نص الشريط
تجليات الدعاء
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مؤسسة الإمام علي (ع) - لندن
التاريخ: 23/9/1435 هـ
مرات العرض: 3253
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (983)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ

صدق الله العلي العظيم

نتحدث في: مضامين الأية، وفي الحاجة إلى الدعاء، وفي ركائز الدعاء.

المحور الأول: حديثنا حول مضامين الآية المباركة، نقف على ألفاظ الآية وفقراتها:

الفقرة الأولى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ماهو وجه سر إضافة العباد إليه تعالى حيث قال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ولم يقل وإذا سألك الناس، العباد في القرآن الكريم لها عدة إضافات تارة تضاف إلى ضمير المتكلم عبدي، الإضافة إلى لفظ الرحمن وتارة تضاف إلى اسم الجلالة عبد الله، وتارة تضاف إلى ضمير الغيبة عبدي.

لكل إضافة معنى معين ومضمون معين، عندما تضاف كلمة العباد أو العبد، عبد الله فهو يشير إلى درجة من الكمال إستحقة هذه الدرجة أن تضاف إلى منبع الكمال ألا وهو الله عزوجل، مثلا عندما يتحدث عن عيسى بن مريم ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً ﴿29 قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ﴿30 وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاًعبر عنه عبد الله لأن عيسى بن مريم تضمن مراتب من الكمال إستحق بها أن يضاف إلى منبع الكمال الله تبارك وتعالى: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً.

عندما تضاف إلى الرحمن فهي تشير إلى لون من العطف ولون من التواضع ومن الحنو قوله عزوجل: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا لأنه يريد أن يتحدث عن رحمتهم وعن عطفهم وتواضعهم لذلك أضافهم إلى الرحمن وإلى مصدر الرحمه ولم يقل عباد الله، فقال ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ.

وتارة الإضافة إلى ضمير الغيبة: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه الإضافة إلى ضمير الغيبة تشير إلى معنى الإختصاص، الله عزوجل من خلال هذه الإضافة يقول بأن هذا العبد ألا وهو محمد إختصه الله من بين عباده ومخلوقاته بخصائص معينه وإصطفاه إليه وإختاره وإجتباه فلأجل أن يشير إلى الإجتباه والإصطفاه أضافه إلى ضميره ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه.

الإضافة إلى ضمير المتكلم: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ هذه الإضافة لإشعار الحنان كأن تظهر حنانك على إنسان فتقول له: ياصديقي يا عزيزي هذه الإضافة تشعر بالحنان والرأفة، الله عزوجل يريد في هذه الآية أن يشعر عباده بعطفه، برأفته وقربه لذلك أضافهم إلى ضمير المتكلم فقال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ولذلك في آية أخرى لكي يظهر مدى عطفه ومدى رحمته ورأفته قال: ﴿‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الفقرة الثانية: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ مامعنى قريب؟

القرب على نوعين: قرب تكويني وقرب روحي.

 القرب التكويني: الله عزوجل أقرب لكل مخلوق من نفسه ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ فهو أقرب إليك من قلبك ومن نفسك، هو أقرب لكل مخلوق من نفسه، بإعتبار ما يذكره الفلاسفة أن الملكية على ثلاثة أقسام: ملكية إعتبارية، ملكية حقيقية، ملكية حقه.

الملكية الإعتبارية: هي الملكية التي يشرعها القانون ويزيلها، القانون الوضعي والإعتباري والقانون الشرعي يقول مثلاً: من حاز شيئا ملكه ببيع جامع من الشرائط ملكه، من اشترى شي ملكه، ومن ممات انتقل ملكه إلى غيره، القانون يثبت الملكيه والقانون نفسه يزيلها، هذه الملكيه التي تثبت بالقانون وتزول بالقانون هي تسمى ملكيه اعتباريه.

الملكية الحقيقية: وهي الثابته تكويناً لكن ليس بيد الإنسان إيجادها وإعدامها مثلا: أنت تملك مشاعرك تحب من تشاء وتبغض من تشاء، ملكيتك لمشاعرك ليست ملكية إعتباريه لا تحتاج إلى أن يثبتها القانون، فأنت تملك مشاعرك تكوينا من دون أن يتحكم بها أحد، ورد في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين أنه قال: قال حبيبي رسول الله : ”يا علي قال لو ضربتوا خيشوم المؤمن بالسيف على أن يبغضني ما بغضني ولو صببت الدنيا بجماتها «بسائر زينتها» على المنافق على أن يحبني ما أحبني وذلك أنه قضي القضاء على لساني حبيبي رسول الله أنه قال: يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق“ هذه منطقة القلب لا يمكن التحكم فيها أو السيطرة عليها، قلب الإنسان بيده هو يتصرف في مشاعره.

الملكية الحقه: هي ملكية الوجود وملكية الله لكل المخلوقات والموجودات، فهي ليست ملكية إعتبارية لا تحتاج أن يثبتها القانون، ليست ملكية حقيقية لأن بيده تعالى العطاء والمنع، الإفاضة والحبس، الإيجاد والإعدام، بما أن جميع الموجودات تكتسب وجودها وتحققها منه تعالى فملكيته لها ملكية حقه، هذه الملكيه الحقه يعبر عنها بالقرب التكويني ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ لأنه يملكنا ملكية حقه.

