نص الشريط
خط الموت على ولد آدم
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 9/1/1433 هـ
مرات العرض: 3771
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4267)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [1] 

آمنّا بالله صدق الله العلي العظيم

انطلاقًا من الآية الباركة نتحدّث في محاورَ ثلاثةٍ:

المحور الأول: في حقيقة النفس الإنسانيّة.

في حقيقة النفس الإنسانيّة يوجد اتجاهان:

الاتجاه الأوّل: الاتجاه الفلسفي.

الذي يرى أنّ النفس الإنسانيّة جوهرٌ مجرّدٌ متعلقٌ بالبدن تعلقَ التدبير والتصرّف، بمعنى أنّ النفس الإنسانيّة خارج البدن وليست ضمن البدن، إلا أنّها تُحَرّك البدنَ كما يحرّك الإنسانُ بالرموت أي آلةٍ وأي جهاز آخر، فالنفس الإنسانيّة ليست شيئًا ماديًا وإنّما هي شيءٌ مجرّدٌ عن المادة، والفلاسفة عندما ذهبوا لهذا الرّأي استدلوا عليه بدليلين: دليل عقلي ودليل نقلي.

1. أمّا الدليل العقلي: فهو أنّ كل شيء مادي يقبل الانقسام حتى لو كان صغيرًا جدًا، كل مادةٍ تقبل الانقسام إلى جزأين، فبما أنّ المادي يقبل الانقسام فهل النفس الإنسانيّة تقبل الانقسام حتى نعتبرها شيئًا ماديًا؟! يقول الفلاسفة: عندما نركّز ونتأمّل نجد أنّ النفس الإنسانيّة لا تقبل التقسيم إلى جزأين، فالإنسان عندما يقول: «أنا»، أنا قلتُ وأنا قمتُ وأنا قعدتُ... فهو يشير بكلمة «أنا» إلى نفسه، ويرى بوجدانه أنّ النفس أمرٌ بسيط لا يقبل الانقسام إلى جزأين أو إلى جهتين، ممّا يدلّ على أنّ النفس الإنسانيّة التي نعبّر عنها بكلمة «أنا» ليست شيئًا ماديًا، وإلا لقبلت الانقسام، هذا هو الدليل العقلي.

2. الدليل النقلي: ما سبقت الإشارة إليه في الليلة السابقة، أنّ القرآن الكريم قسّم الوجود إلى عالم الأمر وعالم الخلق، عالم الخلق هو ما يحتاج إلى مادةٍ ومدةٍ، وعالم الأمر ما لا يحتاج إلى مدةٍ ومادةٍ، فقال تبارك وتعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [2] ، وعندما تحدّث عن الجسد نسبه إلى عالم الخلق، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [3] ، ولكن عندما تحدّث عن الروح لم ينسبها إلى عالم الخلق، وإنّما نسبها لعالم الأمر، فقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي - ولم يقل: من خلق ربي - وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [4] ، إذن فالرّوح من عالم الأمر، وعالم الأمر ليس عالمًا ماديًا، بل هو عالمٌ مجرّدٌ عن المادّة، هذا الاتجاه الفلسفي.

الاتجاه الآخر: اتجاه علماء الكلام ومن أيدهم من الفقهاء.

كسيّدنا الخوئي «قدّس سرّه» الذي ذهب مع هذا الاتجاه إلى أنّ النفس البشريّة شيءٌ ماديٌ وليس شيئًا مجرّدًا عن المادّة، فالنفس البشريّة تحلّ في البدن، والبدن يكون وعاءً لها، ما هو الدليل على هذا الاتجاه؟

أولاً: إذا رجعنا إلى ظواهر الآيات القرآنيّة نجد أنّ ظاهر الآيات القرآنية أنّ النفس البشريّة شيءٌ ماديٌ، مثلاً: قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [5]  إذن النفس تُمْسَك وتُرْسَل، والذي يُمْسَك ويُرْسَل لابدّ أنْ يكون ماديًا، لو لم يكن ماديًا لما صحّ التعبير عنه أنه بأنّه أمْسِكَ وأرْسِلَ.

