نص الشريط
في رحاب دعاء الفرج
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 7/9/1435 هـ
مرات العرض: 3982
المدة: 00:48:49
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1324) حجم الملف: 11.1 MB
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

”اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلوات عليه وعلى آبائه في هذا الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليلًا وعلينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا“

من خلال هذا الدعاء الشريف يتبادر للذهن عدة أسئلة:

السؤال الأول: إذا كان ظهور الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه آخر الزمان أمرًا حتميًا، وأمرًا لا بد منه فهو من القضاء المحتوم الذي لا يُرد ولا يُبدل فإذا كان ظهور الإمام أمرًا حتميًا، فما هو وجه الحاجة إلى الدعاء؟ إذا كان الإمام سيظهر حتمًا، وإذا كان الإمام سينتصر حتمًا إذا فما هو وجه الحاجة إلى الدعاء؟ بأن نقول: ”اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن وليًا وحافظًا وقائدً“، فما هو الداعي إلى أن ندعو له بالحفظ والنصر والعزة مع أنه سيظهر حتماً، وسينتصر حتمًا فإن هذه من القضاء المحتوم الذي لا يرد ولا يبدل. فإذا كان الظهور من القضاء المحتوم فلا جدوى في هذا الدعاء ولا أثر لهذا الدعاء. ولا مسوغ لهذا الدعاء لأن الأمر ليس بأيدينا بل هو أمر محتوم من قبل الله عز وجل قرارٌ حتمي وقضاء لازم. فما هو الجواب عن هذا السؤال.

هذا يقتضي منا أن نعود إلى أن نتلكم في مسألة البداء حيث أن من العقائد الإمامية المعروفة عقيدتهم في البداء.

ويُقسمون من خلال العقيدة في البداء القضاء إلى قضاء حتمي وقضاء غير حتمي، فما هو الفرق بينهما القضاء؟

ربما يتصور كما ذكر بعض الباحثين أن الفرق بين القضاء الحتمي وغير الحتمي؟

القضاء الحتمي: ما كان سببه قهريًا، مثلا كوني أبن فلان هذا قضاء حتمي لأنه لا يعود لإختياري، جئت للدنيا وأنا ابن فلانة وفلان، جئت للدنيا وأنا بحدود معينة فهذا من القضاء الحتمي لأنه أمر لم يُنط باختياري ولم ينط بإرادتي بل هو منوط بسبب قسري قهري عليّ، هذا قضاء حتمي.

القضاء غير الحتمي: ما كان منوطاً بإرادتي منوطًا باختياري مثلًا زواج من فلانه، أتزوج من فلانه هذا منوط بإرادتي واختياري، مثلاً أن أكون طبيبًا أن أكون مهندسًا هذا ليس قضاء حتمي هذا منوط بإرادتي واختياري.

فما كان منوطاً بالإختيار فهو قضاء غير حتمي، ما كان غير منوط بالاختيار بل هو أمر قهري على العبد فهو قضاء حتمي.

هذا التصور غير صحيح، ليس الفرق بين القضاء الحتمي والقضاء غير الحتمي أن هذا منوطً بإختيار العبد وهذا ليس منوطًا باختيار العبد، لا. افترض كونك ابن فلان فلولا إختيار أبيك ما صرت أنت أبنه فرجع بالإختيار بالنتيجة. أبوك إختار المرأه الفلانية واختار أن يصلها في وقت المعين فحملت منه فصرت، فبالنتيجة ولادتك باختيار شخص وهكذا.

ليس الفرق بين القضاء الحتمي والقضاء غير الحتمي أن هذا منوط باختيارك وهذا غير منوط بإختيارك، لا.

الفرق ين القضاء الحتمي وغيره: ما تمت علته الظاهرة والخفية فهو قضاء حتمي، تمت علته وجب وجوده، إذا تمت العلة وجب وجود المعلول، ما لم تتم جميع أجزاء عِلته تمت علته الظاهرية تمت علته المتوقعة، أما الأسباب الخفية لوجوده فهي لم تتم فهو قضاء غير حتمي.

