نص الشريط
تفاوت الآثر النفسي للقرآن، هل يدل على بشرية القرآن؟ ج2
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 2/9/1433 هـ
مرات العرض: 2773
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2019)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ

صدق الله العلي العظيم

تحدثنا في اليوم السابق عن الشبهة التي طرحها بعض الحداثيين حول القرآن الكريم، ومحصّلها أن هناك تفاوتًا في درجة البلاغة بين سور القرآن الكريم، فإذا قمنا بالمقارنة بين سورة المسد وسورة الرحمن مثلًا، نجد أن هناك تفاوتًا في درجة البلاغة بين السورتين، وهذا التفاوت يكشف عن أن المتكلم بهاتين السورتين هو متفاوتٌ في مستواه، وخاضعٌ لإطار التكامل والتطور، وحيث إن الله «تبارك وتعالى» لا يخضع للتكامل والتطور، فإنه الكمال المطلق عز وجل، فهذا دليل على أن المتكلم بهذه السور القرآنية إنما هو النبي ، فالله عز وجل أوحى إليه المضامين والمعاني، وهو الذي قام بصياغتها، ونتيجة كونه بشرًا يخضع لإطار التكامل والتطور، فقد كان على مستوى بلاغي في مكة المكرمة، نتج عنه مثل سورة المسد، وعندما تطور وتكامل مستواه البلاغي في المدينة المنورة نتجت عنه سورة الرحمن، فهذه هي الشبهة المطروحة، وذكرنا أن لها أجوبة، ذكرنا في اليوم السابق الجواب الأول، واليوم نتحدث عن الجواب الثاني.

الجواب الثاني يعتمد على أن عالم التدوين المعبر عنه بالكتاب التدويني - وهو القرآن الكريم - مسانخٌ لعالم التكوين، ألا وهو عالم الوجود بأسره المعبر عنه بالكتاب التكويني، وهنا لا بد لنا أن نذكر أمورًا يتضح من خلالها المسانخة بين هذين الكتابين، وبين هذين العالمين.

الأمر الأول: اشتراك العالمين في كونهما من صنع الله.

إن الجميع صنعه وإبداعه تبارك وتعالى، فكما أن هذا الوجود كله إبداعه وصنعه، كذلك القرآن الكريم هو إبداعه وصنعه، فالجميع يدخل تحت قوله عز وجل: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا، كلماته هي كلماته التكوينية والتدوينية، فالكلمة هي الصنع والإبداع، وكما أن المسيح عيسى بن مريم كلمته ألقاها إلى مريم؛ لأن المسيح إبداع منه جل وعلا، فكذلك عالم الوجود التكويني وعالم الوجود التدويني - وهو القرآن الكريم - كلاهما صنعه وإبداعه.

الأمر الثاني: وجوب صدور الكمال الممكن.

هناك قاعدة يركز عليها أهل الحكمة: أن الكمال المطلق واجب الوجود، فالإمكان مساوقٌ للوجوب، ما دام هذا الممكن كمالًا، فهناك مساوقة بين الإمكان وبين الوجوب، بيان ذلك: كل كمال من الكمالات، الشمس كمال من الكمالات لأنها كوكب يحمل طاقةً حراريةً جبارةً تغذي هذا الكوكب الذي نعيش عليه بالدفء والحياة، فالشمس كمال، بما أن الشمس كمال، إمكان هذا الكمال مساوق لوجوبه، أي لا بد أن يوجد، ما دامت الشمس كمالًا فلا بد أن توجد، ما دام الإنسان كمالًا فلا بد أن يصنعه الله، ما دام العلم كمالًا فلا بد أن يفيضه الله، كل كمال ممكن فهو واجب الوجود بالغير، أي: واجب الوجود من قِبَله عز وجل، والسر في ذلك: أنه إذا كان هذا الوجود كمالًا وقطعة من الكمال، فما الذي يمنع من وجوده وإفاضته من قِبَل الباري تبارك وتعالى؟ إما أن يكون المانع الجهل، إما أن يكون المانع العجز، إما أن يكون المانع البخل، وجميع هذه الموانع نقائص لا يُعْقَل تلبس الله بها عز وجل.