هناك رواية عن الإمام علي «عليه السّلام» تشرح لنا هذه الآية، يقول الإمام عليٌ «عليه السّلام»: ”لا ينام المسلم وهو جنبٌ، لا ينام إلا وهو على طهورٍ“ يعني: إذا أصابتك جنابة حتى لو أنت أردت أن تؤخر الغسل إلى وقت صلاة الفجر لكن قبل أن تنام توضأ، الوضوء حتى من الجنب هذا الوضوء له أثرٌ على نفس الإنسان، ”لا ينام المسلم وهو جنبٌ، لا ينام إلا وهو على طهورٍ، فإنّ روح المؤمن إذا نام ترفع إلى بارئها تبارك وتعالى فيقبلها ويبارك عليها، فإذا حضر أجلها جعلها عنده تحت كنوز رحمته، وإن لم يحضر أجلها بعث بها مع أمنائه من الملائكة فيردّونها إلى جسده مرة أخرى“.

إذن الروح تفارق البدن وتعرج وترجع إلى البدن، وهذا ممّا يؤيد أنّها شيءٌ ماديٌ وليس شيئًا مجرّدًا عن المادة، هناك آية أخرى، قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ الإنسان حال الموت يخرج منه شعاعٌ؛ لأنّ الرّوح تتحول إلى شعاع يرقى ويفارق هذا الجسد، لذلك الملائكة تتساءل: هذا الشّعاع لمَنْ؟ يرقى إلى أين؟! ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [6] ، وقال في آية أخرى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ يعني: الروح تصعد من كلّ جزءٍ من البدن إلى أن تصل إلى الحلقوم، ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ [7]  أنتم من تحضرون عند الميت ترونه ينازع، والروح بلغت الحلقوم، ﴿وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [8] .

إذن الروح تبلغ التراق، تبلغ الحلقوم، هذا معناه أنّها شيءٌ ماديٌ يحلّ في البدن الإنساني، هذا أولاً.

ثانيًا: صحيحٌ أنّ المادي يقبل القسمة إلى جزأين، لكن قد تكون القسمة قسمة فعليّة، وقد تكون القسمة قسمة وهميّة، أضرب لك مثالاً: هذا الضّوء الذي نحن نستقبله هل هو ماديٌ أم غير مادي؟ طبعًا ماديٌ، هذا الضّوء جزئياتٌ ماديّة، كل جزيء من هذا الضّوء لو أردنا أنْ نقسّمه لا يقبل القسمة الفعليّة، فعلاً لا ينقسم إلى جزأين، لكنّه يقبل القسمة الوهميّة، يعني: الإنسان يتصوّر في ذهنه الجزيء المادي ويستطيع تقسيمه إلى جهتين وإلى جزأين قسمة وهمية، فليس كل مادي يقبل القسمة الفعليّة، قد يكون ماديًا يقبل القسمة الفعليّة، مثلما تأخذ حجرًا، وقد يكون ماديًا لا يقبل القسمة الفعليّة لكن يقبل القسمة الوهميّة الذهنيّة، الرّوح شعاعٌ ماديٌ مبثوثٌ في هذا البدن، لذلك لا يقبل القسمة الفعليّة، لكن يقبل القسمة الوهميّة، فهو شيءٌ ماديٌ وليس غير مادي.

ثالثًا: نحن عندما نرجع لآيات القرآن الكريم نجد الرّوح في القرآن غير النفس، النفس الإنسانيّة لم يعبّر عنها القرآنُ الكريمُ بالرّوح، دائمًا يعبّر عنها بالنفس: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ، ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [9] ، ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [10] ، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [11] ، ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [12] ...

دائمًا يعبّر عن الإنسان بالنفس، القرآن لا يعبّر عن الإنسان بالرّوح، يعبّر عنه بالنفس، ولذلك ينسب الموت إلى النفس، لا ينسب الموت إلى الرّوح، يقول القرآن الكريم: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [13]  لا كلّ روح، بينما الرّوح إذا عبّر بها في القرآن لا يراد بالرّوح الإنسان، لا، المراد بالرّوح في القرآن الكريم مخلوقٌ أعظم من الملائكة، دوره ووظيفته تسديد الأنبياء وتسديد المرسلين وتسديد الأوصياء، لاحظوا القرآن الكريم، يقول: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ [14]  الروح غير الملائكة، الرّوح هو مخلوقٌ أعظم من الملائكة، ويقول القرآن الكريم: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [15]  الرّوح غير الملائكة.