 القرب الروحي: هو روح الرحمه قوله عزوجل ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ الله قريب من كل شي، لكن بالنسبة للمحسنين وراء القرب التكويني يوجد نوع آخر، وهو القرب الروحي وهو عبارة عن قرب الرحمة والعناية الذي عبر عنه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ هذا تعبير كناية عن القرب الروحي، هذا القرب الروحي هو المشار إليه في الآيه المباركة: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عني بمعنى عبادي المقبلون علي وعلى عبادتي، هؤلاء إذا سألوا عني فإني قريب منهم لا قرباً تكوينياً لأن القرب التكويني موجود مع كل المخلوقات، وإنما المقصود بالقرب الروحي ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ معناه أني قريب منهم قرب الرحمه وقرب العناية والإهتمام، ولأجل قربي منهم قرب الرحمه والعناية لذلك ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فإن إجابة الدعوة مظهر من مظاهر الرحمة والعناية. لماذا قال ﴿إِذَا دَعَانِ فالله يجيب الدعوة الخاصة وليس كل من دعاه أجابه هذا الشرط إشارة إلى أن الدعاء على قسمين: هناك دعاء صوري، ودعاء حقيقي.

الدعاء الحقيقي: هو الدعاء المقترن بالتوحيد التام وإلا لم يكن دعاءً حقيقياً، كثير منا إذا مرض يحتاج إلى الدواء والكثير منا يعتقد أن شفاءه بشرب الدواء، وهو علة تامه للشفاء، هذا الإنسان الذي يعتقد أن شرب الدواء سبب تام للشفاء لو دعا الله عزوجل وهو يعتقد أيضاً أن الدعاء سبب تام للشفاء فدعوته لم تقترن بالتوحيد التام، حتى تقترن الدعوه بالتوحيد التام لا بد أن تعتقد أنه لا سبب في الوجود إلا الله، لا يوجد سبب أفضل فهذه كلها وسائط ووسائل، المسبب والسببية الحقيقية لله عزوجل، متى ما اعتقد الإنسان أن لغير الله تأثيراً مستقلاً وأن لغير الله تأثيراً تاماً إذن لم يوحد الله، وإذا لم يوحد الله فالدعاء الصادر منه ليس دعاءً حقيقياً، ولذلك قال: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ لم يدعوا سببا آخر معناه إعتقد بحصر السببية بالله وأنه لا مؤثر في الوجود إلا الله جل وعلا، أما إذا دعا الله ودعا غيره فهو لم يدعوا دعاءً حقيقياً، أما إذا دعاه وهو متوسل بالأسباب الأخرى ومعتقد بأنها أسباب تامه هو يدعوا الله ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.

المحور الثاني: ماهي حاجتنا للدعاء؟ القرآن الكريم يحثنا على الدعاء.

لو أن الله لم يطلب منا الدعاء هل أننا سنبادر إلى الدعاء؟ لو أن الله لم يدعونا إلى دعاءه، هل أننا سننطلق إلى الدعاء من قبل أنفسنا وبدوافع فطرية وبدوافع إنسانية أم لا؟ هل نشعر نحن بأننا نحتاج إلى الدعاء؟ نعم الدعاء حاجة ذاتية، الإنسان يحتاج إلى الدعاء، كيف ذلك؟

المظهر الأول: الإنسان يحتاج إلى الدعاء لأنه يحتاج إلى الأمن.

كل إنسان ولد وعنده حالة القلق وحالة التوجس والخوف، بطبيعة الإنسان أنه يقلق ويخاف ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً فهو قلق من الأمراض ومن كوراث الطبيعة وقلق من الفقر والمستقبل، لو إستسلم الإنسان إلى قلقه لم يستطع أن ينتج ولا أن يعطي ولا أن يبدع إذن الإنسان يحتاج حاجة بشرية ذاتية إلى علاج القلق ولا طريقة إلى الأمن والإطمئنان إلا الدعاء، فهو يأمنك ويشبعك بالإطمئنان والهدوء والإستقرار ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

المظهر الثاني: حاجة الإنسان لإنشراح الصدر.

الإنسان إذا أذنب يُظلم قلبه ورد في الحديث عن الصادق : ”إذا أذنب العبد خرجت في قلبه نُكتةٌ سوداء فإن تاب إنمحت وإن عاد عادت حتى تغلب على قلبه فلا يُفلح بعدها أبدا“ القلب إذا أظلم نتيجة كثرة الذنوب والخطايا فإن هذا القلب يتحول إلى فحمه سوداء مظلمه لا نبض فيها ولا حياة، هذا القلب لا يتفاعل مع عبادة ولا دعاء ولا قراءة القرآن، ففي أوقات تمر علينا ونحن نقرأ القرآن في حالة ملل وكسل، نمارس الصلاة والدعاء والنافلة ممارسة الكسالى والمتمللين والمستثقلين، كل ذلك إشارة إلى أن القلب يعيش حالة من القسوى، عندما يعيش القلب ظلماً ويعيش قسوى، لا يتفاعل مع أجواء العبادة ولا مع نبض الروح الذي هو نبض الحياة فيكون مقفلاً ومغلقاً ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ قلوبنا تمر عليها بعض الأوقات لا تخشع للموعظة ولا للعبرة ولا تخشع لقراءة القرآن ولا للدعاء ولا للنافلة، ولرفع هذه الظلمة بترقيق القلب بالدعاء ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴿أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ الدعاء يغرس النور في قلوبنا.

