نص الشريط
الدرس 23
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 21/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 23
مرات العرض: 2686
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (271)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ما زال الكلام فيما اورده السيد الشهيد على السيد الخوئي، ووصل الكلام الى الاشكال ال 2 ومخلصه ان التقسيم الذي افاده وهو ان المستحبين تارة يكونان توصليين، وتارة يكونان تعبديين او احدهما تعبدي فان كانا توصليين فحينئذٍ تخل المسألة في باب التعارض وان كانا تعبديين او احدهما كذلك دخلت المسالة في باب التزاحم ولا تزاحم في المستحبات.

فهذا التقسيم الذي افاده غير تام فان جميع المستحبات المستندة الى اخبار من بلغ هي مستحبات تعبدية وليست منقسمة الى تعبدية وتوصلية.

بيانه اننا ان قلنا باستفادة الاستحباب النفسي من اخبار من بلغ لما بلغ عليه الثواب، فلا محالة سوف يكون التصنيف أي تصنيف المستحبات لا على ضوء الخبر الضعيف الذي دل على الاستحباب لأنّه ليس حجة في مفاده كي تصنف المستحبات على ضوء بل لابد ان يكون تصنيفها على ضوء نفس اخبار من بلغ لانها هي الدليل على الاستحباب فمجرد ان الخبر الضعيف الوارد كقوله من فطر صائما كان له نهر في الجنة او من وصل رحمه كان له كذا من الثواب فمجرد ان الخبر الضعيف دلّ على استحباب توصلي وخبر دل على استحباب تعبدي، فان هذا لا يكفي لان نقول ان المستحبين اما تعبديان او توصليان،

لان المفروض ان الخبر الضعيف ليس حجة في مفاده فلم يثبت به استحباب يصح معه تصنيف المستحبات وعليه لابد من التصنيف على ضوء اخبار من بلغ.

واذا رجعنا اليها اسفدنا الاستحباب التعبدي دائما، لان ظاهرها ان موضوع الاستحباب النفسي فيها هو هذه الفقرة، من بلغه من الثواب فعلمه، وبما ان هذه الفقرة ظاهرة في العمل القربي، لان الاتيان بالعمل بداعي الثواب عمل قربي، فالنتيجة، ان موضوع الاستحباب المستفاد من اخبار من بلغ العمل، القربي، فلا محالة يكون الاستحباب تعبدياً، فجميع المستحبات تعبدية المستفادة من اخبار من بلغ، وبما ان السيد الخوئي يقر انه ان كانت المستحبات تعبدية فلا تعارض وانما تندرج المسالة في التزاحم فبالنتيجة ليس عندنا تعارض وتزاحم فجميع المستحبات المستفادة من اخبار من بلغ من باب التزاحم.

وهذا الايراد انما يرد على السيد الخوئي لو كان مدعاه ان موضوع الاستحباب النفسي هو العمل الماتي به بداعي بلوغ الثواب او احتمال الامر واما ان كان مدعاه كما هو ظاهر كلامه انه اذا بنينا على الاستحباب النفسي فموضوع الاستحباب النفسي ذات العمل لأنّه بلغ عليه الثواب لا العمل بداعي الثواب، فبلوغ الثواب موضوع للاستحباب وليس قيدا في المستحب، فكل عمل بلغ عليه الثواب كان بلوغ الثواب واسطة في ثبوت الاستحباب لذات العمل، لا للعمل الماتي به بداعي حصول الثواب، وبناءً على ذلك فلا يرد الاشكال عليه حيث ان مفاد اخبار من بلغ استحباب ذات العمل لا العمل الذي بلغ عليه الثواب.

وقيام الإرتكاز المتشرعي على ان لا ثواب الا مع قصد القربة لو سلم فغايته ان هذا المستحب التوصلي لا يترتب عليه ثواب الا اذا قصد فيه القربة لا انه تعبدي.

الاشكال ال 3: افاد السيد الشهيد ان السيد الخوئي يقول لو كان احد المستحبين تعبدياً او كان كلاهما تعبديين فان المسالة تخرج عن باب التعارض لان التعارض انما يتصور فيما اذا كان الفعل والترك توصليين، واما ان كان احدهما تعبدياً فلا محالة المسالة من باب التزاحم، ونحن نريد ان نقول حتّى لو كان احدهما تعبدياً فالمسالة من باب التعارض سواء لم نقل بتصور التزاحم في المستحبات او قلنا به.