هذا الروح هذا المخلوق العظيم هو وظيفته التسديد والتأييد، يقول القرآن الكريم: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [16]  هذا هو الروح، ويقول القرآن الكريم: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [17]  الرّوح مُؤيِّد، إذن ليس المراد بالروح في القرآن الكريم الإنسان، لا، المراد بالرّوح مخلوقٌ ثانٍ، فعندما يقول تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ لا يقصد الإنسان، يقصد هذا المخلوق الذي هو أعظم من الملائكة، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ - يعني: ذاك المخلوق - مِنْ أَمْرِ رَبِّي يعني: من عالم الأمر وليس من عالم الخلق.

إذن ليس في القرآن دليلٌ على أنّ النفس الإنسانيّة أمرٌ مجرّدٌ؛ لأنّ الروح في القرآن شيءٌ والنفس شيءٌ آخر، الروح في القرآن مخلوقٌ أعظم من الملائكة وظيفته التسديد والتأييد، هذا تمام كلامنا في المحور الأول.

المحور الثاني:

هناك عنوانٌ الجميع يؤمن به ولا يشكّك فيه، لكنّ الجميع يجهل حقيقته، ألا وهو الموت، كلنا نؤمن بأنّ الموت لا مفر منه وأنّه قادمٌ إلينا على كل حالٍ أطلنا أم قصّرنا، لكننا نجهل حقيقة الموت، فما هي حقيقة الموت؟ وما هو واقع الموت؟ هل الموت نقصٌ نرفضه وننفر منه أم الموت كمالٌ نقبِل عليه ونستقبله؟

هنا عدنا عدة اتجاهات في تعريف الموت:

الاتجاه الأول: الاتجاه الفقهي.

الفقهاء يمشون على المفاهيم العرفيّة البسيطة؛ لأنّ الفقهاء يقولون بأنّ الآيات والرّوايات نزلت على العُرْف العربي العام، فالمرجع في فهم الآيات والرّوايات إلى العرف العربي العام، إذن عندما نريد أنْ نحلل عنوان الموت لابدّ أنْ نرجع إلى العُرْف العربي العام ماذا يفهم من كلمة الموت، وعندما نرجع إلى العرف العربي العام نجد أنّ الموت عند العرب فقد الحياة، الموت فقدان الحياة، وهذا الفقهاء يرتبون عليه أمثلة، كيف؟

أضرب لك مثالاً: يعني الآن السقط - السّقط الذي يسقط من بطن أمه - تارة يسقط بعد ولوج الرّوح، تارة يسقط قبل ولوج الرّوح، إذا سقط بعد ولوج الروح واضحٌ «هذا ميّتٌ»، أمّا إذا سقط قبل ولوج الرّوح، الرّوح تلج الجسد متى؟ بحسب الدّقة: بعد مرور اثني عشر أسبوعًا على الجنين تبدأ الرّوح الإنسانيّة في الولوج والوغول إلى جسد الجنين، قبل هذه الفترة إذا كان السقط ابن شهر، نزل من بطن أمه وهو ابن شهر، ابن شهر يكون مثل المنفخة، مثل البالونة، حتى جلده لا يوجد فيه جلدة، مثل الورقة «ورقة الكيس»، هذا إذا نزل لم تلجه الرّوحُ بعد، هل يعتبر ميّتًا أم لا؟!