المظهر الثالث: الحاجة إلى المدد.

تمر عليك حالات ضعف وإنهيار تشعر بأنك بحاجة إلى الدعم وإلى من يقف إلى جانبك فأحياناً تمر عليك ظروف قاسية وضاغطة سواءاً كانت في حياتك أو في صحتك أو في مايدور حولك، يشعر بأنه أصبح ضعيفاً يحتاج إلى من يسانده ومن يقف إلى جانبه في هذه الحالات أنت بحاجة إلى الصبر والصمود فالطريق هو الدعاء ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ عندما تحل عليك النائبة فأنت تلجأ إلى الدعاء ولذلك ورد في الحديث القدسي: ”عبدي تعرف إلي في الرخاء أعرفك في الشدة، يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني“، إذا كنت تدعوني حتى في أوقات الرخاء أنا أستجيب لك في أوقات الشدة ”إن العبد إذا أصابته الشدة رفع يديه فتقول الملائكة إن هذا لصوت نشاز ما كان مألوفا عندنا“.

المظهرالرابع:

كما يحتاج إلى الدعاء للأمن والإطمئنان كذلك يحتاج إلى الدعاء للأمن النفسي ويحتاجه من أجل إضاءة قلبه وإزالة الظلمة عن جوانحه، ويحتاجه أيضاً من أجل التنفيس.

كيف ينفس الإنسان عن نفسه؟ الإنسان الذي يحتبس الآهات ويخبأ الأحزان والشجون في داخل نفسه يصاب بالضغط والإنهيار في يوم من الأيام، لا بد للإنسان إذا إمتلأ هموماً أو غموماً أن ينفس عما في نفسه وأن يتحدث عما في قلبه وأن يبرز ما في جوانحه ومشاعره، الدعاء هو الطريق إلى التنفيس.

إذا ألمت بك الهموم والغموم وإحتجت إلى أن تعبر عما في مشاعرك فالطريق الوحيد هو أن تجلس ركعتين في ظلام الليل بين يدي الله عزوجل تخلو بينك وبين ربك من الهموم والغموم فإنك تظهرها، كما ورد عن أمير المؤمنين علي يخاطب ابنه الحسن: ”يا بني إلجأ في أمورك كلها إلى إلهك فإنك تلجأها إلى كهف حريز ومانع عزيز“ إنك تنشرها أمام مستورٍ يسترها عليك ولا يذيعها تنشرها أمام موجود بيده العطاء والمنع وبيده التغيير والإثبات، أمام موجود يحتضنك ويستقبلك ويستمع إليك ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.

المحور الثالث: ركائز الدعاء، الدعاء المستجاب يعتمد على ركائز:

الركيزة الأولى: ركيزة عقائدية، هي ما ورد في الحديث الشريف: ”لا يقبل دعاء لم يقرن بذكر محمد وآل محمد“ مفتاح الدعاء، مفتاح القبول وخاتمة الدعاء هي الصلاة على محمد وآل محمد.

الركيزة الثانية: الركيزة الزمانية، أن تدعو الله في أي وقت لكن هناك أزمنة تكون موطن الإجابة، ليالي معينة، ليلة الجمعة ويومها، ليلة عرفه ويومها، ليلة القدر ويومها ورد في الأحاديث الشريفة: ”يوم القدر كليلته“ حتى في النهار فهو يوم مبارك وهو موطن من مواطن الإجابة.

الركيزة الثالثة: ركيزةٌ مكانية، هناك أماكن أفضل من غيرها وبقاع أفضل من بقاع أخرى، هذه البقاع هي مواطن الإجابة الكعبة المشرفة، الروضة الشريفة لقبر النبي محمد ، محراب الإمام علي في مسجد الكوفة وقبر الحسين حائر الحسين وقبته موطن من مواطن الدعاء، إن الله جعل الشفاء في تربته، وجعل الإجابة تحت قبته.

وفيه   رسول   اللّه   قال  iiوقوله

حبي   بثلاث   ما   احاط  iiبمثلها

له   تربة   فيها   الشفاء   iiوقبة

وذرية     درية     منه     iiتسعة





 
صحيح صريح ليس في ذلكم iiنكر

ولي  فمن  زيد  هناك ومن عمر

يجاب بها الداعي اذا مسه الضر

ائمة   حق  لا  ثمان  ولا  iiعشر

الإمام الجواد إمام معصوم لكنه يوصي الشيعة: ”شيعتنا أدعوا لي عند قبر جدي الحسين“.

والحمدلله رب العالمين

محورية الحجة للملائكة في ليلة القدر
كرامة الإنسان في الإسلام