الأمثلة: عندما نقول بأن هذا فلان تعرض لغازٍ سام، كمن يعمل في شركات البترول وأشباهه يتعرضون لهذه الأبخرة وهذه الغازات السامة بل في كل المنطقة فإذًا تعرض لهذا الغاز السام في الوقت المعين وبحدود معينة سببٌ ظاهري طبيعي يسبب إصابته بمرض خطير وهذا سبب ظاهري، ظاهرًا التعرض لهذا السبب يؤدي إلى حدوث المرض الخطير هذه مسألة ظاهرية ملازَمة ظاهرية، لكن هل هذا قضاء حتمي؟ لا، قد يتدخل مانع خفي فيمنع حدوث المرض سواءاً كان هذا المانع الخفي مانعًا غيبيًا أو مانعًا طبيعيًا.

مثلاً هذا فلان تصدق صدقة وذهب للعمل وتعرض إلى الغاز السام وكان التعرض بحسب المقاييس الطبيعية سببًا لحدوث هذا المرض الخطير إلا أن المرض لم يحدث ببركة الصدقة ”الصدقة تدفع البلاء وقد أبرم إبرامًا“ أو ذلك اليوم وهو خارج إلى العمل قام بزيارة أمه وأخته أو على خالته زيارة رحم، وصلة الرحم من آثارها هذا كما ورد عن النبي محمد : ”صلة الرحم تعمر الديار وتنسئ الأجال وتكثر الأموال“ من آثار صلة الرحم أن يطول عُمره وأن يدفع عنه البلاء، فإذا نظرنا للسبب الظاهري قلنا لا، بحسب المقاييس الطبيعية هذا يصاب بالمرض، لكن إذا نظرنا إلى مجموعة الأسباب لأن الأشياء لا ينحصر سببها في الأسباب الظاهرية في الأسباب المادية، بل إن جميع الموجودات الذي تراها وجودي ووجودك جميع الموجودات كما ترتبط بأسباب مادية ظاهرية ترتبط بأسباب ملكوتية غيبية، الصدقة سبب، ماهي علاقة الصدقة بدفع المرض؟ علاقة ملكوتية وليست علاقة مادية وظاهرية، إذًا نقول حدوث المرض ما تمت أسبابه، إنما حدث سببه الظاهري لكن السبب الواقعي لم يتم، حدث مانع ملكوتي غيبي من حدوث المرض، هنا نقول: حدوث المرض قضاء غير حتمي، لأنه ما تمت كل أسبابه الذي حدث هو السبب الظاهري المادي أما جميع المؤثرات الدخيلة في وجوده لم تحدث، بل حصل مانع ملكوتي من حدوث هذا المرض، فحدوث المرض قضاء غير حتمي وهذا ما يعبر عنه بالبداء، إذا نظرنا إلى الأسباب المادية قلنا 100% يحدث المرض ولكن إذا نظرنا إلى الأسباب الغيبية والملكوتية نقول: لا لن يحدث هذا المرض، بدا للناس خلاف ما كانوا يتوقعونه، يقولون هذا مقتضى المقاييس الطبيعية المادية أن هذا يمرض، هذا مقتضى المقاييس، لكن لجهل الناس بأن الأشياء لا ينحصر وجودها في الأسباب المادية بل قد تكون لها أسباب ملكوتية والنتيجة لوجود المانع الملكوتي لم يحصل ما كان يتوقعه الناس.

شخص من الأشخاص قال: هذه السيارة وقعت على صدري ثلاث مرات أصابه حادث السيارة انقلبت ثلاث مرات وبعدها خرج سالمًا، يمكن أن يكون هناك رضوض صغيرة لا شيء آخر، إذا ً إذا نظرًنا إلى الأسباب المادية قلنا يحدث هذا الشيء وإذا نظرنا نظرة ملكوتية رأينا وجود المانع الملكوتي فحدوث هذا الشيء صار قضاءً غير حتمي، أما لو تمت جميع المؤثرات إجتمعت جميع الأسباب المادية والملكوتية تم السبب بكل أجزاءه بكل تفاصيله وجب وجود المسبب بقضاء من الله تبارك وتعالى هنا يكون القضاء قضاء حتميًا. ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ تمت الأسباب انتهى، فقد يكون السبب في الأمر الحتمي هو سبب إختياري، هو أمر حتمي لكن معلق على سبب اختياري لأن الله عز وجل عَلِمَ أزلاً بأن هذا السبب الاختياري سيحدث فصار القضاء المعلق على هذا الأمر الاختياري قضاءً حتميًا.