يقول بعضُ الفقهاء: هذا ليس ميتًا؛ لأن الموت فقدان الحياة، وهذا لم يذق الحياة حتى يذوق الموتَ، هو أصلاً الحياة لم يرها، الروح لم يرها، كيف يصير ميتًا؟! الموت فقدان الحياة، وهذا لم يذق الحياة حتى يذوق الموتَ، إذن هذا ليس ميتًا، إذا لم يكن ميتًا لو مسّه الإنسان - عند بعض الفقهاء - لو مسّ هذه الجلدة التي نزلت برطوبةٍ مسريةٍ لا تكون يده نجسة؛ لأنّ هذه الجلدة لا يُحْكَمُ عليها بالموت، هذا اتجاهٌ في فهم الموت، الموت فقدان الحياة.

الاتجاه الثاني: الاتجاه الفلسفي.

الموت هو عبارة عن فراق جسدٍ والتلبس بجسدٍ آخر، الفلاسفة يقولون: الرّوح لا تستغني عن جسدٍ، دائمًا أمامها جسدٌ تحرّكه، كما يحرّك الإنسانُ بالرّموت السّيّارة مثلاً، دائما الرّوح معها جسدٌ، إذا فارقت هذا الجسد العنصري المادي تنتقل الرّوح إلى جسدٍ يسمّى «الجسد المثالي»، والجسد المثالي ليس كتلة وليس فيه عمقٌ ماديٌ ولكن فيه صورة المادّة، لذلك يسمّونه مثاليًا، يعني: هو ليس ماديًا مماثلٌ للمادة في صورته وفي شكله إلا أنه ليس ماديًا، فالرّوح بعد الموت تفارق جسدًا ماديًا وتحرّك جسدًا مثاليًا في عالم البرزخ.

الاتجاه الثالث: اتجاه علماء العرفان.

ركّز مع هذا التّعريف، يفيدك جدًا، علماء العرفان يقولون: الموت كمالٌ وليس نقصًا، الموت انطلاقٌ وليس قيدًا، علينا أن نستقبل الموت لا أنْ ننفر من الموت، علينا أن نطمئن للموت لا أن نقلق من الموت، الموت كمالٌ، كيف يكون الموتُ كمالاً؟

هناك مقدمتان يذكرها علماءُ العرفان لبيان أنّ الموتَ كمالٌ:

المقدّمة الأولى:

كل طاقةٍ يخلقها الله عند الإنسان فلابدّ لها من وعاءٍ تبرز فيه وتظهر فيه، وإلا لكان خلق الطاقة لغوًا وعبثًا، الله يعطيك طاقة لكنّ هذه الطاقة تبقى مخبوءة إلى الأبد! إذن وجودها لغوٌ وعبثٌ، كل طاقة يمتلكها الإنسانُ سيأتي يومٌ تبرز فيه تلك الطاقة، وإلا لكان وجود هذه الطاقة عبثًا ولغوًا، واللغو قبيحٌ، والحكيم تعالى لا يفعل القبيح، هذه مقدمة فهمناها.

المقدّمة الثانية:

إذا لاحظنا نسبة الدّنيا إلى الآخرة «نسبة ما قبل الموت لما بعد الموت» هي نسبة الرّحم لخارج الرّحم، لاحظ الجنين في بطن أمه ولاحظ الجنين بعد أن يخرج من بطن أمه، مثل الإنسان إذا فارق الدّنيا، كيف؟

من جهتين:

الجهة الأولى: الجنين في بطن أمه يشعر أنّ الوجود كله هو هذا الرّحم فقط، لا يعلم أنّ هناك وجودًا ثانيًا، يظنّ ويعتقد أنّ الوجود كله هو هذا الرّحم الضيّق، بل لا يشعر بضيقه لأنه لم يجد أوسع منه، الجنين لا يشعر بأنّ الرّحم ضيّقٌ لأنه لم يعش فلم يجد شيئًا أوسع منه، لذلك يعتقد أنّ الرّحم وجودٌ وسيعٌ كافٍ ووافٍ، بمجرّد أنْ يخرج وينزل من بطن أمه يرى هذا الرّحم ليس له قيمة، هذا الرحم ذرّة من مليارات المليارات المساحة، ما هو الرحم؟! نسبته إلى الدنيا؟! نسبته إلى الأرض؟! فيستغرب أنّه أين كان؟! الآن أين صار؟! تبيّن له أنّ الرّحم سجنٌ ضيّقٌ ناقصٌ، والآن اكتشف أنّ الوجود أوسع وأرحب بكثيرٍ من الرّحم.