مثلًا: زيارة الحسين كمال، لو قيل لك: لماذا لا تبادر لهذا الكمال؟ فأنت لا بد أن تتعلل بعلل، ما دام الشيء كمالًا فلماذا لا أقدم عليه؟ ما هو المانع من إقدامي؟ إما الجهل، أنني لا أدري بقيمة هذا الكمال وحجمه، وإما المانع من قيامي به العجز، فإني وإن كنت أعلم أنه كمال لكنني عاجز عن إبداعه وصنعه، وإما أن يكون المانع من مبادرتي له البخل، حيث إن هذا الكمال يحتاج إلى أن أبذل من عندي مالًا أو وقتًا أو تضحيةً بنوع من التضحيات، وأنا بخيل بذلك، فمتى ما كان الفعل كمالًا فمقتضى الكمال أن يصدر، وعدم صدوره إما للجهل أو للعجز أو للبخل.

إذن، ما دامت الشمس كمالًا، وما دامت الشجرة المثمرة كمالًا، وما دام الإنسان كمالًا، إذن بالنتيجة: مقتضى كونه عز وجل عين الكمال ومحض الكمال أن يصدر منه الكمال في كل وقت، فلا ينقطع ولا ينبض ولا يتوقف لحظة عن فيّاضيّة الكمال، فهو في كل آن آن فيضٌ للكمال وعطاءٌ للكمال، فإن مقتضى الكمال المطلق هو إفاضة الكمال منه في كل وقت وفي كل آن وفي كل لحظة، ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا لا يتوقف هذا العطاء، ولا تتوقف هذه الإفاضة، فكل كمال ممكن يجب صدوره عنه؛ لأنه عين الكمال ومحض الكمال، فعدم صدره إما لجهله تعالى بأن هذا كمال، وهو سبحانه عالم بكل شيء، وإما لعجزه تعالى عن إفاضته مع علمه بكونه كمالًا، وهو القادر على كل شيء، وإما لبخله وضنه، وهو تعالى الجواد الفيّاض الغني، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ، إذن فمتى ما كان الشيء كمالًا وجب صدوره من الكمال المطلق تبارك وتعالى؛ لأن موانع صدوره لا تعقل في حقه جل وعلا.

ولا فرق في هذا الكمال بين كونه كمالًا تكوينيًا، كالشمس والإنسان والشجرة والمثمرة، أو كمالًا تدوينيًا، كسورة الرحمن، وسورة الفلق، وسورة الفاتحة، كل تلك السور هي إبداع وكمال، بما لها من معانٍ ومضامين، هي حصة من الكمال، قطعة من الكمال، فكما يجب صدور الشجرة المثمرة عنه تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ، فكما أن الشجرة المثمرة كمالٌ منه، فإن سورة الفلق كمالٌ منه، الجميع كمالٌ، والكمال يجب صدوره من الكامل المطلق، والكمال المحض تبارك وتعالى.

فلسفة اختلاف الطاقات:

ولذلك، ربما يتساءل الإنسان: لماذا أنا خُلِقْتُ أقل من غيري؟ خُلِقْت بطاقة أقل من طاقة غيري، مثلًا: ما أعطيت من القدرة والقوة أقل مما أعطي غيري من القدرة والقوة، أو ما أعطيت من العقل أقل من غيري مما أعطي من العقل مثلًا، لماذا خلقت في هذا الزمن ولم أخلق في زمن سابق مثلًا؟ لماذا خلقت من هذه الأسرة ولم أخلق من تلك الأسرة؟ لماذا خلقت بهذه الصفات ولم أخلق بتلك الصفات؟

كل هذه الأسئلة ترجع إلى نقطة واحدة: أن هذا الإنسان إذا حللناه، أي: حللنا حقيقته الوجودية، فإن حقيقته الوجودية تتقوم بعنصرين: عنصر هو كمالٌ، أنت أعطيت قدرةً وحياةً وعلمًا ومشاعرَ وعواطفَ وطاقاتٍ، كل ما أعطيت فهو حصةٌ من الكمال، وقطعةٌ من الكمال، والعنصر الآخر هو: أنك لستَ واجدًا لما أعطي فلانٌ من قوة وقدرة، فهنالك جانب وجودي، وهو القدرات التي أعطيت لك، وهي حصة من الكمال، وهناك جانب عدمي، وهو فقدانك لما أعطي غيرك مما هو أكثر من الكمال. أما الجانب العدمي: فالجانب العدمي ليس وجودًا حتى يفاض من قِبَل الله عز وجل، والعنصر العدمي ليس حصة من الوجود كي يفاض ويعطى؛ فإن العدم لا يعطى.