متى ما كان احدهما تعبدياً فالمسالة من باب التعارض لا التزاحم، وبيان ذلك يقتضي ذكر مقدمات:

المقدمة الاولى: ان ما افاده السيد الخوئي من انه لا تزاحم في المستحبات غير تام والوجه في ذلك انه عندما يبحث هل هناك تزاحم ام لا، فالمقصود به انه هل الخطابات فعليه في حال قصور القدرة ام ان الفعلي واحد منها فاذا قصرت قدرة المكلف انه لا يمكن ان يأتي بالحج الاستحبابي وبزيارة الحسين يوم عرفة، ففي مثل هذا الفرض أي في فرض قصور القدرة عن الجمع بين المستحبين هل ان كلا المستحبين فعلي في حقه؟

ام ان الفعلي احدهما فمن يقول لا تزاحم كالسيد الخوئي يقول كلاهما فعلي، يعني ان جميع الخطابات فعليه في حال قصور القدرة،

ومن يقول بالتزاحم يقول مقتضى قصور القدرة عن الجمع بين الامتثالين ان الفعلي احدهما لا كليهما، فالسيد الشهيد اراد ان يعمق المطلب فيقول لو قلنا ان نكتة التزاحم هي احراج المكلف عن الوقوع في معصية احد التكليفين لتم كلام السيد الخوئي وهو انه في المستحبات لا تزاحم لأنّه اذا قصرت القدرة عن الجمع بين الواجبين كما لو كان لم يمكنه ازالة النجاسة عن المسجد والصلاة في ضيق الوقت فهنا في مثل هذا الفرض نقول لو كان كلا الخطابين فعليا لاضطر المكلف لمعصية احدهما لأنّه لا يمكنه الجمع بينهما فلو كان كلاهما فعليا لكان تركه لاحدهما معصية لأنّه خالف خطابا فعليا، فتكون فعلية احد الخطابين احراجا له، اذا حيث ان احراج المكلف من قبل المولى وايقاعه في المعصية قبيح اذا لا محالة الفعلي هو احدهما وهذا معناه انه بين الواجبات يوجد تزاحم أي لا تكون جميع الخطابات فعلية،

اما بالنسبة للمستحبات فاذا قصرت قدرته عن الجمع بين زيارة الحسين ، والحج الاستحبابي في نفس السنة فيقول السيد الخوئي لا يلزم من فعليه كلا الخطابين في حقه احراجه وايقاعه في معصية.

اذا لا مانع من فعلية جميع الخطابات المستحبة في آن واحد.

السيد الصدر يعلق يقول ولكن هناك مناط اخر يمنع التزاحم في المستحبات غير المناط الذي ذكره الخاص بالواجبات، وهذا المناط الآخر هو انه اذا كان لدليل المستحب 1 وهو استحباب زيارة الحسين ع اطلاق لحال الاشتغال في امتثال العمل الآخر، فان شمول الخطاب الندبي حتّى لحال الاشتغال بامتثال الخطاب الآخر لابد له من غرض ما هو الغرض من هذا الشمول، فاما ان يكون الغرض من هذا الشمول الجمع بينهما، بان يقول له المولى، زر الحسين وان اشتغلت بالحج الندبي، فلازمه طلب الجمع بين الضدين، وهو محال اصلا، وان كان الغرض منه صرفه عن الحج الندبي بان يقول له ان فرض اشتغالك بالحج الندبي فتخلص منه وزر الحسين يوم عرفة فان صرفه عن الحج الندبي قبيح لأنّه اما ان يكون الحج الندبي اهم فالصرف عن الاهم الى المهم قبيح، واما ان يكون مساويا فالصرف عنه بلا مرجح.

اذا فالنتيجة ان شمول الخطاب الاستحبابي لفرض الاشتغال في الاستحباب الآخر في حد نفسه باطل على كل حال، فهذه النكتة التي ذكرناها كافية في منع فعلية كلا الخطابين المستحبين عند قصور القدرة عن الجمع بينهما.