كذلك الإنسان عند موته، نحن ونحن في الدّنيا نعتقد أنّنا نعيش في وجودٍ وسيع وكافٍ ووافٍ وهذه الأرض عندنا أرضٌ واسعة نتنقل فيها كما نشاء، وبمجرّد أنْ نغمض العينين وننتقل إلى الله نكتشف أنّ الدنيا كانت ذرّة صغيرة من ذرّات هذا الوجود الرّحب الواسع، نكتشف أنّ الدّنيا التي كنّا نعيش فيها ما هي إلا سجنٌ صغيرٌ كنّا مقيّدين به ومغللين به، والآن وجدنا كونًا وفضاءً أرحب وأوسع، فيه الملائكة والجن والإنس والأشباح والأرواح وعوالم متعددة من الوجود ما يرى وما لا يرى، إذن نسبة الدنيا للآخرة نسبة الرّحم لخارج الرّحم.

الجهة الثانية: أن الإنسان وهو جنينٌ في بطن أمه ماذا كان يملك؟ كان يملك رئتين، لكن الرئتين لا تعملان ما دام الجنين في الرحم، ما دام الجنين يعيش في الرّحم الرئتان لا تعملان شيئًا، إذن لماذا خلقهما الله؟! إنّما خلقهما الله ليوم آخر غير يوم الرّحم، الرّحم لا تعمل فيه الرئتان، ولو تنفس الجنينُ من رئتيه لحظة واحدة وهو في الرحم لمات، بمجرد أنْ يغادر الرّحم تعمل الرئتان ويبدأ بالتنفس من خلال الرئتين، ولو توقف تنفسه لمات، فالجنين كان يملك شيئًا لا عمل له عندما كان في الرّحم، إنّما عمل بعد خروجه من الرّحم.

كذلك أنت أيها الإنسان تملك أشياء لن تكتشفها إلا بعد الموت، هناك طاقاتٌ موجودة في شخصيتك لن تكتشفها إلا بعد الموت، في الدنيا أنت لا تدري عنها ولن تكتشفها، إذا غادرت هذه الحياة ستكتشف أنّ عندك مخبوءًا ومكنونًا من الطاقات ستنفجر وستبرز في عالم آخر، في عالم ما بعد الموت.

من هذه الطاقات: طاقة الشهود «شهود النفس»، نحن ذكرنا في ليالي سابقة أنّ الإنسان ما دام في عالم المادة فهو مغطى بغطاءَيْن:

1. غطاء الزمن.

2. وغطاء المكان.

لا يمكن للإنسان أن يكتشف ما وراء الزمن، ولا يمكن للإنسان أن يكتشف ما وراء المكان، ما دام في الدنيا فهو مغطى بغطاءَيْ الزمن والمكان، إذن هو سجينٌ، إذن هو أعمى لا يبصر؛ لأنه مغطى بغطاء الزمن والمكان، فالنفس فيها طاقة للاكتشاف، لكن الذي يمنعها من الاكتشاف الزمن والمكان، مثل الرئة، رئة الجنين طاقة تريد أن تتنفس، الذي يمنعها من التنفس الرّحمُ.

الإنسان في الدنيا لديه طاقة الشّهود واكتشاف ما وراء الزمن والمكان، والذي يمنعه من عمل هذه الطاقة غطاء الزمن وغطاء المكان، فإذا جاء الموت وتحرر الإنسان من الزمن والمكان اكتشف بشهوده النفسي ما وراء الزمن والمكان، وعبر القرآنُ الكريمُ عن هذه الحالة: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ الزمن والمكان حرّرناك منهما، ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [18]  طاقة الاكتشاف «طاقة الشهود» بدأت تعمل الآن عنده لأنك الآن لا يحجبك زمنٌ ولا يحجبك مكانٌ، غادرت المادة وأصبحت روحًا ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ، إذن ما دام الإنسانُ في عالم الدنيا فهو مكتنفٌ ومغللٌ ومسجونٌ ومقيّدٌ بغطاءي الزمن والمكان، إذن علماءُ العرفان يركّزون على هذه النقطة، يقولون: الموت كمالٌ، الموت اكتشافٌ، الموت شهودٌ، وليس الموتُ نقصًا.

