نص الشريط
الدرس 16
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 10/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 16
مرات العرض: 2781
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (372)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

المحتمل الاخير ما اشار اليه السيد الشهيد ولم يستبعده وان لم يبن عليه، وهو ان مفاد اخبار من بلغ الترغيب في العمل بالمستحبات الواقعية، لا انه جعلٌ للاستحباب للعمل بالخبر الضعيف وانما ترغيب في العمل بما هو مستحب في رتبة سابقة.

وبيان ذلك بذكر مقدمتين:

المقدمة الأولى: ان ظاهر قوله في رواية صفوان من بلغه ثواب على شيء من الخير، وقوله في رواية الاقبال من بلغه شيء من الخير فانّ ظاهر هذه الروايات ان موضوع الترغيب والحث هو ما بلغ من الثواب المعين على الخير، وظاهر ذلك ما فرغ عن كونه خيرا في رتبة سابقة، فما فرغ عن كونه خيرا أي مستحبا وبلغ ثواب معيّن عليه فالمكلف محبوب منه العمل بذلك، والاتيان بذلك الثواب.

اذا ظاهر النصوص الترغيب في العمل بما فرغ انه خير في رتبة سابقة، بحيث يكون مؤداها تأكيد ما حكم به العقل من حسن الطاعة، لانّه اذا فرضنا ان هناك خيرا فرغ عن خيريته فالعقل حاكم مع غمض النظر عن النصوص بحسن الاطاعة الا ان هذه النصوص تؤكد حكم العقل بحسن الاطاعة وتحث على طلب الثواب المعين على ما فرغ خيريته.

المقدمة الثانية: انّ بلوغ الثواب على ما هو خير تارة يكون بلوغا قطعياً كما لو كان الخبر قطعيا سندا ودلالة ففي مثل هذا المورد لا حاجة الى مفاد هذه الاخيار لقطع المكلف بالثواب على هذا الخير، وتارة يكون البلوغ غير قطعي وان كان بخبر صحيح فان حجية الخبر شيء وكون الثواب الموعود به امرا حتميا شيء اخر.

فلأجل ذلك فيما لو كان بلوغ الثواب بلوغا غير قطعي فالاستحباب الواقعي وإن كان محركا نحو العمل الا ان محركيته ناقصة لان البلوغ غير قطعي وان كان حجة الا انه يحتمل المكلف خطاه ومع هذا الاحتمال فالمحركية ناقصة، لهذا جاءت هذه النصوص لا لمجرد الارشاد الى حكم العقل بحسن الاطاعة كما في ذكر في المحكم، وانما لتكميل المحركية لذلك المستحب الواقعي، فالمستحب الواقعي حيث لم يبلغ ثوابه بلوغا قطعيا، كانت محركيته نحو العمل ناقصة فجاءت هذه النصوص لتكميل محركيته، وان هذا المستحب تعطى ثوابه كما ورد.

اذا فمفادها الترغيب في طلب الثواب المعين على ما فرغ في كونه مستحبا.

وعليه لو ور خبر ضعيف واردنا ان نثبت هذا الخبر الضعيف باخبار من بلغ فان هذا تمسك بالدليل في الشبهة المصداقية، لان موضوع أخبار من بلغ ما كان خيرا في رتبة سابقة ونحن لا نحرز ان هذا خير لان الخبر ضعيف.

هذا تمام الكلام في بيان هذا المحتمل وهنا ملاحظتان:

الاولى ان مجرد التعبير في رواية صفان بلغه ثواب على شيء من الخير او في رواية الاقبال بلغه شيء من الخير، ليس ظاهرا فيما فرغ عن خيريته بل يشمل عرفا الخير الوارد ولو لم يكن فرغ عن خيريته فلو وردنا في خبر ضعيف انه من استاك بعد كل صلاة كان له كذا من الحسنات والمثوبات ولم يثبت هذا الاستحباب الا انه يصدق انه ورد ثواب على شيء من الخير فلا ظهور في عنوان الخير في الخير الواقعي وانما هو اعم من الخير الواقعي والعنواني أي الخير الوارد في الادلة اذا لا ظهور في هذه النصوص في المفروغية عما كان خيرا.

الثانية لو فرضنا ان مفاد هذه النصوص  وان كانت ضعيفة  النظر الى ما ثبت استحبابه وخيريته في رتبة سابقة، ولكن ما هو الشاهد على وحدة الحكم، لأننا عندنا نصوص مطلقة وتشمل لما لم يفرض كونه خيرا، ولكننا لازلنا نحتمل تعدد الامر أي كما ان هناك امرا بتحصيل الثواب عما ورد من الامر هناك ثواب لما فرغ انه خير، فلا موجب لحمل المطلقات على المقيد في رواية صفوان.

وبالتالي هذا المحتمل بعيد.

فتحصل مما مضى أي من ذكر المحتملات في تحديد مفاد اخبار من بلغ امور:

الاول: لو بنينا على أنّ مفادها الاستحباب النفسي فهل موضوع هذا الاستحباب خصوص الانقياد او موضوع هذا الاستحباب اعم، فالسيد الشهيد افاد في المقام انه لو بنينا على ان مفاد النصوص الاستحباب النفسي ولكن موضوعها لا يختص بالانقياد، لان ظاهر فاء التفريع من بلغه شيء من الثواب على عمل فعمله ظاهر فاء التفريع من عمل بداعي تحصيل الثواب، والعمل بداعي تحصيل الثواب مطلق اذ قد يكون بداعي تحصيل الثواب المحتمل وهذا انقياد وقد يكون بداعي تحصيل الثواب الثابت وهذا اطاعة

فان قلت: قام الإرتكاز المتشرعي على ان لا ثواب الا على العمل القربي فلابد من تقييد العمل بكونه قربيا فتكون النتيجة ان موضوع اخبار من بلغ هو من اتى بالعمل بعمل قربي بداعي تحصيل الثواب ولا نحرز انّ المورد الذي لم يثبت فيه الاستحباب كما لو كان الخبر ضعيفا ان هذا العمل من مصاديق العمل القربي.