مثلاً: ولادة النبي محمد أمر حتمي أو أمر غير حتمي؟ طبعًا أمر حتمي، وأنه آخر الأنبياء، مع أن ولادته خضعت لسبب اختياري زواج أبوه عبدالله باختياره تزوج أمه أمنه أبوه عبدالله باختياره وصل أمه أمنة في وقت معين فحصلت نطفته وولادته بسبب اختياري، مع أن ولادته كانت أمرًا حتميًا من القضاء الحتمي، فكون القضاء قضاء حتمي لا يمنع أن يكون معلق على سبب اختياري، هو قضاء حتمي ومع ذلك معلق على سبب اختياري كيف؟ لأن الله تبارك وتعالى يعلم أن هذا السبب الاختيار سيحدث فما هو معلق عليه سيحدث فالقضاء قضاء حتمي.

من هنا نقول: ظهور الإمام المنتظر عجل الله فرجه أي محمد بن الحسن العسكري أمر حتمي لكن دخلت في أسباب اختيارية، زواج أبيه الحسن العسكري من أمه نرجس هذا أمر اختياري، كون الإمام في سامراء هذا أمر اختياري، تدخل في هذا الأمر الحتمي عدة أسباب اختيارية مع أنه أمر حتمي، ومن تلك الأسباب الإختيارية لبقائه لظهوره دعاء المؤمنين، فهذا الدعاء الذي ندعو به هو أمر اختياري لكن الله تبارك وتعالى لما عَلِمَ أن هذا الدعاء سيحصل من قبل المؤمنين له ، فما علق على هذا الأمر الاختياري أيضًا سيحصل وهو ظهوره ع» في آخر الزمان يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا.

فواحد يقول: والله نحن دعائنا وابتهالنا ماهو الجدوى من سيظهر وينتصر فما هو الجدوى، وبما أن خروجه حتميًا لا يمنع من أن يعلق على دعاء المؤمنين الذي هو سبب اختياري من قبل المؤمنين ما دام الله عز وجل قد عَلِمَ أزلاً أن هذا الأمر الاختياري سيحصل وما علق عليه سيحصل.

الآن مثلًا: تقول أنا لماذا أدعوا فإذا الله سيرزقني، سيرزقني إن دعوة أو لم أدعوا صح أم لا؟ المسألة هي ما ترتبط فقط بظهور الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف المسألة أوسع وأكبر، بالنتيجة: الله عز وجل إن قدر لي رزقًا فهو سيحصل دعوت أو ما دعوت، وإن قدر لي عمرًا معينًا سيحصل تصدقت أو لم أتصدق وصلت الرحم أم لم أصل الرحم، لا، أنت مشتبه.

هذه الأقضية وهي عقيدتنا في البداء التي أنت تتكلم عنها من رزق من شفاء من زواج من طول عمر إلى آخره هذه الأقضية والأقدار أنيطت أيضًا بأسباب إختيارية، كما أنيطت الجنة والنار بسبب اختياري، لعلم الله عز وجل أن فلانًا سيتصدق كان عمر فلان كذا، لعلم الله عز وجل أن فلانًا سيصل رحمه كان عمر فلان كذا.... إلى أخره.

نسأل الله تبارك وتعالى حسن العاقبة وأن يأتينا الموت ونحن في خير ونحن في طاعة، ما أعظم أن يموت الإنسان وهو في طاعة أو في طريقه إلى طاعة.

ولذلك يستحب هذا الدعاء إذا حملت الجنازة أو اشتركت في حمل جنازة هذا الدعاء مستحب ثابت ”اللهم لا تجعلنا من السواد المخترم“ ماهو السواد المخترم؟ هو الذي يفاجئه الموت بدون استعداد.

هذا في ما يتعلق بالسؤال الأول وهو: ما ربط دعائنا بهذا الأمر المحتوم الذي لا شك في حدوثه؟

السؤال الثاني: شخص يقول الألفاظ البقية نفهمها اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه حافظًا ناصرًا معيناً دليلًا لكن مامعنى وليًا؟ كيف الله عز وجل ليس ولي إليه ؟ الله عز وجل ولي كل مؤمن هذا الأمر ليس باختيار المؤمن بأن يجعله ولي أو لا يجعله ولي، ناصر حافظ قائد دليل عين هذه مفهومه، أما وليًا!! ﴿نَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ الله عز وجل ولي المؤمنين بل ولي كل إنسان بل ولي كل مخلوق، كيف ندعوا نقول: اللهم كن لوليك وليًا! فما معنى اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه وليًا؟ مع أنه عز وجل وليه. ﴿ِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ فما معنى أن يكون عز وجل وليه ؟

نلاحظ بأن: الولاية على قسمين: ولاية واقعية ثبوتية وولاية ظاهرية إثباتية.