المحور الثالث:

كلنا نقلق من الموت، مستحيلٌ إنسان يقول: والله أنا ليس عندي قلقٌ من الموت! كلنا قلِقٌ من الموت، رغم أننا نعرف أنّ الموتَ آتٍ لا محال لكننا نعيش قلقًا منه، ونعيش خوفًا منه، ونعيش نفورًا منه، رغم ما يُشْرَحَ لنا، رغم ما يقال لنا من أن وراء الموت نعيمًا وجنانًا، إلا أنّنا مع ذلك نعيش خوفًا وقلقًا ونفورًا وكراهية للموت، وبعض الشّعراء عبّر عن هذا القلق بصورةٍ سلبيّةٍ، وبعضهم عبّر بصورة إيجابيّة، بعضُهم قال:

ولو   أنّا   إذا   متنا   تُرِكْنَا

ولكنّا     إذا     مِتْنُا    بُعِثْنَا

 
لكان  الموتُ  راحة كل حيّ

ونُسْألُ يومَها عن كلّ شيءِ

فهذا هو الذي يقلقنا، وبعضُ الشّعراء قال:

خُلق  الناسُ للبقاءِ iiفضلّتْ

إنّما يُنْقَلُون من دار أعمالٍ

 
أمّةٌ     يحسبونهم    iiللنفادِ

إلى  دارِ  شقوةٍ  أو  iiرشادِ

الموت انتقالٌ، القلق من الموت قلقٌ إيجابيٌ؛ لأنّ القلق من الموت جرس إنذارٍ، جرس الإنذار ينبّهنا أنّنا في حالة سفرٍ، نحن مسافرون، لسنا مقيمين، كلٌ منا لابدّ أن يلقن نفسه أنّه في سفرٍ وليس مقيمًا، الموت ينبّهنا على أنّنا في سفرٍ، «ألا إنما الإنسانُ ضيفٌ بأهله» نحن ضيوفٌ عند زوجاتنا وأولادنا.

ألا إنّما الإنسانُ ضيفٌ بأهلهِ   يقيم  زمانًا  بينهم  ثم  iiيرحلُ

نحن في سفرٍ، إذن فعلينا الاستعداد لهذا السّفر المجهول، لهذا السّفر الذي لا نعرف أبعادَه، لا نعرف أركانَه، لا نعرف مواطنَه، علينا أنْ نعِدّ أنفسنا لهذا السّفر المجهول، الإمام زين العابدين «عليه السّلام» رآه الجهني ليلة من الليالي وهو يحمل كيسًا على ظهره، قال: سيّدي إلى أين؟ قال: إلى سفرٍ أعددتُ له زادًا، فرآه في اليوم الثاني في المدينة، قال: سيّدي قلتُ بأنك على سفرٍ ولم تسافر؟! قال: ليس السّفر ما ظننتَ، إنه سفرُ الموت، سفر الآخرة، والإعداد لسفر الآخرة بالورع عن محارم الله وبذل الندى في الخير.

نحن في سفرٍ، ولكي نتعرّف على أبعاد هذا السّفر، كل واحدٍ منا يريد أن يعرف ما هو الموت، ما هي أبعاد هذا السّفر، حتى يكون على أهبةٍ منه، الموت له منازلُ أربع أتعرّض إليها:

المنزل الأول: نزول الملائكة.

نحن في الدّنيا لا نرى الملائكة، ولكن حين لحظة الموت سنراهم، القرآن الكريم يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ - يعني: وقت الموت - أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [19]  تبشّرهم الملائكة، تطمئنهم، وهناك قسمٌ آخر تنزل عليهم ملائكة الغضب، ﴿الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [20] ، أوّل ما نراه نزول الملائكة.

المنزل الثاني: النزاع «الاحتضار».