قلت: باننا لا نريد ان نثبت كون العمل بالخبر الضعيف عملا قريبا بنفس اخبار من بلغ حتّى يكون تمسك بالدليل بالشبهة المصداقية وهو دور، وانما نريد ان نثبت عموم اخبار من بلغ لفرض الاطاعة بالنتيجة لا بالإطلاق.

بيانه: بعد ان حددت اخبار من بلغ موضوع الاستحباب النفسي العمل القربي بداعي تحصيل الثواب، هذا الموضوع كما يصدق وجدانا على من اتى بالعمل بداعي الثواب المحتمل، كما لو سمع ان في الاستياك ثوابا فأتى به بداعي ذلك الثواب المحتمل يشمله هذا الموضوع وجدانا لأنّه اتى بعمل قربي بداعي تحصيل الثواب.

كذلك لو اطلع المكلف على ان الفقيه يفتي بالاستحباب النفسي على ضوء اخبار من بلغ فقد افتى الفقيه وفرغ على ان مفاد اخبار من بلغ هو الاستحباب النفسي لما بلغ عليه الثواب في طول فتوى الفقيه بالاستحباب النفسي استنادا الى اخبار من بلغ يصح للمكلف ان يأتي بالاستياك لا بداعي الثواب المذكور في الخبر الضعيف كي يقال ذلك انقياد، بل في بداعي من فتوى الفقيه وبنائه فتوى الفقيه على اخبار من بلغ، فيصدق عليه انه اتى بعمل قربي بداعي تحصيل الثواب، فموضوع اخبار من بلغ يشمل متى من اتى بالعمل بداعي الثواب الموعود في اخبار من بلغ نفسها، وبالتالي يكون موضوع الاستحباب النفسي بداعي الانقياد.

ولكن يلاحظ عليه ان ظاهر قوله من بلغه عن النبي شيء من الثواب فعمله ظاهر فاء التفريع فعمله برجاء الثواب البالغ لا الثواب المذكور في اخبار من بلغ، فان ظاهر فاء التفريع النظر للعمل الثواب البالغ في رتبة سابقة على هذه الاخبار.

فان غاية مفاد فاء التفريع انه من بلغه خبر الاصم على ان الاستياك بعد صلاة الفجر ذو ثواب فأتى بالعمل بداعي تحصيل هذا الثواب بهذا الخبر فان الشارع يعطيه ما امله ولا ظهور لها في العمل بداعي تحصيل الثواب المذكور في اخبار من بلغ

والنتيجة انه لو بنينا على الاستحباب النفسي في استظهار مفاد اخبار من بلغ، فان غاية ما يستفاد منها ان موضوعه الانقياد لا اكثر من ذلك.

الامر الثاني، بعد ذكر المحتملات ال 6 في مفاد اخبار من بلغ تقرر ان الصحيح هو المحتمل الأول وهو انها في مقام الوعد وبذلك نرفع اليد عما اخترنا في الدورة السابقة وهو كون مفادها الاستحباب النفسي على كل عمل بلغ عليه الثواب تذرعا بالملازمة العرفية بمعنى انه اذا ذكر الثواب على عمل في لسان الشارع كان كناية عرفية عن محبوبية العمل بلحاظ ان جعل الثواب على عمل معين دون غيره ظاهر في خصوصية في ذلك العمل تقتضي ترتب الثواب عليه وهذا يعني محبوبيته ومرغوبيته.

وقدا اجتبنا عنه في مطاوي الأبحاث الماضي ان هذه الملازمة العرفية صحيحة لو لم يكن منشأ عرفي اخر على خلافها، وفي المقام لا يبعد ان ظاهر سياق اخبار من بلغ الوعد من قبل المشرع بما بلغ عليه الثواب المعين، وهذا الظهور السياقي منشؤ عرفي على خلاف القرينة المدعاة، وذلك فان المتامل في اخبار من بلغ مقارنة بمثيلاتها من النصوص لا يستظهر اكثر من ان الشارع لمكان كرمه وجوده يقول بانه من املني لم يخيب امله، ومن رجاني لم اقطع رجائه فمن اتى بعمل بداعي ان يحصل الثواب مني فاني لا اخيب امله ولا اقطع رجاءه بل اعده بالثواب كما رجى وأمل، فانا اعده بذلك الثواب.

فهو في مقام الوعد والتفضل والامتنان بتحصيل الثواب نظير قوله من جاء بالحسنة فله عشر امثالها فانه ليس في مقام جعل امر استحبابي بتكثير الحسنات، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها.

ولو كان في مقام الجعل والطلب لاستفدنا منه امرا بتكثير الحسنات ونهيا عن السيئات مع ان قوله ومن جاء بالسيئة ليس ظاهر في النهي والزجر بل هو وعد على عدم مضاعفة السيئة.

نعم يستفاد بالالتزام المرغوبية، وفرق بين ادعاء ان المدلول المطابقي وما هو المقصود بالاصالة في هذه الاخبار هو جعل الاستحباب هذا هو مسلك الاستحباب النفسي وبين ان يقال ان المقصود بالاصالة الوعد والتفضل، نعم في طول الوعد يكون هناك مدلول التزامي بمرغوبية تحصيل الثواب.

ووقد اشكل المحقق الاصفهاني على هذا المفاد باشكالين...

الدرس 15
الدرس 17