إذن، يرجع الأمر للجانب الوجودي، وللعنصر الوجودي، وهو ما أعطيته من القدرات والطاقات، ما أعطيته من القدرات والطاقات كمالٌ، وكل كمال يجب صدروه من الكمال المطلق؛ لأن الموانع منه لا تعقل في حقه تعالى، فإذن أنا يجب صدوري، بما لي من كمال يجب صدوري، فكل كمال ممكن واجب الصدور، وما دمت أنا قطعة من الكمال فصدوري واجبٌ عنه تبارك وتعالى، لأن الموانع من صدوري مما لا يعقل في حقه تعالى، فلا يصح السؤال: لم أعطيت هذا ولم أعطَ ذلك؟ فإن فقداني لما سوى ذلك عدمٌ، والعدم ليس إفاضة حتى يُسْأل عنها، وأما الجانب الوجودي منه فهو كمال، والكمال الممكن واجب الصدور من الكمال المطلق جل وعلا؛ لأن الموانع لا تُعْقَل في حقه تعالى.

الأمر الثالث: التفاوت النسبي في عالم الوجود.

إن عالم الوجود الذي نعيشه ونتفيّأ ظلاله متفاوت في درجات الكمال تفاوتًا نسبيًا، لكن كل موجود منه في موضعه فهو الأكمل، فمثلًا: فلنقارن بين الذبابة والإنسان، لو وضعنا قطعة من الكيك اللذيذ، ووضعنا أمام هذه القطعة من الكيك إنسانًا وذبابة، أيهما أقدر على هضم الكيك؟ طبعًا هو الإنسان، فهنا يوجد تفاوتٌ بين الإنسان والذبابة في هذا الجانب، في هذه الجهة، ألا وهي الابتلاع والأكل والقضم، لكن هذا التفاوت تفاوتٌ نسبيٌ لا قيمة له؛ لأن الإنسان خُلِق لدورٍ، والذبابة خُلِقَت لدورٍ آخر، لا يمكن للذبابة أن تقوم بدور الإنسان، ولا يمكن للإنسان أن يقوم بدور الذبابة، مطلقًا.

هناك نظامٌ لهذا الوجود يسيطر عليه من أصغر ذرة إلى أعظم مجرة، وهذا النظام الصالح العام الممتد في أرجاء هذا الوجود يحتاج - حتى يسري - إلى أدوار متنوعة ومختلفة، فنظام هذا الوجود يقوم على دور الإنسان، ويقوم على دور الذبابة، كما أن للإنسان دورًا في نظام الوجود وحفظه واستقراره، فإن للذبابة الصغيرة وللبعوضة الصغيرة وللنملة الصغيرة دورًا في نظام هذا الوجود وفي استقراره، فكلٌ منهما له دورٌ، وكلٌ منهما في مجاله وساحته ودوره هو الأكمل، ولا أكمل منه.

لا يمكن في مجال التقليح بين الأشجار أن يوجد موجودٌ أفضل من هذه الذبابة، ولا يمكن في مجال إقامة الحضارة والمجتمع الإنساني دور لغير الإنسان كما هو دور الإنسان، فكلٌ في ساحته هو الأكمل، هو الأقدر على أداء دوره، فالتفاوت بين هذه الموجودات كلها تفاوتٌ نسبيٌ، إذا قارنا بين الإنسان وبين الذبابة بالنسبة للقضم والأكل فالإنسان الأقدر، ولكن إذا قارنا بينهما في التقليح بين الأشجار فالذبابة هي الأفضل، وإذا قارنا بينهما في صنع المجتمع فالإنسان هو الأكمل، فكل في مجاله هو الأكمل، هو الأقدر.

لأجل ذلك كله نقول بأنه لا مجال لأن يقال: ما دامت الموجودات متفاوتة فمعنى ذلك أن الخالق متفاوت! لا يمكن أن يقال: ما دام هناك ذبابة صغيرة.. كان هناك شخص - رحمه الله - يقول: أنا الذي خلقني خلق النبي؟! ليس معقولة! أنا الذي خلقني خلق القرود والذباب، لا الذي خلق النبي والإمام علي!! على كل حال، التفاوت بين الموجودات - بين ذبابة وإنسان، بين بعوضة وشجرة مثمرة - لا يعني أن الخالق لها متفاوت، وأنه عندما خلق الذبابة كان ضعيف القدرة فلم يستطع إلا أن يخلق ذبابة، وعندما خلق الإنسان كان قوي القدرة فاستطاع أن يخلق الإنسان، وهكذا يكون الخالق لهذه الموجودات وجودًا متفاوتًا خاضعًا لإطار التكامل والتطور.