النزاع شيءٌ مريرٌ، اقتلاع النفس من الجسد أمرٌ صعبٌ على الجسد، نزع الرّوح من الجسد كنزع الجلد من الجسد في شدة المرارة وفي شدة الألم، أمرٌ خطيرٌ، أمرٌ صعبٌ، لاحظوا هذه الآية المباركة تتعجّبون منها، يقول القرآن الكريم واصفًا أهل الجنة: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى [21] ، ما معنى هذه الآية؟

تقول الرّواياتُ: الإنسان عندما يموت - حتى لو كان مؤمنًا - يذوق مرارة الموت، ومرارة الموت تبقى في نفسه حتى بعد دخول الجنة، من شدة هذه المرارة أنها تبقى حتى بعد دخول الجنة، ولذلك قال: في الجنة لا توجد مرارة إلا المرارة الأولى فإنها تبقى ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى، مرارة النزاع، مرارة الاحتضار، إلا الذين محضوا الإيمان محضًا، الطاهرون الذين لم يرتبكوا إثمًا فإنّهم لا يشعرون بطعم الموت.

ورد عن النبي ، يقول جابرُ بن عبد الله: خرجنا إلى جنازة أحد الأنصار - ركّز على هذه الرّواية - وكان معنا رسول الله، وعندما وصلنا إلى القبر ولم يُلحَد الرجلُ جلسنا كئيبين كأنّ على رؤوسنا الطيرُ، وأخذ رسول الله عودًا صار ينكت به في الأرض، ثم رفع عينينه وهما تسيلان من الدموع - وهو رسول الله - وقال لنا: ”استعيذوا من عذاب القبر، استعيذوا من عذاب بالقبر، استعيذوا من عذاب القبر“ قالها ثلاثًا.

ثم قال: ”إنّ المؤمن إذا نزل به الموتُ وكان في حال انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزلت عليه ملائكة الرّحمة وجلست أمامه كمدّ البصر، وجلس ملكُ الموت عند رأسه، وقال: «أيتها النفس الطيّبة اخرجي إلى مغفرةٍ من الله ورضوانٍ»، فتسيل نفسه كما يسيل القطرُ من فم السّاقي، فيأخذها ملكُ الموت بيده، فلا يدعها الملائكة في يد ملك الموت لحظة واحدة، بل يأخذونها منه، ويكفنونها بكفنٍ من الجنة، ويحنطونها بحنوطٍ من الجنة، فما تمرّ على ملأ من الملائكة إلا وقالوا: ما هذا الرّيح الطيّب؟ فيقال: «هذا فلانٌ المؤمن» حتى تصل إلى السّماء السّابعة فيقول الله: «اكتبوها في عليّين، وأرجعوها إلى الجسد مرة أخرى، منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى»، وإذا كان غيرَ مؤمنٍ نزلت ملائكة العذاب كمدّ البصر أمام عينيه، وجلس ملكُ الموت عند رأسه، وقال: «أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط الله وغضبه»، فينتزعها من جسمه كما يتنزع الصّفود من الصّوف المبلل“، النزع شديدٌ على الإنسان، شديدٌ على النفس.

المنزل الثالث: ارتفاع النفس إلى عالم آخر.

لاحظوا هذه الرواية عن الإمام الصادق، رواية مؤثرة، يقول «عليه السّلام»: ”إنّ الأرواح في صفة الأجساد في شجرٍ من أشجار الجنة تتساءل وتتعارف، فإذا أقبلت الروح من عالم الدنيا - روح جديد أقبلت - فإذا أقبلت الرّوحُ من عالم الدنيا هشّوا إليها «الأرواح كلها تقوم لتستقبلها» فيقال لهم: دعوها، دعوها تستريح فإنّها أقبلت من هول عظيم“ فراق الدنيا هولٌ عظيمٌ، الانفصال هولٌ عظيمٌ، ”دعوها تستريح فإنها أقبلت من هولٍ عظيم، فيدعونها إلى أنْ تستقر، ثم يقولون لها: كيف تركتَ فلانًا؟ فيقول: تركتُه حيًا، فيرتجونه، وإذا قال: مضى قبلي، فيقولون: إذن هوى هوى“، ﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [22] .