الآن عندما نأتي إلى الإمام أمير المؤمنين علي فهو منذ ولدته هو ولي وإمام، بعد أن مات النبي صار هو الولي، لا، هو ولايته في عرض ولاية النبي ، ليس بعد ولاية النبي ، ولاية علي في عرض ولاية النبي ، الإمام علي والنبي موجود هو ولي المؤمنين، غاية ما في الباب أن ولاية النبي أوسع: النبي ولي على كل شخص حتى الإمام علي بينما الإمام علي ولي على كل شخص ما سوى النبي فقط، وإلا ولاية كل منهما ولاية فعلية في عرض واحد، لا أنا الإمام علي يكتسب الولاية بعد موت النبي ، لا. منذ ولادته هو ولي كل مؤمن، منذ ولادته هو ولي الأمر، هو ولي على كل ما سوى النبي ، الإمام علي ولي.

نفس القضية تأتي للإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين ، الإمام الحسن في زمن الإمام علي ولي على كل شخص ما سوى أبيه الإمام علي ، والكلام الكلام، الحسين في زمن الإمام الحسن ولي على كل شخص ما سوى أخيه الإمام الحسن الزكي ، والإمام الحسن الزكي ولي حتى على الإمام الحسين .

ليس معنى الإمام ولايته طولية ولاية الإمام عرضية، ولذلك الآية ذكرتهم في عرض واحد ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ الجميع له ولية بالفعل، الله عز وجل ولايته بالفعل الرسول ولايته بالفعل الإمام علي ولايته بالفعل الجميع في عرض واحد، بس هذا أوسع من هذا، وهذا أوسع من هذا ولايةً.

نظير ما يذكره الفقهاء في ولاية الأب والجد والآن البنت قبل زواجها، البنت البكر للأب ولاية عليها بمعنى ولاية على العقد وللجد أيضًا ولاية، كلاهما له ولاية على البنت الأب وجدها من طرف أبيها له الولاية والأب موجود، فكلاهما وليٌ في عرض واحد.

لك مثال: إذا جاء شخص طلب يد البنت فأذن جدها انتهى الموضوع فجدها له الولاية، والعكس، الجد والأب لهما الولاية في عرض واحد، أي من هما تقدم وأعمل ولايته كانت نافذة. هنا أيضًا الأئمة المجتمعون في زمان واحد أو الأولياء المجتمعون في زمن واحد والجميع له ولاية بالفعل، هذه الولاية الثابتة بالفعل ولاية واقعية، الإمام علي ولي كل مؤمن ولاية واقعية ثبوتية منذ ولادته، لكن الولاية الظاهرية معناه الزعامة الظاهرية، لا، الزعامة الظاهرية ما سلمت له إلا بعد خمس وعشرين سنة كان جليسًا في داره.

أبا  حسن  سيدي  أنت  iiأنت

وأنت   جعلت   قريشاً  عبيد

وأنت   المقدم  في  iiالنائبات

ولكنهم      أخروا     حظهم





 
صراط المهيمن لو انصفوك

ولو  لا حسامك كانوا iiملوك

وعند   الخلافة  لم  iiأخروك

ولو   قدموا  حظهم  iiقدموك

فالولاية الواقعية ثابتة لعلي لا تحتاج لبيعة أحد ولا إلى إقبال أحد، هو ولي كل مؤمن منذ ولادته ولا يتوقف نفوذ ولايته على البيعة.

