، وابن خديجة الكبرى، وابن فاطمة الزهراء، أنا ابن المذبوح بكربلاء، أنا ابن العطشان حتى مضى، أنا ابن الظمآن حتى قضى“ وبدأ يعدّد ألوان قضية كربلاء، حتى هيّج الجماهير التي تستمعه بالبكاء والنحيب والتفاعل.

زين العابدين حينما وصل إلى الشام، وأدخل إلى مجلس يزيد بن معاوية، وطلب من الخطيب أن يصعد المنبر، وصعد المنبر، استغل الفرصة في ترسيخ ثورة أبيه الحسين ، وقال: ”أيها الناس، أعطينا ستًا وفضّلنا بسبع، أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضّلنا بأن منا المختار، ومنا الكرار، ومنا الطيار، ومنا حمزة سيد الشهداء، ومنا سبط هذه الأمة الحسن والحسين“، علي بن الحسين أثار الجماهير تفاعلًا مع كلماته، استغل هذه الفرص في أن يقوم بدور إعلامي جماهيري لخدمة مبادئ كربلاء، ولخدمة صوت كربلاء. اعتقد: لولا خطب زين العابدين ، وخطب العقيلة زينب، لما وصلت ثورة الحسين إلى ما وصلت إليه في العصر الحاضر.

الأسلوب الثاني: أسلوب الحوار.

كان الإمام زين العابدين يمارس أسلوب الحوار من أجل أن يوصل صوت أبيه الحسين ، كان في مجلس يزيد بن معاوية، فأذّن المؤذّن، أرادوا أن يقطعوا خطبة الإمام زين العابدين، أمروا المؤذن بأن يؤذن، أذن المؤذن، لما وصل إلى ”أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله“ التفت الإمام إلى يزيد، استغل هذه النقطة في سبيل أن يُفْحِم يزيد، وأن يُظْهِر ثورة الحسين، قال: يا يزيد، محمد جدي أم جدك؟ إن قلتَ: جدك، كذبتَ، وإن قلتَ: جدي، فكيف أبدت عترته، وقتلتَ أهل بيته شر قتلة؟! هنا يزيد وقع في المصيدة، ما استطاع أن يردَّ جوابًا على كلامه.

الإمام زين العابدين كان في الشام، وإذا بشيخ يراه، فيقوم ويقف أمامه ويقول: الحمد لله الذي قتلكم ونصر أمير المؤمنين عليكم، قال: يا شيخ، هل قرأت القرآن؟ قال: بلى، قال: هل قرأتَ قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى؟ قال: بلى، قال: نحن القربى يا شيخ. هل قرأت قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا؟ قال: بلى، قال: نحن أهل البيت يا شيخ. هل قرأت: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ؟ قال: بلى، قال: نحن أبناء رسول الله يا شيخ. فما تمالك حتى انفعل بالبكاء والنحيب، فهذا أسلوبٌ ثانٍ كان يمارسه، وهو أسلوب الحوار.

الأسلوب الثالث: أسلوب تأجيج العاطفة النفسية.

كان يستغل كل فرصة في تأجيج العواطف، كان قد بكى على أبيه أكثر من عشرين سنة، هو ليس امرأة حتى يبكي، تصور إنسانًا يبكي أكثر من عشرين سنة، ماذا يريد بهذا البكاء؟! يريد أن يمارس دوره الإعلامي في إيصال صوت الحسين، ومظلومية الحسين. ما وُضِع له طعام ولا شراب إلا وقال: ”وكيف أشرب وقد ذُبِح أبي الحسين عطشان؟!“، ويمر على سوق الجزّارين، يراهم لا يذبحون الكبش حتى يسوقه ماء، يقول: هل هذه عادتكم؟ قالوا: بلى يا بن حسين، نحن عندنا عادة، لا نذبح الكبش حتى نسقيه ماء، يستغل القضية وهو أمام الناس في السوق، يستغلها كدور إعلامي، يتوجه إلى جهة كربلاء، يقول: إلا أنت يا أبا عبد الله، السلام عليك يا غريب كربلاء.

(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ... )الأحزاب33
القيادة الإنسانية في سيرة أمير المؤمنين