لا يمكن أن يقال هذا، بل يقال بأنَّ جميع الموجودات بتفاوتها النسبي هي ذات أدوار متنوعة ومختلفة، وكل موجود ومن هذه الموجودات في دوره وساحته ومساحته هو الأكمل والأقدر، هو الحصة من الكمال الممكنة في ذاتها الواجبة الوجود بغيرها، أي: بإفاضة الله تبارك وتعالى. وهكذا كل موجود فهو قطعة من الكمال تحكي كماله تبارك وتعالى، وتدل على قدرته تبارك وتعالى.

فواعجبًا كيف يعصى الإله
وفي  كل  شيء  له  iiآيةٌ
  أم   كيف  يجحده  iiالجاحدُ
تدل    على    أنه   iiواحدُ

من ساق هذا الوجود كله وأبدعه أبدعه على أساس أنه الكمال، فهو يكشف عن أن الخالق له هو الكمال المطلق، ولذلك استطاع أن يبدع كمالاتٍ متنوعة بمليارات الأنواع والأشكال المختلفة الأدوار، كل ذلك لأن نظام الوجود يفتقر إلى هذه الأدوار الكمالية المتنوعة، فالتفاوت يكشف عن كماله، لا يكشف عن ضعفه وتفاوته.

عودة للمقارنة بين السورتين:

وكما نقول هذا بالنسبة لعالم التكوين، نقوله بالنسبة لعالم التدوين، أي: عالم القرآن الكريم؛ لأن عالم التدوين حاكٍ عن عالم التكوين، فإذا جئنا للمقارنة بين سورة المسد وسورة الرحمن، فإذا قارنا بينهما في الوصف والتأثير النفسي، فقد يقال بأن هناك تفاوتًا نسبيًا، حيث إن سورة الرحمن لأنها في مقام الترغيب وتصوير الجنة وإثارة الخيال المحلّق في إدراك الجنان، فهي جذّابةٌ للعباد، بينما سورة المسد هي في مقام ذم أحد الظلمة والطغاة، ألا وهو أبو لهب، فلأجل ذلك قد لا يكون لها التأثير النفسي الذي يكون لسورة الرحمن، لكن هذا التفاوت مجرد تفاوت نسبي، وبلحاظ المتلقي لا بلحاظ الآية، فإن المتلقي لسورة الرحمن ينجذب لأنها في مقام الترغيب أكثر مما ينجذب إذا سمع سورة المسد، فهذا تفاوت في المتلقي نفسه لقصور فيه، وليس تفاوتًا بين السورتين.

إذن، فهذا التفاوت المتوهَّم تفاوت نسبي، لكنْ كلٌ من السورتين في مجالها هي تقوم بدور لا تقوم به السورة الأخرى، فكما أن لنظام الوجود نظامًا واحدًا مترابطًا، كل موجود يؤدي دورًا في استقرار هذا النظام، فإن لهذا القرآن نفسًا واحدًا ونظامًا واحدًا، وكل سورة تؤدي دورًا وجزءًا من الغرض لهذا النظام القرآني العام، فكل سورة في مجالها والغرض منها وأداء دورها هي الأكمل من أي سورة أخرى، فلا يمكن لسورة المسد أن تقوم بدور سورة الرحمن، ولا يمكن لسورة الرحمن أن تقوم بدور سورة المسد، كلٌ منهما هي الأكمل في مجالها وأداء دورها، لأجل ذلك لا يوجد تفاوت حقيقيٌ بين هذه السور، بل كل سورة قطعة من الكمال، وفي مجالها هي الأكمل، وصدورها واجبٌ من الكمال المطلق تبارك وتعالى، كما قلنا بذلك بالنسبة لعالم الوجود التكويني.

إذن، فهذا التفاوت النسبي لا يدل على أن المتكلم بهذه السور متفاوتٌ، بل يدل على أن المتكلم بهذه السورة مبدعٌ خلّاقٌ، أبدع حصصًا من الكمالات التدوينية، وكل حصة تؤدي دورًا منسجمًا مع كماليّتها وإبداعيّتها.

اليوم الثالث: اللحوم المستورده في بلاد المسلمين 2
اليوم الثاني: اللحوم المستورده في بلاد المسلمين 1