بعض الباحثين الشيعة عنده اشتباهات، بعض الباحثين الشيعة يقول الأئمة ديمقراطيين كيف ديمقراطيين؟ لا يفرضون ولايتهم على الناس إذا بايعهم الناس صاروا أولياء، إذا لم يبايعهم الناس خلو الناس على راحتهم هم ديمقراطيين، لا، هذا خطأ كبير، الإمام ولي منذ ولادته بويع أم لا يبايع، لو أصدر الإمام أمرًا ولايتيًا كان نافذًا على الناس بايعه الناس أم لم يبايعوه ليس له علاقة ديمقراطيين، هذا أمر اختاره الله عز وجل للناس ما إليه علاقة بالديمقراطية، ﴿َرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ هذا اختيار من الله عز وجل، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْالإمام إمام ولي نافذ الأمر والنهي بويع أم لم يبايع، هذا ليس له علاقة بالبيعة، نعم الزعامة الظاهرية، إذا استعدت وأعدت الظروف لأن يتسنم الإمام الولاية الظاهرية تسنم، فإذاً قول الإمام علي ”أنا لكم وزير خير لكم مني أمير“ يقصد الولاية الواقعية أم الولاية الظاهرية؟ الولاية الظاهرية. هو ولي كل مؤمن ومؤمنة بايعوه أم لم يبايعوه، لكنه يقول: ”أنتم تمشون على الولاية الظاهرية من بيده بيت المال من بيده الجيش من بيده الشرطة من بيده... إلخ“، فإذا أنتم بتقيسوني على الولاية الظاهرية من الذي يتسلم الشرطة من الذي يتسلم الجيش من الذي يتسلم مقاليد الدولة إذا تنظروا للولاية الظاهرية أقول لكم : ”أنا لكم وزير خير لكم مني أمير فإني إن وليتكم ركبت بكم ما أرى ولم أصغي إلى قول قائل ولا إلى عتب عاتب“ ولذلك اجتمعوا على الإمام علي ما حكم حتى خمس سنوات أربع سنوات وأشهر واختلفت عليه الرايات حتى لا تبقى حكومته مستقرة وثابتة، أحدثوا الفتن والصراعات أحدثوا الاختراقات يمينًا شمالاً كي لا تثبت حكومته ولا تستقر.

فإذاً هناك فرق بين الولاية الواقعية والولاية الظاهرية، الولاية الثبوتية والولاية الإثباتية، لأجل هذا الفرق أن تدعوا للإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف بماذا؟ تقول: ولاية الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف عليّ وعلى جميع الكائنات، الإنس والجن والملائكة ولاية الإمام المنتظر على جميع الموجودات ولاية واقعية ثبوتية ما تتوقف على دعائي ولا على كلامي، أنا أدعو بالولاية الظاهرية، معناه: يارب هيئ له الظروف وهي له العُدة والعتاد وهي له مقاليد الأمور لتتحقق له الولاية الظاهرية مضافًاً لولايته الواقعية الثبوتية، هذا إذا حُمل الولي بمعنى الولي من الولاية بمعنى الزعامة والقيادة، وأما إذا حُمل الولي بمعنى الكالئ؟ مثلًا عندنا في الروايات في صفات الإمام المنتظر ”إن له من يلي أمره“ معناه الإمام المنتظر معه شخص يلي أمره، من هذا الشخص الذي يلي أمره؟ بأن يقوم بشؤونه فالإمام المنتظر يحتاج إلى بعض الأمور فهذا الشخص يقوم بشؤونه دائمًا، فهناك من يلي أمره ومن يقوم بقضاء شؤونه فالولي هنا بمعنى من يلي أمره ويقوم بشؤونه، فكلمة اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه وليًا، كن له وليًا بمعنيين: وليًا أن تظهر ولايته وزعامته، وليًا بأن تقضي شؤونه وأموره بحيث لا يحتاج إلى أحد من الناس.

السؤال الثالث والأخير: ماهي الإستفاده من هذا الدعاء؟ نحن عندما نقول «اللهم كن» ليلًا نهارًا خصوصًا في ليلة القدر ويوم القدر ندعوا بهذا الدعاء.

هناك آثار معينة نتيجة هذا الدعاء الشريف:

الأثر الأول/ هو المزيد من المراتب: مثال: أنت الآن في الصلاة تقرأ الفاتحة: ﴿ِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ «5» اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ أنت مهتدي تصلي وتصوم مواظب على الطاعات لماذا تقول في الصلاة اهدنا؟ ما هو الأثر المترتب على قولك اهدنا؟ زيادة في المرتبة لأن الهداية لها مراتب ودرجات ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا أنوار ﴿نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى أنت تريد زيادة في الهداية، فقولك اللهم اهدنا معناه أزدنا في درجات ومراتب الهداية، نحن عندما ندعوا للمنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف بالحفظ والنصر والعون نقصد في المراتب معناه زدهُ حفظًا فوق حفظ وعونًا فوق عون وقيادة فوق قيادة وولاية فوق ولاية بما لا منتهى له من مراتب العون والحفظ والعز.