الإمام الحسن سيّد شباب أهل الجنة وهو يبكي حالَ الموت، فيقال: ما يبكيك يا أبا محمد وأنت سيّد شباب أهل الجنة؟! قال: ”أبكي لخصلتين: فراق الأحبة، وهول المطلع“، الانتقال إلى العالم الآخر انتقالٌ إلى عالم غريب مريع بأهواله، ”أبكي لخصلتين: فراق الأحبة، وهول المطلع“، هولٌ شديدٌ.

إذن علينا أن نستذكر الموت، علينا أنْ نلقن أنفسنا بهذا المصير الغريب الرّهيب، وهذا الإمام زين العابدين «عليه السّلام» في دعاء أبي حمزة يذكّرنا بلسعة الموت وبرهبة الموت، ”إلهي ارحمني إذا انقطعت حجتي، وكلّ عن جوابكَ لساني، وطاش عند سؤالكَ إياي لبي، فيا عظيم رجائي لا تخيّبني إذا اشتدت فاقتي“.

أنت مع الإمام زين العابدين تذكّر الموتَ، أخرج هذه الكلماتِ من قلبك، ”إلهي إنْ كان قد دنا أجلي ولم يُدْنني منك عملي فقد جعلتُ الاعترافَ بالذنب إليك وسائلَ عللي، إلهي إنْ عفوتَ فمَنْ أولى منك بالعفو؟! وإنْ عذبتَ فمَنْ أعدل منك في الحكم؟! إلهي ارحم في هذه الدّنيا غربتي“ فعلاً الإنسان غريبٌ، غريب، لا أحد يستطيع أن يعنيه على الموت، ”ارحم في هذه الدنيا غربتي، وعند الموت كربتي، وفي القبر وحدتي، وفي اللحد وحشتي، وإذا نُشِرْتُ للحساب بين يدَيْك ذلّ موقفي، واغفر ما خَفِيَ على الآدميين من عملي، وأدم لي ما به سترتني“.

هذه الكلمات الأخيرة المؤثرة: ”إلهي وارحمني صريعًا على الفراش - ساعة الاحتضار - وارحمني صريعًا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وتفضّل عليّ ممدودًا على المغتسل يقلبني صالحُ جيرتي، وتحنّن عليّ محمولاً قد تناول الأقرباءُ أطرافَ جنازتي، وجُدْ عليّ منقولاً قد نزلتُ بك وحيدًا في حفرتي، وارحم في ذلك البيت الجديد - بيت ترابٍ، بيت ظلمةٍ، بيت وحشةٍ - وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي، حتى لا أستأنس بغيرك سيّدي“.

موتٌ وقبرٌ وظلمةٌ، لكن هناك خبرًا آخر، هناك خبرٌ آخر أذكره لك، يقول الصّادقُ «عليه السّلام»: ”إذا نزل الموتُ بالمؤمن حضر النبيُ وعليٌ وفاطمة والحسنُ والحسينُ، فإذا أنطق اللهُ لسانَه بالشّهادة بالوحدانيّة والنبوّة والولاية لأهل البيت شَهِدَ عليه النبيُ وعليٌ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُ“.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمّدٍ وآله الطيبين الطاهرين

[1] الفجر: 27 - 30.
[2] الأعراف: 54.
[3] المؤمنون: 12 - 13.
[4] الإسراء: 85.
[5] الزمر: 42.
[6] القيامة: 26 - 30.
[7] الواقعة: 83 - 84.
[8] الواقعة: 84 - 87.
[9] القيامة: 1 - 2.
[10] يوسف: 53.
[11] الشمس: 7 - 8.
[12] المائدة: 116.
[13] آل عمران: 185.
[14] القدر: 4.
[15] المعارج: 4.
[16] البقرة: 87.
[17] المجادلة: 22.
[18] ق: 22.
[19] فصلت: 30 - 31.
[20] النساء: 97.
[21] الدخان: 56.
[22] طه: 81.

الحسين (ع) ميراث الأنبياء
المواطنة تعنى الكرامة