ونلاحظ على هذه المقدمة: انه بناءً على المختار في بحث دخالة القدرة في التكليف وافقا للسيد السيستاني هو انه جميع التكاليف وجوبية او ندبية الشرط المعتبر فيها القدرة على المكلف به في حد ذاته، لا القدرة على الجمع.

بيان ذلك، ان التكليف تارة ننظر اليه بما هو مقتضى القاعدة أي ما هو مقتضى حكم العقل، وتارة ننظر اليه بما هو المستفاد من النصوص الشريفة فاذا نظرنا اليه بما هو مقتضى حكم العقل فنقول ليس التكليف بالحمل الشائع عبارة عن اعتبار الفعل على ذمة المكلف، حيث على مبنى السيد الخوئي ان التكليف مجرد اعتبار كما يرسم الطفل على اللوحة، فمن الواضح لا يستبطن اخذ القدرة في متعلقة، فعلى مبنى الخوئي لا موجب ان التكليف مشروط بالقدرة فهو مجرد رسمة في وعاء الاعتبار.

اما ان كان التكليف كما هو الصحيح هو البعث بداعي المحركية فحيث اخذت الداعوية والمحركية في حقيقة التكليف فلا محالة لابد ان يكون متعلقه مقدورا فان المحركية نحو غير المقدور ممتع، الا ان هذه المحركية والداعوية لا تقتضي اخذ القدرة التامة في متعلق التكليف وانما تقتضي اخذ القدرة على المتعلق في حد ذاته بيانه انه اذا وقع التزاحم بين واجبين كما اذا ضاقت قدرته ان يجمع بين ازالة النجاسة في اخر دقيقة وبين الصلاة فحينئذٍ ما هو المفقود في المقام هل المفقود هو القدرة التامة ام القدرة على المتعلق في نفس، من الواضح ان المفقود هو الاول، والا فكل منهما فد حد نفسه مقدور وانما عدم القدرة هي على الجمع بينهما، فالمنتفي هو القدرة التامة لا القدرة على المتعلق في حد ذاته وعليه لما نقول ان التكليف متقوم بالمحركية فهل هذه المحركية تقتضي ان يكون الشرط المعتبر في التكليف هو القدرة التامة ام ان هذه المحركية غاية ما تقتضي ان يكون الشرط هو القدرة على المتعلق في حد نفسه.

فاذا قلنا ان الشرط المعتبر في فعلية التكليف هو القدرة التامة أي ان لم تقدر على المتعلق ولا على مزاحمه فلا تكليف، اذا لا يمكن ان يكون كلا الخطابين فعلي، فلا محالة احدهما فعلي اما الاهم في فرض التفاوت او احدهما في فرض التساوي اما ان قلنا ان الشرط كما ذهب اليه سيد المنتقى والسيد السيستاني ان الشرط في فعلية التكليف القدرة على المتعلق في حد نفسه اولا لان التكليف تابع لملاكه سعة وضيقا ولو اشتغل المكلف بازالة النجاسة لا يزول الملاك من الصلاة، ومقتضى تبيعية الكم لملاكه سعة ويقال ان يكون الخطاب بالصلاة فعليا حتّى مع الاشتغال بالنجاسة لان الملك فعلي.

ومن جهة اخر اخذ المحركية عنصرا مقوما للتكليف لا يقتضي هذا العنصر اخذ القدرة التامة في متعلق التكليف وانما يقتضي هذا العنصر اخذ القدرة على المتعلق في حد ذاته، فبما ان المكلف واجد لعملين كل منهم افي حد ذاته ذو ملاك وكل منهما في حد ذاته مقدور اذا فالتكليف في كل منها فعلي وان قصرت القدرة عن الجمع بينهما هذا في الواجبات فكيف في المستحبات

والنتيجة، ان الترتب انما هو في مرتبة التنجز لا في مرحلة الفعلية والا جميع الخطابات فعلية، غاية ما في الباب ان المتنجز عليه أي ما يستحق عليه العقوبة لو خالف هو احدهما، لا ان المستحق عليه العقوبة كلاهما، فقصور القدرة رفع التنجز لا الفعلية.

الدرس 22
الدرس 24