الأُثر الثاني/ الذي نلاحظه فالدعاء للإمام المنتظر هو دعاء لنا: كيف دعاء لنا؟ إذا الإمام المنتظر صار حافظًا حافظ لمن؟ حافظ لنا، ندعوا له بالحفظ فإننا ندعوا لأنفسنا بالحفظ، وأنا ذكرت في بعض المحاضرات الليلية ظاهر الروايات ”اللهم صل على الأوتاد والأبدال والأعضاد والأشهاد“ ظاهر الروايات أن الإمام إليه حكومة ظلية، الإمام له حكومة ممتدة في شرق الأرض وغربها، ولذلك وارد في بعض الروايات ”وما بثلاثين من وحشة“ معه ثلاثون يحيطون به دائمًا، ومن هؤلاء الثلاثين تمتد سلسلة مثل ما الجيش فيه مراتب هذا نقيب وهذا عقيد وهذا ركن ومراتب، هذه أيضًا السلسلة المتصلة بالمنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف مراتب هذا وتد هذا بدل من الإبدال وعضد وشاهد كلٌ له لقب ينسجم مع وظيفته ودوره الذي يؤديه من خلال الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ”السلام على الأوتاد والأبدال والأعضاد والأشهاد“ إذا الإمام المنتظر له شبكة ممتدة، له حكومة ظلية كثير من الأشخاص داخل فيها.

بالنتيجة الدعاء للإمام بالحفظ دعاء لهؤلاء بالحفظ وهؤلاء الذين يقومون بالحفظ يقومون بحفظنا ورعايتنا والعناية بنا، هذا مرجع داخل ضمن السلسلة هذا وظيفته إرشاد الناس إلى الأحكام الشرعية، وهناك ولي من الأولياء تراه مظهر للعبادة مظهر للتقوى مظهر للصلاح فهو داخل في السلسلة، هذا يفيد الناس بتقواه وبعبادته وبدعائه، كل واحد له درجة من هذه السلسلة المعينة، إذًا حفظ هذا حفظ للشيعة أنفسهم فالدعاء للإمام بالحفظ دعاء لنا بالحفظ.

الأثر الثالث/ أن الدعاء للإمام يخلق في قلوبنا نورًا له: «نور ولائي» الولاية نور ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰهذه المودة مودة القربى نور يشعر به الإنسان في فؤاده.

أحد الشيعة دخل على الإمام الرضا ما مضمون الرواية قال له الإمام الرضا : ”أما تجد في قلبك برد حب علي بن أبي طالب“ تجد هذا في قلبك أنت أم لا؟ هذه هي علامة الإيمان هذه هي علامة النور الولائي، هذه المودة هي النور الولائي وهذا النور الولائي قابل للاشتداد وللضعف، وهو الذي نتحصل عليه بعلاقتنا مع الإمام المنتظر ، نتصدق عنه يستحب أن تتصدق عن إمامك نطوف عنه نزور عنه نصلي عنه ، فأغلب مراجعنا والذين عشت معهم وعاصرتهم وسألتهم كل يوم في الفجر يصلون ركعتين للمهدي المنتظر ، كل يوم طول السنة صلاة الفجر إما يُهدي نافلة الفجر أو يصلي ركعتين بعد صلاة الفجر يهديها إلى المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، تصلي عنه تتصدق وتزور عنه هذه الأعمال الروحية تزرع في قلبك النور الولائي ومن درجات النور الولائي هذا الدعاء، الدعاء يخلق في قلوبنا نورًا مثل الصلاة على النبي ﴿ِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الله عز وجل يأمرنا بالصلاة النبي محتاج لصلاتنا صلاتنا عليه تزيدنا نورًا وعلقة به، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فكذلك الدعاء للإمام المنتظر بالحفظ والعز والنصر هو يزيدنا نورًا وتعلقًا به عجل الله تعالى فرجه الشريف.

وأمنن علينا برضاه وهب لنا رأفته ورحمته ودعاءه وخيره، اللهم أجعل أعمالنا به مقبولة ودعائنا به مستجابا واجعل حوائجنا به مقضية وهمومنا به مكفية والحمد لله رب العالمين.

في رحاب دعاء أبي حمزة الثمالي «ج7»
مبدأ العزة وصلح الإمام الحسن (ع)